عاجل

  • مصابون باستهداف طائرات الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مفترق حميد بحي النصر غربي مدينة غزة

  • رئاسة أركان جيش الاحتلال للمحكمة العليا: لا نجبر سكان غزة على تغيير مواقعهم لا داخل القطاع ولا لخارجه

  • رئاسة أركان جيش الاحتلال للمحكمة العليا: نقل سكان قطاع غزة ليس ضمن أهداف عملية "مركبات غدعون"

  • وزارة الصحة بغزة: مستشفيات قطاع غزة استقبلت 105 شهداء و 356 مصابا خلال 24 ساعة الماضية

روتانيات رمضانية: تجارة الفن الأبيض ومهازل الكبار

روتانيات رمضانية: تجارة الفن الأبيض ومهازل الكبار
روتانيات رمضانية: تجارة الفن الأبيض ومهازل الكبار!

أنور القاسم

شدتني رغبتي الشديدة واعجابي الاشد ببرامج رمضان الفضائية السنوية للاطلاع علي جديد الدراما العربية، فلم اجد، لدهشتي المؤقتة، جديدا جدا، رغم انه ما زال من المبكر الحكم علي دراما رمضان الجاري.

المهم انني وجدت كغيري ـ أكيد ـ صورا لامعة لنجوم الطرب في اوضاع سعادة قصوي، وجوه في قمة الاناقة، واجساد عاجية مسترخية وألوان فيها انفاس البهجة والمتعة التي نفتقد.

وما وجدت خلف كل تلك السعادات وجها واحدا له حكاية يمكن ان تقرأ ملامح حاضرنا او اسقاطات ماضينا علي حواضر كئيبات، ربما سيكون ملوك الطوائف الدراما السورية الذي تبثه فضائيتا المغرب وسورية ايضا هو الاستثناء.

المهم وقبل ان نقيّم هذه الاعمال، فالوقت مبكر لذلك دعونا نعرج قليلا علي المحطات الغنائية التي باتت تبعث فينا الحياة الناعمة وتحركنا بعد خدر. هذه المحطات، واصبحت 20 قناة فضائية خزات العين يبدو انها استطاعت، علي الاقل منذ فترة، حل مشكلة البطالة الشبابية، خاصة بطالة النهود والارداف الواعدة في حواري المدن العربية السعيدة.

استغلت هذه الفضائيات الشابات وبعض الشباب ووظفتهم احسن توظيف لسد حاجات الجمهور وغرف المرابح المالية، وبالتالي تحقيق الاثراء السريع في وقت بدا هذا المسعي منتشرا في عالم الفن الابيض.

هذه المحطات استوردت لمطرباتها المحتكرات ـ كأننا ينقصنا احتكارا بعد ان احتكر الرأسماليون الجدد، الاشتراكيون سابقا ـ شركات ومرافق الاوطان، استوردت هذه المحطات قصص الزواج السياحي والمساج الروسي والتدليك التايلندي بالزيت والسمنة ايضا، والستربتيز الامريكي وألبسة (آن سمرز) البريطانية السكسية لتهييج الاغاني كما هو حاصل في الروتانيات.

وطفقت موجات الفيديو كليب هذه لتلبس غطاء جنسيا شفافا ينقل المعاني الثقافية والحسية والداخلية للمشاهد العربي التواق لاخذ انفاسه من موجة السياسة العابسة التي تجتاح شرقه هذه الايام.

سامحوني اذا اخترت اغنية من مئات الاغاني هذه، لكن وقتي الضيق وقع علي احداها، وهي فيديو كليب لمطربة تدعي نجلا تفيض اغراء وعنوانها حاطلب ايدك فيها مهارة ركوب الخيل، سواء في النهار او الليل، وكذلك امتطاء الجحش. اما الكلمات فيعلم الله مغزاها، اما اللحن ففيه الرفع والجر والانتصاب، اما الحصان فيا لمشاعره وحركاته من حركات.. هل شاهدتموها؟ اكيد سيلفت نظركم... الحصان!

الاعلام في حضن الاعلان

حينما كنا نشاهد فيلماً عربياً مشوقاً ينقطع فجأة اثناء لقطاته الحميمة أو المثيرة، كي تعرض خلاله اعلانات، كنا نشتم المحطة، ونحبس انفاسنا، ريثما تعود احداث الفيلم، ونمني النفس بذلك اليوم الذي نشاهد فيه دراما تلفزيونية خالية من منغصات الاعلان، لكن هيهات.

فبعد ان كان الاعلان في الماضي يتغذي من نسغ الاعلام ويعتاش علي طبقه الوفير، فان أصابع اعلان اليوم الاخطبوطية باتت تتحكم بخيوط اللعبة الاعلامية وتحركها كما يحرك المهرج دماه المسرحية.

هذا ما اظهرته دراسات اعلانية عالمية حديثه صدرت في نيويورك ولندن وباريس وابوظبي في اوقات متقاربة، فقد اتفقت كلها علي ان النفقات الاعلانية العالمية وصلت في عواصم الرأسمالية العالمية الاوروبية الي 45 مليار دولار السنة الماضية، فيما احتلت السوق الاعلانية في الولايات المتحدة نصف الموازنات الاعلانية في العالم بأكمله. بينما اظهرت دراسة اماراتية ان 10 فضائيات عربية معظمها خليجية تتحكم بالاعلان التلفزيوني العربي، الذي وصل الي مليار ومئتي مليون دولار سنويا ايضا.

وتعرف دول العالم تقدما اعلانيا مدهشا انعكس علي ثورة الفضائيات التي غطت سماوات العالم. فقد نما الاعلان بأكثر من الف بالمئة في الصين، وستمئة بالمئة في اندونيسيا، ومئتين بالمئة في ماليزيا والهند وكوريا.

وكبقية مناحي حياتنا العربية البليدة السعيدة لا توجد احصاءات حول هذه السلطة الجديدة لدينا، فالاحصاء فقط لانفاس الناس، وغير ذلك هذر.

فما عاد غريبا ان تصنع وكالات الاعلان الرؤساء وتفوِّز الاحزاب، كما فعلت في الانتخابات الامريكية والبريطانية، حينما صعدت جورج بوش وجمهورييه وتوني بلير وعماله.

كما انها باتت تسوّق كافة المنتجات التي تغزو حياتنا اليومية، بدءا بالطائرة، مرورا بالمنتجات الالكترونية والالبسة والاغذية، وليس انتهاء بالحلي والالبسة الداخلية والحوافظ الذكرية والانثوية، وما بينهما من منتجات تشظت استخداماتها.

وبلغت سيطرة هذه الصناعة حدا لم يعد ممكنا لأي وسيلة اعلامية الافلات منها.

واذا كانت سبع مجموعات عالمية ضخمة تتحكم بمصائر الاعلانات الغربية، وهي WP لندن، واومينكوم وانتربوبليك نيويورك، وهافاس وبوبليسيس باريس، ودنشو اليابانية، فاننا في العالم العربي نختبر سيطرة طاغية لاباطرة الاعلام والاعلان العرب وللمؤسسات الاعلامية السعودية كمؤسستي تهامة و روتانا اللتين تبتلعان اكثر من نصف الاعلانات العربية، وبالتالي تسوقان ما تريدان، بدءا بالاعمال الدينية وانتهاء باللحم الابيض.

وفي حين تنفق شركات الاعلان الغربية الملايين علي دعم دراسات الصحة والادوية والتوعية والمتاحف والرعاية والرياضة، وحتي انها صارت حاضنة للبرامج والنشاطات الثقافية، فان الشركات الاعلانية العربية اكتفت حتي اللحظة ببسط سطوتها علي الاعلانات التلفزيونية واحتكار المهرجانات الغنائية وانتاج الاغاني والدراما الخاصة، ورعاية دوري كرة القدم وبعض من استعراضات الموضة والتسليات. وبغض النظر عن مدي نجاح اخطبوط الاعلان هذا وتأثيره فانه ادي ولا شك الي تغيير كبير في الاولويات الاعلامية والسياسية والاجتماعية كذلك، وبات يسري في شرايين واوردة الحياة السياسية والاقتصادية والنفسية المعاصرة للمشاهدين كمجري الدم والنفس.

حينما يصغر الفنانون الكبار

لطالما ابتكر تلفزيون NEW TV افكارا جميلة مختلفة في محاورة ضيوفه كل رمضان خاصة في برنامج مايسترو الذي يقدمه المذيع الناجح نيشان، فقد غير هذه السنة شكله وفقراته وديناميكيته، رغم انه حافظ علي محتواه.

في الحلقة الاخيرة منذ يومين استضاف البرنامج المطربة الساحرة المعمرة صباح في حديث له شجون الماضي وهموم سيدة ثمانينية، عاشت عمرين كما احبت هي ان تقول في البرنامج.

صباح الجميلة تصر علي ان تبقي صباحا، فلا تغيب عنها الشمس، صباح الفنانة بدت في البرنامج اماً وسيدة بسيطة، وكل شيء الا كونها صباح الفنانة، التي ملأت الدنيا وشغلت الناس اياما خلت.. ومع تبجيلنا لها ولكبار المطربين نأخذ عليها تصابيها غير الموفق هي وغيرها من الكبار.

فصباح ليست بحاجة لتحافظ علي مكانتها اكثر من ان تبتعد عن استهلاك تاريخها الفني والاصرار علي ان تأخذ زمنها وزمن غيرها كل يوم، فهي حينما تحاول اقحام نفسها كل فترة علي التلفزيونات وعلي اصطياد الشباب الانتهازيين، تبدد من مكانتها وثرائها الفني، كما يبدد وديع الصافي مدرسته وتاريخه الثري بالغناء لاحد تايكونات المال الخليجيين، فهل حقا ان من غني لطفل الحجارة وللبنان التاريخ وللعواصم الخالدات ولكل شيء جميل، ازري به الدهر لكي يغني اغنية عصماء لامير سعودي كبير من اجل بعض الاوراق النقدية الخضراء! عيب.. علي جبل أرز الاغنية ان يتساقط هكذا، فلم يبق من العمر الكثير كي يخرف الفن.

وما يقال عن الصافي يُقال عن جميلة الشاشة العربية مريم فخر الدين وغيرها، فهل من ينصح هؤلاء الكبار بأن لا يصغرون ويذكرهم ان الكبار وقار، فهم ليسوا بحاجة للاعتباط ليبقوا كباراً، فحسب القمم المرتفعة ارتفاعا.

كاتب من أسرة القدس العربي

[email protected]

التعليقات