خفايا الجلسة الثانية لمحاكمة صدام

خفايا الجلسة الثانية لمحاكمة صدام
غزة-دنيا الوطن

تناولت صحيفة الشاهد العراقية الاسبوعية والتي تصدر في بغداد كواليس محاكمة صدام حسين، والاسباب الحقيقية المتراكمة وراء اتخاذ قراره بعدم حضوره جلسات الاستماع.

وقالت ان اهم ما قاله صدام في المحكمة وتم اقتطاعه... انه لن يتنازل لمن نصبهم الامريكان حكاما.

الساعة تشير الي التاسعة والنصف مساءً من يوم الاحد 28 تشرين الثاني (نوفمبر) والمسرح المنطقة الخضراء بكل تاكيد، سبق الموعد بساعات تدابير امنية غير مسبوقة حتي في جلسة 19 تشرين الاول (اكتوبر)، طائرات تحلق فوق مقر القيادة القومية لحزب البعث والهمرات ومدرعات وآليات عسكرية وقوات كبيرة جدا يعج بها المكان، وصلت آلية عسكرية خاصة بصحبتها بعض الجنرالات ونزل منها سبعة متهمين معصوبي الايدي والاعين يرتدون جميعا الزي العربي (بدون العقال) وانزلوا في سرداب ذلك المقر الذي اتخذ الطابق الرابع منه مقرا لمحكمة قيل عنها انها ستكون محكمة العصر وقد تم تقطيع السرداب الي سبع زنزانات منفردة يشاهد المعتقل فيها الآخرين عبر القواطع الحديد.

كان منظرا لا اعتقد ان اركان النظام السابق قد وضعوه يوما ما في مخيلتهم خاصة بعد حشرهم في سرداب والسلاسل الحديد التي قيدت بها اقدامهم تزحف مجلجلة خلفهم

تقسيم انفرادي

وضع المتهمون في ست زنزانات اما الزنزانة الاخيرة فقد ابقيت فارغة حيث وضع اخر المتهمين وهما عواد البندر وطه ياسين رمضان في الزنزانة ما قبل الاخيرة التي تقع مباشرة امام غرفة المراقبة دخل اركان النظام السابق الي زنزاناتهم وهم معصوبو الاعين والايادي واجلسوا علي (سديات) وضعت في كل زنزانة واحدة.

صدام يصل المحكمة

ازداد عدد الطائرات التي كانت تجوب فوق بناية المحكمة ووصلت بعد ذلك آليات عسكرية غريبة الشكل وتوقفت بالقرب من احدي البوابات الاربع للمحكمة فانتشرت قوات كبيرة يرافقها عدد من الـ(FBI) وكذلك العديد من الـ(C.I.A) وحوصر المكان بدقة وترجل من احدي الآليات شخص يرتدي بنطالا وجاكيت غامقين وقميصا ابيض مع خوذة عسكرية واقية ووضع علي صدره واقيات ضد الرصاص ومكبل اليدين الي الامام والرجلين كذلك، يسير ببطء، معصوب العينين وقد وضع القرآن علي صدره وقد أمسكه بصعوبة كبيرة كونه كان مكبلا.

ادخل صدام زنزانته كحال الآخرين جلس علي (سدية) وفكت القيود عنه فبدأ علي الفور بالسلام علي المعتقلين السبعة لانهم كانوا يشاهدونه ويشاهدهم، وبعد تبادل السلام بينهم جميعا حتي بدأ بقراءة القرآن ثم بدأ يكتب مذكرات ويشرح فيها ما يحصل وحصل له من يوم المرافعة الاخيرة في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) ثم بدأ يتحدث مع اركان نظامه.

اللقاء السري بكلارك قبل يوم المحاكمة

تحدث صدام مع المعتقلين طه ياسين رمضان وعواد البندر اللذين كانا بجانبه عن اللقاء الذي جري في نفس يوم الاحد 28 تشرين الثاني بعد الظهر لمدة ساعة واحدة اطلع صدام (كلارك) خلاله علي ما تعرض له وانه يرفض دائما لقاء افراد من عائلته لانه لا يرضي ان يروه بهذه الصورة مكتفيا بذلك ولم يفصح عن اي شيء حول ما جري بالتحديد وهذا الامر اشار اليه كلارك في وقت اخر وقال ان صدام كان يتمتع بمعنويات عالية جدا، ولا زال قويا كما كان حسب زعمه، واشار كذلك الي ان صدام يعيش في عزلة كلية.

لم ينم صدام حسين الليلة التي سبقت المحاكمة وظل جالسا علي (السدية) حتي الصباح يفكر ساعة ويقرأ القرآن ساعات اخري، اما باقي المتهمين فقد تباينت افعالهم الا انهم كذلك شاركوا (رئيسهم) في عدم المنام باستثناء احد كبار السن الذي غط في نوم عميق علي (السدية).

لفظة (السيد الرئيس) تعود من جديد

كان جميع المتهمين عندما يتحدثون فيما بينهم عن صدام يقولون كلامهم بلفظة (السيد الرئيس) وعندما تحدث صدام معهم بعد دخوله السرداب ناداه الجميع بـ(سيدي) وهذا يعني وعلي الرغم من سقوط النظام واعتقال اركانه ان معاونيه لم يتخلوا عن ما حملوه تجاه من كان يقودهم، ولا يزالون يتصرفون معه وكأنه لم يزل يشغل سدة الحكم.

فاصل مسرحي هزيل

تعمد الامريكان اثارة صدام نفسيا قبل المحاكمة وارادوا استفزازه واثارته لدفعه علي اطلاق تصريحات خارج سياق المحـــــكمة مثلما عمدوا الي توثــــيق يديه من الامام وحشره في مصعد صغير لا تتجاوز مساحته 80سم X 80سم مع جنديين امريكيين اخرجاه منه بدعوي ان (المصعد قد تعطل) وهذا يعني ان علي صــدام الصعود الي الطابق الرابع ليصل الي قاعة المحكمة (المصعد الصغير الذي خصص للمحكمة سبق لـ(الشاهد المستقل) ان نوهت عنه قبل اشهر في احد المواضيع الخاصة بالمحاكمة).

ورافق الامريكان صدام مع بعض افراد FBI وجماعة من الـCIA وعدد قليل من عناصر الشرطة العراقية ظل صدام مقيدا من الامام حاملا القرآن الا ان الـ(FBI) جردته من اوراقه وقلمه الذي يحمله ولم تسمح له بحمل شيء سوي كتاب الله ليصل القاعة معصوب العينين ومكبلا حاله حال المعتقلين الآخرين السبعة الذين تميزوا عنهم بالصعود من خلال المصعد الا ان الجميع فكت عنهم القيود والعصائب عند باب المحكمة مباشرة.

ابواب سرية.. ومسؤولون متخفون

الشيء اللافت للنظر في هذه الجلسة ان بابين من ابواب المحكمة الاربعة كانا سريين تماما ومن خلالهما دخل 27 مسؤولا في الحكومة والجمعية الوطنية متخفين بصورة كلية وتم اجلاسهم خلف زجاج مظلل يطل علي شرفة المحكمة.

وبدات المحكمة يرافقها تحليق الطائرات فوق سمائها مثلما بدات قذائف الهاون تسقط قرب المنطقة التي تحيط بالمحكمة ومرة اخري استطاع صدام سحب البساط وسرقة الاضواء من المعتقلين ومن القاضي نفسه، الذي حرص علي ارضاء المواطن الامريكي قبل وبعد كل شيء بانه يتعامل وفق اسس ديمقراطية بعيدة عن التسييس، ولكنه فشل في تقديم محاكمة ترتقي الي اهم مبادئ هذا الامر بعد ان هاجمه صدام وعنفه مقدما له نصائحه المباشرة التي نقلت عبر شاشات التلفزة وقد تصورت الشركة البولونية التي اشرفت علي تسجيل وبث وقائع المحكمة وليس (شركة امريكية) كما سمعنا في وقت سابق ومعها تصور جماعة الـ(FBI) والـ(CIA) بان هذا الامر يسيء الي صدام الا ان النتائج جاءت عكسية وبما لا تشتهيه سفن الادعاء العام للمحكمة وعلامات الاستياء التي ظهرت من علي وجوههم عبر شاشات التلفزة.

التعليقات