بن لادن في النشيد الوطني لإسرائيل

بن لادن في النشيد الوطني لإسرائيل
غزة-دنيا الوطن

تشهد الحملات الدعائية للأحزاب المتنافسة في الانتخابات الإسرائيلية العامة المقبلة تركيزا كبيرا على قضايا الأمن، خصوصا التحذير من خطر تنظيم القاعدة وإيران، لدرجة أن حزب الليكود عدل كلمات النشيد الوطني الإسرائيلي للتأكيد على ما وصفه بالخطر الذي يجسده بن لادن على الدولة العبرية.

ويذكرأن تزايد التركيز على القضايا الأمنية جاء على حساب مساحة الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية في الانتخابات المقررة في 28 مارس الجاري.

و من أبرز الدلائل على ذلك التراجع أن برنامج حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو خرج في مرحلة أولى تحت عنوان "برنامج اقتصادي- اجتماعي"، ثم ما لبث أن تغير إلى برنامج أمني بحت عقب فوز حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالانتخابات التشريعية الفلسطينية التي أجريت في 25 يناير الماضي.

وخرج نتنياهو -الذي لم يُحدد بالمرحلة الأولى شعارات حزبه الانتخابية- في المرحلة الثانية بشعار رسمي يهمل الجانب الاقتصادي والاجتماعي، ويركز على ضرورة التعامل العسكري ضد حماس، ليصبح "القوة ضد حماس" هو الشعار الرئيسي لليكود.

كما استغل نتنياهو فوز حماس ليرفع عدد المقاعد المتوقعة لليكود؛ حيث أظهر استطلاع لمعهد "مينا تساميح" في 10-3-2006 حصول الليكود على مقعدين إضافيين ليصبح رصيده إلى الآن 19 مقعدا.

وأوضح المعهد أن إصرار نتنياهو على رفع الشعارات الأمنية منحه بعض الأصوات، وأعاده بقوة للمنافسة على رئاسة الحكومة المقبلة.

واعتبرت صحيفة "معاريف" في 2-3-2006 أن فوز حماس أنقذ الانتخابات الإسرائيلية من فوز مُسبق ومتوقع لحزب كديما الذي أعلن عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي إريل شارون بداية العام الجاري، ويرأسه حاليا بالوكالة إيهود أولمرت.

ابن لادن والظواهري

وبعيدا عن استغلال حماس انتخابيا، تمادت أحزاب إسرائيلية في اللعب على وتر أمن الإسرائيليين وصولاً إلى ما أسمته "الخطر الأكبر"؛ أي "خطر تنظيم القاعدة"، بزعامة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.

فقد ظهرت برامج وثائقية لحزبي الليكود والاتحاد القومي الديني المتشدد "المفدال" على التليفزيون ومواقعهما الإلكترونية تحذر مما أسمياه توغل القاعدة بالمناطق الفلسطينية، ولا سيما مدينة غزة.

وعكف موقع "دبكا فايل"، المتخصص بالدراسات الإستراتيجية والمخابراتية، على نشر تقارير طيلة الأسابيع الماضية حول تقارير استخباراتية تفيد بوجود فلول للقاعدة بغزة والمناطق الحدودية الجنوبية المتاخمة لإسرائيل، وهذا ما دعا نتنياهو إلى التشديد على هذه المعلومات في دعايته الانتخابية.

ومن جانبها، لاحظت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في 1-3-2006 أن زعيم الليكود أهمل تماما وعوده السابقة فور فوزه بانتخابات الليكود في ديسمبر الماضي، والخاصة بخططه الاقتصادية والاجتماعية.

وبدلاً من ذلك، يركز نتنياهو على خطر وصول ابن لادن والظواهري لمنطقة الشرق الأوسط، متشجعين بوصول حماس للسلطة.

كما يردد أن موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي المؤقت إيهود أولمرت على مشاركة حماس بالانتخابات كانت سبب زيادة مخاوف إسرائيليين من استمرار "الأعمال الإرهابية لحماس".

ويؤكد نتنياهو للناخبين على أنه يكفل لهم محاربة حماس عسكريا، ورفض الاعتراف بها، ومن ثم قطع الطريق على ابن لادن وأعوانه من الوصول للأراضي الفلسطينية لإبادة إسرائيل، على حد قوله.

والطريف أن المسئولين عن موقع الليكود على الإنترنت أرفقوا النشيد القومي الإسرائيلي، المعروف باسم "هتكيفاه" أو الأمل، بعد تغيير بعض كلماته إلى كلمات أخرى تحث الناخبين على التصويت لنتنياهو؛ لأنه -بحسب الأغنية المعدلة- سيشن حربا على الإرهاب سواء الفلسطيني أو العالمي المتمثل في القاعدة.

ويقول أحد مقاطع النشيد:

من أجل الأسرة والأمن، من أجل القدس..

نسير في الطريق نحو الليكود

الليكود عاد للأسرة والأمن..

الليكود يكفي ضد الإرهاب

نتنياهو عاد من أجلك فقط

حتى بيرتس!



ورغم صعوده إلى زعامة حزب العمل بفضل تبنيه للقضايا الاجتماعية، وضع عمير بيرتس قضية الأمن على رأس حملته الانتخابية، وتحديدا بعد صعود حماس.

فعقب زيارته لمصر والأردن بعد فوزه بزعامة العمل، ولقائه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في الثالث من مارس الجاري، صرح بيرتس بأن الحزب يرفض الاعتراف بحماس، ويطالبها بالتخلي عن سلاحها، وإلغاء بند ميثاقها الداعي لإبادة إسرائيل.

ويتجلى اللعب على الوتر الأمني في برنامج العمل في بيان رسمي موقع بإمضاء بيرتس، ويتعهد فيه للإسرائيليين بتحقيق الالتزامات الاقتصادية والاجتماعية عن طريق 5 بنود، في مقدمتها ما أسماه بـ"محاربة الإرهاب".

وكان بيرتس قد فاز بزعامة الحزب في نوفمبر الماضي على حساب رئيس الوزراء الأسبق شيمون بيريز، نتيجة تركيزه على المشكلة الاقتصادية، وتوجهه المباشر نحو الطبقة الوسطى التي تعاني تدهورا حادا في الدخل، وزيادة أرقام البطالة؛ نتيجة الخطط الاقتصادية التي طبقها شارون ووزير ماليته السابق نتنياهو، والتي عُرفت باسم "خطة التقشف" عام 2003، ثم خطة إلغاء مخصصات النساء المعُيلات عام 2004.

والمعروف أن بيرتس كان قائد الثورة الاجتماعية للطبقة الوسطى ضد هذه الخطط آنذاك، باعتباره رئيسا لنقابة العمال "الهيستدروت".

إيران أيضا



ووسعت عدة أحزاب من النطاق الأمني متخطية حماس وتنظيم القاعدة إلى الخطر الإيراني النووي؛ فقد طالب أولمرت العالم خلال كلمة عبر الدوائر التليفزيونية المغلقة لمؤتمر إيباك السنوي بواشنطن في 6-3-2006 بمساندة إسرائيل لإيقاف البرنامج النووي الإيراني؛ لما يسببه من مخاطر محدقة بأمن إسرائيل والسلم العالمي، على حد تعبيره.

وتعهد بالتصدي لما أسماه "قيام إيران بنسج خيوطها داخل المناطق الفلسطينية بالتعاون مع حماس؛ للضغط المتواصل على إسرائيل لتقديم التنازلات".

ومن جهته، خرج وزير البنية التحتية الأسبق، أفيجدور ليبرمان، رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني ببرنامج انتخابي تعهد فيه، في حال فوز حزبه بالأغلبية، بحشد المجتمع الدولي لمحاربة إيران ووقف برامجها النووية. ولم يستبعد ليبرمان محاربة دول عربية أخرى "تكن العداء لإسرائيل".

وأين القضايا الاجتماعية؟

ومع هذا الزخم الأمني في المشهد الانتخابي، أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة "ها آرتس" العبرية في 9-3-2006 تحفظ الناخبين الإسرائيليين، ومطالبتهم الحكومة الجديدة بمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية.

وهو ما دعا الناطقين بلسان الأحزاب الرئيسية الثلاث كديما والعمل والليكود إلى الإدلاء بتصريحات للصحيفة في ذات العدد، أكدوا فيها أن رؤساء أحزابهم يضعون في حسبانهم الموافقة على تقليص مخصصات ميزانية وزارة الدفاع البالغة 45 مليار شيكل سنويا (الشيكل يساوي 0.2 دولار أمريكي)، وتحويلها لمعالجة الجوانب الأخرى داخل المجتمع.

حتى إن رئيس أحدث حزب إسرائيلي "تفنيت"، وهو عوزي ديان حفيد موشيه ديان، طالب بالتخلص من بعض المشروعات العسكرية المرهقة للميزانية، مثل تصنيع الدبابة ميركافا والحصول على طائرات الأباتشي. وتقدر قيمة المشروعين بـ 4.5 مليارات شيكل؛ أي تقليص 10% من ميزانية الدفاع.

يشار إلى أن التقرير السنوي لهيئة الإحصاء المركزية الإسرائيلية بهرتسليا لعام 2004 أظهر وجود ما يتجاوز المليون شخص في إسرائيل يعانون من الجوع والفقر الشديد، من إجمالي تعداد السكان البلاد البالغ 6.3 ملايين نسمة.

التعليقات