العلاقات السرية بين الزرقاوي وايران :دعم ايراني للزرقاوي ومساومات لاطلاق سراح ابناء بن لادن

العلاقات السرية بين الزرقاوي وايران :دعم ايراني للزرقاوي ومساومات لاطلاق سراح ابناء بن لادن
عمان ـدنيا الوطن- شاكر الجوهري

تؤكد مصادر اسلامية في العاصمة الأردنية وجود علاقات وثيقة بين أبو مصعب الزرقاوي والسلطات الإيرانية, رغم تكفيره للشيعة, فيما تنفي وجود أية علاقة بينه وبين السلطات السورية.

وتقول المصادر, التي تتحفظ على كشف هويتها, إن ايران تسلح وتمول الزرقاوي لهدفين اولهما تعجيل انسحاب قوات الإحتلال الأميركية من العراق, ما يؤدي الى ازالة الخطر عن ايران نفسها, خشية أن تصبح مستهدفة عسكريا من قبل القوات الأميركية مستقبلا, وتعجلا لحصاد النتائج النهائية للإحتلال الأميركي للعراق, واسقاط واشنطن لنظام حكم الرئيس صدام حسين.

كما أن ايران, وفقا لذات المصادر, توظف تكفير الزرقاوي للشيعة, وتشكيله جناحا خاصا لقتلهم, في تبرير المخطط المعاكس, الهادف الى تكريس نظام حكم شيعي للعراق, ولو عبر تصفية رموز من المذهب المقابل.

وتروي المصادر في معرض تأكيد وجود علاقات غير معلنة بين الزرقاوي وايران, أنه أصر لدى اختطاف القنصل الإيراني في كربلاء لمدة شهرين, على تسليمه له من قبل الخاطفين, بهدف العمل على مبادلته بأبناء لأسامة بن لادن محتجزين لدى ايران. وكان الزرقاوي نفسه, وعدد من انصاره, انتقلوا من افغانستان الى العراق عبر الأراضي الإيرانية, اواخر عهد الرئيس العراقي السابق.

وتضيف المصادر أن المجموعة الخاطفة استجابت لطلب الزرقاوي, وسلمته القنصل الإيراني, متخلية عن الفدية التي كانت طلبتها, لتفاجأ به يتحدث عبر اذاعة طهران بعد اربعة ايام, دون أن يتم اطلاق سراح أبناء بن لادن.

الزرقاوي وسوريا

لكن المصادر تنفي في المقابل وجود أية علاقة بين الزرقاوي والسلطات السورية, خاصة وأن تنظيم القاعدة أنشأ فرعا له في سوريا باسم "قاعدة الجهاد في بلاد الشام", وهو الإسم الذي يشمل الى جانب سوريا, الأردن ولبنان وفلسطين, لكن عملياته تركزت فقط في سوريا.. ذلك أن العمليات التي نفذت في الأردن كانت من تخطيط وتنفيذ "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين" برئاسة الزرقاوي.

وترد المصادر سوء العلاقة بين الزرقاوي وسوريا الى عوامل طائفية, فضلا عن التعاون الذي أبدته سوريا مع الولايات المتحدة لوقف تسلل عناصر اسلامية عبر اراضيها للعراق, واعتقالها اعدادا كبيرة منهم.

ومع أن سوريا مستفيدة هي الأخرى من المقاومة العراقية لقوات الإحتلال الأميركي للعراق, كما هو حال ايران, إلا أنها لا تبدي تعاونا مع التنظيمات الأصولية الإسلامية لأسباب تكتيكية وأخرى استراتيجية.

الأسباب التكتيكية, وفقا للمصادر, تتمثل في حرص سوريا على عدم استفزاز الولايات المتحدة, وتوفير ذرائع لها لمواصلة ضغوطها على سوريا. وهي ضغوط تستهدف بالأساس السياسات السورية المناوئة للسياسيات الأميركية في المنطقة. أما الأسباب الإستراتيجية فتتمثل في رؤية سورية للتنظيمات الأصولية الإسلامية باعتبارها تمثل خطرا راهنا ومستقبليا على نظام الحكم في سوريا, خاصة في ضوء التجربة الدامية مع الإخوان المسلمين اواخر سبعينيات واوائل ثمانينيات القرن الماضي.

وساطة الضاري

وتكشف المصادر هنا جانبا من تفاصيل ما آلت إليه وساطة كان بذلها قبل عامين الدكتور حارث الضاري, رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق للمصالحة بين نظام الحكم في سوريا وجماعة الإخوان المسلمين. وهي الوساطة التي أشار إليها مؤخرا علي البيانوني المراقب العام للإخوان المسلمين السوريين عبر قناة "الجزيرة".

تقول المصادر إن الضاري كان تلقى دعوة لزيارة سوريا بصفته رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق, وقد رافقه فيها عشرة من اعضاء الهيئة, التقاهم الرئيس السوري بشار الأسد. وخلال اللقاء خاطب الضاري الرئيس الأسد قائلا ما دامت سوريا مستهدفة من قبل الولايات المتحدة الأميركية, فلم لا تعملوا على تقوية جبهتكم الداخلية بإصدار عفو عام عن معتقلي جماعة الإخوان المسلمين يشمل كذلك كوادر وأعضاء الجماعة الموجودين خارج سوريا..؟

الرئيس الأسد لم يرفض الفكرة, لكنه رأى أن اصدار مثل هذا العفو من شأنه أن يظهر سوريا في مظهر الخاضع للإرادة الأميركية. واقترح بدلا عن ذلك اصدار عفو خاص عن الإخوان المسلمين السوريين الموجودين في العراق. وهو ما سبق اتخاذه بحق الرئيس الأسبق أمين الحافظ, الذي توفي بعيد عودته من بغداد الى مسقط رأسه حلب, وحصوله على عفو عام, ومسكن يليق برئيس سابق, وكذلك على راتب تقاعدي.

قائمة بالأسماء

بموجب هذا الإقتراح طلب الرئيس الأسد من الدكتور الضاري تزويده بأسماء الإخوان المسلمين السوريين الموجودين في العراق, فطلب الضاري قائمة بأسمائهم من قيادة الجماعة, التي زودته بقائمة, يقال أنها ضمت ألفا وستمائة وخمسون إسما تشمل أعضاء الجماعة وزوجاتهم وابنائهم ..الخ.. وقد تم تصنيف الأسماء بحسب المحافظات السورية التي تعود جذورهم إليها. وبالفعل, فقد صدر عفو خاص, لكنه اقتصر, وفقا للمصادر, على فقط ستة اشخاص, ثم تلاه عفو خاص آخر شمل تسعة واربعين من المرضى والعجزة. وبعض الذين شملهم العفو لم يستفيدوا منه لأنهم معتقلون لدى القوات الأميركية. ولا يمكن التيقّن من مدى صدقية هذه المعلومات لصدورها عن جهات مناوئة لنظام الحكم في سوريا, ولأن العفو الخاص الذي شمل المعنيين, غير معلن

المصادر تكشف هنا عن أن التيار المتشدد في جماعة الإخوان المسلمين السورية كان أبدى تشككا في نوايا دمشق, بلغ حد رفض التعامل مع مقترح تقديم الأسماء. وهذا التيار يبرر الآن موقفه السابق الأعداد بقلة التي شملها العفو الخاص, ويضيف لذلك اتهامات يصعب التيقن منها, من طراز أن دمشق سلمت قائمة الأسماء لإياد علاوي رئيس الوزراء العراقي المؤقت السابق, الذي سلمها بدوره لجهات اميركية. ودائما وفقا لرموز التيار المتشدد في جماعة الإخوان المسلمين.

ولكن, ما الذي يجعل دمشق تسلم القائمة لبغداد..؟

اصحاب هذه الرواية يقدمون سيناريوهين لهذه العملية, يقول اولهما أن دمشق سلمت القائمة للولايات المتحدة مباشرة بهدف اثبات حسن النوايا, فيما يقول السيناريو الثاني أن القائمة سلمت لإياد علاوي لدى زيارته دمشق, حيث أنه حين فاتح المسؤولين السوريين بالإتهامات الموجهة لهم بأنهم يرعون المقاومة (الإرهاب) داخل العراق, ويصدرون له مقاتلين اسلاميين, قيل له إن هذا غير صحيح, وأن الأصوليين من جماعة الإخوان المسلمين غادروا سوريا منذ زمن طويل يعود لأواخر سبعينيات واوائل ثمانينيات القرن الماضي, وأنهم موجودون منذ ذلك الوقت في العراق, وإليك قائمة بأسمائهم. وبدوره, تقول مصادر هذا التيار, سلم القائمة للولايات المتحدة, التي عممتها بدورها على الدول الأوروبية.

ثلاث ثغرات

مصادر محايدة تجد في هذه الرواية عدة ثغرات, وكما يلي:

أولا: أن الأجهزة الأمنية السورية لا بد أن تكون تمتلك مثل هذه القائمة منذ زمن, وأنها ليست في حاجة لطلبها من جهة أخرى. لكن مصادر التيار المتشدد تقول إن الأجهزة السورية ارادت تحديث معلوماتها, وتحديد من بقي على قيد الحياة ومن توفي من الإخوان اللاجئين في العراق.

ثانيا: ضرورة وجود مثل هذه القائمة لدى أجهزة الحكومة العراقية السابقة, وبالتالي عدم حاجة الحكومة العراقية في العهد الحالي للحصول عليها من سوريا.

ثالثا: أن المصادر التي تشير الى اعتقال القوات الأميركية لبعض الإخوان المسلمين السوريين قبل تسلم القائمة, لا تذكر أن اعتقالات جديدة جرت بعد تسلم القائمة. وذلك فضلا عن أن اللاجئين السياسيين من اخوان سوريا في العراق منذ اواخر سبعينيات القرن الماضي كبرت بهم السن, ولم يعودوا يصلحوا للقتال والمقاومة, حيث تتراوح اعمارهم الآن بين السبعين والثمانين عاما.

المصادر تضيف أن فوزي الراوي, العضو العراقي في القيادة القومية لحزب البعث في سوريا, المسؤول عن ملف المعارضة الخارجية, واصل بحث مسألة العفو مع الدكتور حارث الضاري, وعرض عليه نسخة من رسالة وجهها للرئيس الأسد بشأن اصدار عفو عن الإخوان المسلمين السوريين في العراق. وتقول المصادر إن الراوي أبلغ الضاري أن الرئيس الأسد اعطاه ضوءا أخضر لمتابعة الأمر اجرائيا.

رواية المتشددين

وينسب التيار المتشدد في اخوان سوريا للرئيس الأسد مطالبته الجماعة بإصدار بيان تعلن فيه اعترافها بمسؤوليتها عن احداث اواخر السبعينيات واوئل الثمانينيات وأنها سبب المحنة, والإعتذار عنها, ولتأخذ بعد ذلك ما تريد. وهي الرسالة التي نقلها الدكتور عصام الراوي, وهو أخ مسلم عراقي سبق أن حكم بالإعدام في عهد صدام حسين بتهمة التخطيط لتنفيذ عمليات عنف مسلح داخل العراق, غير أنه حظي بعفو خاص جراء تدخل عدنان سعد الدين, المراقب العام السابق لجماعة الإخوان السوريين, الذي يقود التيار المتشدد داخل الجماعة الآن. وينقل عن التيار المتشدد في الجماعة قوله أن الأجهزة الأمنية السورية تبدو معنية الآن بإظهار تهافت الإخوان على المصالحة مع النظام. ولذلك, فإن هذا التيار يرفض مبدأ التفاوض مع الحكومة السورية, رغم أنها تحتضن في دمشق قادة حركة "حماس" التي هي التنظيم الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين.

وتنفي المصادر أن يكون حارث الضاري نفسه من الإخوان المسلمين في العراق. وتقول إنه كان معارضا لصدام حسين, ولجأ في عهده للأردن حيث عمل استاذا للشريعة في جامعة اليرموك بمدينة اربد. ولم يعد الضاري للعراق, إلا بعد سقوط نظام الحكم السابق في بغداد.

التعليقات