برنامج صور في القلب على الفضائية الفلسطينية يعيد سيدة سورية لأهلها بعد انقطاع دام أربعين عاماً

غزة – دنيا الوطن – تامر عبد الله
يصعب علينا أن نصدق أننا نغفل عن قضية تترك ألماً يعتصر قلوب الأمهات ويرهق تفكير الأطفال، ويعلو بصيحات الأنين على المفقودين، قضية المفقودين الفلسطينيين والعرب إبان الصراع مع الاحتلال في كافة نطاقاته، قضية أثارها برنامج صور في القلب الذي تبثه الفضائية الفلسطينية كل يوم اثنين في تمام الساعة السابعة والنصف مساءً، هذا البرنامج الذي أتانا سابقاً وعلى فترات على مدى السنين الماضية هاهو يظهر بقوة من جديد، قمنا في دنيا الوطن بمحاورة القائمين على هذا البرنامج وكان أولهم المخرج سعيد البيطار صاحب هذه الفكرة.
وقال الأستاذ سعيد البيطار لدنيا الوطن عن فكرة البرنامج قائلاً: "(صور في القلب) هو برنامج يعنى بالبحث عن المفقودين الفلسطينيين، فهناك المئات من المفقودين الفلسطينيين لا يعرف عنهم شيء إذا ما كانوا أحياء أو أسرى أو شهداء، هناك أمهات تحتضن الوسادة من عشرات السنين تنتظر عودة أبنائهن المجهولي المصير، فالبعض منهم كان ضمن الثوار الفلسطينيين، ومنهم من اختفى في دول عربية ومنهم من أخفته إسرائيل ولا تريد الإعلام عنه".
* قطع غيار بشرية
وهنا يفاجئنا البيطار بمعلومة خطيرة فيقول: "ومن خلال البحث في هذا البرنامج اتضح أن هناك سجون حربية إسرائيلية سرية جداً بها مستشفيات تستخدم هؤلاء المفقودين كقطع غيار بشرية، وبالطبع لا يوجد أحد يعرف عنهم شيء، وقد تم الحديث عن هذا الموضوع كثيراً في السابق إلا أن مناشدة مؤسسات حقوق الإنسان ضربت بعرض الحائط، فالموضوع يحتاج إلى رأي عام دولي أكثر من كونه محلي أو عربي، وخاصة على صعيد مؤسسات حقوق الإنسان".
* دافع سامي
ويفسر لنا صاحب فكرة البرنامج احد دوافعه لهذه الفكرة قائلاً: "الإنسان الفلسطيني هو القيمة الأغلى التي نملك، فنحن أغنياء بعزة هذا الإنسان وكرامته وليس لدينا مناجم ذهب أو آبار بترول ولكن لدينا ما هو أغلى وعلينا المحافظة عليه، فهو القادر على البناء واستمرارية الحياة وتشكيل كيان فلسطيني ودولة تحيا في هذه المنطقة، ففي الوقت الذي تستبدل به إسرائيل أشلاء جندي إسرائيلي بآلاف، لدينا الآلاف من المفقودين تدعي دولة الاحتلال أنه لا علاقة لها بهم وهي المسئولة عن كافة نتائج الاحتلال التي هي تجسده على الأرض الفلسطينية".
* صميم المعاناة
بعلمنا المسبق بأن احد قادة الثورة المفقودين هو أخ شقيق للمخرج يدعى أسعد تساءلنا ما إذا كان هذا دافع أقوى لهذه الفكرة فأجابنا البيطار: "الفكرة نبعت من هنا عندما كنا نحن كأسرة فلسطينية نعاني من فقدان أخي العزيز أسعد ، فمنهم من قال لنا فقد في لبنان ومنهم من قال أنه استشهد في عملية في عرض البحر، وهناك معلومات تقول أنه لدى الإسرائيليين، عندما أرى أمي التي تستيقظ من الصباح الباكر تبحث في الغرف عن أخي الذي طال غيابه، هذه الأم الصابرة التي أصابها ما يشبه الهوس لحسرتها وحيرتها على ابنها الذي خرج مع الثورة من الأردن إلى لبنان. الفكرة هنا تأتي من واقعية الحدث فأنا كمخرج فلسطيني لدي في منزلي هذه الحالة التي أعيشها، فتعاونت مع الزميل معد البرنامج صاحب الباع الطويل في هذا المجال جلال نشوان، وبدأنا نجمع المعلومات ونبحث وإذ بمئات الحالات المشابهة".
* لغز محير
وبسؤالنا عن ألغاز واجهت البحث عن المفقودين قال البيطار: "هناك شيء غريب ومثير للانتباه في هذا الموضوع وهو أن هناك العشرات من المفقودين فقدوا في يوم واحد وبنفس الطريقة ويحملون العديد من الصفات المتشابهة، وهي مثل أن يكون هذا الشخص محبوباً بشكل ملحوظ في منطقته وبطل ومشهور ويمتازون بالاحترام من الجميع يحملون ملامح جسدية متقاربة وهي ملامح جميلة جداً سواء كانوا في رفح أو نابلس أو غير ذلك من المناطق، وكان هذا على 1971، وكلهم لم يتركوا خلفهم أي أثر لهم فلم يترك أحدهم صورة ولا كتاب ولا رسالة منها ما تم إخفاؤه أو إتلافه أو إحراقه، والغريب أنهم جميعاً ودعوا أمهاتهم قبل الاختفاء، فهؤلاء مصيرهم يصعب الحكم به فهل هؤلاء كانوا خلية استشهادية واحدة أم أن جهة خارجية جندتهم وأخفت ملامحهم، أم أن الاحتلال استطاع أن يخفيهم بطريقة معينة، هناك لغز خطير جداً، وإسرائيل هي من يتحمل المسئولية هنا لأنها هي الجهة المحتلة وصاحبة السلطة في ذاك الوقت، لذا وجب على المجتمع الدولي بمؤسساته الحقوقية الضغط على إسرائيل لتحمل مسئوليتها، كما أنه على جميع الدول التي فقد فيها فلسطينيون تحمل مسئوليتهم سواء كانت عربية أو حتى أوربية فهناك من فقد في أوروبا أيضاً".
* هدف وحق
كان لابد لنا أن نعرف هدفا يسعى إليه المخرج صاحب الرسالة الإنسانية فأفادنا بـ: "نحن هنا نحتاج لجهة رسمية تتبنى هذا الموضوع بلجنة مكلفة من السلطة الوطنية الفلسطينية للبحث في هذا الملف، وهذه قضية لا تقل أهمية عن غيرها من القضايا الأساسية فالأسرى معروفون أين هم ويتم متابعتهم وإن كان حالهم مزري، ولكن ماذا يفعل أهالي المفقودين الذين لا يعرفون مصير أبنائهم، ولنفرض أنهم استشهدوا أو أن جثثهم موجودة لدى الإسرائيليين، من حق أهليهم وذويهم الحصول على رفاتهم، وإن لم ذلك بالممكن فعلى الأقل يعرف أهله مصيره، فالابن الذي له والد مفقود فلابد له أن يعرف ومن حقه إذا ما كان أبو قد مات وما هي ظروف موته أو استشهاده".
* النصف الآخر
لا تكتمل الفكرة دون التطبيق العملي الدقيق لها وبالرغم من الصعوبات التطبيقية لفكرة الأستاذ سعيد البيطار إلا أنها وجدت من يكرس لها جهده بالرغم صعباها ومخاطرها، فهناك احتلال لا يريد لهذه القضايا أن تثار، لذا كانت محطتنا الثانية في دنيا الوطن هي الأستاذ جلال نشوان معد هذا البرنامج، وعن آلية الإعداد للبرنامج وبعض التقنيات اللازمة قال لنا نشوان: "نحن نستقبل أحد ذوي المفقود ويحضر معه صورة للمفقود وسيرته الذاتية، ومن ثم يقوم طاقم البرنامج بعمل اللقاءات مع ذويه خاصة أقاربه من الدرجة الأولى، ومن ثم عرضها خلال الحلقة وذلك بعد منتجتها وإضافة المؤثرات الصوتية الملائمة التي تسترعي اهتمام ومشاعر المشاهد، وبالفعل استطعنا أن نحقق هدفنا هذا وازدادت المكالمات وهي ليست مكالمات محلية بل عربية ودولية أيضا، وهذا ما حذا بنا البحث أيضاً على المفقودين العرب الذين كانت لهم علاقة بالقضية الفلسطينية، كل هذا نقوم به رغم ضعف إمكانياتنا ونحاول أن نضفي على هذا البرنامج الصبغة العربية والدولية لأن الإنسان هو الإنسان، ونحن كإعلام من خلال هذا البرنامج نسعى نحو تعزيز قيمة هذا الإنسان".
* صعوبات
أما عن صعوبات هذا العمل الذي يعد وطنيا بالمقام الأول قال الأستاذ جلال نشوان لدنيا الوطن: "هناك العديد من الصعوبات فعلى سبيل المثال فإن هناك جمعية مقاتلي الثورة القدامى لديها مئات الأسماء من المفقودين ولكن المعلومات الأساسية عن هؤلاء المفقودين شبه معدومة، ثم أن هناك إشكالية خطيرة في عملية البحث عندما تردنا المعلومات بأنه فقد في لبنان فأنا أحتاج لإمكانات معينة للبحث هناك على الأقل السف وهذا غير متوفر لدينا، وليس لدي ميكرويف أو ستلايت حتى أتمكن من النقل المباشر خلال البرنامج لقاء مع شخصيات معنية بحقوق الإنسان في مكان البحث ومن ثم يساعدنا في عملية البحث".
* جهد دؤوب
عن الجهود المبذولة لنشر الفكرة عربيا ودولياً قال نشوان: " الحلقة الأخيرة قمت بالاتصال مع الأستاذ محمد بغداد من التلفزيون الجزائري وقمت باستضافته على الهاتف وهذه إحدى الطرق التي نحاول من خلالها نشر القضية بالشكل الأفضل، فمن خلال استضافة الإعلاميين العرب يمكننا جعل هذه القضية تستحوذ اهتماماً أكبر على مستوى الإعلام العربي، ومن خلال حديثنا عن المفقودين العرب أيضاً نحن نجير العرب ككل لهذه القضية، لكي نصل في النهاية لمؤتمر عربي حقيقي لبحث هذه القضية ومن ثم مباشرة الخطوات العملية".
* إنجاز وأمل
ولابد للأمل من ضوء خافت يظهر من بعيد فالعثور على أحد المفقودين وإعادته لأهله لم يكن بالشيء البسيط، هنا يحدثنا السيد نشوان عن الحالة التي تم العثور عليها فيقول: "استطعنا العثور على سيدة سورية كانت قد رحلت عن سورية بعد أن تزوجت من رجل فلسطيني من سكان الأراضي المحتلة عام 1948، وعندما ضاقت بها الدنيا خرجت فوجدت مغمى عليها ووضعوها الناس في مبرة الرحمة، فعرضنا صورتها وقام أهلها في سورية بالتعرف عليها، وقام أهل الخير بمتابعة الموضوع ومن ثم إتمام الأمور اللوجستية والفنية ومن ثم سافرت لسوريا وعادت لأهلها بعد انقطاع دام حوالي عن أربعين عاماً".
* دفعة للأمام
ويعبر لنا نشوان عن تفاؤله بهذه الحالة معتبرها انجازاً قائلاً: "هي دفعة قوية وقد طلب مني من الإدارة السابقة في التلفزيون أن ننشر هذا الموضوع بالشكل المناسب إعلامياً لأن هذا يعتبر إنجاز وفق الإمكانات الصعبة جداً، حتى أن ميزانية البرنامج تكاد تكون معدومة حتى أننا كطاقم نتحمل دفع بعض التكاليف لكي نقوم بعملية البحث الدقيقة، وهذا من منطلق أننا نرى بأن هذا البرنامج واجب وطني يتحتم علينا المضاء به مهما كانت الظروف".
* جنود مجهولون
محطتنا الأخيرة كانت لدى أحد الجنود المجهولين الذين يبذلون قصارى جهدهم في تلبية حاجات البرامج والتنسيق لها فكان لقاؤنا بالسيد أيمن عبد الرازق وهو منسق البرنامج في إدارة دائرة العلاقات العامة فقال: "إننا نتلقى باستمرار الاتصالات ونحتفظ بكافة البيانات اللازمة للبحث عن المفقودين، ونحن نرى بأن هذا البرنامج هو من البرامج النوعية التي تبث عبر شاشة تلفزيون فلسطين، ومن ثم نحن نسخر كافة جهودنا في قسم العلاقات العامة لخدمة هذا البرنامج الذي يحمل قضية لا تقل في أهميتها عن أي قضية أخرى تعد من القضايا الأساسية الفلسطينية، ولذلك لابد من أن نعمل جميعا لإبراز هذه القضية ونحن من موقعنا في العلاقات العامة نقوم بالتنسيق المستمر مع العديد من الجهات التي يمكن أن توسع رقعة انتشار هذا البرنامج وفكرته، وقد وجدنا تجاوباً رائعاً من الأشقاء العرب، بل تعدى الأمر ذلك لاتصالات دولية ومؤازرة من العديد من الجاليات والمؤسسات الدولية".
ختاماً لا نريد أن نضع النهاية فالنهاية بعيدة إذا أردنا وقريبة إذا تكاتفت الجهود ولكم القرار.
يصعب علينا أن نصدق أننا نغفل عن قضية تترك ألماً يعتصر قلوب الأمهات ويرهق تفكير الأطفال، ويعلو بصيحات الأنين على المفقودين، قضية المفقودين الفلسطينيين والعرب إبان الصراع مع الاحتلال في كافة نطاقاته، قضية أثارها برنامج صور في القلب الذي تبثه الفضائية الفلسطينية كل يوم اثنين في تمام الساعة السابعة والنصف مساءً، هذا البرنامج الذي أتانا سابقاً وعلى فترات على مدى السنين الماضية هاهو يظهر بقوة من جديد، قمنا في دنيا الوطن بمحاورة القائمين على هذا البرنامج وكان أولهم المخرج سعيد البيطار صاحب هذه الفكرة.
وقال الأستاذ سعيد البيطار لدنيا الوطن عن فكرة البرنامج قائلاً: "(صور في القلب) هو برنامج يعنى بالبحث عن المفقودين الفلسطينيين، فهناك المئات من المفقودين الفلسطينيين لا يعرف عنهم شيء إذا ما كانوا أحياء أو أسرى أو شهداء، هناك أمهات تحتضن الوسادة من عشرات السنين تنتظر عودة أبنائهن المجهولي المصير، فالبعض منهم كان ضمن الثوار الفلسطينيين، ومنهم من اختفى في دول عربية ومنهم من أخفته إسرائيل ولا تريد الإعلام عنه".
* قطع غيار بشرية
وهنا يفاجئنا البيطار بمعلومة خطيرة فيقول: "ومن خلال البحث في هذا البرنامج اتضح أن هناك سجون حربية إسرائيلية سرية جداً بها مستشفيات تستخدم هؤلاء المفقودين كقطع غيار بشرية، وبالطبع لا يوجد أحد يعرف عنهم شيء، وقد تم الحديث عن هذا الموضوع كثيراً في السابق إلا أن مناشدة مؤسسات حقوق الإنسان ضربت بعرض الحائط، فالموضوع يحتاج إلى رأي عام دولي أكثر من كونه محلي أو عربي، وخاصة على صعيد مؤسسات حقوق الإنسان".
* دافع سامي
ويفسر لنا صاحب فكرة البرنامج احد دوافعه لهذه الفكرة قائلاً: "الإنسان الفلسطيني هو القيمة الأغلى التي نملك، فنحن أغنياء بعزة هذا الإنسان وكرامته وليس لدينا مناجم ذهب أو آبار بترول ولكن لدينا ما هو أغلى وعلينا المحافظة عليه، فهو القادر على البناء واستمرارية الحياة وتشكيل كيان فلسطيني ودولة تحيا في هذه المنطقة، ففي الوقت الذي تستبدل به إسرائيل أشلاء جندي إسرائيلي بآلاف، لدينا الآلاف من المفقودين تدعي دولة الاحتلال أنه لا علاقة لها بهم وهي المسئولة عن كافة نتائج الاحتلال التي هي تجسده على الأرض الفلسطينية".
* صميم المعاناة
بعلمنا المسبق بأن احد قادة الثورة المفقودين هو أخ شقيق للمخرج يدعى أسعد تساءلنا ما إذا كان هذا دافع أقوى لهذه الفكرة فأجابنا البيطار: "الفكرة نبعت من هنا عندما كنا نحن كأسرة فلسطينية نعاني من فقدان أخي العزيز أسعد ، فمنهم من قال لنا فقد في لبنان ومنهم من قال أنه استشهد في عملية في عرض البحر، وهناك معلومات تقول أنه لدى الإسرائيليين، عندما أرى أمي التي تستيقظ من الصباح الباكر تبحث في الغرف عن أخي الذي طال غيابه، هذه الأم الصابرة التي أصابها ما يشبه الهوس لحسرتها وحيرتها على ابنها الذي خرج مع الثورة من الأردن إلى لبنان. الفكرة هنا تأتي من واقعية الحدث فأنا كمخرج فلسطيني لدي في منزلي هذه الحالة التي أعيشها، فتعاونت مع الزميل معد البرنامج صاحب الباع الطويل في هذا المجال جلال نشوان، وبدأنا نجمع المعلومات ونبحث وإذ بمئات الحالات المشابهة".
* لغز محير
وبسؤالنا عن ألغاز واجهت البحث عن المفقودين قال البيطار: "هناك شيء غريب ومثير للانتباه في هذا الموضوع وهو أن هناك العشرات من المفقودين فقدوا في يوم واحد وبنفس الطريقة ويحملون العديد من الصفات المتشابهة، وهي مثل أن يكون هذا الشخص محبوباً بشكل ملحوظ في منطقته وبطل ومشهور ويمتازون بالاحترام من الجميع يحملون ملامح جسدية متقاربة وهي ملامح جميلة جداً سواء كانوا في رفح أو نابلس أو غير ذلك من المناطق، وكان هذا على 1971، وكلهم لم يتركوا خلفهم أي أثر لهم فلم يترك أحدهم صورة ولا كتاب ولا رسالة منها ما تم إخفاؤه أو إتلافه أو إحراقه، والغريب أنهم جميعاً ودعوا أمهاتهم قبل الاختفاء، فهؤلاء مصيرهم يصعب الحكم به فهل هؤلاء كانوا خلية استشهادية واحدة أم أن جهة خارجية جندتهم وأخفت ملامحهم، أم أن الاحتلال استطاع أن يخفيهم بطريقة معينة، هناك لغز خطير جداً، وإسرائيل هي من يتحمل المسئولية هنا لأنها هي الجهة المحتلة وصاحبة السلطة في ذاك الوقت، لذا وجب على المجتمع الدولي بمؤسساته الحقوقية الضغط على إسرائيل لتحمل مسئوليتها، كما أنه على جميع الدول التي فقد فيها فلسطينيون تحمل مسئوليتهم سواء كانت عربية أو حتى أوربية فهناك من فقد في أوروبا أيضاً".
* هدف وحق
كان لابد لنا أن نعرف هدفا يسعى إليه المخرج صاحب الرسالة الإنسانية فأفادنا بـ: "نحن هنا نحتاج لجهة رسمية تتبنى هذا الموضوع بلجنة مكلفة من السلطة الوطنية الفلسطينية للبحث في هذا الملف، وهذه قضية لا تقل أهمية عن غيرها من القضايا الأساسية فالأسرى معروفون أين هم ويتم متابعتهم وإن كان حالهم مزري، ولكن ماذا يفعل أهالي المفقودين الذين لا يعرفون مصير أبنائهم، ولنفرض أنهم استشهدوا أو أن جثثهم موجودة لدى الإسرائيليين، من حق أهليهم وذويهم الحصول على رفاتهم، وإن لم ذلك بالممكن فعلى الأقل يعرف أهله مصيره، فالابن الذي له والد مفقود فلابد له أن يعرف ومن حقه إذا ما كان أبو قد مات وما هي ظروف موته أو استشهاده".
* النصف الآخر
لا تكتمل الفكرة دون التطبيق العملي الدقيق لها وبالرغم من الصعوبات التطبيقية لفكرة الأستاذ سعيد البيطار إلا أنها وجدت من يكرس لها جهده بالرغم صعباها ومخاطرها، فهناك احتلال لا يريد لهذه القضايا أن تثار، لذا كانت محطتنا الثانية في دنيا الوطن هي الأستاذ جلال نشوان معد هذا البرنامج، وعن آلية الإعداد للبرنامج وبعض التقنيات اللازمة قال لنا نشوان: "نحن نستقبل أحد ذوي المفقود ويحضر معه صورة للمفقود وسيرته الذاتية، ومن ثم يقوم طاقم البرنامج بعمل اللقاءات مع ذويه خاصة أقاربه من الدرجة الأولى، ومن ثم عرضها خلال الحلقة وذلك بعد منتجتها وإضافة المؤثرات الصوتية الملائمة التي تسترعي اهتمام ومشاعر المشاهد، وبالفعل استطعنا أن نحقق هدفنا هذا وازدادت المكالمات وهي ليست مكالمات محلية بل عربية ودولية أيضا، وهذا ما حذا بنا البحث أيضاً على المفقودين العرب الذين كانت لهم علاقة بالقضية الفلسطينية، كل هذا نقوم به رغم ضعف إمكانياتنا ونحاول أن نضفي على هذا البرنامج الصبغة العربية والدولية لأن الإنسان هو الإنسان، ونحن كإعلام من خلال هذا البرنامج نسعى نحو تعزيز قيمة هذا الإنسان".
* صعوبات
أما عن صعوبات هذا العمل الذي يعد وطنيا بالمقام الأول قال الأستاذ جلال نشوان لدنيا الوطن: "هناك العديد من الصعوبات فعلى سبيل المثال فإن هناك جمعية مقاتلي الثورة القدامى لديها مئات الأسماء من المفقودين ولكن المعلومات الأساسية عن هؤلاء المفقودين شبه معدومة، ثم أن هناك إشكالية خطيرة في عملية البحث عندما تردنا المعلومات بأنه فقد في لبنان فأنا أحتاج لإمكانات معينة للبحث هناك على الأقل السف وهذا غير متوفر لدينا، وليس لدي ميكرويف أو ستلايت حتى أتمكن من النقل المباشر خلال البرنامج لقاء مع شخصيات معنية بحقوق الإنسان في مكان البحث ومن ثم يساعدنا في عملية البحث".
* جهد دؤوب
عن الجهود المبذولة لنشر الفكرة عربيا ودولياً قال نشوان: " الحلقة الأخيرة قمت بالاتصال مع الأستاذ محمد بغداد من التلفزيون الجزائري وقمت باستضافته على الهاتف وهذه إحدى الطرق التي نحاول من خلالها نشر القضية بالشكل الأفضل، فمن خلال استضافة الإعلاميين العرب يمكننا جعل هذه القضية تستحوذ اهتماماً أكبر على مستوى الإعلام العربي، ومن خلال حديثنا عن المفقودين العرب أيضاً نحن نجير العرب ككل لهذه القضية، لكي نصل في النهاية لمؤتمر عربي حقيقي لبحث هذه القضية ومن ثم مباشرة الخطوات العملية".
* إنجاز وأمل
ولابد للأمل من ضوء خافت يظهر من بعيد فالعثور على أحد المفقودين وإعادته لأهله لم يكن بالشيء البسيط، هنا يحدثنا السيد نشوان عن الحالة التي تم العثور عليها فيقول: "استطعنا العثور على سيدة سورية كانت قد رحلت عن سورية بعد أن تزوجت من رجل فلسطيني من سكان الأراضي المحتلة عام 1948، وعندما ضاقت بها الدنيا خرجت فوجدت مغمى عليها ووضعوها الناس في مبرة الرحمة، فعرضنا صورتها وقام أهلها في سورية بالتعرف عليها، وقام أهل الخير بمتابعة الموضوع ومن ثم إتمام الأمور اللوجستية والفنية ومن ثم سافرت لسوريا وعادت لأهلها بعد انقطاع دام حوالي عن أربعين عاماً".
* دفعة للأمام
ويعبر لنا نشوان عن تفاؤله بهذه الحالة معتبرها انجازاً قائلاً: "هي دفعة قوية وقد طلب مني من الإدارة السابقة في التلفزيون أن ننشر هذا الموضوع بالشكل المناسب إعلامياً لأن هذا يعتبر إنجاز وفق الإمكانات الصعبة جداً، حتى أن ميزانية البرنامج تكاد تكون معدومة حتى أننا كطاقم نتحمل دفع بعض التكاليف لكي نقوم بعملية البحث الدقيقة، وهذا من منطلق أننا نرى بأن هذا البرنامج واجب وطني يتحتم علينا المضاء به مهما كانت الظروف".
* جنود مجهولون
محطتنا الأخيرة كانت لدى أحد الجنود المجهولين الذين يبذلون قصارى جهدهم في تلبية حاجات البرامج والتنسيق لها فكان لقاؤنا بالسيد أيمن عبد الرازق وهو منسق البرنامج في إدارة دائرة العلاقات العامة فقال: "إننا نتلقى باستمرار الاتصالات ونحتفظ بكافة البيانات اللازمة للبحث عن المفقودين، ونحن نرى بأن هذا البرنامج هو من البرامج النوعية التي تبث عبر شاشة تلفزيون فلسطين، ومن ثم نحن نسخر كافة جهودنا في قسم العلاقات العامة لخدمة هذا البرنامج الذي يحمل قضية لا تقل في أهميتها عن أي قضية أخرى تعد من القضايا الأساسية الفلسطينية، ولذلك لابد من أن نعمل جميعا لإبراز هذه القضية ونحن من موقعنا في العلاقات العامة نقوم بالتنسيق المستمر مع العديد من الجهات التي يمكن أن توسع رقعة انتشار هذا البرنامج وفكرته، وقد وجدنا تجاوباً رائعاً من الأشقاء العرب، بل تعدى الأمر ذلك لاتصالات دولية ومؤازرة من العديد من الجاليات والمؤسسات الدولية".
ختاماً لا نريد أن نضع النهاية فالنهاية بعيدة إذا أردنا وقريبة إذا تكاتفت الجهود ولكم القرار.
التعليقات