كتاب إسرائيلي جديد :شمير أمر شخصياً باغتيال عاطـف بسيسو في باريـــــــس

كتاب إسرائيلي جديد :شمير أمر شخصياً باغتيال عاطـف بسيسو في باريـــــــس
غزة-دنيا الوطن

كشف كتاب إسرائيلي تحت عنوان (حساب مفتوح- سياسة الاغتيالات الإسرائيلية) صدر مؤخراً لأول مرة عن أن الموساد الإسرائيلي اعد خطة كاملة لاغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في العاصمة السورية دمشق في العام 1968.

وقال مؤلف الكتاب اهارون كلاين، وهو ضابط مخابرات سابق ومحاضر في الجامعة العبرية إن رئيس الموساد في ذلك الحين مئير عميت، أمر وحدة التصفيات في الموساد والتي تدعى كيساريا، بإعداد الخطة لعرضها على رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ليفي اشكول والحصول على مصادقته. وفعلا قامت الوحدة حسب الكتاب بتجنيد عملاء عرب وغربيين، وتمكنت من إدخال سيارة مفخخة الى دمشق حيث أوقفت بالقرب من مقر الرئيس عرفات، وكانت حاضرة لتشغيلها واغتيال عرفات. وأشار مؤلف الكتاب أن قائد وحدة كيساريا يوسي يريف، عمل مع عدد من الأشخاص على تحضير خطة اغتيال عرفات مدة ستة أشهر، مؤكداً أن عدداً قليلاً جداً من رؤساء الأقسام في الموساد كانوا على علم بها، خصوصاً وأنها كانت سرية للغاية.

وأضاف الكاتب أن رئيس الموساد اجتمع الى رئيس الوزراء وشرح له عن العملية، لافتا الى أن عرفات هو من أكثر الشخصيات الفلسطينية تزمتاً، وانه إذا بقي على قيد الحياة فانه سيجلب المشاكل لإسرائيل، وبالتالي فان اغتياله سيخلص الدولة العبرية من ألد أعدائها، وخلال الاجتماع الذي عقد بين اشكول وعميت رفض الأول المصادقة على العملية، لافتا الى أن اغتيال عرفات سيؤدي الى سلسلة من الاغتيالات تنفذها التنظيمات الفلسطينية ضد مسئولين إسرائيليين ويهود في جميع أصقاع العالم. ونقل الكاتب عن رئيس الموساد قوله إن عدم المصادقة على الخطة سبب الإحباط له وللعاملين في الموساد، خصوصا وأنهم كانوا متأكدين من أن اشكول سيصادق على تنفيذ العملية حيث قال عميت أن موت عرفات كان قاب قوسين او أدنى من ذلك.

يشار الى أن الكتاب الذي نشر بصورة متزامنة بالانكليزية في أمريكا وبالعبرية في إسرائيل ويقع في 223 صفحة من الحجم الكبير، هو أول كتاب يعنى بشؤون الموساد، والذي اعتمد فيه الكاتب على أرشيف الموساد وعلى مقابلات شخصية مع كبار رجال الموساد، الأمر الذي يمنحه مصداقية كبيرة.

كما يكشف المؤلف أن الشهيد عاطف بسيسو، الذي كان مسئولاً من قبل منظمة التحرير الفلسطينية عن العلاقات بين مخابرات المنظمة وبين المخابرات الغربية، تم اغتياله في الثامن من شهر حزيران (يونيو) من العام 1992، في العاصمة الفرنسية باريس. وأوضح الكاتب أن بسيسو كان قد اخرج من قائمة الشخصيات الفلسطينية التي قررت الحكومة الإسرائيلية اغتيالها بعد مقتل الرياضيين الإسرائيليين في اولمبيادة مينخن، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق شمير، اصدر أوامره لرئيس الموساد شبتاي شفيط بتصفيته. وفعلا قامت وحدة التصفيات كيساريا بتعقبه عند وصوله الى باريس، حيث قاد العملية شبيط نفسه، ولدى نزول الشهيد بسيسو من السيارة على مدخل فندق ميريديان مونفورت، اقترب منه احد عملاء الموساد وقام بإطلاق النار عليه من قرب بواسطة مسدس به كاتم صوت فتوفي على الفور، وبعدها لاذ العميل وصديقه بالهرب من المكان، حيث وصلا الى بيت استأجره الموساد في باريس. ومن هناك قام شبيط بالاتصال برئيس الوزراء شمير وابلغه أن العملية نجحت، فشكره شمير وأغلق الهاتف.

وأكد مؤلف الكتاب انه بعد وقوع العملية اتهم الرئيس عرفات الموساد باغتيال الشهيد بسيسو، ولكن اسرائيل نفت ذلك جملة وتفصيلا. وبعد وقوع عملية الاغتيال بعدة أسابيع، أكد الكاتب، قام رئيس المخابرات الفرنسية باستدعاء رئيس الموساد الى باريس للاجتماع به. وأكد أن الاجتماع كان حامي الوطيس، حيث قال رئيس المخابرات الفرنسية لنظيره الإسرائيلي بان السلطات الفرنسية متأكدة من أن الموساد نفذ عملية الاغتيال، وعندما حاول شفيط إنكار ذلك، قاطعه الفرنسي وقال له بلهجة حاسمة إننا متأكدون من ذلك، وقال له أيضا أن المستويين السياسي والأمني في فرنسا لن يسمحا للموساد الإسرائيلي بتحويل باريس الى عاصمة الاغتيالات، وهدده بأنه في حالة قيام الموساد بعملية اخرى فان فرنسا ستقطع علاقاتها مع الدولة العبرية. وتابع الكاتب قائلا إن رئيس الموساد الإسرائيلي خرج من الجلسة الصعبة وهو مطأطئ الرأس، وابلغ رئيس حكومته بالموقف الفرنسي الصارم والحازم، الأمر الذي دفع الحكومة الإسرائيلية الى التوقف عن اغتيالات الشخصيات الفلسطينية على الأراضي الفرنسية.

جدير بالذكر أن المؤلف يستعرض في الكتاب عمليات الاغتيال التي نفذها الموساد الإسرائيلي ضد كبار مسئولي منظمة سبتمبر الأسود، التي تزعم إسرائيل بأنها كانت المنظمة التي نفذت اغتيال الرياضيين الإسرائيليين في اولمبيادة مينخن، وبطبيعة الحال لا يخفي المؤلف الذي يدعي الموضوعية انحيازه التام الى الرواية الإسرائيلية الرسمية، على الرغم من انه يلمح في عدد من فصول الكتاب الى ان دافع الانتقام هو الذي حفز إسرائيل، الدولة ذات السيادة، بقيادة رئيسة الوزراء الإسرائيلية سابقا غولدا مئير، الى اتخاذ قرار يتبنى سياسة العين بالعين والسن بالسن، أي بمعنى آخر، ان عمليات الاغتيال التي نفذت في أماكن عديدة من العالم، كانت بأسلوب المافيا، او الإرهاب، الذي طالما زعمت إسرائيل أنها ضحيته.

التعليقات