تفاصيل جريمة إعدام 3 من كتائب الأقصى في مخيم بلاطة بنابلس

غزة-دنيا الوطن

في جريمة صهيونية تقشعر لها الأبدان شاهد العالم و سمع أمس ما اقترفته قوات الاحتلال من إعدام بدم بارد لثلاثة من قادة كتائب شهداء الأقصى في مخيم بلاطة بمدينة نابلس.

المشهد لم يبدو واضحا في البداية، لكن مع انسحاب قوات الاحتلال من المخيم تكشفت معالم الجريمة البشعة عندما أقدم شباب وأطفال يتجاوزون الركام الهائل في البيت بصعوبة باحثين عن بقايا أشلاء شهداء المجزرة.

أحدهم أمسك نصف وجه لا يزال شعر اللحية واضحاً فيه، شاب بدأ يلتقط أجزاء أخرى من اللحـم الآدمي، وآخر أمسك ببقايا دماغ وبدأ يزيل الحصى العالقة به.

ركام الـمنزل الـمحترق وأشلاء الشهداء، اختلطت بصراخ الأهالي وغضبهم، الدماء وبقايا الأطراف على سدة الـمنزل تبعثرت بين الحجارة والأعيرة النارية، ومخلفات القنابل الصهيونية.

البيت الصغير للشهيد محمد أبو خميس في مخيم بلاطة، كان أشبه بعلبة كرتون متفحمة، الجدران شبه مهدمة، كل ما في الـمنزل محترق، وينعى الحياة.

الزقاق الضيّق في حارة القرعان الـمؤدي إلى الـمنزل والـمكتظ بسكانه من اللاجئين، كان أضيق من أن يحتمل التدافع بين العشرات من الأهالي، وطواقم الإسعاف، والصحافيين، والـمناصرين الأجانب، الذين بدأوا بالتدافع نحو الـمنزل حال انسحاب قوات الاحتلال من الحارة.

على باب البيت وقفت امرأة في عقدها الخامس من العمر تصرخ بغضب "أعدموهم بالقنابل، ولـما تأكدوا أنهم قتلوا جميعاً، انسحبوا من الـمكان".

تشير الـمرأة بيدها إلى داخل الـمنزل الذي قتل جنود الاحتلال فيه، أمس، ثلاثة من أبرز الناشطين في كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، عبر عملية عسكرية بدأت منذ فجر أمس.

الشهداء الثلاثة محمد خميس عمار الـمعروف "بالهبهب" صاحب الـمنزل والبالغ من العمر (32 عاماً)، محمد حمدان شتيوي (33 عاماً)، الـمعروف بـ "حمودة" من سكان مخيم بلاطة، وحسين فتحي أبو حجاج الـملقب بـ "أبو علي سويجر" (22 عاماً) من مخيم عسكر، وجميعهم مطلوبون لقوات الاحتلال ، على خلفية نشاطهم في كتائب شهداء الأقصى.

يقول محمود أبو مرسال، وهو من أوائل الجيران الذين وصلوا إلى الـمنزل "الـمناظر التي رأيناها تقشعر لها الأبدان، الشهيد محمود شتيوي كان نصف رأسه ووجهه متفجراً، ومحمد أبو خميس كانت أطرافه مفصولة عن جسده".

يتدخل أحد الأطفال في الحوار صارخاً "لقد رأيت دماغ أحد الشهداء، لقد كان ملتصقاً في سقف السدة هناك". يشير بيده.

العملية العسكرية الصهيونية التي بدأت، فجر أمس، وأسفرت عن الـمجزرة الوحشية في الـمخيم، بدأت فعليا بعد انسحاب خادع لقوات الاحتلال من قلب الـمخيم ومحيطه، طوال أول من أمس، ما أوحى لسكان الـمخيم بأن العملية العسكرية قد انتهت.

لكن، فجر أمس، بدأت الدبابات والآليات الصهيونية بالعودة ثانية إلى داخل الـمخيم وإغلاق مداخله وإحكام الحصار عليه، وحسب ما أكد الأهالي في حارة القرعان في الـمخيم، فإن حصار "الهبهب" ورفاقه بدأ منذ السابعة من صباح أمس.

تقول صفاء أبو مصطفى، الجارة التي تسكن على بعد مترين من منزل "الهبهب": "لقد حاصروا الـمنزل منذ السابعة، وأخلوه من سكانه الزوجة والأطفال الأربعة، لتقوم بعدها بتفجير الباب وإطلاق القنابل الصوتية والدخانية إلى داخله، ما أدى إلى اشتعال الـمنزل في حوالي العاشرة صباحا".

ومنعت قوات الاحتلال دخول سيارات الإسعاف إلى الـمنطقة، ومد خراطيم الـمياه على امتداد الزقاق الـمؤدي للـمنزل، ما اضطر رجال الإطفاء للترجل وبإطفاء الحريق بطرق يدوية عبر نقل الـمياه من الجيران.

يقول رائد هزاع، رئيس فرقة الإطفاء الـمناوبة "لـم يسمحوا لنا بإطفاء حريق الـمنزل، إلا بعد التنسيق مع الصليب الأحمر والارتباط الفلسطيني، ما أخـر عملية الإطفاء لأكثر من ساعة".

ويعتقد هزاع أن الحريق الأول، الذي أصاب الـمنزل كان نتيجة قنابل الصوت والشرار الناتج عنها الذي أحرق الفراش الـمكون من إسفنج وقماش، بينما نتج الحريق الثاني، وهو الذي أحدث الخراب الأكبر، عن انفجار قنبلة صهيونية في الـمنزل.

تقول الجارة صابرين أبو عصب "في حوالي الثانية عشرة ظهرا أحضر الجنود زوجة الهبهب وطفله بشار (9 سنوات) وأعطوهما جهاز بلفون وأمروهما بالحديث مع الزوج وإقناعه بتسليم نفسه، لكن هاتفه كان مغلقا".

وتقول "عندها قاموا بمد أسلاك لتفجير الـمنزل من الداخـل على من فيه، كنوع من الضغط على الزوجة".

ويؤكد الجيران على لسان زوجته أن لا أحد كان يعلـم بوجودهم في الـمنزل مختبئين في سدة سرية داخل الـمنزل حتى الزوجة نفسها أكدت أن زوجها غير موجود في الـمنزل نهائياً".

وأكدت عدة روايات لشهود عيان وجود عميل مقنع اقترب من الجنود وأشار إلى جدار في الـمنزل يختبئ فيه الـمطلوبون الثلاثة.

ويؤكد الجيران أنهم فوجئوا بوجود جدار سري مبني على شكل سدة في الـمنزل، لـم يلحظوه أبدا.

وأثناء العملية وقع انفجار غامض في الـمنزل أدى إلى جرح عدد من جنود الاحتلال، ما أفقدهم صوابهم، وجعلهم يبدأون بإطلاق الرصاص بشكل عشوائي ليصيبوا عددا من الجيران وطواقم الإسعاف.

يقول محمود أبو مصطفى "أحضر الجنود إلى منزلي أربعة جنود مصابين، وقاموا بإسعافهم في صالون الـمنزل، بعد حشرنا في إحدى غرف الـمنزل، لكننا استطعنا رؤيتهم من شباك الغرفة الـمطل على الصالون".

وحسب الجيران فقد جرى نقل الجنود الـمصابين إلى باب الزقاق لتنقلهم سيارة عسكرية باتجاه معسكر حوارة.

بعد نقل الجنود في حوالي الثانية والنصف قام جنود الاحتلال، بضرب قنابل خاصة يعتقد أنها قذائف "إنيرجي" باتجاه الجدار، ما أدى إلى تدميره واستشهاد الشبان الثلاثة وتناثر أشلائهم في الـمكان.

التعليقات