انطلاقة الجزيرة الثانية: شكل أجمل ومضمون أفضل

انطلاقة الجزيرة الثانية: شكل أجمل ومضمون أفضل
غزة-دنيا الوطن

بعد تسع سنوات من انطلاقتها الاولي عام 1991 تبدأ قناة الجزيرة الفضائية اليوم الاربعاء انطلاقتها الثانية. فكل شيء في الجزيرة سيكون اليوم جديدا، المبني والمكاتب والمعدات والتجهيزات، والخريطة البرامجية والتكنولوجية بكل تفاصيلها وتعقيداتها.

واذا كانت الجزيرة لم تهرم الي الدرجة التي يمكن ان نقول فيها انها قد اجرت عملية شد وجه ، فان التسارع المعلوماتي والتقني يفرض الملاحقة والمتابعة والمواكبة، فهناك سباق محموم علي الانتشار والتوسع، وهناك عيون ثاقبة لا تنام، وهناك مزاج المشاهد الذي يلتقط ويقيس ويعاني، ويعاقب ويكافئ. فهو يريد جرأة وموضوعية وعدم انحياز، ويغضب عندما يستشف ان فضائية ما تحابي دولة ما.

المشاهد يمكن ان يتسامح مع اي شيء عدا ان ترتبط الفضائيات بالانظمة، فهذا خط احمر اتقنت الجزيرة احترامه باحتراف، محافظة علي استقلالية عجز عنها الآخرون.

صحيح ان الجزيرة خرجت هذا اليوم بحلة جديدة شكلا ومضمونا، الا انها ابقت، كما اكد مديرها العام وضاح خنفر لـ القدس العربي ، علي سقف الحرية والحياد الاخباري الذي تعبت وضحت كثيرا للحفاظ عليه، ودفعت ثمن تمسكها بخطوطها الحمراء غاليا، وبالدم احيانا، كما حدث في العراق وافغانستان، وعوقبت وما زالت تعاقب، لانها تقدس الحقيقة وتقذف بها عارية امام ملايين المشاهدين.

ولان كل الاشياء تنفتح علي بعضها البعض في عالم الصحافة والاعلام، فان شكل الشاشة والبرامج التي اضيفت وتلك التي ألغيت او تم تعديلها، ظلت وستظل، كما يؤكد خنفر، تخدم الهدف الاساســي وهو تقديم الحقيقة في افضل طريقة ممكــــنة مع التمسك بسقف الحريات الي اقصي حدود ممكنة، وخصـــوصا فيما يتعلق بالملفات الساخنة او الشائكة التي يتهرب البعض من معالجتها لكثرة الالغام التي يجب التنقل بينها وصولا الي الامان.

مشاهدو الجزيرة اذن، علي موعد اليوم مع نقلة نوعية اخري في حياة القناة، تتزامن مع الانتقال الي غرفة اخبار جديدة قوامها كما قال بيان صادر عن القناة، تزاوج متناغم ما بين التصميم العصري العملي الجذاب وآخر ما تم التوصل اليه في ميدان تقنية المعلومات والبث المرئي.

ولعل اول ما يلفت انظار المشاهدين عودة كرة الماء التي ميزت الجزيرة منذ انطلاقتها الاولي، في خطوة ترمز الي التمسك بالجذور، لكن اللافت اكثر، القول و الستايل الحديث والمتناغم الذي يميز الشاشة خاصة مع شريط اخباري يمتزج فيه اللونان الذهبي والاحمر لاعطائه مسحة من الذوق الراقي.

وقد ركز وضاح خنفر علي الجو الحميمي الذي تبثه غرفة الاخبار في نفوس ضيوفها، وعلي وسائل مبتكرة لتمتين الصداقة بين المذيع والجمهور من خلال البرامج المستحدثة او المجددة.

وقال ان المرحلة الجديدة تأتي ثمرة اشهر من العمل الدؤوب، سواء من قبل القائمين علي الجزيرة او العاملين فيها، حيث انهمك الجميع في عمل لا يتوقف علي مدار الساعة، وكانت امامهم جزيرتان واحدة للبث الرسمي والاخري للبث التجريبي، وهي التي بدأت انطلاقتها اليوم.

اضافة الي تسخير الموارد الذاتية للجزيرة فقد تمت الاستعانة بالخبرات العالمية المتخصصة في صناعة الاعلام المرئي مثل توماس فاونديشن البريطانية، والشركتين الامريكيتين الرائدتين بي. دي. آي ديزاين و جاينت اوكتوبوس .

الشكل الاجمل والمضمون الافضل قد يكون اصدق تعبير عن الحلة الجديدة. لا بل هو التحدي الذي تستجيب له القناة من خلال برامج متجددة ودورة برامجية جديدة تشمل النشرات والبرامج معدة لتواكب متغيرات عالم لا يكل ولا يهدأ، وتلبية لاحتياجات جمهور ما فتيء يتسع ثقافة والماما. وتنكب قناة الجزيرة علي دورتها البرامجية الجديدة مسلحة كما كانت وستظل بأصالتها المعهودة وثوابتها المهنية ونهجها المعروف القائم علي مبدأ الرأي والرأي الآخر، ومسترشدة بما تجسده قناة الجزيرة من استقلالية واحتراف، متجهة بثقة نحو آفاق ارحب واوسع.

لعل اول ما يسترعي الانتباه في الحلة الجديدة هو الشكل المتجدد الذي سيكون قاعدة للمضمون الجديد، الذي سيسعي الي كسر الحواجز بين الاخبار والبرامج، بحيث سيلمس المشاهد شراكة وتفاعلا وتكاملا بينهما من خلال شاشة ديناميكية حيوية.

فقد تم استحداث ثلاث نشرات اخبارية اكثر رحابة مدة كل منها ساعتان تستوعب اخبارا لم تتسع لها النشرات القصيرة المعتادة والتي سوف تبقي تبث علي رأس الساعة. وسوف تتميز النشرات الموسعة بكونها اكثر حميمية في تفاعلها مع متطلبات المشاهد، اذ تركز، محتفية بالحياة علي تنوعها، علي الابعاد الانسانية المختلفة، ولن تكون محصورة في البرامج المتخصصة التي تهم شريحة دون غيرها.

وسوف تحتل النشرات الموسعة ثلاث فترات: الصباحية ، حيث تكون مستشرفة لاخبار اليوم واضعة المشاهد في موقع الشريك المطلع علي اجندة اليوم من خلال المعلومة والتحليل، و منتصف اليوم التي سيعايش المشاهد مضمونها متابعا لتطور الاخبار بصورة مباشرة اعتمادا علي شبكة المراسلين الواسعة، لا سيما وان هذا التوقيت عادة ما تكون اكثر الاخبار فيه في مرحلة التفاعل. اما نشرة الحصاد فستكون نواتها تجاوزا للمرئي الظاهر وصولا الي العمق والمغزي بتغليب الطابع التحليلي، مستعينة بضيوف مميزين من مسؤولين وخبراء وقادة رأي.

ومن اركان الدورة الجديدة ايضا مجموعة من البرامج والانتاجات التي روعي في اعدادها متطلبات العصر واحتياجات المشاهد، منها علي سبيل المثال لا الحصر برنامج ما وراء الخبر الذي يؤمن فرصة لالتقاط الانفاس بعد سباق شاق مع الاخبار. وسيجد فيه المشاهد معالجة معمقة بأناة وتوسع لقضايا قد تكون تاهت في الزحام والمعلومات. وسيعطي البرنامج فرصة للتمحيص في ملفات وقضايا شائكة ربما تضيق بها نشرات الاخبار.

ومن الباقة البرامجية ايضا خمسون حلقة اسبوعية للصحافي العربي الكبير محمد حسنين هيكل يسلط الاضواء فيها علي صفحات من التاريخ العربي المعاصر، مستعينا بكم قل مثيله من وثائقه وملفاته الخاصة سيفتحها امام المشاهد العربي لاول مرة. وتأتي هذه السلسلة تتمة منطقية لمجموعة من الحلقات التحليلية قدمها الاستاذ هيكل علي مدي عشر حلقات في الدورة البرامجية السابقة.

وتعزيزا للبعد الانساني والحضاري والثقافي للدورة البرامجية الجديدة، ستعرض الجزيرة برنامج اصدقاء العرب الذي سيعكس صورة دقيقة عن غربيين يعيشون بيننا ويتفاعلون مع المجتمعات العربية في مناحي الفن والعمارة والتاريخ. اما برنامج عرب امريكا اللاتينية فسيقدم صورة العربي المتفاعل والمساهم في ثقافة بعيدة عنه.

ولن تغيب الفقرات الثقافية والفكرية عن الدورة الجديدة بل ستعزز ممثلة ببرنامجين هما مسارات و دروب ، اضافة الي برنامج كواليس الذي يرصد القضايا الاعلامية وخفاياها، كما سيهتم برنامج آفاق بالسياحة، ويعني برنامج عالم التقنية بآخر مستجدات التقنية العالية في زوايا العالم الاربع.

*القدس العربي

التعليقات