مصريون يقاومون همومهم بالأغنية السرية والكباريه السياسي

غزة-دنيا الوطن
يخرج قارئ كتاب عن تاريخ الأغاني الشعبية المصرية بما يشبه النتيجة التي تشير الى أن المصريين يقاومون بالغناء السري الشعبي كل شيء من الهموم اليومية الصغيرة الى الهزائم العسكرية. يقول علي الشناوي مؤلف كتاب "الاغنية الشعبية" ان المواطن المصري بعد حرب 1967 بحث عن مهرب مما اعتبره هوانا وفقدان ثقة بالنفس فلجأ الى استهلاك أعمال غنائية وصفها بالممنوعة والهابطة لمؤدين مجهولين تصدروا عالم "الغناء السري" في تلك المرحلة.
وحرص المؤلف في كتابه على أن يسجل الجاذبية التي يحظى بها هذا اللون الغنائي لدرجة دعت مطربين كبارا الى تقديم أعمال ذات طابع شعبي ومنهم أم كلثوم وعبد الحليم حافظ الذي غازل جمهوره ببعض الاغنيات منافسا المطربين الشعبيين. وقال الشناوي ان الأغنية الشعبية تحولت منذ نهاية الستينيات وحدث لها في كثير من الاحيان ما يشبه تغيير الجلد على أيدي من اعتبرهم منتسبين هبطوا بالغناء الشعبي الى مستوى "الكلمات التافهة والنكات السخيفة.
وأضاف أن أحمد عدوية أصبح رمزا لهذا الغناء الشعبي في السبعينيات منذ ظهر "عقب النكسة" في إشارة الى حرب يونيو حزيران 1967 التي استولت فيها اسرائيل على هضبة الجولان السورية وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية العربية وشبه جزيرة سيناء التي استعادتها مصر بعد معاهدة سلام أبرمتها مع اسرائيل عام 1979.
كما أشار الى أن حرب 1967 والانفتاح الاقتصادي في مصر منتصف السبعينيات تسببا في دخول مفردات "غريبة" الى الغناء الشعبي كما يبدو من أغنيتي عدوية (بنج بنج بنج) ألحان بليغ حمدي و(كراكشنجي دبح كبشه) التي كتبها مأمون الشناوي الى جوار أعمال أخرى تتفق مع منظومة الغناء الشعبي الذي يحث على الصبر والأمل ويلعن الفراق والخيانة كما يدعو الى الفرح بالحياة.
وقال ان أغلب الغناء السري في تلك المرحلة كان حصاد مؤدين مجهولين ومنتجين تجار لا علاقة لهم بالفن وغرف للتسجيلات "تحت بير السلم" بدلا من الاستوديوهات وكانت الثمرة أغنيات "ممنوعة وهابطة وغير مجازة رقابيا اما لتدني مستواها أو لعدم مراعاة الذوق والاداب العامة وأضحت الاغنية الشعبية التي كانت عنوانا للاصالة توصف بالاسفاف والهبوط."
وأرجع المؤلف بداية الغناء السري الى كواء اسمه أنور العسكري كان شرطيا في الستينيات ومنها حمل لقب العسكري وكان يرتجل "الغناء البلدي" بدون موسيقى واستعان به المخرج المسرحي فايز حلاوة (1932 - 2002) ليغني في مسرحية (قهوة التوتة) ثم اختاره مخرج اخر لغناء مقدمة مسلسل تلفزيوني نجح انذاك فاشتهر العسكري ووجد من ينتج له اسطوانات.
الكباريه السياسي
ويعد حلاوة الذي تخرج في كلية الحقوق بجامعة عين شمس مؤسس ما يعرف بالكباريه السياسي الذي يتناول علاقة المواطن بالسلطة. وأخرج مسرحيات منها (روبابيكيا) و(يحيا الوفد) و(البغل في الابريق) و(الباب العالي)
وقال الشناوي ان نجاح أعمال العسكري جعله "مدرسة" تخرج فيها كثيرون منهم شعبان عبد الرحيم وكتكوت الأمير وحسن الأسمر وعبد الباسط حمودة وهو معتمد من لجنة الاستماع بالاذاعة والتلفزيون منذ عام 1984 وحصل على بطاقة اعتماد كمطرب من لجنة استماع ضمت الموسيقيين محمد الموجي وبليغ حمدي وسيد مكاوي وحلمي بكر وعمار الشريعي.
وأبدى المؤلف حيرته من منع إذاعة أغاني حمودة في التلفزيون المصري "والأكثر غرابة" استمرار منع الاعلان عن أعماله.وأضاف أن عدوية اشتهر في بداياته بشارع محمد علي بأداء مواويل العسكري مشيرا الى أن ثلاثة يُنسب اليهم اكتشافه هم المطربة شريفة فاضل وسمير محجوب مؤلف أغنية )صافيني مرة) أول أعمال عبد الحليم والشاعر مأمون الشناوي.
وأضاف أن عام 1969 يؤرخ له ببداية مرحلة مختلفة منذ غنى عدوية "السح الدح امبو - ادي الواد لابوه. يا عيني الواد بيعيط - الواد عطشان اسقوه" حيث سجلها ثم ذهب الى ليبيا في مطلع السبعينيات لمدة 21 يوما ليغني هناك مقابل أربعة جنيهات مصرية عن كل ليلة. ثم استيقظ الشارع المصري على الأغنية التي ساهم نجاحها في أن تصبح حدا يفصل الغناء الشعبي قبلها وبعدها.
وقال المؤلف ان مبيعات الاغنية حققت لأول مرة في مصر رقم المليون نسخة وهذا منح صاحبها الثقة بعد عودته من ليبيا فاستعانت به السينما لتضمن رواج الافلام. ولم تهتز شعبيته بسبب تجاهل أجهزة الاعلام له أو الهجوم عليه.
رغم مطاردات الرقابة
وأضاف أن هذا اللون الغنائي كان يجد طريقه الى المستهلك رغم مطاردات أجهزة الرقابة مشيرا الى تجربة سامي علي الذي درس الموسيقى وحين تكرر إخفاقه في تقديم عمل راق انتهى مغنيا خلف الراقصة سحر حمدي "من أجل لقمة العيش" وقدم أغنيات طاردتها الرقابة يقول في أحدها.. "اللي شرطة عينه بتجنن - أقول له نظرة يقول يحنن - يجنن".
كما أشار الى حكم قضائي عام 1986 بتغريم عدوية مبلغا ماليا بتهمة أداء "أغنيات مخلة بقواعد الآداب العامة" وسبق أن أُحيل عدوية عام 1985 الى النيابة وأُخلي سبيله بكفالة 500 جنيه لغنائه في أحد الملاهي "بطريقة مثيرة ويقوم بحركات بيده أثارت رواد الملهى."
وقال ان الغناء السري كان يتبع تجمعات المصريين خارج البلاد ففي الثمانينيات كان بالعراق مئات الالاف من العمال المصريين الذين احتفوا بتجربة عادل المصري وتبارت محلات الاشرطة ببغداد في طبع أغنياته في أشرطة وجدت رواجا.
ويسجل الكتاب أن المصادفات صنعت نجوم الأغنية الشعبية في مصر وأنهم ينتمون الى فئات دنيا في المجتمع فبعضهم كواء وآخر صانع أحذية مثل فوزي العدوي صاحب أغنية (كله يرقص.. كله يغني) وثالث يقرأ القرآن في المقابر مثل محمود سعد وكان منافسا لشعبان عبد الرحيم الذي عايره في أغنية (التربي خد عربون ولا جاش) ورابع ميكانيكي هو سيد عبد الرحيم شبيه شعبان.
كما يسجل ابتكارات لهؤلاء المؤدين ليصنعوا البهجة في الافراح فعلى سبيل المثال كان جابر النمر صاحب أغنيتي (العمدة الالي) و(محمود ايه ده يا محمود) ذا جسد نحيل فلجأ الى الجلوس على كرسي ويحمله المدعوون ليغني فوق الاعناق "ويعد أول مطرب أدخل تجربة الغناء على الكراسي غير الموسيقية". أما أحمد العجوز الذي جاء من اسنا بصعيد مصر فساقاه مبتورتان ويغني على كرسي متحرك "ويمتلك امكانات صوتية يحسده عليها كثيرون."
ودفع أحد هؤلاء "المطربين" وهو بيومي المرجاوي حياته في حين كان يظن أن يسعد آخرين حيث أصابه طلق ناري وهو يغني على المسرح بأحد الافراح الشعبية ففارق الحياة.وتغنى "مطربون" آخرون بأسماء مسؤولين كما فعل شعبان عبد الرحيم حين غنى "بحب عمرو موسى وبكره اسرائيل" بعد اندلاع الانتفاضة في سبتمبر أيلول 2000 وتردد آنذاك أن الأغنية عجلت بانتقال عمرو موسى وزير الخارجية المصري الأسبق من الوزارة الى منصب الأمين العام للجامعة العربية.
يخرج قارئ كتاب عن تاريخ الأغاني الشعبية المصرية بما يشبه النتيجة التي تشير الى أن المصريين يقاومون بالغناء السري الشعبي كل شيء من الهموم اليومية الصغيرة الى الهزائم العسكرية. يقول علي الشناوي مؤلف كتاب "الاغنية الشعبية" ان المواطن المصري بعد حرب 1967 بحث عن مهرب مما اعتبره هوانا وفقدان ثقة بالنفس فلجأ الى استهلاك أعمال غنائية وصفها بالممنوعة والهابطة لمؤدين مجهولين تصدروا عالم "الغناء السري" في تلك المرحلة.
وحرص المؤلف في كتابه على أن يسجل الجاذبية التي يحظى بها هذا اللون الغنائي لدرجة دعت مطربين كبارا الى تقديم أعمال ذات طابع شعبي ومنهم أم كلثوم وعبد الحليم حافظ الذي غازل جمهوره ببعض الاغنيات منافسا المطربين الشعبيين. وقال الشناوي ان الأغنية الشعبية تحولت منذ نهاية الستينيات وحدث لها في كثير من الاحيان ما يشبه تغيير الجلد على أيدي من اعتبرهم منتسبين هبطوا بالغناء الشعبي الى مستوى "الكلمات التافهة والنكات السخيفة.
وأضاف أن أحمد عدوية أصبح رمزا لهذا الغناء الشعبي في السبعينيات منذ ظهر "عقب النكسة" في إشارة الى حرب يونيو حزيران 1967 التي استولت فيها اسرائيل على هضبة الجولان السورية وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية العربية وشبه جزيرة سيناء التي استعادتها مصر بعد معاهدة سلام أبرمتها مع اسرائيل عام 1979.
كما أشار الى أن حرب 1967 والانفتاح الاقتصادي في مصر منتصف السبعينيات تسببا في دخول مفردات "غريبة" الى الغناء الشعبي كما يبدو من أغنيتي عدوية (بنج بنج بنج) ألحان بليغ حمدي و(كراكشنجي دبح كبشه) التي كتبها مأمون الشناوي الى جوار أعمال أخرى تتفق مع منظومة الغناء الشعبي الذي يحث على الصبر والأمل ويلعن الفراق والخيانة كما يدعو الى الفرح بالحياة.
وقال ان أغلب الغناء السري في تلك المرحلة كان حصاد مؤدين مجهولين ومنتجين تجار لا علاقة لهم بالفن وغرف للتسجيلات "تحت بير السلم" بدلا من الاستوديوهات وكانت الثمرة أغنيات "ممنوعة وهابطة وغير مجازة رقابيا اما لتدني مستواها أو لعدم مراعاة الذوق والاداب العامة وأضحت الاغنية الشعبية التي كانت عنوانا للاصالة توصف بالاسفاف والهبوط."
وأرجع المؤلف بداية الغناء السري الى كواء اسمه أنور العسكري كان شرطيا في الستينيات ومنها حمل لقب العسكري وكان يرتجل "الغناء البلدي" بدون موسيقى واستعان به المخرج المسرحي فايز حلاوة (1932 - 2002) ليغني في مسرحية (قهوة التوتة) ثم اختاره مخرج اخر لغناء مقدمة مسلسل تلفزيوني نجح انذاك فاشتهر العسكري ووجد من ينتج له اسطوانات.
الكباريه السياسي
ويعد حلاوة الذي تخرج في كلية الحقوق بجامعة عين شمس مؤسس ما يعرف بالكباريه السياسي الذي يتناول علاقة المواطن بالسلطة. وأخرج مسرحيات منها (روبابيكيا) و(يحيا الوفد) و(البغل في الابريق) و(الباب العالي)
وقال الشناوي ان نجاح أعمال العسكري جعله "مدرسة" تخرج فيها كثيرون منهم شعبان عبد الرحيم وكتكوت الأمير وحسن الأسمر وعبد الباسط حمودة وهو معتمد من لجنة الاستماع بالاذاعة والتلفزيون منذ عام 1984 وحصل على بطاقة اعتماد كمطرب من لجنة استماع ضمت الموسيقيين محمد الموجي وبليغ حمدي وسيد مكاوي وحلمي بكر وعمار الشريعي.
وأبدى المؤلف حيرته من منع إذاعة أغاني حمودة في التلفزيون المصري "والأكثر غرابة" استمرار منع الاعلان عن أعماله.وأضاف أن عدوية اشتهر في بداياته بشارع محمد علي بأداء مواويل العسكري مشيرا الى أن ثلاثة يُنسب اليهم اكتشافه هم المطربة شريفة فاضل وسمير محجوب مؤلف أغنية )صافيني مرة) أول أعمال عبد الحليم والشاعر مأمون الشناوي.
وأضاف أن عام 1969 يؤرخ له ببداية مرحلة مختلفة منذ غنى عدوية "السح الدح امبو - ادي الواد لابوه. يا عيني الواد بيعيط - الواد عطشان اسقوه" حيث سجلها ثم ذهب الى ليبيا في مطلع السبعينيات لمدة 21 يوما ليغني هناك مقابل أربعة جنيهات مصرية عن كل ليلة. ثم استيقظ الشارع المصري على الأغنية التي ساهم نجاحها في أن تصبح حدا يفصل الغناء الشعبي قبلها وبعدها.
وقال المؤلف ان مبيعات الاغنية حققت لأول مرة في مصر رقم المليون نسخة وهذا منح صاحبها الثقة بعد عودته من ليبيا فاستعانت به السينما لتضمن رواج الافلام. ولم تهتز شعبيته بسبب تجاهل أجهزة الاعلام له أو الهجوم عليه.
رغم مطاردات الرقابة
وأضاف أن هذا اللون الغنائي كان يجد طريقه الى المستهلك رغم مطاردات أجهزة الرقابة مشيرا الى تجربة سامي علي الذي درس الموسيقى وحين تكرر إخفاقه في تقديم عمل راق انتهى مغنيا خلف الراقصة سحر حمدي "من أجل لقمة العيش" وقدم أغنيات طاردتها الرقابة يقول في أحدها.. "اللي شرطة عينه بتجنن - أقول له نظرة يقول يحنن - يجنن".
كما أشار الى حكم قضائي عام 1986 بتغريم عدوية مبلغا ماليا بتهمة أداء "أغنيات مخلة بقواعد الآداب العامة" وسبق أن أُحيل عدوية عام 1985 الى النيابة وأُخلي سبيله بكفالة 500 جنيه لغنائه في أحد الملاهي "بطريقة مثيرة ويقوم بحركات بيده أثارت رواد الملهى."
وقال ان الغناء السري كان يتبع تجمعات المصريين خارج البلاد ففي الثمانينيات كان بالعراق مئات الالاف من العمال المصريين الذين احتفوا بتجربة عادل المصري وتبارت محلات الاشرطة ببغداد في طبع أغنياته في أشرطة وجدت رواجا.
ويسجل الكتاب أن المصادفات صنعت نجوم الأغنية الشعبية في مصر وأنهم ينتمون الى فئات دنيا في المجتمع فبعضهم كواء وآخر صانع أحذية مثل فوزي العدوي صاحب أغنية (كله يرقص.. كله يغني) وثالث يقرأ القرآن في المقابر مثل محمود سعد وكان منافسا لشعبان عبد الرحيم الذي عايره في أغنية (التربي خد عربون ولا جاش) ورابع ميكانيكي هو سيد عبد الرحيم شبيه شعبان.
كما يسجل ابتكارات لهؤلاء المؤدين ليصنعوا البهجة في الافراح فعلى سبيل المثال كان جابر النمر صاحب أغنيتي (العمدة الالي) و(محمود ايه ده يا محمود) ذا جسد نحيل فلجأ الى الجلوس على كرسي ويحمله المدعوون ليغني فوق الاعناق "ويعد أول مطرب أدخل تجربة الغناء على الكراسي غير الموسيقية". أما أحمد العجوز الذي جاء من اسنا بصعيد مصر فساقاه مبتورتان ويغني على كرسي متحرك "ويمتلك امكانات صوتية يحسده عليها كثيرون."
ودفع أحد هؤلاء "المطربين" وهو بيومي المرجاوي حياته في حين كان يظن أن يسعد آخرين حيث أصابه طلق ناري وهو يغني على المسرح بأحد الافراح الشعبية ففارق الحياة.وتغنى "مطربون" آخرون بأسماء مسؤولين كما فعل شعبان عبد الرحيم حين غنى "بحب عمرو موسى وبكره اسرائيل" بعد اندلاع الانتفاضة في سبتمبر أيلول 2000 وتردد آنذاك أن الأغنية عجلت بانتقال عمرو موسى وزير الخارجية المصري الأسبق من الوزارة الى منصب الأمين العام للجامعة العربية.
التعليقات