عاجل

  • الأمين العام لحزب الله اللبناني: لن نكون جزءا من شرعنة الاحتلال في لبنان والمنطقة ولن نقبل بالتطبيع

ريما مكتبي: صوت طفل في الرابعة يتألم لبكاء امه ما زال يرافقني

ريما مكتبي: صوت طفل في الرابعة يتألم لبكاء امه ما زال يرافقني
غزة-دنيا الوطن

عندما كانت ريما مكتبي تقدم برامج المنوعات والترفيه علي قناة المستقبل لم يخطر في بال المشاهدين أنها ستكون يوماً مراسلة في وسط حرب ضروس. لكن الأمر حصل وكانت ريما في إنتقالها إلي قناة العربية تخوض تجربة المراسلة في لبنان. وعندما وقع عدوان 12 تموز (يوليو) كانت ريما علي جبهتي الضاحية الجنوبية أولاً ومن ثم في جبهة صور الحامية لأكثر من أسبوعين متواصلين.

مع ريما مكتبي كان هذا الحوار حول تجربتها:

غطيت العدوان علي لبنان كمراسلة لتلفزيون العربية من أين إستمديت الشجاعة؟

طبعاً من الإيمان بمهنتي التي إخترتها عن قناعة، ومن حبي لملاحقة الخبر، ومن خلال فضولي المهني ورغبتي بأن أكون مراسلة محترفة. وإستمديت شجاعتي من الإيمان بالله أولاً وأخيراً.

مشاركتك في تغطية حرب تموز من صور بعد بيروت هل كان قراراً ذاتياً أم إدارياً؟

كان الوقوف علي مشارف الضاحية جزءاً من الحرب بالنسبة لي، والجزء الأكبر كان في الجنوب وكان من الضروري أن أكون هناك. ترددت لبعض الوقت قبل حسم قراري الذاتي بالإنتقال إلي صور وأستغرق هذا التردد فترة قبل الظهر. حسمت أمري وإتصلت هاتفياً بوالدتي لأبلغها الأمر فلم تكن ممنونة لكن الخيار النهائي هو لي.

لماذا هذا الإصرار علي التواجد في مكان الخطر؟

كنت بحاجة لهذه التجربة الشخصية أنا التي عشت الحرب اللبنانية بمختلف فصولها وشهدت في طفولتي وقبل أن أبلغ عمر الثلاث سنوات إستشهاد والدي داخل المنزل إغتيالاً وأمام أعيننا. جزء يسير من رمييّ لنفسي في الخطر كان بهدف شخصي وكي أفهم ما حصل معي. في الجنوب إكتشفت معني الموت. أما علي الصعيد المهني فكنت أشعر بأن تجربتي ستبقي مجتزأة إن لم أكن في الجنوب، فذهبت.

ما الفرق بين التواجد علي مشارف الضاحية وبين صور وبالتالي كل الجنوب؟

علي الصعيد الجغرافي الضاحية مدينة محدودة المسافة وما حصل فيها بات بعد أيام مشهدا مكررا، في حين أن صور تعني كل الجنوب حيث كانت الجبهة الأساسية.

هل إنعكست الأوضاع الإنسانية المؤلمة في الجنوب علي نفسيتك وبالتالي علي تغطيتك للخبر؟

بالتأكيد وخاصة في العشرة أيام الأخيرة حيث كنا في مدينة صور كما معظم المواطنين مقطوعين من المواد الأساسية وصار الخبز قليلاً وتحول طعامنا إلي المعلبات، وصرنا نخشي الإنقطاع من البنزين. تأثرنا نفسياً لأن الوضع الإنساني للمواطنين الذين بقوا صامدين في المنطقة تدهور أكثر وهذا بالطبع إنعكس علي أخبارنا وتغطيتنا للحدث.

هل كانت لك معرفة جغرافية بمنطقة صور قبل أن تقصديها؟

المعرفة الجغرافية بالمكان تسهل العمل أكثر. لم تكن مهمتي الأولي في المنطقة سبق وقصدتها في مهمات أخري قبل الحرب، لكن زملائي في فريق الجزيرة كانوا علي معرفة واسعة بمناطق الجنوب فسهلوا عملي كما هو مطلوب.

هل كانت ثمة خصوصية للخبر الآتي من صور ومناطقها؟

بالتأكيد. الخبر من تلك المنطقة سيطرت عليه صور النازحين والطرقات المقطعة أوصالها. كذلك الجرحي والمستشفيات التي تملك إمكانات محدودة وفي المقابل تتلقي حالات وعددا كبيرا من الجرحي. إضافة إلي أخبار المواجهات العسكرية والإحتلال والحصار.

في الأيام الأخيرة من العدوان منعكم العدو من التجول بالسيارات جنوبي الليطاني هل نفذت القرار أم تحايلت عليه؟

تحايلنا علي القرار وغادرنا الإستراحة حيث المقر الإعلامي ومعنا فريق إعلامي أجنبي في جولة علي أحياء صور سيراً علي الأقدام وأعطينا تقريراً عن مشاهداتنا.

هل من مشهد في هذه الحرب آلمك جداً ولا يزال منغرساً في ذاكرتك؟

كل هذه الحرب مؤلمة للغاية. في أحد أيام منع التجول بالسيارات قصدنا معروب برفقة الصليب الأحمر حيث كان القصف ينهمر قريباُ منا حتي أن الصليب الأحمر طلب من الإعلاميين الإبتعاد عنه مسافة كيلو متر ليحمي نفسه. وصلنا إلي أرزون حيث وجدنا رجلاً عجوزاً من دون طعام منذ ثلاثة أيام، والهلع أصاب العائلات وكانت أم تحمل طفلها وتبكي وهو يقول لها حرقتيلي قلبي يا أمي وهو لا يتعدي عمر الأربع سنوات. صوته لا زال يرافقني.

هل بكيت في تلك اللحظات؟

أكيد بكيت، إنها مشاهد إنسانية مؤلمة للغاية.

هل تتأثر موضوعية المراسل عندما يكون الحدث علي علاقة وثيقة بناسه وأرضه؟

وجدت نفسي في حال من التحدي بضرورة الحفاظ علي الموضوعية، ومن جهة أخري بضرورة أن أوظف عاطفتي بالطريقة الصحيحة.

ربما كنت الوحيدة كفتاة مراسلة في صور فهل كان الزملاء علي تعاون معك؟

في العشرة أيام الأخيرة كنت والزميلة مني فرح من القبس الكويتية لأن كافة وسائل الإعلام تقريباً سحبت مراسلاتها. كنا مع الزملاء كما الإخوة تماماً.

وجود المراسلات كان لافتاً في هذه المعركة فهل أثبتن حضورهن برأيك؟

بقوة كبيرة من أول يوم وحتي إلي ما بعد وقف إطلاق النار.

هل تهتم المرأة بخصوصيتها وهي علي الجبهة من ماكياج وما شابه؟

في الأساس لست هاوية ماكياج أوافق علي القليل منه عندما أكون في الإستديو. المرأة المراسلة علي الجبهة تشبه زميلها الرجل.

ألم يكن المظهر يعني لك شيئاً؟

في ظروف كالتي عشناها في استراحة صور وفي تحركاتنا في المنطقة يصبح المظهر في خبر كان. لم يخطر ببالي التفكير بملابسي أو بشكلي. العمل هو الذي يحركنا ولا شيء سواه، وهذا العمل كان يمتد علي مدار الساعة تقريباً. ركزنا علي المضمون وليس علي الشكل رغم أن هذا الشكل أخاف البعض لشدة ما لحقه من نسيان وإهمال.

هل مديت يد العون للمواطنين في مهماتك الإعلامية؟

كثيراً ما تقاسمنا الخبز والجبن الذي كنا نحمله في العادة مع الناس المحاصرين الذين كنا نلقاهم يحتاجون لمساعدة.

وهل شعرت بقرب الخطر وأنت في الجنوب؟

أكثر من مرة. شعــــرنا بالخطر والخوف خــــلال الإنزال الإسرائيلي في منطقة صور. وشعرنا بالخطر عندما صعدنا إلي بلدة معروب حيث كان الدفاع المدني يحاول رفع الأنقاض عن رجل وعائلته بعد إصابة منزلهم بالقصف. لقد عشنا أوقاتاً لا يمكن نسيانها.

بشكل دائم تقريباً كنا نشاهدك ترتدين الدرع والواقي فهل كان يشعرك بالحماية؟

في مثل هذه الحرب لاشيء يحمي غير رب العالمين. صواريخ الطائرات كانت في كل مكان فماذا سيفعل الدرع الواقي. في الحقيقة في أغلب الأحيان كنت أرتديه كي تطمئن والدتي فقط فأنا علي يقين أن ساعة موتنا عندما تحل فلن يردعها الدرع الواقي.

ما هي الخبرة التي جنيتها من هذه التجربة؟

إنها خبرة متنوعة شخصية وإنسانية ومهنية ولا يمكن إختصارها بكلمات.

هل لديك رد علي مراسل الدايلي تلغراف الذي قال في أحد تقاريره بأن الأقنية العربية إستعانت بالنساء كمراسلات لجذب المشاهدين؟

كنت أتوقع منه كرجل غربي أن يكون لديه إحساس لبيرالي نحو المرأة. لكني أسأله رأيه بالمراسلات الأجنبيات اللواتي كنّ كثيرات في لبنان وعلي الجبهات؟ لهذا المراسل أقول بأن المصداقية هي في الخبر وليس في جنس من يقدمه .

ماذا ستحملين من ذكريات عن هذه الحرب وهل لك موقف منها كلبنانية؟

الذكريات كثيرة منها المؤلم ومنها الجميل كمثل مساهمتنا كفريق عمل في قناة العربية في جمع شمل طفلة بذويها. موقفي من هذه الحرب هو رفضها لأنها أعادتنا عشرين سنة إلي الوراء.

التعليقات