قيادي بعثي سابق يكشف تفاصيلها :أسرار اتصالات غازي كنعان بالمعارضة السورية قبل انتحاره

قيادي بعثي سابق يكشف تفاصيلها :أسرار اتصالات غازي كنعان بالمعارضة السورية قبل انتحاره
غزة-دنيا الوطن

كشف المعارض السوري المنفي أحمد أبو صالح عن اتصالات أجراها وزير الداخلية السوري السابق اللواء غازي كنعان مع شخصيات في المعارضة داخل وخارج سوريا قبيل "انتحاره" العام الماضي.

وفي حواره مع "العربية.نت"، يميط أبو صالح اللثام عن بعض جوانب هذه الاتصالات، وفيما إذا كان اللواء كنعان يقوم بهذه الاتصالات بمبادرة فردية أم بالتنسيق مع شخصيات أخرى في النظام السوري، كما يتهم النظام السوري باغتيال كنعان،مشيرا إلى أن نائب الرئيس الأسبق رفعت الأسد أوحى له أن غازي كنعان اتصل به ايضا.

ويفسر أبو صالح اتصالات غازي كنعان به أنها لم تكن بقصد احتوائه وإنما كانت بغرض البحث عن وجه سني كواجهة لتغيير يخطط له.

كما تحدث ابو صالح عن ملف مقتل القيادي الشيوعي فرج الله الحلو في فترة الوحدة السورية- المصرية مشددا على أن رئيس الاستخبارات آنذاك اعترف بالمسؤولية ولكن 4 ضباط بعثيين هم الذين قاموا بتذويب الحلو بمادة الأسيد.

وتأتي تصريحات المعارض السوري بمناسبة بمرور عام على إعلان "انتحار" غازي كنعان في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2005 ، وهو الذي شغل منصب رئاسة جهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان (المخابرات العسكرية)؛ قبل أن يعود إلى سوريا ويقود رئاسة شعبة الأمن السياسي ثم يصبح وزيرا للداخلية . وقد عثر عليه في مكتبه منتحراً بطلقة من مسدسه، وتشكك أوساط المعارضة السورية في الرواية الرسمية حول "انتحار" كنعان.



وكان أحمد أبو صالح رئيساً للاتحاد القومي في حلب إبان فترة الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 ، ثم أحد الأعضاء الستة الذين كانوا يحكمون سوريا أثناء الوحدة من خلال اللجنة التنفيذية للاتحاد القومي التي كان يرأسها عبد الحميد السرَّاج. وبقي في منصبه حتى أقاله جمال عبد الناصر. وبعد ذلك تم اعتقاله إثر الانفصال ثم أفرج عنه وأصبح عضواً في مجلس قيادة الثورة بعد انقلاب 8 مارس/ آذار عام 1963. ويعيش خارج سوريا منذ أكثر 35 سنة.

اتصالات كنعان مع معارضين بالداخل

بدأ أبو صالح بإطلاق هذه التصريحات عبر "المرصد السوري لحقوق الإنسان". وفي حديثه لـ"العربية.نت" ، يقول أبو صالح : كانت اتصالات غازي كنعان مع شخصيات سياسية سورية معارضة في الداخل مستمرة حتى موته، و كان الحديث يدور معهم حول كل الأمور، وعلى رأسهم منصور الأطرش الذي كان عضوا في القيادة القومية والقيادة القطرية في حزب البعث وكان وزيرا سابقا وعضوا مجلس قيادة ثورة آذار 1963 وهو ابن سلطان باشا الأطرش.

وطلب كنعان من منصور (درزي) الاتصال بوليد جنيلاط، الزعيم الدرزي اللبناني، بعد خلافه مع سوريا، ولكنه لم يتجاوب مع طلبه. وفهمت أن كنعان كان يريد من وليد جنبلاط أن يخفف من حملته على النظام ، ولكن مع مرور الزمن ربما كان يهدف لعقد تحالف معه.

اتصالات كنعان- أبو صالح

ويتابع أبو صالح : أما بالنسبة للاتصالات التي أجراها مع الخارج، لست على بينة من كل الاتصالات، ولكن على الأقل اتصل بي وبآخرين ، واتصالنا كان عن طريق شخص حمل رسالة شفهية من غازي وأخبرني أيضا أنه كلف الاتصال بآخرين وأعطاني اسمين فقط ، وآخر اتصال بيننا كان قبل موته بشهرين أو ثلاثة.

وقال أبو صالح إن "غازي كنعان طلب إلى أستاذ جامعي من درعا أن يكون رسوله إليّ فجاءني وطلب مني باسم غازي كنعان أن أقبل ضيافته في سوريا لنتباحث بشؤون البلد، وإذا قررت العودة إلى براغ فلا مشكلة أبدا ،ولكن أنا فضلت اللقاء في براغ وقلت له يشرفني أن تكون ضيفا علي هنا وهذا ما أرسلته له أيضا عبر الفاكس إلى سوريا، علما أن الاتصالات بيني وبينه بدأت قبل اغتيال رفيق الحريري بأشهر معدودة ".

ورجّح أحمد أبو صالح أن أن تكون اتصالات غازي كنعان مع معارضين سوريين "بمبادرة شخصية منه لافتا إلى أنه عندما حمّل الأستاذ الجامعي رسالة شفهية حصل ذلك أمام سوريين كانوا في مكتبه بعضهم بلباس مدني وبعضهم بلباس عكسري".

ويفسّر المعارض أبو صالح اتصالات غازي كنعان به أنها في إطار البحث عن وجه سني كواجهة لتغيير يخطط له كما حاول اللواء محمد عمران في الستينات أن يجعل من البيطار و أبو صالح واجهة سياسية له.

ويضيف " وصلتني وفود سورية مرتبطة بالحكومة الأمريكية باحثة عن وجوه سنية تكون مؤهلة ومقبولة للرئاسة ولكني رددتهم واعتبرتهم عملاء".

ويتابع: " لذلك غازي من حقه أن يكون طموحا وهذا تحليلي للأمر ولكنه غير مؤكد. وغازي لم يعرض علي منصبا أو مركزا وإنما امتدحني واعتبرني شيخ المناضلين، وقال إنهم ليس غاضب مني لأني انتقدت الطائفة العلوية ولكن لأني مددت يدي للإخوان المسلمين".

كنعان ..رفعت وأبو صالح

ثم يشير ابو صالح إلى اتصالات بينه وبين رفعت الأسد منذ سنتين ونصف ، وقال لي: أستاذ أنت خير من يصلح أن يكون رئيسا لسوريا ونحن كلنا تحت أمرك وأنا سأبقى بعيدا وأهداني أشرطة قرآن كريم.

وعن اتصالات غازي كنعان ، يقول : أخبرت رفعت الأسد عن اتصالات غازي كنعان معي وأني رفضت الذهاب إلى سوريا رفعت فأوحى لي أنه على اتصال به أيضا ، فإذا كان كلام رفعت صحيحا فضلا عن اتصالات كنعان بي وبغيري وبشخصيات سورية في الداخل وما تردد على لقاءاته المحقق الدولي في جريمة اغتيال الحريري وأنا شعرت من خلال جمعي للمعلومات أنه تعرض للاغتيال، كل هذا يشير إلى أنه كان يريد أن يفطر بهم قبل أن يتعشوا به ، كما فهمت من رفعت أنهم كانوا يفكرون التغيير السلمي. ويتساءل أبو صالح "ما هو مبرر شخص قرر أن يفارق الحياة لاستخدام مسدس مزود بكاتم صوت إذ ذكر مراسلون في يوم اغتياله أنه استخدم مسدسا مزودا بكاتم صوت ".


وبصرف النظر عن مدى دقة تصريحات المعارض السوري أحمد أبو صالح وتوقيتها الآن، تجدر الاشارة إلى منظمات حقوق الإنسان انتقدت سجل اللواء كنعان في هذا المجال كما أشارت إلى أن ملاحقته للمحامي أنور البني ورفضه اطلاق المعارضين مأمون الحمصي ورياض سيف قبل انتهاء مدة الحكم عليهما ينفي وجود رغبة لديه بالتغيير.

قصة فرج الله الحلو

وفي موضوع آخر، نفى أبو صالح بشدة ما تناقلته بعض المواقع الإخبارية عن لسانه قوله : إن "عبد الحميد السراج الحاكم الفعلي لسوريا أيام الوحدة مع مصر عام 1958 قد اتفق مع مراقب جماعة الإخوان المسلمين السورية على أن يحصل هذا الأخير على كل المعلومات الممكنة من نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام، وأن السراج كان من بين 11 شخصية سياسية سورية عقدت العزم على مناقشة ودراسة ما يحصل عليه مراقب جماعة الإخوان المسلمين في سوريا من معلومات خلال لقاءاته مع خدام ، إلا أن البيانوني تحالف مع خدام دون العودة لهم".

وعن موضوع تذويب الصحفي الشيوعي فرج الله الحلو بالأسيد عام 1958 ، يقول أبو صالح : عندما اجتمعنا في بغداد منذ سنوات أيام تحالف بعض أطياف المعارضة السورية هناك سمعنا من عبد الحميد السراج قوله " أتحمل مسؤولية ما جرى للحلو ولكن لست أنا من نفذ وقام بتذويبه بالأسيد ورفاقكم البعثيون هم الذين قاموا بذلك ".

يضيف أبو صالح إن 4 ضباطا بعثيين من حلب ودمشق وحماة وريف حماة أخرجوا جثة فرج الله الحلو الذي توفي تحت التعذيب وقاموا بتذويبه بالأسيد.

إلا أن السياسي البعثي السوري الراحل أكرم الحوراني يقول في مذكراته " إن السراج وبأمر من عبد الناصر لم يكتف بسجن الشيوعيين بل استعمل وسائل التعذيب ضدهم والتي أدت إلى موت فرج الله الحلو رئيس الحزب الشيوعي اللبناني وتذويبه بالأحماض "( ص 2737 الجزء الرابع من مذكرات الحوراني).

كما يذكر الحوراني أنه "فاتح جمال عبد الناصر بموضوع مقتل فرج الله الحلو وحملات التعذيب الواسعة ومقتل صحافي يساري من حلب وهو أرمني اسمه بيير شدرفيان أيضا تحت التعذيب بعد أن قضى حرقا بالسجائر ، وأجاب عبد الناصر أنه لم يكن يعلم بموت فرج الله الحلو وأظهر عدم اطلاعه على هذه الأمور علما أن الحملة على الشيوعيين ملأت أخبارها سوريا والعالم بواسطة أجهزة الاعلام السوفيتية" ( ص 2738 الجزء الرابع من مذكرات الحوراني).

التعليقات