جسر عبدون المعلق الممر الآمن بين اغنياء عمان

جسر عبدون المعلق الممر الآمن بين اغنياء عمان
غزة-دنيا الوطن

لن تتمكن تلك الاودية الوعرة بعد حلول شهر حزيران (يونيو) المقبل، من ان تشكل حاجزا طبيعيا بين اغنياء العاصمة الاردنية عمان وفقرائها الاقل حظا ، فقد قررت السلطات المعنية في العاصمة، تشييد جسر معلق عملاق يخترق تلك الاودية ليربط التلال المتناثرة بعضها ببعض ضمن مشروع طموح يهدف الي خلق طريق دائري يربط غرب العاصمة غني مع شرقها الفقير.

وعند النقطة الجبلية التي يتمركز عليها مقر رئاسة الحكومة الاردنية، بدأت آليات عملاقة عمليات حفر وتجهيز ضمن المشروع المعروف باسم جسر عبدون المعلق الذي يربط بين جبل عمان وبين منطقة عبدون الراقية غرب العاصمة مخترقا واديا عميقا يعرف باسم وادي عبدون ، ليمتد بعد ذلك الي مناطق جنوب شرق العاصمة ثم الي شرقها. مشكلا بذلك طريق عمان الدائري، احد اكثر مشاريع الطرق طموحا في الاردن.

وانتصبت حتي الآن الاعمدة الثلاثة للجسر، مرتفعة من قلب الوادي الي قمة الجبلين اللذين سيرتبطان مع بعضهما البعض بعد اكتمال الجسر. ويبلغ طول اطول هذه الاعمدة نحو 45 مترا عن اخفض منطقة في الوادي. واخذ كل قائم من هذه القوائم شكل الشوكة، واصبحت واحدة من المعالم الكبيرة في العاصمة، فيما اصبحت انباء تطور عمليات تشييد الجسر جزءا من حديث السكان واهتمامهم.

وتشرف امانة عمان (بلدية العاصمة)، علي المشروع، بعد ان طرحته في عطاء دولي، وتم تصميم الجسر من قبل احدي الشركات الهندسية المحلية، فيما يتم تنفيذه من قبل شركة لارسون وتوبر الهندية، وبالتآلف مع احدي الشركات المحلية. فيما تبلغ كلفة المشروع نحو 10.8 مليون دينار اردني (نحو 12 مليون دولار). فيما يتوقع افتتاحه في شهر حزيران (يونيو) المقبل بعد نحو ثلاث سنوات من بدء العمل في تشييده.

واثار تشييد المشروع جدلا في الاوساط الاردنية، بالنظر الي كبر حجمه بالمقاييس المحلية، حيث قلل متخصصون من اهمية الجسر ومقدرته علي حل الاختناقات المرورية، معتبرين ان تشييده جاء لغرض اضافة لمسات جمالية علي العاصمة ليس اكثر . في الوقت الذي اكد فيه نضال الحديد، عمدة العاصمة عمان، علي الاهمية المرورية للمشروع، مشيرا الي انه الحلقة الاهم ضمن الطريق الداخلي الاوسط لمدينة عمان .. وسيكون له اثر ايجابي في التخفيف من الاختناقات المرورية .

ويمتد الطريق الدائري المذكور، علي طول 24 كيلومترا، يبدا من احد الميادين المشهورة وسط العاصمة ومعروف باسم ميدان عبد الناصر ، باتجاه جبل عمان بالقرب من مقر الحكومة، مخترقا وادي عبدون فمدينة عبدون الفارهة، ثم يبدا بعد ذلك طريقه نحو شرق العاصمة ليعود الي الميدان الذي انطلق منه. ويضم هذا الطريق عددا من الجسور والانفاق، الا ان اشهرها علي الاطلاق واكثرها كلفة هو جسر عبدون المعلق .

ووفق احصاءات رسمية، فقد تجاوز عدد المركبات في الاردن 750 الف مركبة مع نهاية عام 2003 الماضي، الامر الذي دفع السلطات المعنية في العاصمة الي عمل عدة دراسات حول ذلك، وخلصت تلك الدراسات الي ضرورة تجهيز طريق دائري عبر الانفاق والجسور والتخفيف من التقاطعات المرورية المزدحمة.

ويتوقع مراقبون، ان يسهم الطريق الدائري الجديد داخل العاصمة، في تغيير جزءا هاما من النسيج العمراني والاجتماعي في المدينة، التي سيختلط لاول مرة شرقها مع غربها. في الوقت الذي اسهم فيه هذا الطريق في رفع قيمة المادية لاراضي كانت تعتبر جزءا من شرق العاصمة الاقل حظا.

ويقول المراقبون، ان الكثيرين ربما يتوجهون للسكان في شرق العاصمة الاقل كلفة، بالنظر الي ان الانتقال الي بقية ارجاء العاصمة سيكون سهلا بعد تنفيذ مشروع الجسر المعلق والطريق الدائري. وفي الظروف العادية، فان الانتقال من شرق العاصمة الي غربها وبالعكس، يعتبر مهمة مرورية شاقة بالنظر الي الاختناقات المرورية التي تشهدها شبكة الطرق في العاصمة.

ويعتبر الوضع الطوبوغرافي لعمان واحدا من التحديات التي تواجهها مشاريع تحديث الطرق، فمعظم احياء العاصمة تستلقي علي سفوح الجبال، الامر الذي يجعل من المنحدرات والمرتفعات عائقا امام التطوير، وامرا ذو كلفة مالية عالية. ويقول مهندسون في بلدية العاصمة، ان شق طريق في جبل بطول كيلومترا واحد، يكلف خمسة اضعاف نفس الطريق في منطقة منبسطة.

والي ان يتحقق حلم سائقي السيارات في عمان، ويخترقوا الجسر المعلق الوحيد في مدينتهم، فان اكثر الناس تضررا من هذا المشروع، هم اولئك الذين اختاروا السكن في ضاحية عبدون الغنية والهادئة، ولكن قبل ان يشيد هذا الجسر، الذي سيبدد هدوء الضاحية الواعدة.

التعليقات