قصة شراء مطبعة الحياة الجديدة التي يروج البعض انها بالملايين بقلم:حافظ البرغوثي

هذا بيان للناس بقلم حافظ البرغوثي
قصة شراء مطبعة "الحياة الجديدة" التي يروج البعض انها بالملايين
كنت قررت منذ فترة ان اكتب قصة الحياة الجديدة في مقدمة كتاب جمعت مادته من مقالاتي في زاوية "حياتنا" على مدار السنوات الماضية وكان عن المقالات التي تناولت الفساد والاصلاح ونقد الظواهر السلبية وأظنني في آخر لقاء مع الرئيس الراحل ياسر عرفات قبل مرضه في شهر أكتوبر تشرين أول وبحضور الاخ حكم بلعاوي واخ علمت انه صديق مقدسي قديم للرئيس اسمه عبد الحميد قلت له انني سأنشر كتابا عن قضايا الفساد وسأهديك اول نسخة.. وعدت وسألت الرئيس "لماذا تحمي الفاسدين؟".
كانت زيارتي للرئيس الراحل يرحمه الله لمناسبة ورود معلومات غير دقيقة في تقرير الرقابة العامة حول مطبعة "الحياة الجديدة" واذكر انني بعد مغادرتي مقر الرئيس الى احد المقاهي قابلني الاخ النائب حسن خريشة وسألني اين كنت؟ فقلت كنت في مكتب الرئيس وسردت له ما جرى فاستغرب ما قلته له عن أنني جادلت الرئيس عن سبب حمايته للفاسدين؟ وكان غير مصدق لقولي فقلت له: "اقرأ ذلك في "الحياة الجديدة" ونشرت ذلك في زاويتي.
ثم تطرق الاخ خريشة الى موضوع شاكر الجوهري الذي روج لمقابلة مع فاروق القدومي سأله فيها عن انني متهم باختلاس الملايين من صفقة شراء مطبعة "الحياة الجديدة" ومع ان "ابو اللطف" نفى علمه بذلك الا ان الجوهري وضع السؤال على لسان القدومي ولم تنشر المقابلة المصنعة اية صحيفة نظرا لسخافتها واضطر الجوهري الى ترويجها عبر الانترنت.
وقال خريشة انه سيعمل على تهدئة الامر بيني وبين الجوهري الذي عرفته في الكويت ولا حاجة للحديث عنه فهو معروف بصفات كثيرة وكنت ارسلت وثائق المطبعة الى محام في عمان ليرفع دعوى تشهير لكن البعض نصح بعدم رفع دعوى لان المحكمة قد تستدعي القدومي لنفي ما ورد في المقابلة التي روج لها الجوهري. وهكذا لم اواصل رفع الدعوى. بل نفى القدومي ما نسب اليه جملة وتفصيلا ويرفض منذ ذاك مقابلة الجوهري.
كان اللقاء مع الرئيس الراحل ياسر عرفات عاصفا من جانبي لدرجة أن الاخ حكم تدخل وطلب مني خفض صوتي وهادئا من جانب الرئيس بل وقرأ على مسمع الحضور وبصوت عال عبارة وردت في مقال نشره الجوهري في صحيفة الكترونية على الانترنت تسمى الحقائق قال في ختامها انه لم يبق للشعب والقضية من خيار غير عزله فاعزلوه قبل فوات الاوان ونشرت المقالة بتاريخ 22/8/2004 كان غضبي لاسباب لخصتها في رسالة "مرفقة" حول تقرير الرقابة العامة عن المطبعة تجاهل مستندات شراء المطبعة مع انها متوفرة لمن يطلبها في مكتب غزة والمقر في البيرة حيث روج البعض ومنهم الجوهري مقاطع منسوبة الى التقرير بعد محاولة اغتيال الزميل نبيل عمرو واتهموا مكتب الرئيس عرفات بترويجها في محاولة للايحاء بأن عرفات وراء محاولة الاغتيال وقلت للرئيس "هذا يعني انك امرت باغتيال نبيل عمرو.. وهذا يعني اغتيالي معنويا ايضا بعد سجلي النضالي المهني في الخارج والداخل".
ضحك الرئيس يرحمه الله وقال "يا جبل ما يهزك ريح.. طالما اتهموني بما ليس فيّ وتزعل ليه.." وقرأ رسالتي ووضع اشارات على عبارات منها وحولها الى السيد جرار القدوة رئيس الرقابة العامة.. وقلت له اذا لم تثبت مستندات المطبعة وهي بريطانية وموثقة لدى المحامي البريطاني - الفلسطيني الاصل امجد السلفيتي فإنني سأقاضي آل القدوة؟
كان الرئيس يعلم بتفاصيل صفقة المطبعة المربحة التي دفعتها الصحيفة من ايراداتها وليس من وزارة المالية فالمطبعة كانت حبل انقاذ للصحيفة من الافلاس حيث تكالب سماسرة ومتسلقون لجني الارباح من وراء طباعتها في مطبعة قديمة تعود الى الستينيات في عطروت قرب الرام.
كان اصدار "الحياة الجديدة" دون تجهيزات فنية ودون مطبعة خطأ قاتلا عرقل مسيرتها.. ففي البدء تعاقدنا مع مطبعة يملكها المليونير السعودي ابو خضراء في عطروت.. ولم تكن تعمل.. ولما صدرت الحياة طبعنا عدة اسابيع فيها بدفع الاجر مقدما ولكن لم تكن الطباعة جيدة فالورق روسي خشن اصفر والقياس كبير والجودة معدومة. وبعد اسابيع قرر المسؤول عن المطبعة عدم الطباعة فاضطررت الى ايجاد بديل فوري وهو مطبعة الجيروساليم بوست واتفقنا على الطباعة هناك وبعد مضي شهور ارتفعت فيها كمية الطباعة الى ما فوق الخمسة عشر الف نسخة يوميا ووصلت الى 17 الفا وهو رقم قياسي في التوزيع المحلي لاحظت وجود خط خفيف على شكل (x) على صور ياسر عرفات في الصحيفة.. فظننت ان الامر عرضي.. وسألت مدير الانتاج في البوست عن السبب فقال ان ثمة متعصبين يهودا في المطبعة ربما لا تروق لهم صور عرفات.. وصرت اتلقى عروضا متتالية من صاحب المطبعة في عطروت للعودة والطباعة لديه بحجة انه اشترى المطبعة من ابو خضراء وانها ملك للسلطة وان شريكه فيها خالد سلام.. فرفضت الضغوط والعروض لان المطبعة قديمة ولا يمكنها تلبية احتياجاتنا في الطباعة الملونة وعدد الصفحات وهو 24.. وتوجهت ليلا الى مطبعة البوست وسألت عامل طباعة عربياً عن حقيقة قيام يهود برسم علامة (x) على صور الرئيس عرفات فنفى وقال ان "البليتات" تأتيهم مشطبة وكنا نعمل "البليتات" في معمل بالقدس العربية.. فاحترت في الامر.. وصار مدير الانتاج في البوست يضع شروطا تعجيزية فلبيتها كلها.. واذ به يريد عمليا الامتناع عن الطباعة.. وذات ليلة توجهت الى البوست واذا بي افاجأ بوجود صاحب معمل البليتات وصاحب مطبعة عطروت في مكتبه.. ولما شاهداني خرجا مسرعين.. واذ بمدير الانتاج يبدي أسفه لعدم مقدرته الاستمرار في الطباعة وقال صراحة اذهب واطبعها لدى فلان في عطروت.. وقد سبق وأشرت الى هذه الواقعة في زاوية حياتنا وعاتبني الرئيس لأنني لم ابلغه بها فورا فقلت له كان المذكوران من المحظوظين لدى بعض اعضاء مكتبك واكتنزا مالا وفيرا فأسقط في يدي واستنتجت ان في الامر تفاهما مشبوها لكني لم استسلم وطرقت باب صحيفة النهار وصرت اطبع لديهم مع ان امكانيات مطبعتهم محدودة وصار لزاما ان اطبع جزءين.. وهنا ايضا تزايدت المطالب في موازاة زيادة ضغوط من أناس متنفذين في غزة للطباعة في عطروت بحجة انها مملوكة للسلطة وأبلغت احد المسؤولين في البوست بما حدث وعلمت فيما بعد انه تم الاستغناء عن مدير الانتاج فالمسألة بائنة حيث تمت استمالته بالمال.. ثم تلقيت امرا رسميا بالطباعة في عطروت حيث انخفض توزيع الصحيفة وساءت حالة الطباعة وفقدت الصحيفة بريقها الذي كان وصارت تكلفة الطباعة ضعف ما كانت عليه في السابق وكانت تكلفة شهور قليلة فقط كافية لشراء مطبعة. فمشكلتي عند اصدار "الحياة الجديدة" ان المكلفين من قبل الرئيس بها لم يكونوا على دراية بالصحافة والطباعة الخ..
وامام مشاهدتي للصحيفة وهي تنهار طباعة وتوزيعا واعلانا لجأت الى بشار المصري في صحيفة "الايام" وتعاقدنا على الطباعة لديه واستعادت الصحيفة بعض قوتها لكن شروط الدفع مقدما والضمانات البنكية وغيرها حالت دون الاستمرار فاضطررت للعودة الى عطروت حيث كانت شيكاتهم تصرف بسرعة في مالية غزة لأسباب عرفت فيما بعد.. وفي اثناء ذلك بدأت البحث عن مطبعة علما ان سعر اسوأ مطبعة مستعملة لا يقل عن مليون دولار.. فدخلت في اتصالات مع صاحب جريدة النهار بعد توقف صحيفته عن الصدور لشراء مطبعته فطلب وكيله سعراً بلغ 600 الف دولار.. وهنا اردت التأكد من امكانية اضافة وحدات طباعية الى الاربع وحدات لمطبعة النهار حتى اذا تم شراؤها امكن زيادة طاقتها الطباعية. فأعطاني الزميل محمد منى وهو المسؤول عنها رقم هاتف مهندس الشركة في بريطانيا للاستفسار منه عن ذلك. واتصلت به وابلغني ان بالامكان اضافة وحدات الى المطبعة رغم ان الشركة على وشك الاغلاق لكن يمكن شراء ذلك من السوق. ثم عاد واتصل بي وقال ما رأيك بمطبعة متكاملة غير مستهلكة تعمل ساعة اسبوعيا وهي معروضة للبيع الآن وفورا على ترابها؟ فطلبت منه مواصفاتها واذ بها جيدة فهي من 8 وحدات صناعة عام 1985 لا تحتاج الى تجديد بل الى صيانة سريعة وتعمل وأن الوسيط سيرسل لي كل المعلومات. ووصلتني المعلومات ولم اصدق السعر فهو قليل.. فتوجهت فورا الى لندن عام 1997 حيث استقبلني وكيل المبيعات وانزلني في فندق على مشارف لندن وصبيحة اليوم التالي اصطحبني بسيارته الى مدينة بورتون الملأى بمصانع البيرة وفي وسط المدينة كان هناك مبنى قديم فيه مقر صحيفة اسبوعية ومطبعة.. كنت اتطلع الى مداخن مصانع البيرة المنتشرة في كل مكان ورائحتها تملأ جو المدينة عندما استشعرت من حديث الوسيط مع مدير الصحيفة ان البلدية تعتزم هدم المبنى وان المطبعة الجديدة في مكان آخر اكتملت. ففهمت انهم مضطرون للبيع وتفقدت المطبعة وشهدت طباعة عدد من الصحيفة التي تطبعها.. وجلسنا نتحدث حيث اشترطت اضافة معدات اخرى للمطبعة كأجهزة التصوير الضوئي وكاميرا بليتات وقطع غيار وماكنتي طي الخ.. فرفض مدير المطبعة واشترط ان يتم دفع ثمنها بمعزل عن المطبعة.. وذهبنا سويا لرؤية مطبعته الجديدة في منطقة صناعية قريبة وكانت بحجم ثلاثة طوابق. فأيقنت انني قادر على المساومة.. فالمبنى سيهدم وتفكيك المطبعة وتخزينها يكلف مالا وبالتالي استطيع الحصول على المعدات الاضافية.. وهكذا كان وتوجهت مع الوسيط الى لندن لتوثيق الاتفاق لدى مكتب محاماة فذهبت الى السفارة للقاء الاخ عفيف صافية وطلبت محاميا جيدا فنصحني ثم دعاني الزميل عبد الباري عطوان الى العشاء ونصحني ايضا بمكتب السلفيتي للمحاماة واتصلت به وحددت موعدا وشرحت له الامر فأعد عقدا لهذا الغرض على ان يشرف على تفكيكها وشحنها ايضا ومعاينتها حتى لا تصدأ او تتعرض لماء البحر اثناء النقل الخ.
وجاء الوسيط ووقعنا العقد، وبعد عودتي تم تحويل سعر الشراء وهو "90" تسعون الف باوند استرليني مع عمولة للوسيط عشرة بالمائة عدا اتعاب المحامي وهي اقل من عمولة الوسيط أي أن المجموع لا يساوي سعر سيارة حديثة لأحد الوزراء الحاليين ووصلت المطبعة في ثمانية كونتينرات واحتجزت اكثر من مائة يوم في اشدود بسبب وقوع عمليات فدائية عام 1997. وقمنا بتركيبها بعد قدوم المهندس البريطاني.. لكن تشغيلها استغرق وقتا لعدم وجود كهرباء "3 فاز" في المقر واثناء ذلك كنت اتعرض لضغوط لثنيي عن عزمي تشغيلها بل وبيعها بمبلغ نصف مليون دولار من وراء السلطة والاستمرار في الطباعة لدى "عطروت" لكني رفضت ووجدتني غير قادر على ايصال الكهرباء لان الشركة طلبت مبلغا كبيرا.. ولا استطيع توفير الورق فأصبت بحالة من القرف.. وجاءتني دعوة من الزميل غسان طهبوب مدير تحرير الخليج لزيارته فذهبت الى الشارقة حيث عرض عليّ ان أحل محله في صحيفة الخليج لانه يعتزم الانتقال للعمل كمستشار اعلامي في حكومة دبي وامضيت اسابيع ادرس وضع الخليج وامكانياتها العملاقة ومداخيلها السنوية التي تفوق الثلاثين مليون دولار سنويا وكان عقد العمل ينتظر توقيعي وكنت أماطل وفي احدى الليالي وبّختني العزيزة الراحلة على مماطلتي فقد كانت راغبة في ان تستريح مما اوقعت نفسي فيه بالعمل في صحيفة بدون امكانيات وقررت ان اوقع.
وفي الصباح كنت اتناول القهوة واطل على الخليج وتخيلت العزيزة الى جانبي من شرفة الفندق ثم اذ بوجوه الزملاء الذين قاسموني متاعب اصدار الصحيفة تمر بخاطري.. شاهدت نفسي ونبيل عمرو ونحن نحمل رزم الصحيفة على ظهورنا في ميدان المنارة صباح يوم الصدور في شهر أغسطس 1995 لنرسلها الى المحافظات بسيارات الاجرة وشاهدت زملائي الذين تتلمذوا في الحياة الجديدة من منضد الكمبيوتر الى الطبيع الى المراسلين الى المحررين.. وكيف تحول عمال يدويون بسطاء الى عاملين على اجهزة الكمبيوتر وكيف استكمل بعضهم دراسته الجامعية اثناء العمل أكلنا معا ونمنا في غرف مزدحمة بالاجهزة والطاولات في شقة الاصدار بشارع الارسال.. كانوا يأتون للتدريب لمدة ثلاثة اشهر دون رواتب ولما تعلموا صارت لهم رواتب.. كان سؤالهم الاول "هل سيكون لنا مستقبل في هذه المغامرة" كنت اجيبهم ان شاء الله.. تساءلت "هل اخذل هؤلاء؟ قد يجري اغلاق الصحيفة لو تركتها.. لو استطعت تشغيل المطبعة لكان هناك امل" كان الوقت آنذاك وقت توقيع اتفاق واي ريفر.. وعند الظهر اتصل بي الزميل نبيل عمرو ساخرا "لقد وضعوا في الاتفاق فقرة خصيصا لك عن التحريض الاعلامي متى ستعود؟ اذا لم تعد سيقال انك هربت من واي ريفر".
كان بنيامين نتنياهو اصدر قبل ذلك كتابا ابيض عما سماه بالتحريض الاعلامي في وسائل الاعلام الفلسطينية اغلبه عن "الحياة الجديدة" ورئيس تحريرها ولما عاد بالاتفاق وقف شارون يهاجمه ويقول في الكنيست ان "الحياة الجديدة" ما زالت تحرض.
فقررت العودة.. خذلت عزيزتي التي رحلت لاحقا ولم احقق رغبتها في ان تستريح في الخليج وكنت عند حسن ظن زملائي في "الحياة الجديدة" الذين اعتز بهم من ابناء غزة ومخيماتها والامعري وقرى رام الله وجنين وغيرهم ممن التحقوا بالحياة الجديدة وصبروا وعملوا وانتجوا منبرا حرا عبرت كل التيارات والفصائل عن رأيها فيه.
هذا الجزء من تجربة اصدار الحياة كان مقررا ان يكون في مقدمة كتاب عن مقالات زاوية حياتنا ودورها في توسيع هامش الحرية ومقارعة السلبيات.. لكن بعد رحيل الرئيس عرفات يرحمه الله الذي كتبت عنه بعد وفاته انه اتسم بسعة الصدر وتقبل نقدنا.. تراجعت عن اصدار الكتاب لان المدانين في المقالات سيصفون حسابهم معي في غيابه ومع "الحياة الجديدة" وهو ما جرى عمليا من حملة افك وبهتان فقد جراءها اخي نبيل عمرو ساقه ويحاول البعض الآن افقادي سمعتي واخراجي من عالم البشر. بل ان الرقابة العامة عادت وارسلت ما يفيد ان شراء المطبعة وفر مالا على السلطة. وكنت في ذلك اللقاء الاخير الذي استمر ساعات طوالا طلبت من الرئيس الراحل مكافأة بأثر رجعي لشرائي المطبعة بذلك السعر وقلت له "لم اطلب مكافأة على هذه الصفقة المربحة آنذاك واطلبها الآن" ووافق الرئيس يرحمه الله على ذلك ثم بدأ يروي لي ذكرياته عن ايامه في القدس ويستشهد بصديقه المقدسي عبد الحميد الذي كان يؤويه ويساعده في تنقلاته بين القدس ونابلس ورام الله.
كانت القدس على لسانه في ذلك اللقاء الاخير.. وهي آخر الكلمات التي ما زال صداها يتردد في اذني بصوته.
الآن يأتي بعض باعة الدم والضمير لترويج الاشاعات في محاولة للنيل من سمعتي وعائلتي بعد ان حصحص الحق ولم يعودوا قادرين على تغطية مفاسدهم وافسادهم الذي طالما تناولناه بالنقد في هذه الصحيفة.. ولعلني بعد محاولة اغتيال الاخ نبيل عمرو وظهور حالات استقواء بالوضع الناشئ آنذاك لاحظت محاولة بعض الفاسدين السيطرة على "الحياة الجديدة" وجرت "كولسات" حقيقية آنذاك بحجة وقوفنا الى جانب الحكومة العباسية المستقيلة.. لكنني اوضحت لهم دون لبس أن كل متآمر ومعتد لن يواجه بالقلم فقط.. وان ما حدث للزميل عمرو لن يتكرر معي لأننا لا نكتب بأقلام الحبر فقط بل وبأقلام رصاص ايضا دفاعا عن كرامتنا وشرفنا.." بل نقذف بالحق على الباطل فيدفعه فاذا هو زاهق" وانني والحالة هذه اترك لشعبنا ان يحكم ولسلطتنا ان تتعقب عصابات الاشرار التي عادت لتعيث فسادا بعد أن ايقنت أن السلطة متخاذلة عن تعقبها وبعد أن ترسخ بعضهم في مواقع مسؤولة ففي قلوبهم مرض فلا يشفون وفي بطونهم جرب فلا يشبعون وفي عقولهم عوج فلا يستقيمون.
قصة شراء مطبعة "الحياة الجديدة" التي يروج البعض انها بالملايين
كنت قررت منذ فترة ان اكتب قصة الحياة الجديدة في مقدمة كتاب جمعت مادته من مقالاتي في زاوية "حياتنا" على مدار السنوات الماضية وكان عن المقالات التي تناولت الفساد والاصلاح ونقد الظواهر السلبية وأظنني في آخر لقاء مع الرئيس الراحل ياسر عرفات قبل مرضه في شهر أكتوبر تشرين أول وبحضور الاخ حكم بلعاوي واخ علمت انه صديق مقدسي قديم للرئيس اسمه عبد الحميد قلت له انني سأنشر كتابا عن قضايا الفساد وسأهديك اول نسخة.. وعدت وسألت الرئيس "لماذا تحمي الفاسدين؟".
كانت زيارتي للرئيس الراحل يرحمه الله لمناسبة ورود معلومات غير دقيقة في تقرير الرقابة العامة حول مطبعة "الحياة الجديدة" واذكر انني بعد مغادرتي مقر الرئيس الى احد المقاهي قابلني الاخ النائب حسن خريشة وسألني اين كنت؟ فقلت كنت في مكتب الرئيس وسردت له ما جرى فاستغرب ما قلته له عن أنني جادلت الرئيس عن سبب حمايته للفاسدين؟ وكان غير مصدق لقولي فقلت له: "اقرأ ذلك في "الحياة الجديدة" ونشرت ذلك في زاويتي.
ثم تطرق الاخ خريشة الى موضوع شاكر الجوهري الذي روج لمقابلة مع فاروق القدومي سأله فيها عن انني متهم باختلاس الملايين من صفقة شراء مطبعة "الحياة الجديدة" ومع ان "ابو اللطف" نفى علمه بذلك الا ان الجوهري وضع السؤال على لسان القدومي ولم تنشر المقابلة المصنعة اية صحيفة نظرا لسخافتها واضطر الجوهري الى ترويجها عبر الانترنت.
وقال خريشة انه سيعمل على تهدئة الامر بيني وبين الجوهري الذي عرفته في الكويت ولا حاجة للحديث عنه فهو معروف بصفات كثيرة وكنت ارسلت وثائق المطبعة الى محام في عمان ليرفع دعوى تشهير لكن البعض نصح بعدم رفع دعوى لان المحكمة قد تستدعي القدومي لنفي ما ورد في المقابلة التي روج لها الجوهري. وهكذا لم اواصل رفع الدعوى. بل نفى القدومي ما نسب اليه جملة وتفصيلا ويرفض منذ ذاك مقابلة الجوهري.
كان اللقاء مع الرئيس الراحل ياسر عرفات عاصفا من جانبي لدرجة أن الاخ حكم تدخل وطلب مني خفض صوتي وهادئا من جانب الرئيس بل وقرأ على مسمع الحضور وبصوت عال عبارة وردت في مقال نشره الجوهري في صحيفة الكترونية على الانترنت تسمى الحقائق قال في ختامها انه لم يبق للشعب والقضية من خيار غير عزله فاعزلوه قبل فوات الاوان ونشرت المقالة بتاريخ 22/8/2004 كان غضبي لاسباب لخصتها في رسالة "مرفقة" حول تقرير الرقابة العامة عن المطبعة تجاهل مستندات شراء المطبعة مع انها متوفرة لمن يطلبها في مكتب غزة والمقر في البيرة حيث روج البعض ومنهم الجوهري مقاطع منسوبة الى التقرير بعد محاولة اغتيال الزميل نبيل عمرو واتهموا مكتب الرئيس عرفات بترويجها في محاولة للايحاء بأن عرفات وراء محاولة الاغتيال وقلت للرئيس "هذا يعني انك امرت باغتيال نبيل عمرو.. وهذا يعني اغتيالي معنويا ايضا بعد سجلي النضالي المهني في الخارج والداخل".
ضحك الرئيس يرحمه الله وقال "يا جبل ما يهزك ريح.. طالما اتهموني بما ليس فيّ وتزعل ليه.." وقرأ رسالتي ووضع اشارات على عبارات منها وحولها الى السيد جرار القدوة رئيس الرقابة العامة.. وقلت له اذا لم تثبت مستندات المطبعة وهي بريطانية وموثقة لدى المحامي البريطاني - الفلسطيني الاصل امجد السلفيتي فإنني سأقاضي آل القدوة؟
كان الرئيس يعلم بتفاصيل صفقة المطبعة المربحة التي دفعتها الصحيفة من ايراداتها وليس من وزارة المالية فالمطبعة كانت حبل انقاذ للصحيفة من الافلاس حيث تكالب سماسرة ومتسلقون لجني الارباح من وراء طباعتها في مطبعة قديمة تعود الى الستينيات في عطروت قرب الرام.
كان اصدار "الحياة الجديدة" دون تجهيزات فنية ودون مطبعة خطأ قاتلا عرقل مسيرتها.. ففي البدء تعاقدنا مع مطبعة يملكها المليونير السعودي ابو خضراء في عطروت.. ولم تكن تعمل.. ولما صدرت الحياة طبعنا عدة اسابيع فيها بدفع الاجر مقدما ولكن لم تكن الطباعة جيدة فالورق روسي خشن اصفر والقياس كبير والجودة معدومة. وبعد اسابيع قرر المسؤول عن المطبعة عدم الطباعة فاضطررت الى ايجاد بديل فوري وهو مطبعة الجيروساليم بوست واتفقنا على الطباعة هناك وبعد مضي شهور ارتفعت فيها كمية الطباعة الى ما فوق الخمسة عشر الف نسخة يوميا ووصلت الى 17 الفا وهو رقم قياسي في التوزيع المحلي لاحظت وجود خط خفيف على شكل (x) على صور ياسر عرفات في الصحيفة.. فظننت ان الامر عرضي.. وسألت مدير الانتاج في البوست عن السبب فقال ان ثمة متعصبين يهودا في المطبعة ربما لا تروق لهم صور عرفات.. وصرت اتلقى عروضا متتالية من صاحب المطبعة في عطروت للعودة والطباعة لديه بحجة انه اشترى المطبعة من ابو خضراء وانها ملك للسلطة وان شريكه فيها خالد سلام.. فرفضت الضغوط والعروض لان المطبعة قديمة ولا يمكنها تلبية احتياجاتنا في الطباعة الملونة وعدد الصفحات وهو 24.. وتوجهت ليلا الى مطبعة البوست وسألت عامل طباعة عربياً عن حقيقة قيام يهود برسم علامة (x) على صور الرئيس عرفات فنفى وقال ان "البليتات" تأتيهم مشطبة وكنا نعمل "البليتات" في معمل بالقدس العربية.. فاحترت في الامر.. وصار مدير الانتاج في البوست يضع شروطا تعجيزية فلبيتها كلها.. واذ به يريد عمليا الامتناع عن الطباعة.. وذات ليلة توجهت الى البوست واذا بي افاجأ بوجود صاحب معمل البليتات وصاحب مطبعة عطروت في مكتبه.. ولما شاهداني خرجا مسرعين.. واذ بمدير الانتاج يبدي أسفه لعدم مقدرته الاستمرار في الطباعة وقال صراحة اذهب واطبعها لدى فلان في عطروت.. وقد سبق وأشرت الى هذه الواقعة في زاوية حياتنا وعاتبني الرئيس لأنني لم ابلغه بها فورا فقلت له كان المذكوران من المحظوظين لدى بعض اعضاء مكتبك واكتنزا مالا وفيرا فأسقط في يدي واستنتجت ان في الامر تفاهما مشبوها لكني لم استسلم وطرقت باب صحيفة النهار وصرت اطبع لديهم مع ان امكانيات مطبعتهم محدودة وصار لزاما ان اطبع جزءين.. وهنا ايضا تزايدت المطالب في موازاة زيادة ضغوط من أناس متنفذين في غزة للطباعة في عطروت بحجة انها مملوكة للسلطة وأبلغت احد المسؤولين في البوست بما حدث وعلمت فيما بعد انه تم الاستغناء عن مدير الانتاج فالمسألة بائنة حيث تمت استمالته بالمال.. ثم تلقيت امرا رسميا بالطباعة في عطروت حيث انخفض توزيع الصحيفة وساءت حالة الطباعة وفقدت الصحيفة بريقها الذي كان وصارت تكلفة الطباعة ضعف ما كانت عليه في السابق وكانت تكلفة شهور قليلة فقط كافية لشراء مطبعة. فمشكلتي عند اصدار "الحياة الجديدة" ان المكلفين من قبل الرئيس بها لم يكونوا على دراية بالصحافة والطباعة الخ..
وامام مشاهدتي للصحيفة وهي تنهار طباعة وتوزيعا واعلانا لجأت الى بشار المصري في صحيفة "الايام" وتعاقدنا على الطباعة لديه واستعادت الصحيفة بعض قوتها لكن شروط الدفع مقدما والضمانات البنكية وغيرها حالت دون الاستمرار فاضطررت للعودة الى عطروت حيث كانت شيكاتهم تصرف بسرعة في مالية غزة لأسباب عرفت فيما بعد.. وفي اثناء ذلك بدأت البحث عن مطبعة علما ان سعر اسوأ مطبعة مستعملة لا يقل عن مليون دولار.. فدخلت في اتصالات مع صاحب جريدة النهار بعد توقف صحيفته عن الصدور لشراء مطبعته فطلب وكيله سعراً بلغ 600 الف دولار.. وهنا اردت التأكد من امكانية اضافة وحدات طباعية الى الاربع وحدات لمطبعة النهار حتى اذا تم شراؤها امكن زيادة طاقتها الطباعية. فأعطاني الزميل محمد منى وهو المسؤول عنها رقم هاتف مهندس الشركة في بريطانيا للاستفسار منه عن ذلك. واتصلت به وابلغني ان بالامكان اضافة وحدات الى المطبعة رغم ان الشركة على وشك الاغلاق لكن يمكن شراء ذلك من السوق. ثم عاد واتصل بي وقال ما رأيك بمطبعة متكاملة غير مستهلكة تعمل ساعة اسبوعيا وهي معروضة للبيع الآن وفورا على ترابها؟ فطلبت منه مواصفاتها واذ بها جيدة فهي من 8 وحدات صناعة عام 1985 لا تحتاج الى تجديد بل الى صيانة سريعة وتعمل وأن الوسيط سيرسل لي كل المعلومات. ووصلتني المعلومات ولم اصدق السعر فهو قليل.. فتوجهت فورا الى لندن عام 1997 حيث استقبلني وكيل المبيعات وانزلني في فندق على مشارف لندن وصبيحة اليوم التالي اصطحبني بسيارته الى مدينة بورتون الملأى بمصانع البيرة وفي وسط المدينة كان هناك مبنى قديم فيه مقر صحيفة اسبوعية ومطبعة.. كنت اتطلع الى مداخن مصانع البيرة المنتشرة في كل مكان ورائحتها تملأ جو المدينة عندما استشعرت من حديث الوسيط مع مدير الصحيفة ان البلدية تعتزم هدم المبنى وان المطبعة الجديدة في مكان آخر اكتملت. ففهمت انهم مضطرون للبيع وتفقدت المطبعة وشهدت طباعة عدد من الصحيفة التي تطبعها.. وجلسنا نتحدث حيث اشترطت اضافة معدات اخرى للمطبعة كأجهزة التصوير الضوئي وكاميرا بليتات وقطع غيار وماكنتي طي الخ.. فرفض مدير المطبعة واشترط ان يتم دفع ثمنها بمعزل عن المطبعة.. وذهبنا سويا لرؤية مطبعته الجديدة في منطقة صناعية قريبة وكانت بحجم ثلاثة طوابق. فأيقنت انني قادر على المساومة.. فالمبنى سيهدم وتفكيك المطبعة وتخزينها يكلف مالا وبالتالي استطيع الحصول على المعدات الاضافية.. وهكذا كان وتوجهت مع الوسيط الى لندن لتوثيق الاتفاق لدى مكتب محاماة فذهبت الى السفارة للقاء الاخ عفيف صافية وطلبت محاميا جيدا فنصحني ثم دعاني الزميل عبد الباري عطوان الى العشاء ونصحني ايضا بمكتب السلفيتي للمحاماة واتصلت به وحددت موعدا وشرحت له الامر فأعد عقدا لهذا الغرض على ان يشرف على تفكيكها وشحنها ايضا ومعاينتها حتى لا تصدأ او تتعرض لماء البحر اثناء النقل الخ.
وجاء الوسيط ووقعنا العقد، وبعد عودتي تم تحويل سعر الشراء وهو "90" تسعون الف باوند استرليني مع عمولة للوسيط عشرة بالمائة عدا اتعاب المحامي وهي اقل من عمولة الوسيط أي أن المجموع لا يساوي سعر سيارة حديثة لأحد الوزراء الحاليين ووصلت المطبعة في ثمانية كونتينرات واحتجزت اكثر من مائة يوم في اشدود بسبب وقوع عمليات فدائية عام 1997. وقمنا بتركيبها بعد قدوم المهندس البريطاني.. لكن تشغيلها استغرق وقتا لعدم وجود كهرباء "3 فاز" في المقر واثناء ذلك كنت اتعرض لضغوط لثنيي عن عزمي تشغيلها بل وبيعها بمبلغ نصف مليون دولار من وراء السلطة والاستمرار في الطباعة لدى "عطروت" لكني رفضت ووجدتني غير قادر على ايصال الكهرباء لان الشركة طلبت مبلغا كبيرا.. ولا استطيع توفير الورق فأصبت بحالة من القرف.. وجاءتني دعوة من الزميل غسان طهبوب مدير تحرير الخليج لزيارته فذهبت الى الشارقة حيث عرض عليّ ان أحل محله في صحيفة الخليج لانه يعتزم الانتقال للعمل كمستشار اعلامي في حكومة دبي وامضيت اسابيع ادرس وضع الخليج وامكانياتها العملاقة ومداخيلها السنوية التي تفوق الثلاثين مليون دولار سنويا وكان عقد العمل ينتظر توقيعي وكنت أماطل وفي احدى الليالي وبّختني العزيزة الراحلة على مماطلتي فقد كانت راغبة في ان تستريح مما اوقعت نفسي فيه بالعمل في صحيفة بدون امكانيات وقررت ان اوقع.
وفي الصباح كنت اتناول القهوة واطل على الخليج وتخيلت العزيزة الى جانبي من شرفة الفندق ثم اذ بوجوه الزملاء الذين قاسموني متاعب اصدار الصحيفة تمر بخاطري.. شاهدت نفسي ونبيل عمرو ونحن نحمل رزم الصحيفة على ظهورنا في ميدان المنارة صباح يوم الصدور في شهر أغسطس 1995 لنرسلها الى المحافظات بسيارات الاجرة وشاهدت زملائي الذين تتلمذوا في الحياة الجديدة من منضد الكمبيوتر الى الطبيع الى المراسلين الى المحررين.. وكيف تحول عمال يدويون بسطاء الى عاملين على اجهزة الكمبيوتر وكيف استكمل بعضهم دراسته الجامعية اثناء العمل أكلنا معا ونمنا في غرف مزدحمة بالاجهزة والطاولات في شقة الاصدار بشارع الارسال.. كانوا يأتون للتدريب لمدة ثلاثة اشهر دون رواتب ولما تعلموا صارت لهم رواتب.. كان سؤالهم الاول "هل سيكون لنا مستقبل في هذه المغامرة" كنت اجيبهم ان شاء الله.. تساءلت "هل اخذل هؤلاء؟ قد يجري اغلاق الصحيفة لو تركتها.. لو استطعت تشغيل المطبعة لكان هناك امل" كان الوقت آنذاك وقت توقيع اتفاق واي ريفر.. وعند الظهر اتصل بي الزميل نبيل عمرو ساخرا "لقد وضعوا في الاتفاق فقرة خصيصا لك عن التحريض الاعلامي متى ستعود؟ اذا لم تعد سيقال انك هربت من واي ريفر".
كان بنيامين نتنياهو اصدر قبل ذلك كتابا ابيض عما سماه بالتحريض الاعلامي في وسائل الاعلام الفلسطينية اغلبه عن "الحياة الجديدة" ورئيس تحريرها ولما عاد بالاتفاق وقف شارون يهاجمه ويقول في الكنيست ان "الحياة الجديدة" ما زالت تحرض.
فقررت العودة.. خذلت عزيزتي التي رحلت لاحقا ولم احقق رغبتها في ان تستريح في الخليج وكنت عند حسن ظن زملائي في "الحياة الجديدة" الذين اعتز بهم من ابناء غزة ومخيماتها والامعري وقرى رام الله وجنين وغيرهم ممن التحقوا بالحياة الجديدة وصبروا وعملوا وانتجوا منبرا حرا عبرت كل التيارات والفصائل عن رأيها فيه.
هذا الجزء من تجربة اصدار الحياة كان مقررا ان يكون في مقدمة كتاب عن مقالات زاوية حياتنا ودورها في توسيع هامش الحرية ومقارعة السلبيات.. لكن بعد رحيل الرئيس عرفات يرحمه الله الذي كتبت عنه بعد وفاته انه اتسم بسعة الصدر وتقبل نقدنا.. تراجعت عن اصدار الكتاب لان المدانين في المقالات سيصفون حسابهم معي في غيابه ومع "الحياة الجديدة" وهو ما جرى عمليا من حملة افك وبهتان فقد جراءها اخي نبيل عمرو ساقه ويحاول البعض الآن افقادي سمعتي واخراجي من عالم البشر. بل ان الرقابة العامة عادت وارسلت ما يفيد ان شراء المطبعة وفر مالا على السلطة. وكنت في ذلك اللقاء الاخير الذي استمر ساعات طوالا طلبت من الرئيس الراحل مكافأة بأثر رجعي لشرائي المطبعة بذلك السعر وقلت له "لم اطلب مكافأة على هذه الصفقة المربحة آنذاك واطلبها الآن" ووافق الرئيس يرحمه الله على ذلك ثم بدأ يروي لي ذكرياته عن ايامه في القدس ويستشهد بصديقه المقدسي عبد الحميد الذي كان يؤويه ويساعده في تنقلاته بين القدس ونابلس ورام الله.
كانت القدس على لسانه في ذلك اللقاء الاخير.. وهي آخر الكلمات التي ما زال صداها يتردد في اذني بصوته.
الآن يأتي بعض باعة الدم والضمير لترويج الاشاعات في محاولة للنيل من سمعتي وعائلتي بعد ان حصحص الحق ولم يعودوا قادرين على تغطية مفاسدهم وافسادهم الذي طالما تناولناه بالنقد في هذه الصحيفة.. ولعلني بعد محاولة اغتيال الاخ نبيل عمرو وظهور حالات استقواء بالوضع الناشئ آنذاك لاحظت محاولة بعض الفاسدين السيطرة على "الحياة الجديدة" وجرت "كولسات" حقيقية آنذاك بحجة وقوفنا الى جانب الحكومة العباسية المستقيلة.. لكنني اوضحت لهم دون لبس أن كل متآمر ومعتد لن يواجه بالقلم فقط.. وان ما حدث للزميل عمرو لن يتكرر معي لأننا لا نكتب بأقلام الحبر فقط بل وبأقلام رصاص ايضا دفاعا عن كرامتنا وشرفنا.." بل نقذف بالحق على الباطل فيدفعه فاذا هو زاهق" وانني والحالة هذه اترك لشعبنا ان يحكم ولسلطتنا ان تتعقب عصابات الاشرار التي عادت لتعيث فسادا بعد أن ايقنت أن السلطة متخاذلة عن تعقبها وبعد أن ترسخ بعضهم في مواقع مسؤولة ففي قلوبهم مرض فلا يشفون وفي بطونهم جرب فلا يشبعون وفي عقولهم عوج فلا يستقيمون.
التعليقات