عبد الباري عطوان في الجزيرة ورندة الشهال تقدم هيفاء وهبي بقلم:عدلي صادق

عبد الباري عطوان في الجزيرة ورندة الشهال تقدم هيفاء وهبي بقلم:عدلي صادق
عبد الباري عطوان في الجزيرة ورندة الشهال تقدم هيفاء وهبي



عدلي صادق

بعد غياب لافت، عن المشاركة في برامج الحوار، عاد عبد الباري عطوان الي أقرب البرامج اليه، وهو أكثر من رأي لصاحبه سامي حداد. ولا أجامل رئيس تحرير صحيفتنا هذه، الذي هو في الوقت نفسه، صديقي، إن قلت بأن غيابه عن المشاركة في البرامج، أثار شعوراً لدي الناس بافتقاده، كأنما التحق عبد الباري بمسطرة التيرمومتر الخاص لقياس الحالة الصحية للروح: إن غاب، أحس بسطاء الناس، في وطنه ـ علي الأقل ـ بأن الحرارة عالية والأوضاع مقلقة وأن الخناق قد اشتد علينا وحمي الوطيس. وإن حضر، فإن قراءة الحرارة تدل، متابعي عبد الباري ومحبيه، الي عودة الأمور الي حالتها الطبيعية: هجمة شرسة علي الأمة، وممانعه عربية، في شكل مقاومة في أي مكان، أو في شكل حراك شعبي، هنا أو هناك، وأن عبد الباري يلعلع!

وبحكم معرفة الكثيرين، لصلتي الشخصية بعبد الباري، فإن الاتصالات معي، لا تنقطع، كلما ظهر الرجل علي الشاشة. ولهذه الاتصالات أنواع ومستويات: اتصالات أهل السلطة، لا سيما التسوويون منهم حتي النخاع. فهؤلاء، يعلقون بغضب علي أحاديثه، لكني ألاحظ دائماً، أن رأياً إيجابياً يكمن تحت سطح اعتراضاتهم، تعكسه كلمات مثل زوّدها شوية و إيش اللي بده اياه صاحبك؟ . أما اتصالات المؤيدين، وهم الأكثرية، فإنها تتراوح بين التعليقات الرصينة التي تتذاكر العبارات وتزيد عليها، وبين اختزالات المغرقين في البساطة، الذين يطربون للأغنية الشعرية لأم كلثوم، دون أن يكون بمقدورهم استذكار بيت واحد منها، إذ يكتفي هؤلاء بعبارة من نوع: والله صاحبك فسخهم فسخاً .!

ولعل هذا المغزي، للحضور، علي الشاشة، لا يفارق عبد الباري عطوان، فتراه مطمئناً الي تلقائيته، باعتبارها سر النجاح. وفي حضوره الأخير، الي جانب نظير مجلي، الليكودي من اصل عربي، استحث مشاعر مختلطة. فقد كان ـ مثلاً ـ شقيقه الكادح البسيط جلال، المقيم في رفح، سعيداً بالبرنامج، لكنه آنس في نفسه القدرة علي التعديل لعبد الباري ولسامي حداد معاً. ففي رأيه، كان لا بد من تحاشي الظهور بجانب نظير مجلي. ولعل الرجل، كان مدفوعاً الي رأيه، من السائد في بيئتنا الاجتماعية، وهي أن الناس التي تجلس علي طاولة واحدة، لا بد أن تكون قد تقبلت بعضها البعض. وفي رفح وسائر مناطق التماس عندنا، يمكن أن تأتي قذيفة للجالسين معاً، وبالتالي فإن مجرد الجلوس، يعني المشاركة المفتوحة علي احتمالات أعمق، للإخوّة. ولم يكن علي سالم، صاحب الأداء الكوميدي السخيف، دفاعاً عن التطبيع، يقيس بمعايير تختلف عن معايير جلال، فانتبه الي وضعية الجلوس، وبدا سعيداً بها، بعكس ما هو الأمر بالنسبة لجلال، الذي تمني لو كانت هناك غرفتان، بينهما جدار، ونافذتان منفتحتان علي سامي حداد، لكي يتحاشي عبد الباري، الجلوس الي جانب مخلوق من هذا الطراز!

وربما كانت معايير الشقيق البسيط، حاضرة في ذهن عبد الباري الجالس في استوديو في لندن، وليس في الشابورة أو في تل السلطان في رفح. لذا رأيناه في بداية البرنامج، يتعجل بكلمات ليس فيها رغبة في الكلام عاجلاً، بقدر ما فيها الرغبة في التعبير عن الضجر من صوت نظير مجلي. فقد قاطع سامي حداد، قائلاً له: يا سيدي في ناس في البرنامج ثم يعني موجودين احنا . وبعد ذلك بدأ الاشتباك، عندما التقط نظير مجلي مثالاً طرحه عبد الباري، عن الباكستاني الذي يغضب لما يجري في العراق، فيفجر نفسه في لندن. فقد تدخل مجلي بطريقة المحقق الإسرائيلي، الذي يريد تثبيت التهمة علي إنسان، من خلال لفظة في السرد. وبصراحة كان عبد الباري مخطئاً في عدم رد المحقق الي المربع الأول، بالقول الصريح والواضح له، بأننا لا نؤيد التفجيرات في لندن أو غيرها، عندما تطال الأبرياء. وربما يكون التلكؤ في تثبيت مضاد، للمعني الذي أراد مجلي أن يلصقه بعبد الباري، قد انسحب علي مزاج صاحبي في البرنامج، فقال كلاماً عن تفجيرات شرم الشيخ، يمكن إدراجه في خانة تفسير الأحداث، من خلال معطيات تاريخ المكان، وبالتالي تبرير التفجيرات. شارون مرّ في شرم الشيخ، فحدثت الكارثة، دونما الأخذ في الاعتبار، عوامل كثيرة، من أهمها نوعية الضحايا، وأثر التفجيرات علي اقتصاد بلد عربي، وأثر أي تدهور اقتصادي في أي بلد، علي خياراتها السياسية، وأثره علي الوجدان الشعبي العربي كله، الذي يتألم للخسارة في الأرواح البريئة. وأعتقد أن هذه العوامل كلها، حاضرة في ذهن عبد الباري عطوان، لكنه يريد التركيز علي سياق حصري، وهو سياسات أمريكا وإسرائيل، وهزال الممانعة الرسمية العربية، في وجه هذه السياسات!

وعندما انسحب النزق علي السياق كله، تشدد عبد الباري عطوان ضد أي شكل من أشكال العملية السياسية، مركزاً علي المقاومة، ومشيداً بالصواريخ، علماً بأن الانسحاب الإسرائيلي من غزة، الذي هو ـ بالتأكيد ـ محصلة المقاومة، لم يكن تحت ضغط الصواريخ المحلية الصنع حصراً، وإنما بحكم التصدي اليومي للاحتلال، بالنيران، وما نتج عن هذا التصدي من استحالة أن يخرج الجندي من دبابته، واستحالة أن يهنأ المستوطن في الأرض المحتلة. فالصواريخ المحلية الصنع، وقذائف الهاون المحلية الصنع هما وسيلتان خلافيتان، لا جدوي عسكرية لهما، بمعايير معدلات النيران وموازينها، وبمعايير الدقة التي كانت ضآلتها سبباً في وقوع ضحايا فلسطينيين وعشرات الإعاقات. وقطاع غزة 264 كم مربعا وليس 150 فقط، وإخلاؤه، بالكيفية التي انتقدناها، يعد إنجازاً، بصرف النظر عن الكيفية التي يحدث بها الإخلاء.

عبد الباري عطوان، كان بمقدوره إظهار أضرار التطبيع، دون أن يكون بالضرورة متشدداً حيال أي شكل من أشكال التسوية. فأمامنا وأمامه، شروط غائبة للتسوية التي يكون بعدها التطبيع، وبالتالي فإن المجال مفتوح لذم التسوية، وأمامه خداع أمريكا وعنجهيتها، وأمامه كل العناصر التي يمكن المطالبة بها، لكي تحترم الأنظمة العربية نفسها، دونما حاجة الي أن يذهب حديثنا الي حد اعطاء انطباع خاطيء، بأن بديلنا هو التفجيرات وسط الناس، سيما الفقراء والكادحون، الذين يستخدمون المواصلات العامة، في لندن ومدريد وغيرهما، أو ضد الأشقاء الذين يعملون في القطاع السياحي العربي، أو الأبرياء بشكل عام. فمن دواعي فخرنا، أن يظل عبد الباري عطوان، قوي المنطق رصيناً، ومعقولاً، مثلما كان طوال سنوات أدائه الإعلامي المميز!

المخرجة رندة الشهّال تقدم هيفاء وهبي

نقلت محطة CNN من دبي، أن ثلاثياً من النجوم، تمثله الأسبانية فيكتوريا إبريل، والأمريكي فال كيلمر، والمغنية اللبنانية هيفاء، سيجتمع في فيلم من سيناريو وإخراج اللبنانية المقيمة في باريس، رندة الشهال، المعروفة بمواقفها القومية وبجرأتها في مناصرة قضايا العرب. وقالت المحطة، إن مجرد وجود رندة الشهال، وراء فيلم لهذا الثلاثي، يثير الأسئلة بل يثير فضول المهتمين بصناعة الفن السابع، بخاصة وأن المنتج هو اللبناني إيلي سماحة، المقيم في باريس. ويبدو أن أسباباً فنية، اعترضت طريق رندة، لكي تقدم عملاً سينمائياً سياسياً، يعكس توجهاتها التي ستلقي رواجاً في العالم العربي. غير أن المنتج، أي المستثمر، أراد المجيء بالمليحتين، هيفاء وهبي وفيكتوريا إبريل الأسبانية، لكي يدفع الي السوق، بفيلم استعراضي، هو عبارة عن كوميديا غنائية، عن عالم كرة القدم. ورأت رندة، أن تنأي بنفسها عن إشكالات متعلقة بهيفاء وهبي ووضعها الشخصي، وقالت إن هذه المسائل لا تعنيها، لأنها لم تتعود أن تطلب شهادات حُسن سير وسلوك، ممن يعملون معها. فهيفاء، حسب قولها إمرأة ذكية جداً، وجميلة جداً، عدا عن كونها موهوبة جداً وهذه الصفات تكفيها كمخرجة!

اللافت في كلام رندة عن هيفاء، أن الأولي قد اكتشفت بأن للثانية وعيا سياسيا رفيعا، ولديها حس وطني عالٍ جداً، وأن المنتج إيلي سماحة وقف الي جانب القضايا العربية في هوليوود. وكاتب هذه السطور، يثق في ذوق رندة الشهال وفي مواقفها، ليس فقط لأنها شقيقة الناشطة السياسية المناصرة لقضايا الأمة، والأخت العزيزة الكاتبة نهلة الشهال، صديقتنا وحرم صديقنا عبد الأمير الركابي، وإنما كون رندة صاحبة مواقف مبدئية رائعة في نصرة القضية الفلسطينية، وضد غزو العراق، وقد اكتسبت احترام الجميع، عندما رفضت أن تتسلم جائزة مشتركة مع مخرج إسرائيلي!

ولكون رندة قد تأذت من منع الرقابة لفيلم من إخراجها، فإنها تريد أن يصل فيلمها الذي تشارك فيه هيفاء وهبي، الي الجميع، وقد أجابت عن سؤال لـ CNN قائلة انها ستراعي وضعية الرقابة، وأضافت ماذا يفيد أن نقاتل من خلف النوافذ المغلقة . وقد أنعشها فوز فيلمها طيّارة من ورق بالجائزة الفضية في مهرجان البندقية. وحتي عندما رأت ضرورة أن تقدم عملاً استعراضياً، بعنوان باللغة الإنكليزية هو Too bad for them أي ما أسوأ هذا لهم ، فقد رفضت أن تكون الترجمة يصطفلوا وأرادت أن يكون التطرق الي السياسة، من زاوية مختلفة!

*القدس العربي

التعليقات