إسرائيل أخضعت السادات لاختبار فحص الكذب

غزة-دنيا الوطن
عندما نزل الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات من طائرته التي حطت في مطار بن غوريون، في 19 تشرين الثاني 1977، كان جميع قادة إسرائيل ورموزها في انتظاره وعلى رأسهم أعداء الماضي الكبار مثل غولدا مئير وموشي ديان، وأعداء الحاضر وعلى رأسهم مناحيم بيغن زعيم حزب الليكود الذي اعتبر فوزه برئاسة وزراء إسرائيل آنذاك انقلابا في الحياة السياسية في الدولة العبرية.
ولكن هذا الاستقبال الحافل لم يكن كل المشهد، فإسرائيل التي صدمت بالزيارة مثل جميع أنحاء العالم اتخذت احتياطاتها، وكانت فرق كوماندوز خاصة منتشرة في المطار وأماكن خفية جاهزة لأي طارئ، مثل أن ينزل من الطائرة بدلا من السادات، فرق مغاوير مصرية تغتال قادة إسرائيل جميعهم.
وعكست هذه المعلومات التي وردت سابقا في مذكرات إسرائيلية مدى التوجس الإسرائيلي من السادات، ولكن ما كتب من مذكرات عن تلك المرحلة، وحظ المكتبة العربية منها قليل وغير واف، لم يرو القصة الكاملة لتلك الزيارة.
وفي اليوم التالي للزيارة التي حظيت بمتابعة كبيرة عربية وعالمية، أي يوم 20 تشرين الثاني كان السادات يقف في الكنيست ليلقي خطابه الذي وصف آنذاك بالتاريخي.
وتجمع في الكنيست جميع زعماء الكتل المتنافسة والمتضادة لسماع "العدو" الذي يخطب بينهم، وعندما افتتح السادات خطابه بالقول " الرئيس، أيها السادات والسادة، السلام عليكم.. ورحمة الله، والسلام لنا جميعا.. باذن الله السلام لنا جميعا.. على الأرض العربية وفي إسرائيل "، لم يكن يعلم السادات أو يدر بخلده بان إسرائيل، لم تترك أي شيء للصدفة وأخضعته لجهاز فحص الكذب دون أن يدري ودون أن تأخذ موافقته، وهو ما كشفته وسائل اعلام اسرائيلية مؤخرا.
وتحدث مستشار كان مقربا لمناحيم بيغن رئيس وزراء إسرائيل الذي استضاف السادات وأصبح شريكا له في اتفاقيات كامب ديفيد اللاحقة، قائلا بان بيغن أصدر أوامر لأجهزة الأمن الإسرائيلية بتسجيل خطاب السادات وإدخاله إلى أجهزة تحليل الكذب.
وهذا ما تم فعلا ادخل كلام السادات وتم التوقف عند نبرات صوته، لمعرفة إذا كانت خارجة من القلب أم من العقل، والى أي مدى كان صادقا بدعوته للسلام، وهل كان خطابه يعكس رغبة حقيقية لدى هذا الرئيس للسلام وهو الذي خاض معركة تشرين الأول ، وأسئلة أخرى كثيرة كان يجب أن تضع إجاباتها أمام بيغن والقيادة الإسرائيلية.
وفي حين كان بيغن يتابع ملامح السادات التي لم تخلو من اضطراب وهو يلقي خطابه في الكنيست كانت الأجهزة الأمنية تحلل ما يقوله "قد جئت إليكم اليوم على قدمين ثابتتين، لكى نبنى حياه جديدة لكى نقيم السلام وكلنا على هذه الأرض، ارض الله: كلنا مسلمون ومسيحيون ويهود.. نعبد الله ولا نشرك به أحدا.. ووصاياه.. هي حب وصدق وطهارة وسلام".
وكان السادات مدركا لما أحدثه قراره بزيارة إسرائيل، فقال في خطابه وكأنه يوجه كلامه لبيغن المتشكك "إنني التمس العذر لكل من استقبل قراري عندما أعلنته للعالم كله، أمام مجلس الشعب المصرى، بالدهشة، بل بالذهول بل أن البعض قد صورت له المفاجأة العنيفه أن قرارى ليس أكثر من مناورة كلامية للاستهلاك أمام الرأي العام العالمي، بل وصفه بعض آخر بأنه تكتيك سياسي لكي أخفى به نواياى في شن حرب جديدة".
وأضاف بينما بيغن يضع سماعة الترجمة الفورية على أذنيه "إنني التمس العذر لكل من أذهله القرار. أو تشكك في سلامة النوايا وراء إعلان القرار فلم يكن أحد يتصور أن رئيس أكبر دولة عربية، تتحمل العبء الأكبر والمسؤولية الأولى في قضية الحرب والسلام، في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن يعرض قراره بالاستعداد إلى الذهاب إلى أرض الخصم. ونحن لا نزال في حاله حرب، بل نحن جميعا لا نزال نعانى من أثار أربع حروب قاسية خلال ثلاثين عاما، بل أن أسر ضحايا حرب تشرين الأول 73 لا تزال تعيش مآسي الترمل وفقد الأبناء واستشهاد الآباء والأخوات".
وقال السادات أيضا لمزيد من بث الاطمئنان "يجب أن نرتفع جميعا فوق جميع صور التعصب وفوق خداع النفس وفوق نظريات التفوق البالية فمن المهم ألا ننسى أبدا أن العصمة لله وحده.. وإذا قلت إنني أريد أن أجنب كل الشعب العربي ويلات حروب جديدة مفجعة، فإنني أعلن أمامكم بكل الصدق، أنني أحمل نفس المشاعر وأحمل نفس المسؤولية لكل إنسان في العالم وبالتأكيد نحو الشعب الإسرائيلي إن الروح التي تزهق في الحرب، هي روح إنسان سواء كان عربيا أو إسرائيليا.. إن الزوجة التي تترمل.. هي إنسانة من حقها أن تعيش في أسرة سعيدة سواء كانت عربية أو إسرائيلية".
ولم يقتنع بيغن الذي أصبح شريكا مزعجا في كثير من الأحيان للسادات، إلا بعد أن اطلع على نتائج اختبار فحص الكذب الذي اخضع له السادات دون أن يدري وكانت النتيجة ايجابية.
وبالكشف عن هذا السر الصغير في الصراع الطويل والمضني العربي-الإسرائيلي، تبقى أسرار كثيرة ما زالت طي الغيب، ولكن الفرق بين الطرف الإسرائيلي والطرف العربي، أن الرأي العام في الاول متطلب ويبحث دائما عن الجديد، أما لدى الطرف العربي فالوضع مختلف.
عندما نزل الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات من طائرته التي حطت في مطار بن غوريون، في 19 تشرين الثاني 1977، كان جميع قادة إسرائيل ورموزها في انتظاره وعلى رأسهم أعداء الماضي الكبار مثل غولدا مئير وموشي ديان، وأعداء الحاضر وعلى رأسهم مناحيم بيغن زعيم حزب الليكود الذي اعتبر فوزه برئاسة وزراء إسرائيل آنذاك انقلابا في الحياة السياسية في الدولة العبرية.
ولكن هذا الاستقبال الحافل لم يكن كل المشهد، فإسرائيل التي صدمت بالزيارة مثل جميع أنحاء العالم اتخذت احتياطاتها، وكانت فرق كوماندوز خاصة منتشرة في المطار وأماكن خفية جاهزة لأي طارئ، مثل أن ينزل من الطائرة بدلا من السادات، فرق مغاوير مصرية تغتال قادة إسرائيل جميعهم.
وعكست هذه المعلومات التي وردت سابقا في مذكرات إسرائيلية مدى التوجس الإسرائيلي من السادات، ولكن ما كتب من مذكرات عن تلك المرحلة، وحظ المكتبة العربية منها قليل وغير واف، لم يرو القصة الكاملة لتلك الزيارة.
وفي اليوم التالي للزيارة التي حظيت بمتابعة كبيرة عربية وعالمية، أي يوم 20 تشرين الثاني كان السادات يقف في الكنيست ليلقي خطابه الذي وصف آنذاك بالتاريخي.
وتجمع في الكنيست جميع زعماء الكتل المتنافسة والمتضادة لسماع "العدو" الذي يخطب بينهم، وعندما افتتح السادات خطابه بالقول " الرئيس، أيها السادات والسادة، السلام عليكم.. ورحمة الله، والسلام لنا جميعا.. باذن الله السلام لنا جميعا.. على الأرض العربية وفي إسرائيل "، لم يكن يعلم السادات أو يدر بخلده بان إسرائيل، لم تترك أي شيء للصدفة وأخضعته لجهاز فحص الكذب دون أن يدري ودون أن تأخذ موافقته، وهو ما كشفته وسائل اعلام اسرائيلية مؤخرا.
وتحدث مستشار كان مقربا لمناحيم بيغن رئيس وزراء إسرائيل الذي استضاف السادات وأصبح شريكا له في اتفاقيات كامب ديفيد اللاحقة، قائلا بان بيغن أصدر أوامر لأجهزة الأمن الإسرائيلية بتسجيل خطاب السادات وإدخاله إلى أجهزة تحليل الكذب.
وهذا ما تم فعلا ادخل كلام السادات وتم التوقف عند نبرات صوته، لمعرفة إذا كانت خارجة من القلب أم من العقل، والى أي مدى كان صادقا بدعوته للسلام، وهل كان خطابه يعكس رغبة حقيقية لدى هذا الرئيس للسلام وهو الذي خاض معركة تشرين الأول ، وأسئلة أخرى كثيرة كان يجب أن تضع إجاباتها أمام بيغن والقيادة الإسرائيلية.
وفي حين كان بيغن يتابع ملامح السادات التي لم تخلو من اضطراب وهو يلقي خطابه في الكنيست كانت الأجهزة الأمنية تحلل ما يقوله "قد جئت إليكم اليوم على قدمين ثابتتين، لكى نبنى حياه جديدة لكى نقيم السلام وكلنا على هذه الأرض، ارض الله: كلنا مسلمون ومسيحيون ويهود.. نعبد الله ولا نشرك به أحدا.. ووصاياه.. هي حب وصدق وطهارة وسلام".
وكان السادات مدركا لما أحدثه قراره بزيارة إسرائيل، فقال في خطابه وكأنه يوجه كلامه لبيغن المتشكك "إنني التمس العذر لكل من استقبل قراري عندما أعلنته للعالم كله، أمام مجلس الشعب المصرى، بالدهشة، بل بالذهول بل أن البعض قد صورت له المفاجأة العنيفه أن قرارى ليس أكثر من مناورة كلامية للاستهلاك أمام الرأي العام العالمي، بل وصفه بعض آخر بأنه تكتيك سياسي لكي أخفى به نواياى في شن حرب جديدة".
وأضاف بينما بيغن يضع سماعة الترجمة الفورية على أذنيه "إنني التمس العذر لكل من أذهله القرار. أو تشكك في سلامة النوايا وراء إعلان القرار فلم يكن أحد يتصور أن رئيس أكبر دولة عربية، تتحمل العبء الأكبر والمسؤولية الأولى في قضية الحرب والسلام، في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن يعرض قراره بالاستعداد إلى الذهاب إلى أرض الخصم. ونحن لا نزال في حاله حرب، بل نحن جميعا لا نزال نعانى من أثار أربع حروب قاسية خلال ثلاثين عاما، بل أن أسر ضحايا حرب تشرين الأول 73 لا تزال تعيش مآسي الترمل وفقد الأبناء واستشهاد الآباء والأخوات".
وقال السادات أيضا لمزيد من بث الاطمئنان "يجب أن نرتفع جميعا فوق جميع صور التعصب وفوق خداع النفس وفوق نظريات التفوق البالية فمن المهم ألا ننسى أبدا أن العصمة لله وحده.. وإذا قلت إنني أريد أن أجنب كل الشعب العربي ويلات حروب جديدة مفجعة، فإنني أعلن أمامكم بكل الصدق، أنني أحمل نفس المشاعر وأحمل نفس المسؤولية لكل إنسان في العالم وبالتأكيد نحو الشعب الإسرائيلي إن الروح التي تزهق في الحرب، هي روح إنسان سواء كان عربيا أو إسرائيليا.. إن الزوجة التي تترمل.. هي إنسانة من حقها أن تعيش في أسرة سعيدة سواء كانت عربية أو إسرائيلية".
ولم يقتنع بيغن الذي أصبح شريكا مزعجا في كثير من الأحيان للسادات، إلا بعد أن اطلع على نتائج اختبار فحص الكذب الذي اخضع له السادات دون أن يدري وكانت النتيجة ايجابية.
وبالكشف عن هذا السر الصغير في الصراع الطويل والمضني العربي-الإسرائيلي، تبقى أسرار كثيرة ما زالت طي الغيب، ولكن الفرق بين الطرف الإسرائيلي والطرف العربي، أن الرأي العام في الاول متطلب ويبحث دائما عن الجديد، أما لدى الطرف العربي فالوضع مختلف.
التعليقات