زافين يفقد جرأته أمام ماريو المتحول إلى نانسي

زافين يفقد جرأته أمام ماريو المتحول إلى نانسي

غزة-دنيا الوطن

عودنا الاعلامي زافين قيومجيان على جرأة في الطرح ، وشجاعة في البحث عن اصول المشكلة أو القضية التي يتم تناولها في حلقات برنامجه الشهير والمثير "سيرة وانفتحت". الا انه في الحلقة الماضية لم يكن كما عهدناه. اذ بدا الطرح ناقصا من عدة عناصر هامة كان يمكن ان تبحث بشكل اعمق في الدوافع والاسباب الحقيقية لهوس الشاب ماريو بالعمليات التجميلية حتى وصل بعد عدة عمليات في الأنف، و نفخ الخدود والشفاة ليكون صورة طبق الأصل عن الفنانة نانسي عجرم.

ان يتجمل الرجل مسألة لم تعد غريبة ، فالكثير من نجوم السينما والمشاهير والاعلاميين او حتى الرجال العاديين يستعملون المكياج عند التصوير، او يخففون من شعر الوجه، ويحقنون وجوههم بالبوتوكس ، ولا يتورعون عن عمليات إزالة التجاعيد، او تغيير شكل الذقن او الأنف للوصول الى وجه اكمل واجمل واكثر اثارة.

ولأن زافين يدرك ان موضوع "عمليات التجميل العادية" بات مستهلكاً في البرامج الحوارية والاعلام المكتوب وسبق له ان ناقشه في حلقة سابقة من برنامجه، اختار هذه المرة نموذجاُ جديداً لم يتجمل فقط ولكنه استعار ملامح انثى.

ومن يتحول بشكله عن قصد ليتشبه برمز للجمال من جنس اخر غير جنسه، ويتقصع في مشيته، ويتدلع في حكيه، من الصعب ان تقتنع انه شاب ذو ميول جنسية اعتيادية، ولا بد من ان تطرأ على البال مسألة ان تكون له ميول جنسية مثلية، وتلك فرضية مرت ببال كل من شاهد التقرير المصور في بداية البرنامج.

وربما لو طرحت هذه الميول ونوقشت تاثيراتها على قرارات ماريو، كانت الحلقة ستكون في اطارها الصحيح بدلاً من ان يتخبط كل من زافين وضيوفه في حوار عمومي، ثلاثة ارباعه لم يكن متعلقاً بالمثال المطروح موضوع الحلقة. ولم نفهم هل نحن بصدد مناقشة حالة معينة غريبة وجديدة؟ ام نناقش عمليات التجميل بالمطلق؟

فالمسألة بديهية : الرجل ذو الميول العادية عندما يتجمل لن يحاول او يقلب مظهره الرجولي لمظهر انثوي.

ولكن عندما يتجمل الشاب ليغير ملامح وجهه ليشبه وجه امراة ويرتضي النتيجة، لابل يتفاخر بها، قد يكون لهذا الاختيار علاقة في رغبته بأن يتناسب شكله الجديد مع ميوله الجنسية، وعندها ستبدو دوافع هذا التصرف مفهومة، ومقبولة منطقياً ولا تعوم في فضاء الغرابة الذي خلقه زافين في الحلقة، فلا شيء في الدنيا يأتي من عبث او فراغ، ولكل فعل دوافعه، وردود فعله. ما طرح في الحلقة كان ردود فعل على فعل غابت التفسيرات لمبرراته ودوافعه وحلت محلها تكهنات.

واذا كان ماريو يمتلك الجرأة ليحول وجهه لوجه فتاة، لماذا لا يملك الجرأة ليعترف بماهيته؟ هل هو خوف من المجتمع؟ لا اظن فالمجتمع العربي في يومنا هذا بات يعج بالشباب الذي لم يعد يخشى من المجاهرة بميوله الجنسية المثلية، سواء من خلال مظهره او تصرفاته. بل على العكس، باتت لهم اماكنهم المعتادة المعروفة التي يرتادونها، وملابسهم التي تعبر عن هويتهم (Statement of Identity) وبتنا نشهد موجة فنية غنائية تقدم بعضهم نجوماً جماهيريين على شاشات التلفزة دون اي حرج.

وكان لا بد هنا ان نتساءل: لماذا كان زافين الذي عودنا على تخطي الخطوط الحمراء حذرا في طرحه وتجنب مناقشه ميول ماريو الجنسية حتى عندما اتصل طبيب نفسي من السعودية محاولا اثارة هذه النقطة!

ورد عليه بـ " لا دخل لنا مع مين بينام ماريو" ، علماً ان هذا الامر يمكن ان يكون دافعا اساسيا لكل هذه العمليات التحولية وليس التجميلية؟!

فهل كان هذا هو شرط ماريو لتصوير التقرير؟ وهل كان هذا سبب اكتفاء زافين بتقرير مصور ولم يتح لضيوفه او للجمهور الحديث المباشر معه وتوجيه اسئلتهم له؟ ولماذا نقبل بشرط كهذا من شاب سعى لان يضع وجهه الجديد على اغلفة المجلات؟

حتى لو اردنا ان نبرر ذلك بالرغبة بالمحافظة على خصوصياته لن نتمكن، لانه عندما سعى للنجومية مجاهراً ومفاخراً بوجهه الجديد جرد نفسه من هذه الخصوصية وترك العديد من علامات الإستفهام العالقة.

نحن ندرك جيداً ان المجتمع العربي لا يزال يعاني مأزقاً في طريقة تناول قضية مثليي الجنس، بسبب التعارض في وجهة نظر الدين ووجهة نظر مواثيق حقوق الاقليات العالمية التي لا تطبق في بلداننا، لكننا ندرك ايضاَ بأننا اذا "فتحنا سيرة " علينا ان نخوض في تفاصيلها ولا نعومها في منطقة غامضة تخلو من اي استناد واقعي للتحليل العلمي الذي طرح في الحلقة، فالشاب ليس "مجنوناً" وليس غريب الاطوار، انه عاقل جداً، ومدرك جداً لما يفعل وله دون شك اسباب منطقية لما فعل. لأنه لا يعقل ان يصرف كل هذه الأموال بهدف التسلية فقط، وهنا غاب عن التقرير المصور ، موقف اهله "الممولون لعملياته الجراحية ""التجميلية""" !!

الا تعتقد عزيزي زافين - حتى لو كنا سمعنا عن لسانك بان اهله موافقون على ما فعل- ان التعمق في مناقشة اهل هذا الشاب مسألة هامة كانت ستلقي الضوء بشكل اعمق على البيئة التي يعيش فيها ومستواه الاجتماعي وسبب موافقة ذويه على تبذير هذه الالوف على عمليات تمسخ ابنهم لشيء غير معروف؟!

لماذا نكتفي فقط بعرض صورة الفتى في تقرير مصور لا يقدم معلومة شافية، وسبق لنا وشاهدنا وجهه وقرأنا كل ما قاله على صفحات المجلات. اذا كانت كل هذه النقاط السابقة غائبة عن التقرير وعن النقاش ضمن سياق الحلقة؟؟!!

للأسف بدأت في ذروة من الاثارة لم تلبث ان خمدت وخيبت المشاهد، انه لأمر محير جداً ان تطرح حالة معينة ولا تفيها حقها من النقاش والبحث، ويبقى النقاش دائرا في حلقة مفرغة من التكهنات والاستنكار والرفض. فلم نستفد من وجود الخبيرة النفسية لانها لم تمتلك ما يمكنها من اعطاء راي دقيق، وجراح التجميل كان يبرر ويمارس حملة ترويجية للجراحات التجميلية، ولم نفهم سبب استضافة كاتبة في حلقة من هذا النوع ونوعية الاضافة التي يمكن ان تقدمها!!

ولا يسعنا بعد كل هذا سوى ان نقول بأن حلقة هذا الأسبوع من سيرة وانفتحت جاءت على غير العادة مسلوقة وخالية من التوابل.

التعليقات