ماذا قدمت السينما التسجيلية عن قضايانا؟

ماذا قدمت السينما التسجيلية عن قضايانا؟
غزة-دنيا الوطن

يُلاحظ في الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون تقلص عدد الأفلام التي تتناول القضية الفلسطينية عنه في الدورات السابقة. كانت هذه الأفلام في تلك الأعوام تمثل أكثر المجموعات إثارة للاهتمام، سواء من الناحية الكمية، أو من ناحية تغطيتها مختلف جوانب القضية. أو حتى من ناحية المستوى الفني، حيث كانت تضم من الأفلام ما يمثل أفضل المستويات الفنية.

في دورة العام 2003 بلغ عدد الأفلام التي تتناول القضية الفلسطينية 17 فيلماً، أربعة منها كانت من أبرز أفلام الدورة. أما في هذه الدورة الأخيرة فبلغ عدد الأفلام التي تتناولها 8 أفلام فقط، أي أقل من نصف العدد السابق. وتتمثل في فيلمين من مصر: «يعيشون الموت» عن الانتفاضة ولكن من خلال لقطات مجمعة، و «عكا قلعة البحر» عن تاريخ عكا الحصن، وأربعة افلام من انتاج تلفزيون فلسطين هي «أحمد الشاهد والضحية» (عن صحافي في وكالة «رويترز» أصابه رصاص الإسرائيليين اثناء عمله، وفي لقاء معه يحكي لنا ما حدث) و «طريق الأفعى» (عن الحائط الإسرائيلي العازل وما يسببه من مشكلات للفلسطينيين يذكرها من نلتقي بهم) و «سيمفونية مشاغب» (عن شاب في غزة يسخر مما يدور حوله من أمور بالكتابة على الحائط او أداء بعض الاسكتشات على قارعة الطريق أو الخطابة أو الصراخ ببعض الشعارات أحياناً، غير أن ما يقدمه الشاب لا بريق له). ومن الواضح أن كل ما ذكرنا من افلام لم يتوافر لها من الجهد الفني والدراسة ما يضفي عليها قيمة خاصة، وان بقيت لها - إلى حد ما - قيمتها كوثائق سينمائية.

أما الفيلم الرابع من انتاج تلفزيون فلسطين «يافا» 25 ق إخراج سعيد البيطار فيكاد يكون كارثة لأن الصورة (الاقوى تأثيراً) تناقض ما يدعيه التعليق، الفيلم يصور معالم يافا الحديثة التي تحولت إلى مدينة إسرائيلية منذ الاستيلاء عليها 1948 وما نراه من مظاهر الحداثة لمعالم المدينة وشوارعها وعماراتها وحتى ما بقي فيها من اثار عربية، يجعل من الفيلم إعلاناً واضحاً للمدنية والتقدم في إسرائيل، وهو ما يناقض، إن لم يكن يقضي على، التعليق الحماسي الإنشائي الذي يصاحب هذه المشاهد من وجهة نظر فلسطينية، ولا ينقذ الرؤية الفلسطينية أقوال الصياد - الذي نلتقيه - عما يلاقيه من سوء معاملة إسرائيلية، لأننا لا نرى منها شيئاً وفي اعتقادي أن من الممكن لمخرج إسرائيلي خبيث أن يحتفظ بشريط الصورة للفيلم نفسه ويضع عليه تعليقاً من وجهة نظر إسرائيلية، وربما يكتفي بإدخال بعض تعديلات طفيفة على بعض أجزاء من التعليق نفسه ليصبح الفيلم إسرائيلياً مئة في المئة من دون تناقض بين الصورة والتعليق. ولكن لعل افضل ما قدم من افلام، هذه الدورة عن القضية الفلسطينية جاء من لبنان (قناة المنار) ويتمثل في فيلم «الاسير يحيى سكاف» 42 ق إخراج سناء حمدون الى جانب الفيلم الآخر الذي قدمته القناة نفسها «القدس المكانة والواقع» وكان فيلماً تقليدياً لا يضيف جديداً.

يتناول فيلم «الاسير يحيى سكاف» حكاية فدائي لبناني وقع في الأسر منذ 26 عاماً اثناء مشاركته في احدى العمليات الفدائية الكبيرة داخل إسرائيل، ومنذ وقوعه في الأسر انقطعت اخباره، ويقدم الفيلم لقاءات عدة مع بعض الشخصيات، من المسؤولين والاهل والاصدقاء وزملاء المعتقل للتعرف على الشخصية والعملية الفدائية التي شارك فيها، واحتمالات وجوده، وندرك من بعض اقوالهم المتضاربة كيف تحول يحيي سكاف الى اسطورة او إنسان غريب الاطوار مقطوع اليد لا يتذكر اسمه. أما عن العراق فلم يشارك في مسابقة المهرجان غير فيلم واحد يتيم يحمل عنوان «لاجئون في بلادهم» 50 ق إخراج العراقي زياد طارق، الفيلم يؤكد بالصوت والصورة أن ما يحدث للعراقيين اليوم صورة طبق الاصل لما كان يحدث للفلسطينيين وما زال. وجوه العجائز العراقيين تكشف تجاعيدها عبء الزمن المضني الذي يحملونه على أكتافهم، يضاعف معاناتهم ما يتعرضون له من تشرد اليوم، امرأة تصرخ «وين نروح» بعد أن أحرقوا بيتها، ورجل لا يستطيع مقاومة البكاء على ابنه الذي احترق مع بيته. وشابة منقبة تعود الى بيتها في الفالوجة فتجده أطلالاً.

*الحياة

التعليقات