صوت المذيعة حين يسبق صورتها الى مستمعيها الأوفياء... إيمان بنورة: باربي الجزيرة وسطوة النجم التلفزيوني

صوت المذيعة حين يسبق صورتها الى مستمعيها الأوفياء... إيمان بنورة: باربي الجزيرة وسطوة النجم التلفزيوني
غزة-دنيا الوطن

مع المذيعة التلفزيونية إيمان بنورة، الصوت يسبق الصورة، مع ان هذا مخالف لمنطق الأثير التلفزيوني الحي. ففي ذلك المنطق تكون الصورة أقرب من عبور الصوت، فهي تحمل عبر الصندوق العجيب كل القصص عن الكوارث والفيضانات والحروب والعداوات أيضاً.

ومع كل هذه الأخبار المشتعلة في عالم الهول الجديد نتساءل عن جدوى الصورة إن أقرنت بالخبر المحض وأضيفت إلى ضيقٍ مضاف أصلاً الى شرايين عصبية تالفة. يردد أحدنا في خندق الصباح وهو يتصبب عرقاً: الأحرى بهذا الصوت أن يقرأ الأخبار الحلوة في منطقة أخرى.

يتفق المتمترسون في الخندق على هوية صوت ايمان بنورة بأن صاحبته فلسطينية. ويدور التخمين حول التفصيلات الأخرى: هي إيمان بنورة، فهي إذاً من بيت ساحور في فلسطين. وهذا مؤكد، فيما يطوي هو جريدته مكملاً وكأنه منوّمٌ مغناطيسياً: أعتقد أن لديها قريبة اسمها عفيفة بنورة كانت معتقلة في سجون إسرائيل قرابة 12 عاماً، وأفرج عنها في عملية تبادل للأسرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1979، وهو يؤكد بطريقته أن رنَّة الصوت هي ذاتها: مستحيل فالصوت واحد. حسناً ربما يكون الصوت واحداً. حسناً ولكن عفيفة لم تعد هنا!

ما يحصل هنا في هذا الخندق أنك عندما تتأثر بشخص له سطوة النجم التلفزيوني أو ما يشبهها ويساويها، تبدأ بنسج القصص من حول الشخص المستهدف، وتبدأ بإكمال ما هو ناقص، وإزالة ما هو زائد، وتتغاضى عن أي علامة فارقة بحجة الوحدة العضوية للكائن وهو في حال سمو، وتتمم ما قد يكون صحيحاً أو غير صحيح.

المذيعة إيمان بنورة التي اشتهرت بـ «باربي الجزيرة»... لها سطوة من نوعٍ مختلف، قد لا يمكن الفصل فيها الآن، ولكن حتى وإن توسعت دائرة الضيق في هذا الخندق اليومي مع توسع الفرجة التلفزيونية، فإن استبدال جريدة مطبوعة بمحطة متلفزة أصبح في حقيقة الأمر أكثر سهولة من فعل لفِّ الجريدة تحت الإبط، والانتقال بها من خندق إلى خندق لتسقّط الأخبار ومقاطعتها بالأخبار الأخرى. هنا المواثبة الالكترونية بـ «الروموت كونترول» توفر عليك المشقة، وأنت قابع في المكان ذاته. في حال أهل الخندق - نحن - يفشل «الروموت كونترول» بالتنقل عندما تحتل الـ «باربي» المحطة لتقرأ نشرة الأخبار المصورة، إذ نشنِّف آذاننا من دون كفالة الزمن، ونتعاطف مع صاحب الربط السعيد بين إيمان وعفيفة التي قضت بالسرطان ودفنت في دمشق موقتاً، فهنا تسقط كفالة الزمن بحسب الراحل معين بسيسو، لأن عظام كل الشهداء ستنتقل يوماً إلى فلسطين وبمواكبة عاطفية واحدة. هكذا يتحول الشهداء إلى رقاقة الكترونية جوهرها الزمن. وعفيفة حنا فرح بنورة هي الراهبة الوحيدة التي ترحل عن هذا العالم من دون أن تعيش في دير، فليس هناك دير في المنفى، وهذا لا يخفف من الأحزان إلا قليلاً، مع أن دائرة الضيق تتسع أكثر فأكثر، وغيرت «باربي» الجزيرة اسمها... أصبح إيمان عياد. يضيف صاحبنا حانقاً: ربما تزوجت... ربما أرادت أن تعدِّل من جلستنا الطويلة أمام التلفزيون... ربما... ربما...؟!

ولكن سواء حملت هذا الاسم أو ذاك... فإنها تظل حقاً «باربي» الجزيرة... هكذا مع إيمان فإن الصوت يسبق الصورة دائماً!

*الحياة

التعليقات