نايف حواتمه الامين العام للجبهة الديموقراطية:المعارك الآتية كسر عظم

غزة-دنيا الوطن
أكد الأمين العام لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" نايف حواتمه ، خلال حوار أجرته معه "إيلاف" ، ان منظمته لا تؤيد بقاء السلاح الفلسطيني لأي فصيل خارج المخيمات في لبنان، وتريد تنظيم السلاح الفلسطيني داخل هذه المخيمات، معتبراً أن الحل الجذري للقضايا اللبنانية - الفلسطينية العالقة يتطلب حلولا للأوضاع الإنسانية المدنية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان.
وشدد حواتمه على وقوف منظمته مع سورية في خندق واحد في مواجهة السياسات العدوانية التوسعية الاحتلالية الإسرائيلية ، والضغوط والشروط الأميركية، لافتا إلى أن ساعة عودته وعودة كل القادة الفلسطينيين إلى الساحة الفلسطينية تتقرر عند رحيل الاحتلال من الحدود البرية والبحرية والجوية لقطاع غزة.
وهنا نص الحوار :
*ما هي قراءتك للوضع السياسي الحالي ، لاسيما أن الشعب الفلسطيني مقبل على انتخابات تشريعية وعام جديد ؟
- بفعل الانتفاضة الجديدة والمتجددة، وصلت القضية الفلسطينية إلى حالة من "الاستعصاء الكبير"، لم يعد ممكناً للحلول الإسرائيلية ـ الأميركية التي طرحت على امتداد أعوام العشرة الماضية أن تفرض نفسها، فقد حاولت هذا منذ مدريد إلى اتفاقات أوسلو، ووصلت إلى النفق المسدود في أيار/ مايو 1999، وحاولت من جديد في مفاوضات كامب ديفيد- 2 في تموز/ يوليو 2000 ووصلت إلى الطريق المسدود، وكذا اقتراحات الرئيس الأميركي بيل كلينتون في 20 كانون أول/ ديسمبر 2000 وصلت إلى الجدار.
فشلت كل هذه الحلول والاقتراحات لأنها أغفلت الحدود الدنيا من الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، والحقوق القومية لشعوب الأمة العربية ، ولأنها حلول محكومة برؤية إسرائيلية ـ أميركية ترمي إلى تحقيق سلسلة من الأطماع التوسعية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، أبعد مما حصل عليه المشروع الإسرائيلي الصهيوني الكولونيالي التوسعي عام 1948، وترمي غلى استثمار هزيمة حزيران/ يونيو 1967، واحتلالها لجميع الأراضي الفلسطينية إضافة إلى الأراضي العربية المجاورة (سيناء، الجولان)، بأمل فرض خريطة جديدة لدولة إسرائيل، تكون فيها القدس الموحدة أو معظمها " عاصمة أبدية لدولة إسرائيل ". وهذا ما نصت عليه اقتراحات كامب ديفيد 2، التي جاءت نتيجة تفاهمات واسعة بين حكومة باراك وإدارة كلنتون . فهي تعطي للفلسطينيين 14% من القدس العربية المحتلة في العام 1967، وتضم لإسرائيل 86% منها، بالإضافة إلى هذا تضم لإسرائيل 11.5% من مجموع أراضي الضفة الفلسطينية المحتلة، وبشأن قضية اللاجئين الفلسطينيين تقرر بأن لا حق بالعودة، ولا حتى الاعتراف بمبدأ حق العودة، بل تقترح حل قضية اللاجئين الفلسطينيين على ثلاثة محاور
( لمّ شمل عائلات بما لا يتجاوز المائة ألف شخص إلى داخل ما يسمى بالخط الأخضر ـ إشارة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1948ـ على امتداد عشر سنوات، عودة إلى الدولة الفلسطينية الموعودة بحدود نصف مليون وفق اتفاقات فلسطينية ـ إسرائيلية ـ أميركية على امتداد عشر سنوات، ويبقى من الشعب اللاجئ أكثر من ثلاثة ملايين ونصف في حالة الشتات، مقترح حل مشكلتهم في إطار مؤتمر دولي يضع لهؤلاء عمليات إعادة تأهيل، مقدمة للتوطين في البلدان العربية، أو تهجير جديد إلى المنافي البعيدة . للمراجعة: كتاب حواتمه: الانتفاضة..الاستعصاء، فلسطين الى أين؟ "دار الرفاعي للطباعة والنشر، القاهرة).
أضاف : انتهت جميع الحلول الإسرائيلية إلى الطريق المسدود، بفعل ممانعة الشعب الفلسطيني وقواه وتياراته المنظمة الوطنية والديمقراطية، ونضالها المشروع من أجل رفع سقف الحلول السياسية للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، باتجاه سقف قرارات الشرعية الدولية، التي تؤكد على ضرورة ترحيل الاحتلال من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى ما وراء خطوط 4 حزيران/ يونيو 1967 لتقام عليها دولة فلسطين بعاصمتها القدس العربية المحتلة، وعودة اللاجئين وفقاً للقرار الأممي 194 .
تطلب هذا النهوض الجديد أربعة عشر عاما من النضال لم يكن من الممكن اختزال زمنه بكل ما يحمله من معاناة لأبناء شعبنا، لأن اتفاقات أوسلو، وقبلها أسس مدريد التي أرست فك الارتباط بين القضية الفلسطينية وقضايا الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وقررت المفاوضات الثنائية المباشرة، وفكت أي ترابط بين مسارات التفاوض، وحشرت المفاوضات الثنائية الأردنية، السورية، اللبنانية ـ الإسرائيلية في إطار القرارين 242، 338 فقط. وعلى الجبهة الفلسطينية ـ الإسرائيلية وفق شروط مختلفة حصرت التمثيل الفلسطيني بوفد من سكان الضفة الفلسطينية وغزة دون القدس واللاجئين، مندرج في إطار وفد أردني ـ فلسطيني، فالمفاوضات كانت تدور في واشنطن على الحكم الذاتي (للسكان دون سيادة على الأرض)، بينما الاستيطان يتواصل ولا يتوقف، ومن وراء ظهر الوفد الفلسطيني المفاوض في واشنطن دارت مفاوضات أوسلو السرية وصولاً إلى توقيع اتفاق أوسلو، وما تناسل عنه من اتفاقات الخطوات الصغيرة الجزئية المجزوءة. وبعدها أشاعت مفاوضات كامب ديفيد 2 جبالاً من الأوهام تطلب دحضها زمناً طويلاً، فالخبرة التاريخية تؤكد بأن الشعوب لا تلبي نداءات وطنية بصيرة ومتقدمة انطلاقاً منن رؤية استباقية بعيدة المدى استناداً إلى رؤية إيديولوجية وتحليلية سياسية وطنية/قومية سليمة، أربعة عشر عاماً من النضال ضد الغرق في أوهام المشاريع والحلول الأمريكية ـ الإسرائيلية، تعلم فيها أبناء شعبنا من الاكتواء بنار التجربة ضرورة التمسك بقرارات وحلول الشرعية الدولية في مواجهة المشاريع التوسعية الإسرائيلية .
الآن نحن نقف على عتبة مرحلة جديدة، بعد أن وصل المشروع الاستيطاني التوسعي الإسرائيلي إلى طريق مسدود، مما عكس نفسه على الخارطة الحزبية والسياسية الداخلية الإسرائيلية، بزلزال حزب العمل وانتخاب بيرتس زعيماً له، ومسارعة شارون إلى الانشقاق عن الليكود وتشكيل حزب كاديما، وانتخابات مبكرة في 28 آذار/ مارس 2006.
لذلك بات لزاماً علينا أن نقدم أنفسنا كحالة موحدة، حتى نفعل في زيادة مأزق القوى اليمينية الإسرائيلية، فالمعارك القادمة معارك كسر عظم، ويجب علينا أن نجعل من استمرار الاحتلال لأراضينا في الضفة والقدس مكلفاً حتى نجبره على الرحيل عنها، كما وقع في غزة. وهذا يحتاج إلى استراتيجية فلسطينية موحدة، حتى يكون بمقدورنا أن نحشد دعماً عربياً ودولياً في مواجهة الدموية الإسرائيلية ومخططاتها التوسعية الاستيطانية المدعومة أميركياً، وبدون التحولات الفلسطينية الجديدة التي ندعو ونعمل لها مطلع 2006، فالحالة الفلسطينية ستكون أكثر تراجعاً وسوءاً من حالة التناحر الثنائي فتح ـ حماس، والانقسامات، وغياب المشروع السياسي الملموس والواقعي الموحّد.
* هل أن القيادة الفلسطينية كانت فاقدة للجرأة سابقاً في طرح مشروعها السياسي الحالي ؟
- السؤال هو ما هو المشروع السياسي للقيادة الفلسطينية، وأي قيادة تعنين ؟ إذا كان المقصود قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، فكل السياسات السابقة التي مورست على الأرض من القيادة المتنفذة كانت على عكس قرارات الإجماع الوطني التي اتخذتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية، وجاءت سياسات القيادة المتنفذة فاقدة للإجماع السياسي والوطني الفلسطيني، أما إذا كنت تقصدين قيادة السلطة الفلسطينية فهي لم تمثل حتى الآن إطاراً ائتلافياً وطنياً مجمعا عليه، هي تمثل أحد الأطراف الفلسطينية بغض النظر عن وزنه أو ما يمثله، وحتى الآن هذا الطرف الفلسطيني غير موحد سياسياً، وبدأت أخيراً تدب في صفوفه نزعات انقسام داخلية باتت تمس فعلياً وحدته.
لذلك الموضوع ليس موضوع جرأة من عدمها، أي برنامج لا يشكل محل إجماع الأكثرية من أبناء شعبنا وقواه الحية لا يمكن أن يكتب له النجاح. قلنا هذا على مدار سنوات أوسلو إلى أن وصل إلى الجدار، وعلى امتداد أربعة عشر عاماً، ما زلنا نبذل كل جهد ممكن من أجل تقويم المسار، بأن يقف الجميع على أرضية البرنامج المشترك، والانطلاق من استراتيجية فلسطينية موحدة، كي نعيد بناء العملية السياسية والتفاوضية، وبدون هذا نعود للدوران في الحلقة المفرغة، مما يفسح بالمجال أمام تصاعد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية. المطلوب جرأة في نقد الذات، والعودة إلى رحاب الوحدة الوطنية، والإقلاع عن أساليب الهيمنة والاحتكار والتفرد، ومحاسبة الفاسدين والمقصرين سياسياً ومالياً وأخلاقياً، ومنع وقوع شعبنا في طاحونة تناحر فتح/ حماس الانقسامي.
هذه هي الجرأة المطلوبة من أجل أن نتوج سنوات نضالنا بانتزاع حقوقنا في دولة مستقلة كاملة السيادة بحدود 4 حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس، وتقرير المصير، وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم حسب ما نص عليه القرار الأممي 194.
* هناك الكثير ممن يطالبون بتأجيل الانتخابات لا سيما في صفوف حركة "فتح"، بسبب ما تشهده من نزاعات داخلية … ما رأيكم ؟
- تأجيل الانتخابات لا يشكل حلاً للمشكلات الداخلية في فتح، على العكس سيزيد ويعقد هذه المشكلات والحلول للكثير من الإشكالات التي تعاني منها حركة فتح لا يمكن أن تحل إلا من خلال الإطار الوطني، ويمكن للانتخابات التشريعية أن تشكل خطوة على طريق إعادة مأسسة النظام السياسي الفلسطيني بعيداً عن نزعات الاستئثار بمؤسسات السلطة الفلسطينية، وجعل ذلك أساساً لاستمرار الصراع النفعي والمصلحي الضيق.
نحن في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين مع ضرورة إجراء الانتخابات في وقتها أي في 25/1/2006 وقبل أيام أجريت اتصالاً هاتفياً مع الأخ محمود عباس/ أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية، حيث انعقد اجتماع اللجنة التنفيذية ل م.ت.ف وقررت اللجنة التنفيذية تثبيت الدعوة للانتخابات في 25/1/2006 الشهر القادم.
الجبهة الديمقراطية جاهزة لهذه العملية ،والجبهة الديمقراطية تمكنت في بناء ائتلاف وطني ديمقراطي عريض تحت عنوان قائمة "البديل" من الجبهة الديمقراطية وبرئاسة الجبهة الديمقراطية ،حزب الشعب ، وشخصيات وطنية مستقلة، ومنظمة فدا، من اجل خوض المعركة الانتخابية بقائمة ائتلافية تشكل الأساس للتيار الثالث في الحركة الفلسطينية. والرفيق صالح زيدان رئيس قائمة البديل في قطاع غزة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية والمرشح على لائحة قائمة البديل المشكلة من القوى التي ذكرت، قد وجه الدعوة إلى القوى الديمقراطية الأخرى الانضمام إلى ائتلاف البديل الوطني الديمقراطي لبناء جبهة برلمانية عريضة تمثل القوة الثالثة لتصحيح الانتخابات، ووقف الاستقطاب الثنائي التناحري الانقسامي بين فتح وحماس، الذي يقود إلى الشلل والصراع بين سياستين متناقضتين.
* ما هي الضرورات التي أدت إلى تشكيل تيار ثالث (ديمقراطي) في الساحة الفلسطينية ؟
- تشكيل التيار الثالث ضرورة وطنية لكسر حالة الاستقطاب التناحري الثنائي، والذي يقود إلى سياسات الإلغاء والإقصاء للقوى الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني، والتيار الديمقراطي يعبر عن تطلعات وآراء ومواقف شريحة واسعة من أبناء شعبنا الفلسطيني، وهذا التيار انتزع دوره التاريخي بمساهماته الرئيسية في العملية النضالية الفلسطينية على مدار ثمانية وخمسين عاماً من النضال . نحن في الجبهة الديمقراطية نحمل أكثر من ثلاثة آلاف شهيد من قياداتنا وكوادرنا في المقاومة.
إن التيار الديمقراطي سيبقى المعبر الحقيقي عن تطلعات وآمال الشعب الفلسطيني في الاستقلال وتقرير المصير والعودة، وانتزاع حق شعبنا في حياة كريمة، والعدالة الاجتماعية، ورفع الظلم والتهميش عن الفئات المحرومة، وإنهاء حالة الهيمنة والاستفراد وما يستتبعها من تلاعب بالحقوق الوطنية، وفساد ونهب للمال العام، ومحاباة ومحسوبية. والتيار الديمقراطي هو الضامن الحقيقي لقيام ديمقراطية فلسطينية، ونظام سياسي برلماني فلسطيني جديد، بديلاً عن النظام الرئاسي وأمراضه المدمرة منذ 1996 حتى 2005، وكما قاد إلى كوارث في البلدان العربية، الشعب تواق لنظام برلماني جديد يلبي طموحات وحاجات شعبنا، لأنه يشكل قوة التغيير الحقيقية وصاحبة المصلحة في تغيير جذري يعزز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وصمود المجتمع الفلسطيني في الوطن والشتات، وتكامل الأدوار النضالية، والنجاح في المعركة التي يخوضها شعبنا ضد الاحتلال والاستيطان.
وكنا نأمل أن تتحد كل القوى الديمقراطية الفلسطينية في ائتلاف موحد، وهذا سنسعى إلى تجاوزه لاحقاً، لأن هذا من مقتضيات المصلحة الوطنية الفلسطينية، بدون الفصائل الديمقراطية لا أفق لوقف الصراعات بين أهل السلطة والتناحر فتح/ حماس، لا أفق لإصلاح حقيقي لمؤسسات السلطة، لا خلاص من الفساد والبلطجة الأمنية.
* لماذا لم تستطع الديمقراطية إيجاد صيغة مع الجبهة الشعبية للتوحد ضمن قائمة واحدة ؟
- قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أعلنوا على لسان الأخ أحمد سعدات أن "حواراتنا معهم أثمرت توافقاً سياسياً وبرنامجياً واسعاً، وأن لا خلافات سياسية حقيقية بيننا"، ومجموعة التباينات لا تغير من الحقيقة السابقة. لقد أبدينا مرونة عالية في الحوارات مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقبلنا بما طرحته لجان الوساطة والتوفيق المشكلة من شخصيات ديمقراطية مخلصة (إبراهيم دعيبس، د. نصر عبد الكريم، محمد خضر قرَّش، نافع الحسن) في مسعاها لوحدة القوى الديمقراطية الفلسطينية، لكن كل ذلك اصطدم برفض قيادة الجبهة الشعبية. وأخيراً صرح سعدات "بأن جبهته تريد اختبار قوتها، لذلك هم يفضلون أن ينزلوا منفردين في قائمة مستقلة"، وهذا السؤال يجب أن يوجه لهم، وجماهير شعبنا ستحكم على من تقع مسؤولية منع قيام ائتلاف شامل يضم كل القوى الديمقراطية الفلسطينية، مع تأكيدي بأننا لن نجعل من الفشل في قيام ائتلاف ديمقراطي شامل عائقاً أمام توحد هذه القوى في مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية، ولدينا مشروع جديد سنقدمه بعد الانتخابات للشعب وكل القوى الديمقراطية والوطنية.
أزمة "فتح"
* هل ستستطيع "فتح" الخروج من أزمتها الداخلية دون أي انشقاق ؟
- الانقسام السياسي والتنظيمي واقع قائم في حركة "فتح"، وتعبيراته واضحة للعيان، إن شرط محافظة الحركة على وحدتها هو أن تقر بعمق الأزمة ومسبباتها، وهذا ما سيفتح الباب أمام معالجتها على أساس من برنامج حركة فتح، وضمن الأطر التنظيمية الفتحاوية. وبالتأكيد إن حل الكثير من معضلات الأزمة الفتحاوية يجب أن يكون بالإطار الوطني العام. إن تأخير المؤتمر السادس للحركة ستة عشر عاماً أحد الأسباب الرئيسية في استمرار أزمة فتح، فضلاً عن غياب أي مرجعية نقدية لسياسة فتح الاحتكارية والتقدم إلى رحاب وحدة وطنية على قضايا استراتيجية كبرى. لن يكون منجياً التظلل بشعار "أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها"، هذا يصبح في إطار التعمية على الأزمة الحقيقية، واليوم يثبت أكثر من أي وقت مضى بأن تفرد وهيمنة فتح على مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية أضرت كثيراً بحركة فتح، والحركة تدفع اليوم فواتير سياسات الجناح المتنفذ في قيادتها خلال سنوات أوسلو المظلمة، وأخطبوط الفساد في مؤسسات السلطة. ما نتمناه هو أن تحافظ حركة فتح على وحدتها، ونضع كل إمكانياتنا في خدمة هذا الهدف الوطني النبيل، حفاظاً على دور فتح، وتاريخية الدور النضالي لفتح، ونجاح أي مسعى للحفاظ على وحدة حركة فتح رهن بما ستتخذه من مواقف على صعيد تعزيز الديمقراطية داخل صفوفها، ومحاربة الفساد والهيمنة والتسلط والشللية المعبر عنها بمراكز القوى وامتداداتها داخل مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.
والبديل قانون تمثيل نسبي كامل 100%، نظام برلماني ديمقراطي لا رئاسي، حكومة انتقالية ائتلافية تشرف على انتخابات نزيهة، حكومة وحدة وطنية على أساس برنامج قواسم مشتركة بعد الانتخابات التشريعية.
* هناك تخوف عالمي من فوز "حماس" في الانتخابات، هل تخشون هذا الاحتمال؟
- مجموعة التصريحات والتدخلات الأميركية والإسرائيلية أصابت بالضرر القوى الديمقراطية الفلسطينية أولاً، ونحن نرفض التدخل السافر في الشؤون الداخلية الفلسطينية، وشعبنا هو من يحدد خياراته. والمطلوب أن تكون هناك ضمانات من أجل قيام عملية انتخابية ديمقراطية حقيقية، يشارك فيها كل أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس، بما في ذلك القيود التي فرضتها اتفاقيات أوسلو واتفاقية باريس على القدس وأبنائها، ومنع المال السياسي من إفساد ديمقراطية الانتخابات وشفافيتها، ووضع قيود على أولويات الصرف والموازنات الخاصة بالحملات الانتخابية والإعلان عنها، ووضع قانون وآليات عملية لرقابة المال السياسي على يد لجنة الانتخابات المركزية ورقابة مؤسسات المجتمع المدني.
وفيما يخص مشاركة حركة حماس بالانتخابات، فهذا حق طبيعي تضمنه الأعراف الديمقراطية وقانون الانتخاب الفلسطيني، مع إدراكنا بأن هناك التزامات مقابلة لحق المشاركة في الانتخابات، حيث يجب على الجميع الانضواء تحت سقف الديمقراطية الفلسطينية المعبر عنها ببرنامج الإجماع الوطني، الذي يمثل رأي غالبية أبناء الشعب الفلسطيني وقواه الحية، وبلغة واضحة هذا يعني بأن على كل القوى التي تشارك في العملية الديمقراطية أن تنتقل إلى الالتزام ببرنامج القاسم المشترك الائتلافي، الذي قررناه بالإجماع في القاهرة (آذار/ مارس 2005)، وأن تعكس ذلك في تطويرات برنامجية على كافة الصعد السياسية والتنظيمية.
* متى سنراك في غزة ؟
- أعتقد أن ساعة عودتي وعودة كل القادة الفلسطينيين إلى الوطن تتقرر عند رحيل الاحتلال من الحدود البرية والبحرية والجوية لقطاع غزة، والأمر خاضع لهيئات الجبهة الديمقراطية بالتنسيق مع الفصائل والسلطة الفلسطينية، وفي حال انسحاب الاحتلال من الممرات البحرية والبرية والجوية لقطاع غزة تصبح العودة في متناول اليد.
* هل أن الوضع السياسي الإسرائيلي وما أحدثه شارون بانسحابه من الليكود سيؤثر على الساحة الفلسطينية ؟
بالتأكيد الزلزال السياسي الكبير الذي أصاب الخريطة الحزبية في إسرائيل، سيترك تأثيراً على الأوضاع الفلسطينية، لأن جذور هذا الزلزال سياسية بامتياز، فسياسة الاستيطان الإسرائيلي وصلت إلى الجدار، وإسرائيل تحاول أن تخرج من مأزق استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة بأقل الخسائر، لكنها باتت تسلم بعدم إمكانية استمرار احتلالها لكل الأراضي الفلسطينية، وهذا مدلول انتخاب بيرتس لزعامة حزب العمل، ومدلول برنامج حزب شارون كاديما السياسي.
المطلوب أن نعمق من المأزق الداخلي الإسرائيلي بتقديم حالة فلسطينية موحدة على أساس استراتيجية فلسطينية موحدة تنطلق من برنامج القاسم الوطني المشترك، وأن تعزز صمود شعبنا في الوطن والشتات، في وجه سياسات الاحتلال والاستيطان، بديلاً عن مراهنات البعض في إعادة بناء العملية السياسية والتفاوضية انطلاقاً من التساوق مع الشروط الإسرائيلية المدعومة أمريكياً، لأن هذا يعطي رسائل خاطئة تعزز من دور اليمين الإسرائيلي، وتضعف موقف معسكر السلام الإسرائيلي. وفي هذا السياق فإن ائتلاف القوى السياسية لأبناء شعبنا في الجليل والمثلث والنقب في قائمة انتخابية موحدة، سيكون لها تأثير كبير على محاصرة اليمين الإسرائيلي، وتعزيز دور القوى الإسرائيلية الجادة في حل سلمي للصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي.
وخلاصة القول يجب أن لا نراهن على تطورات الحالة الداخلية الإسرائيلية بمعزل عن فعلنا وتأثيرنا، وتصعيد نضالنا حتى تسلم دولة الاحتلال بشكل نهائي بعدم إمكانية قيام تسوية شاملة ومتوازنة دون التسليم بالحقوق الوطنية والمشروعة للشعب الفلسطيني في العودة وفي الاستقلال وتقرير المصير وعروبة وفلسطينية القدس عاصمة دولة فلسطين، وإزالة جدران الضم والفصل العنصرية، وكل أشكال استمرار الاحتلال الكولونيالي للأراضي الفلسطينية.
* "الجبهة الشعبية" أكدت أنها ستقاطع الانتخابات في حال منعت حماس، هل ستنضمون لها ؟
- أجبت على هذا في ردي على السؤال السابع، وأعيد التأكيد على حق كل القوى والفصائل الفلسطينية في المشاركة بالانتخابات. ونحن ناضلنا وسنبقى نناضل من أجل قانون انتخابي يضمن قيام ديمقراطية فلسطينية كاملة، ونحن أعلنا قبل الجميع بأننا لن نقبل بانتخابات تفرض فيها شروط وتدخلات أجنبية، مع الإشارة إلى أن التدخلات والشروط الأجنبية لا يمكن اختصارها بمجموعة التصريحات الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية ضد مشاركة حماس، بل بالأموال الإقليمية والدولية التي تتدفق على بعض الجهات الفلسطينية لإفساد ديمقراطية الانتخابات، وشراء الذمم. هذا أيضاً مرفوض، وفي حال عدم وضع ضوابط له سيكون مدعاة للطعن بديمقراطية وشرعية الانتخابات.
أقول لكم بوضوح "أن جميع الفصائل ستشارك بالانتخابات"، "لا حاجة لإعلانات دعاوية".
* ماذا عن حوار القاهرة الجديد ؟ وما أهم جدول أعمالكم ستكون بالعاصمة المصرية في حال تم انعقاده بالقريب، وما هو موقفكم من التهدئة لاسيما ونحن نشارف على انتهاء موعدها ؟
- حسب الالتزامات التي ترتبت على إعلان القاهرة (آذار/ مارس 2005)، والذي توج أعمال مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني، الذي انعقد في القاهرة (الجولة الأخيرة من الحوار)، وحسب الجدولة المقترحة لتنفيذ هذه الالتزامات كان من المفترض أن يتولى الأخ محمود عباس/ أبو مازن رئيس السلطة، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير توجيه دعوة عاجلة خلال شهر إبريل/ نيسان 2005 لاجتماع اللجنة الوطنية الفلسطينية العليا، التي نص على تشكيلها إعلان القاهرة، وأنيط بها مهمة الإشراف على ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار، لترجمة قرار إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية على أسس انتخابات التمثيل النسبي، وديمقراطية ائتلافية، وعلى أن يُدعم عمل هذه اللجنة بالإسراع في إصدار قانون جديد للانتخابات التشريعية على أساس المناصفة (50% تمثيل نسبي، 50% دوائر فردية)، واستكمال ما تبقى من الانتخابات المحلية البلدية والقروية على أساس قانون التمثيل النسبي 100%، لكن ما وقع على الأرض أنه جرت مماطلة في إصدار القوانين الجديدة، بناء على حسابات معروفة لدى كتل فتح، وتتحمل بعض القوى الفلسطينية مسؤولية في ذلك لأنها لم ترَ من مصلحتها خوض معركة التسريع بإصدار القوانين الجديدة، فهي كانت وما زالت تراهن على فرض قطبية تناحرية ثنائية، ولأنها مستفيدة من القوانين التي تكرس العشائرية والجهوية، ونفوذ عائلات الإقطاع السياسي التقليدية، التي عادت واستنهضت أوضاعها ودورها بعد قيام السلطة الفلسطينية، بحكم استفحال ظاهرة الموالاة وشراء الذمم على أسس نفعية ومصلحية ضيقة، وأخيراً فوجئنا بما أعلنه الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بأنه طلب تأجيل الجولة القادمة من الحوار إلى ما بعد الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2005، وهذا أمر سنناقشه مع الأخوة في قيادة حماس انطلاقاً من المصلحة الوطنية بدلاً عن المصلحة الحزبية الأنانية الضيقة والانقسامية، وضرورة تدعيم صمود شعبنا ووحدة قوى المقاومة، وما يتطلبه ذلك من عدم انفراد أي طرف بمواقف تخرج عن الإجماع الوطني.
نحن من جانبنا أكدنا ونعيد ونؤكد أن الاستمرار في تعطيل اجتماع اللجنة الوطنية الفلسطينية العليا، وتعطيل الجولة القادمة من الحوار، لا يخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية، ويعيق إمكانية بناء استراتيجية فلسطينية موحدة، نستنهض بها أوضاعنا الداخلية، ونواجه بها المخططات والمشاريع الدموية التوسعية الإسرائيلية المدعومة أمريكياً، لفرض الحلول الأمنية الإسرائيلية بديلاً عن حلول الشرعية الدولية وقراراتها وخططها التي تضمن الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا الفلسطيني. وبعد الزلزال السياسي والاجتماعي الطبقي الكبير الذي وقع في الخارطة الحزبية الإسرائيلية بانتخاب عمير بيرتيس رئيساً لحزب العمل على أساس من برنامجه المعلن بحل يقوم على أساس دولتين، والانسحاب الإسرائيلي إلى حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، والعودة إلى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين وسورية دون شروط مسبقة، وانشقاق حزب الليكود، وتشكيل حزب كاديما بزعامة شارون، وإعلان برنامجه السياسي تجاه الأرض والصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بات مطلوباً الإسراع في بناء استراتيجية فلسطينية موحدة، حتى نفعل أكثر في المجتمع الإسرائيلي، فهذا جديد في الخارطة الإسرائيلية، سينعكس حكماً على الخارطة السياسية، وعلى سياسات دولة الاحتلال الإسرائيلي، جديد تحقق بفضل صمود شعبنا وتضحياته. أما الانطلاق من حسابات فئوية مصلحية ضيقة، فهذا سيزيد من إرباك الأوضاع الداخلية الفلسطينية، والزج بها في دوامة الانقسامات التناحرية والاستقطاب الإقصائي، ويترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لاستمرار السياسات الدموية التوسعية الشارونية.
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال من أقره مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة هو تهدئة وليس هدنة، وبشرط التزام إسرائيلي مقابل بوقف عمليات الاغتيالات والتصفيات والاعتقالات والاجتياحات، ومصادرة الأراضي وهدم البيوت، والتعرض للمقدسات الإسلامية والمسيحية العربية، لقد قوبل إعلان التهدئة من الجانب الفلسطيني برفض إسرائيلي، وواصلت إسرائيل سياسة الاغتيالات والتصفيات والاعتقالات والاجتياحات، واستدعى ذلك رداً فلسطينياً من قبل الأجنحة العسكرية. إسرائيل لا تريد تهدئة أو هدنة بل تريد أن تلغي حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة المسلحة، وتدعو إلى تفكيك الأجنحة العسكرية. بناء على ما سبق فإن استمرار التهدئة يتوقف على تنفيذ إسرائيل لالتزاماتها المقابلة، وبدون ذلك لن تكون تهدئة، مع تأكيدنا على حق الشعب الفلسطيني في ممارسة المقاومة المسلحة جنباً إلى جنب مع كل أشكال النضال الأخرى ضمن استراتيجية فلسطينية موحدة ومتكاملة، حتىينسحب الاحتلال من آخر شبر من أراضينا المحتلة في عدوان الخامس من حزيران/ يونيو 1967، بما في ذلك القدس عاصمة دولة فلسطين.
سورية ولبنان
* هناك هجمة غربية على سورية بدعوى دعمها للمنظمات المقاومة … ما تعقيبكم ؟
- نحن نقف مع سوريا في خندق واحد في مواجهة السياسات العدوانية التوسعية الاحتلالية الإسرائيلية، والضغوط والشروط الأمريكية، وحصار سوريا والتهديدات الموجهة ضدها جزء لا يتجزأ من المعركة التي تخاض ضد شعبنا وقضيته الوطنية، وضد حق الشعب السوري في استرجاع أراضيه المغتصبة في الجولان السوري المحتل، ومنع المقاومة اللبنانية من استكمال مسيرة تحرير مزارع شبعا اللبنانية.
نحن نضع كل إمكاناتنا في خدمة نضالنا المشترك مع أقطار اللجوء العربية، الأردن، مصر، سوريا ولبنان، وكل أحرار العرب الذين يقاومون مشاريع الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على المنطقة، ومن أجل الحرية والديمقراطية التعددية، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية في الشرق الأوسط.
ولكن يبقى أن نقولبأن مواجهة التهديدات الإسرائيلية والأمريكية لسوريا يحتاج إلى تضامن عربي حقيقي مع سوريا وفلسطين ولبنان في مواجهة هذه التهديدات، وإلا فإن هذه التهديدات ستزداد وتتصاعد ونتائج ذلك ستكون وخيمة على مجمل قضايانا الوطنية في الوطن العربي. علينا أن ندرك أن الأطماع التوسعية الإسرائيلية لم تنته نحو الأراضي الأردنية، سيناء المصرية، ومياه جنوب لبنان.
* هل أصبحت المنظمات الفلسطينية في دمشق تشكل إحراجاً للنظام السوري ؟
- ثقل الفصائل الفلسطينية الأساسية وعملها وقياداتها الرئيسية في داخل الوطن المحتل، ووجود بعض القادة الفلسطينيين ضيوفاً على بعض الدول العربية، وبين أبناء شعبهم، هذا حق مشروع، وواجب استضافتهم يفرضه النضال المشترك ضد مشاريع الهيمنة والتوسع الإسرائيلية.
* كيف تقرأ الأحداث على الساحة اللبنانية وخاصة حوادث الاغتيالات السياسية الأخيرة في لبنان ؟
- المشهد اللبناني قبل رحيل القوات السورية شيء وبعد رحيلها شيء آخر، فقد عبر هذا المشهد عن نفسه بسلسلة من التحالفات الانتخابية والسياسية التي جاءت ببرلمان فيه تمثيل لجميع القوى اللبنانية، كما أنها جاءت بتحالفات بين المتناقضات الفكرية والسياسية والبرامجية، وهذا كله سيترك تأثيره على أعمال الدولة اللبنانية وفي المقدمة الحكومة الواقعة تحت ضغط الأميركيين لتنفيذ العناصر الواردة في القرار 1559 الخاصة بالداخل اللبناني. وهنا أقول أن الوضع اللبناني يشهد النضج السياسي والفكري لدى هذه القوى التي تمثلت جميعها في البرلمان اللبناني بالانتخابات الأخيرة وبين القوى المتحالفة، وعليه من الضرورة أن تكون المصالحة الوطنية الشاملة وتفويت الفرصة على الضغوطات الكبرى الأمريكية.
المفتاح لذلك هو التطبيق الجاد والمتوازن لكل عناصر وأعمدة اتفاق الطائف الذي بقي معلقاً منذ عام 1989 حتى الآن. يجب إنزاله إلى الأرض وعلى قاعدة تنفيذ اتفاق الطائف بشكل متواز دون انتقائية لعنصر دون غيره يتوقف الكثير على مسار ومصير الوضع اللبناني. إن مسلسل الاغتيالات التي وقعت تصب في محاولة تسعير ومفاقمة الأزمات داخل الأراضي اللبنانية، ومحاولة إشعال النيران بين الطوائف اللبنانية. وهنا علينا أن نلحظ أن عمليات الاغتيال التي جرت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري (باسل فليحان، قصير، جورج حاوي، جبران تويني وآخرين) هذه العمليات تأتي كلها من لون ديني واحد من أجل إثارة لأمور بلغة طائفية دينية، وقد جرت محاولة اغتيال الياس المر نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع، وهو من لون سياسي آخر، وبالتالي كل هذه العمليات استهدافاتها بارزة وواضحة أن توصل الأمور إلى طريق مسدود في لبنان حتى ينفجر الوضع اللبناني الداخلي. العقل والنضج بالمسؤولية عليه أن يقطع الطريق على هذه الاتجاهات وإلا يسمح لها الزج بالمجتمع اللبناني من جديدفي فتن داخلية كما وقع وعانى منها الشعب اللبناني وقدم فعلاً أكثر من 200 ألف ضحية في حرب أهلية دامت 15 عاماً.
* ما هو مصير سلاحكم في لبنان ؟ أما زلتم متمسكين به خارج المخيمات وما فائدته ؟
- حل هذا الموضوع الشائك يتطلب قيام حوار بناء ومنفتح بين الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة ووفد فلسطيني موحد، نعمل الآن من اجل بناء هذا الوفد الفلسطيني الموحد الذي يتشكل من جميع فصائل الثورة الفلسطينية التي تحملت مسؤولية الثورة والقضية الوطنية عل امتداد 40 عام الأخيرة، ومجموعة تحالف القوى الفلسطينية في إطار الوفد الموحد. ومن جانبنا في الجبهة الديمقراطية نقوم عبر اللقاءات والاتصالات اليومية مع الحكومة اللبنانية وأقطابها السياسية بالتمهيد للحوار، وإنضاج الحلول للقضايا العالقة.
وفي المبدأ، نحن لسنا مع وجود السلاح الفلسطيني لأي فصيل خارج إطار المخيمات الفلسطينية. ونحن مع تنظيم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات الفلسطينية لأنة سلاح فردي ودفاعي من اجل الدفاع عن هذه المخيمات وأبنائها من كل أشكال العدوان عليها، ولنتذكر مجازر صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة، المجازر التي وقعت في الرشيدية وعين الحلوة ومخيمات الجنوب على يد الاجتياحات والمذابح الإسرائيلية المتعددة.ونحن نؤكد أن أي حل جذري للقضايا اللبنانية ـ الفلسطينية العالقة يتطلب حلولاً شاملة لكل القضايا العالقة والقضايا الإنسانية المدنية والاجتماعية، حقوق العمل والتنقل والتملك والانتماء للثورة والمقاومة وقضايا تنظيم السلاح داخل المخيمات.
أكد الأمين العام لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" نايف حواتمه ، خلال حوار أجرته معه "إيلاف" ، ان منظمته لا تؤيد بقاء السلاح الفلسطيني لأي فصيل خارج المخيمات في لبنان، وتريد تنظيم السلاح الفلسطيني داخل هذه المخيمات، معتبراً أن الحل الجذري للقضايا اللبنانية - الفلسطينية العالقة يتطلب حلولا للأوضاع الإنسانية المدنية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان.
وشدد حواتمه على وقوف منظمته مع سورية في خندق واحد في مواجهة السياسات العدوانية التوسعية الاحتلالية الإسرائيلية ، والضغوط والشروط الأميركية، لافتا إلى أن ساعة عودته وعودة كل القادة الفلسطينيين إلى الساحة الفلسطينية تتقرر عند رحيل الاحتلال من الحدود البرية والبحرية والجوية لقطاع غزة.
وهنا نص الحوار :
*ما هي قراءتك للوضع السياسي الحالي ، لاسيما أن الشعب الفلسطيني مقبل على انتخابات تشريعية وعام جديد ؟
- بفعل الانتفاضة الجديدة والمتجددة، وصلت القضية الفلسطينية إلى حالة من "الاستعصاء الكبير"، لم يعد ممكناً للحلول الإسرائيلية ـ الأميركية التي طرحت على امتداد أعوام العشرة الماضية أن تفرض نفسها، فقد حاولت هذا منذ مدريد إلى اتفاقات أوسلو، ووصلت إلى النفق المسدود في أيار/ مايو 1999، وحاولت من جديد في مفاوضات كامب ديفيد- 2 في تموز/ يوليو 2000 ووصلت إلى الطريق المسدود، وكذا اقتراحات الرئيس الأميركي بيل كلينتون في 20 كانون أول/ ديسمبر 2000 وصلت إلى الجدار.
فشلت كل هذه الحلول والاقتراحات لأنها أغفلت الحدود الدنيا من الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، والحقوق القومية لشعوب الأمة العربية ، ولأنها حلول محكومة برؤية إسرائيلية ـ أميركية ترمي إلى تحقيق سلسلة من الأطماع التوسعية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، أبعد مما حصل عليه المشروع الإسرائيلي الصهيوني الكولونيالي التوسعي عام 1948، وترمي غلى استثمار هزيمة حزيران/ يونيو 1967، واحتلالها لجميع الأراضي الفلسطينية إضافة إلى الأراضي العربية المجاورة (سيناء، الجولان)، بأمل فرض خريطة جديدة لدولة إسرائيل، تكون فيها القدس الموحدة أو معظمها " عاصمة أبدية لدولة إسرائيل ". وهذا ما نصت عليه اقتراحات كامب ديفيد 2، التي جاءت نتيجة تفاهمات واسعة بين حكومة باراك وإدارة كلنتون . فهي تعطي للفلسطينيين 14% من القدس العربية المحتلة في العام 1967، وتضم لإسرائيل 86% منها، بالإضافة إلى هذا تضم لإسرائيل 11.5% من مجموع أراضي الضفة الفلسطينية المحتلة، وبشأن قضية اللاجئين الفلسطينيين تقرر بأن لا حق بالعودة، ولا حتى الاعتراف بمبدأ حق العودة، بل تقترح حل قضية اللاجئين الفلسطينيين على ثلاثة محاور
( لمّ شمل عائلات بما لا يتجاوز المائة ألف شخص إلى داخل ما يسمى بالخط الأخضر ـ إشارة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1948ـ على امتداد عشر سنوات، عودة إلى الدولة الفلسطينية الموعودة بحدود نصف مليون وفق اتفاقات فلسطينية ـ إسرائيلية ـ أميركية على امتداد عشر سنوات، ويبقى من الشعب اللاجئ أكثر من ثلاثة ملايين ونصف في حالة الشتات، مقترح حل مشكلتهم في إطار مؤتمر دولي يضع لهؤلاء عمليات إعادة تأهيل، مقدمة للتوطين في البلدان العربية، أو تهجير جديد إلى المنافي البعيدة . للمراجعة: كتاب حواتمه: الانتفاضة..الاستعصاء، فلسطين الى أين؟ "دار الرفاعي للطباعة والنشر، القاهرة).
أضاف : انتهت جميع الحلول الإسرائيلية إلى الطريق المسدود، بفعل ممانعة الشعب الفلسطيني وقواه وتياراته المنظمة الوطنية والديمقراطية، ونضالها المشروع من أجل رفع سقف الحلول السياسية للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، باتجاه سقف قرارات الشرعية الدولية، التي تؤكد على ضرورة ترحيل الاحتلال من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى ما وراء خطوط 4 حزيران/ يونيو 1967 لتقام عليها دولة فلسطين بعاصمتها القدس العربية المحتلة، وعودة اللاجئين وفقاً للقرار الأممي 194 .
تطلب هذا النهوض الجديد أربعة عشر عاما من النضال لم يكن من الممكن اختزال زمنه بكل ما يحمله من معاناة لأبناء شعبنا، لأن اتفاقات أوسلو، وقبلها أسس مدريد التي أرست فك الارتباط بين القضية الفلسطينية وقضايا الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وقررت المفاوضات الثنائية المباشرة، وفكت أي ترابط بين مسارات التفاوض، وحشرت المفاوضات الثنائية الأردنية، السورية، اللبنانية ـ الإسرائيلية في إطار القرارين 242، 338 فقط. وعلى الجبهة الفلسطينية ـ الإسرائيلية وفق شروط مختلفة حصرت التمثيل الفلسطيني بوفد من سكان الضفة الفلسطينية وغزة دون القدس واللاجئين، مندرج في إطار وفد أردني ـ فلسطيني، فالمفاوضات كانت تدور في واشنطن على الحكم الذاتي (للسكان دون سيادة على الأرض)، بينما الاستيطان يتواصل ولا يتوقف، ومن وراء ظهر الوفد الفلسطيني المفاوض في واشنطن دارت مفاوضات أوسلو السرية وصولاً إلى توقيع اتفاق أوسلو، وما تناسل عنه من اتفاقات الخطوات الصغيرة الجزئية المجزوءة. وبعدها أشاعت مفاوضات كامب ديفيد 2 جبالاً من الأوهام تطلب دحضها زمناً طويلاً، فالخبرة التاريخية تؤكد بأن الشعوب لا تلبي نداءات وطنية بصيرة ومتقدمة انطلاقاً منن رؤية استباقية بعيدة المدى استناداً إلى رؤية إيديولوجية وتحليلية سياسية وطنية/قومية سليمة، أربعة عشر عاماً من النضال ضد الغرق في أوهام المشاريع والحلول الأمريكية ـ الإسرائيلية، تعلم فيها أبناء شعبنا من الاكتواء بنار التجربة ضرورة التمسك بقرارات وحلول الشرعية الدولية في مواجهة المشاريع التوسعية الإسرائيلية .
الآن نحن نقف على عتبة مرحلة جديدة، بعد أن وصل المشروع الاستيطاني التوسعي الإسرائيلي إلى طريق مسدود، مما عكس نفسه على الخارطة الحزبية والسياسية الداخلية الإسرائيلية، بزلزال حزب العمل وانتخاب بيرتس زعيماً له، ومسارعة شارون إلى الانشقاق عن الليكود وتشكيل حزب كاديما، وانتخابات مبكرة في 28 آذار/ مارس 2006.
لذلك بات لزاماً علينا أن نقدم أنفسنا كحالة موحدة، حتى نفعل في زيادة مأزق القوى اليمينية الإسرائيلية، فالمعارك القادمة معارك كسر عظم، ويجب علينا أن نجعل من استمرار الاحتلال لأراضينا في الضفة والقدس مكلفاً حتى نجبره على الرحيل عنها، كما وقع في غزة. وهذا يحتاج إلى استراتيجية فلسطينية موحدة، حتى يكون بمقدورنا أن نحشد دعماً عربياً ودولياً في مواجهة الدموية الإسرائيلية ومخططاتها التوسعية الاستيطانية المدعومة أميركياً، وبدون التحولات الفلسطينية الجديدة التي ندعو ونعمل لها مطلع 2006، فالحالة الفلسطينية ستكون أكثر تراجعاً وسوءاً من حالة التناحر الثنائي فتح ـ حماس، والانقسامات، وغياب المشروع السياسي الملموس والواقعي الموحّد.
* هل أن القيادة الفلسطينية كانت فاقدة للجرأة سابقاً في طرح مشروعها السياسي الحالي ؟
- السؤال هو ما هو المشروع السياسي للقيادة الفلسطينية، وأي قيادة تعنين ؟ إذا كان المقصود قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، فكل السياسات السابقة التي مورست على الأرض من القيادة المتنفذة كانت على عكس قرارات الإجماع الوطني التي اتخذتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية، وجاءت سياسات القيادة المتنفذة فاقدة للإجماع السياسي والوطني الفلسطيني، أما إذا كنت تقصدين قيادة السلطة الفلسطينية فهي لم تمثل حتى الآن إطاراً ائتلافياً وطنياً مجمعا عليه، هي تمثل أحد الأطراف الفلسطينية بغض النظر عن وزنه أو ما يمثله، وحتى الآن هذا الطرف الفلسطيني غير موحد سياسياً، وبدأت أخيراً تدب في صفوفه نزعات انقسام داخلية باتت تمس فعلياً وحدته.
لذلك الموضوع ليس موضوع جرأة من عدمها، أي برنامج لا يشكل محل إجماع الأكثرية من أبناء شعبنا وقواه الحية لا يمكن أن يكتب له النجاح. قلنا هذا على مدار سنوات أوسلو إلى أن وصل إلى الجدار، وعلى امتداد أربعة عشر عاماً، ما زلنا نبذل كل جهد ممكن من أجل تقويم المسار، بأن يقف الجميع على أرضية البرنامج المشترك، والانطلاق من استراتيجية فلسطينية موحدة، كي نعيد بناء العملية السياسية والتفاوضية، وبدون هذا نعود للدوران في الحلقة المفرغة، مما يفسح بالمجال أمام تصاعد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية. المطلوب جرأة في نقد الذات، والعودة إلى رحاب الوحدة الوطنية، والإقلاع عن أساليب الهيمنة والاحتكار والتفرد، ومحاسبة الفاسدين والمقصرين سياسياً ومالياً وأخلاقياً، ومنع وقوع شعبنا في طاحونة تناحر فتح/ حماس الانقسامي.
هذه هي الجرأة المطلوبة من أجل أن نتوج سنوات نضالنا بانتزاع حقوقنا في دولة مستقلة كاملة السيادة بحدود 4 حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس، وتقرير المصير، وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم حسب ما نص عليه القرار الأممي 194.
* هناك الكثير ممن يطالبون بتأجيل الانتخابات لا سيما في صفوف حركة "فتح"، بسبب ما تشهده من نزاعات داخلية … ما رأيكم ؟
- تأجيل الانتخابات لا يشكل حلاً للمشكلات الداخلية في فتح، على العكس سيزيد ويعقد هذه المشكلات والحلول للكثير من الإشكالات التي تعاني منها حركة فتح لا يمكن أن تحل إلا من خلال الإطار الوطني، ويمكن للانتخابات التشريعية أن تشكل خطوة على طريق إعادة مأسسة النظام السياسي الفلسطيني بعيداً عن نزعات الاستئثار بمؤسسات السلطة الفلسطينية، وجعل ذلك أساساً لاستمرار الصراع النفعي والمصلحي الضيق.
نحن في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين مع ضرورة إجراء الانتخابات في وقتها أي في 25/1/2006 وقبل أيام أجريت اتصالاً هاتفياً مع الأخ محمود عباس/ أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية، حيث انعقد اجتماع اللجنة التنفيذية ل م.ت.ف وقررت اللجنة التنفيذية تثبيت الدعوة للانتخابات في 25/1/2006 الشهر القادم.
الجبهة الديمقراطية جاهزة لهذه العملية ،والجبهة الديمقراطية تمكنت في بناء ائتلاف وطني ديمقراطي عريض تحت عنوان قائمة "البديل" من الجبهة الديمقراطية وبرئاسة الجبهة الديمقراطية ،حزب الشعب ، وشخصيات وطنية مستقلة، ومنظمة فدا، من اجل خوض المعركة الانتخابية بقائمة ائتلافية تشكل الأساس للتيار الثالث في الحركة الفلسطينية. والرفيق صالح زيدان رئيس قائمة البديل في قطاع غزة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية والمرشح على لائحة قائمة البديل المشكلة من القوى التي ذكرت، قد وجه الدعوة إلى القوى الديمقراطية الأخرى الانضمام إلى ائتلاف البديل الوطني الديمقراطي لبناء جبهة برلمانية عريضة تمثل القوة الثالثة لتصحيح الانتخابات، ووقف الاستقطاب الثنائي التناحري الانقسامي بين فتح وحماس، الذي يقود إلى الشلل والصراع بين سياستين متناقضتين.
* ما هي الضرورات التي أدت إلى تشكيل تيار ثالث (ديمقراطي) في الساحة الفلسطينية ؟
- تشكيل التيار الثالث ضرورة وطنية لكسر حالة الاستقطاب التناحري الثنائي، والذي يقود إلى سياسات الإلغاء والإقصاء للقوى الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني، والتيار الديمقراطي يعبر عن تطلعات وآراء ومواقف شريحة واسعة من أبناء شعبنا الفلسطيني، وهذا التيار انتزع دوره التاريخي بمساهماته الرئيسية في العملية النضالية الفلسطينية على مدار ثمانية وخمسين عاماً من النضال . نحن في الجبهة الديمقراطية نحمل أكثر من ثلاثة آلاف شهيد من قياداتنا وكوادرنا في المقاومة.
إن التيار الديمقراطي سيبقى المعبر الحقيقي عن تطلعات وآمال الشعب الفلسطيني في الاستقلال وتقرير المصير والعودة، وانتزاع حق شعبنا في حياة كريمة، والعدالة الاجتماعية، ورفع الظلم والتهميش عن الفئات المحرومة، وإنهاء حالة الهيمنة والاستفراد وما يستتبعها من تلاعب بالحقوق الوطنية، وفساد ونهب للمال العام، ومحاباة ومحسوبية. والتيار الديمقراطي هو الضامن الحقيقي لقيام ديمقراطية فلسطينية، ونظام سياسي برلماني فلسطيني جديد، بديلاً عن النظام الرئاسي وأمراضه المدمرة منذ 1996 حتى 2005، وكما قاد إلى كوارث في البلدان العربية، الشعب تواق لنظام برلماني جديد يلبي طموحات وحاجات شعبنا، لأنه يشكل قوة التغيير الحقيقية وصاحبة المصلحة في تغيير جذري يعزز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وصمود المجتمع الفلسطيني في الوطن والشتات، وتكامل الأدوار النضالية، والنجاح في المعركة التي يخوضها شعبنا ضد الاحتلال والاستيطان.
وكنا نأمل أن تتحد كل القوى الديمقراطية الفلسطينية في ائتلاف موحد، وهذا سنسعى إلى تجاوزه لاحقاً، لأن هذا من مقتضيات المصلحة الوطنية الفلسطينية، بدون الفصائل الديمقراطية لا أفق لوقف الصراعات بين أهل السلطة والتناحر فتح/ حماس، لا أفق لإصلاح حقيقي لمؤسسات السلطة، لا خلاص من الفساد والبلطجة الأمنية.
* لماذا لم تستطع الديمقراطية إيجاد صيغة مع الجبهة الشعبية للتوحد ضمن قائمة واحدة ؟
- قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أعلنوا على لسان الأخ أحمد سعدات أن "حواراتنا معهم أثمرت توافقاً سياسياً وبرنامجياً واسعاً، وأن لا خلافات سياسية حقيقية بيننا"، ومجموعة التباينات لا تغير من الحقيقة السابقة. لقد أبدينا مرونة عالية في الحوارات مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقبلنا بما طرحته لجان الوساطة والتوفيق المشكلة من شخصيات ديمقراطية مخلصة (إبراهيم دعيبس، د. نصر عبد الكريم، محمد خضر قرَّش، نافع الحسن) في مسعاها لوحدة القوى الديمقراطية الفلسطينية، لكن كل ذلك اصطدم برفض قيادة الجبهة الشعبية. وأخيراً صرح سعدات "بأن جبهته تريد اختبار قوتها، لذلك هم يفضلون أن ينزلوا منفردين في قائمة مستقلة"، وهذا السؤال يجب أن يوجه لهم، وجماهير شعبنا ستحكم على من تقع مسؤولية منع قيام ائتلاف شامل يضم كل القوى الديمقراطية الفلسطينية، مع تأكيدي بأننا لن نجعل من الفشل في قيام ائتلاف ديمقراطي شامل عائقاً أمام توحد هذه القوى في مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية، ولدينا مشروع جديد سنقدمه بعد الانتخابات للشعب وكل القوى الديمقراطية والوطنية.
أزمة "فتح"
* هل ستستطيع "فتح" الخروج من أزمتها الداخلية دون أي انشقاق ؟
- الانقسام السياسي والتنظيمي واقع قائم في حركة "فتح"، وتعبيراته واضحة للعيان، إن شرط محافظة الحركة على وحدتها هو أن تقر بعمق الأزمة ومسبباتها، وهذا ما سيفتح الباب أمام معالجتها على أساس من برنامج حركة فتح، وضمن الأطر التنظيمية الفتحاوية. وبالتأكيد إن حل الكثير من معضلات الأزمة الفتحاوية يجب أن يكون بالإطار الوطني العام. إن تأخير المؤتمر السادس للحركة ستة عشر عاماً أحد الأسباب الرئيسية في استمرار أزمة فتح، فضلاً عن غياب أي مرجعية نقدية لسياسة فتح الاحتكارية والتقدم إلى رحاب وحدة وطنية على قضايا استراتيجية كبرى. لن يكون منجياً التظلل بشعار "أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها"، هذا يصبح في إطار التعمية على الأزمة الحقيقية، واليوم يثبت أكثر من أي وقت مضى بأن تفرد وهيمنة فتح على مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية أضرت كثيراً بحركة فتح، والحركة تدفع اليوم فواتير سياسات الجناح المتنفذ في قيادتها خلال سنوات أوسلو المظلمة، وأخطبوط الفساد في مؤسسات السلطة. ما نتمناه هو أن تحافظ حركة فتح على وحدتها، ونضع كل إمكانياتنا في خدمة هذا الهدف الوطني النبيل، حفاظاً على دور فتح، وتاريخية الدور النضالي لفتح، ونجاح أي مسعى للحفاظ على وحدة حركة فتح رهن بما ستتخذه من مواقف على صعيد تعزيز الديمقراطية داخل صفوفها، ومحاربة الفساد والهيمنة والتسلط والشللية المعبر عنها بمراكز القوى وامتداداتها داخل مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.
والبديل قانون تمثيل نسبي كامل 100%، نظام برلماني ديمقراطي لا رئاسي، حكومة انتقالية ائتلافية تشرف على انتخابات نزيهة، حكومة وحدة وطنية على أساس برنامج قواسم مشتركة بعد الانتخابات التشريعية.
* هناك تخوف عالمي من فوز "حماس" في الانتخابات، هل تخشون هذا الاحتمال؟
- مجموعة التصريحات والتدخلات الأميركية والإسرائيلية أصابت بالضرر القوى الديمقراطية الفلسطينية أولاً، ونحن نرفض التدخل السافر في الشؤون الداخلية الفلسطينية، وشعبنا هو من يحدد خياراته. والمطلوب أن تكون هناك ضمانات من أجل قيام عملية انتخابية ديمقراطية حقيقية، يشارك فيها كل أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس، بما في ذلك القيود التي فرضتها اتفاقيات أوسلو واتفاقية باريس على القدس وأبنائها، ومنع المال السياسي من إفساد ديمقراطية الانتخابات وشفافيتها، ووضع قيود على أولويات الصرف والموازنات الخاصة بالحملات الانتخابية والإعلان عنها، ووضع قانون وآليات عملية لرقابة المال السياسي على يد لجنة الانتخابات المركزية ورقابة مؤسسات المجتمع المدني.
وفيما يخص مشاركة حركة حماس بالانتخابات، فهذا حق طبيعي تضمنه الأعراف الديمقراطية وقانون الانتخاب الفلسطيني، مع إدراكنا بأن هناك التزامات مقابلة لحق المشاركة في الانتخابات، حيث يجب على الجميع الانضواء تحت سقف الديمقراطية الفلسطينية المعبر عنها ببرنامج الإجماع الوطني، الذي يمثل رأي غالبية أبناء الشعب الفلسطيني وقواه الحية، وبلغة واضحة هذا يعني بأن على كل القوى التي تشارك في العملية الديمقراطية أن تنتقل إلى الالتزام ببرنامج القاسم المشترك الائتلافي، الذي قررناه بالإجماع في القاهرة (آذار/ مارس 2005)، وأن تعكس ذلك في تطويرات برنامجية على كافة الصعد السياسية والتنظيمية.
* متى سنراك في غزة ؟
- أعتقد أن ساعة عودتي وعودة كل القادة الفلسطينيين إلى الوطن تتقرر عند رحيل الاحتلال من الحدود البرية والبحرية والجوية لقطاع غزة، والأمر خاضع لهيئات الجبهة الديمقراطية بالتنسيق مع الفصائل والسلطة الفلسطينية، وفي حال انسحاب الاحتلال من الممرات البحرية والبرية والجوية لقطاع غزة تصبح العودة في متناول اليد.
* هل أن الوضع السياسي الإسرائيلي وما أحدثه شارون بانسحابه من الليكود سيؤثر على الساحة الفلسطينية ؟
بالتأكيد الزلزال السياسي الكبير الذي أصاب الخريطة الحزبية في إسرائيل، سيترك تأثيراً على الأوضاع الفلسطينية، لأن جذور هذا الزلزال سياسية بامتياز، فسياسة الاستيطان الإسرائيلي وصلت إلى الجدار، وإسرائيل تحاول أن تخرج من مأزق استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة بأقل الخسائر، لكنها باتت تسلم بعدم إمكانية استمرار احتلالها لكل الأراضي الفلسطينية، وهذا مدلول انتخاب بيرتس لزعامة حزب العمل، ومدلول برنامج حزب شارون كاديما السياسي.
المطلوب أن نعمق من المأزق الداخلي الإسرائيلي بتقديم حالة فلسطينية موحدة على أساس استراتيجية فلسطينية موحدة تنطلق من برنامج القاسم الوطني المشترك، وأن تعزز صمود شعبنا في الوطن والشتات، في وجه سياسات الاحتلال والاستيطان، بديلاً عن مراهنات البعض في إعادة بناء العملية السياسية والتفاوضية انطلاقاً من التساوق مع الشروط الإسرائيلية المدعومة أمريكياً، لأن هذا يعطي رسائل خاطئة تعزز من دور اليمين الإسرائيلي، وتضعف موقف معسكر السلام الإسرائيلي. وفي هذا السياق فإن ائتلاف القوى السياسية لأبناء شعبنا في الجليل والمثلث والنقب في قائمة انتخابية موحدة، سيكون لها تأثير كبير على محاصرة اليمين الإسرائيلي، وتعزيز دور القوى الإسرائيلية الجادة في حل سلمي للصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي.
وخلاصة القول يجب أن لا نراهن على تطورات الحالة الداخلية الإسرائيلية بمعزل عن فعلنا وتأثيرنا، وتصعيد نضالنا حتى تسلم دولة الاحتلال بشكل نهائي بعدم إمكانية قيام تسوية شاملة ومتوازنة دون التسليم بالحقوق الوطنية والمشروعة للشعب الفلسطيني في العودة وفي الاستقلال وتقرير المصير وعروبة وفلسطينية القدس عاصمة دولة فلسطين، وإزالة جدران الضم والفصل العنصرية، وكل أشكال استمرار الاحتلال الكولونيالي للأراضي الفلسطينية.
* "الجبهة الشعبية" أكدت أنها ستقاطع الانتخابات في حال منعت حماس، هل ستنضمون لها ؟
- أجبت على هذا في ردي على السؤال السابع، وأعيد التأكيد على حق كل القوى والفصائل الفلسطينية في المشاركة بالانتخابات. ونحن ناضلنا وسنبقى نناضل من أجل قانون انتخابي يضمن قيام ديمقراطية فلسطينية كاملة، ونحن أعلنا قبل الجميع بأننا لن نقبل بانتخابات تفرض فيها شروط وتدخلات أجنبية، مع الإشارة إلى أن التدخلات والشروط الأجنبية لا يمكن اختصارها بمجموعة التصريحات الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية ضد مشاركة حماس، بل بالأموال الإقليمية والدولية التي تتدفق على بعض الجهات الفلسطينية لإفساد ديمقراطية الانتخابات، وشراء الذمم. هذا أيضاً مرفوض، وفي حال عدم وضع ضوابط له سيكون مدعاة للطعن بديمقراطية وشرعية الانتخابات.
أقول لكم بوضوح "أن جميع الفصائل ستشارك بالانتخابات"، "لا حاجة لإعلانات دعاوية".
* ماذا عن حوار القاهرة الجديد ؟ وما أهم جدول أعمالكم ستكون بالعاصمة المصرية في حال تم انعقاده بالقريب، وما هو موقفكم من التهدئة لاسيما ونحن نشارف على انتهاء موعدها ؟
- حسب الالتزامات التي ترتبت على إعلان القاهرة (آذار/ مارس 2005)، والذي توج أعمال مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني، الذي انعقد في القاهرة (الجولة الأخيرة من الحوار)، وحسب الجدولة المقترحة لتنفيذ هذه الالتزامات كان من المفترض أن يتولى الأخ محمود عباس/ أبو مازن رئيس السلطة، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير توجيه دعوة عاجلة خلال شهر إبريل/ نيسان 2005 لاجتماع اللجنة الوطنية الفلسطينية العليا، التي نص على تشكيلها إعلان القاهرة، وأنيط بها مهمة الإشراف على ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار، لترجمة قرار إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية على أسس انتخابات التمثيل النسبي، وديمقراطية ائتلافية، وعلى أن يُدعم عمل هذه اللجنة بالإسراع في إصدار قانون جديد للانتخابات التشريعية على أساس المناصفة (50% تمثيل نسبي، 50% دوائر فردية)، واستكمال ما تبقى من الانتخابات المحلية البلدية والقروية على أساس قانون التمثيل النسبي 100%، لكن ما وقع على الأرض أنه جرت مماطلة في إصدار القوانين الجديدة، بناء على حسابات معروفة لدى كتل فتح، وتتحمل بعض القوى الفلسطينية مسؤولية في ذلك لأنها لم ترَ من مصلحتها خوض معركة التسريع بإصدار القوانين الجديدة، فهي كانت وما زالت تراهن على فرض قطبية تناحرية ثنائية، ولأنها مستفيدة من القوانين التي تكرس العشائرية والجهوية، ونفوذ عائلات الإقطاع السياسي التقليدية، التي عادت واستنهضت أوضاعها ودورها بعد قيام السلطة الفلسطينية، بحكم استفحال ظاهرة الموالاة وشراء الذمم على أسس نفعية ومصلحية ضيقة، وأخيراً فوجئنا بما أعلنه الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بأنه طلب تأجيل الجولة القادمة من الحوار إلى ما بعد الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2005، وهذا أمر سنناقشه مع الأخوة في قيادة حماس انطلاقاً من المصلحة الوطنية بدلاً عن المصلحة الحزبية الأنانية الضيقة والانقسامية، وضرورة تدعيم صمود شعبنا ووحدة قوى المقاومة، وما يتطلبه ذلك من عدم انفراد أي طرف بمواقف تخرج عن الإجماع الوطني.
نحن من جانبنا أكدنا ونعيد ونؤكد أن الاستمرار في تعطيل اجتماع اللجنة الوطنية الفلسطينية العليا، وتعطيل الجولة القادمة من الحوار، لا يخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية، ويعيق إمكانية بناء استراتيجية فلسطينية موحدة، نستنهض بها أوضاعنا الداخلية، ونواجه بها المخططات والمشاريع الدموية التوسعية الإسرائيلية المدعومة أمريكياً، لفرض الحلول الأمنية الإسرائيلية بديلاً عن حلول الشرعية الدولية وقراراتها وخططها التي تضمن الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا الفلسطيني. وبعد الزلزال السياسي والاجتماعي الطبقي الكبير الذي وقع في الخارطة الحزبية الإسرائيلية بانتخاب عمير بيرتيس رئيساً لحزب العمل على أساس من برنامجه المعلن بحل يقوم على أساس دولتين، والانسحاب الإسرائيلي إلى حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، والعودة إلى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين وسورية دون شروط مسبقة، وانشقاق حزب الليكود، وتشكيل حزب كاديما بزعامة شارون، وإعلان برنامجه السياسي تجاه الأرض والصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بات مطلوباً الإسراع في بناء استراتيجية فلسطينية موحدة، حتى نفعل أكثر في المجتمع الإسرائيلي، فهذا جديد في الخارطة الإسرائيلية، سينعكس حكماً على الخارطة السياسية، وعلى سياسات دولة الاحتلال الإسرائيلي، جديد تحقق بفضل صمود شعبنا وتضحياته. أما الانطلاق من حسابات فئوية مصلحية ضيقة، فهذا سيزيد من إرباك الأوضاع الداخلية الفلسطينية، والزج بها في دوامة الانقسامات التناحرية والاستقطاب الإقصائي، ويترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لاستمرار السياسات الدموية التوسعية الشارونية.
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال من أقره مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة هو تهدئة وليس هدنة، وبشرط التزام إسرائيلي مقابل بوقف عمليات الاغتيالات والتصفيات والاعتقالات والاجتياحات، ومصادرة الأراضي وهدم البيوت، والتعرض للمقدسات الإسلامية والمسيحية العربية، لقد قوبل إعلان التهدئة من الجانب الفلسطيني برفض إسرائيلي، وواصلت إسرائيل سياسة الاغتيالات والتصفيات والاعتقالات والاجتياحات، واستدعى ذلك رداً فلسطينياً من قبل الأجنحة العسكرية. إسرائيل لا تريد تهدئة أو هدنة بل تريد أن تلغي حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة المسلحة، وتدعو إلى تفكيك الأجنحة العسكرية. بناء على ما سبق فإن استمرار التهدئة يتوقف على تنفيذ إسرائيل لالتزاماتها المقابلة، وبدون ذلك لن تكون تهدئة، مع تأكيدنا على حق الشعب الفلسطيني في ممارسة المقاومة المسلحة جنباً إلى جنب مع كل أشكال النضال الأخرى ضمن استراتيجية فلسطينية موحدة ومتكاملة، حتىينسحب الاحتلال من آخر شبر من أراضينا المحتلة في عدوان الخامس من حزيران/ يونيو 1967، بما في ذلك القدس عاصمة دولة فلسطين.
سورية ولبنان
* هناك هجمة غربية على سورية بدعوى دعمها للمنظمات المقاومة … ما تعقيبكم ؟
- نحن نقف مع سوريا في خندق واحد في مواجهة السياسات العدوانية التوسعية الاحتلالية الإسرائيلية، والضغوط والشروط الأمريكية، وحصار سوريا والتهديدات الموجهة ضدها جزء لا يتجزأ من المعركة التي تخاض ضد شعبنا وقضيته الوطنية، وضد حق الشعب السوري في استرجاع أراضيه المغتصبة في الجولان السوري المحتل، ومنع المقاومة اللبنانية من استكمال مسيرة تحرير مزارع شبعا اللبنانية.
نحن نضع كل إمكاناتنا في خدمة نضالنا المشترك مع أقطار اللجوء العربية، الأردن، مصر، سوريا ولبنان، وكل أحرار العرب الذين يقاومون مشاريع الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على المنطقة، ومن أجل الحرية والديمقراطية التعددية، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية في الشرق الأوسط.
ولكن يبقى أن نقولبأن مواجهة التهديدات الإسرائيلية والأمريكية لسوريا يحتاج إلى تضامن عربي حقيقي مع سوريا وفلسطين ولبنان في مواجهة هذه التهديدات، وإلا فإن هذه التهديدات ستزداد وتتصاعد ونتائج ذلك ستكون وخيمة على مجمل قضايانا الوطنية في الوطن العربي. علينا أن ندرك أن الأطماع التوسعية الإسرائيلية لم تنته نحو الأراضي الأردنية، سيناء المصرية، ومياه جنوب لبنان.
* هل أصبحت المنظمات الفلسطينية في دمشق تشكل إحراجاً للنظام السوري ؟
- ثقل الفصائل الفلسطينية الأساسية وعملها وقياداتها الرئيسية في داخل الوطن المحتل، ووجود بعض القادة الفلسطينيين ضيوفاً على بعض الدول العربية، وبين أبناء شعبهم، هذا حق مشروع، وواجب استضافتهم يفرضه النضال المشترك ضد مشاريع الهيمنة والتوسع الإسرائيلية.
* كيف تقرأ الأحداث على الساحة اللبنانية وخاصة حوادث الاغتيالات السياسية الأخيرة في لبنان ؟
- المشهد اللبناني قبل رحيل القوات السورية شيء وبعد رحيلها شيء آخر، فقد عبر هذا المشهد عن نفسه بسلسلة من التحالفات الانتخابية والسياسية التي جاءت ببرلمان فيه تمثيل لجميع القوى اللبنانية، كما أنها جاءت بتحالفات بين المتناقضات الفكرية والسياسية والبرامجية، وهذا كله سيترك تأثيره على أعمال الدولة اللبنانية وفي المقدمة الحكومة الواقعة تحت ضغط الأميركيين لتنفيذ العناصر الواردة في القرار 1559 الخاصة بالداخل اللبناني. وهنا أقول أن الوضع اللبناني يشهد النضج السياسي والفكري لدى هذه القوى التي تمثلت جميعها في البرلمان اللبناني بالانتخابات الأخيرة وبين القوى المتحالفة، وعليه من الضرورة أن تكون المصالحة الوطنية الشاملة وتفويت الفرصة على الضغوطات الكبرى الأمريكية.
المفتاح لذلك هو التطبيق الجاد والمتوازن لكل عناصر وأعمدة اتفاق الطائف الذي بقي معلقاً منذ عام 1989 حتى الآن. يجب إنزاله إلى الأرض وعلى قاعدة تنفيذ اتفاق الطائف بشكل متواز دون انتقائية لعنصر دون غيره يتوقف الكثير على مسار ومصير الوضع اللبناني. إن مسلسل الاغتيالات التي وقعت تصب في محاولة تسعير ومفاقمة الأزمات داخل الأراضي اللبنانية، ومحاولة إشعال النيران بين الطوائف اللبنانية. وهنا علينا أن نلحظ أن عمليات الاغتيال التي جرت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري (باسل فليحان، قصير، جورج حاوي، جبران تويني وآخرين) هذه العمليات تأتي كلها من لون ديني واحد من أجل إثارة لأمور بلغة طائفية دينية، وقد جرت محاولة اغتيال الياس المر نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع، وهو من لون سياسي آخر، وبالتالي كل هذه العمليات استهدافاتها بارزة وواضحة أن توصل الأمور إلى طريق مسدود في لبنان حتى ينفجر الوضع اللبناني الداخلي. العقل والنضج بالمسؤولية عليه أن يقطع الطريق على هذه الاتجاهات وإلا يسمح لها الزج بالمجتمع اللبناني من جديدفي فتن داخلية كما وقع وعانى منها الشعب اللبناني وقدم فعلاً أكثر من 200 ألف ضحية في حرب أهلية دامت 15 عاماً.
* ما هو مصير سلاحكم في لبنان ؟ أما زلتم متمسكين به خارج المخيمات وما فائدته ؟
- حل هذا الموضوع الشائك يتطلب قيام حوار بناء ومنفتح بين الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة ووفد فلسطيني موحد، نعمل الآن من اجل بناء هذا الوفد الفلسطيني الموحد الذي يتشكل من جميع فصائل الثورة الفلسطينية التي تحملت مسؤولية الثورة والقضية الوطنية عل امتداد 40 عام الأخيرة، ومجموعة تحالف القوى الفلسطينية في إطار الوفد الموحد. ومن جانبنا في الجبهة الديمقراطية نقوم عبر اللقاءات والاتصالات اليومية مع الحكومة اللبنانية وأقطابها السياسية بالتمهيد للحوار، وإنضاج الحلول للقضايا العالقة.
وفي المبدأ، نحن لسنا مع وجود السلاح الفلسطيني لأي فصيل خارج إطار المخيمات الفلسطينية. ونحن مع تنظيم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات الفلسطينية لأنة سلاح فردي ودفاعي من اجل الدفاع عن هذه المخيمات وأبنائها من كل أشكال العدوان عليها، ولنتذكر مجازر صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة، المجازر التي وقعت في الرشيدية وعين الحلوة ومخيمات الجنوب على يد الاجتياحات والمذابح الإسرائيلية المتعددة.ونحن نؤكد أن أي حل جذري للقضايا اللبنانية ـ الفلسطينية العالقة يتطلب حلولاً شاملة لكل القضايا العالقة والقضايا الإنسانية المدنية والاجتماعية، حقوق العمل والتنقل والتملك والانتماء للثورة والمقاومة وقضايا تنظيم السلاح داخل المخيمات.
التعليقات