الأردن: هجوم عنيف علي عدنان أبو عودة بعد كشفه التمييز ضد فلسطينيي المملكة عبر الجزيرة

الأردن: هجوم عنيف علي عدنان أبو عودة بعد كشفه التمييز ضد فلسطينيي المملكة عبر الجزيرة
غزة-دنيا الوطن

فتحت الصحافة الأردنية مجددا النار علي المستشار السياسي السابق للقصر الملكي عدنان أبو عودة بعد ظهوره مجددا في حلقات برنامج زيارة خاصة متحدثا عن الوضع الداخلي في الأردن ومحذرا من إستمرار غياب العدالة والمساواة وكاشفا بعض الأسرار عن مرحلة الملك الراحل حسين بن طلال.

وزاد في حدة الآراء التي هاجمت أبو عودة بث أحاديثه عبر محطة الجزيرة القطرية التي يري الأردنيون انها متخصصة بالإساءة إليهم وعلق كثيرون علي توقيت عودة ابو عودة وطروحاته للأضواء لكن مدير مكتب الجزيرة في عمان ياسر أبو هلالة اوضح بان حديث الرجل مسجل منذ مطلع العام الحالي 2006 ولم يبث قبلا بمعني انه مسجل قبل الأزمة الأخيرة بين عمان والدوحة.

وفي احاديثه التي إستمعت إليها القدس العربي ثم اعادت وكالة عمون بث أجزاء منها بدا ابو عودة واثقا ومتقد الذهن ومتحدثا شرسا في الرد علي الإتهامات التي توجه له كما بدا بصحة جيدة وكشف بانه بصدد نشر كتاب جديد سيري النور في وقت لاحق.

وسجلت حلقات الجزيرة مع ابو عودة بين القاهرة وعمان حسبما يظهر في الشريط التلفزيوني حيث ظهر الرجل في باحة منزله في ضاحية صويلح عدة مرات كما ظهر داخل مقهي ريش المصري الشهير في القاهرة وفي شارع طلعت حرب.

وتسببت أراء ابو عودة بملفات الوحدة الوطنية وبأسباب إقالته من منصبه كمستشار سياسي للملك عبد الله الثاني بردود فعل عنيفة في عمان كان اقساها ما كتبه وزير الاعلام السابق صالح القلاب حينما وصف ابو عودة في المقابلة كأنه طاووس يمشي علي رؤوس اصابعه وبدي متهالكا وضعيفا وغير واثق من نفسه وتحول بين يدي الصحافي كعجينة رخوة يشكلها كما يشاء ويحلو .

وقال القلاب: المؤسف في مقابلة الأستاذ عدنان أبو عودة مع فضائية الجزيرة ، التي أجريت في مقهي ريش في القاهرة وبثت في حلقتين متلاحقتين خلال إسبوع واحد، ان (أبو السعيد)، الذي كان يبدو للأردنيين وللفلسطينيين ذات يوم كطاووس يمشي علي رؤوس أصابعه، بدا متهالكا وضعيفا وغير واثق بنفسه ويستجدي رضا الصحافي الذي أجري هذه المقابلة معه والذي تحول بين يديه كعجينة رخوة يشكلها هذا الصحافي الشاطر كما يشاء وكما يحلو له.

وعبر القلاب عن أسفه لإن أبو السعيد أصبح عجينة رخوة بين يدي صحافي شاطر يقلبه ويشكله كما يشاء بينما عندما كان يجلس في إحدي ديوانيات النراجيل في إحدي مناطق عمان الغربية كان يوحي لبعض أعيان نابلس الذين يحيطون به ان زمن العائلات الفلسطينية العريقة ولـي ولن يعود وأنه هو الذي يقود عـربة السياسة الأردنية وانه هو يجلس في المقعد الخلفي.

وأبو عودة واحد من أشهر الشخصيات السياسية الأردنية خلال العقود الأربعة الماضية فقد كان رئيسا للديوان الملكي ووزيرا لعدة مرات وضابطا في المخابرات العامة وشارك في مواقع كبيرة بالمسؤولية إبان احداث أيلول لعام 1970 التي شهدت مواجهات بين الجيش الأردني ومجموعات من الفدائيين الفلسطينيين.

وقبل ست سنوات لفت الأنظار بقوة عندما ألف كتابا عن وضع الفلسطينيين في الأردن مقترحا حلا لشعورهم بالإقصاء. وأثار الكتاب عاصفة من الجدل وخطب به عدة نواب في البرلمان قبل ان ينتهي الأمر بإقالته من منصبه كمستشار سياسي للعاهل الأردني.

وعبر برنامج الجزيرة شرح أبو عودة كيف طلب منه الملك عبد الله الثاني الإستقالة وانه كتب رسالة إستقالة بين فيها انه يستقيل بناء علي أمر ملكي مشيرا الي انه ترك الرسالة في الديوان الملكي وغادر.

وإتهم القلاب ابو عودة بتزييف الحقائق فيما يتعلق بحادثة رواها عبر الجزيرة وتتعلق بوزير زميل له في إحدي الحكومات قال عبارة تسيء لمدينة القدس عندما طلب ابو عودة من مجلس الوزراء دعما ماليا لأغراض القدس.. عندها قال الوزير الذي توفي قريبا حسب ابو عودة.. بلاقدس بلا بلوط فرد عليه ابو عودة: لا يحق لك أن تتكلم عن القدس إلا بعد ان يستعيدها ملكك كما أضاعها !!.

وفهم من ابو عودة ان الملك حسين لم يعترض عندما علم بالأمر لكن القلاب غير في مضمون الكلمة التي إستخدمها ابو عودة وهي تضييع القدس وتحدث عن تسليم القدس وقال القلاب: أمر مؤسف يقبل بأن يكون في مواقع القيادة في بلد يتهمه بأنه سلم القدس وأن يستخف بالدعم الأردني للقضية الفلسطينية ويشبهه بأنه دعم كلامي كدعم أندونيسيا وماليزيا ثم وأن يتهم العائلات الفلسطينية العريقة كلها بأنها عقدت صفقة مع الأردن علي حساب الشعب الفلسطيني وان يسيء للمقاومة الفلسطينية التي لولاها لما كانت هناك هذه الهوية الفلسطينية التي تنكر لها في بدايات حياته وها هو يحاول أن يعود إليها بعد ان أصبح في خريف عمره.. أطال الله عمره.. إنها نهاية لا تليق برجل كان يعتبر ذات يوم أكبر كثيرا من هذا الحجم الذي ظهر به علي شاشة الجزيرة .

وكانت المشادة الكلامية التي جرت بين ابو عودة ووزير اخر في جلسة مجلس الوزراء عام 1979 كانت الابرز في حديثه للجزيرة حينما قال الوزير الراحل لابو عودة اثناء طلبه زيادة مخصصات القدس في الموازنة: بلا قدس بلا بلوط.. فرد عليه غاضبا ما بطلعلك تحكي هالحكي الا بعد ما يرجعها ملكك مثل ما ضيعها . ونوه ابو عودة الي ان الرئيس ارتبك وطلب فض الجلسة علي الفور وزاد بعد اسبوع اقام الامير حسن دعوة غداء لشخصيات فلسطينية حضرها الملك الراحل الحسين بن طلال الذي طلب مني الانتظار للحديث حول الموضوع بعد الدعوة، فشرحت له القصة كاملة وكان رد فعله لي بالقول: لو كنت مكانك ما قلت غير الذي قلته . ورفض ابو عودة الخوض في موضوع الخلافة قائلا لا استطيع التحدث بهذا الامر فنحن نقبل ما تقبله العائلة المالكة في مسألة ولاية العهد .

واسهب ابو عودة في الحديث عن اسباب استقالته كمستشار للملك عبدالله الثاني قائلا انه استقال بناء علي طلب الملك بعد ان الف كتابا عن الاردنيين والفلسطينيين والمملكة الاردنية الهاشمية، مشيرا الي ان الموضوع الاردني الفلسطيني يجب ان لا يبقي خاملا فهو مثل البركان الخامد.

وتحدث عن الوطن البديل والمواطنة فأشار الي ان الحكومة تقول ان 44 % من السكان فلسطينيون الا ان الحقيقة هي ان اكثر من 60 % من اصل فلسطيني وان قانون الانتخاب يكشف مسألة التمثيل حيث ان 120 الف مواطن يخصص لهم مقعد واحد في الزرقاء وعمان بينما في مناطق اخري يخصص مقعد لكل 10الاف مواطن او ناخب. ونوه الي ان اربعة سفراء فقط من بين خمسين سفيرا من اصول فلسطينية.

وحينما سئل عن مواطنته قال انا وطني البديل هو الاردن واخترته منذ زمن بعيد وان عملية اقصاء الفلسطينيين زادت في هذه المرحلة وهو استمرار للنهج . وافاد ان وجود الملكة رانيا شرف لكل الفلسطينيين معتبرا اياها ليست مؤسسة او برلماناً. وحول موضوع الهلال الشيعي تساءل ابو عودة اين هو ؟ ، معتبرا ان هناك شق مذهبي شيعي سني يبدأ من بومباي وينتهي في بيروت. وكشف انه والامير زيد بن شاكر كانا ضد فتور الموقف الملكي من احتلال العراق للكويت وان مراجعة الموقف جاءت متأخرة حينما كتب ابو عودة رسالة الملك حسين الشهيرة في الكتاب الابيض والتي طلب فيها من صدام حسين الانسحاب من الكويت. وابدي ابو عودة ندمه علي دخوله معترك السياسة دون قراءة جيدة له وانه رجل اكاديمي معلم امتهن السياسة. واوصي ان يدفن مع والده في عمان وتحديدا في مقبرة صويلح، ثم عرج قليلا علي قرارات اغلاقه لصحف ابان تسلمه وزارة الاعلام مبديا تحمله مسؤولية وتبعات ذلك.

واستذكر ابوعوده وفقا لرواية وكالة عمون للأحداث في الحلقة الاولي من البرنامج ذكرياته في نابلس التي كانت حتي خروجه منها اردنية وجزءا لا يتجزأ من المملكة الهاشمية ـ حسب قوله ـ ونوه الي انه بدأ يشعر بظلم الدولة له حينما كان طالبا في المدرسة ولم يتم اختياره للدراسة في مدرسة تعمل بالنظام البريطاني لترتيبه بين الطلاب ، وعبر عن اشتياقه للمقهي والملعب البلدي وللاكلات النابلسية والشوارع وانه حينما وصل مسقط رأسه زار قبر امه وقرأ القرآن علي قبرها ويعتقد انها كانت تستمع اليه في تلك اللحظات.

وعندما سأله مقدم البرنامج عن رأيه بالدين الاسلامي قال ابوعوده: ان سؤالك محرج لكن اود القول ان علاقتي بالدين ثقافية وايمانية.

وحول التيار الاسلامي في الاردن وان كان يقلقه عبر ابوعودة عن رأيه بالقول ان الاسلاميين لا يشكلون شيئا مخيفا فالتركيبة الاجتماعية والديمغرافية والخلطة الاردنيه الفلسطينية والارضيات الاجتماعية والاقتصادية المتنوعة ووجود الفلاحين والبدو واغلبية الموظفين لاتسمح لهم بأكثر مما هم فيه.

وتحدث عن قصة انضمامه للمخابرات الاردنية التي قال انها جاءت حينما طلبت منه قيادة الشيوعي التي كان يعمل معها ان يدعو مدير المخابرات الاسبق محمد رسول الكيلاني للعشاء ليقوموا بتفخيخ سيارته بعد الدعوة والخلاص منه، واشار ابوعودة الي رفضه الخطة وقام بابلاغ ابو رسول بتفاصيلها بعد ان جنده في المخابرات حيث كان عمله محللا استخباريا قبل ان ينتقل للعمل مع الملك الراحل الحسين بن طلال.

واسهب الضيف في رواية فصول من حياته المتعلقة بانضمامه لحزب التحرير ومواقفه من احداث ايلول والعمل الفدائي وعمله لصالح الاردن ، وكيف رفض خالد الحسن السلام عليه قائلا له: انني لا اصافح اليد التي تلطخت بدم الشعب الفلسطيني.. وكيف رفض ايضا المحامي تيسيرشوكت النابلسي السلام عليه رغم انه صديقه وابن صفه حسب ابوعودة.

ونتجت عن هذه المكاشفات لأبو عودة ردود فعل متعددة داخل الأردن فقد إعتبر ناهض حتر في مقال نشرته صحيفة العرب اليوم الإثنين ان إنتماء أبو عودة لعائلة شعبية شرف له وان نجاحه في عمان يعتبر نموذجا لفرص الصعود التي اتاحتها دولة وحدة الضفتين، لأبناء الفلاحين والكادحين الفلسطينيين.

وقال حتر: الآثار العميقة لعملية التوحيد الاجتماعي بين الضفتين لا تزال تعمل حتي الان في الاردن، حيث اصبح المكوّن الفلسطيني جزءاً من مكونات الشعب الاردني، فكم تبلغ نسبة هذا المكوّن الاجتماعي ـ السياسي؟ اكثر من 60 بالمئة مثلما يقول ابو عودة ام في حدود الاربعين في المئة ـ ام اقل؟ هذا السؤال ملغوم وخاطئ من الاساس. لأن الديمغرافيا الفلسطينية في حالة سيولة سياسية وواقعية وقانونية. فإذا كنا نتحدث عن المندمجين كلياً، فربما تكون النسبة هي 25 بالمئة، واذا كنا نتحدث عن الاردنيين من اصل فلسطيني فربما نتحدث عن 43 بالمئة.. واذا كنا نتحدث عن الفلسطينيين المقيمين في الاردن او يستطيعون ـ بصورة قانونية ـ الانتقال إليه من الضفة الغربية، فربما، نتحدث، عندها، عن 65 بالمئة او حتي 70 بالمئة.. واكثر حسب قوة اندفاع الترانسفير الواقعي.

وتساءل الكاتب: فهل يريد ابو عودة، اذن، تجنيس حوالي مليون فلسطيني من المقيمين في الاردن او ممن يستطيعون الاقامة فيه؟

لكن السؤال خاطئ بالأساس، لأنه يحوّل الاردنيين من اصل فلسطيني الي طائفة سياسية. وبهذه المقدمة الخاطئة سوف نحصل ـ في احسن الافتراضات ـ علي دولة تمثل فيدرالية الطوائف علي اساس المحاصصة. وهذه وصفة ممتازة للانشقاق والمواجهة علي الطريقة اللبنانية او حتي العراقية. ومن حسن الحظ ان هذه الوصفة الاردنية مرفوضة من اغلبية الاردنيين ـ بغض النظر عن اصولهم.

وختم قائلا: يا ليت ان عدنان ابو عودة درس، بعناية، اطلالته عبر الجزيرة لكي يوضح او يساهم في توضيح المأزق التكويني الناشيء عن عدم الانتقال الجذري نحو الديمقراطية في بلدنا، بدلاً من تصعيد المأزق بالالحاح علي رؤي الطائفية السياسية.

وفي وقت لاحق علي الإتهامات التي قيلت بحقه عبر ابو عودة عن قناعته بأنه لا يخشي الإعتقال في الأردن لإنه لم يتجاوز الخطوط الحمراء في حديثه مع الجزيرة ولإن البلاد فيها تجربة ديمقراطية تتيح لكل مواطن قوله رأيه رافضا الإعتراف لصحيفة الأنباط المحلية الأردنية بأنه كشف أسراراً خطيرة او فتح ملفات بقصد الإثارة.

وقال ابو عودة انه تلقي عشرات الاتصالات المؤيدة لما طرحه في البرنامج رافضا ذكر اسم الوزير الذي احتد معه في نقاش في مجلس الوزراء. وأضاف أنه كان يطرح هذه الآراء علي الملك شخصيا مشيرا الي انه لا يخشي الاعتقال لأنه لم يتجاوز الخطوط الحمراء فالأردن يعيش مرحلة ديمقراطية تستوعب كل الآراء.

واكد ابو عودة ان سياسات إقصاء الفلسطينيين في الأردن لا زالت موجودة وعبر كثير من الأمور وأهمها قانون الانتخابات الذي لا يراعي التوازن الديموغرافي في الأردن خاصة لسكان المدن وان التحدث عن هذا القانون يعتبر خطا احمر، لهذا فان عملية إقصاء الفلسطينيين في المدن هي ضد العملية الديمقراطية والإصلاح بكافة أشكاله وقال ان عملية الإقصاء زادت من وجهة نظره في الفترة الأخيرة بكافة الأشكال والألوان وقد أصبحت الأمور واضحة ومن يقرأ صحيفة يومية يلمس عملية الإقصاء ما بين السطور. والإقصاء بالمفهوم الذي اطرحه هو ضد المشاركة والعملية الديمقراطية.

وإتهم ابو عودة التعرض له بعد مقابلة الجزيرة بصفته إرهاباً فكرياً بصورة سافرة مارسه لوبي المستفيدين من وضع الإقصاء لفئة هامة من الشعب الأردني وهم الذين لا يريدون التغيير والإصلاح والنهوض بالمجتمع الأردني مستفيدين من الأمر الواقع.

التعليقات