أطفال يقدمون البرامج:أصوات طرية تنضح بالحياة وتتحدى من أجلها

أطفال يقدمون البرامج:أصوات طرية تنضح بالحياة وتتحدى من أجلها
غزة-دنيا الوطن

أثناء وصلة المهرجين، شبه المتواصلة، على مسرح مدينة مدهش في دبي، تدخل ثلاث فتيات، بخطى واثقة، إذ لا يمكن تجاهلهن. يتصرفن كنجمات، يعتلين منصة الجمهور، لينزوين في ركن خاص، بعيداً عن الجمهور القليل المتناثر.

صحيح أن أعمارهن لا تتجاوز الاثنى عشر عاماً، إلا أن ثيابهن وطريقة تعاملهن مع باقي الأطفال الزائرين، تنم عن شيء من تمييز الذات. هن مذيعات- أطفال، يشاركن في تقديم برنامج «عالم مدهش» التلفزيوني، الذي تبثه قناة «سما دبي» عند الخامسة من مساء كل يوم، طيلة فترة مهرجان الصيف.



بعد مرور وقت قليل على متابعة عرض المهرجين، تعود «المذيعات» إلى طفولتهن، فيتجاوبن مع الأغنية المسجلة بشكل عفوي. يطلب المهرج تصفيقاً، فيمتثلن، وبقوة. هن مذيعات فعلاً، لكنهن أطفال أولاً.

يتوافد المزيد من الزائرين، فتنسحب الفتيات الثلاث، إلى مكان بعيد عن الأضواء، حرصاً على نجومية يشعرن بها، ويعشن في أضوائها، قبل ساعات من البرنامج.

الفتى الوحيد

يقدم البرنامج خمسة أطفال، أربع فتيات وفتى، تكفل له قواعد اللغة منع التأنيث عن عباراتهن. هن: مريم خليفة المعلا، أمل أحمد الصاروخ، ايناس صبيان وبثينة يوسف، أما مانع التأنيث فهو بدر صالح جعفر علي.



يبلغ بدر الحادية عشرة من العمر، يدرس في الصف الإعدادي الأول. سبق وشارك في مهرجان التسوق ومهرجان صيف دبي في العامين الماضيين، لكن تتميز مشاركته الحالية بأنها تعتمد النقل المباشر، لأول مرة.

ويتحدث عن صعوبة البث المباشر، إذ «يجب تدارك الخطأ بشكل سريع. كان الأمر صعباً في بداية الأمر، لكني اعتدت عليه لاحقاً». ويضيف: «أحياناً يكون النص مكتوباً في أوراق الإعداد، أو نضطر للارتجال أحياناً أخرى. كما أنه يجب أن نتابع ملاحظات المخرج من خلال سماعات الأذن، كأن يقول لي أتوقف عن الكلام بعد خمس ثوان حتى يتكلم مدهش».

بدأ بدر عمله في التقديم، من خلال مشاركته في مسابقة الإذاعة والتلفزيون، إذ احتل المرتبة الثانية، «بعدها شاركت في تقديم «عالم مدهش»، وكنا نعمل كمراسلين». ويبدو أنه اكتفى من هذه المهنة، إذ لا يبدي رغبة في هذا العمل مستقبلاً بقوله «لأني لا أحب البرامج التي تقدم اليوم». لكن، ألا ترغب بتقديم برنامجاً خاصاً مثلاً؟



يجيب: «ربما، أود أن أقدم برنامجاً عن السفر، فأزور أماكن مختلفة، وأعرف الناس عليها». لا تتأثر دراسة بدر بعمله التلفزيوني، بل قد يستفيد منها، كما يقول، من خلال إثراء مفرداته لاستعمالها في البرنامج. لكن يحصل التأخير حين يتقاطع وقت المهرجان مع فترة المدرسة، «وقد نتأخر في العودة إلى المنزل حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً، ما يؤدي إلى تأخري عن المدرسة قليلاً».

مريم وتجربتها الخامسة

رغم صغر سنها، إذ لا تتجاوز الإحدى عشرة سنة، إلا أن مريم خليفة المعلاّ، التي تدرس في الصف الأول الإعدادي، تعيش تجربتها الخامسة في التقديم. وتقول: «عملت مرتين سابقاً من مهرجان الصيف ومهرجان التسوق، وكنا نغطي تقارير من مراكز التسوق». وتستطرد: «كان عندنا حلقة اسمها «أين أنا»، ذهبنا خلالها إلى قصر الحصن ودار رعاية الأيتام في أبو ظبي، وكان على الناس الاتصال لمعرفة ما هو المكان الذي نزوره».

بدأت مريم التقديم من خلال مشاركتها في مسابقة إذاعة وتلفزيون دبي، حيث كانت قد فازت في فئة الخطابة عن إلقاء نص كتبته، فحازت على المركز الأول في المسابقة، على صعيد الدولة .



وكانت مشاركتها في برنامج الفائزين في مسابقة حمدان بن راشد آل مكتوم، بوابتها للعمل التلفزيوني، حين استضافها برنامج «الطالب المتميز» المباشر، للقاء معها، حول نيلها جائزة الشيخ حمدان للأداء الأكاديمي المتميز.

وعن اختلاف تقديمها الأول والرابع تقول: «في البداية كنت أصغر سناً، فلم يكن عمري يتجاوز الثماني سنوات. كنت أشعر ببعض الخوف والتوتر. لكني اعتدت بعدها على الكاميرات، والإضاءة، وقد وصلنا اليوم إلى مرحلة النجومية، ونبث على الهواء مباشرة». إذاً، تشعرين أنك نجمة؟ تجيب: «أنا في بداية النجومية، وأكون فخورة بنفسي حين يوقفني الناس في الشارع للتحية، أو لالتقاط الصور التذكارية».

وربما كان هذا الشعور بالنجومية المبكرة، هو السبب وراء اكتفاء مريم بالتقديم «كهواية، فأنا لا أطمح لأن أكون مذيعة. بل أنا أحب أن أكون عالمة فلك»، كما تقول بضحكة بريئة.



أمل ومئات الجوائز

تعمل أمل أحمد الصاروخ، ذات السنوات العشر في التقديم منذ ثلاث سنوات، بدأتها في القناة الاقتصادية لتلفزيون دبي، «حيث كنا نشارك في إعداد تقارير عن مفاجآت صيف دبي». وتعود اليوم لتغطية المهرجان، من خلال تقديم البرنامج المباشر وتحضير التقارير المسجلة.



تهوى أمل التقديم منذ صغرها، رغم استبعادها فكرة العمل في هذا المجال، وإن كانت تقف أمام المرآة، وأقول: «السلام عليكم، ومرحباً طلابنا الأعزاء»، كأني أقدم برنامجاً ما. تفاخر أمل بالجوائز التي حصدتها، وتقول: «حزت على أكثر من مئتي وخمسين شهادة.

وفزت بأكثر من خمسين مسابقة على مستوى الدولة، ليس في التقديم فقط، بل أيضاً في تلاوة القرآن الكريم، والخطابة والشعر» من هذه الجوائز، جائزة حمدان للأداء التعليمي المتميز، والدرع الذهبية على مستوى الوطن العربي، في مسابقة أفضل فيلم قصير تلفزيوني، إذ كانت الإماراتية الوحيدة.



تتدرب أمل وحدها لمسابقات الخطابة، لكنها تستعين بخبرات المدرسة في مسابقات القصة القصيرة، فتقول: «أكتب القصة، وأعرضها على المدرسة، فتصححها، ومن ثم أقدمها للمشاركة». وتتمحور قصصها عن الشمس والبحر والوطن، «وكتبت يوماً عن عذاب الفلسطينيين من الاحتلال الإسرائيلي».



ايناس والثقة الزائدة

ايناس صبيان، هي أكبر المقدمات سناً، بأربعة عشر عاماً، كما أنها الوحيدة غير الإماراتية من فريق التقديم. فهي من أب جزائري، وأم سورية، وتتابع دراستها في مدرسة لبنانية. فتستفيد من هذا التنوع في محاولة إتقان اللهجات المختلفة.



وتقول: «طلب منا تقديم البرنامج باللغة العربية الفصحى، وبعض الكلمات الخليجية، بما يتناسب مع الجمهور الذي يتوجه له». ولا تشكل قواعد الصرف والنحو مشكلة لها، «لأن والدي يدرسان اللغة العربية، كما أن المشاهدين لن يدققوا كثيراً».

عملت إيناس سابقاً، مع مسرح صيف دبي، في مراكز التسوق المختلفة، وتجد أن التقديم يتطلب من الشخص أن يكون واثقاً من نفسه «زيادة عن اللزوم، وهذا جيد، لكنه صعب في البداية».

أما أكثر ما تركز عليه أثناء التصوير، فهو أن «أركز قدر الإمكان على ما يقوله كل من المخرج، والطفل الذي أتحدث معه، لأني لا أريد أن أكون شاردة الذهن أثناء الحديث، لأنه يظهر مباشرة على الهواء».

وتتميز إيناس، في تعاملها مع المشاركين الذين تستضيفهم، بحسب أعمارهم، فتقول «فإذا كان أكبر مني في السن، أحاول أن أستوعب ما يقوله حتى لو كانت أموراً لا أفهمها. كما أحرص على أن يكون كلامي لائقاً ومهذباً. أما إذا كان أصغر مني، فأشعر أنه يكون غير مدرك لما يحدث من حوله. لذلك أحاول أن أبسط كلامي قدر الإمكان، حتى يفهم ما أقوله».



بثينة والورود

زينت بثينة يوسف، تبلغ من العمر اثنتي عشر عاماً، توجت رأسها في آخر يوم من مفاجآت الورود، بشريط من الورود الزهرية اللون، ساعدتها والدتها على تثبيتها. تساعدها والدتها، كذلك، في اختيار الثياب التي تظهر بها على الشاشة، «لأني قد أختار ألواناً غير متناسقة أحياناً».



بدأت بثينة التقديم منذ أربع سنوات، كالبقية، من خلال تقديم التقارير عن الفعاليات التي تجري في المراكز، واستطلاع رأي الناس. لكنها تعمل اليوم ضمن فريق، في برنامج مباشر، يساهم فيه تفاهمهن في تفادي أي أخطاء محتملة. وتقول: «أعتبر بقية المذيعات بمثابة أخواتي، ونحن مقربات جداً، ونحاول مساعدة بعضنا بعضاً، إذا أخطأت أي واحدة منا على الهواء، فتتداركها الأخرى مباشرة».



لكن يبدو أنه لم تكن قد اعتادت بعد على تلقي التوجيهات من المخرج عبر السماعة، في النقل المباشر، وتقول: «أذكر في بداية تقديمنا المباشر، قال لي المخرج شيئاً في السماعة، فأجبته على الهواء مباشرة، قبل أن أعتد على الوضع».تجد بثينة في التقديم إفادة وتسلية، «كما أتعرف على رفاق جدد. وأتمنى أن أكون مذيعة مستقبلاً، وأبقى عند حسن ظن الناس».

*البيان

التعليقات