المجالي يكشف خفايا مثيرة:جورج حبش أبلغ الرئيس الامريكي ..نريد الإستيلاء على الحكم في الأردن

المجالي يكشف خفايا مثيرة:جورج حبش أبلغ الرئيس الامريكي ..نريد الإستيلاء على الحكم في الأردن
عمان ـدنيا الوطن- شاكر الجوهري

الخطر الإسرائيلي على الأردن يفوق الخطر الإيراني، رغم أن اسرائيل فقدت اهميتها في اطار الإستراتيجية الأميركية في المنطقة إثر اضطرار اميركا إلى ارسال قواتها للعراق مرتين، وكذلك إلى افغانستان لعدم امكانية قيام اسرائيل بهذه المهمات.

هذا أهم ما قاله الدكتور عبد السلام المجالي رئيس وزراء الأردن الأسبق في ندوة نظمها له منتدى الوسطية للثقافة والحوار في عمان.

المجالي بدأ حديثه مستعرضا مضمون كتاب صدر اواسط سبعينيات القرن الماضي بعنوان "حرب 1979". تنبأ كاتبه وقوع انقلاب عسكري في السعودية يقوم به الأمير عبد الله بن عبد العزيز (الملك الحالي) ضد أخيه الملك خالد وولي عهده الأمير (الملك لاحقا) فهد بن عبد العزيز، وينجم عن ذلك تدخل شاه ايران عسكريا في السعودية بهدف تخليصها من يد الأمير عبد الله، لكنه بعد أن يضع يده على النفط السعودي يصبح القوة الثالثة في العالم.

وأشار المجالي إلى أن ما وقع هو سقوط الشاه في السنة المفترضة، واندلاع الحرب بين ايران والعراق، وتسليح الغرب للجيش العراقي بأسلحة حديثة، وارتفاع عديد الجيش العراقي إلى المليون جندي، مشكلا خطورة على دول الجوار تفوق خطر الشاه. ولذا، فقد ارتأت الدول الغربية خفض عديد الجيش العراقي إلى فقط 150 ألف جندي.

واستعرض المجالي الضغوط التي تعرض لها العراق بعد انتهاء الحرب مع ايران، حيث تم تخفيض سعر برميل النفط من 25 دولار إلى 5 دولارات، ومطالبة الكويت للعراق بتسديد ديونه، في وقت كان الإقتصاد العراقي قد انهار..وصولا إلى احتلال العراق للكويت، وضرب التحالف الثلاثيني للعراق، مستخلصا من ذلك أن حرب الخليج الثانية أدت إلى اختلاف الإستراتيجية الأميركية في الإقليم، وبدأت حركة السلام تتحرك بصورة أفضل، كما أن الإستراتيجية الغربية حيال اسرائيل اختلفت هي الأخرى..حيث لم تعد اسرائيل قادرة على القيام بمهامها كخندق متقدم لحماية المصالح النفطية للغرب، خاصة وان الغرب نفسه جاء للمنطقة ووضع يده على آبار النفط، ما أدى إلى تراجع فعالية اسرائيل في اطار الإستراتيجية الغربية.

لهذا يقول المجالي تم الطلب من اسرائيل التوقف عن الحديث عن اسرائيل الكبرى، لافتا إلى تعدد مفاهيم هذه الإسرائيل الكبرى..هل هي أرض الميعاد..أم هي من الفرات إلى النيل..؟ لافتا إلى أن اميركا أصبحت ترفض فكرة اسرائيل من الفرات إلى النيل، وأرض الميعاد التي تشمل الأردن..! ومع تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 242. وعلى قاعدة هذا الموقف الأميركي يقول المجالي بدأت عملية السلام في مدريد التي استغرقت عقد التسعينيات، غير أنه بقي في اذهان الإسرائيليين أنه لا بد من ترحيل الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية في الأردن. وقال إن ما يشجعهم على ذلك هو أن غالبية الفلسطينيين موجودين في الأردن، وأن الأردن جزء من أرض فلسطين التاريخية التي يعتقدون أن الله وعدهم بها. ويبدي المجالي أن الإسرائيليين ما زال في ذهنهم استغلال فرصة ما للوصول إلى هذا الهدف، ولذا هم يفضلون التخلص من السلام القائم سواء على قرار الجمعية العمومية رقم 181، أو قرار مجلس الأمن رقم 242..غير أن الظروف لا تساعدهم على هذا الآن.

ويؤكد المجالي أن الجميع في اسرائيل، بما في ذلك حزب العمل، يفضلون اقامة الدولة الفلسطينية في الأردن. ويقول إن هذا أحد أهم المآزق التي على الأردن أن يفكر بها.

أما ايران، فإن طموحاتها مختلف، إذ أنها يبقى لديها أمل في أن يصبح لها الصوت العالي في المنطقة كقوة ثالثة في العالم عبر السيطرة على منابع النفط..وهو الحلم الذي ظل يراودها منذ عهد الشاه.

ويرى المجالي أن ايران في سبيل تحقيق ذلك ترفع شعارات وتعمل على تبني بعض المطالب العربية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، معلنة مؤازرتها للعرب ضد الحيف الغربي، لتكون لها يد في أولى في المنطقة، "وهذا ما أدى إلى التوافق السوري الإيراني". ولاحظ أن سوريا لم تقف إلى جانب العراق في حربه مع ايران، كما أنها شاركت في قوات التحالف الأميركي التي اخرجت الجيش العراقي من الكويت.

ويرى المجالي أن خطر اسرائيل على الأردن يفوق الخطر الإيراني عليه، محددا الخطر الإسرائيلي في اطماع باحتلال الأردن، كونه من وجهة نظر الإسرائيليين جزءا من أرض اسرائيل الكبرى..في حين أن طموحات ايران تتمثل في تصبح قوة اقليمية مسيطرة دون احتلال، لكنا من وجهة نظره إن استخدمت ايران اسلحتها ضد الدول الخليجية العربية، فإن الأردن يصاب بالتتابع..ذلك أن عواطفه مع اشقائه العرب.

وبعكس ما يعتقده، حتى محللون اميركيون، فإن المجالي يرى أن اميركا هي التي استخدمت ايران في افغانستان والعراق، لا العكس. ويقول، بعد أن استنفذت اميركا غايتها من ايران، انقلبت عليها في قضية الملف النووي.

ويلفت المجالي إلى أن الأردن بالرغم من قلة امكاناته، لديه قوة ناتجة عن التفاعل بين القيادة والناس..تماسك بين الجهتين نشأ مع نشوء الإمارة، بما في ذلك وسط العواصف الهوجاء من حوله. وبفضل ذلك استطاع الأردن الإستمرار في الحياة والتقدم بوسطية، ووصل إلى ما هو عليه.

وكشف المجالي جانبا من التفكير الأردني الرسمي بقوله إن الأميركان استهدفوا خلع الملك الراحل حسين عدة مرات من خلال التماهي مع احداث اقليمية وجدوا أنها تنسجم مع مصالحهم. لقد فعلوا ذلك في الأعوام 1965، 1957، 1970، 1990. وكشف عن أنه في سنة 1970 وقعت برقية بيد الملك حسين مرسلة من الدكتور جورج حبش أمين عام الجبهة الشعبية في حينه لجهة اميركية حول حوارات تدور بين الجانبين، ويقول حبش فيها إننا سنستولي على الحكم في الأردن، وذلك في الوقت الذي كان الأردن الرسمي يخوض فيه معركة مع التنظيمات الفدائية الفلسطينية، فكان أن أبرز الملك البرقية للرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون سائلا إياه ماذا تقول، فأجاب نيكسون "يا جلالة الملك نحن دولة ذات مصالح. مصلحتنا في أن نقف مع الحصان الرابح..الجهة الأخرى كانت تبدو لنا أنها هي الحصان الرابح فوقفنا معها..الآن أنت الحصان الرابح، ونحن نقف معك"..!

ويقرر المجالي "نحن في الأردن لا نستطيع أن نعادي أي طرف لأنه ليس من مصلحتنا، ولا أن نقف مع أي طرف ضد آخر، حتى لو كانت عواطفنا مع طرف دون آخر". ويقول لقد مر الأردن بفترات سيئة، و"هولات" كان واضحا أنها تحوي تدخلا خارجيا، وأنها تعبر عن مصالح دولة أو أكثر في أن يضطرب الوضع في الأردن. وقال في بعض الحالات كان هناك نوع من التوافق على قيام الدولة الفلسطينية في الأردن لكي تنتهي عملية الصراع، وهو توافق بين جهة عربية كانت تجد لها مصلحة في هذا لبلدها أو لإقليمها. "غير أنه لحسن الحظ أننا نجونا وسارت السفينة إلى حيث نحن الآن".

وأشار إلى أنه خلال الشهور القليلة الماضية، وكذلك خلال الشهور القليلة المقبلة، هناك تيار دولي، وخصوصا في اوروبا، يعمل على تحريك عملية التسوية السياسية في المنطقة. وقال إن المشاركة الأوروبية كانت كثيفة في مؤتمر "مدريد+15" الذي انعقد بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لانعقاد مؤتمر مدريد للسلام في العاصمة الإسبانية، وكذلك الحضور الإسرائيلي والأردني والمصري واللبناني كان كثيفا هو الآخر، في حين كان الحضور الأميركي خفيفا لكنه كان مؤيدا نوعا ما للتوجه الذي يرى ضرورة تحريك العملية السياسية مجددا باعتبار أن عدم حل القضية الفلسطينية هو العامل المحرك لكل النزاعات الإقليمية في المنطقة.

ولفت إلى أن الحضور السوري لم يكن على مستوى عال جدا، غير أنها "المرة الأولى التي نرى فيها تغيرا واضحا في كلام الإخوة في سوريا حيال السلام والتقدم على طريق السلام ومواصلة المباحثات". ولفت إلى أنه في عامي 1993، و2006 كانت المفاوضات بين الجانبين السوري والإسرائيلي قيد أنملة من النجاح.

وقال شعرنا أن هناك تغيرا لدى الطرف السوري، وكذلك لدى الطرف الإسرائيلي الذي كان أقرب إلى المعارضة منه للحكومة الإسرائيلية..اصبحوا يشهرون أن القضية الفلسطينية هي الأساس..إن لم تحل يتواصل اضطراب كامل المنطقة، خاصة وأنهم (الإسرائيليون) استخدموا كل عناصر القوة التي في حوزتهم دون طائل..بل إنهم بقوا على اعصابهم. لذا، فهم يريدون حلا في أقرب ما يمكن خشية الدخول في دوامة الإنتخابات الأميركية بعد ستة أشهر.

وأضاف قائلا "لقد شعرنا بدعم اوروبي هائل للموضوع الفلسطيني، وأنهم على استعداد للدخول بشكل أقوى من السابق، ويعتبرون المبادرة العربية جزءا من الحل".

وأشار إلى أنه قبل 15 سنة لم يكن هناك شيئ ظاهر في نهاية النفق، أما الآن فالكل يتحدث عن دولة فلسطينية، بما في ذلك الإسرائيليين، وإن كان هناك تباين بشأن ماهية ومساحة وحدود هذه الدولة، وكيفية الوصول إليها.

ونقل المجالي عن خافير سولانا منسق السياسة الخارجية الأوروبية الذي التقاه في مدريد قوله إنه كان قادما من اميركا حيث قابل الرئيس الأميركي جورج بوش، وآخرين من الإدارة الأميركية، فوجد أن التوجه الأميركي الآن هو حل فلسطيني..مشيرا إلى أن توني بلير رئيس وزراء اسرائيل يضغط هو الآخر في هذا الإتجاه. وقال إن تشكيلات كبيرة جدا داخل يهود اميركا أصبحت الآن ضد تصرفات اسرائيل، وبشكل علني. وقال إن هؤلاء يستهدفون الغلو الإسرائيلي، لا وجود اسرائيل ذاتها.

ويرى المجالي أن تعقد الأمور أصبح واضحا لدى كل العالم، وأن الضرر لا يقتصر فقط على العرب، وإنما هناك أطراف أخرى تتضرر مصالحها جراء تعنت اسرائيل.

ولفت المجالي إلى أن الأردنيين يخلطون بين كونهم اردنيين، وبين كونهم قوميين. ويقول جيد أن نزاوج بين الأمرين، لكن هذا قد يشتت العقل. وتساءل "نحن في حديثنا عن القضية الفلسطينية هل نتحدث باعتبارنا اردنيين، أم باعتبارنا قوميين..؟" مبينا وجود فارق بين الحالتين. وبين أن الغرب قد يرفض حلا للقضية الفلسطينية تقبل به اسرائيل والعرب إن تعارض مع مصالحه. وقال الغرب يرفض الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لتعارض ذلك مع مصالحه.

وبالنسبة للملف النووي الإيراني قال المجالي لا يمكن لإيران استخدام السلاح النووي ضد اسرائيل إلا إذا اصيبت بمنتهى الجنون، ذلك أن استخدام قنبلة نووية ضد اسرائيل يدمر دولا وشعوب اسلامية قريبة منها، ويقتل عربا ومسلمين أكثر مما يقتل من اليهود..في حين تستطيع اسرائيل أن تلقي قنبلة نووية على طهران دون أن تصاب هي بأضرار. وقال إن اميركا من وجهة نظره لا تستطيع ضرب ايران، إذ أنه لا يعقل بعد عزل وتفكيك الإتحاد السوفياتي، وحرب ايران والعراق، وحرب الكويت، التي كان هدفها جميعا تحقيق السيطرة الأميركية الكاملة على النفط، أن تأتي اميركا بفعل يؤدي إلى حرق كامل آبار النفط..! خاصة وأن واشنطن تدرك أن ايران لن تتمكن من صنع قنبلة نووية قبل تسع سنوات.

وأبدى المجالي أن اسقاط ظام الحكم الحالي في ايران لا يتم من خلال ضربة جوية، قائلا "لا أعتقد أن الأميركان يمكن أن يرتكبوا خطأ مهاجمة ايران عسكريا".

التعليقات