خفايا صفقة تبادل الأسرى بين حماس واسرائيل : تسليم الأسير الإسرائيلي وديعة لدى المصريين و اطلاق الوزراء والنواب

دمشق ـ دنيا الوطن-شاكر الجوهري
هل يمكن أن يحصد محمود عباس نتائج أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شليط, بعد أن رفض وأدان هذه العملية..؟
مصادر وثيقة الإطلاع تؤكد أن هذا ما يجري العمل على تحقيقه, ليس فقط من قبل عباس, إنما كذلك من قبل الرئيس المصري وعدد من الأطراف الرسمية العربية الحليفة لأميركا, تريد كذلك فصل قضية شليط عن الأسيرين الإسرائيليين الآخرين لدى حزب الله في لبنان.. وللغرابة فإن قيادة "حماس" ترتئي ذلك هي الأخرى وإن لحسابات مختلفة..!
التفاصيل الكاملة الموجودة تؤكد أن الوساطة المصرية لإطلاق شليط بدأت منذ اليوم الأول لأسره, كاشفة عن تفاصيل وساطة تركية تمت بطلب من واشنطن في أحد مراحلها, ليعود الرئيس الأميركي جورج بوش ويطوي صفحة هذه الوساطة.
هنا التفاصيل كافة, وبدءا من اليوم الأول لأسر شليط, وفقا لأوثق المصادر.
العملية التي نفذها سبعة مقاتلين من ثلاثة فصائل فلسطينية (كتائب القسام, ألوية الناصر صلاح الدين وجيش الإسلام) كانت تهدف إلى أسر ثلاثة جنود اسرائيليين, وبالفعل, فقد حدث ذلك في البداية, لكن اسبابا ميدانية أدت إلى قتل اثنين, والإكتفاء بأسير واحد اقتاده خمسة من المقاتلين الفلسطينيين بعد أن استشهد الإثنان الآخران, وهو مصاب بإصابة بسيطة.
التحرك المصري لإطلاق الأسير الإسرائيلي بدأ منذ اليوم الأول.
المبادرة المصرية السريعة
فور وقوع الجندي الإسرائيلي في الأسر, اتصل الفريق أول محسن النعماني نائب مدير المخابرات العامة المصرية مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في دمشق, مطالبا اياه بضرورة العمل على اطلاق سراح شليط. فأجاب مشعل بأنه لا يمكن فعل ذلك دون مقابل.. وعلى الإسرائيليين أن يطلقوا سراح ألف من الأسرى الفلسطينيين.
بعد النعماني, اتصل الوزير عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية بمشعل, الذي كرر عليه ذات الموقف, مضيفا أنه أوصى "الإخوة في الداخل بالتفاهم مع المسؤولين المصريين في غزة, مشيرا إلى الوفد الأمني المصري المقيم هناك, والمشكل من اللواء رأفت شحاته, واللواء محمد ابراهيم, اضافة إلى المستشار أحمد عبد الخالق رئيس الممثلية المصرية في غزة.
وكان سليمان أوفد لوقت طويل في السابق نائبه اللواء مصطفى البحيري للإقامة في غزة.
تولى المفاوضات في البداية باسم "حماس" في الداخل الدكتور محمود الزهار, عضو القيادة السياسية للحركة, الذي أبلغ المسؤولين الأمنيين المصريين بعد عدة أيام اضطراره ـ نظرا لانشغالاته ـ إلى عدم مواصلة التفاوض, وأنه سيرسل لهم من يفاوضهم. وهكذا استؤنف التفاوض مع اشخاص يمثلون الجناح العسكري لحركة "حماس". وسرعان ما وصلت المفاوضات إلى نهاية طريق مسدود, فأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام طي ملف التفاوض حول شليط, مشترطة لإطلاقه, اطلاق اسرائيل لسراح جميع الأسرى الفلسطينيين من النساء والأطفال دون سن ثمانية عشر عاما, واطلاق سراح ألف أسير فلسطيني وعربي, في المقدمة منهم الأسرى الأردنيين, ووقف العدوان والحصار والمعاناة عن الشعب الفلسطيني.
بيان القسام أثار المسؤولين المصريين, وفقا للمصادر التي تضيف أن هؤلاء المسؤولين كانوا يريدون اطلاق شليط دون مقابل تقدمه اسرائيل للفلسطينيين.
زيارة سرية لدمشق
وقام الوزير سليمان بزيارة سرية خاطفة لدمشق استغرقت عدة ساعات, التقى خلالها الرئيس السوري بشار الأسد, حيث طلب منه بذل جهوده لدى مشعل لإطلاق شليط دون مقابل, دون أن يلتقي مشعل. وكان رد الرئيس السوري أن بلاده ليست على استعداد للتدخل لدى "حماس" قبل توقف العدوان الإسرائيلي الواسع على الشعب الفلسطيني, خاصة في قطاع غزة, والذي أعقب أسر شليط.
هنا كان مفاجئا دخول وساطة تركية على الخط.. إذ إتصل أحمد داود اوغلو مستشار رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي مع مشعل هاتفيا مبلغا اياه أن ليفني ليبي وزيرة خارجية اسرائيل طلبت الوساطة التركية بشأن شليط. ولم يكن لدى مشعل غير ذات الرد "جاهزون للتفاوض على قاعدة تبادل الأسرى". وبعد أيام عاود اوغلو الإتصال مع مشعل حيث أبلغه أن الإسرائيليين تراجعوا عن طلب الوساطة التركية دون ابداء الأسباب.
المصادر تعتقد أن خلافات داخلية اسرائيلية حول قاعدة التبادل هي التي قادت إلى هذه النتيجة, إذ أن رئاسة الأركان بقيادة الجنرال دان حلوتس, الذي كان يشغل قائد سلاح الطيران لدى اغتيال الشيخ صلاح شحادة, القائد العام السابق لكتائب القسام بواسطة قصف جوي للعمارة التي كان متواجدا في إحدى شققها, يرفض التفاوض مع "حماس".
تعيد المصادر إلى الأذهان أن حلوتس هذا حين سؤل عن شعوره لدى قصف وتدمير عمارة سكنية كاملة على رؤوس ساكنيها من أجل اغتيال شحادة, اجاب قائلا إنه شعر أن جناح الطائرة الذي تخلص من صواريخه بقذفها على الهدف قد اهتز.. مؤكدا أنه نام بعدها مطمئنا..!
الشاباك, وهو جهاز الأمن العام الداخلي في اسرائيل موقفه معتدل إزاء هذه المسألة, ويشير إلى ضرورة التعاطي مع هذا الأمر بإيجابية.
أما ايهود اولمرت رئيس الوزراء فهو يمثل خطا وسطا بين الموقفين السابقين, علما أنه وعامير بيرتس وزير الدفاع ليسا من المؤسسة العسكرية في اسرائيل.
حلوتس كان يراهن كما يبدو على امكانية عثور قواته على مكان احتجاز شليط, والقيام بفك أسره, ولو أدى الأمر إلى مقتله, كما حدث في حالتين سابقتين على الأقل هما حالة الجندي الإسرائيلي نسيم توليدانو الذي وقع في أسر مقاتلي "حماس" سنة 1992, والذي قتله آسروه حين هاجمتهم قوات اسرائيلية, والجندي نحشوم فاكسمان الذي وقع في أسر مقاتلي "حماس" سنة 1994 وقتله آسروه أيضا بعد مهاجمة قوات اسرائيلية لمكان احتجازه.
عودة الوساطة التركية
لكن يأس الإسرائيليين من امكانية الوصول إلى مكان احتجاز شليط أعاد الوساطة التركية من جديد, ليس بطلب من اسرائيل في هذه المرة, إنما بطلب من الرئيس الأميركي جورج بوش الذي اتصل هاتفيا مع اردوغان طالبا منه التحرك قائلا "أنت رئيس وزراء دولة اسلامية كبرى ونريد جهدك في هذا الموضوع".
اردوغان استجاب لطلب بوش مرسلا مستشاره اوغلو إلى دمشق, حيث قابل الرئيس بشار الأسد وخالد مشعل, لكن الأتراك نفوا أن يكون اوغلو التقى مشعل, تأسيا بسابقة رفض اردوغان لقاءه لدى زيارته لأنقرة بعد فوز "حماس" في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية, وهذا ما دفع مشعل لأن يعلن في مؤتمر صحفي أخير له أنه التقى اوغلو.
تضيف المصادر أنه بعد عودة اوغلو من دمشق, ذهب برفقة عبد الله غول وزير خارجية تركيا إلى واشنطن حاملين ما في جعبتهم من نتائج اللقاء مع مشعل, والذي لم يخرج عن نطاق الموقف السابق والمعروف: مفاوضات من أجل صفقة تبادل للأسرى.
بوش شكرهما, ووعدهما بدراسة الموضوع والرد عليهما, وهو ما لم يحدث حتى الآن, كما تؤكد المصادر.
تجدد الدور المصري
في الأثناء كان الدور المصري يتجه نحو التجدد, إذ في ضوء سوء الفهم الذي شاب موقف "حماس" من مصر, وما تردد عن تحفظها على دور مصري في قضية الأسير الإسرائيلي, فقررت ارسال وفد إلى القاهرة تشكل من عضوي مكتبها السياسي محمد نزال ومحمد نصر, حيث التقيا الوزير عمر سليمان مدير المخابرات المصرية, ونائبه الفريق أول محسن النعماني, وأكدا له أن ما يشاع عن تحفظ "حماس" على الدور المصري هو محض اكاذيب, وأن جهات معنية هي التي تقف وراء تسريبها.
وأضافا أن "حماس" لا تمانع في استئناف الجهد المصري, شريطة أن يتم على قاعدة تبادل الأسرى.
تقول المصادر إن وفد "حماس" وجد تفهما مصريا في هذه المرة, خلافا لما كان عليه الحال في السابق. ووفقا لتقدير مصادر في "حماس" نقلته لفصائل فلسطينية أخرى, فإن هذه الزيارة كانت ناجحة, غير أن تزامنها مع عملية حزب الله التي أسفرت عن أسر جنديين اسرائيليين أثر على نجاحها.
وتشير المصادر إلى أن الوزير سليمان أبلغ بعملية حزب الله أثناء اجتماعه بوفد "حماس", وكان ذلك يوم الإربعاء الموافق 12 تموز/يوليو الماضي. وكان مقررا أن يعقد نزال مؤتمرا صحفيا يوم الخميس التالي, لكن المسؤولين المصريين طلبوا منه إلغاء هذا المؤتمر خشية أن يقول فيه, في ضوء التطورات الجديدة, ما يحرج مصر.
كان لا بد من تأجيل التفاوض في ضوء المعطيات الجديدة, فحين تتغير الظروف لا بد من أن تنعكس على نتائج العملية التفاوضية.
"حماس" مع فصل المسارين
وفي هذا الإطار أعلن الشيخ حسن نصر الله أمين عام حزب الله, في المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه عن أسر الجنديين الإسرائيليين نظرية "واحد زائد اثنين".. أي التفاوض على الأسرى الإسرائيليين الثلاثة في اطار صفقة تبادل واحدة مع اسرائيل.
منذ البداية قابلت "حماس" هذه الفكرة بتحفظ, ولم تنسق وراء اقتراح نصر الله. وسرعان ما أفصحت "حماس" بشكل غير مباشر عن رغبتها في فصل مسار التفاوض على الأسير الإسرائيلي لديها, عن مسار التفاوض على الأسيرين الإسرائيليين اللذين في حوزة حزب الله. وهو ما تبدي المصادر أن نصر الله فعله لاحقا حين فوض نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني بالتفاوض على هذا الأمر نيابة عن الحزب.
لم ارتأت "حماس" ذلك..؟!
وفقا لأوثق المصادر, فإن "حماس" بررت موقفها أمام الفصائل الفلسطينية في عاملين:
الأول: اختلاف الظروف الميدانية لحزب الله عن الظروف الميدانية لـ"حماس". فحزب الله يستطيع الإحتفاظ بالجنديين الإسرائيليين لأطول فترة ممكنة, في حين أن "حماس" لا تستطيع ذلك, ولديها تجربتين سابقتين في هذا المجال (نسيم توليدانو ونحشوم فاكسمان).
الثاني: أن "حماس" لا تريد تأكيد اتهامات توجه لها من قبل رئيس السلطة وحاشيته بأنها تنسق عسكريا مع حزب الله في اطار محور دمشق طهران عبر تقديم مثال عملي على أنها تتحرك في اطار الأجندة الإيرانية. وسبق لـ"حماس" أن نفت ذلك أكثر من مرة.
الى ذلك, فإن التفاوض الإسرائيلي مع "حماس" على شليط جلعاد يثير تساؤلات قوية مؤثرة: ولم لا تفاوض حزب الله..؟
· هل يطوى إذا ملف الأسير جلعاد شليط مرحليا..؟
تجيب المصادر أن العكس تماما هو الصحيح.
· ما الذي يجري إذا..؟
تؤكد المصادر أن الإسرائيليين لم ينسوا اسيرهم لدى المقاومة الفلسطينية, فهم يرسلون من وقت لآخر رسائل دموية لقطاع غزة, ويتجاوبون في ذات الوقت مع الجهود المصرية, التي استؤنفت من خلال الوزير سليمان بعد أيام من بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان. لكن اللافت في هذه المرة هو ادخال المصريين لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية على الخط..!!
كيف ولماذا حدث ذلك..؟
تحرك عباس
بادر عباس, بتنسيق مع المسؤولين المصريين إلى الإتصال مع قادة "حماس" في الداخل, وبالطبع فقد وجد تحركه ترحيب مصري حار, كما تؤكد مصادر في فصائل فلسطينية شاركت في لقاءات لاحقة, مضيفة إن النجاح في اتمام صفقة تبادل أسرى من شأنه أن يرفع أسهم "حماس", وهذا ما جعل القاهرة تعمل على اشراك عباس في الأمر, كي يكون شريكا لـ"حماس" في المكاسب, كما أن تحرك عباس كان قويا لجهة السعي لإجهاض أي فكرة لتوحيد المسارين التفاوضيين لحزب الله وحركة "حماس" وهو ما وجد صدى لدى "حماس".
تضيف المصادر أن عباس تولى نقل اقتراحات مصرية لحركة "حماس", وعدد من الفصائل الفلسطينية في اجتماع عقده مع قادتها نهاية الأسبوع الثاني في غزة, وشارك فيه اسماعيل هنية رئيس الوزراء الإسرائيلي على لبنان, جميل مجدلاوي (عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية), صالح زيدان (عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية), وخالد البطش (عضو القيادة السياسية لحركة الجهاد الإسلامي).
في بداية اللقاء قدم عباس صورة مأساوية قال بشأنها إن هناك كوارث قادمة علينا بسبب أسر الجندي شليط, ولا بد من البحث عن مخرج "لأزمتنا".. مؤكدا عدم جواز ربط المصالح الفلسطينية بما يجري في لبنان, لأننا في هذه الحالة "سنذهب فرق عملة"..!
تفاصيل الصفقة
اقترح عباس على قياديي الفصائل مشروع اتفاق سري قال إن مصر توصلت له مع اسرائيل, ويقضي بما يلي:
أولا: يتم تسليم الجندي الإسرائيلي الأسير للوفد الأمني المصري المقيم في غزة, ليكون بمثابة وديعة لدى مصر. وقال إن المصريين ابلغوه جاهزيتهم لذلك.
ثانيا: بعد تسليم شليط بيوم أو يومين, تطلق اسرائيل سراح 640 أسيرا فلسطينيا من النساء والأطفال.
ثالثا: بعد شهر أو شهرين تطلق اسرائيل سراح 360 من قدامى الأسرى الفلسطينيين من ذوي الأحكام العالية (فوق 20 سنة).
ولكن, ما الذي يضمن التزام اسرائيل بذلك, خاصة وأن العرض لا يحدد متى ستقوم مصر بتسليم شليط للإسرائيليين, وقد تفعل قبل اطلاق أي أسير فلسطيني..؟
أجاب عباس إن مصر هي الضمانة, كما أنها ستسعى للحصول على ضمانات دولية, في اشارة إلى اميركا.
رابعا: يترافق ذلك مع وفق اطلاق نار فلسطيني, ووقف اطلاق صواريخ, وتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
خامسا: بعد وقف اطلاق الصواريخ, تطلق اسرائيل سراح الوزراء والنواب الفلسطينيين الذين اعتقلتهم بعد أسر شليط, وتقوم بفك الحصار المفروض على الفلسطينيين والسماح بإدخال الأموال.
سادسا: يترافق ذلك مع استقالة حكومة هنية, وتشكيل حكومية وحدة وطنية, أو حكومة تكنوقراط بموجب اتفاق الفصائل.
سابعا: عدم اعلان هذا العرض, وتأجيل ذلك إلى حين عقد اجتماع بين عباس واولمرت..!
لكن عباس سارع بنفسه إلى اعلان قرب اطلاق سراح شليط, وهو ما اضطر إلى تكليف من ينفيه إثر صدور بيان غاضب عن كتائب الشهيد عز الدين القسام, أكدت فيه عدم علاقة عباس بقضية شليط من اساسها.
معظم الحضور وافقوا على عرض عباس, بما في ذلك اسماعيل هنية, لكن "حماس" التي تأكدت قيادة مشعل لها بالتفاهم والتنسيق مع كتائب القسام نسفت هذه الموافقة.
كذلك فقد رفضت حركة الجهاد العرض, وأبلغه خالد البطش لعباس في ذات اللقاء. وحاول عباس اقناعه بالموافقة قائلا "أنت وافق, ونحن نقنع رمضان (عبد الله شلح, أمين عام الجهاد) بالموافقة". لكن البطش رفض ذلك, وحين اتصل مع زياد نخالة نائب الأمين العام لإبلاغه بتفاصيل ما جرى في الإجتماع, أمره نخالة بإطلاق صواريخ على اهداف اسرائيلية, لتمثل رفضا عمليا لمقترحات عباس.. مؤكدا عليه "لا تردوا على عباس وهنية"..!
الجبهة الديمقراطية و"فتح" وافقتا, أما الجبهة الشعبية فبعد أن أبلغ جميل مجلاوي عباس موافقته, تم سحب هذه الموافقة جراء التشاور مع قيادة الخارج.
اهداف المبادرة
المصادر الفلسطينية ترى أن مبادرة عباس, المرضي عنها مصريا, تريد أن تحقق جملة اهداف سياسية بالغة الخطورة:
أولا: فصل حركة "حماس" عن حزب الله.
ثانيا: اضعاف قيادة مشعل لحركة "حماس" عبر تشكيل رأي معارض له يتمثل في شخص هنية.
ثالثا: اطاحة حكومة "حماس".
رابعا: اظهار مشعل ورمضان عبد الله باعتبارهما "قاعدة الإرهاب الفلسطيني" الذي يحظى بدعم سوريا وايران.
هذا المخطط تؤكد المصادر أن دولا عربية حليفة لأميركا ضالعة به, وليست بعيدة عنه.
غير أن ما يساعد مشعل على رفض هذا العرض على حد وصف المصادر, هو أن الإسرائيليين لا يزالون متعنتين, ويرفضون الإفراج عن الأسيرات "الملطخة ايديهن بالدماء", كما أنهم يتحفظون لذات السبب عن اطلاق بعض الأسرى من الرجال, مكتفين بالقول بشكل مبهم بإطلاق اعداد من الأسرى, فيما يتحدث المصريون عن اطلاق سراح نساء واطفال وذوي الأحكام العالية.
ويزيد الأمر تعقيدا أن هناك اطرافا اسرائيلية تطرح, ما دامت "حماس" تصر على أن تشمل الصفقة اطلاق القيادات الفلسطينية الأسيرة في اطار هذه الصفقة, أن تصدر اميركا عفوا عن الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد مقابل اطلاق سراح مروان البرغوثي.
ولكن لم تطرح اطراف اسرائيلية اقتراحا ينطلق من اعتقادها بأن اميركا معنية بإطلاق سراح البرغوثي..؟!
على كل.. اعلان محمد نزال عن التوصل الى اتفاق على تبادل الأسرى مع اسرائيل, يعني أن الشروط الإسرائيلية قد تغيرت..!
هل يمكن أن يحصد محمود عباس نتائج أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شليط, بعد أن رفض وأدان هذه العملية..؟
مصادر وثيقة الإطلاع تؤكد أن هذا ما يجري العمل على تحقيقه, ليس فقط من قبل عباس, إنما كذلك من قبل الرئيس المصري وعدد من الأطراف الرسمية العربية الحليفة لأميركا, تريد كذلك فصل قضية شليط عن الأسيرين الإسرائيليين الآخرين لدى حزب الله في لبنان.. وللغرابة فإن قيادة "حماس" ترتئي ذلك هي الأخرى وإن لحسابات مختلفة..!
التفاصيل الكاملة الموجودة تؤكد أن الوساطة المصرية لإطلاق شليط بدأت منذ اليوم الأول لأسره, كاشفة عن تفاصيل وساطة تركية تمت بطلب من واشنطن في أحد مراحلها, ليعود الرئيس الأميركي جورج بوش ويطوي صفحة هذه الوساطة.
هنا التفاصيل كافة, وبدءا من اليوم الأول لأسر شليط, وفقا لأوثق المصادر.
العملية التي نفذها سبعة مقاتلين من ثلاثة فصائل فلسطينية (كتائب القسام, ألوية الناصر صلاح الدين وجيش الإسلام) كانت تهدف إلى أسر ثلاثة جنود اسرائيليين, وبالفعل, فقد حدث ذلك في البداية, لكن اسبابا ميدانية أدت إلى قتل اثنين, والإكتفاء بأسير واحد اقتاده خمسة من المقاتلين الفلسطينيين بعد أن استشهد الإثنان الآخران, وهو مصاب بإصابة بسيطة.
التحرك المصري لإطلاق الأسير الإسرائيلي بدأ منذ اليوم الأول.
المبادرة المصرية السريعة
فور وقوع الجندي الإسرائيلي في الأسر, اتصل الفريق أول محسن النعماني نائب مدير المخابرات العامة المصرية مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في دمشق, مطالبا اياه بضرورة العمل على اطلاق سراح شليط. فأجاب مشعل بأنه لا يمكن فعل ذلك دون مقابل.. وعلى الإسرائيليين أن يطلقوا سراح ألف من الأسرى الفلسطينيين.
بعد النعماني, اتصل الوزير عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية بمشعل, الذي كرر عليه ذات الموقف, مضيفا أنه أوصى "الإخوة في الداخل بالتفاهم مع المسؤولين المصريين في غزة, مشيرا إلى الوفد الأمني المصري المقيم هناك, والمشكل من اللواء رأفت شحاته, واللواء محمد ابراهيم, اضافة إلى المستشار أحمد عبد الخالق رئيس الممثلية المصرية في غزة.
وكان سليمان أوفد لوقت طويل في السابق نائبه اللواء مصطفى البحيري للإقامة في غزة.
تولى المفاوضات في البداية باسم "حماس" في الداخل الدكتور محمود الزهار, عضو القيادة السياسية للحركة, الذي أبلغ المسؤولين الأمنيين المصريين بعد عدة أيام اضطراره ـ نظرا لانشغالاته ـ إلى عدم مواصلة التفاوض, وأنه سيرسل لهم من يفاوضهم. وهكذا استؤنف التفاوض مع اشخاص يمثلون الجناح العسكري لحركة "حماس". وسرعان ما وصلت المفاوضات إلى نهاية طريق مسدود, فأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام طي ملف التفاوض حول شليط, مشترطة لإطلاقه, اطلاق اسرائيل لسراح جميع الأسرى الفلسطينيين من النساء والأطفال دون سن ثمانية عشر عاما, واطلاق سراح ألف أسير فلسطيني وعربي, في المقدمة منهم الأسرى الأردنيين, ووقف العدوان والحصار والمعاناة عن الشعب الفلسطيني.
بيان القسام أثار المسؤولين المصريين, وفقا للمصادر التي تضيف أن هؤلاء المسؤولين كانوا يريدون اطلاق شليط دون مقابل تقدمه اسرائيل للفلسطينيين.
زيارة سرية لدمشق
وقام الوزير سليمان بزيارة سرية خاطفة لدمشق استغرقت عدة ساعات, التقى خلالها الرئيس السوري بشار الأسد, حيث طلب منه بذل جهوده لدى مشعل لإطلاق شليط دون مقابل, دون أن يلتقي مشعل. وكان رد الرئيس السوري أن بلاده ليست على استعداد للتدخل لدى "حماس" قبل توقف العدوان الإسرائيلي الواسع على الشعب الفلسطيني, خاصة في قطاع غزة, والذي أعقب أسر شليط.
هنا كان مفاجئا دخول وساطة تركية على الخط.. إذ إتصل أحمد داود اوغلو مستشار رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي مع مشعل هاتفيا مبلغا اياه أن ليفني ليبي وزيرة خارجية اسرائيل طلبت الوساطة التركية بشأن شليط. ولم يكن لدى مشعل غير ذات الرد "جاهزون للتفاوض على قاعدة تبادل الأسرى". وبعد أيام عاود اوغلو الإتصال مع مشعل حيث أبلغه أن الإسرائيليين تراجعوا عن طلب الوساطة التركية دون ابداء الأسباب.
المصادر تعتقد أن خلافات داخلية اسرائيلية حول قاعدة التبادل هي التي قادت إلى هذه النتيجة, إذ أن رئاسة الأركان بقيادة الجنرال دان حلوتس, الذي كان يشغل قائد سلاح الطيران لدى اغتيال الشيخ صلاح شحادة, القائد العام السابق لكتائب القسام بواسطة قصف جوي للعمارة التي كان متواجدا في إحدى شققها, يرفض التفاوض مع "حماس".
تعيد المصادر إلى الأذهان أن حلوتس هذا حين سؤل عن شعوره لدى قصف وتدمير عمارة سكنية كاملة على رؤوس ساكنيها من أجل اغتيال شحادة, اجاب قائلا إنه شعر أن جناح الطائرة الذي تخلص من صواريخه بقذفها على الهدف قد اهتز.. مؤكدا أنه نام بعدها مطمئنا..!
الشاباك, وهو جهاز الأمن العام الداخلي في اسرائيل موقفه معتدل إزاء هذه المسألة, ويشير إلى ضرورة التعاطي مع هذا الأمر بإيجابية.
أما ايهود اولمرت رئيس الوزراء فهو يمثل خطا وسطا بين الموقفين السابقين, علما أنه وعامير بيرتس وزير الدفاع ليسا من المؤسسة العسكرية في اسرائيل.
حلوتس كان يراهن كما يبدو على امكانية عثور قواته على مكان احتجاز شليط, والقيام بفك أسره, ولو أدى الأمر إلى مقتله, كما حدث في حالتين سابقتين على الأقل هما حالة الجندي الإسرائيلي نسيم توليدانو الذي وقع في أسر مقاتلي "حماس" سنة 1992, والذي قتله آسروه حين هاجمتهم قوات اسرائيلية, والجندي نحشوم فاكسمان الذي وقع في أسر مقاتلي "حماس" سنة 1994 وقتله آسروه أيضا بعد مهاجمة قوات اسرائيلية لمكان احتجازه.
عودة الوساطة التركية
لكن يأس الإسرائيليين من امكانية الوصول إلى مكان احتجاز شليط أعاد الوساطة التركية من جديد, ليس بطلب من اسرائيل في هذه المرة, إنما بطلب من الرئيس الأميركي جورج بوش الذي اتصل هاتفيا مع اردوغان طالبا منه التحرك قائلا "أنت رئيس وزراء دولة اسلامية كبرى ونريد جهدك في هذا الموضوع".
اردوغان استجاب لطلب بوش مرسلا مستشاره اوغلو إلى دمشق, حيث قابل الرئيس بشار الأسد وخالد مشعل, لكن الأتراك نفوا أن يكون اوغلو التقى مشعل, تأسيا بسابقة رفض اردوغان لقاءه لدى زيارته لأنقرة بعد فوز "حماس" في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية, وهذا ما دفع مشعل لأن يعلن في مؤتمر صحفي أخير له أنه التقى اوغلو.
تضيف المصادر أنه بعد عودة اوغلو من دمشق, ذهب برفقة عبد الله غول وزير خارجية تركيا إلى واشنطن حاملين ما في جعبتهم من نتائج اللقاء مع مشعل, والذي لم يخرج عن نطاق الموقف السابق والمعروف: مفاوضات من أجل صفقة تبادل للأسرى.
بوش شكرهما, ووعدهما بدراسة الموضوع والرد عليهما, وهو ما لم يحدث حتى الآن, كما تؤكد المصادر.
تجدد الدور المصري
في الأثناء كان الدور المصري يتجه نحو التجدد, إذ في ضوء سوء الفهم الذي شاب موقف "حماس" من مصر, وما تردد عن تحفظها على دور مصري في قضية الأسير الإسرائيلي, فقررت ارسال وفد إلى القاهرة تشكل من عضوي مكتبها السياسي محمد نزال ومحمد نصر, حيث التقيا الوزير عمر سليمان مدير المخابرات المصرية, ونائبه الفريق أول محسن النعماني, وأكدا له أن ما يشاع عن تحفظ "حماس" على الدور المصري هو محض اكاذيب, وأن جهات معنية هي التي تقف وراء تسريبها.
وأضافا أن "حماس" لا تمانع في استئناف الجهد المصري, شريطة أن يتم على قاعدة تبادل الأسرى.
تقول المصادر إن وفد "حماس" وجد تفهما مصريا في هذه المرة, خلافا لما كان عليه الحال في السابق. ووفقا لتقدير مصادر في "حماس" نقلته لفصائل فلسطينية أخرى, فإن هذه الزيارة كانت ناجحة, غير أن تزامنها مع عملية حزب الله التي أسفرت عن أسر جنديين اسرائيليين أثر على نجاحها.
وتشير المصادر إلى أن الوزير سليمان أبلغ بعملية حزب الله أثناء اجتماعه بوفد "حماس", وكان ذلك يوم الإربعاء الموافق 12 تموز/يوليو الماضي. وكان مقررا أن يعقد نزال مؤتمرا صحفيا يوم الخميس التالي, لكن المسؤولين المصريين طلبوا منه إلغاء هذا المؤتمر خشية أن يقول فيه, في ضوء التطورات الجديدة, ما يحرج مصر.
كان لا بد من تأجيل التفاوض في ضوء المعطيات الجديدة, فحين تتغير الظروف لا بد من أن تنعكس على نتائج العملية التفاوضية.
"حماس" مع فصل المسارين
وفي هذا الإطار أعلن الشيخ حسن نصر الله أمين عام حزب الله, في المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه عن أسر الجنديين الإسرائيليين نظرية "واحد زائد اثنين".. أي التفاوض على الأسرى الإسرائيليين الثلاثة في اطار صفقة تبادل واحدة مع اسرائيل.
منذ البداية قابلت "حماس" هذه الفكرة بتحفظ, ولم تنسق وراء اقتراح نصر الله. وسرعان ما أفصحت "حماس" بشكل غير مباشر عن رغبتها في فصل مسار التفاوض على الأسير الإسرائيلي لديها, عن مسار التفاوض على الأسيرين الإسرائيليين اللذين في حوزة حزب الله. وهو ما تبدي المصادر أن نصر الله فعله لاحقا حين فوض نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني بالتفاوض على هذا الأمر نيابة عن الحزب.
لم ارتأت "حماس" ذلك..؟!
وفقا لأوثق المصادر, فإن "حماس" بررت موقفها أمام الفصائل الفلسطينية في عاملين:
الأول: اختلاف الظروف الميدانية لحزب الله عن الظروف الميدانية لـ"حماس". فحزب الله يستطيع الإحتفاظ بالجنديين الإسرائيليين لأطول فترة ممكنة, في حين أن "حماس" لا تستطيع ذلك, ولديها تجربتين سابقتين في هذا المجال (نسيم توليدانو ونحشوم فاكسمان).
الثاني: أن "حماس" لا تريد تأكيد اتهامات توجه لها من قبل رئيس السلطة وحاشيته بأنها تنسق عسكريا مع حزب الله في اطار محور دمشق طهران عبر تقديم مثال عملي على أنها تتحرك في اطار الأجندة الإيرانية. وسبق لـ"حماس" أن نفت ذلك أكثر من مرة.
الى ذلك, فإن التفاوض الإسرائيلي مع "حماس" على شليط جلعاد يثير تساؤلات قوية مؤثرة: ولم لا تفاوض حزب الله..؟
· هل يطوى إذا ملف الأسير جلعاد شليط مرحليا..؟
تجيب المصادر أن العكس تماما هو الصحيح.
· ما الذي يجري إذا..؟
تؤكد المصادر أن الإسرائيليين لم ينسوا اسيرهم لدى المقاومة الفلسطينية, فهم يرسلون من وقت لآخر رسائل دموية لقطاع غزة, ويتجاوبون في ذات الوقت مع الجهود المصرية, التي استؤنفت من خلال الوزير سليمان بعد أيام من بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان. لكن اللافت في هذه المرة هو ادخال المصريين لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية على الخط..!!
كيف ولماذا حدث ذلك..؟
تحرك عباس
بادر عباس, بتنسيق مع المسؤولين المصريين إلى الإتصال مع قادة "حماس" في الداخل, وبالطبع فقد وجد تحركه ترحيب مصري حار, كما تؤكد مصادر في فصائل فلسطينية شاركت في لقاءات لاحقة, مضيفة إن النجاح في اتمام صفقة تبادل أسرى من شأنه أن يرفع أسهم "حماس", وهذا ما جعل القاهرة تعمل على اشراك عباس في الأمر, كي يكون شريكا لـ"حماس" في المكاسب, كما أن تحرك عباس كان قويا لجهة السعي لإجهاض أي فكرة لتوحيد المسارين التفاوضيين لحزب الله وحركة "حماس" وهو ما وجد صدى لدى "حماس".
تضيف المصادر أن عباس تولى نقل اقتراحات مصرية لحركة "حماس", وعدد من الفصائل الفلسطينية في اجتماع عقده مع قادتها نهاية الأسبوع الثاني في غزة, وشارك فيه اسماعيل هنية رئيس الوزراء الإسرائيلي على لبنان, جميل مجدلاوي (عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية), صالح زيدان (عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية), وخالد البطش (عضو القيادة السياسية لحركة الجهاد الإسلامي).
في بداية اللقاء قدم عباس صورة مأساوية قال بشأنها إن هناك كوارث قادمة علينا بسبب أسر الجندي شليط, ولا بد من البحث عن مخرج "لأزمتنا".. مؤكدا عدم جواز ربط المصالح الفلسطينية بما يجري في لبنان, لأننا في هذه الحالة "سنذهب فرق عملة"..!
تفاصيل الصفقة
اقترح عباس على قياديي الفصائل مشروع اتفاق سري قال إن مصر توصلت له مع اسرائيل, ويقضي بما يلي:
أولا: يتم تسليم الجندي الإسرائيلي الأسير للوفد الأمني المصري المقيم في غزة, ليكون بمثابة وديعة لدى مصر. وقال إن المصريين ابلغوه جاهزيتهم لذلك.
ثانيا: بعد تسليم شليط بيوم أو يومين, تطلق اسرائيل سراح 640 أسيرا فلسطينيا من النساء والأطفال.
ثالثا: بعد شهر أو شهرين تطلق اسرائيل سراح 360 من قدامى الأسرى الفلسطينيين من ذوي الأحكام العالية (فوق 20 سنة).
ولكن, ما الذي يضمن التزام اسرائيل بذلك, خاصة وأن العرض لا يحدد متى ستقوم مصر بتسليم شليط للإسرائيليين, وقد تفعل قبل اطلاق أي أسير فلسطيني..؟
أجاب عباس إن مصر هي الضمانة, كما أنها ستسعى للحصول على ضمانات دولية, في اشارة إلى اميركا.
رابعا: يترافق ذلك مع وفق اطلاق نار فلسطيني, ووقف اطلاق صواريخ, وتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
خامسا: بعد وقف اطلاق الصواريخ, تطلق اسرائيل سراح الوزراء والنواب الفلسطينيين الذين اعتقلتهم بعد أسر شليط, وتقوم بفك الحصار المفروض على الفلسطينيين والسماح بإدخال الأموال.
سادسا: يترافق ذلك مع استقالة حكومة هنية, وتشكيل حكومية وحدة وطنية, أو حكومة تكنوقراط بموجب اتفاق الفصائل.
سابعا: عدم اعلان هذا العرض, وتأجيل ذلك إلى حين عقد اجتماع بين عباس واولمرت..!
لكن عباس سارع بنفسه إلى اعلان قرب اطلاق سراح شليط, وهو ما اضطر إلى تكليف من ينفيه إثر صدور بيان غاضب عن كتائب الشهيد عز الدين القسام, أكدت فيه عدم علاقة عباس بقضية شليط من اساسها.
معظم الحضور وافقوا على عرض عباس, بما في ذلك اسماعيل هنية, لكن "حماس" التي تأكدت قيادة مشعل لها بالتفاهم والتنسيق مع كتائب القسام نسفت هذه الموافقة.
كذلك فقد رفضت حركة الجهاد العرض, وأبلغه خالد البطش لعباس في ذات اللقاء. وحاول عباس اقناعه بالموافقة قائلا "أنت وافق, ونحن نقنع رمضان (عبد الله شلح, أمين عام الجهاد) بالموافقة". لكن البطش رفض ذلك, وحين اتصل مع زياد نخالة نائب الأمين العام لإبلاغه بتفاصيل ما جرى في الإجتماع, أمره نخالة بإطلاق صواريخ على اهداف اسرائيلية, لتمثل رفضا عمليا لمقترحات عباس.. مؤكدا عليه "لا تردوا على عباس وهنية"..!
الجبهة الديمقراطية و"فتح" وافقتا, أما الجبهة الشعبية فبعد أن أبلغ جميل مجلاوي عباس موافقته, تم سحب هذه الموافقة جراء التشاور مع قيادة الخارج.
اهداف المبادرة
المصادر الفلسطينية ترى أن مبادرة عباس, المرضي عنها مصريا, تريد أن تحقق جملة اهداف سياسية بالغة الخطورة:
أولا: فصل حركة "حماس" عن حزب الله.
ثانيا: اضعاف قيادة مشعل لحركة "حماس" عبر تشكيل رأي معارض له يتمثل في شخص هنية.
ثالثا: اطاحة حكومة "حماس".
رابعا: اظهار مشعل ورمضان عبد الله باعتبارهما "قاعدة الإرهاب الفلسطيني" الذي يحظى بدعم سوريا وايران.
هذا المخطط تؤكد المصادر أن دولا عربية حليفة لأميركا ضالعة به, وليست بعيدة عنه.
غير أن ما يساعد مشعل على رفض هذا العرض على حد وصف المصادر, هو أن الإسرائيليين لا يزالون متعنتين, ويرفضون الإفراج عن الأسيرات "الملطخة ايديهن بالدماء", كما أنهم يتحفظون لذات السبب عن اطلاق بعض الأسرى من الرجال, مكتفين بالقول بشكل مبهم بإطلاق اعداد من الأسرى, فيما يتحدث المصريون عن اطلاق سراح نساء واطفال وذوي الأحكام العالية.
ويزيد الأمر تعقيدا أن هناك اطرافا اسرائيلية تطرح, ما دامت "حماس" تصر على أن تشمل الصفقة اطلاق القيادات الفلسطينية الأسيرة في اطار هذه الصفقة, أن تصدر اميركا عفوا عن الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد مقابل اطلاق سراح مروان البرغوثي.
ولكن لم تطرح اطراف اسرائيلية اقتراحا ينطلق من اعتقادها بأن اميركا معنية بإطلاق سراح البرغوثي..؟!
على كل.. اعلان محمد نزال عن التوصل الى اتفاق على تبادل الأسرى مع اسرائيل, يعني أن الشروط الإسرائيلية قد تغيرت..!
التعليقات