عميل فلسطيني في القدس يروي كيف نجح بإرباك اجهزة سياسية وأمنية إسرائيلية

غزة-دنيا الوطن
ان ينجح عميل فلسطيني بإرباك اجهزة سياسية وأمنية إسرائيلية ويضطرها الى عقد جلسات طارئة للبحث في كيفية الخروج من الورطة التي أوقعها فيها، فهذه حالة قلما شهدتها المكاتب الرسمية الاسرائيلية، بل تاريخ جهاز «الشاباك» الذي نجح طوال سنوات طويلة في تجنيد فلسطينيين وتنفيذ مخططات ومشاريع استيطانية بدعمهم ومساندتهم. فالموضوع لا يقتصر على الكشف عن حقيقة العلاقة والتنسيق بين مؤسسات حكومية وشخصيات سياسية وجمعيات استيطانية، تعتمد في نشاطها على التزوير والخداع والغش، ولا على تورط رجال قانون من شرطة ونيابة أمن دولة بمخالفات جنائية، فهذه قضايا معروفة منذ سنوات، انما نتحدث هنا عن قضايا اذا عولجت في شكل قانوني وتابعها الفلسطينيون بالاستناد الى القانون الإسرائيلي والدولي، فإنها ستعيد خلط الكثير من الحسابات الاسرائيلية وستكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بيوت وأراض وممتلكات فلسطينية في القدس الشرقية. وربما تكون فرصة ثمينة للفلسطينيين لوضع حد لامتداد الأخطبوط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية.
الموضوع الذي يربك الجهات الاسرائيلية الرسمية، قد يمنع تنفيذ أحد اخطر المشاريع الاستيطانية في منطقة «مغارة سليمان» في القدس والذي تسعى جمعية استيطانية من خلاله الى تسجيل 13 دونماً باسمها ومن ثم تنفيذ مشروع سياحي ضخم. وقد يمنع الموضوع ايضاً تنفيذ صفقات لأراض سورية في الجولان المحتل، ولأراض تابعة للكنيسة الأرثوذكسية في طبريا والقدس وبيت شيمش ولبيوت ومبان فلسطينية في مختلف أحياء القدس. والاهم من هذا، ان علاج الموضوع من الجانب الفلسطيني في الشكل الصحيح ربما يضع حداً لنشاط عشرات العملاء الذين يتعاونون مع الجمعيات الاستيطانية في تزوير المستندات والاستيلاء على الممتلكات الفلسطينية، وهؤلاء غير موجودين في مدينة القدس فقط، بحسب ما يعتقد البعض، وإنما في الأردن وابو ظبي وبريطانيا والولايات المتحدة وأيضاً داخل الخط الأخضر من فلسطينيي 1948، وجميعهم يخضعون لأوامر مسؤولي الجمعيات الاستيطانية، وتحديداً جمعية «عطيرت كوهنيم»، التي تعتبر اليوم اكثر هذه الجمعيات نشاطاً من اجل تهويد المدينة المقدسة, ويقدم العملاء العرب لها الخدمات في مقابل حفنة من المال.
ان التحقيق في الصفقات الاستيطانية لإثبات تزوير ممتلكات فلسطينية، سيعيد خلط حسابات مخططي المشاريع الاستيطانية، من مسؤولين رسميين وبلديات و «شاباك» وجمعيات استيطانية، هؤلاء الذين يخططون للوصول الى وضع تضمن فيه إسرائيل حتى العام 2020 خريطة ديموغرافية بأكثرية يهودية وأقلية عربية، وتكون مدينة القدس عاصمة موحدة للدولة الإسرائيلية.
الشخص الذي شغل المؤسسات الاسرائيلية الرسمية طوال الأسبوعين الأخيرين، يعيش اليوم في الشمال، بعيداً من القدس مسقط رأسه وبعيداً من عائلته التي أعلنت براءتها منه وبعيداً من القوى الوطنية الفلسطينية التي يخشى أن تنتقم منه في كل لحظة، وبعيداً ايضاً من الجمعية الاستيطانية «عطيرت كوهنيم» التي تحاول منعه من الحديث والكشف اكثر عن التفاصيل, كما تحاول الحصول على ما يحتفظ به من مستندات وتسجيلات وأدلة على أسلوب عملها، الذي تمكنت بواسطته من الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأرض الفلسطينية وعشرات البيوت وتخطط اليوم لتنفيذ مشاريع استيطانية كثيرة.
أطلب التوبة... ولكن
محمد مراغة، فلسطيني من سكان القدس، وقع في شباك جمعية «عطيرت كوهنيم»، كما يقول، أواخر العام 1999 وقدم لها خدمات كثيرة على مدار خمس سنوات وساعدها في الاستيلاء على ممتلكات فلسطينية في القدس. لكن مراغة قرر، قبل سنتين، الانتقام من الجمعية بعدما رمت زوجته وأولاده في الشارع للاستيلاء على البيت الذي يسكنونه والواقع في عمارة مؤلفة من سبع طبقات قائمة على ارض في حي سلوان من القدس الشرقية المحتلة، مسجلة باسم ابنه الطفل الذي لم يتعد السبع سنوات. ومراغة بنفسه هو الطرف الذي ساهم في تزوير المستندات التي ساعدت الجمعية في السيطرة على الأرض وهو نفسه المقاول الذي بنى البيت. وقد قرر مواجهة النيابة الاسرائيلية والشرطة والمسؤولين السياسيين عبر وسائل الإعلام الاسرائيلية بالكشف عن العلاقة الوثيقة بين هذه الجهات والجمعية الاستيطانية «عطيرت كوهنيم» ودعمها في تزوير مستندات وتنفيذ صفقات غير قانونية والتستر عليها، لكن جهوده باءت بالفشل وأهملت شكوى تقدم بها الى النيابة الاسرائيلية للتحقيق مع الشرطة وبل دية القدس في هذه القضايا وفي السكوت على بناء العمارة التي طردت عائلته منها وهي مسجلة باسم الجمعية، على رغم ما قدمه من مستندات يؤكد فيها ان قسماً كبيراً من المبنى أقيم من دون أساسات، ما يشكل خطراً على السكان والمنطقة المحيطة بها.
لقد اعتقد مراغة بأن مواجهة النيابة عبر الإسرائيليين ستحرك ساكناً، وربما اطمأن بعدما تقدم النائب يوسي بيلين بطلب الى المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، للتحقيق في هذه العلاقة ولعدم إجراء تحقيق مع الشرطة وفق ما قدمه مراغة من مستندات ووثائق تشير الى هذه التجاوزات. لكن أحداً لم يتحرك للتحقيق في شكواه، ما دفعه الى سلوك طريق آخر، ربما يحقق له الهدف. فاتفق مع محاميين إسرائيليين على تقديم التماس الى المحكمة العليا ضد نيابة الدولة والشرطة وبلدية القدس خلال هذا الأسبوع. مراغة، الذي أعلن نيته الانتقام عبر الكشف عن صفقات بناء ومشاريع استيطانية، يعترف اليوم بأنه اخطأ في حق عائلته وجيرانه وأبناء حيه وكل فلسطيني وقع ضحية نشاطه. لكنه يريد ان يصحح هذا الخطأ بالتعويض بما لا يمكن أي شخص آخر فعله, ويقول: «سنتان وأنا أحقق وأبحث وأجمع المستندات على حسابي الشخصي حتى وجدت اليوم انني أستطيع التعويض عما فعلته وأنقذ ما يمكن إنقاذه من منع تنفيذ صفقات استيطانية تؤدي الى تهويد اكبر مساحة من الأرض الفلسطينية ومن كشف أساليب التزوير التي اتبعتها الجمعية، وأنا واحد منها، لعل إثبات ذلك في القضاء يعيد الى الفلسطينيين حقهم».
مراغة الذي اتخذ هذه الخطوة الأولى من نوعها بين العملاء الفلسطينيين تجوّل في البلدات اليهودية حاملاً حقيبة كبيرة مملوءة بالمستندات والأدلة والوثائق التي تحتوي على معلومات تكشف صفقات ومخططات مستقبلية خطيرة, كشف لـ «الحياة» عن قسم منها محتفظاً للمستقبل بالقسم الآخر.
يقول مراغة ان أوضاعه الاقتصادية التي تدهورت جراء وضع صحي طارئ ألمّ به، حولته من مقاول يقود سيارة مرسيدس ومسؤول عن عشرات العمال ودخله الشهري يزيد على عشرة آلاف شاقل (2200 دولار) الى سائق تاكسي لا يتعدى أجره اليومي ثلاثين شاقلاً (7 دولارات)، وهو مبلغ – كما يقول - لا يكفيه لشراء الطعام لأولاده. كما انه وقع في مشاكل عائلية كثيرة بعد مرضه أبعدت عنه اقرب الناس, فبقي وحيداً مع زوجته وأولاده عاجزاً تماماً عن تقديم الحد الأدنى من احتياجاتهم.
«هذا ليس مبرراً»، قالوا لي ذلك مرات عدة، يقول مراغة ويضيف: «ولكن هذا ما حصل. فأنا لم أتوقع ان مثل هذه العلاقة سيؤدي الى النتائج التي وصلت إليها. فما حصلت عليه من مال من الجمعية، في السنة الأولى من عملي، أعاد إلي قوتي وقدرتي على الحياة... والكثير من بني البشر ربما يضعفون او يكونون طماعين».
لقاء مراغة مع الجمعية كان صدفة عندما اتصل بمكاتبها في محاولة لمساعدة مسن فلسطيني سيطرت الجمعية على بيته من دون ان يكون قد وقّع على مستند بيع. هذه المحاولة التي تمت باتصال هاتفي مع الجمعية انتهت بجلسة معه في مقهى في القدس.
العرض الذي قُدّم له مضمونه تنفيذ صفقات لبيع بيوت فلسطينية وتسجيلها باسم جمعية أجنبية في الخارج، تابعة لجمعية «عطيرت كوهنيم». وكانت أولى الصفقات يوم 14 شباط (فبراير) من العام 2000 واستهدفت أحد اهم البيوت الفلسطينية في حي سلوان الذي تعود ملكيته الى عائلة عسيلي. اتفق مع الجمعية على نشر إشاعة في الحي انه ينوي شراء بيت ثم اقترح على عائلة عسيلي شراء بيتها فوافقت العائلة وهو بدوره قام بتسجيله باسم الشركة التابعة لـ «عطيرت كوهنيم». وفي الوقت نفسه تجاوب مع طلب الجمعية بنقل ملكية ارض لعمه الى اسمها ومن ثم بناء عمارة ونقل ملكيتها إليها، ولم يتردد مراغة في ذلك بل وافق على التجاوب مع الجمعية بصفقة اخرى مزورة تتعلق ببيت عسيلي نفسه. فبعدما سجل المنزل باسم الجمعية اتفق مع الأخيرة على بيع المنزل لعائلة الرجبي التي سلمته دفعة أولى بقيمة 20 ألف دينار أردني (30 ألف دولار) ونقل المبلغ بدوره الى الجمعية وحصل على مبلغ 10 آلاف شاقل (2200 دولار) كعمولة. الجمعية قررت الاستيلاء على بيت الرجبي والعمارة في يوم واحد لكنها في الوقت ذاته أرادت الحفاظ على مراغة لأن إظهار مستندات بملكيتها عند الاستيلاء عليها سيكشف أمره.
الخطوة الأولى التي اتفق عليها هي إحضار عميل فلسطيني من الأردن والتوجه الى العمارة لاستئجارها. ويقول مراغة ان «الجمعية أحضرت الفلسطيني من الأردن وهو صاحب شركة كبيرة ومعروف باسم أبو امجد واستأجرت له سيارة مرسيدس يدخل فيها الى حي سلوان وغرفة في أفخم الفنادق في القدس وطلبت منه ان يتصل بي ويتفق معي على استئجار اكثر من بيت بحجة انه يريد إسكان عماله الذين سيصلون الى القدس للعمل. وهو لا يعرف انني على علاقة بالجمعية».
وصل أبو امجد واتفق مع مراغة على استئجار البيوت واظهر أبناء الحي والجيران ان البيوت ستنقل إليه. وبهذه الخطوة خففت الجمعية من خطر كشف مراغة، لكنها لم تحسب حساب ان تكشف عملية الاستيلاء على بيت الرجبي حقيقة مراغة.
وأرادت الجمعية الاستعجال في الاستيلاء على العمارة وبيت الرجبي، خصوصاً ان عائلة الرجبي ضغطت للإسراع في تسلم مفاتيح البيت، لكن الجمعية تخوفت من قيام مراغة بخطوات من شأنها عرقلة العمل فبدأت تتآمر عليه. فأوهمته انها حريصة على مستقبله وتخاف على عائلته واقترحت عليه ان يرحل مع زوجته وأولاده الى كندا. ولاحقاً وقبل ان يغادر ادعت ان تكاليف حياته مع عائلته هناك باهظة وهي لا تملك المال لضمان مساعدته طوال الوقت فطلبت منه التوجه الى نيويورك لجمع تبرعات تضمـــــن لـــه سيارة ومعيشة يومــيـــة وحيـــاة رفاه في كندا ويقول: «صدقتهم، خصوصاً انهم اظهروا لي بطاقـات سفر جاهزة لزوجتي وعائلتي الـــى كندا في اليوم التالي لانتهاء العام الدراسي. وبالفعل توجهت الى نيويورك لجمع التبرعات لكني اكتشفت هناك حقيقة خداعهم. فبعد يوم من وصولي الى نيويورك استولوا على العمارة وبيت الرجبي وطـردوا عائلتي من البيت. وعلمت بالتفاصيل في اليوم التالي عندمــــا اتصلت في ساعات الصباح لإيقاظ ابني للذهاب الى المدرسة فردت علي زوجتي من بيت أهلها بكلمتيــن جارحتين لن أنساهما طالما انا على قيد الحياة. وعلمت ان الجمعية توجهت برفقة الشرطة وبأمر من وزير الأمن الداخلي، تساحي هنغبي، الى العمارة والى بيت الرجبي وسيطرت عليهما بعد طرد السكان وكانت عائلتي أولى الضحايا»، ويضيف: «في نيويورك حاولت الجمعية إقناعي بالبقاء هناك لكني رفضت وقررت العودة والانتقام فقط الانتقام.. وكان أمامي اما إطلاق رصاصة في رأس المسؤولين الكبيرين في الجمعية موطي دان واساف باروخي وإما الانتقام بالطريقة التي اخترتها بكشف أساليبهم وصفقاتهم. فاخترت الثانية على أمل ان انجح في محو ما ارتكبته في حياتي من أخطاء على مدار أربع سنوات عمل مع الجمعية».
عقارات الروم الأرثوذكس
الحقيبة التي يحملها مملوءة بالمستندات التي تكشف الأساليب التي اتبعتها الجمعية في الاستيلاء على بيوت الفلسطينيين ومضمون محادثات تكشف صفقات تخطط لها الجمعية حالياً او نفذتها وما زالت تلاحقها مثل صفقة بيع عقارات لبطريركية الروم الأرثوذكس في باب الخليل في القدس، التي تشمل فندقين و27 محلاً تجارياً. فقد كشف في حينه بواسطة صحيفة «معريب» الاسرائيلية عن ان البطريرك ايرينيوس باع ممتلكات الكنيسة لجمعية استيطانية، فأثيرت زوبعة فلسطينية وعربية لمجرد النشر في صحيفة عبرية. ومن دون ان يتم أي تحقيق في الموضوع تمت إقالة البطريرك ايرينيوس ورفض أي طرف الاستماع الى موقفه، وتم تعيين البطريرك الجديد ثيوفولوس. وصادقت حكومتا فلسطين والأردن على هذه التغييرات في شكل سريع، لكن الحكومة الاسرائيلية ترددت طويلاً. فقد شعرت ان إسراع الفلسطينيين والأردنيين هذا سيتيح لها المناورة على البطريركين، المنتخب حديثاً والمعزول. فهي تضغط على ايرينيوس قائلة: إذا وقعت لنا على صفقة القدس نبقيك بطريركاً ونرفض الاعتراف بالبطريرك ثيوفولوس. وتضغط على ثيوفولوس قائلة: إذا وقعت لنا على صفقة القدس وغيرها من الصفقات نعترف بك ونسحب اعترافنا بايرينيوس.
التسجيلات التي يحملها مراغة تتحدث عن تدخل جمعية «عطيرت كوهنيم» في القضيتين وتدل إلى ان الجمعية نجحت في التدخل في عزل ايرينيوس وكذلك في الامتناع عن الاعتراف بثيوفولوس. وقد ساعدها كثيراً في ذلك موقف الحكومتين الفلسطينية والأردنية المتسرع، فمارست ضغوطاً ونجحت حتى الآن في جعل ثيوفولوس يمتنع عن القيام بأي إجراء لإلغاء الصفقة المزورة في باب الخليل.
المستندات التي حاول مراغة ومعه أحد المحامين، إيصالها الى أطراف في البطريركية تؤكد ان للجمعية الاستيطانية دوراً كبيراً في تزوير مستندات صفقة باب الخليل. وهي نفسها التي وقفت وراء نشر الخبر في الصحيفة الاسرائيلية عن هذه الصفقة بهدف السيطرة على الممتلكات من طريق المستندات المزورة وإلصاق التهمة بالبطريرك ايرينيوس لأنه كان يحقق في التزوير ويعرقل استمرار الصفقة. هؤلاء الأطراف، وكما يقول مراغة، اجابوا على الهاتف انهم سيدققون في الأمر».
المحامي جواد بولس، وهو محامي السلطة الفلسطينية وقد كلفته الحكومة الفلسطينية مع المحامي الياس خوري، التحقيق في صفقة باب الخليل فكشفا عن خيوط المؤامرة. وراح يسعى لدى الحكومتين الفلسطينية والأردنية لتقفا الى جانب الجهود التي يبذلها ايرينيوس لإلغاء الصفقة واستعادة العقارات في باب الخليل.
سأل مراغة مندوب الجمعية الاستيطانية عما هو مطلوب منه فقال له، (والكلام مسجل بصوت ذلك المسؤول)، انه يريد إضعاف المحامي من طريق الابتزاز الجنسي ويقول مراغة: «لقد طلب مني رئيس الجمعية تنفيذ عملية ابتزاز جنسي مع إحدى قريبات المحامي بولس». ويضيف: «لم أتخيل ما تم عرضه عليّ وأنا شخصياً كانت علاقتي بالجمعية خلال هذه الفترة تهدف الى الحصول على مستندات ووثائق, ففكرت بالأمر ووجدت ان علي مواصلة اللعبة معهم حتى أكشف أساليبهم. بالطبع أنا لا اعرف المحامي شخصياً ولا أي شخص من عائلته لكنني أبديت موافقتي لأنني أردت ان أسجل المكالمة مع رئيس الجمعية وفيها يتحدث عن هذا الأسلوب الذي أرادني ممارسته».
وسأل مراغة مسؤولي الجمعية: «لماذا تريدون المساس بهذا المحامي وأنتم تقولون أن ايرينيوس وقع على الصفقة، بينما المحامي يقف ضد الصفقة؟». فأجابه بأن عليه أن ينفذ المطلوب منه ولا يتدخل في التفاصيل.
وقصة البطريركية لم تنته مع الجمعية عند هذا الحد. فهي تواصل ضغوطها على البطريركين، لأنها تريد الآن أراضي البطريركية في طبريا وفي «بيت شيمش» وفي القدس وغيرها.
*الحياة اللندنية-امال شحادة
ان ينجح عميل فلسطيني بإرباك اجهزة سياسية وأمنية إسرائيلية ويضطرها الى عقد جلسات طارئة للبحث في كيفية الخروج من الورطة التي أوقعها فيها، فهذه حالة قلما شهدتها المكاتب الرسمية الاسرائيلية، بل تاريخ جهاز «الشاباك» الذي نجح طوال سنوات طويلة في تجنيد فلسطينيين وتنفيذ مخططات ومشاريع استيطانية بدعمهم ومساندتهم. فالموضوع لا يقتصر على الكشف عن حقيقة العلاقة والتنسيق بين مؤسسات حكومية وشخصيات سياسية وجمعيات استيطانية، تعتمد في نشاطها على التزوير والخداع والغش، ولا على تورط رجال قانون من شرطة ونيابة أمن دولة بمخالفات جنائية، فهذه قضايا معروفة منذ سنوات، انما نتحدث هنا عن قضايا اذا عولجت في شكل قانوني وتابعها الفلسطينيون بالاستناد الى القانون الإسرائيلي والدولي، فإنها ستعيد خلط الكثير من الحسابات الاسرائيلية وستكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بيوت وأراض وممتلكات فلسطينية في القدس الشرقية. وربما تكون فرصة ثمينة للفلسطينيين لوضع حد لامتداد الأخطبوط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية.
الموضوع الذي يربك الجهات الاسرائيلية الرسمية، قد يمنع تنفيذ أحد اخطر المشاريع الاستيطانية في منطقة «مغارة سليمان» في القدس والذي تسعى جمعية استيطانية من خلاله الى تسجيل 13 دونماً باسمها ومن ثم تنفيذ مشروع سياحي ضخم. وقد يمنع الموضوع ايضاً تنفيذ صفقات لأراض سورية في الجولان المحتل، ولأراض تابعة للكنيسة الأرثوذكسية في طبريا والقدس وبيت شيمش ولبيوت ومبان فلسطينية في مختلف أحياء القدس. والاهم من هذا، ان علاج الموضوع من الجانب الفلسطيني في الشكل الصحيح ربما يضع حداً لنشاط عشرات العملاء الذين يتعاونون مع الجمعيات الاستيطانية في تزوير المستندات والاستيلاء على الممتلكات الفلسطينية، وهؤلاء غير موجودين في مدينة القدس فقط، بحسب ما يعتقد البعض، وإنما في الأردن وابو ظبي وبريطانيا والولايات المتحدة وأيضاً داخل الخط الأخضر من فلسطينيي 1948، وجميعهم يخضعون لأوامر مسؤولي الجمعيات الاستيطانية، وتحديداً جمعية «عطيرت كوهنيم»، التي تعتبر اليوم اكثر هذه الجمعيات نشاطاً من اجل تهويد المدينة المقدسة, ويقدم العملاء العرب لها الخدمات في مقابل حفنة من المال.
ان التحقيق في الصفقات الاستيطانية لإثبات تزوير ممتلكات فلسطينية، سيعيد خلط حسابات مخططي المشاريع الاستيطانية، من مسؤولين رسميين وبلديات و «شاباك» وجمعيات استيطانية، هؤلاء الذين يخططون للوصول الى وضع تضمن فيه إسرائيل حتى العام 2020 خريطة ديموغرافية بأكثرية يهودية وأقلية عربية، وتكون مدينة القدس عاصمة موحدة للدولة الإسرائيلية.
الشخص الذي شغل المؤسسات الاسرائيلية الرسمية طوال الأسبوعين الأخيرين، يعيش اليوم في الشمال، بعيداً من القدس مسقط رأسه وبعيداً من عائلته التي أعلنت براءتها منه وبعيداً من القوى الوطنية الفلسطينية التي يخشى أن تنتقم منه في كل لحظة، وبعيداً ايضاً من الجمعية الاستيطانية «عطيرت كوهنيم» التي تحاول منعه من الحديث والكشف اكثر عن التفاصيل, كما تحاول الحصول على ما يحتفظ به من مستندات وتسجيلات وأدلة على أسلوب عملها، الذي تمكنت بواسطته من الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأرض الفلسطينية وعشرات البيوت وتخطط اليوم لتنفيذ مشاريع استيطانية كثيرة.
أطلب التوبة... ولكن
محمد مراغة، فلسطيني من سكان القدس، وقع في شباك جمعية «عطيرت كوهنيم»، كما يقول، أواخر العام 1999 وقدم لها خدمات كثيرة على مدار خمس سنوات وساعدها في الاستيلاء على ممتلكات فلسطينية في القدس. لكن مراغة قرر، قبل سنتين، الانتقام من الجمعية بعدما رمت زوجته وأولاده في الشارع للاستيلاء على البيت الذي يسكنونه والواقع في عمارة مؤلفة من سبع طبقات قائمة على ارض في حي سلوان من القدس الشرقية المحتلة، مسجلة باسم ابنه الطفل الذي لم يتعد السبع سنوات. ومراغة بنفسه هو الطرف الذي ساهم في تزوير المستندات التي ساعدت الجمعية في السيطرة على الأرض وهو نفسه المقاول الذي بنى البيت. وقد قرر مواجهة النيابة الاسرائيلية والشرطة والمسؤولين السياسيين عبر وسائل الإعلام الاسرائيلية بالكشف عن العلاقة الوثيقة بين هذه الجهات والجمعية الاستيطانية «عطيرت كوهنيم» ودعمها في تزوير مستندات وتنفيذ صفقات غير قانونية والتستر عليها، لكن جهوده باءت بالفشل وأهملت شكوى تقدم بها الى النيابة الاسرائيلية للتحقيق مع الشرطة وبل دية القدس في هذه القضايا وفي السكوت على بناء العمارة التي طردت عائلته منها وهي مسجلة باسم الجمعية، على رغم ما قدمه من مستندات يؤكد فيها ان قسماً كبيراً من المبنى أقيم من دون أساسات، ما يشكل خطراً على السكان والمنطقة المحيطة بها.
لقد اعتقد مراغة بأن مواجهة النيابة عبر الإسرائيليين ستحرك ساكناً، وربما اطمأن بعدما تقدم النائب يوسي بيلين بطلب الى المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، للتحقيق في هذه العلاقة ولعدم إجراء تحقيق مع الشرطة وفق ما قدمه مراغة من مستندات ووثائق تشير الى هذه التجاوزات. لكن أحداً لم يتحرك للتحقيق في شكواه، ما دفعه الى سلوك طريق آخر، ربما يحقق له الهدف. فاتفق مع محاميين إسرائيليين على تقديم التماس الى المحكمة العليا ضد نيابة الدولة والشرطة وبلدية القدس خلال هذا الأسبوع. مراغة، الذي أعلن نيته الانتقام عبر الكشف عن صفقات بناء ومشاريع استيطانية، يعترف اليوم بأنه اخطأ في حق عائلته وجيرانه وأبناء حيه وكل فلسطيني وقع ضحية نشاطه. لكنه يريد ان يصحح هذا الخطأ بالتعويض بما لا يمكن أي شخص آخر فعله, ويقول: «سنتان وأنا أحقق وأبحث وأجمع المستندات على حسابي الشخصي حتى وجدت اليوم انني أستطيع التعويض عما فعلته وأنقذ ما يمكن إنقاذه من منع تنفيذ صفقات استيطانية تؤدي الى تهويد اكبر مساحة من الأرض الفلسطينية ومن كشف أساليب التزوير التي اتبعتها الجمعية، وأنا واحد منها، لعل إثبات ذلك في القضاء يعيد الى الفلسطينيين حقهم».
مراغة الذي اتخذ هذه الخطوة الأولى من نوعها بين العملاء الفلسطينيين تجوّل في البلدات اليهودية حاملاً حقيبة كبيرة مملوءة بالمستندات والأدلة والوثائق التي تحتوي على معلومات تكشف صفقات ومخططات مستقبلية خطيرة, كشف لـ «الحياة» عن قسم منها محتفظاً للمستقبل بالقسم الآخر.
يقول مراغة ان أوضاعه الاقتصادية التي تدهورت جراء وضع صحي طارئ ألمّ به، حولته من مقاول يقود سيارة مرسيدس ومسؤول عن عشرات العمال ودخله الشهري يزيد على عشرة آلاف شاقل (2200 دولار) الى سائق تاكسي لا يتعدى أجره اليومي ثلاثين شاقلاً (7 دولارات)، وهو مبلغ – كما يقول - لا يكفيه لشراء الطعام لأولاده. كما انه وقع في مشاكل عائلية كثيرة بعد مرضه أبعدت عنه اقرب الناس, فبقي وحيداً مع زوجته وأولاده عاجزاً تماماً عن تقديم الحد الأدنى من احتياجاتهم.
«هذا ليس مبرراً»، قالوا لي ذلك مرات عدة، يقول مراغة ويضيف: «ولكن هذا ما حصل. فأنا لم أتوقع ان مثل هذه العلاقة سيؤدي الى النتائج التي وصلت إليها. فما حصلت عليه من مال من الجمعية، في السنة الأولى من عملي، أعاد إلي قوتي وقدرتي على الحياة... والكثير من بني البشر ربما يضعفون او يكونون طماعين».
لقاء مراغة مع الجمعية كان صدفة عندما اتصل بمكاتبها في محاولة لمساعدة مسن فلسطيني سيطرت الجمعية على بيته من دون ان يكون قد وقّع على مستند بيع. هذه المحاولة التي تمت باتصال هاتفي مع الجمعية انتهت بجلسة معه في مقهى في القدس.
العرض الذي قُدّم له مضمونه تنفيذ صفقات لبيع بيوت فلسطينية وتسجيلها باسم جمعية أجنبية في الخارج، تابعة لجمعية «عطيرت كوهنيم». وكانت أولى الصفقات يوم 14 شباط (فبراير) من العام 2000 واستهدفت أحد اهم البيوت الفلسطينية في حي سلوان الذي تعود ملكيته الى عائلة عسيلي. اتفق مع الجمعية على نشر إشاعة في الحي انه ينوي شراء بيت ثم اقترح على عائلة عسيلي شراء بيتها فوافقت العائلة وهو بدوره قام بتسجيله باسم الشركة التابعة لـ «عطيرت كوهنيم». وفي الوقت نفسه تجاوب مع طلب الجمعية بنقل ملكية ارض لعمه الى اسمها ومن ثم بناء عمارة ونقل ملكيتها إليها، ولم يتردد مراغة في ذلك بل وافق على التجاوب مع الجمعية بصفقة اخرى مزورة تتعلق ببيت عسيلي نفسه. فبعدما سجل المنزل باسم الجمعية اتفق مع الأخيرة على بيع المنزل لعائلة الرجبي التي سلمته دفعة أولى بقيمة 20 ألف دينار أردني (30 ألف دولار) ونقل المبلغ بدوره الى الجمعية وحصل على مبلغ 10 آلاف شاقل (2200 دولار) كعمولة. الجمعية قررت الاستيلاء على بيت الرجبي والعمارة في يوم واحد لكنها في الوقت ذاته أرادت الحفاظ على مراغة لأن إظهار مستندات بملكيتها عند الاستيلاء عليها سيكشف أمره.
الخطوة الأولى التي اتفق عليها هي إحضار عميل فلسطيني من الأردن والتوجه الى العمارة لاستئجارها. ويقول مراغة ان «الجمعية أحضرت الفلسطيني من الأردن وهو صاحب شركة كبيرة ومعروف باسم أبو امجد واستأجرت له سيارة مرسيدس يدخل فيها الى حي سلوان وغرفة في أفخم الفنادق في القدس وطلبت منه ان يتصل بي ويتفق معي على استئجار اكثر من بيت بحجة انه يريد إسكان عماله الذين سيصلون الى القدس للعمل. وهو لا يعرف انني على علاقة بالجمعية».
وصل أبو امجد واتفق مع مراغة على استئجار البيوت واظهر أبناء الحي والجيران ان البيوت ستنقل إليه. وبهذه الخطوة خففت الجمعية من خطر كشف مراغة، لكنها لم تحسب حساب ان تكشف عملية الاستيلاء على بيت الرجبي حقيقة مراغة.
وأرادت الجمعية الاستعجال في الاستيلاء على العمارة وبيت الرجبي، خصوصاً ان عائلة الرجبي ضغطت للإسراع في تسلم مفاتيح البيت، لكن الجمعية تخوفت من قيام مراغة بخطوات من شأنها عرقلة العمل فبدأت تتآمر عليه. فأوهمته انها حريصة على مستقبله وتخاف على عائلته واقترحت عليه ان يرحل مع زوجته وأولاده الى كندا. ولاحقاً وقبل ان يغادر ادعت ان تكاليف حياته مع عائلته هناك باهظة وهي لا تملك المال لضمان مساعدته طوال الوقت فطلبت منه التوجه الى نيويورك لجمع تبرعات تضمـــــن لـــه سيارة ومعيشة يومــيـــة وحيـــاة رفاه في كندا ويقول: «صدقتهم، خصوصاً انهم اظهروا لي بطاقـات سفر جاهزة لزوجتي وعائلتي الـــى كندا في اليوم التالي لانتهاء العام الدراسي. وبالفعل توجهت الى نيويورك لجمع التبرعات لكني اكتشفت هناك حقيقة خداعهم. فبعد يوم من وصولي الى نيويورك استولوا على العمارة وبيت الرجبي وطـردوا عائلتي من البيت. وعلمت بالتفاصيل في اليوم التالي عندمــــا اتصلت في ساعات الصباح لإيقاظ ابني للذهاب الى المدرسة فردت علي زوجتي من بيت أهلها بكلمتيــن جارحتين لن أنساهما طالما انا على قيد الحياة. وعلمت ان الجمعية توجهت برفقة الشرطة وبأمر من وزير الأمن الداخلي، تساحي هنغبي، الى العمارة والى بيت الرجبي وسيطرت عليهما بعد طرد السكان وكانت عائلتي أولى الضحايا»، ويضيف: «في نيويورك حاولت الجمعية إقناعي بالبقاء هناك لكني رفضت وقررت العودة والانتقام فقط الانتقام.. وكان أمامي اما إطلاق رصاصة في رأس المسؤولين الكبيرين في الجمعية موطي دان واساف باروخي وإما الانتقام بالطريقة التي اخترتها بكشف أساليبهم وصفقاتهم. فاخترت الثانية على أمل ان انجح في محو ما ارتكبته في حياتي من أخطاء على مدار أربع سنوات عمل مع الجمعية».
عقارات الروم الأرثوذكس
الحقيبة التي يحملها مملوءة بالمستندات التي تكشف الأساليب التي اتبعتها الجمعية في الاستيلاء على بيوت الفلسطينيين ومضمون محادثات تكشف صفقات تخطط لها الجمعية حالياً او نفذتها وما زالت تلاحقها مثل صفقة بيع عقارات لبطريركية الروم الأرثوذكس في باب الخليل في القدس، التي تشمل فندقين و27 محلاً تجارياً. فقد كشف في حينه بواسطة صحيفة «معريب» الاسرائيلية عن ان البطريرك ايرينيوس باع ممتلكات الكنيسة لجمعية استيطانية، فأثيرت زوبعة فلسطينية وعربية لمجرد النشر في صحيفة عبرية. ومن دون ان يتم أي تحقيق في الموضوع تمت إقالة البطريرك ايرينيوس ورفض أي طرف الاستماع الى موقفه، وتم تعيين البطريرك الجديد ثيوفولوس. وصادقت حكومتا فلسطين والأردن على هذه التغييرات في شكل سريع، لكن الحكومة الاسرائيلية ترددت طويلاً. فقد شعرت ان إسراع الفلسطينيين والأردنيين هذا سيتيح لها المناورة على البطريركين، المنتخب حديثاً والمعزول. فهي تضغط على ايرينيوس قائلة: إذا وقعت لنا على صفقة القدس نبقيك بطريركاً ونرفض الاعتراف بالبطريرك ثيوفولوس. وتضغط على ثيوفولوس قائلة: إذا وقعت لنا على صفقة القدس وغيرها من الصفقات نعترف بك ونسحب اعترافنا بايرينيوس.
التسجيلات التي يحملها مراغة تتحدث عن تدخل جمعية «عطيرت كوهنيم» في القضيتين وتدل إلى ان الجمعية نجحت في التدخل في عزل ايرينيوس وكذلك في الامتناع عن الاعتراف بثيوفولوس. وقد ساعدها كثيراً في ذلك موقف الحكومتين الفلسطينية والأردنية المتسرع، فمارست ضغوطاً ونجحت حتى الآن في جعل ثيوفولوس يمتنع عن القيام بأي إجراء لإلغاء الصفقة المزورة في باب الخليل.
المستندات التي حاول مراغة ومعه أحد المحامين، إيصالها الى أطراف في البطريركية تؤكد ان للجمعية الاستيطانية دوراً كبيراً في تزوير مستندات صفقة باب الخليل. وهي نفسها التي وقفت وراء نشر الخبر في الصحيفة الاسرائيلية عن هذه الصفقة بهدف السيطرة على الممتلكات من طريق المستندات المزورة وإلصاق التهمة بالبطريرك ايرينيوس لأنه كان يحقق في التزوير ويعرقل استمرار الصفقة. هؤلاء الأطراف، وكما يقول مراغة، اجابوا على الهاتف انهم سيدققون في الأمر».
المحامي جواد بولس، وهو محامي السلطة الفلسطينية وقد كلفته الحكومة الفلسطينية مع المحامي الياس خوري، التحقيق في صفقة باب الخليل فكشفا عن خيوط المؤامرة. وراح يسعى لدى الحكومتين الفلسطينية والأردنية لتقفا الى جانب الجهود التي يبذلها ايرينيوس لإلغاء الصفقة واستعادة العقارات في باب الخليل.
سأل مراغة مندوب الجمعية الاستيطانية عما هو مطلوب منه فقال له، (والكلام مسجل بصوت ذلك المسؤول)، انه يريد إضعاف المحامي من طريق الابتزاز الجنسي ويقول مراغة: «لقد طلب مني رئيس الجمعية تنفيذ عملية ابتزاز جنسي مع إحدى قريبات المحامي بولس». ويضيف: «لم أتخيل ما تم عرضه عليّ وأنا شخصياً كانت علاقتي بالجمعية خلال هذه الفترة تهدف الى الحصول على مستندات ووثائق, ففكرت بالأمر ووجدت ان علي مواصلة اللعبة معهم حتى أكشف أساليبهم. بالطبع أنا لا اعرف المحامي شخصياً ولا أي شخص من عائلته لكنني أبديت موافقتي لأنني أردت ان أسجل المكالمة مع رئيس الجمعية وفيها يتحدث عن هذا الأسلوب الذي أرادني ممارسته».
وسأل مراغة مسؤولي الجمعية: «لماذا تريدون المساس بهذا المحامي وأنتم تقولون أن ايرينيوس وقع على الصفقة، بينما المحامي يقف ضد الصفقة؟». فأجابه بأن عليه أن ينفذ المطلوب منه ولا يتدخل في التفاصيل.
وقصة البطريركية لم تنته مع الجمعية عند هذا الحد. فهي تواصل ضغوطها على البطريركين، لأنها تريد الآن أراضي البطريركية في طبريا وفي «بيت شيمش» وفي القدس وغيرها.
*الحياة اللندنية-امال شحادة
التعليقات