كلام في الفساد..التعيينات على أساس الاستزلام بقلم:يوسف حجازي

لا تخوفوا السموات بالقبوات
كلام في الفساد
رسالة إلى من يهمه أمرنا...
كان النظام الاجتماعي في الإمبراطورية الرومانية قد بلغ منتهى الانحطاط والانهيار وأيضاً الانفصال بين ما تنادي به الفلسفات الرومانية، وهي بطبيعتها فلسفات منقولة عن الفلسفات اليونانية التي نبتت في ظل الوثنية، وبين المسيحية التي وجدت الحماية والعطف من الإمبراطور قسطنطين 306-337م، الذي لم يكن مسيحياً بل كان يؤمن بالمسيح وإله الشمس القهار، ويحتفظ لنفسه بلقب الكاهن الأعظم حين دعا إلى عقد مجمع نيقية عام 323م، لفض النزاع القائم بين المسيحيين حول حقيقة المسيح، والذي كان قد رتب مع بعض البطاركة والأساقفة أمر هذا المجمع بحيث يقررون ألوهية المسيح، أي إعادة صياغة الدين المسيحي وفق هواه، صياغة وثنية بحضور 2048 من البطاركة والأساقفة، في الوقت الذي احتفظ هو به لنفسه بالطبيعة المزدوجة الحواري الثالث عشر والكاهن الأعظم، مما يعني أن الروم لم تتنصر بل إن النصارى هي التي ترومت، وهذا يؤكد أن كل حال فكر، أو حال شيء، وكل فكره ، وكل حاله في العالم إنما تقود حتماً إلى نقيضها لتشكل كلاً متكاملاً أرفع وأشد تعقيداً.
وبهذا المنطق يكون الفساد حاله تملك في طبيعتها نفياً خاصاً بها يجعلها تتحول إلى حالة أخرى تنفي ذاتها وتقود إلى نقيضها أي الإصلاح، وبنفس المنطق أيضاً يتضح أن الحالة الأولى الفساد بنفيها الذاتي الخاص، والحالة الثانية الإصلاح بنفيها الذاتي الخاص كذلك، ليستا سوى مرحلتين لحالة ثالثة تشتمل على الحالتين الأولى والثانية أي الفساد والإصلاح، وترفعهما إلى وحدة أعلى، وهذا يعني أن الفساد والمفسدين لن ينتهوا، بل إن الإصلاح والمصلحين سوف يفسدون. لذلك يكون أي كلام عن إصلاح الفساد والمفسدين ليس سوى طحن في الهواء، وجعجعة بلا طحين، وإن، مؤتمرات محاربة الفساد ليست سوى مقبرة للإصلاح، لأن الفساد في الحقيقة هو فساد موجه بتخطيط شخصيات طبيعية واعتبارية فلسطينية وعربية ودولية، تعمل على صنع الفساد واستمراره، لأن ليس سياسة فطر ينمو تحت الأرض في الظلام، بل هو سياسة قرع ينمو فوق الأرض في ضوء الشمس وعلى عينك يا تاجر ويتطور أفقياً من خلال زيادة حجم اللوبي الذي يصنع الفساد من خلال شريحة متنفذة في المجتمع ورأسياً بزيادة إنتاجية الفرد من الفساد بسبب نقص التكوين العلمي والخبرة والكفاءة والتجربة والإنتماء الوطني والقومي والإنساني أو المصلحة، لذلك الفساد مسؤولية الجميع سلطة ومجلس تشريعي ومعارضة وأحزاب وفصائل ومجتمع مدني وخاصة دكاكين الدول المانحة، فاللوبي الذي يصنع الفساد مسؤول، والجهات التي تصدر الفساد من وزارات وإدارات السلطة مسؤولة، والمجلس التشريعي الذي يشرع الفساد مسؤول، والمجتمع المدني الذي يستهلك الفساد مسؤول، ومحاربة الفساد ولا أقول الإصلاح، لأن الفساد تجاوز مرحلة الإصلاح، ولأن الفئة التي تتحدث عن الإصلاح، وتحمل لواء الإصلاح ليست جادة، وليست مخلصة، لأنها مسؤولة عن صناعة الفساد، واستمراره، ولأن الإصلاح يتناقض مع مكاسبها ومصالحها وامتيازاتها، التنظيمية والحزبية والفصائلية والعائلية والإدارية والمالية والدبلوماسية والأمنية، ولذلك قامت نظرياتهم على أساس الفصل بين الفرد والمجتمع، وأقصوا روح التوازن بين الفرد والمجتمع، وروح التوازن بين الجماعات المختلفة، وتجاهلوا طبائع الأشياء، ووقعوا في أتون التطرف، الذي يتناقض مع النزعة الإنسانية التي تتجاوز في منطقها الفطري كل الفوارق السطحية العنصرية والجنسية والطبقية التي تهدم قواعد الحياة الاجتماعية التي تقوم على سعادة واستقرار وتقدم وتحرر المجتمع.
كما أنهم لم يكونوا في معالجتهم للفساد صادقين مخلصين لأنهم وتلك آفتهم الكبرى ذوو نزعة مادية محضة خالطت عقولهم ونفوسهم وصاغتها صياغة سيئة معقدة، نجم عنها مال جاءوا به من إهدار كامل للقيم الخلقية ولمثل العليا، وجحود تام لحقوق الإنسان وكرامته وتشويه خطير لفطرته الأصلية، لأن محاولتهم في الالتفاف على الإصلاح جاءت من نزعة شريرة ترمي إلى غايات سيئة كانت في حساباتهم، بل كانت هدف خططهم كلها، ولذلك من حق المجتمع وقد عرف هذه الحقيقة، وزوده التاريخ بشواهدها الكثيرة أن يقرر في غير تحفظ ولا تجاوز لمهمته الهادفة إلى الإصلاح أن هؤلاء هم أعداء المجتمع، وإلا ما معنى إصرارهم على صنع الفساد مع علمهم أنه يؤثر تأثيراً سلبياً على الانتماء الوطني، ويخلق حالة من الإحباط الاجتماعي التي تؤدي إلى فقدان الوزن والاتزان الاجتماعي وعدم التأثير على القرار السياسي أو تكريس الطائفية الوظيفية والكانتونات الوظيفية للقضاء على الوحدة الوطنية، وإلا ما معنى أن يكون هناك عدد من المدراء العامون في السلطة الوطنية أكثر من عدد المدراء العامون في الصين، مع الفارق في المؤهل والكفاءة والإدارية والأكاديمية، لأن أكثر من 90% من المدراء العامون في بلدنا لا يحملون شهادات جامعية، أو طلاب جامعيون فاشلون، أو حملة بكالوريا، أو حتى لا يحملون أي مؤهل إلا مؤهل كتاب التعيين.
وما معنى هذا الكم الهائل من مدراء النصب والنصاب واليانصيب والترضية، وهم في غالبيتهم الساحقة لا يحملون شهادات جامعية أو شهادات جامعية مزورة وحصلوا على هذه الدرجات الوظيفية على أرضية الاستزلام وليس على أرضية الكفاءة، وما معنى هذا الفرق الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الإدارة منذ عهد إدارة روما وحتى اليوم ولا سند له من القانون منذ عهد حمورابي وبركليز وشيشرون حتى اليوم، وهو علاوة المهنة التي قسمت المجتمع إلى كانتونات وظيفية، كانتون 205 للحقوقيين، كانتون 180 لوكلاء الوزارات، كانتون 160 للمدراء العامون للوزارات، كانتون140 للمدراء العامون في الوزارات، كانتون 120 لمدراء الدوائر.
والسؤال : لماذا وكيف ومن المستفيد ومن الضحية؟؟!
ولماذا هذه التعيينات على أساس الاستزلام وليس على أساس المؤهل والكفاءة؟؟
ولماذا هذا الكم الهائل من المدراء العامون والمدراء الغير مؤهلون أكاديمياً وإدارياً والذين يمكن وبالتأكيد يلعب بعضهم بوعي أو بدون وعي دور حبة الرمل التي يمكن أن توقف ماكينة بأكملها عن الدوران؟؟.
ولماذا هذا الاستنزاف للمالية في صرف رواتب لمن لا يستحقون على حساب من يستحقون؟
وكيف تمت هذه التعيينات في ظل غياب القانون الأساسي وقانون الخدمة المدنية؟؟.
من المستفيد من هذا الوضع؟؟ ومن ضحية هذا الوضع؟؟ وكيف يمكن أن تتحرر وتتطور أمة يقود جهازها الإداري أميون؟؟ وكيف يمكن الخروج من هذا المأزق على قاعدة (من له فليزاد ومن عليه فليأخذ منه) كما قال المسيح عليه السلام
يوسف حجازي
باحث في مركز التخطيط الفلسطيني
كلام في الفساد
رسالة إلى من يهمه أمرنا...
كان النظام الاجتماعي في الإمبراطورية الرومانية قد بلغ منتهى الانحطاط والانهيار وأيضاً الانفصال بين ما تنادي به الفلسفات الرومانية، وهي بطبيعتها فلسفات منقولة عن الفلسفات اليونانية التي نبتت في ظل الوثنية، وبين المسيحية التي وجدت الحماية والعطف من الإمبراطور قسطنطين 306-337م، الذي لم يكن مسيحياً بل كان يؤمن بالمسيح وإله الشمس القهار، ويحتفظ لنفسه بلقب الكاهن الأعظم حين دعا إلى عقد مجمع نيقية عام 323م، لفض النزاع القائم بين المسيحيين حول حقيقة المسيح، والذي كان قد رتب مع بعض البطاركة والأساقفة أمر هذا المجمع بحيث يقررون ألوهية المسيح، أي إعادة صياغة الدين المسيحي وفق هواه، صياغة وثنية بحضور 2048 من البطاركة والأساقفة، في الوقت الذي احتفظ هو به لنفسه بالطبيعة المزدوجة الحواري الثالث عشر والكاهن الأعظم، مما يعني أن الروم لم تتنصر بل إن النصارى هي التي ترومت، وهذا يؤكد أن كل حال فكر، أو حال شيء، وكل فكره ، وكل حاله في العالم إنما تقود حتماً إلى نقيضها لتشكل كلاً متكاملاً أرفع وأشد تعقيداً.
وبهذا المنطق يكون الفساد حاله تملك في طبيعتها نفياً خاصاً بها يجعلها تتحول إلى حالة أخرى تنفي ذاتها وتقود إلى نقيضها أي الإصلاح، وبنفس المنطق أيضاً يتضح أن الحالة الأولى الفساد بنفيها الذاتي الخاص، والحالة الثانية الإصلاح بنفيها الذاتي الخاص كذلك، ليستا سوى مرحلتين لحالة ثالثة تشتمل على الحالتين الأولى والثانية أي الفساد والإصلاح، وترفعهما إلى وحدة أعلى، وهذا يعني أن الفساد والمفسدين لن ينتهوا، بل إن الإصلاح والمصلحين سوف يفسدون. لذلك يكون أي كلام عن إصلاح الفساد والمفسدين ليس سوى طحن في الهواء، وجعجعة بلا طحين، وإن، مؤتمرات محاربة الفساد ليست سوى مقبرة للإصلاح، لأن الفساد في الحقيقة هو فساد موجه بتخطيط شخصيات طبيعية واعتبارية فلسطينية وعربية ودولية، تعمل على صنع الفساد واستمراره، لأن ليس سياسة فطر ينمو تحت الأرض في الظلام، بل هو سياسة قرع ينمو فوق الأرض في ضوء الشمس وعلى عينك يا تاجر ويتطور أفقياً من خلال زيادة حجم اللوبي الذي يصنع الفساد من خلال شريحة متنفذة في المجتمع ورأسياً بزيادة إنتاجية الفرد من الفساد بسبب نقص التكوين العلمي والخبرة والكفاءة والتجربة والإنتماء الوطني والقومي والإنساني أو المصلحة، لذلك الفساد مسؤولية الجميع سلطة ومجلس تشريعي ومعارضة وأحزاب وفصائل ومجتمع مدني وخاصة دكاكين الدول المانحة، فاللوبي الذي يصنع الفساد مسؤول، والجهات التي تصدر الفساد من وزارات وإدارات السلطة مسؤولة، والمجلس التشريعي الذي يشرع الفساد مسؤول، والمجتمع المدني الذي يستهلك الفساد مسؤول، ومحاربة الفساد ولا أقول الإصلاح، لأن الفساد تجاوز مرحلة الإصلاح، ولأن الفئة التي تتحدث عن الإصلاح، وتحمل لواء الإصلاح ليست جادة، وليست مخلصة، لأنها مسؤولة عن صناعة الفساد، واستمراره، ولأن الإصلاح يتناقض مع مكاسبها ومصالحها وامتيازاتها، التنظيمية والحزبية والفصائلية والعائلية والإدارية والمالية والدبلوماسية والأمنية، ولذلك قامت نظرياتهم على أساس الفصل بين الفرد والمجتمع، وأقصوا روح التوازن بين الفرد والمجتمع، وروح التوازن بين الجماعات المختلفة، وتجاهلوا طبائع الأشياء، ووقعوا في أتون التطرف، الذي يتناقض مع النزعة الإنسانية التي تتجاوز في منطقها الفطري كل الفوارق السطحية العنصرية والجنسية والطبقية التي تهدم قواعد الحياة الاجتماعية التي تقوم على سعادة واستقرار وتقدم وتحرر المجتمع.
كما أنهم لم يكونوا في معالجتهم للفساد صادقين مخلصين لأنهم وتلك آفتهم الكبرى ذوو نزعة مادية محضة خالطت عقولهم ونفوسهم وصاغتها صياغة سيئة معقدة، نجم عنها مال جاءوا به من إهدار كامل للقيم الخلقية ولمثل العليا، وجحود تام لحقوق الإنسان وكرامته وتشويه خطير لفطرته الأصلية، لأن محاولتهم في الالتفاف على الإصلاح جاءت من نزعة شريرة ترمي إلى غايات سيئة كانت في حساباتهم، بل كانت هدف خططهم كلها، ولذلك من حق المجتمع وقد عرف هذه الحقيقة، وزوده التاريخ بشواهدها الكثيرة أن يقرر في غير تحفظ ولا تجاوز لمهمته الهادفة إلى الإصلاح أن هؤلاء هم أعداء المجتمع، وإلا ما معنى إصرارهم على صنع الفساد مع علمهم أنه يؤثر تأثيراً سلبياً على الانتماء الوطني، ويخلق حالة من الإحباط الاجتماعي التي تؤدي إلى فقدان الوزن والاتزان الاجتماعي وعدم التأثير على القرار السياسي أو تكريس الطائفية الوظيفية والكانتونات الوظيفية للقضاء على الوحدة الوطنية، وإلا ما معنى أن يكون هناك عدد من المدراء العامون في السلطة الوطنية أكثر من عدد المدراء العامون في الصين، مع الفارق في المؤهل والكفاءة والإدارية والأكاديمية، لأن أكثر من 90% من المدراء العامون في بلدنا لا يحملون شهادات جامعية، أو طلاب جامعيون فاشلون، أو حملة بكالوريا، أو حتى لا يحملون أي مؤهل إلا مؤهل كتاب التعيين.
وما معنى هذا الكم الهائل من مدراء النصب والنصاب واليانصيب والترضية، وهم في غالبيتهم الساحقة لا يحملون شهادات جامعية أو شهادات جامعية مزورة وحصلوا على هذه الدرجات الوظيفية على أرضية الاستزلام وليس على أرضية الكفاءة، وما معنى هذا الفرق الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الإدارة منذ عهد إدارة روما وحتى اليوم ولا سند له من القانون منذ عهد حمورابي وبركليز وشيشرون حتى اليوم، وهو علاوة المهنة التي قسمت المجتمع إلى كانتونات وظيفية، كانتون 205 للحقوقيين، كانتون 180 لوكلاء الوزارات، كانتون 160 للمدراء العامون للوزارات، كانتون140 للمدراء العامون في الوزارات، كانتون 120 لمدراء الدوائر.
والسؤال : لماذا وكيف ومن المستفيد ومن الضحية؟؟!
ولماذا هذه التعيينات على أساس الاستزلام وليس على أساس المؤهل والكفاءة؟؟
ولماذا هذا الكم الهائل من المدراء العامون والمدراء الغير مؤهلون أكاديمياً وإدارياً والذين يمكن وبالتأكيد يلعب بعضهم بوعي أو بدون وعي دور حبة الرمل التي يمكن أن توقف ماكينة بأكملها عن الدوران؟؟.
ولماذا هذا الاستنزاف للمالية في صرف رواتب لمن لا يستحقون على حساب من يستحقون؟
وكيف تمت هذه التعيينات في ظل غياب القانون الأساسي وقانون الخدمة المدنية؟؟.
من المستفيد من هذا الوضع؟؟ ومن ضحية هذا الوضع؟؟ وكيف يمكن أن تتحرر وتتطور أمة يقود جهازها الإداري أميون؟؟ وكيف يمكن الخروج من هذا المأزق على قاعدة (من له فليزاد ومن عليه فليأخذ منه) كما قال المسيح عليه السلام
يوسف حجازي
باحث في مركز التخطيط الفلسطيني
التعليقات