البنات ارخص من البنزين في لا يملّ

البنات ارخص من البنزين في لا يملّ
والبنات ارخص من البنزين في لا يملّ !



زهرة مرعي

من آثار العدوان الإسرائيلي علي لبنان أننا في بيروت نعيش تقنيناً في وصول التيار الكهربائي موزعاً بين الليل والنهار وفق برنامج منظم الأمر الذي يجعل كتابة هذا العمود محاطة بالشك في كثير من الأحيان كما حدث معي في هذا الأسبوع. وهذا التقنين الناتج عن إحتراق معمل الجية بفعل القصف الصهيوني يحرمني من مشاهدة العديد من البرامج التي من شأنها إغناء أفكاري بالمادة الإعلامية التي يمكن أن تنال رضا القاريء العزيز.

ولأن التيار الكهربائي لم يكن من نصيب حينا مساء السبت الماضي وكذلك بعد ظهر الأحد فقد فاتتني متابعة برنامج الزميل غسان بن جدو من الميدان في البث الأول وفي الإعادة، والذي سجل فيه سبقاً جديداً بالدخول إلي أنفاق بلدة عيتا الشعب الأبية والحوار مع المقاومين الذين صدوا العدو علي تخومها علي مدي أكثر من ثلاثة أسابيع. لكن وصلتني ردات فعل من بعض المشاهدين الذين عبروا عن عدم رضاهم عن كشف ما يعتبرونه أسراراً ساهمت في نجاح المقاومة وأشاعت حولها نوعاً من الإبهام. هؤلاء المواطنون من مؤيدي المقاومة تساءلوا أيضاً لماذا سمح حزب الله بذلك؟ ولماذا كشف نفسه والعدو لا يزال بالقرب منه وفي أرضه؟

قبل كتابة هذه الكلمات جمعتني الصدفة بالزميل المقدام غسان بن جدو ونقلت إليه ما سمعته ورغبت بسماع رأيه. فكان رده بأن ما تم كشفه من خلال الكاميرا معروف من قبل الإسرائيليين ولم يعد سراً، وأن المعنيين في المقاومة عبروا عن سرورهم بعد بث الحلقة. كما أنه سمع تعليقات إيجابية من قبل العديد من المشاهدين.

وإذا كان الزميل غسان بن جدو يسعي علي الدوام إلي السبق الصحافي ويحققه، فإن تلفزيون المنار في لحظات كتابتي لهذه الكلمات كان في بث مباشر من عيتا الشعب إحتفاءً بالشهداء وذويهم الذين رووا العديد من مآثرهم ومنها إصرارهم علي المشاركة في صد العدوان والدفاع عن قريتهم.

وسط دمار عيتا الشعب الكلي تم تركيز البث المباشر ومن هناك من أسطورة عيتا الشعب، ومن المواطنين الصامدين الصابرين نستمد القوة ونتأكد بأن هذا الوطن سيبقي منتصراً.

يذكر ولا يعاد

بعد وقف إطلاق النار بدّل تلفزيون المستقبل شعاره بحيث أصبح كلما دمروه عمرناه . صحيح أننا شعب مقدام في إعادة الإعمار وهذا ما يشهد به تاريخنا، لكننا نتمني ونأمل أن يذكر هذا الدمار الكبير ولا يعاد . برامج تلفزيون المستقبل عادت إلي سابق عهدها تقريباً لكن بعضها لا يزال ينهل من الواقع الذي لازمنا لأكثر من شهر. ومن الدلائل التي تشير إلي أننا لا نزال في طور النقاهة السياسية والأمنية إستمرار شريط الأحداث في أسفل شاشة المستقبل.

لا يمل من البرامج التي عادت لأول مرة بعد العدوان فكانت سورية الضيف الحاضر في هذه الحلقة عبر أكثر من إسكتش لم يكن أكثرها موفقاً أو مثيراً علي صعيد الموقف الكوميدي، وربما كان مثيراً علي صعيد الموقف السياسي. وفي جانب آخر عرج لا يمل علي أزماتنا المعيشية وحياتنا اليومية، فإذا بالشاب الجغل يعجز عن شد الصبية رغم إغرائها بالمال والسيارات والعمارات. لكن صفيحتي بنزين جعلتاها تلين وتوافق علي الذهاب معه أينما يريد. صحيح ما أرخص البنات وما أغلي البنزين في برنامج لا يمل طبعاً .

وعندما أطل لا يمل علي التوك شو العسكري والإستراتيجي الذي حفلت به الشاشات اللبنانية والعربية خلال العدوان فإذا به يهشم كل من حمل لقب محلل عسكري شر تهشيم ، خاصة عندما عنون الفقرة بـ ما حدا فهمان شي من شي وعندما حول مدير المسرح إلي محلل بعد أن اعتذر المحلل الأصلي.

كان من المفيد أن يطل هذا البرنامج علي الصمود الذي عاشته المقاومة وعاشته معها قلة من أهل الجنوب من خلال إسكتش يعطي لصاحب كل حق حقه، بدل الإسراف في التهكم علي هذا وذاك وذرف الدموع في وداع السياح الذين أقصاهم العدوان عن بلادنا.

نواح وندب

برنامج خليك بالبيت واكب العدوان في موعده المقرر مساء كل ثلاثاء وفي إطلالة إضافية، إذ يستحيل علي الزميل زاهي وهبي إلا وأن يكون في صلب الحدث الوطني ليستخرج منه الأفكار، ولهذا كانت إستضافته المزدوجة للمطربتين الجادتين سمية بعلبكي وجاهدة وهبي حيث لهما صلة وثيقة بالجنوب وأرضه. من الأغنيات التي تم عرضها خلال البرنامج نجمة صور من كلمات وألحان الفنان إيلي شويري وأداء سمية بعلبكي والتي أتت شبيهة بالنواح والندب. كما أنها ترافقت مع مشاهد بكي فيها الأطفال والنساء والرجال. صحيح أن الأوضاع المأساوية لفت الوطن من أقصاه إلي أقصاه ومن الصعب أن نتخطاها بسهولة، إنما يبقي للأغنية دورها الأول المتمثل في إستنهاض الهمم، وفي شد العزيمة، وليس العكس كما وصلنا من كلمات هذه الأغنية ومن الصور التي تم تنسيقها لها. في حين كانت الأغنية الثانية التي سمعناها من سمية بعلبكي تصب في الهدف الذي تحدثنا عنه سواء لجهة اللحن أو لجهة الكلمات ـ مع الإشارة بأن اللحن هو لسمية بعلبكي ـ حيث تقول: إذا قلنا هون الحرية يا جنوبي بيلبقلك يا شمس الكون المضوية والمجد بشهدلك.

بدورها قدمت جاهدة وهبي أغنيات من وحي الواقع لكن الإنقطاع المتكرر للكهرباء حال دون متابعتنا لها. لكننا نجزم بأن إختياراتها الفنية كانت بحسب موقفها الذي حدد مهمة العمل الإبداعي في ظروف الحرب أن يرتقي لمستوي صمود الناس . وهذا ما نوافقها عليه تماماً.

غياب المراسلات

. لم تبق وسيلة إعلامية بمنأي عن الإحتفال بالزملاء الإعلاميين الذين شاركوا في نقل تطورات العدوان علي لبنان إلي كافة أنحاء العالم وشكلوا ما يمكن تصنيفه الجبهة القريبة جداً من الجبهة العسكرية لنقل الوقائع. لقد تميز الزملاء جميعهم وكانوا بقدر المسؤولية الوطنية والإعلامية الملقاة علي عاتقهم، وهم يستحقون كل ثناء وتقدير، خاصة وأن شهادات قيلت في تفوقهم حتي علي وسائل الإعلام الغربية.

الزميلة رابعة الزيات إستقبلت في برنامج سجال من قناة أن بي أن أو ستي تي في كما أصبح الأسم الجديد للقناة، الزميلين سلطان سليمان من ال بي سي وعباس ناصر من الجزيرة وهما معاً كانا نموذج المراسل الناجح.

سليمان وناصر معاً لم يشمرا عن عضلاتهما الإعلامية بل بقيا محافظين علي تواضعهما وموضوعيتهما، لكن لفتني تشبيه سليمان لما أسماه التشابه في همجية الأمريكيين في العراق وهمجية الإسرائيليين في لبنان سواء مع الإعلاميين أو المدنيين. ولفتني أيَضاً غياب المراسلات وهن كن كثيرات علي الجبهات.

? صحافية من لبنان

[email protected]

*القدس العربي

التعليقات