مفاوضات سرية بين المقاومة العراقية وأمريكا بعمان

مفاوضات سرية بين المقاومة العراقية وأمريكا بعمان
خليل زاد
غزة-دنيا الوطن

كشفت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية عن انهيار محادثات سرية أجراها مسئولون أمريكيون على مدار شهور مع قادة للمقاومة العراقية في العاصمة الأردنية عمان بسبب ما وصفته المقاومة بـ"عدم نزاهة" الأمريكان.

وذكرت الصحيفة في عددها الصادر اليوم الأحد أن رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي أقنع ثلاثة من قادة المقاومة العراقية السنية في بغداد والأنبار وديالا بإجراء مباحثات مع السفير الأمريكي في العراق زلماي خليل زاد و6 جنرالات أمريكيين في قصره بعمان مؤخرا.

وأوضحت الصحيفة أن قادة المقاومة الثلاثة الذين شاركوا في المباحثات هم من جماعة أنصار السنة المسئولة عن تفجير مطعم تابع للجيش الأمريكي بالموصل أسفر عن مقتل 22 شخصا في 2005، وكذلك جماعة كتائب ثورة الـ20 التي نفذت عمليات اختطاف وأعلنت مسئوليتها عن إسقاط طائرة "هيركوليز" بريطانية قرب تكريت في يناير 2005 قتل خلالها 10 أشخاص.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن هذه المفاوضات التي تمت عبر سلسلة من اللقاءات تعتبر الأولى من نوعها التي تجري بين عناصر ذات ثقل من المقاومة ومسئولين أمريكيين كبار، حيث لم تكن المفاوضات السابقة المعلن عنها بنفس المستوى.

لا خيار للأمريكان

وعن دوافع خوض واشنطن لمثل تلك المفاوضات، نقلت الصحيفة قول أحد قادة المقاومة: "المباحثات جرت بعد طلبات مستمرة من الجانب الأمريكي. لم يكن هذا بسبب حبهم لنا (المقاومة)، ولكن لأنهم ليس لديهم خيار آخر لوقف العنف وتحقيق استقرار سياسي بالبلاد".

وذكرت صنداي تايمز أن المقاومة عرضت على السفير الأمريكي 10 أيام "كفترة هدنة" متبادلة بين الجانبين. كما طالبوا أيضا "بجدول زمني لانسحاب" قوات الاحتلال في العراق قائلين إنه ينبغي الإعلان عن ذلك بشكل فوري.

مطالب أخرى عرضتها المقاومة خلال المفاوضات من بينها "العفو عن المتمردين" ووقف عمليات "تطهير البعثيين" التي جردت العديد من السنة من وظائفهم؛ وهو الأمر الذي حث عليه مجموعة دراسة العراق مؤخرا.

وأشارت الصحيفة إلى أن رجال المقاومة طلبوا مزيدا من المطالب تشمل "تجاهل نتائج الانتخابات الديمقراطية" في العراق، وتولي السياسيين غير الطائفيين المناصب الوزارية الحساسة مثل الدفاع والداخلية؛ لأنهما سيكونان مسئولين عن بناء جيش قومي قوي وهيئة لتوفير الأمن.

أرضية مشتركة

الأرضية المشتركة الوحيدة بين الجانبين في المفاوضات تمثلت في قلقهم إزاء بروز إيران باعتبارها قوة إقليمية جديدة، فضلا عن التخوف من تزايد تدخلها في العراق، وفق المصدر نفسه.

وفي هذا الأمر قال أحد قادة المقاومة: "قلت لخليل زاده إننا نعرف كيف نستعيد السيطرة على بغداد وتخليصها من المليشيات الموالية لإيران" وأَضاف: "إذا جرى تزويدنا بالأسلحة، فسنقوم بتنظيف بغداد واستعادة السيطرة عليها خلال 30 يوما".

انهيار المباحثات

لكن المباحثات أخذت طريقها للانهيار بحسب الصحيفة بعد تبادل الجانبين الاتهامات بينهما بعدم الالتزام بإيقاف الهجمات خلال فترة الهدنة التي توصل لها الطرفان، وعدم موافقة قادة المقاومة حضور غذاء مشترك مع الجنرالات الأمريكيين على اعتبار أنهم قوات محتلة لبلادهم.

وكان آخر مسمار في نعش تلك المفاوضات التقارير الإعلامية التي تحدثت عن رغبة خليل زاد في التحدث مع إيران من أجل حل الصراع الدائر في العراق. ومثلت تلك التقارير مفاجأة كبرى للمقاومة السنة التي أعربت عن قلقها من تلك التقارير في آخر مقابلة لهم مع السفير الأمريكي.

وطالب قادة المقاومة العراقية في مذكرة أرسلوها لخليل زاده بوقف كل الاجتماعات بسبب "عدم النزاهة"، خاصة بعد تعيين نوري المالكي رئيسا للوزراء "المدعوم من قبل عناصر موالية لإيران" في إبريل الماضي، على حد قولهم.

وأوردت الصحيفة رسالة وجهها أحد قادة المقاومة للمقاومين بعد تلك المذكرة قال فيها: "استمروا في المقاومة".

ورفض متحدث باسم السفارة الأمريكية في بغداد التعليق على ما نشرته الصحيفة البريطانية.

ويأتي الحديث عن انهيار المفاوضات بين المقاومة وواشنطن بعد تقديم لجنة "بيكر-هاميلتون" -المعنية بتقييم الوضع في العراق التي تضم أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي- توصياتها يوم الأربعاء 6-12-2006 للرئيس الأمريكي جورج بوش.

وتضمنت 3 توصيات رئيسية لخروج الولايات المتحدة من المأزق العراقي؛ أولها تغيير تركيز القوات الأمريكية في العراق من دور قتالي إلى دور داعم ومساند للقوات العراقية، وسحب القوات القتالية الأمريكية بحلول الربع الأول من عام 2008، في حالة عدم ظهور مستجدات تتطلب التواجد هناك، بجانب بذل جهود دبلوماسية لتحقيق سلام شامل في المنطقة.

التعليقات