عباس يسعي لرئاسة الدولة والقدومي يشترط تنازله عن التنفيذية

عباس يسعي لرئاسة الدولة والقدومي يشترط تنازله عن التنفيذية
غزة-دنيا الوطن

يلعب الرئيس الفلسطيني محمود عباس حاليا في مساحة خيارات ضيقة للغاية، ولم تتسع هذه الخيارات حتي بعد الاجتماع الاخير لمركزية حركة فتح في العاصمة الاردنية عمان فرؤوس حلفاء مشروع عباس السياسي المرحلي من تيار فتح الجديدة الذين تهاجمهم بيانات كوادر عمان وتونس.. هذه الرؤوس مطلوبة داخل المركزية لتمرير مسائل حيوية جدا يطلبها الرئيس.

وفي نقطة المفارقة هذه يلعب الرجل الثاني في حركة فتح فاروق القدومي فيضغط بشدة وعبر مناورات لها دائما علاقة باللوائح علي عباس وحصريا علي حلفاء مشروعه السياسي من قادة الجيل الثاني وتحديدا اولئك الراغبين في الانضمام لحلقة المركزية.

وفي اطار هذه التكتيكات يجد القدومي دوما من يصطف عن بعد الي جانبه من اقوياء حرس فتح القديم ولاسباب مختلفة مثل عباس زكي احد ابرز ضحايا تيار التجديد الذي خف تأثيره وحضوره تماما بعد فوز حركة حماس وبعد تغييب الاضواء قصدا عن المناضل الاسير مروان البرغوثي.

وهذه اللعبة بهذه التقاطعات كانت حاضرة بقوة علي هامش وقبل اجتماع عمان الاخير خصوصا بعدما بدد القدومي المخضرم احلام عباس مستندا الي اللوائح عندما كان الثاني يسعي لان يتحول لرئيس دولة فلسطين بقرار من المجلس المركزي بدلا من البقاء بصيغة رئيس السلطة الحالية.

القدومي استعان باللوائح واسس موقفا يقوم علي عدم وجود ما يمنع تسمية عباس رئيسا لدولة فلسطين المفترضة عمليا لكن مقابل ذلك علي عباس ان يتنازل عن منصبه كرئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

والقدومي يعطي الرئاسة لعباس من جهة ويعزله عن سياق المنظمة من جهة اخري، وعباس كان متيقظا للمطب ورغم حماسه الشخصي للفكرة امتنع عن طرحها في اللحظات الاخيرة علي اجتماع عمان تجنبا للاشكالات وحتي ينجح بتمرير مشروع سياسي جديد مطور يستنسخ التجربة اللبنانية الاخيرة مع مجلس الامن.

وعليه دار في صف النخبة الفتحاوية سؤال حائر حول اسرار اهتمام ابو مازن بالتحول لا لرئيس دولة فلسطين وليس لرئيس سلطة الدولة التي لم توجد بعد.. وكان الجواب مباشرا ايضا من مصدر اردني متخصص بالملف الفلسطيني تحدث لـ القدس العربي وعلي الشكل التالي: الخلفية لدي ابو مازن تعرف تمام المعرفة بأن سقف اي مشروع سياسي هو اتحاد كونفدرالي مع الاردن في الضفة الغربية، وعباس يخطط لان يكون جاهزا للحظة من هذا النوع اذا طلبها العالم منه، لكن المشكلة تكمن في ان قرارات المركزي تنص علي ان الاتحاد الكونفدرالي يتم بين دولتين وبالتالي فعباس لا يستطيع توقيع اي اتفاق سياسي الا بصفته رئيسا لدولة فلسطين وليس لسلطتها.

وعلي الهامش كانت تدور معركة من طراز اخر، فتمترس القدومي وعباس زكي كحلفاء تكتيكيين في اجتماع عمان نتج عنه توصية وليس قرارا بتجميد نفوذ ودور بعض رموز تيار التجديد في مستويات الحركة الامنية لصالح تصعيد دور عباس زكي نفسه وهذه التوصية هي التي تفسر هجوم بعض هؤلاء التجديديين علي المركزية واجتماع عمان، بعد فشلهم بفرض خريطة جديدة علي تركيبة اسماء اللجنة المركزية التي بقيت مغلقة علي التجديديين بالرغم من ضعفها واتهامها من كل الاطراف وسبب ذلك الحصري هو التحالفات التي يضطر الرئيس عباس لبنائها لكي يتجنب مصادمة اخري مع القدومي ولكي يعزز موقفه في مواجهة حركة حماس.

وكان عباس قد حقق عودة نسبية لاطار منظمة التحرير بعد تشكيل حكومة حماس وفي اطار مناكفة الحضور الحماسي مما نتج عنه المصالحة الشهيرة بينه وبين القدومي وقراره بتكليف الاخير والدائرة السياسية في تونس بأعمال وزارة الخارجية.

وهنا يلاحظ فتحاوي عريق بأن عباس ارسل تكليفا للقدومي بادارة الخارجية نكاية بمحمود الزهار وحماس، وهذا الامر انطوي علي استعراض قوة بالنسبة لانصار القدومي الذين يعرفون بأن عباس نفسه خطف الخارجية وصلاحياتها من دائرة تونس لصالح ناصر القدوة قبل نحو عام ونصف، بمعني ان تكليف القدومي مجددا بالخارجية ليس قرارا منسجما مع قناعات عباس بل توجها تكتيكيا ومرحليا، وهي مسألة يحسب لها القدومي الف حساب.

وكلاهما ـ اي عباس والقدومي ـ يعرف حسب مصدر اردني انه لولا فوز حماس لما حصلت المصالحة بينهما قبل اسابيع في تونس ولما اضطر الاول لاعادة بعض صلاحيات العمل الدبلوماسي للثاني الذي لا زال مع كوادر في الخارج يتصورون بأن عباس يمارس تكتيكا ماليا يستهدف تسريحا هادئا ومنظما لمن تبقي من كوادر مؤسسات منظمة التحرير بحيب لا تصلح المنظمة مستقبلا كورقة يمكن لمنافسي وخصوم عباس ابتزازه من خلالها.

وازاء وضع متشابك ومعقد من هذا النوع لا زالت الاوضاع الداخلية في حــــــركة فتح مربكة ومرتبكة خصوصا في ظل التصورات التي ترجح فشل تجربة حـــكومة الوحدة الوطنية وترجح ترتيــــــبات عباس كلاعب اقليمي مع اطراف اخري خارج فلسطين علي حساب المعادلة الداخلية، ومع ذلك لا امل يحدو ابناء الحركة المخلصين لعقد المؤتمر الحـــــركي العام في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، كما قدرت وقررت مركزية الحركة في اجتماعها الاخير بنسخته الاردنية خصوصا بعدما استعدت عمان لاحتضان انعقاد هذا المؤتمر الحركي بعدما قررت من جانبها ان الوصفة الافضل لمواجهة انعكاسات تقدم حماس علي الساحة الاردنية هي العودة لتعزيز حضور خصوم الماضي في حركة فتح واطرها.

*المصدر:القدس العربي

التعليقات