حماس تتفوق على فتح في معركة جمع أموال التبرعات.. حركة قيادات فتح إبتداء من منزل عبد الرؤوف الروابدة في عمان

غزة-دنيا الوطن
اداء الرئيس الفلسطيني محمود عباس يثبت ان الرجل يمشي علي حد السكين او بين الالغام مع بوصلة محددة مسبقا لكن فرصتها في النجاح تساوي فرصتها في الفشل.
وحتي الخبراء في برامج عباس وانفعالاته وتحديدا المقيمين في عمان فشلوا في قراءة مبررات حاجته للقاء خاص مع النخبة الاردنية، فالرجل وعلي نحو مفاجيء وقبل ساعات قليلة من توقفه الاخير في العاصمة الاردنية عمان اجري اتصالا هاتفيا مع شخصية اردنية بارزة وكان علي الجهة الاخري من الخط الهاتفي نائب رئيس مجلس النواب الاردني ورئيس كتلة التجمع الديمقراطي وصديق عباس الشخصي الدكتور ممدوح العبادي.
مضمون المحادثة الهاتفية كان سريعا فقد عبر عباس عن رغبته في ان يلتقي بمجموعة من النخب وقادة الرأي والسياسة في المعادلة الاردنية ملمحا الي ان مثل هذا التلاقي قد يكون مناسبا علي مأدبة عشاء لكن العبادي لحظتها لم يكن في عمان او لديه برنامج اخر فدعا عباس للترتيب مع عبد الرؤوف الروابدة.
للحظة ما اختطف العبادي الذي لا ينقصه الذكاء ولا الخبرة ولا الدهاء ايضا ما هو جوهري في مسألة صديقه الرئيس، فالاجواء عاتية ضد حركة حماس وافضل عدو سياسي في الاردن للحركة هو الرئيس الروابدة الذي ابعد قادتها عندما كان رئيسا لحكومة عمان.
وهكذا حصل الترتيب فقد رتب الروابدة الذي كان ولا زال من اللاعبين الاساسيين في المعادلة الاردنية حفل عشاء صغيراً الي حد ما يقال ان خمسين شخص علي الاقل حضره، وكان من بين الحضور الرجل الاول في مكتب الملك عبد الله الثاني الدكتور باسم عوض الله الذي خاصمه المضيف الروابدة ايضا سياسيا علي مدار سنوات.
ممازحات مع قريع
وحضر نفر من النواب واعضاء البرلمان وقادة فلسطينيون يقيمون في الاردن واضفي الروابدة الذي يتمتع بحس الدعابة جوا من المرح والتعليقات المبطنة علي الجلسة وناقش الجميع الكثير من الملفات ثنائيا وجماعيا قبل ان يسأل الروابدة احمد قريع ممازحا: نحن في الاردن لدينا اعمال مهمة كرؤساء وزارات بعد التقاعد فماذا يفعل رئيس وزراء فلسطين السابق؟
هنا ظهر الاستغراب علي وجه احمد قريع فأوضح الروابدة ان هناك اعمالا اجتماعية يقوم بها الرؤساء المتقاعدون من طراز قيادة الجاهات في حالات الزواج فضحك الجميع الا ان قريع علق قائلا بانه لا يفعل ذلك لانه مازال لديه اعمال مهمة يقوم بها.
وخبراء حركة فتح يعرفون ان قريع مشغول هذه الايام بجولة في اوساط الحركة يشرح فيها اوضاعها المالية الصعبة ويحاول خلالها الاجابة علي سؤال: اين ذهبت اموال حركة فتح؟
وبطبيعة الحال نوقشت قضايا كثيرة في هذه الامسية وبرزت مستجدات وكشفت بعض الاسرار وبدا واضحا لجميع الحاضرين بان الرئيس عباس لديه برنامج خاص وهو برنامج يمكن تلمسه من عدة خطوات واعتبارات تبدأ حصريا من الجلوس وسط النخبة السياسية الاردنية .
إنعاش المركزية وإحتواء القدومي
وبالنسبة للرئيس عباس اصبح انجاز برنامج سياسي جديد يواجه خطة اولمرت الاحادية يتطلب العمل علي تصليب الصف الداخلي التنظيمي في حركة فتح، وبالنسبة لعباس فان اعادة انتاج مشهد ونفوذ حركة فتح مهمة مستحيلة بدون لجم حركة حماس وتقليص هوامش المبادرة والمناورة امامها، الامر الذي يفسر ثلاث خطوات رئاسية عباسية متتالية هي: التلويح بالاستفتاء علي وثيقة الاسري والمعتقلين، والدعوة لما سمي بحوار المؤتمر الوطني، والاستعداد لزيارة تونس مع اكبر عدد ممكن من اعضاء وقادة اللجنة المركزية في حركة فتح.
وتكتيك عباس يتضمن العودة بعد فوز حماس لاطارات منظمة التحرير قدر الامكان .
ويلاحظ فتحاوي عريق تحدث لـ القدس العربي بان هؤلاء رموز فتح الجديدة وهم الذين يتحدثون في الاعلام والفضائيات الان باسم حركة فتح وباسم الشعب الفلسطيني مقابل غياب تام ومطلق عن المشهد الاعلامي لرموز مؤسسات فتح العريقة المخضرمة والتاريخية، سواء المنضوية تحت لواء اللجنة المركزية النائمة التي لم تعقد منذ فوز حماس وحتي الان ولا اجتماعا واحدا لتدارس ازمة الحركة او الأزمة الفلسطينية. فتيار فتح الجديد يضغط بقوة باتجاهات مضادة لاجتماع اللجنة المركزية الذي اصبح حلما بالنسبة لابناء حركة فتح والذي يستعاض عنه بمشاورات واتصالات هاتفية بين الحين والاخر تشمل من تبقي حيا او بصحة جيدة من اعضاء المركزية في عمان وتونس ورام الله. وتكتيك عباس اصبح صعبا للغاية ويتطلب خطوات دقيقة جدا من بينها حل الاشكال القديم بين عباس وفاروق القدومي ثم محاولة اخراج اللجنة المركزية من غرفة الانعاش ثم العودة قدر الامكان لصياغات منظمة التحرير.
وكل هذه الخطوات تفسر زيارات عباس لعمان واهتمامه العاطفي جدا باصلاح العلاقة مع فاروق القدومي وكلامه في القاهرة وعمان بين الحين والاخر عن مؤسسة منظمة التحرير والاوراق التي يخرجها من جيبه بين الحين والاخر ايضا تحت عناوين مثل الاستفتاء والمؤتمر الوطني.
أقاليم فتح تعاني العجز المالي
وبالنسبة للفتحاويين في رام الله برز مؤخرا سبب وجيه جدا يدفع عباس للاهتمام بكل ما سبق، فثمة صراع خفي لا يتحدث عنه الاعلام خلف الكواليس بين ممثلي حركة فتح وممثلي حركة حماس علي جمع ما يمكن جمعه من مال الفلسطينيين في الجاليات والشتات، فحركة فتح بحاجة ملحة للمال بسبب ازمتها المالية الكبيرة التي تترافق مع سؤال المال الراحل او المسروق وحركة حماس تنفق المال علي اعضائها وموظفيها في اجهزة السلطة فقط، وممثلوها في دول الخليج وبعض الدول العربية وفي سورية ينجحون في جمع اموال كثيرة لصالح الحركة من الفلسطينيين في الشتات والجاليات.
وعلمت القدس العربي من مصادر في رام الله ان امناء سر اقاليم حركة فتح في الدول العربية اعدوا تقارير سلبية عن الصعوبات البالغة التي يواجهونها في جمع الاشتراكات والتبرعات من الجاليات، واطلع الرئيس عباس شخصيا علي تقارير ميدانية تؤكد ان حركة حماس تفوقت علي فتح خلال العام 2006 في ما يتعلق بجمع التبرعات والاموال من الفلسطينيين، وقالت هذه التقارير ايضا ان كثيرا من الفلسطينيين في الخارج اعتذروا عن دفع تبرعاتهم الموسمية لامناء سر اقاليم فتح ودفعوا بالمقابل لممثلي حماس او لمؤسسات تابعة لحماس او داعمة لها.
واشارت التقييمات التي لحقت بهذه التقارير الميدانية الي ان الاوساط الفلسطينية التي اعتادت الدفع لحركة فتح في الشتات بدأت تطرح اسئلة حرجة علي ممثلي الحركة عند السؤال عن الدعم المالي وهي اسئلة تتعلق بمن تدفع لهم هذه الاموال وبمظاهر الفساد، وكذلك بمظاهر الثراء الفاحش التي يعيشها بعض قادة فتح والسلطة، وبالتالي شكلت هذه الاستفسارات والتعليقات والاسئلة عامل تحجيم لمستوي ما يجمع في اقاليم فتح وكان ذلك من الاسباب الرئيسية التي عززت قناعة الرئيس عباس بضرورة التحرك فتحاويا في الاطار الداخلي والعربي لصالح الحركة ولاعادة مستويات التوازن المالي علي شكل تبرعات لما كانت عليه قبل فوز حماس الامر الذي يفسر وجود خطط عند الرئيس وبعض كبار حركة فتح لعقد اجتماعات قريبة مع الجاليات وتحديدا في دول الخليج حيث كانت تبرعات الفلسطينيين من العوامل المالية المعززة والرئيسية.
وفي السياق نفسه تقمص الرئيس عباس وفي اطار مصالحته مع القدومي شخصية جديدة تدافع عن مرجعية الدائرة السياسية في تونس فيما يخص شؤون السفارات والبعثات في الخارج، الامر الذي اعجب القدومي بكل تأكيد ودفعه لتفكيك تحالفه التكتيكي مع حماس عبر لافتة زيارات دمشق وحوار الفصائل، وهنا نجح القدومي في انجاز ما يريده فقد دفع عباس للعودة اليه بعدما جامل حماس عدة مرات في تعميمات علنية داعيا الشعب الفلسطيني للدفاع عن حكومته المنتخبة نكاية بخصومه في حركة فتح او بالذين خططوا لتجميد دوره.
وفي هذه النقطة حصريا حصل تقاطع غريب مؤخرا، فعباس والقدومي تحالفا عمليا لمنع وزير الخارجية محمود الزهار من التأثير في خارطة السفارات والسفراء في الخارج حيث تحول الرئيس عباس من مدافع عن وزير خارجيته السابق ناصر القدوة ضد القدومي قبل نحو عامين الي حليف للقدومي ضد الزهار الذي سعي بدوره للسيطرة علي القرار الدبلوماسي وتحديدا المتعلق بالسفارات والبعثات خارج فلسطين، فقد اصبح عباس فجأة نصيرا لمؤسسات منظمة التحرير ودورها في الاشراف علي الملف الدبلوماسي الخارجي لهدف تكتيكي واضح وهو منع الزهار من التحكم والسيطرة علي هذا الملف.
حرب تعميمات مرة اخري
ولذلك رأس القدومي وفد فلسطين الي مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية المنعقد حاليا في ماليزيا.
وكان رد القدومي علي خطوة عباس التقاربية مباشرا وسريعا، فقد اوقف الرجل اتصالاته الحوارية المفترضة مع قادة حماس وامتنع عن اصدار تعميمات تجامل حماس، وفوق ذلك اصدر القدومي تعميما غريبا للسفارات والبعثات مؤخرا تضمن الاشارة الي ان منظمة التحرير هي الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني وهي عضو كامل في الجامعة العربية وفي الامانة العامة للمؤتمر الاسلامي وعضو مراقب في الاتحاد الافريقي وفي الامم المتحدة.
وخاطب القدومي في تعميمه السفراء قائلا: تعلمون ان الدائرة السياسية هي وزارة خارجية فلسطين في المنفي منذ عام 1988 وبالتالي هي الممثل والمرجع في الشأن الدبلوماسي. وفي نفس التعميم وصل القدومي الي نقطة تظهر تحالفه وتصالحه مجددا مع الرئيس عباس حيث قال للسفراء: لا حاجة للقول بان الاخ رئيس اللجنة التنفيذية هو الذي يمثل الشعب الفلسطيني وهو الذي يمثل الشعب في جميع القمم والمؤتمرات وله الحق في تشكيل الوفود حسب ما يراه مناسبا.
وبهذه العبارات في التعميم يتراجع القدومي ضمنيا عن مضامين وردت في تعميمات سابقة له ضد عباس، الامر الذي يعني ان الرجلين تلاقيا عند هدف محدد فقد حصل القدومي علي ما يريده عبر عودة سيطرة دائرته علي السفارات وسحب ملف الصلاحيات من وزير خارجية الحكومة الذي ينتمي لحركة حماس، كما يحصل عباس علي ما يريده بالمقابل فيكتفي شر استقطابات القدومي لحماس ويندفع خطوة تكتيكية باتجاه خطته للجم حماس.
وليس سرا في السياق نفسه ان تعميم القدومي بخصوص السفارات الاخير صدر بعد رصد رسالتين وجههما مباشرة محمود الزهار لسفيرين فلسطينيين في الخارج بصفته وزيرا للخارجية ومسؤولا عن السفارات، فالرسالة الاولي وجهــــــها الزهار للسفير الفلسطيني في ماليزيا عبد العزيز ابو غــوش يلومه فيها علي عدم توجيه الدعوة واوراقها لمكتبه مباشرة بخصوص اجتماع وزراء خارجية المؤتمر الاسلامي الحالي في ماليزيا، كما وجه الزهار رسالة اخري للسفير الفلسطيني في اسبانيا كفاح عودة يؤنبه فيها علي عبارة قيل للزهار ان السفير عودة قالها في احد الاجتماعات ومضمونها ان حماس صنعتها اسرائيل.
والمعلوم ان السفير عودة من اكثر الشخصيات العريقة والمتزنة والبعيدة عن الاضواء والاثارة في حركة فتح اضافة الي ان المقربين منه ينفون عنه ما اتهمه الزهار به فيما يتهم الزهار نفسه الان بتجاوز حدود مسؤولياته عبر خطاب مباشر لاحد السفراء يتعلق برواية منقولة علي الالسنة خلافا حتي للاعراف الدبلوماسية.
اداء الرئيس الفلسطيني محمود عباس يثبت ان الرجل يمشي علي حد السكين او بين الالغام مع بوصلة محددة مسبقا لكن فرصتها في النجاح تساوي فرصتها في الفشل.
وحتي الخبراء في برامج عباس وانفعالاته وتحديدا المقيمين في عمان فشلوا في قراءة مبررات حاجته للقاء خاص مع النخبة الاردنية، فالرجل وعلي نحو مفاجيء وقبل ساعات قليلة من توقفه الاخير في العاصمة الاردنية عمان اجري اتصالا هاتفيا مع شخصية اردنية بارزة وكان علي الجهة الاخري من الخط الهاتفي نائب رئيس مجلس النواب الاردني ورئيس كتلة التجمع الديمقراطي وصديق عباس الشخصي الدكتور ممدوح العبادي.
مضمون المحادثة الهاتفية كان سريعا فقد عبر عباس عن رغبته في ان يلتقي بمجموعة من النخب وقادة الرأي والسياسة في المعادلة الاردنية ملمحا الي ان مثل هذا التلاقي قد يكون مناسبا علي مأدبة عشاء لكن العبادي لحظتها لم يكن في عمان او لديه برنامج اخر فدعا عباس للترتيب مع عبد الرؤوف الروابدة.
للحظة ما اختطف العبادي الذي لا ينقصه الذكاء ولا الخبرة ولا الدهاء ايضا ما هو جوهري في مسألة صديقه الرئيس، فالاجواء عاتية ضد حركة حماس وافضل عدو سياسي في الاردن للحركة هو الرئيس الروابدة الذي ابعد قادتها عندما كان رئيسا لحكومة عمان.
وهكذا حصل الترتيب فقد رتب الروابدة الذي كان ولا زال من اللاعبين الاساسيين في المعادلة الاردنية حفل عشاء صغيراً الي حد ما يقال ان خمسين شخص علي الاقل حضره، وكان من بين الحضور الرجل الاول في مكتب الملك عبد الله الثاني الدكتور باسم عوض الله الذي خاصمه المضيف الروابدة ايضا سياسيا علي مدار سنوات.
ممازحات مع قريع
وحضر نفر من النواب واعضاء البرلمان وقادة فلسطينيون يقيمون في الاردن واضفي الروابدة الذي يتمتع بحس الدعابة جوا من المرح والتعليقات المبطنة علي الجلسة وناقش الجميع الكثير من الملفات ثنائيا وجماعيا قبل ان يسأل الروابدة احمد قريع ممازحا: نحن في الاردن لدينا اعمال مهمة كرؤساء وزارات بعد التقاعد فماذا يفعل رئيس وزراء فلسطين السابق؟
هنا ظهر الاستغراب علي وجه احمد قريع فأوضح الروابدة ان هناك اعمالا اجتماعية يقوم بها الرؤساء المتقاعدون من طراز قيادة الجاهات في حالات الزواج فضحك الجميع الا ان قريع علق قائلا بانه لا يفعل ذلك لانه مازال لديه اعمال مهمة يقوم بها.
وخبراء حركة فتح يعرفون ان قريع مشغول هذه الايام بجولة في اوساط الحركة يشرح فيها اوضاعها المالية الصعبة ويحاول خلالها الاجابة علي سؤال: اين ذهبت اموال حركة فتح؟
وبطبيعة الحال نوقشت قضايا كثيرة في هذه الامسية وبرزت مستجدات وكشفت بعض الاسرار وبدا واضحا لجميع الحاضرين بان الرئيس عباس لديه برنامج خاص وهو برنامج يمكن تلمسه من عدة خطوات واعتبارات تبدأ حصريا من الجلوس وسط النخبة السياسية الاردنية .
إنعاش المركزية وإحتواء القدومي
وبالنسبة للرئيس عباس اصبح انجاز برنامج سياسي جديد يواجه خطة اولمرت الاحادية يتطلب العمل علي تصليب الصف الداخلي التنظيمي في حركة فتح، وبالنسبة لعباس فان اعادة انتاج مشهد ونفوذ حركة فتح مهمة مستحيلة بدون لجم حركة حماس وتقليص هوامش المبادرة والمناورة امامها، الامر الذي يفسر ثلاث خطوات رئاسية عباسية متتالية هي: التلويح بالاستفتاء علي وثيقة الاسري والمعتقلين، والدعوة لما سمي بحوار المؤتمر الوطني، والاستعداد لزيارة تونس مع اكبر عدد ممكن من اعضاء وقادة اللجنة المركزية في حركة فتح.
وتكتيك عباس يتضمن العودة بعد فوز حماس لاطارات منظمة التحرير قدر الامكان .
ويلاحظ فتحاوي عريق تحدث لـ القدس العربي بان هؤلاء رموز فتح الجديدة وهم الذين يتحدثون في الاعلام والفضائيات الان باسم حركة فتح وباسم الشعب الفلسطيني مقابل غياب تام ومطلق عن المشهد الاعلامي لرموز مؤسسات فتح العريقة المخضرمة والتاريخية، سواء المنضوية تحت لواء اللجنة المركزية النائمة التي لم تعقد منذ فوز حماس وحتي الان ولا اجتماعا واحدا لتدارس ازمة الحركة او الأزمة الفلسطينية. فتيار فتح الجديد يضغط بقوة باتجاهات مضادة لاجتماع اللجنة المركزية الذي اصبح حلما بالنسبة لابناء حركة فتح والذي يستعاض عنه بمشاورات واتصالات هاتفية بين الحين والاخر تشمل من تبقي حيا او بصحة جيدة من اعضاء المركزية في عمان وتونس ورام الله. وتكتيك عباس اصبح صعبا للغاية ويتطلب خطوات دقيقة جدا من بينها حل الاشكال القديم بين عباس وفاروق القدومي ثم محاولة اخراج اللجنة المركزية من غرفة الانعاش ثم العودة قدر الامكان لصياغات منظمة التحرير.
وكل هذه الخطوات تفسر زيارات عباس لعمان واهتمامه العاطفي جدا باصلاح العلاقة مع فاروق القدومي وكلامه في القاهرة وعمان بين الحين والاخر عن مؤسسة منظمة التحرير والاوراق التي يخرجها من جيبه بين الحين والاخر ايضا تحت عناوين مثل الاستفتاء والمؤتمر الوطني.
أقاليم فتح تعاني العجز المالي
وبالنسبة للفتحاويين في رام الله برز مؤخرا سبب وجيه جدا يدفع عباس للاهتمام بكل ما سبق، فثمة صراع خفي لا يتحدث عنه الاعلام خلف الكواليس بين ممثلي حركة فتح وممثلي حركة حماس علي جمع ما يمكن جمعه من مال الفلسطينيين في الجاليات والشتات، فحركة فتح بحاجة ملحة للمال بسبب ازمتها المالية الكبيرة التي تترافق مع سؤال المال الراحل او المسروق وحركة حماس تنفق المال علي اعضائها وموظفيها في اجهزة السلطة فقط، وممثلوها في دول الخليج وبعض الدول العربية وفي سورية ينجحون في جمع اموال كثيرة لصالح الحركة من الفلسطينيين في الشتات والجاليات.
وعلمت القدس العربي من مصادر في رام الله ان امناء سر اقاليم حركة فتح في الدول العربية اعدوا تقارير سلبية عن الصعوبات البالغة التي يواجهونها في جمع الاشتراكات والتبرعات من الجاليات، واطلع الرئيس عباس شخصيا علي تقارير ميدانية تؤكد ان حركة حماس تفوقت علي فتح خلال العام 2006 في ما يتعلق بجمع التبرعات والاموال من الفلسطينيين، وقالت هذه التقارير ايضا ان كثيرا من الفلسطينيين في الخارج اعتذروا عن دفع تبرعاتهم الموسمية لامناء سر اقاليم فتح ودفعوا بالمقابل لممثلي حماس او لمؤسسات تابعة لحماس او داعمة لها.
واشارت التقييمات التي لحقت بهذه التقارير الميدانية الي ان الاوساط الفلسطينية التي اعتادت الدفع لحركة فتح في الشتات بدأت تطرح اسئلة حرجة علي ممثلي الحركة عند السؤال عن الدعم المالي وهي اسئلة تتعلق بمن تدفع لهم هذه الاموال وبمظاهر الفساد، وكذلك بمظاهر الثراء الفاحش التي يعيشها بعض قادة فتح والسلطة، وبالتالي شكلت هذه الاستفسارات والتعليقات والاسئلة عامل تحجيم لمستوي ما يجمع في اقاليم فتح وكان ذلك من الاسباب الرئيسية التي عززت قناعة الرئيس عباس بضرورة التحرك فتحاويا في الاطار الداخلي والعربي لصالح الحركة ولاعادة مستويات التوازن المالي علي شكل تبرعات لما كانت عليه قبل فوز حماس الامر الذي يفسر وجود خطط عند الرئيس وبعض كبار حركة فتح لعقد اجتماعات قريبة مع الجاليات وتحديدا في دول الخليج حيث كانت تبرعات الفلسطينيين من العوامل المالية المعززة والرئيسية.
وفي السياق نفسه تقمص الرئيس عباس وفي اطار مصالحته مع القدومي شخصية جديدة تدافع عن مرجعية الدائرة السياسية في تونس فيما يخص شؤون السفارات والبعثات في الخارج، الامر الذي اعجب القدومي بكل تأكيد ودفعه لتفكيك تحالفه التكتيكي مع حماس عبر لافتة زيارات دمشق وحوار الفصائل، وهنا نجح القدومي في انجاز ما يريده فقد دفع عباس للعودة اليه بعدما جامل حماس عدة مرات في تعميمات علنية داعيا الشعب الفلسطيني للدفاع عن حكومته المنتخبة نكاية بخصومه في حركة فتح او بالذين خططوا لتجميد دوره.
وفي هذه النقطة حصريا حصل تقاطع غريب مؤخرا، فعباس والقدومي تحالفا عمليا لمنع وزير الخارجية محمود الزهار من التأثير في خارطة السفارات والسفراء في الخارج حيث تحول الرئيس عباس من مدافع عن وزير خارجيته السابق ناصر القدوة ضد القدومي قبل نحو عامين الي حليف للقدومي ضد الزهار الذي سعي بدوره للسيطرة علي القرار الدبلوماسي وتحديدا المتعلق بالسفارات والبعثات خارج فلسطين، فقد اصبح عباس فجأة نصيرا لمؤسسات منظمة التحرير ودورها في الاشراف علي الملف الدبلوماسي الخارجي لهدف تكتيكي واضح وهو منع الزهار من التحكم والسيطرة علي هذا الملف.
حرب تعميمات مرة اخري
ولذلك رأس القدومي وفد فلسطين الي مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية المنعقد حاليا في ماليزيا.
وكان رد القدومي علي خطوة عباس التقاربية مباشرا وسريعا، فقد اوقف الرجل اتصالاته الحوارية المفترضة مع قادة حماس وامتنع عن اصدار تعميمات تجامل حماس، وفوق ذلك اصدر القدومي تعميما غريبا للسفارات والبعثات مؤخرا تضمن الاشارة الي ان منظمة التحرير هي الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني وهي عضو كامل في الجامعة العربية وفي الامانة العامة للمؤتمر الاسلامي وعضو مراقب في الاتحاد الافريقي وفي الامم المتحدة.
وخاطب القدومي في تعميمه السفراء قائلا: تعلمون ان الدائرة السياسية هي وزارة خارجية فلسطين في المنفي منذ عام 1988 وبالتالي هي الممثل والمرجع في الشأن الدبلوماسي. وفي نفس التعميم وصل القدومي الي نقطة تظهر تحالفه وتصالحه مجددا مع الرئيس عباس حيث قال للسفراء: لا حاجة للقول بان الاخ رئيس اللجنة التنفيذية هو الذي يمثل الشعب الفلسطيني وهو الذي يمثل الشعب في جميع القمم والمؤتمرات وله الحق في تشكيل الوفود حسب ما يراه مناسبا.
وبهذه العبارات في التعميم يتراجع القدومي ضمنيا عن مضامين وردت في تعميمات سابقة له ضد عباس، الامر الذي يعني ان الرجلين تلاقيا عند هدف محدد فقد حصل القدومي علي ما يريده عبر عودة سيطرة دائرته علي السفارات وسحب ملف الصلاحيات من وزير خارجية الحكومة الذي ينتمي لحركة حماس، كما يحصل عباس علي ما يريده بالمقابل فيكتفي شر استقطابات القدومي لحماس ويندفع خطوة تكتيكية باتجاه خطته للجم حماس.
وليس سرا في السياق نفسه ان تعميم القدومي بخصوص السفارات الاخير صدر بعد رصد رسالتين وجههما مباشرة محمود الزهار لسفيرين فلسطينيين في الخارج بصفته وزيرا للخارجية ومسؤولا عن السفارات، فالرسالة الاولي وجهــــــها الزهار للسفير الفلسطيني في ماليزيا عبد العزيز ابو غــوش يلومه فيها علي عدم توجيه الدعوة واوراقها لمكتبه مباشرة بخصوص اجتماع وزراء خارجية المؤتمر الاسلامي الحالي في ماليزيا، كما وجه الزهار رسالة اخري للسفير الفلسطيني في اسبانيا كفاح عودة يؤنبه فيها علي عبارة قيل للزهار ان السفير عودة قالها في احد الاجتماعات ومضمونها ان حماس صنعتها اسرائيل.
والمعلوم ان السفير عودة من اكثر الشخصيات العريقة والمتزنة والبعيدة عن الاضواء والاثارة في حركة فتح اضافة الي ان المقربين منه ينفون عنه ما اتهمه الزهار به فيما يتهم الزهار نفسه الان بتجاوز حدود مسؤولياته عبر خطاب مباشر لاحد السفراء يتعلق برواية منقولة علي الالسنة خلافا حتي للاعراف الدبلوماسية.
التعليقات