فيلم نفرتيتي يحمل تلميحات صهيونية ويخترع تاريخا اسرائيليا للفراعنة

فيلم نفرتيتي يحمل تلميحات صهيونية ويخترع تاريخا اسرائيليا للفراعنة
غزة-دنيا الوطن

خلال الفترة القليلة القادمة ــ كما يبدو ــ سوف تندلع معركة شديدة الوطيس بين جهاز الرقابة الفنية برئاسة د. علي أبو شادي، وبين الهيئة العامة للآثار.. أو جهاز الآثار التابع أيضاً لوزارة الثقافة برئاسة د. زاهي حواس.

كثيرون ونحن معهم نري أن مبررات جهاز الآثار هي الأقوي، وهي في الغالب التي سوف تكون لها اليد العليا، خصوصاً إن كان الأمر يتعلق بعمل فني مستورد يلاحظ فيه العاملون أصابع الصهيونية أو علي الأقل الإسرائيلية للعب بتاريخ مصر القديم.

واضح أيضاً أنه منذ تحول المعارك للساحات الفنية والثقافية، لا زالت تلك الأصابع تحاول أن تلعب في الخفاء. ولم يعد ذلك مثيراً، لكن المثير أن يشرب بعض مسؤولينا الكأس المسمومة دون أن يدري أو يلتفت.

التفاصيل بدأت عندما تقدمت إحدي الشركات الأمريكية بطلب للإدارة المركزية للرقابة علي المصنفات الفنية للموافقة علي تصوير الفيلم العالمي الملكة نفرتيتي في مصر. مع ذلك تعهدت الشركة بدفع كافة الرسوم واستئجار كل عدد التصوير السينمائي واستخدام عمال مصريين ــ حسب القانون، وقدمت ـ كما يشيع البعض ـ الشركة نسخة من السيناريو للفيلم الذي وافق علي تصويره د. علي أبو شادي مدير الإدارة المركزية للرقابة علي المصنفات.

وبعد شهور من موافقة د. علي أبو شادي اكتشف بعض الأثريين أن القصة والسيناريو للفيلم الذي وافقت الرقابة علي تصويره في مصر مأخوذ عن الكاتب أحمد عثمان وهو من أصل مصري ويعيش في لندن منذ عشرين عاماً، ومعروف بالمخرف في دوائر الأثريين المصريين.

أرشيف أحمد عثمان يشير إلي أنه ليس دارساً للآثار المصرية ولا هو عالم أو خبير في بعض القضايا الشائكة والحساسة الخاصة ما يربط البعض بين التاريخ والدين. لكن كما يشير كثيرون من أساتذة الآثار المصريين يبدو أن احمد عثمان يتبني أفكاراً انتشرت في بعض الأوساط الإسرائيلية في العالم تفرد دلائل من شأنها الإقناع بأن ملوك الفراعنة المصريين (إخناتون والملكة تي وتوت عنخ أمون) كانوا عبرانيين إسرائيليين وهي نتيجة تصل في النهاية لعدة فرضيات حاولت جمعيات يهودية كبيرة الوصول إلي بعضها خلال الثلاثين عاماً الماضية، منها ـ علي سبيل المثال ـ أن الإسرائيليين هم بناة الأهرام، وأن عدداً كبيرا من الملوك الفراعنة الذين حكموا مصر ودخلوا معارك مع البلدان المجاورة كانوا.. إسرائيليين.

ورغم أن أحمد عثمان دافع عن فكرة وسيناريو فيلمه في مجلة روز اليوسف الأسبوعية التي قدمت وجهة نظر عثمان في مناقشتها للموضوع. إلا ان فكرة الموافقة علي تصوير الفيلم ظلت تؤرق الكثيرين من الأثريين الذين لا يعتقدون أن مثل تلك الأفكار يمكن أن توافق علي تصويرها علي الأراضي المصرية بواسطة جهاز الرقابة علي المصنفات.

وفي رأي د. محمد بكر رئيس هيئة الآثار الأسبق أن مثل تلك الأفكار منتشرة علي نطاق ضيق في العالم والربط بين التاريخ والدين وتفعيل فكرة إسرائيلية عن بعض ملوك الفراعنة موجودة أيضاً علي نطاق قليل حول العالم رغم عدم علميتها، ورغم مجافاتها للمنطق والبحث العلمي الذي يصرح به متخصصون في مصر أو علي مستوي العالم.

و يري د. بكر ان السماح بتصوير فيلم يخدم هذه الأغراض لن يكون متصوراً، علي الأقل في الأراضي المصرية .

وفيما يري بعض الأثريين أن موافقة جهاز مصري علي تصوير فيلم مثل فيلم نفرتيتي تعني موافقة حتمية علي تلك الأفكار فإن الفيلم نفسه يعرض أكثر من ذلك.

المؤلف أحمد عثمان يحاول التأكيد علي أن الكاهن الفرعوني القديم يوياهو أبو الملكة تي، أم الملك توت عنخ آمون وهي حفيدة النبي يعقوب أو إسرائيل عليه السلام.

ويري السيناريو أن توت عنخ آمون هو المسيح عليه السلام فيما الملك إخناتون هو النبي موسي ما يدخل معظم الأسر الحاكمة الفرعونية في زمرة ابناء إسرائيل وما يعني ايضاً أن أبناء إسرائيل حكموا مصر بدءاً من الكاهن يويا لفترات طويلة منذ عشرات السنين بعد ذلك!!

د. زاهر حواس أمين المجلس الأعلي للاثار يؤكد أن تحليلات مثل تلك لا ترقي لمستوي البحث، خصوصاً وانها تجافي المنطق العلمي، وليس لها سند أو دليل واحد. علي العكس لدي الأثريين أكثر من دليل علي عدم صحة ذلك. إضافة إلي أن د. زاهي يؤكد: ربما يمكن اعتبار ذلك الكلام نظرية قبل اكتشاف الرموز الفرعونية وحروف الكتابة وقبل اكتشاف المقابر الفرعونية والقطع والتماثيل والأواني والجداريات الفرعونية التي حلت كثيرا من ألغاز التاريخ المصري القديم .

التاريخ المصري القديم ــ في رأي د. زاهي ــ لم يعد مجهولاً كما كان منذ 50 عاماً أو يزيد. وفي تلك الفترة كانت هناك نقاط كثيرة مبهمة لافتقار العالم ذلك الوقت لعدة اكتشافات وطرق علمية تتيح معرفة أكبر للتاريخ، إضافة إلي أن حجم الآثار المدفونة وإمكانية تحليل رموزها وأبجديتها كانا إلي حد كبير غير ممكنين.. لكن الأمر تغير الآن.

يظل التساؤل حول كيفية موافقة جهاز الرقابة علي تصوير فيلم نفرتيتي ملفتاً للنظر لكن د. علي ابو شادي يؤكد أن طلب هيئة الآثار سيناريو الفيلم لعرضه علي لجنة عليا لتقييمه سوف يجاب بمجرد وصول السيناريو. ويؤكد أن أي رأي ممكن أن يناقش بخصوص الفيلم كما يري المتخصصون . لكن د. أبو شادي يشير من جهة أخري إلي أن طلبات تصوير الأفلام الأجنبية يجب أن تعالج بهدوء وعقلانية، خصوصاً وأن أفراداً كثيرين وشركات سينما عالمية لا تقتنع من الأساس بوجود رقابة علي الفن. وهو ما يجعل تلك الشركات تترك السوق المصرية للتعاقد مع الأسواق الأخري. المسألة ليست فقط خسائر مادية إنما قد تكون في بعض الأحيان سمعة غير ملائمة للحركة المصرية والعربية بشكل عام .

كلام د. علي أبو شادي ــ كما يري البعض ــ يحمل كثيراً من التفاصيل بين سطوره. وهي نفس التفاصيل التي يبدو منها أنها سوف تكون المسؤولة عن معركة حامية خلال أيام بسبب فيلم نفرتيتي !!

التعليقات