حول مفهوم الامن القومي العراقي بقلم: عبد الوهاب محمد الجبوري

حول مفهوم الامن القومي العراقي
ومرتكزاته الستراتيجية
بقلم: عبد الوهاب محمد الجبوري
تمهيد
1- في عام 2004 تشكلت في العراق ولاول مرة في تاريخه الهيئة الوزارية للامن القومي لتتولى تنسيق سياسة عمل الامن القومي العراقي بين الوزارات والمؤسسات التابعة للحكومة العراقية مع تولي مسؤولية توفير الامن على المستوى الوطني العراقي. وتتكون الهيئة من وزارة الدفاع والداخلية والخارجية والعدل والمالية فضلا عن مدير المخابرات ومستشارين هما المستشار العسكري الاقدم ومستشار الامن القومي. واهم غايات هذه الهيئة والدافع الاساس الذي استوجب ايجادها هو اعادة الامن والاستقرار والحاجة الملحة الى تقييم عال وغير متحيز للمصالح الامنية للعراقيين كافة فضلا عن توفير الظروف المناسبة لتمكين العراقيين من تحديد واختيار نهجهم السياسي في المستقبل.
2- لالقاء الضوء على هذا الموضوع المهم سنحاول في هذه الدراسة الموجزة توضيح مفهوم الامن القومي العراقي وبيان اهم مرتكزاته الستراتيجية التي تشكل صمام الامان للدفاع عن العراق وصيانة امنه الداخلي مراعين ثلاثة اعتبارات اساسية:
الاول: تجارب الدول الاخرى والدروس المستخلصة منها في هذا المجال.
الثاني: خصوصية الوضع العراقي الجديد.
الثالث: المنهج الذي وضعته حركة ضباط الجيش لانقاذ العراق حول مفهوم الامن القومي العراقي خلال مؤتمرها الثالث الذي عقد خارج العراق للفترة بين(تشرين الاول 1998-نيسان1999)
في معنى الامن
3_ اذا كان (الامن) من الناحية اللغوية بانه ضد الخوف، ولطالما ان الامر كذلك فما الذي عسى المرء ان يخافه او يخشاه من العدوان والظلم والفقر والجهل والمرض، ولذا فهو مدفوع بدافع غريزي للدفاع عن نفسه وهو مايمكن ان نسميه بالجانب السلبي للامن، أي اتقاء الشر.. اما الوجه الاخر فيتمثل في سعي المرء الدؤوب لنيل حقوقه وتحسين احواله وتأمين مستقبله وضمان كل ذلك، وهذا مايمكن ان نسميه بالجانب الايجابي للامن، أي قطع دابر الشر.. على ان الامرين متصلان اتصالا وثيقا، فما هما الا وجهان لحقيقة واحدة، هي ان يعيش المواطن بسعادة وامن وسلام.
4_ الامن هو احد الحاجات الاساسية للانسان الذي وجد نفسه منذ اليوم الاول لحياته في هذا الاديم ازاء بيئة من الكائنات والاشياء حافلة بالتحديات المختلفة التي تهدد كيانه، وكذلك نرى ان الانسان محكوم بسلسلة من الحاجات المختلفة اللازمة لديمومته وهو يسعى ويكد لاشباعها، وقد لاحظ علماء النفس ان سلوك الانسان محكوم الى حد كبير بهذه الحاجات اذ ان سعيه لتحقيقها سيحدد علاقته بالبيئة المحيطة به سواء من خلال علاقته بالاخرين او الطبيعة ومواردها. والحقيقة ان وجود الحاجات لوحدها في حياة الانسان لاتدفعه الى ممارسة سلوك معين ازائها بل لابد من وجود قوة تحركه باتجاه ارضاء هذه الحاجات وهو مايطلق عليه (الدافع).
5_ سبق وان بينا (الامن) لغويا وعلى مستوى الفرد وحاجاته. فاذا انتقلنا الى الدولة فان مصطلح الامن يأخذ ابعادا كبيرة جدا من حيث كونه احدى الحاجات الاساسية لتلك الدولة التي هي عبارة عن مجموع هؤلاء الافراد بالاضافة الى تراثهم وتاريخهم واموالهم ومشاعرهم. ان سعي الدول المعاصرة لتحقيق امنها اخذ في حياتها اكثر من مظهر، الاول هو مظهر شعوري يتمثل في تحسسها لنواحي الخطر ومن ثم وضع هذه الافكار في اسبقيات لغرض معالجتها ومظهر اجرائي يتمثل في اتخاذ الاجراء المناسب ازاء الخطر الذي تم تحسسه، فقد لوحظ ان الاجراء الذي تقوم به الدولة لدرء الخطر قد تدرج من توظيف قدراتها البسيطة الى توظيف مجموع قدراتها المعقدة التي تشكل المظهر الحضاري، ومن هنا نرى ان مفهوم الامن القومي قد اكتسب معان وابعاد اشمل واوسع كما سنلاحظ ذلك لاحقا.
6_ اما عن تهديدات الامن القومي التي يحتمل ان يتعرض لها أي بلد فلم تعد قاصرة على التعرض للعدوان المسلح حتى انها قد لا تتسم بالموضوعية والعقلانية كما في العدوان المسلح بل من الممكن ان تكون موجهة للنظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية بهدف احداث خلل في أي من عناصر القوة لدى الدولة وديمومتها.
مفهوم الامن القومي العراقي
7_ بداية نقول ان مقومات الدولة هي الاقليم والشعب والسيادة او كما يحددها بعض الباحثين بالنظام والشعب والسيادة. فالامن القومي(الوطني) حسب هذه المقومات يرتبط بالدولة القومية (الوطنية) ذات النظام السياسي الواحد والسيادة التامة. وهذا مانعنيه تحديدا بكلمة(القومي) وليس المعنى (الاثني) أي قومية اللغة والتراث كالقومية العربية او الكردية او التركية..الخ أي ان المقصود بالامن القومي العراقي تحديدا هو امن دولة العراق الداخلي والخارجي.
فالامن القومي العراقي يمتلك عناصر لبناء مرتكزات استراتيجية ذاتية تعكس الجوهر الاصيل لمفهوم الامن القومي العراقي، فهناك الامكانات الاقتصادية والقوة الحضارية والكم الديمغرافي والبعد الجغرفي والقيم الاصيلة والمصير الواحد.. وبهذا التحديد لمعنى الامن القومي العراقي يمكن تقسيم اراء الخبراء الستراتيجيين الذين عنوا بهذا الموضوع الى محورين اساسيين:
أ-المحور التقليدي: الذي يعتمد على رؤية أن الامن القومي هو قدرة الدولة على دحر أي هجوم عسكري عليها ويعتبر هذا المفهوم ان الامن العسكري هو كل شيء بالنسبة لمفهوم الامن. ويتفق امين هويدي مع ماكنمارا في ان المفهوم يختص به جميع اجهزة الدولة بدون استثناء ويشترك فيه بكل طاقاتها وامكاناتها ويشمل ميادين مختلفة.
والواقع ان هذا المفهوم جاء متأثرا بالمفهوم الكلاسيكي لمصطلح(السوق العسكري) فقط.
ب-المحور المعاصر: هو حصيلة التطور المعاصر بخصائص النظام الدولي وانتقال مفهوم السوق من معناه الضيق الى مفهوم اكثر اتساعا حيث يوضع الامن العسكري ضمن اطار مجتمعي يشمل الجوانب الاجتماعية المختلفة. ويرى خيراء الامن القومي المتخصصون ان الامن اصبح وفق هذا يفهم بدلالتين:
الاولى: ربط الامن القومي بالتنمية.
الثانية: ربط الامن القومي بالستراتيجية ويقصد به قدرة الدولة على حماية قيمها الذاتية من التهديدات ايا كان مصدرها، وهذا يعني ارتكاز الامن على اسس موضوعية هي حماية مصالح الدولة واركانها وعلى اسس ذاتية هي القدرة على امتلاك الفاعلية لتوفير الحماية ودورها في احتواء مصادر التهديد المحتمل للحفاظ على سيادة الدولة واستقلالها.
8_ لكل شعب من الشعوب استراتيجية شاملة او عقيدة تستند الى مرتكزات معينة تحدد فيها الاسس التي تعتمد عليها هذه الستراتيجية والاهداف التي تتطلع اليها والوسائل اللازمة لتحقيقها والاطار الزمني التي تتم فيها والرقعة الجغرافية التي تحتويها والمدى الذي تؤثر فيه هذه الستراتيجية في المجالات الوطنية والاقليمية والدولية. واذا اخذنا بالنظرة الشاملة للستراتيجية من حيث كونها تعكس تطلعات الشعوب لتحقيق الامن القومي لها في مرحلة زمنية معينة فإن هذا يدعونا الى التعرف على مفهوم الامن القومي الذي نسعى الى تحقيقه بابعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والعسكرية. وزيادة في الايضاح نورد بعض التعاريف في هذا المجال. فقد اوردت دائرة المعارف البريطانية تعريفا للامن القومي جاء فيه(الامن القومي يعني حماية الامة من خطر القهر على يد قوة اجنبية) ويعرف هنري كيسنجر الامن القومي بانه (يعني أي تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها الى حفظ حقه في البقاء) ويقول ماكنمارا: ( الامن القومي هو التنمية وبدون التنمية لا يمكن ان يوجد امن. وان الدول التي لا تنمو بالفعل لا يمكن ان تظل امنه).
وبالرجوع الى هذه التعريفات فان الامن القومي العراقي يتطلب توفر مبدأين اساسيين هما:
أ?- مبدأ ثابت تفرضه الظروف الجيويولوتيكية للعراق وترتبط بسلامة اراضيه بغض النظر عن النظام السياسي الحاكم فيه.
ب?- مبدأ متحرك او متغير ويرتبط بالاهداف السياسية للنظام السياسي العراقي(الذي لم تتحدد ملامحه النهائية بعد) ونوعية القيادة فيه وما تضعه هذه القيادة من اهداف ومبادئ ووسائل لتحقيق هذه الاهداف. ونجاح الامن القومي يتطلب التنسيق بشكل جيد بين عناصره الاساسية في مختلف المجالات. اما المجال العسكري والامني فيشمل طاقة الدولة العراقية لبناء قوة عسكرية قادرة على حماية القيم الحيوية للشعب العراقي وفي المقدمة منها امنه الداخلي وحدوده الخارجية. وتشمل القوة العسكرية اطاراً عاماً يوفر الامن والحماية لقدرات العراق المختلفة كي تتمكن من النمو والتطور وتحقيق اهداف الامن القومي بمفهومه الشامل. فاذا كان الامن الخارجي للعراق يشمل إقامة منظومة عسكرية متكاملة للدفاع عنه فان الامن الداخلي يشمل اشباع حاجة المواطن للشعور بالطمأنينة في الداخل لحماية حقه داخل الجماعة وتأمين حقوقه المشروعة في البيئة الاجتماعية المحيطة والدفاع عنها وحمايتها.
المرتكزات الستراتيجية للامن القومي (الوطني) العراقي
9- لتحقيق النجاح لهذا الامن وتشكله حسب طبيعة المجتمع العراقي بكافة خصوصياته الدينية والمذهبية واطيافه السياسية المختلفة فهذا يتطلب تفعيل عناصره الاساسية وتنسيقها بشكل جيد. فبعد الاحداث الدراماتيكية التي مرت على العراق منذ عام 2003 ومن تفحص دقيق وشامل للاوضاع العراقية المستجدة في المجالات الوطنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والعلمية والثقافية واستشراف المستقبل يمكن تحديد مرتكزات اساسية للامن القومي العراقي هي:
أ?- مرتكز الانتماء الواحد والمصير المشترك: ويتجسد بالوطنية العراقية الاصيلة التي يستفيء بظلها اديان العراق ومذاهبه واطيافه السياسية كافة. ويعتبر هذا المرتكز من ابرز نقاط القوة في الوضع العراقي لما له من تأثير بالغ على باقي مرتكزات الستراتيجية في الامن الوطني العراقي وتحقيق الانسجام بينها ورفدها بمقومات الاستمرار والتطور والتعامل بمرونة مع كل المتغيرات والتحديات التي يمكن ان تواجهها هذه المرتكزات مستقبلا.
ب?- المرتكز السياسي: رغم ان ملامح السياسة العراقية لم تتشكل بعد بشكل نهائي الا انه يمكن استقراء ستراتيجية عراقية تراعي الاعتبارات التالية:
اولاً: التركيب السياسي الوطني في العراق: وهذا يشير الى وجود العديد من الحركات والاحزاب السياسية من مختلف الاتجاهات الفكرية والايديولوجية، في كل حزب او حركة او قسم او مركز لاتخاذ القرار وتصور ينطلق من رؤية سياسية خاصة للامن العراقي وعلاقات تخدم المصالح الوطنية المشتركة وانماط اقتصادية واجتماعية وسياسية تتعلق بالمساهمة في ادارة الاقتصاد والدولة والمجتمع.
ثانياً: التنظيم السياسي والشعبي والعقيدة التي يحملها كل تنظيم والمدى المسموح به في مجالات حرية تشكيل الاحزاب والجمعيات وحقوق الانتخاب والترشيح وشكل المؤسسات الدستورية المقترحة والفصل بين السلطات ووضع المرأة في المجتمع ومدى انتشار وسائل الاتصال الجماهيري وحرية التعبير في وسائل الاعلام وغيرها.
ثالثا: العقيدة السياسية ومدى علاقتها بنمط الحكم ومدى انعكاسها على الامن الوطني. وفي هذا نصت المادة الرابعة من الباب الاول من قانون ادارة العراق للمرحلة الانتقالية ان (نظام الحكم في العراق جمهوري، اتحادي –فيدرالي- ديمقراطي، تعددي، ويجري تقاسم السلطات فيه بين الحكومة الاتحادية والحكومات الاقليمية والمحافظات والبلديات والادارات المحلية. ويقوم النظام الاتحادي على اساس الحقائق الجغرافية والتاريخية والفصل بين السلطات وليس على اساس الاصل او العرف او الاثنية او القومية او المذهب).
رابعاً: النظام الاقليمي العربي: وماهي نقاط الضعف والقوة فيه وعلاقة الاطراف المشاركة في تكوينه ومدى التزامها في القرارات والمواثيق المنبثقة عنه.
خامسا: العلاقات السياسية مع العالم الخارجي.
ملاحظة: سيتم التحدث عما ورد في رابعا وخامسا اعلاه في دراسة لاحقة ان شاء الله.
جـ المرتكز العسكري: ينطلق هذا المرتكز من دراسة عدد من العوامل ووضعها موضع الدراسة والتطبيق ولعل اهمها:
اولاً: تجهيز المعدات والاسلحة والاعتدة وكل احتياجات الجيش العراقي وفق التطور الحديث للاسلحة ونظريات الحرب الحديثة.
ثانيا: اعداد الوحدات العسكرية والمراتب والضباط في جميع المستويات على اسس ضبطية سليمة واسس علمية وادارية حديثة بعيدا عن التسييس والحزبية والاهتمام بالروح المعنوية لمعنى الانتماء للوطن ومشروعية العمل العسكري واخلاقيات التعامل معه باعتباره الوسيلة المتاحة لحماية الشعب والوطن وتأمين حدوده.
ثالثا: وحدة القيادة العسكرية التي تجسد راي القيادة السياسية وتحقيقها في الحرب. لان الحرب كما يقول(كلاوفيتز) هي تحقيق ماعجزت السياسة عن تحقيقه.. ويتطلب امر التسلسل القيادي العسكري عددا من التشكيلات القيادية الهرمية التي تجمع بين وحدة الاوامر ومرونة الحركة وفاعلية القوات ومهماتها في زمني السلم والحرب.
رابعا: عقيدة عسكرية استراتيجية تضع تصورا للاعداء المحتملين ودرجة الاولوية لكل عدو وعناصر التهديد التي قد يستخدمها ودرجة تهديدها للامن العراقي وعناصر القوة والضعف لدى العدو في جميع المجالات ودائرة نفوذه في النطاق الاقليمي والدولي ودراسة جميع الجوانب الثابتة والديناميكية في استراتيجيته ووضع السبل المطلوبة لمواجهتها.
خامسا: وضع الثوابت الستراتيجية التي تحدد الخطوط الحمراء التي لايجوز الاقتراب منها والالتزام بمبدا الدفاع عن النفس في مواجهة الهجوم الواقع او المحتمل وتحديد النقاط التي تضطر الدولة الى المبادرة بالهجوم وتحقيق المبادرة الستراتيجية.
د- المرتكز الاقتصادي: يمكن تحديد ملامح المرتكز الاقتصادي كما يأتي:
اولاً: اعتماد التخطيط الستراتيجي وقاعدة المعلومات واستغلال الطاقات الكامنة في العراق: (الطاقة، المعادن، الارض، العنصر البشري).
ثانيا: اعتماد التكنولوجيا ذاتها بخلقها او شرائها.
ثالثا: توظيف الامكانيات الاقتصادية العراقية في خدمة الهدف الستراتيجي للامن العراقي.
هـ- المرتكز العلمي والتكنولوجي: من الضروري ان يراعي هذا المرتكز مايأتي:
اولا: اللحاق بالركب العلمي ووضع مناهج البرامجيات في نظم الدراسة من المرحلة الابتدائية وحتى الدراسة الجامعية.
ثانيا: ضرورة قيام القطاع الخاص والحكومي بالاستثمار في هذه القطاعات وتشجيع الطلبة والباحثين والعلماء على البحث العلمي وتطوير المعلومات ووضع الميزانيات للبحث العلمي ووضع البرامج التنفيذية لذلك.
ثالثا: القيام بنقل التكنولوجيا واعداد العنصر البشري لذلك.
رابعا: العمل على استعادة العقول العراقية المهاجرة وتقديم الحوافز والاغراءات لعودتها والحفاظ على العقول الوطنية الموجودة منعا لهجرتها.
خامسا: التكامل مع الجهود العربية والصديقة نحو المعلوماتية والتكنولوجيا.
سادسا: ربط العلم والتكنولوجيا بقضايا الامن القومي واصلاح العملية التعليمية تحت شعار العلم في مواكبة العصر.
سابعا: ضرورة التوفيق بين اراء العلماء وسماع صوتهم لدى صانع القرار السياسي.
واخيراً لابد من الاشارة الى ان هذه الدراسة الموجزة قد تم اعدادها في ضوء الاحداث التي مرت على العراق منذ احتلاله عام 2003 واستقرائنا لتطوراتها خلال المستقبل المنظور وهي تشكل مدخلاً لدراسات اوسع واشمل لاغناء هذا الموضوع المهم والحيوي بالتفاصيل والمعلومات ريثما تتبلور لاحقا صورة المشهد العراقي بشكلها النهائي.
ومرتكزاته الستراتيجية
بقلم: عبد الوهاب محمد الجبوري
تمهيد
1- في عام 2004 تشكلت في العراق ولاول مرة في تاريخه الهيئة الوزارية للامن القومي لتتولى تنسيق سياسة عمل الامن القومي العراقي بين الوزارات والمؤسسات التابعة للحكومة العراقية مع تولي مسؤولية توفير الامن على المستوى الوطني العراقي. وتتكون الهيئة من وزارة الدفاع والداخلية والخارجية والعدل والمالية فضلا عن مدير المخابرات ومستشارين هما المستشار العسكري الاقدم ومستشار الامن القومي. واهم غايات هذه الهيئة والدافع الاساس الذي استوجب ايجادها هو اعادة الامن والاستقرار والحاجة الملحة الى تقييم عال وغير متحيز للمصالح الامنية للعراقيين كافة فضلا عن توفير الظروف المناسبة لتمكين العراقيين من تحديد واختيار نهجهم السياسي في المستقبل.
2- لالقاء الضوء على هذا الموضوع المهم سنحاول في هذه الدراسة الموجزة توضيح مفهوم الامن القومي العراقي وبيان اهم مرتكزاته الستراتيجية التي تشكل صمام الامان للدفاع عن العراق وصيانة امنه الداخلي مراعين ثلاثة اعتبارات اساسية:
الاول: تجارب الدول الاخرى والدروس المستخلصة منها في هذا المجال.
الثاني: خصوصية الوضع العراقي الجديد.
الثالث: المنهج الذي وضعته حركة ضباط الجيش لانقاذ العراق حول مفهوم الامن القومي العراقي خلال مؤتمرها الثالث الذي عقد خارج العراق للفترة بين(تشرين الاول 1998-نيسان1999)
في معنى الامن
3_ اذا كان (الامن) من الناحية اللغوية بانه ضد الخوف، ولطالما ان الامر كذلك فما الذي عسى المرء ان يخافه او يخشاه من العدوان والظلم والفقر والجهل والمرض، ولذا فهو مدفوع بدافع غريزي للدفاع عن نفسه وهو مايمكن ان نسميه بالجانب السلبي للامن، أي اتقاء الشر.. اما الوجه الاخر فيتمثل في سعي المرء الدؤوب لنيل حقوقه وتحسين احواله وتأمين مستقبله وضمان كل ذلك، وهذا مايمكن ان نسميه بالجانب الايجابي للامن، أي قطع دابر الشر.. على ان الامرين متصلان اتصالا وثيقا، فما هما الا وجهان لحقيقة واحدة، هي ان يعيش المواطن بسعادة وامن وسلام.
4_ الامن هو احد الحاجات الاساسية للانسان الذي وجد نفسه منذ اليوم الاول لحياته في هذا الاديم ازاء بيئة من الكائنات والاشياء حافلة بالتحديات المختلفة التي تهدد كيانه، وكذلك نرى ان الانسان محكوم بسلسلة من الحاجات المختلفة اللازمة لديمومته وهو يسعى ويكد لاشباعها، وقد لاحظ علماء النفس ان سلوك الانسان محكوم الى حد كبير بهذه الحاجات اذ ان سعيه لتحقيقها سيحدد علاقته بالبيئة المحيطة به سواء من خلال علاقته بالاخرين او الطبيعة ومواردها. والحقيقة ان وجود الحاجات لوحدها في حياة الانسان لاتدفعه الى ممارسة سلوك معين ازائها بل لابد من وجود قوة تحركه باتجاه ارضاء هذه الحاجات وهو مايطلق عليه (الدافع).
5_ سبق وان بينا (الامن) لغويا وعلى مستوى الفرد وحاجاته. فاذا انتقلنا الى الدولة فان مصطلح الامن يأخذ ابعادا كبيرة جدا من حيث كونه احدى الحاجات الاساسية لتلك الدولة التي هي عبارة عن مجموع هؤلاء الافراد بالاضافة الى تراثهم وتاريخهم واموالهم ومشاعرهم. ان سعي الدول المعاصرة لتحقيق امنها اخذ في حياتها اكثر من مظهر، الاول هو مظهر شعوري يتمثل في تحسسها لنواحي الخطر ومن ثم وضع هذه الافكار في اسبقيات لغرض معالجتها ومظهر اجرائي يتمثل في اتخاذ الاجراء المناسب ازاء الخطر الذي تم تحسسه، فقد لوحظ ان الاجراء الذي تقوم به الدولة لدرء الخطر قد تدرج من توظيف قدراتها البسيطة الى توظيف مجموع قدراتها المعقدة التي تشكل المظهر الحضاري، ومن هنا نرى ان مفهوم الامن القومي قد اكتسب معان وابعاد اشمل واوسع كما سنلاحظ ذلك لاحقا.
6_ اما عن تهديدات الامن القومي التي يحتمل ان يتعرض لها أي بلد فلم تعد قاصرة على التعرض للعدوان المسلح حتى انها قد لا تتسم بالموضوعية والعقلانية كما في العدوان المسلح بل من الممكن ان تكون موجهة للنظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية بهدف احداث خلل في أي من عناصر القوة لدى الدولة وديمومتها.
مفهوم الامن القومي العراقي
7_ بداية نقول ان مقومات الدولة هي الاقليم والشعب والسيادة او كما يحددها بعض الباحثين بالنظام والشعب والسيادة. فالامن القومي(الوطني) حسب هذه المقومات يرتبط بالدولة القومية (الوطنية) ذات النظام السياسي الواحد والسيادة التامة. وهذا مانعنيه تحديدا بكلمة(القومي) وليس المعنى (الاثني) أي قومية اللغة والتراث كالقومية العربية او الكردية او التركية..الخ أي ان المقصود بالامن القومي العراقي تحديدا هو امن دولة العراق الداخلي والخارجي.
فالامن القومي العراقي يمتلك عناصر لبناء مرتكزات استراتيجية ذاتية تعكس الجوهر الاصيل لمفهوم الامن القومي العراقي، فهناك الامكانات الاقتصادية والقوة الحضارية والكم الديمغرافي والبعد الجغرفي والقيم الاصيلة والمصير الواحد.. وبهذا التحديد لمعنى الامن القومي العراقي يمكن تقسيم اراء الخبراء الستراتيجيين الذين عنوا بهذا الموضوع الى محورين اساسيين:
أ-المحور التقليدي: الذي يعتمد على رؤية أن الامن القومي هو قدرة الدولة على دحر أي هجوم عسكري عليها ويعتبر هذا المفهوم ان الامن العسكري هو كل شيء بالنسبة لمفهوم الامن. ويتفق امين هويدي مع ماكنمارا في ان المفهوم يختص به جميع اجهزة الدولة بدون استثناء ويشترك فيه بكل طاقاتها وامكاناتها ويشمل ميادين مختلفة.
والواقع ان هذا المفهوم جاء متأثرا بالمفهوم الكلاسيكي لمصطلح(السوق العسكري) فقط.
ب-المحور المعاصر: هو حصيلة التطور المعاصر بخصائص النظام الدولي وانتقال مفهوم السوق من معناه الضيق الى مفهوم اكثر اتساعا حيث يوضع الامن العسكري ضمن اطار مجتمعي يشمل الجوانب الاجتماعية المختلفة. ويرى خيراء الامن القومي المتخصصون ان الامن اصبح وفق هذا يفهم بدلالتين:
الاولى: ربط الامن القومي بالتنمية.
الثانية: ربط الامن القومي بالستراتيجية ويقصد به قدرة الدولة على حماية قيمها الذاتية من التهديدات ايا كان مصدرها، وهذا يعني ارتكاز الامن على اسس موضوعية هي حماية مصالح الدولة واركانها وعلى اسس ذاتية هي القدرة على امتلاك الفاعلية لتوفير الحماية ودورها في احتواء مصادر التهديد المحتمل للحفاظ على سيادة الدولة واستقلالها.
8_ لكل شعب من الشعوب استراتيجية شاملة او عقيدة تستند الى مرتكزات معينة تحدد فيها الاسس التي تعتمد عليها هذه الستراتيجية والاهداف التي تتطلع اليها والوسائل اللازمة لتحقيقها والاطار الزمني التي تتم فيها والرقعة الجغرافية التي تحتويها والمدى الذي تؤثر فيه هذه الستراتيجية في المجالات الوطنية والاقليمية والدولية. واذا اخذنا بالنظرة الشاملة للستراتيجية من حيث كونها تعكس تطلعات الشعوب لتحقيق الامن القومي لها في مرحلة زمنية معينة فإن هذا يدعونا الى التعرف على مفهوم الامن القومي الذي نسعى الى تحقيقه بابعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والعسكرية. وزيادة في الايضاح نورد بعض التعاريف في هذا المجال. فقد اوردت دائرة المعارف البريطانية تعريفا للامن القومي جاء فيه(الامن القومي يعني حماية الامة من خطر القهر على يد قوة اجنبية) ويعرف هنري كيسنجر الامن القومي بانه (يعني أي تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها الى حفظ حقه في البقاء) ويقول ماكنمارا: ( الامن القومي هو التنمية وبدون التنمية لا يمكن ان يوجد امن. وان الدول التي لا تنمو بالفعل لا يمكن ان تظل امنه).
وبالرجوع الى هذه التعريفات فان الامن القومي العراقي يتطلب توفر مبدأين اساسيين هما:
أ?- مبدأ ثابت تفرضه الظروف الجيويولوتيكية للعراق وترتبط بسلامة اراضيه بغض النظر عن النظام السياسي الحاكم فيه.
ب?- مبدأ متحرك او متغير ويرتبط بالاهداف السياسية للنظام السياسي العراقي(الذي لم تتحدد ملامحه النهائية بعد) ونوعية القيادة فيه وما تضعه هذه القيادة من اهداف ومبادئ ووسائل لتحقيق هذه الاهداف. ونجاح الامن القومي يتطلب التنسيق بشكل جيد بين عناصره الاساسية في مختلف المجالات. اما المجال العسكري والامني فيشمل طاقة الدولة العراقية لبناء قوة عسكرية قادرة على حماية القيم الحيوية للشعب العراقي وفي المقدمة منها امنه الداخلي وحدوده الخارجية. وتشمل القوة العسكرية اطاراً عاماً يوفر الامن والحماية لقدرات العراق المختلفة كي تتمكن من النمو والتطور وتحقيق اهداف الامن القومي بمفهومه الشامل. فاذا كان الامن الخارجي للعراق يشمل إقامة منظومة عسكرية متكاملة للدفاع عنه فان الامن الداخلي يشمل اشباع حاجة المواطن للشعور بالطمأنينة في الداخل لحماية حقه داخل الجماعة وتأمين حقوقه المشروعة في البيئة الاجتماعية المحيطة والدفاع عنها وحمايتها.
المرتكزات الستراتيجية للامن القومي (الوطني) العراقي
9- لتحقيق النجاح لهذا الامن وتشكله حسب طبيعة المجتمع العراقي بكافة خصوصياته الدينية والمذهبية واطيافه السياسية المختلفة فهذا يتطلب تفعيل عناصره الاساسية وتنسيقها بشكل جيد. فبعد الاحداث الدراماتيكية التي مرت على العراق منذ عام 2003 ومن تفحص دقيق وشامل للاوضاع العراقية المستجدة في المجالات الوطنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والعلمية والثقافية واستشراف المستقبل يمكن تحديد مرتكزات اساسية للامن القومي العراقي هي:
أ?- مرتكز الانتماء الواحد والمصير المشترك: ويتجسد بالوطنية العراقية الاصيلة التي يستفيء بظلها اديان العراق ومذاهبه واطيافه السياسية كافة. ويعتبر هذا المرتكز من ابرز نقاط القوة في الوضع العراقي لما له من تأثير بالغ على باقي مرتكزات الستراتيجية في الامن الوطني العراقي وتحقيق الانسجام بينها ورفدها بمقومات الاستمرار والتطور والتعامل بمرونة مع كل المتغيرات والتحديات التي يمكن ان تواجهها هذه المرتكزات مستقبلا.
ب?- المرتكز السياسي: رغم ان ملامح السياسة العراقية لم تتشكل بعد بشكل نهائي الا انه يمكن استقراء ستراتيجية عراقية تراعي الاعتبارات التالية:
اولاً: التركيب السياسي الوطني في العراق: وهذا يشير الى وجود العديد من الحركات والاحزاب السياسية من مختلف الاتجاهات الفكرية والايديولوجية، في كل حزب او حركة او قسم او مركز لاتخاذ القرار وتصور ينطلق من رؤية سياسية خاصة للامن العراقي وعلاقات تخدم المصالح الوطنية المشتركة وانماط اقتصادية واجتماعية وسياسية تتعلق بالمساهمة في ادارة الاقتصاد والدولة والمجتمع.
ثانياً: التنظيم السياسي والشعبي والعقيدة التي يحملها كل تنظيم والمدى المسموح به في مجالات حرية تشكيل الاحزاب والجمعيات وحقوق الانتخاب والترشيح وشكل المؤسسات الدستورية المقترحة والفصل بين السلطات ووضع المرأة في المجتمع ومدى انتشار وسائل الاتصال الجماهيري وحرية التعبير في وسائل الاعلام وغيرها.
ثالثا: العقيدة السياسية ومدى علاقتها بنمط الحكم ومدى انعكاسها على الامن الوطني. وفي هذا نصت المادة الرابعة من الباب الاول من قانون ادارة العراق للمرحلة الانتقالية ان (نظام الحكم في العراق جمهوري، اتحادي –فيدرالي- ديمقراطي، تعددي، ويجري تقاسم السلطات فيه بين الحكومة الاتحادية والحكومات الاقليمية والمحافظات والبلديات والادارات المحلية. ويقوم النظام الاتحادي على اساس الحقائق الجغرافية والتاريخية والفصل بين السلطات وليس على اساس الاصل او العرف او الاثنية او القومية او المذهب).
رابعاً: النظام الاقليمي العربي: وماهي نقاط الضعف والقوة فيه وعلاقة الاطراف المشاركة في تكوينه ومدى التزامها في القرارات والمواثيق المنبثقة عنه.
خامسا: العلاقات السياسية مع العالم الخارجي.
ملاحظة: سيتم التحدث عما ورد في رابعا وخامسا اعلاه في دراسة لاحقة ان شاء الله.
جـ المرتكز العسكري: ينطلق هذا المرتكز من دراسة عدد من العوامل ووضعها موضع الدراسة والتطبيق ولعل اهمها:
اولاً: تجهيز المعدات والاسلحة والاعتدة وكل احتياجات الجيش العراقي وفق التطور الحديث للاسلحة ونظريات الحرب الحديثة.
ثانيا: اعداد الوحدات العسكرية والمراتب والضباط في جميع المستويات على اسس ضبطية سليمة واسس علمية وادارية حديثة بعيدا عن التسييس والحزبية والاهتمام بالروح المعنوية لمعنى الانتماء للوطن ومشروعية العمل العسكري واخلاقيات التعامل معه باعتباره الوسيلة المتاحة لحماية الشعب والوطن وتأمين حدوده.
ثالثا: وحدة القيادة العسكرية التي تجسد راي القيادة السياسية وتحقيقها في الحرب. لان الحرب كما يقول(كلاوفيتز) هي تحقيق ماعجزت السياسة عن تحقيقه.. ويتطلب امر التسلسل القيادي العسكري عددا من التشكيلات القيادية الهرمية التي تجمع بين وحدة الاوامر ومرونة الحركة وفاعلية القوات ومهماتها في زمني السلم والحرب.
رابعا: عقيدة عسكرية استراتيجية تضع تصورا للاعداء المحتملين ودرجة الاولوية لكل عدو وعناصر التهديد التي قد يستخدمها ودرجة تهديدها للامن العراقي وعناصر القوة والضعف لدى العدو في جميع المجالات ودائرة نفوذه في النطاق الاقليمي والدولي ودراسة جميع الجوانب الثابتة والديناميكية في استراتيجيته ووضع السبل المطلوبة لمواجهتها.
خامسا: وضع الثوابت الستراتيجية التي تحدد الخطوط الحمراء التي لايجوز الاقتراب منها والالتزام بمبدا الدفاع عن النفس في مواجهة الهجوم الواقع او المحتمل وتحديد النقاط التي تضطر الدولة الى المبادرة بالهجوم وتحقيق المبادرة الستراتيجية.
د- المرتكز الاقتصادي: يمكن تحديد ملامح المرتكز الاقتصادي كما يأتي:
اولاً: اعتماد التخطيط الستراتيجي وقاعدة المعلومات واستغلال الطاقات الكامنة في العراق: (الطاقة، المعادن، الارض، العنصر البشري).
ثانيا: اعتماد التكنولوجيا ذاتها بخلقها او شرائها.
ثالثا: توظيف الامكانيات الاقتصادية العراقية في خدمة الهدف الستراتيجي للامن العراقي.
هـ- المرتكز العلمي والتكنولوجي: من الضروري ان يراعي هذا المرتكز مايأتي:
اولا: اللحاق بالركب العلمي ووضع مناهج البرامجيات في نظم الدراسة من المرحلة الابتدائية وحتى الدراسة الجامعية.
ثانيا: ضرورة قيام القطاع الخاص والحكومي بالاستثمار في هذه القطاعات وتشجيع الطلبة والباحثين والعلماء على البحث العلمي وتطوير المعلومات ووضع الميزانيات للبحث العلمي ووضع البرامج التنفيذية لذلك.
ثالثا: القيام بنقل التكنولوجيا واعداد العنصر البشري لذلك.
رابعا: العمل على استعادة العقول العراقية المهاجرة وتقديم الحوافز والاغراءات لعودتها والحفاظ على العقول الوطنية الموجودة منعا لهجرتها.
خامسا: التكامل مع الجهود العربية والصديقة نحو المعلوماتية والتكنولوجيا.
سادسا: ربط العلم والتكنولوجيا بقضايا الامن القومي واصلاح العملية التعليمية تحت شعار العلم في مواكبة العصر.
سابعا: ضرورة التوفيق بين اراء العلماء وسماع صوتهم لدى صانع القرار السياسي.
واخيراً لابد من الاشارة الى ان هذه الدراسة الموجزة قد تم اعدادها في ضوء الاحداث التي مرت على العراق منذ احتلاله عام 2003 واستقرائنا لتطوراتها خلال المستقبل المنظور وهي تشكل مدخلاً لدراسات اوسع واشمل لاغناء هذا الموضوع المهم والحيوي بالتفاصيل والمعلومات ريثما تتبلور لاحقا صورة المشهد العراقي بشكلها النهائي.
التعليقات