رئيس تحرير العربية.نت يرد على اتهامات السعي وراء الإثارة الجنسية:جمال عبدالناصر نجم مثل هيفاء وهبي

غزة-دنيا الوطن
رفض رئيس تحرير العربية.نت اتهام الموقع التابع لقناة "العربية" الإلكتروني بالركض وراء الإثارة الصحفية باختياره موضوعات لها حساسيتها لدى القارئ العربي، مؤكدا أن هذا الاهتمام نابع من رسالة واضحة مفادها أنه لا ينبغي للصحافة تجنب القضايا الاجتماعية الحيوية في حياة الناس.
وقال د. عمار بكار إن ما درجت عليه الصحافة الرسمية من إهمال لأخبار النجوم الجماهيريين أفسحت الطريق أمام الصحافة الصفراء التي تقوم في أساسها على الإثارة ونشر الفضائح الشخصية بناء على معلومات غير دقيقة أو مبالغ فيها، مشيرا إلى أن موقع العربية.نت من أولوياته دقة الخبر وراهنيته.
وتحدث بكار عن رؤيته لمستقبل الصحافة الإلكترونية، قائلا إن الصحافة الإلكترونية ستشكل في المستقبل القريب منافسا قويا للصحافة الورقية والتلفزيونية مع انتشار منتديات الفيديو عبر الشبكة.
وفي يلي نص الحوار الكامل الذي أجراه الزميل مصطفى الأنصاري ونشرته الطبعة السعودية لصحيفة "الحياة" اللندنية الأحد 12-11-2006:
* أَسست موقع "العربية نت" بعد تجربة لك سابقة في تأسيس موقع "باب" الإلكتروني... هل ترى الصحافة الإلكترونية ذات مستقبل يدفع للخلود في أحضانها؟
- لم أقرر يوماً أن "أخلد لأحضان الصحافة الإلكترونية"، فأنا صحافي، عملت في الصحافة الورقية لمدة تزيد على عشر سنوات مع الشركة السعودية للأبحاث والنشر، ثم انتقلت في مطلع عام 2000، لتأسيس موقع باب (bab.com) كرئيسَ تحرير من خلال إدراك المستثمرين في الموقع أهمية وجود الكادر الصحافي في الموقع، بدلاً من الكادر التقني والمعلوماتي فقط، كما كان سائداً حينها في المواقع الأخرى.
حالياً أعتقد جازماً أن مستقبل الصحافة الإلكترونية سيكون مزدهراً ومنافساً بقوة للصحافة الورقية وحتى التلفزيونية، ولذلك لأسباب عدة، منها: اعتماد العالم المتزايد على تكنولوجيا المعلومات واستقاء المعلومات من الإنترنت والجوال، بل وتأسيس كل مناشط الحياة على أساس تقني بحت. أضف إلى ذلك الإمكانات غير العادية للصحافة الإلكترونية، بكلفة منخفضة مثل إمكانات الأرشفة والتفاعلية والربط بين المواضيع، كما يضاف إليه أن تحسن البنية التحتية للإنترنت يساعد في سرعتها، وبالتالي تحملها لبث الفيديو الذي سيسرع المنافسة بين الإنترنت والتلفزيون وحتى الراديو.
* يتهمونكم في "القناة" بالانحياز للمحتلين في العراق .. وفي "الموقع" بالتأسيس لقاموس جنسي عربي فما ردك؟!
- أعتقد بأن هذه اتهامات عشوائية وليس لها أي أساس موضوعي، ولذلك فإن المناقشة مع الأشخاص الذي يطلقون هذه الاتهامات تنتهي سريعاً بإدراك أنها اتهامات غير محددة وليس لها إطار واضح، وهذه مشكلة عامة في ثقافتنا العربية على كل حال.
"العربية" كانت منحازة دائماً للشعب العراقي، ومنحازة للمعلومة والحقيقة، من دون تضخيم لها ومن دون الوقوع في مأزق مجاملة العواطف العربية، وعموماً وضّح المسؤولون عن «العربية» هذه النقطة في حوارات سابقة عدة.
أما بالنسبة إلى "لعربية.نت"، فكل ما فعلناه أننا لم نتجنب القضايا الاجتماعية الحيوية في حياة الناس، لأنها تتضمن جوانبَ تعوّد الناس ألا يتحدثوا فيها. كانت هذه القاعدة العامة، قضايا الناس الحيوية تناقش بوضوح حتى لو كان البعض يستنكرون ذلك، لسبب ما في أذهانهم. بالنسبة إليّ، هذه رسالة صحافية أحارب من أجلها وأؤمن بها بعمق، وأعتقد بأن الصحافة العربية أسهمت في الكثير من المشكلات الاجتماعية، بسبب هذه المجاملة لرغبات البعض.
أضرب لك مثالاً، اغتصاب الأطفال من الآباء: لمّا أثرنا هذه القضية، اتهمنا كثيرون بالإثارة الصحافية وبتعميم الأحداث النادرة على المجتمع وبالإساءة إلى البلاد العربية، ولكن الحقيقة أن هذه الحوادث على ندرتها موجودة، والأطباء ورجال الأمن يعرفون ذلك جيداً، وهي تبدو نادرة، لأن الصحافة العربية ومسؤولي الإعلام الرسميين يتجنبون الحديث عنها، وهذا في النهاية أسهم في استمرار المشكلة وعدم وجود قوانين وأنظمة وجهود اجتماعية لمعالجتها. هذه المشكلة ليست مشكلة تافهة، فهي تعني التدمير الكامل لحياة إنسان، ولحياة طفل قد يصبح مجرماً يوماً ما، بسبب حقده على المجتمع الذي قرر أن «يستحي» من الحديث عن قضيته بدلاً من حمايته.
وكالات تهتم بالفضائح الجنسية
* على هذا الصعيد هناك زعم بأنك مشارك في وكالات إخبارية تهتم بالفضائح الجنسية؟
- نحن مشاركون فقط في وكالة الأنباء الفرنسية ووكالة "رويترز"، إضافة إلى الوكالات الرسمية العربية.
* بل قيل إنك متأثر بفترة عملك في جريدة "المسلمون" التي كانت خلال تلك الفترة مجالاً لأخبار "الاغتصاب"، مع وفرة في القضايا التي وُجدت الجريدة لمتابعتها في ذلك العهد؟
- جريدة "المسلمون" كانت مدرسة صحافية، والدليل على ذلك أن كل الفريق الذي عمل حينها في المركز الرئيسي لـ "المسلمون" في جدة، يتولى حالياً مناصب قيادية في المؤسسات الصحافية.
لكن "المسلمون" كانت تعاني حينها من مشكلة الهوية فهي ليست جريدة دينية للتعليم الشرعي، وليست جريدة إخبارية عامة، ولا جريدة متخصصة في أمر معين، وهذا ما جعلها تتغير بتغير رؤساء التحرير، كما جعل الناس في نقد دائم لها، لأن كل ما يُنشر فيها مربوط في أذهان الناس باسم "الجريدة"، بما في ذلك القضايا الاجتماعية ومنها الاغتصاب، والتي كانت تغطيها بحُكْمِها جريدة أسبوعية.
دعني أؤكد مرة أخرى أن الاغتصاب - على رغم بعده الجنسي في أذهان الناس- هو من أهم القضايا الاجتماعية، لأنها تمثل أبشع وجهٍ للأبعاد السلبية للمشكلات الاجتماعية، وعدم اهتمام الإعلام بمعالجتها لأي سبب من الأسباب هو جريمة أخرى.
* بالمناسبة... هل أصبح القراء العرب يقرأون أخبار نانسي أكثر من أخبار زعمائهم؟
- الجمهور العربي كان دائماً مهتماً بأخبار نجومه أكثر من اهتمامه بأخبار السياسيين، وهذا وضع طبيعي تماماً، وموجود في كل أنحاء العالم، حيث يهتم الجمهور العام بشخصيات معينة لها جاذبيتها بينهم أكثر من اهتمامهم بأخبار الزعماء والعلماء والعظماء والمفكرين.
لكن الصحافة التي تسيطر عليها الرؤية الرسمية عموماً تجاهلت هذه الحقيقة، هو تجاهُل له "وجهةُ نظرٍ" على كل حال، وأنا لست ضدها تماماً، ولكن ما حصل لنا أنني أضفت للموقع فقرة جديدة من نوعها، واشتهر موقع "العربية.نت" بها، وهي "أكثر خبر قراءة" و"أكثر خبر إثارة للتعليقات" وهكذا، وما يفعله الموقع هنا هو حساب إلكتروني لعدد زوار كل موضوع واختيار تلقائي للموضوع الأكثر زيارة خلال 24 ساعة. النتيجة كانت مذهلة، لأن الجمهور كان دائماً منحازاً في قراءته إلى الأخبار وتعليقاته لأخبار نجومه ولقضايا الاجتماعية بدلا من الأخبار والقضايا السياسية.
* لو بُعِثَ عبدالناصر من قبره وألقى خطبة ستينية في «القاهرة» وغنت «هيفاء وهبي» في الإسكندرية، أيهما في نظرك سيكون أكثر جماهيرياً؟
- اختيارك لعبدالناصر في السؤال لا يخدم الفكرة تماماً، لأن عبدالناصر نجم جماهيري أيضاً كما هي هيفاء.
الجمهور وما يحدث خلف الأبواب
* جرت العادة بأن الصحف الصفراء هي التي تطير بأخبار الفضائح الجنسية... هل أصبحنا بحاجة إلى تصنيف المواقع الصحافية إلى "صفراء" ومحترمة أيضاً؟
- محاربة "الصحافة الصفراء" أمر مهم وواجب على المجتمع الإعلامي، ولكن الصحافة الصفراء ليست الصحافة التي تناقش القضايا "الحساسة"، بل الصحافة التي تقوم في أساسها على الإثارة ونشر الفضائح الشخصية، لأجل الإثارة وكسب الجمهور حتى لو كانت المعلومات غير صحيحة أو مبالغ فيها، وحتى لو كانت القضية تافهة.
المشكلة هي أن الجمهور يرغب دائماً في جرعة مخففة، يتعرف من خلالها على ما يحصل خلف الأبواب المغلقة في المجتمع وأخبار الجرائم، وعدم تزويد الجمهور بهذه الجرعة المخففة يدعم الصحافة الصفراء، ويجعل مبرر وجودها أكبر.
* خدمة الفيديو التي أضافتها «العربية نت» أخيراً... هل ستكون هي الأخرى بلا حدود رقابية أيضاً، بمعنى أنكم لن تخجلوا من عرض أي شيء؟
- منتدى الفيديو يمضي بنجاح جميل أكثر مما توقعته بكثير، ونحن ننشر يومياً عدداً كبيراً من الفيديوهات التي تصلنا من عموم الجمهور والتي - شأنها شأن التعليقات - تعبر عن مرسلها ولا نتحمل مسؤوليتها. طبعاً هناك بعض الضوابط المرعية، ولكنها ضوابط متماشية مع إيماننا بحرية التعبير، ولذلك حتى الآن لم نمنع إلا فيديو واحد وصلنا وكان واضحاً منه أنه يريد التشهير بأحد الأشخاص.
* تحدث الزميل تركي الدخيل أحد نجوم القناة عن حلقات أصابها إعصار فيه نار فاحترقت، على هذا النسق... هل تمر الأعاصير على الموقع أيضاً؟
- طبعاً، فالموقع معروف بجرأته، وهذا أسهم في وجود الغاضبين، ولعل أكثر ما يثير الغضب عند البعض هي التعليقات التي ننشرها بمساحة حرية واسعة جداً.
بشكل عام، كثير من الغاضبين يغفرون لنا، لأنهم يعرفون تماماً من خلال تاريخ الموقع أنه ليست لنا أجندة معينة، ولا نشن حملات على أحد، وليس لنا طموح لنخدم فريقاً معيناً على حساب الآخرين.
* تكتب في الاقتصادية ولا تكتب في «العربية نت» والراشد والدخيل وبن حزام وفريق «العربية» الصحافي كله يسير على النهج ذاته... هل تبحثون عن المقابل المادي أم تنظرون إلى الصحافة الالكترونية باحتقار؟
- حتى يستطيع الكاتب أن يقدم مقالاً صحافياً مميزاً فهو يبذل فيه الكثير من الجهد، ما يجعل من الصعب عليه أن يكتب الكثير من المقالات.
هذا هو السبب الذي يدفعني إلى كتابة مقال واحد ينشر في الاقتصادية ثم على "العربية.نت"، وأظن أن الأمر نفسه يشمل الأساتذة الراشد والدخيل وفارس بن حزام، ولا أظن أن للبعد المادي - إن وجد- أي أثر.
* المقصود، أن معظم الكُتاب المحترفين يستخسرون تخصيص مقالة للإعلام الإلكتروني، حتى أولئك الذين يعملون في هذا الحقل... هل يعني ذلك أن الصحافة الإلكترونية "سيئة السمعة"؟ أم ماذا؟
- لا أتفق معك على الإطلاق في ذلك. الكُتّاب الآن يحرصون على النشر في المواقع الإلكترونية مثل: "العربية.نت" و"إيلاف" وحتى المنتديات، وذلك بسبب عدد القراء الضخم، وبسبب التفاعلية مع مواضيعهم التي تمكنهم من تلقي ردود أفعال القراء وإثارة النقاش بينهم حول مضمون المقال.
بالمناسبة، لك أن تعرف أن عدد زوار موقع "العربية نت" يومياً -على سبيل المثال - يزيد على عدد النسخ المطبوعة يومياً (وليس المباعة) لأي جريدة سعودية، وهذا طبعاً يفسر لك اهتمام الكتاب بالنشر على الإنترنت.
من جهة أخرى، كلامك صحيح بأن الكتابة على الإنترنت لا تعطي الكاتب البعد المعنوي الذي تعطيه الكتابة المنتظمة في الصحف، وهذا أمر سيتغير مع الزمن بالتأكيد، وبخاصة إذا بدأت المواقع في الحرص على تطبيق المعايير النوعية في قبول مقالات الكتاب، لأن بعض المواقع حالياً تنشر أي مقال يصلها مهما كان ضعيف البناء أو الفكرة.
رفض رئيس تحرير العربية.نت اتهام الموقع التابع لقناة "العربية" الإلكتروني بالركض وراء الإثارة الصحفية باختياره موضوعات لها حساسيتها لدى القارئ العربي، مؤكدا أن هذا الاهتمام نابع من رسالة واضحة مفادها أنه لا ينبغي للصحافة تجنب القضايا الاجتماعية الحيوية في حياة الناس.
وقال د. عمار بكار إن ما درجت عليه الصحافة الرسمية من إهمال لأخبار النجوم الجماهيريين أفسحت الطريق أمام الصحافة الصفراء التي تقوم في أساسها على الإثارة ونشر الفضائح الشخصية بناء على معلومات غير دقيقة أو مبالغ فيها، مشيرا إلى أن موقع العربية.نت من أولوياته دقة الخبر وراهنيته.
وتحدث بكار عن رؤيته لمستقبل الصحافة الإلكترونية، قائلا إن الصحافة الإلكترونية ستشكل في المستقبل القريب منافسا قويا للصحافة الورقية والتلفزيونية مع انتشار منتديات الفيديو عبر الشبكة.
وفي يلي نص الحوار الكامل الذي أجراه الزميل مصطفى الأنصاري ونشرته الطبعة السعودية لصحيفة "الحياة" اللندنية الأحد 12-11-2006:
* أَسست موقع "العربية نت" بعد تجربة لك سابقة في تأسيس موقع "باب" الإلكتروني... هل ترى الصحافة الإلكترونية ذات مستقبل يدفع للخلود في أحضانها؟
- لم أقرر يوماً أن "أخلد لأحضان الصحافة الإلكترونية"، فأنا صحافي، عملت في الصحافة الورقية لمدة تزيد على عشر سنوات مع الشركة السعودية للأبحاث والنشر، ثم انتقلت في مطلع عام 2000، لتأسيس موقع باب (bab.com) كرئيسَ تحرير من خلال إدراك المستثمرين في الموقع أهمية وجود الكادر الصحافي في الموقع، بدلاً من الكادر التقني والمعلوماتي فقط، كما كان سائداً حينها في المواقع الأخرى.
حالياً أعتقد جازماً أن مستقبل الصحافة الإلكترونية سيكون مزدهراً ومنافساً بقوة للصحافة الورقية وحتى التلفزيونية، ولذلك لأسباب عدة، منها: اعتماد العالم المتزايد على تكنولوجيا المعلومات واستقاء المعلومات من الإنترنت والجوال، بل وتأسيس كل مناشط الحياة على أساس تقني بحت. أضف إلى ذلك الإمكانات غير العادية للصحافة الإلكترونية، بكلفة منخفضة مثل إمكانات الأرشفة والتفاعلية والربط بين المواضيع، كما يضاف إليه أن تحسن البنية التحتية للإنترنت يساعد في سرعتها، وبالتالي تحملها لبث الفيديو الذي سيسرع المنافسة بين الإنترنت والتلفزيون وحتى الراديو.
* يتهمونكم في "القناة" بالانحياز للمحتلين في العراق .. وفي "الموقع" بالتأسيس لقاموس جنسي عربي فما ردك؟!
- أعتقد بأن هذه اتهامات عشوائية وليس لها أي أساس موضوعي، ولذلك فإن المناقشة مع الأشخاص الذي يطلقون هذه الاتهامات تنتهي سريعاً بإدراك أنها اتهامات غير محددة وليس لها إطار واضح، وهذه مشكلة عامة في ثقافتنا العربية على كل حال.
"العربية" كانت منحازة دائماً للشعب العراقي، ومنحازة للمعلومة والحقيقة، من دون تضخيم لها ومن دون الوقوع في مأزق مجاملة العواطف العربية، وعموماً وضّح المسؤولون عن «العربية» هذه النقطة في حوارات سابقة عدة.
أما بالنسبة إلى "لعربية.نت"، فكل ما فعلناه أننا لم نتجنب القضايا الاجتماعية الحيوية في حياة الناس، لأنها تتضمن جوانبَ تعوّد الناس ألا يتحدثوا فيها. كانت هذه القاعدة العامة، قضايا الناس الحيوية تناقش بوضوح حتى لو كان البعض يستنكرون ذلك، لسبب ما في أذهانهم. بالنسبة إليّ، هذه رسالة صحافية أحارب من أجلها وأؤمن بها بعمق، وأعتقد بأن الصحافة العربية أسهمت في الكثير من المشكلات الاجتماعية، بسبب هذه المجاملة لرغبات البعض.
أضرب لك مثالاً، اغتصاب الأطفال من الآباء: لمّا أثرنا هذه القضية، اتهمنا كثيرون بالإثارة الصحافية وبتعميم الأحداث النادرة على المجتمع وبالإساءة إلى البلاد العربية، ولكن الحقيقة أن هذه الحوادث على ندرتها موجودة، والأطباء ورجال الأمن يعرفون ذلك جيداً، وهي تبدو نادرة، لأن الصحافة العربية ومسؤولي الإعلام الرسميين يتجنبون الحديث عنها، وهذا في النهاية أسهم في استمرار المشكلة وعدم وجود قوانين وأنظمة وجهود اجتماعية لمعالجتها. هذه المشكلة ليست مشكلة تافهة، فهي تعني التدمير الكامل لحياة إنسان، ولحياة طفل قد يصبح مجرماً يوماً ما، بسبب حقده على المجتمع الذي قرر أن «يستحي» من الحديث عن قضيته بدلاً من حمايته.
وكالات تهتم بالفضائح الجنسية
* على هذا الصعيد هناك زعم بأنك مشارك في وكالات إخبارية تهتم بالفضائح الجنسية؟
- نحن مشاركون فقط في وكالة الأنباء الفرنسية ووكالة "رويترز"، إضافة إلى الوكالات الرسمية العربية.
* بل قيل إنك متأثر بفترة عملك في جريدة "المسلمون" التي كانت خلال تلك الفترة مجالاً لأخبار "الاغتصاب"، مع وفرة في القضايا التي وُجدت الجريدة لمتابعتها في ذلك العهد؟
- جريدة "المسلمون" كانت مدرسة صحافية، والدليل على ذلك أن كل الفريق الذي عمل حينها في المركز الرئيسي لـ "المسلمون" في جدة، يتولى حالياً مناصب قيادية في المؤسسات الصحافية.
لكن "المسلمون" كانت تعاني حينها من مشكلة الهوية فهي ليست جريدة دينية للتعليم الشرعي، وليست جريدة إخبارية عامة، ولا جريدة متخصصة في أمر معين، وهذا ما جعلها تتغير بتغير رؤساء التحرير، كما جعل الناس في نقد دائم لها، لأن كل ما يُنشر فيها مربوط في أذهان الناس باسم "الجريدة"، بما في ذلك القضايا الاجتماعية ومنها الاغتصاب، والتي كانت تغطيها بحُكْمِها جريدة أسبوعية.
دعني أؤكد مرة أخرى أن الاغتصاب - على رغم بعده الجنسي في أذهان الناس- هو من أهم القضايا الاجتماعية، لأنها تمثل أبشع وجهٍ للأبعاد السلبية للمشكلات الاجتماعية، وعدم اهتمام الإعلام بمعالجتها لأي سبب من الأسباب هو جريمة أخرى.
* بالمناسبة... هل أصبح القراء العرب يقرأون أخبار نانسي أكثر من أخبار زعمائهم؟
- الجمهور العربي كان دائماً مهتماً بأخبار نجومه أكثر من اهتمامه بأخبار السياسيين، وهذا وضع طبيعي تماماً، وموجود في كل أنحاء العالم، حيث يهتم الجمهور العام بشخصيات معينة لها جاذبيتها بينهم أكثر من اهتمامهم بأخبار الزعماء والعلماء والعظماء والمفكرين.
لكن الصحافة التي تسيطر عليها الرؤية الرسمية عموماً تجاهلت هذه الحقيقة، هو تجاهُل له "وجهةُ نظرٍ" على كل حال، وأنا لست ضدها تماماً، ولكن ما حصل لنا أنني أضفت للموقع فقرة جديدة من نوعها، واشتهر موقع "العربية.نت" بها، وهي "أكثر خبر قراءة" و"أكثر خبر إثارة للتعليقات" وهكذا، وما يفعله الموقع هنا هو حساب إلكتروني لعدد زوار كل موضوع واختيار تلقائي للموضوع الأكثر زيارة خلال 24 ساعة. النتيجة كانت مذهلة، لأن الجمهور كان دائماً منحازاً في قراءته إلى الأخبار وتعليقاته لأخبار نجومه ولقضايا الاجتماعية بدلا من الأخبار والقضايا السياسية.
* لو بُعِثَ عبدالناصر من قبره وألقى خطبة ستينية في «القاهرة» وغنت «هيفاء وهبي» في الإسكندرية، أيهما في نظرك سيكون أكثر جماهيرياً؟
- اختيارك لعبدالناصر في السؤال لا يخدم الفكرة تماماً، لأن عبدالناصر نجم جماهيري أيضاً كما هي هيفاء.
الجمهور وما يحدث خلف الأبواب
* جرت العادة بأن الصحف الصفراء هي التي تطير بأخبار الفضائح الجنسية... هل أصبحنا بحاجة إلى تصنيف المواقع الصحافية إلى "صفراء" ومحترمة أيضاً؟
- محاربة "الصحافة الصفراء" أمر مهم وواجب على المجتمع الإعلامي، ولكن الصحافة الصفراء ليست الصحافة التي تناقش القضايا "الحساسة"، بل الصحافة التي تقوم في أساسها على الإثارة ونشر الفضائح الشخصية، لأجل الإثارة وكسب الجمهور حتى لو كانت المعلومات غير صحيحة أو مبالغ فيها، وحتى لو كانت القضية تافهة.
المشكلة هي أن الجمهور يرغب دائماً في جرعة مخففة، يتعرف من خلالها على ما يحصل خلف الأبواب المغلقة في المجتمع وأخبار الجرائم، وعدم تزويد الجمهور بهذه الجرعة المخففة يدعم الصحافة الصفراء، ويجعل مبرر وجودها أكبر.
* خدمة الفيديو التي أضافتها «العربية نت» أخيراً... هل ستكون هي الأخرى بلا حدود رقابية أيضاً، بمعنى أنكم لن تخجلوا من عرض أي شيء؟
- منتدى الفيديو يمضي بنجاح جميل أكثر مما توقعته بكثير، ونحن ننشر يومياً عدداً كبيراً من الفيديوهات التي تصلنا من عموم الجمهور والتي - شأنها شأن التعليقات - تعبر عن مرسلها ولا نتحمل مسؤوليتها. طبعاً هناك بعض الضوابط المرعية، ولكنها ضوابط متماشية مع إيماننا بحرية التعبير، ولذلك حتى الآن لم نمنع إلا فيديو واحد وصلنا وكان واضحاً منه أنه يريد التشهير بأحد الأشخاص.
* تحدث الزميل تركي الدخيل أحد نجوم القناة عن حلقات أصابها إعصار فيه نار فاحترقت، على هذا النسق... هل تمر الأعاصير على الموقع أيضاً؟
- طبعاً، فالموقع معروف بجرأته، وهذا أسهم في وجود الغاضبين، ولعل أكثر ما يثير الغضب عند البعض هي التعليقات التي ننشرها بمساحة حرية واسعة جداً.
بشكل عام، كثير من الغاضبين يغفرون لنا، لأنهم يعرفون تماماً من خلال تاريخ الموقع أنه ليست لنا أجندة معينة، ولا نشن حملات على أحد، وليس لنا طموح لنخدم فريقاً معيناً على حساب الآخرين.
* تكتب في الاقتصادية ولا تكتب في «العربية نت» والراشد والدخيل وبن حزام وفريق «العربية» الصحافي كله يسير على النهج ذاته... هل تبحثون عن المقابل المادي أم تنظرون إلى الصحافة الالكترونية باحتقار؟
- حتى يستطيع الكاتب أن يقدم مقالاً صحافياً مميزاً فهو يبذل فيه الكثير من الجهد، ما يجعل من الصعب عليه أن يكتب الكثير من المقالات.
هذا هو السبب الذي يدفعني إلى كتابة مقال واحد ينشر في الاقتصادية ثم على "العربية.نت"، وأظن أن الأمر نفسه يشمل الأساتذة الراشد والدخيل وفارس بن حزام، ولا أظن أن للبعد المادي - إن وجد- أي أثر.
* المقصود، أن معظم الكُتاب المحترفين يستخسرون تخصيص مقالة للإعلام الإلكتروني، حتى أولئك الذين يعملون في هذا الحقل... هل يعني ذلك أن الصحافة الإلكترونية "سيئة السمعة"؟ أم ماذا؟
- لا أتفق معك على الإطلاق في ذلك. الكُتّاب الآن يحرصون على النشر في المواقع الإلكترونية مثل: "العربية.نت" و"إيلاف" وحتى المنتديات، وذلك بسبب عدد القراء الضخم، وبسبب التفاعلية مع مواضيعهم التي تمكنهم من تلقي ردود أفعال القراء وإثارة النقاش بينهم حول مضمون المقال.
بالمناسبة، لك أن تعرف أن عدد زوار موقع "العربية نت" يومياً -على سبيل المثال - يزيد على عدد النسخ المطبوعة يومياً (وليس المباعة) لأي جريدة سعودية، وهذا طبعاً يفسر لك اهتمام الكتاب بالنشر على الإنترنت.
من جهة أخرى، كلامك صحيح بأن الكتابة على الإنترنت لا تعطي الكاتب البعد المعنوي الذي تعطيه الكتابة المنتظمة في الصحف، وهذا أمر سيتغير مع الزمن بالتأكيد، وبخاصة إذا بدأت المواقع في الحرص على تطبيق المعايير النوعية في قبول مقالات الكتاب، لأن بعض المواقع حالياً تنشر أي مقال يصلها مهما كان ضعيف البناء أو الفكرة.
التعليقات