قناة العربية:يا نساء العالم انتحروا

قناة العربية:يا نساء العالم انتحروا
قناة العربية:يا نساء العالم انتحروا.



بقلم: عزيز العـطـاتـري*.

بثت قناة العربية يوم الخميس4يناير2006 برنامج مشاهد وآراء بعنوان"الإنتحاريات" قامت فيه بعرض"للإنتحاريات العربيات". فقد عرضت معدة البرنامج ذات الملامح الآسيوية واللسان الإنجليزي في مستهل الشريط لعملية اقتحام 18 امرأة شيشانية لمسرح روسي، وقد تم مقابلة والدة "زاريتة" إحدى منفذات هذه العملية، حيث قامت برصد التفوق الدراسي العالي "لزاريتة"، ومحنة نزوحها مع والدتها بعد قصف مدينة "غروزني".

وعندما لم تجد معدة البرنامج ما تعلق عليه لإثبات طروحاتها المنحازة، انتقلت إلى فلسطين للوقوف عند الشهيدات الفلسطينيات، فاستهلتهم بالشهيدة"وفاء علي إدريس" من خلال مقابلة والدتها العجوز إذ بعد حوار قصير جدا عن أهم الفترات في حياة وفاء، لتخلص إلى أن طلاق وفاء ومشاهدتها لزفاف زوجها من الشباك وموت إبنها كانا سببا في إقدامها على هذا العمل "الانتحاري"، لتنتقل الكاميرا صوب منزل الشهيدة «آيات الأخرس" التي امتازت بنبوغها وتفوقها العلمي وامتلاكها لجمال مقدر، الشيء الذي حير معدة البرنامج، التي كانت دائما تتساءل عن الدافع الذي يجعل زهرات ثلاث متفتحات: بجمالهن الأخاذ، وتفوقهن العلمي الممتاز، ووضعهن الاجتماعي المحترم، يقدمن على مثل هذه الأعمال.فبعد الوقوف على بعض الأحداث الثانوية في سيرة "آيات": كمشاهدتها لجنازة أحد أفراد الجيران، وترويج بعض الجيران الكلام عن والدها متهمين إياه بالعمالة للكيان الصهيوني أقدمت على هذا العمل لكن الغرابة تكمن في السبب من مقابلة والدة الضحية الإسرائيلية "ريتشل" التي تزامن دخولها باب المتجر وقوف الشهيدة "أيات" عند الباب للتفجير، فقد نعتت والدة "ريتشل" العرب والفلسطينيين وأسرة الأخرس ب"الحاقدين وعديمي الإنسانية".وفي خلاصة للطرح الأيديولوجي السخيف استدعت الكاتبة "بربرة فيكتور" صاحبة كتاب "الإنتحاريات" للتجمل قولها بأن طلاق وفاء وموت إبنها ومرض زاريتة ومشاهدة آيات الأخرس لجنازة أحد الجيران واتهام والدها بالعمالة كانا سببا في إقدامهن على "الإنتحار".

في البداية أتساءل عن السبب الذي جعل المعدة تغيب السباقات لهذا العمل كالهندية التي تفجرت على الرئيس الهندي "راجيف غاندي" والنموذج التركي والنمور السيريلانكيات والعراقيتين، مع العلم أن مثل هذه القضايا تحتاج إلى متخصصين وخبراء بهذا المجال بعيدا عن التحليلات السطحية، ذلك أن الإنتحار كظاهرة متعددة الأبعاد والدوافع لا تكون بدافع الوطنية أو حب الموت وإنما تكون خلاصا من عذاب وهو مالا يتحقق كما سبقت الإشارة في الشهيدات، لتبقى هذه العوامل الثانوية مجرد شرارة تغلي وتجعل من العمل البطولي أكثر ضراوة وحدة، وإلا فكل نساء العالم – المضطهدات – واللائي يعانين من الظروف المأزومة سيكون مصيرهن الإنتحارلا محالة.

لكن الإنسان العربي والمرأة خصوصا هو "إنسان أعلى" كما طرحه نيتشه لكن تميزه الأخلاق والدين كأحد الموجهات الأساسية في سيرورة التنامي البشري، والتي تجعله بمستطاعه أن يصير أرقى، وأعقل، وأبعد نظرا، وأقل تمركزا على أناه، وأوفر حكمة، وأقرب إلى تقرير مصيره منه إلى البقاء ألعوبة في يد الظروف والأسياد.

كفانا قنوات لبث روح الهزيمة والتقاعس، فنحن نحتاج إلى بث الثقة في النفس العربية نحتاج لنفس الانتصارات والجاهزية فقد تم تشويه صورتنا أكثر من اللازم، فنحتاج لأيادي البناء والتصحيح لا لمعاول الهدم والتعويج يا عربية.

ـــــــــــــــــــــــــــ

• طالب باحث في علم الإجتماع.

التعليقات