التحقيق في وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات:الرئيس مات مسموماً ولكن ليس عن طريق الطعام

التحقيق في وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات:الرئيس مات مسموماً ولكن ليس عن طريق الطعام
غزة-دنيا الوطن

اسم البرنامج: العين الثالثة-فضائية العربية

مقدم البرنامج: أحمد عبد الله

تاريخ الحلقة: السبت 4/6/2005

أحمد عبد الله: مشاهدينا الكرام أهلاً بكم في حلقةٍِ جديدةٍ من العين الثالثة.

عندما تعرض خالد مشعل القيادي في حركة حماس إلى محاولة اغتيالٍ في الأردن على يد عملاء إسرائيليين تدخل الراحل الملك حسين، وبالفعل أُرسل الترياق المضاد للسم وأُنقذت حياة خالد مشعل، هذه حقيقة وليست قصة بوليسية.

فلكـل داءٍ دواءٌ عند عالمـه من لم يكن عالماً لم يدرِ ما الداءُ

كما قال الشاعر العباسي أبو العتاهية.

عندما مات الرئيس عرفات كثُر الجدل حول وفاته، أربعة فرقٍ طبية من تونس ومصر والأردن وفلسطين ومستشفىً فرنسي من أفضل مستشفيات العالم لم يتمكنوا جميعاً من تشخيص مرضه بشكلٍ واضحٍ وصريح، التلفزيون الإسرائيلي كان أول من أعلن موته دماغياً قبل حوالي أسبوعٍ من وفاته رسمياً، ثم دخلت وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة في صراعٍ مع التصريحات الرسمية الفلسطينية بخصوص الإعلان عن وفاته.

رئيس وزراء لوكسمبورغ أعلن عن وفاة عرفات قبل إعلانها رسمياً، وعندما سُئل عن مصدره قال: مصادر إسرائيلية، الرئيس الأميركي أيضاً قدم تعازيه في عرفات قبل وفاته رسمياً، صحيح الأعمار بيد الله ولكن ألم يكن عجيباً غريباً أن يُطوى ملف زعيمٍ كرّس حياته للقضية الفلسطينية مهما اختلف معه البعض؟

العين الثالثة التقت من وافق على لقائها من المسؤولين وحاولت الحصول على معلوماتٍ ممن ترددوا في الحديث علناً عن أبو عمار، تعالوا نتابع معاً.

يبدأ البرنامج بالصور الأخيرة للراحل ياسر عرفات.

أحمد عبد الله: هكذا كان الوداع الأخير، من رام الله إلى عمان إلى باريس كانت رحلته الأخيرة، رُفع عنه الحصار ليقع أسير المرض ولكن أيُّ مرض؟ لا أحد يعرف على الأقل حتى الآن، رحل عرفات إلى باريس ليعود محمولاً على الأعناق لكنه هذه المرة كان جسداً بلا روح، ناضل من أجل دولة وصار صاب قوسين أو أدنى، ثم أضحى حلمه بعيداً بعيداً بعيد المنال حتى ثرى القدس لم يكن له فيه قدرٌ ولا نصيب.

الرئيس الراحل ياسر عرفات: "ليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبّروا ما علوْا تتبيراً.." "إن الله لا يخلف وعداً.. إن الله لا يخلف وعداً".

الرئيس الراحل عرفات بصوت عالٍ: على القدس رايحين..

شباب فلسطينيين يرددون خلفه: على القدس رايحين..

الرئيس عرفات: شهداء بالملايين..

الشباب الفلسطيني: شهداء بالملايين..

أحمد عبد الله: حروبٌ وصراعاتٌ ومطاردات، من الأردن إلى لبنان إلى تونس لسنوات وسنوات ولكن في كل مرة وكأنه يتحدى القدر ينجو من الموت بأعجوبة.

سقطت طائرته في الصحراء الليبية عام 1992، تحطمت الطائرة وخرج منها بجروحٍ طفيفة.

الرئيس الراحل ياسر عرفات: القدس هي عاصمة دولة فلسطين، شاء من شاء وأبى من أبى واللي مش عاجبه يشرب من بحر غزة.

أحمد عبد الله: بداية النهاية لرجلٍ طالما أبقاه القدر حياً هكذا يقولون، عاد عرفات من كامب ديفيد ليُحاسَب أميركياً ويُحاصر إسرائيلياً وينتظر مصيره المجهول في مقاطعته برام الله، ألم يكن قادراً على الخروج من كامب ديفيد باتفاقٍ يضمن حليفاً أميركياً وشريكاً إسرائيلياً يحول مقاطعته المتواضعة إلى قصرٍ رئاسي ويرفع عنه الحصار؟ هكذا يتساءل البعض، لكنه آثر حب شعبه وترك التاريخ يحكم ليستمر بقوةٍ وصلابة على مبادئه التي لطالما ناضل من أجلها سنوات عمره كلها كما يقول المقربون إليه.

أمتارٌ تبعده عن الدبابات والصواريخ والرشاشات الإسرائيلية، قصفٌ عنيفٌ وحصارٌ ليلاً نهاراً وهو يزداد صلابةً وعناداً، هكذا كان أبو عمار كما يعرفونه هنا.

الرئيس المرحوم ياسر عرفات: هذا شعب الجبارين، الشعب الصامد أمام هذه العنصرية وهذا الإرهاب وهذا العدوان بكل أنواع الأسلحة الأميركية، وهذا الشعب أقول لهم: معاً وسوياً حتى يرفع شبلٌ من أشبالنا أو زهرةٌ من زهراتنا علم فلسطين فوق أسوار القدس ومآذن القدس وكنائس القدس.

أحمد عبد الله: هل دفع عرفات حياته ثمناًً لتمسكه بالثوابت الفلسطينية؟ كيف عاش أيامه الأخيرة؟ وهل حقاً مات مسموماً؟ أسئلةٌ كثيرة تجول في خاطري وأنا في طريقي إلى المقاطعة في مدينة رام الله، ولأول مرة في محاولةٍ لفتح ملفٍ طوي سريعاً أو على الأقل هكذا يبدو.

الرئيس مات مسموماً ولكن ليس عن طريق الطعام

أحمد عبد الله في المقاطعة برام الله:

في هذا المكان المتواضع المعروف بالمقاطعة في رام الله عاش الرئيس الراحل ياسر عرفات، ضيّق الإسرائيليون عليه الحصار ورفض الأميركيون معه الحوار فانفض من حوله الكثيرون وأخذ يشعر بالعزلة والاكتئاب كما يقول بعض المقربين إليه، فهل هو الإكتئاب الذي أودى بحياة أبو عمار؟ أم أن هناك من عجّل بموته لأهدافٍ لا تخفى على أحد؟ أم أنه لا هذا ولا ذاك بل هي سنوات الكفاح والأرق والعمل المتواصل هي التي نالت منه فرحل عن عالمنا هذا؟

المقدم منير الزعبي رافق الرئيس الراحل عرفات منذ عام 1979 أي قرابة ربع قرن، تدرج معه في المناصب حتى أصبح نائب مسؤول الحرس قبل وفاته، وافق على الحديث معنا لنقترب أكثر وأكثر من اللحظات الأخيرة في أيام عرفات، المقدم منير وهو الساهر الأمين على خدمته نهاراً وليلاً أكد على أن الرئيس قد مات مسموماً، لكنه استبعد السم عن طريق الطعام.

المقدم منير الزعبي: أنا هاي بنستبعدها لأنو الناس بفكروا إنه الأكل بيجينا إذا أبو عمار خصوصي الطبق هادا جاي للأخ أبو عمار، إحنا ما فيش عنا هذا الإشي، فيش هادا طبق بيجي خصوصي للأخ أبو عمار، إحنا بناكل من أي طبق بيجي للأخ أبو عمار أو من أي أكل بيجي للأخ أبو عمار قبله بساعة وساعتين، أنا واحد من الناس وفي زملاء كتير إلي فيش هدية بتيجي للأخ أبو عمار كنا بنفتحها وبناكل منها قبل ما تصله.

أحمد عبد الله: إذاً إنتو بالنسبة للطعام فلا يمكن أن يكون أبو عمار مات مسموماً؟

المقدم منير الزعبي: أنا بستبعد، إذا مسموماً.. مسموماً بمواد حديثة ومتطورة جداً وليست مباشرة، مش مباشر، مش سم مباشر.

أحمد عبد الله: آه لا بد أن يكون..

المقدم منير الزعبي: إما من الأشخاص اللي في نوعية سم متطورة جداً، يعني سلّم على الرئيس بإيده مسمومة أو واحد من اللي ببوسوه ممسوح بمادة إذا بهالشكل.. بالطريقة هاي في سموم تنقل وفي سموم متطورة بتنقل ممكن هذا الشي، أو بأشعة الليزر، يعني أبو عمار لما كان يمشي هون كان الجيش الإسرائيلي.. نكون مكشوفين في بعض المناطق، هاي مستعمرة، أبو عمار لما كان يوقف كان يوقف هون، بالإضافة إنه كانت الطائرات أحياناً..

أحمد عبد الله: بس تسمم.. مزبوط بس الليزر كان يصيب ممكن يعني إنتو معاه معظم الوقت يعني مش استهداف شخصي؟

المقدم منير الزعبي: لأ الليزر لما بحدد الشخص نفسه بيصيبه، أنا كنت بباريس لما راح الرئيس على المستشفى في طبيب فرنسي شرح إلنا شغلة يعني دخلت المخ: إنه إذا أبو عمار، فرضية إذا أبو عمار قُتل بتسمم فقال الاحتمالات إصابته بتسمم عن طريق إصابته بأشعة الليزر إما عن طريق الصحفيين أو كاميرا تلفزيون بتبث فيها مادة أو جهاز ببث أشعة ليزر، لما كان أبو عمار في مقابلة صحفية والكاميرا تقعد ساعة ونص ساعة وتصور فيه والكاميرا مسلطة عليه إذا كانت هذه الكاميرا بتبث إشعاع.. أشعة ممكن تكون بهذه النتيجة، ممكن أُصيب من هذا.

أحمد عبد الله: اصطحبنا المقدم منير إلى دهاليز المقاطعة ومكاتبها حيث كان يعيش الرئيس الراحل آخر سنواته تحت الحصار.

المقدم منير الزعبي: هذا المكتب اللي كان فيه الأخ أبو عمار الثلاث سنوات الأخيرة.

أحمد عبد الله: يعني هذه أول..

المقدم منير الزعبي: لغاية ما استشهد، كان يداوم هون، هاي أول مرة بنفتحه للصحافة، هذا مكتب الأخ أبو عمار وهذا الكرسي اللي كان يقعد عليه.

أحمد عبد الله: كانت دايماً هذه الأشياء عنده؟

المقدم منير الزعبي: هذه الأشياء كانت دايماً عنده، دايماً موجودة، ممنوع فينا واحد يحرّك شيء من مكانه.

أحمد عبد الله: يعني نفس الأشياء كما وضعت..

المقدم منير الزعبي: هو إذا حط شيء معين.. حط هذه هون إحنا ممنوع نيجي نحط هاي بالشكل هذا، خلص حطها هون بضل في مكانها، ما بحبش واحد يلعب بحاجياته، حتى الأقلام لما يخلّص القلم تاعه كان يحفظه هون، يحفظ القلم هون، يحطه هون..

أحمد عبد الله: مجموعة أقلام كثيرة.

المقدم منير الزعبي: هاي مجموع أقلام، القلم اللي بخلص ما يكبه أو يعطينا ياه يقول جيبوا لي قلم جديد يحط القلم اللي استعمله هون، فشوف كمية هاي الأقلام، هاي استعملها بالسنتين الآخرات، لما يكون في حصار قوي، في هجوم إسرائيلي على المقاطعة كان ينام ويجتمع في هذا المكان، وكان معه ينام أربعة، يعني كان في..

أحمد عبد الله: مين الأربعة اللي كانوا؟

المقدم منير الزعبي: كان وزير المالية سلام فياض، وكان ينام هاني الحسن وكان ينام نبيل أبو ردينة والأخ أبو عمار على الأربع زوايا، كل زاوية يحطوا فيها فرشة ويناموا فيها.

أحمد عبد الله: المقدم منير كان أول شاهد عيان على مرض عرفات الأول قبل عامٍ من وفاته.

المقدم منير الزعبي: المرض بلّش عند الرئيس من سنة تقريباً، كان فيه وفد عنا جاي من سلفيت، حوالي 1000 امرأة فنزل الرئيس استقبلهم تحت على البوابة الرئيسية تحت، فكان عشان جايين من مسافة بعيدة اقترح عليه الأخ هاني الحسن إنه.. الأخ الطيب عبد الرحيم إنه شو رايك أخ أبو عمار يجوا يسلموا عليك فوق في القاعة؟ قال يطلعوا على القاعة اللي فوق، فطلعوا على القاعة، فوقف الرئيس على جنب وصار الناس يمروا عليه ويسلموا عليه واحد ورا التاني، إحنا كنا نحكي لشبابنا.. نوقف واحد من شبابنا يعني على بعد 3 متر من طابور الناس نقول له إحكِ للناس هاي سلّم بالإيد بدون بوس، يعني عندك 1000 واحد إذا بده يبوس بترهقه، فكان بنحط واحد من شبابنا يحكي للناس يسلموا من غير بوس، فأنا كنت واقف ورا الرئيس، فالرئيس أنا شعرت إنه سكّر فمه عمل هيك وبعدين مشي الرئيس يدور على شغلة في القاعة اللي فوق وإذا هو ماشي طالع خارج القاعة لقى منفظة السجائر اللي بتكون في الزاوية ولا هو بستفرغ، بيراجع.. أنا اطلعت على الاستفراغ تاعه كان لونه غريب قريب على اللون البرتقالي وتعب الختيار، طبعاً هاي الشغلة ما كان حدا يعرف فيها، انزلت من القاهرة لعمان ولا مطلّع واحد من الإخوان ماخد عينات من الدم والبول والبراز على أساس يوديها على باريس، وفوراً ما حدش عرف في هذا الموضوع، أنا.. الدكتور عمر فقط أخذ المواد وبعثوا لي ياها على عمان وأنا أطلعت فيها من عمان إلى باريس سلّمتها للأخت سهى، وسهى ودتها على المستشفى الأميركي، بعد سنة على نفس الموعد بدأت مرضته الأخيرة بعد سنة..

أحمد عبد الله: بنفس السبب.

المقدم منير الزعبي: بنفس الطريقة، نفس الأعراض ولكن زادت بقوة.

أحمد عبد الله: طلبنا لقاء الأطباء في مستشفى فيرسي لكن الملف قد أُغلق بوفاة عرفات، هكذا قيل لنا بسبب القانون الفرنسي الذي يحمي الخصوصية لدرجة السرية حتى لو كان المريض رئيساً، وتبقى فرنسا تحمل أسرار وفاة رمز القضية الفلسطينية عرفات، فهل ترجح كفة المؤامرة بأن عرفات قد مات مسموماً؟ وهل من دليل؟

توجهت بهذه الأسئلة إلى مستشفى رام الله فمن يملك الإجابة على هذه الأسئلة أكثر من أطبائه الشخصيين؟ بعد اعتذارات متكررة من فريق الأطباء الفلسطينيين قررت الذهاب إلى المستشفى في محاولةٍ منا للقاء أحد أعضاء الفريق لنسمع منه إجابةً ولو عن سؤال واحد: لماذا لم يتمكن الأطباء من تشخيص مرضه؟ لكن الرد جاء قاسياً.

دكتور محمد البترواي لو سمحت..

د. محمد البتراوي: لو سمحت.. الأخ قاعد بصور ما بصير الكلام هذا.

د. دقة أكد أن موت عرفات لم يكن طبيعياً

أحمد عبد الله: الدكتور البترواي رفض الحديث معنا وطلب أن لا نتحدث باسمه وأن نلتقي رئيس الفريق الطبي دكتور عمر دقة الذي كان قد رفض أيضاً الحديث معنا، لكن الصدفة وحدها هي التي ألقت بنا في طريقه وبكثيرٍ من الضغط من قِبل أمين عام الرئاسة الفلسطينية وافق أخيراً ولأول مرة يتحدث فيها إلى الإعلام، وافق على لقائنا شريطة أن لا يطول اللقاء عن دقيقةٍ واحدة، التقيناه في عيادة المقاطعة المتواضعة التي كان يتردد عليها الرئيس الراحل، دكتور عمر كان يرافقه لحظةً بلحظة خاصةً في أيام مرضه.

د. عمر دقة: هي الأعراض اللي كانت عنده سواءاً بالمرضة الأولى أو بالمرضة التانية خلال سنتين نفس أعراض الإنفلونزا الحادة، الفارق الوحيد في المرضة الثانية اللي هي طالت الفترة الزمنية أطول إضافةً إلى نزول عدد الصفائح الدموية بشكل ملحوظ الذي لم نجد له مبرراً، يعني احتمالات.. عدة احتمالات هناك منها ممكن الالتهابات الفيروسية تعمل بإنقاص عدد الصفائح الدموية، هلأ هذا سبب من الأسباب، هناك أسباب ثانية، في حوالي ثلاثة أسباب أخرى، انعملت كافة الفحوصات ولم.. وبعدين هناك شيء في الطب معروف علمياً أن هناك في الطب أسباب غير معروفة.

أحمد عبد الله: حضرتك بتستبعد أن يكون هناك سماً من نوع ما أو شيئاً معين مثلاً؟

د. عمر دقة: هناك شيء غير طبيعي، غير طبيعي، غير معروف إيش هوّ، مرض لحدّ الآن لم يُكتشف، شي لم يُكتشف..

أحمد عبد الله: يعني تظل هناك علامة استفهام؟

د. عمر دقة: يعني وكما تعرف هناك لجنة لحدّ الآن تباشر مهامها وتبحث وتتصل وإن شاء الله إنه يكون ينعرف السبب، يعني على الأقل أن يكون لمصلحة الناس ويرتاح الشعب الفلسطيني ويرتاح الشعب العربي ويكون فيه أمل للناس التانيين إذا أصيبوا بهذا الشيء إنه يجدوا علاج إله.

أحمد عبد الله: ودعنا الدكتور عمر الذي تحدث معنا على مضض ولم يرغب في الكشف عن أية تفاصيل أخرى.

أحمد عبد الله: بضع مئاتٍ من الكيلومترات بعيداً عن رام الله تقع عيادة طبيب عرفات الخاص الذي أشرف على علاجه 25 عاماً، في عيادته بالعاصمة الأردنية عمان التقينا الدكتور أشرف الكردي الذي أعلنها صراحةً بأن ظروف وفاة عرفات تبعث على الشكّ والريبة، بل أنه لا يستبعد إصابته بفيروس نقص المناعة كتمويهٍ عن السمّ الحقيقي.

د. أشرف الكردي (طبيب عرفات الخاص): شاركني الفريق الطبي التونسي والمصري والفلسطيني إنه في هنالك شيء غامض عند الرئيس عرفات إما أن يكون تسمم أو إما أن يكون نقص مناعة، لأنه زيّ ما حكيت لك طب الأعصاب زيّ الرياضيات 1+1 يساوي 2، استبعدنا الحالات الأخرى اللي ممكن إنها تسبب نقص المناعة وبقي هذول الاثنين، فلازم يكون واحد من هذول الاثنين أو يكون اثنينهم مع بعض، هاي الحقيقة يعني، هاي القناعة جاي من هون، اتركك إني أنا مرحتش معاه وما شفتش الفرنساويين ولا كذا ولا شي، أنا بحكيلك من وجهة نظر طبية بحتة هذا اللي صار.

أحمد عبد الله: يعني فريق الأطباء المصري والتونسي ذكروا كلمة تسمّم؟

د. أشرف الكردي: كنا مع بعض قاعدين، كنا مع بعض مجتمعين، وعلى هذا الأساس أخذت رئيس الفريق المصري ورئيس الفريق التونسي والفلسطيني وذهبنا إلى ياسر عرفات وأخبرناه إنو حالتك بحاجة إلى فحوصات دقيقة، وبحاجة إلى السفر إلى الخارج، وكان عندنا قناعات إحنا إنه سفره إلى الخارج إما أن يكون هنالك فيروس، أو يكون هنالك تسمم، أو اثنيناتهم مع بعض، أو واحد يغطي على الثاني.

أحمد عبد الله: ما هو الدليل يا دكتور؟ يعني لو أحد سألك هل لديك وثائق أو أدلة على تسمّم أبو عمار؟

د. أشرف الكردي: يا سيدي الناحية الأولى: الناحية السريرية وتطور سير مرضه، وأنا خبّرتك إنه كان عنده نقص بالصفائح الدموية، ونقص الصفائح الدموية إلها عدة أسباب معظم هذه الأسباب عرفنا أنها غير موجودة، وبقي اثنان إما نقص المناعة ناتجة عن فيروس وإما عبارة عن تسمم، يعني بدهاش كثير فصاحة أوكثير شطارة لأنه الطب ولا سيما طب الأعصاب مثل الرياضيات 1+1 يساوي 2، فـ.. وطلع إشاعات كثيرة على الفيروس وعلى نوعية الفيروس وإلى آخره، وطلع إشاعات وكلام كثير عن التسمم، لكن أنا قناعتي أول شيء كنتيجة لهاي الفحوصات، والشيء الثاني كنتيجة لتطور المرض، وكنتيجة لهذا النقص المفاجىء في وزنه والبقع الحمراء اللي طلعت على.. اللي كانت ظاهرة على جلده، كل هاي تدل.. والسيرة المرضية كلها تدل على أن هنالك كان فيه تسمم، وتسمم حاد، بعدين سألت عدة أسئلة إنه أنا أريد كل الفحوصات التي أُجرِيت له، الشيء الثاني: التشخيص، الشيء الثالث: سبب الوفاة، الشيء الرابع: إذا لم يُعرف سبب الوفاة يجب تشريح الجثة، طبعاً ما صار ولا أي شيء من الأشياء اللي أنا طلبتها، وبعديها انتقل إلى القاهرة ومن ثم إلى رام الله، وطلبت من المسؤولين الفلسطينيين أن يشرّحوا الجثة فكان الجواب بالنفي، وذهب سرّه معه، في الحقيقة أنا أستُدْعيت إله في اليوم السابع عشر من إعلان مرضه، ولم أُستدعَ من اليوم الأول، علماً بأن سابقاً كان لأي عارض بسيط كنت.. كانوا يستدعوني وأكون عنده في خلال ساعات، لكن هذه المرة رغم شدّة المرض اللي كانت عنده ورغم المأساة التي انتهى إليها رحمة الله عليه لم أستدعَ إلا بعد اليوم السابع عشر.

أحمد عبد الله: لماذا لم تُستدع من وجهة نظرك هذه المرة؟

د. أشرف الكردي: هذا الحكي بدك توجّهه للسلطة الفلسطينية.

أحمد عبد الله: كان لنا موعدٌ مع الدكتور ناصر القدوة وزير الخارجية الفلسطيني وابن شقيقة الرئيس الراحل عرفات، هو الوحيد بالإضافة إلى زوجة عرفات الذي تسلّم نسخةً من التقرير الطبي الصادر من مستشفى بيرسي العسكري، وحضر الجدل كله الذي أحاط بوفاة عرفات في باريس.

د. ناصر القدوة (وزير الخارجية الفلسطيني): كان فيه حيطة وحذر بدايةً لأنك تتعامل مع ياسر عرفات، ياسر عرفات الزعيم والقائد والأسطورة، وبالتالي حتى من ناحية الأطباء مش من السهل التعامل مع الظروف الصحية للرجل بهذا الحجم، بهذه الأهمية، لكن بطبيعة الحال ازداد هذا الغموض فيما بعد بسبب الموضوع الرئيسي، وهو إنه: لم يتم التوصل إلى تشخيص طبي واضح للحالة المرضية في مستشفى بيرسي في باريس، ونحن قلنا للفرنسيين.. قلنا: إنه إحنا وضعنا ثقتنا كشعب فلسطيني فيكم كأصدقاء، وبالتالي نقبل منكم أي شيء ما عدا شيء واحد، وهو فبركة سبب للمرض، وللحق أثبت الفرنسيون أنهم أمينين وأصدقاء ولم يفبركوا سبباً للمرض، قالوا بشكل واضح: أنه لا يوجد تشخيص لدينا لهذه الحالة المرضية، الأمر الذي يعني يُلقي بظلال كبيرة ويثير تساؤلات عميقة حول سبب الوفاة.

أحمد عبد الله: كان هناك نوع من التعتيم حول الظروف والملابسات خاصة في باريس؟ هل كانت هناك أشياء معينة تجري وراء الكواليس؟ أحاديث طبية سياسية وغيرها؟

د.ناصر القدوة: إطلاقاً، إطلاقاً. كل الكلام الذي قيل عن المفاوضات والنقاشات وحضور القيادة ومش عارف إيش.. حديث مع السيدة حرمه إلى آخره، هذا كله كلام كله فارغ تماماً لا أساس له من الصحة.

هل نظرية المؤامرة تقف خلف وفاة أبو عمار؟

أحمد عبد الله: هناك من يقولون أنه مسموم لأسباب عدة، إن هذا التوقيت السياسي للرئيس عرفات يعني وصل الأميركيون والإسرائيليون معه إلى خط اللاعودة، يعني خلص مش عاوزين يتعاملوا مع الرئيس الراحل عرفات، صحيح هو الأعمار بيد الله طبعاً مرة أخرى الموت علينا حق، ولكن لحظة سياسية مناسبة لاغتيال زعيم بشكل غير مباشر؟

د. ناصر القدوة: هو أكثر من مجرد نظرية مؤامرة، ما أنا عمْ بقولك إنه مستشفى كبير طويل عريض مثل مستشفى بيرسي بقولك: أنا ما عندي تشخيص طبي، هذا بحدّ ذاته يرسم علامة استفهام كبرى حول ما يحدث، لما بقولك الجانب الفرنسي: أنا لم أجد أي سموم معروفة لدي، ويستثني الأسباب الأخرى، لكن بالمقابل هل نستطيع أن نقول أن هناك سم؟ لا نستطيع، لأنه أيضاً هذه مسؤولية سياسية جدّية تاريخية، دون أن يكون لديك دليل، دون أن يكون لديك قدرة علمية على أن تقول: نعم هناك تسمم، أنت لا تستطيع أن تقول ذلك، الشيء الوحيد الممكن هو الشيء الذي فعلناه، هو أن نقول أن: هناك علامات استفهام كبيرة، وأن نقول أن الملف يجب أن يبقى مفتوحاً، وأن نقول: أن الشعب الفلسطيني من حقه أن يتوصل إلى الحقيقة الكاملة في وقتٍ ما في المستقبل نرجو أن يكون قريباً، ليس من حق أحد إغلاق هذا الملف، هذا ما يمكن قوله، وقد فعلنا ذلك أما أن نذهب أكثر من ذلك يصبح من باب الحقيقة ربما انعدام المسؤولية.

أحمد عبد الله: طبيب الرئيس الراحل عرفات طالب بتشريح جثته للوقوف على سبب مرضه أعتقد بعد..

د. ناصر القدوة: أيضاً هذا كلام الحقيقة غريب, أولاً: هناك موانع دينية واجتماعية واضحة في هذا المجال، خصوصاً مع شخصية بهذا الحجم و.. ثانياً وهو الأهم: طيب أخذنا قرار بالموافقة على ذلك أين يفعل ذلك؟ في الولايات المتحدة؟ يعني في محدودية سياسية في حقائق سياسية، من سيقول لك؟ من سيتحمل المسؤولية في العالم الخارجي لكي يقول لك: نعم أنا لدي الآن دليل على أنه هذا هو الواقع؟ كيف سيحدث هذا؟

أحمد عبد الله: كثيرون كانوا حوله، قليلون كانوا قريبين منه، والبعض متربّصٌ به، علامة استفهامٍ طبية تميل إجابتها إلى قتل عرفات، حتى المقرّبون منه أو معظمهم يشكّكون في وفاته.

أبو العبد أو الطيب عبد الرحيم أمين عام الرئاسة الفلسطينية، سبقت دموعه الحديث عن أبو عمار.

الراحل عرفات لطالما كان عفوياً في تصرفاته

الطيّب عبد الرحيم (أمين عام الرئاسة الفلسطينية): أنا قلت له أكثر من مرة، وأكثر من إخواني قالوا له سواء الدكتور رمزي أو نبيل القريبين يعني منه باستمرار، وحتى إخواننا مش من اللي في المكتب يعني، لما كان حدّ يجيب له بقلاوة أوشوكولاته، كان يحب الشوكولاتة، كان بقول: أنا جايبلك هاي الشوكولاته.. ومش عارف إيش كان بياكل، يا أخي أنا أتكلم معه بهذه الطريقة، والإخوان يدفشوني يعني.. طبعاً هو لا يشك بأحد، مش شكّاك، هو بجوز في الأمور السياسية كان طبيعته شكّاك، إنه بحلّل وبوزنها، ومش عارف إيش.. أما في الأمور الحياتية، الأمور الإنسانية أبداً ما كانش، فإحنا نصحناه أكثر من مرة، أنا ما بعرفش أمن، أمين عام رئاسة آه بس ما بعرفش أمن، والإخوة المسؤولين عن الأمن: يا أخي ما يكلش من أي واحد يقدم له حلويات، كان هو حلواني، ودائماً بقولك: المؤمن حلواني، ومش عارف إيش.. فكان بياكل الشوكولاته، وبياكل البقلاوة، بياكل أشياء كثيرة، أو بيجيلو واحد مثلاً بيقول له: أنا جايبلك دواء من بره يعني مقوي ومش عارف إيش ومن هذا الكلام، فكنت أشوفه مرات بياخد عشر حبات دواء، إيش هدا؟ إيش اللي بتبلبعوا هذا؟ طيب لو الدكتور شافه ومش عارف إيش.. الدكتور حتى بتاعه الدكتور عمر يقول لي: يا أخي أنا عارف، أنا معرفش شو هذا الدواء اللي بيأخده، واحد بيقول له: هذا الدواء كويّس ومش عارف إيش.. فكان هذا.. ولكن كل الاحتمالات واردة، وكل الاحتمالات قائمة إنه.. الله أعلم، العلم تقدم كيف عملوها، أيضاً كان مرات كان احتراماً يقبّل إيد الأخوات اللي بيجوا اللي بيسلموا عليه سواء أجانب أو فلسطينيين، فقلنا له ونبهنا له، بقولك: ما حدّش يعلمني كيف أنا..

أحمد عبد الله: كان عفوياً؟

الطيّب عبد الرحيم: عفوي، هوّ يعني ببراءة الأطفال كان يتصرّف، ولكن الرؤساء مش لازم يكونوا هيك، يعني بتعرف كيف؟ خاصةً وإنه واضح إنه راسه مطلوبة، شايف كيف؟ بطريقة أو بأخرى.

حنان عشراوي (عضو المجلس التشريعي الفلسطيني): أنا في رأيي وفاة أبو عمار، رحيل أبو عمار هو يعني رحيل ليس مثيراً للجدل فحسب وإنما مأساوي، يعني رحيل مفاجئ من ناحية، كلنا كنا ندرك أن الأعمار بيد الله وأن الرئيس سيرحل في يومٍ ما، وكنا ندرك بأن كان لديه مرض ولكن ليس بدرجة قوية أو الذي يقضي عليه يعني، ولكن عندما حدث هذا التحول في أبو عمار بشكل مفاجىء، وأنا في رأيي عدة أيام يعني أكثر من أسابيع، وهذا التدهور السريع، وهذا التغيير في الملامح وفي العيون وفي الرؤيا وفي التعامل، كان واضحاً أن الزعيم والرجل التاريخي والقائد بدأ يختفي، وبأن هناك أيادي خفية تلعب، وأنا حتى الآن ما زلت مقتنعة بأن وفاته ليست طبيعية.

أحمد عبد الله: يعني من يكون في صالحه مثلاً مقتل أو تعجيل موت أبو عمار إن صح التعبير؟

حنان عشراوي: طبعاً من مصلحة إسرائيل المصلحة الأولى، لأن القرار اتُّخذ، وقالوها بصراحة، القرار اتُّخذ في القضاء على أبو عمار، إما قتله أو نفيه أو سجنه أو ما شابه، ولكن كانوا يقولون القضية هي التوقيت، الوسيلة والتوقيت.

أحمد عبد الله: لو اتخُّذ قرار إسرائيلي..

حنان عشراوي: بإيش؟

أحمد عبد الله: بالتخلّص من الرئيس ياسر عرفات لازم يكون بموافقة أميركية صح؟

حنان عشراوي: مش دايماً، مش دايماً يعني هذا تفترض إنه إسرائيل تسمع للولايات المتحدة وليس العكس.

رعنان غيسين (المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية): انظر إلى كل الأدلة ولكن كل مرة تعود وتقول إن هذه مؤامرة، وأن الإسرائيليين كانوا وراءها، فإنك تخفي الموضوع الحقيقي وهذا لا يمكّن الفلسطينيين من النظر إلى ما حدث تحت حكم عرفات وما يحدث اليوم مع أبو مازن، لا يمكّنهم من النظر لتلك الأمور بشكل واضح وأمين ومؤلم، كما أنه هناك تحقيق في السلطة الفلسطينية، وأثار الموالون لعرفات هذا الموضوع مرة تلو الأخرى، ولكن وبشكل مفاجئ كما تعرف لم يُثر هذا الموضوع، كما أنّ تلك الاتهامات لم توجّهها السلطة الفلسطينية الجديدة المُنتخبة على النقيض، لقد قالوها: إنهم فحصوا الأمر وأن إسرائيل ليس لها علاقة بموت عرفات، على العكس عندما كان مريضاً حاولنا مساعدته بناءاً على طلب أبو مازن، لو تتذكر، لقد سهلنا حركته ووفرنا كل المساعدات الطبية والعلاجية التي احتاجها، لو كنا سنقتله لماذا نساعده على الوصول للمستشفى ليتلقّى أفضل علاج في العالم؟

أحمد عبد الرحمن (المستشار السياسي لعرفات): أنا سأظل أحمل قناعتي وشكوكي يعني، والسبب إنه الرئيس محاصر من ثلاث سنوات، وأصبح لديه يعني رغبة لكسر هذا الحصار، كما فعل في كل حصار آخر في حياته، رجل تحدي أبو عمار، يعني رجل مواجهة، رجل تحدي، رجل لا ينحني، فكانت وسيلته القوية لكسر الحصار ولمنع عزله عن العالم هو أن يستقبل الناس، بلا حدود، والناس يحبون ياسر عرفات، وهذه طبعاً قد يكون مصدر يعني إدراك حالته الخاصة من قِبل آخرين، فهو كان يستقبل الناس ويستقبل من كل أنحاء العالم، يستقبل من إسرائيل، يستقبل خليط فلسطينيين وإسرائيل، ويصافحهم والكاميرا تتْبعُه، هو كان نفسياً يوجّه رسالة لشعبه، أنه صامد، أنه لا ينحني، لا يتراجع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وأيضاً للإسرائيليين أن هذا الحصار لن يؤثر عليه، وللعالم أنه موجود، أنا في تقديري إنه يعني حصل ثغرة في هذا، ثغرة لا يمكن كشفها، من هذه المجموعات التي كانت تأتي يعني رغم كل الإجراءات الأمنية، وهي إجراءات هائلة يعني كانت يعني لحمايته، قد يكون هذا شكّي أنا، تعرّض لشيء قبل عام، قبل عام كامل، والذي تعرّض له بقي معه، يعني الجرثومة التي أصابته أو المرض الذي أصابه، أو السمّ الذي دُسّ له، هو أنا رأيي عمره عام كامل، بصفة شخصية يعني الأطباء وضعوا هذا الاحتمال، أنه تعرض للسم، يعني بين ما طلعوا ما بقدروش يطلعوا بيان، هدول أطباء مختصين لأنه لازم يعني يكون عندهم دليل ملموس ومادي وباليد حتى يقولوا هذا الكلام، لكن في حواراتنا معهم سواء كانوا القادمين من مصر أو القادمين من الأردن أو القادمين من تونس كان هذا الاحتمال الثاني أو الثالث، لأنهم أولاً: لازم يشخّصوا ويعرفوا بلكي شيء معروف لهم وللفرنسيين فما معنى ذلك؟ أنّه تعرّض لشيء لا يعرفونه، والأشياء غير المعروفة هي نوع من الأسرار الحربية لا يكشفها إلا من صنعها.

ريشتشارد بيرل (الرئيس السابق للجنة سياسة الدفاع- البنتاغون): بالطبع هذا شيء سخيف، إن المنطقة تفرز نظريات مؤامرة أكثر بكثير مما تستوعبه، وهكذا تنشرها في أنحاء العالم، إن فكرة أننا مسؤولون عن موت عرفات هي فكرة سخيفة، كان مريضاً وأعتقد أن أفراد عائلته كما أتذكّر سافروا معه إلى باريس وتناقشوا مع أطبائه، هناك بالتأكيد أناس كثيرون شغفون على إظهار أننا فعلنا شيئاً مثل هذا، لو تمكنوا من ذلك وليس هناك أدلى دليل، حسناً لقد اتّضح أن جهاز الاستخبارات الأميركية ليس جيداً في دعم وإبقاء الانقلابات، لكن لا أعتقد أن أحداً يجد في نموذج من هذا النوع من المؤامرات أساساً لتكوين هذه الإشاعات، بالتأكيد صحيح أنه في بعض المناسبات نساعد أناساً كانوا ينظّمون انقلابات ومعظم هذه المحاولات في السنوات الأخيرة فشلت كلها، ولكن لا أعتقد أن أحداً ما سيجد عملية مثل هذه تتماشى مع أي اقتراح بأننا قتلنا عرفات.

الظروف القاسية هي من قتلت عرفات

أحمد عبد الله: صخر حبش أحد رفقاء مشوار النضال، استبعد السم لكنه أكد على أن ملك التقبيل كما وصفه أُصيبَ بخيبة أمل كبيرة بعد إعادة انتخاب بوش.

صخر حبش (أحد رفقاء ياسر عرفات): لا شكّ إنّه أولاً: الإسرائيليين أعلنوا أنهم يريدون التخلص من ياسر عرفات، أعلنوا، وكانوا.. مش الأميركان، واضح جداً إنه جاءت الوفاة أنا أسميها الوفاة لكي تقول: ما دام بقولوا.. يعني في ناس بعتبروهم خارقين للعادة إنهم قدروا يعملوها وعندهم تجربة من هذا النوع، تجربة خالد مشعل، إنهم ذهبوا.. الجو هذا اجتهاد وفي ناس زي ما إنت بتسألني عندي نوع من القناعة الذاتية وليست علمية مع شعور ذاتي في ناس عندهم قناعة ذاتية وأيضاً إنه ليست علمية إنه لأ، شيء طبيعي إنه الإسرائيليين هم والأميركان قتلوا ياسر عرفات ليس بالسم بتقديري وإنما بالظروف اللي نحطّ فيها، وباليأس اللي أشاعوه، وإنه هو في آخر أيامه يعني، عنده أيام أخيرة وأنا تقديري.. تقديري الشخصي لو سقط بوش في الانتخابات يمكن كان ياسر عرفات يمكن كان حيكون لديه دوافع ذاتية لمزيد من الحياة، لكي يستمر لأنه بتكون آفاق العمل انفتحت، يعني إحنا بتذكّر عندما فجأةً الرئيس عبد الناصر يودع آخر واحد وبرجع يستشهد، بموت، وصار الحديث إنه السموم وسموم وطبيب ومش طبيب إلى آخره.. هاي قصص أنا تقديري، يعني إذا لم يكن هنالك ما يمكن أن يؤكد على هذا الشيء يظلّ أحد الاحتمالات.

الشيخ حسن يوسف (المتحدث باسم حركة حماس): والله هو يعني كل الخيارات موجودة، ويعني هو الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة الذي يعني تحدث في هذا الاتجاه، اتجاه خيار واحتمال أنه الرئيس توفي بالسم، ولولا طبعاً رعاية الله وعنايته وتدارُك الأمر لأيضاً انتقل إلى رحمة الله، أيضاً في نفس الظروف.

د. أشرف الكردي (طبيب عرفات الخاص): الحقيقة بالنسبة للأخ خالد مشعل لما كان هو موجود في عمان، ولما صار معاه الحادث نُقل إلى مدينة الحسين الطبية وكنت أنا واحد من الأطباء الموجودين معاه، وأُخبِر جلالة الملك حسين - رحمه الله - على هذا الموضوع، وأُخبِر إنه في هنالك نوع من أنواع التسمم لحالة الأخ خالد مشعل، اتّصل مع الإسرائيليين واتصل مع الأميركان، وكان بينهم حديث اللي أدى إلى إرسال الترياق المضاد من إسرائيل إلى عمان وأُعطِي وتحسّنت حالته.

أحمد عبد الله: إذاً هذه حقيقة علمية؟

د. أشرف الكردي: حقيقة علمية نعم، والفضل فيها كان إلى الملك الله يرحمه الملك حسين.

أحمد عبد الله: ويمكن أن يكون يعني السيناريو نفسه تكرر مع أبو عمار، يعني نفس السيناريو تكرر مع الرئيس الراحل عرفات؟

د. أشرف الكردي: يعتمد على نوع السم اللي أعطوه إياه، وإنت بتعرف يعني كل شيء الآن في تحديث وفي تطوير وفي.. ولا سيّما موضوع السمّ من النواحي العسكرية ومن النواحي الاستخباراتية ومن النواحي المخابراتية، هذا شيء سر دفين لا يعلم فيه إلا المطلعون في الأمر، وهو نوع من الأنواع اللي تستعمل في الحروب، أو تستعمل للقضاء على العدو.

الشيخ حسن يوسف: أنا كمواطن فلسطيني المطلوب من الجهات الرسمية الفلسطينية أن تكشف الحقيقة وأن تضع الناس في صورة ما الذي حصل للرئيس ياسر عرفات، هذا الموت المفاجئ السريع بهذا الشكل، بهذه الضبابية، بهذا الغموض، الحقيقة من حق المواطن الفلسطيني أن تكون الأمور مكشوفة.

أحمد عبد الله: أبو محمد أحد القادة الميدانيين لكتائب شهداء الأقصى، يرى أن هناك يداً عربية فلسطينية وراء اغتيال عرفات.

أبو محمد (أحد القادة الميدانيين لكتائب شهداء الأقصى): بالتأكيد، فالإسرائيليون لن يصلوا إلى الرئيس ياسر عرفات، إلى الشهيد ياسر عرفات بأيدي إسرائيلية، لا بد إلا وأن يكون توطؤاً عربياً فلسطينياً كما تشاء، سمّه كما تشاء، للوصول إلى ياسر عرفات، على الأقل إلى مكتبه، وإذا ما أردنا أن نجلد أنفسنا.. وهذا ليس غريباً والإسرائيليون في هذا المجال تكنولوجياً عندهم القدرة وعندهم المجال اللي يمكنهم إنه مش بس يغتالوا ياسر عرفات إنه كمان أي شخصية أرادوها على مستوى الشرق الأوسط، فليس بغريب يعني أن يصلوا إلى شخصية كياسر عرفات، وكانت شخصية هي أكثر شعبيةً من كونها رسمية.

أحمد عبد الله: لكن لماذا الآن؟ يعني لماذا في هذا التوقيت بالذات؟

أبو محمد: لأن الوضع الإقليمي كان لا يسمح بوجود شخص ياسر عرفات، والرئيس أبو عمار كان مدرك لهذه الحالة وهو أبلغ الأميركان، يعني لن.. لحد الآن تاريخياً ما وجدنا شخصية يعني عربية ودولية يعني قالت للأميركان وللإسرائيليين: لا، أو بالذات للأميركان لا علناً، فالرئيس ياسر عرفات عندما رفض في كامب ديفيد وقال: لا، هو حكى لهم أنا بدعوكم لجنازتي.

أحمد عبد الله: هل عرف عرفات بقرب نهايته؟ لماذا ترك قبل رحيله إلى باريس وصايا ثلاث لأمين عام الرئاسة الفلسطينية؟

الطيّب عبد الرحيم: كان تاني يوم بده يطلع على فرنسا، آه، ضليتني سهران طول الليل جنبه، يعني ناموا معظمهم وأنا سهران، فالساعة ثلاثة وربع بقول لهم: الطيب بره؟ قالوا له: آه موجود..

أحمد عبد الله: ثلاثة وربع صباحاً؟

الطيّب عبد الرحيم: ثلاثة وربع صباحاً، فنادوا لي إياه، فهو قال: يا طيب، بصوت واطي كده.. فدخلت عليه، قال لي: شايف، حموت خارج الوطن، آه حموت برّه البلاد، قلت: لا، يا سيادة الرئيس، قال لي: اسمع: في عندي ثلاث وصايا أنا في حلّ من إني أقولهم قدّام التلفزيون، بس الوصية الأولى اللي قال إياها، قال لي: أنا كان نفسي أندفن في القدس، ويعني أتمنى عليكم هذا المكان تفضَل قاعد فيه، هذا المكان أحد رموز صمود الشعب الفلسطيني، ما تهجرهوش، ما تطلعوش منه يعني، وتدفنوني فيه لغاية ما تنقلوني على القدس، قلت له: يا سيادة الرئيس إن شاء الله بترجع، وهاي شدة وبتزول، وما تفكّرش هذا التفكير، قال لي: اسمع اللي بقول إياه تسمعه، وقال لي الوصية الثانية والوصية الثالثة، شايف.. أنا شعرت..

أحمد عبد الله: الوصية الثانية والوصية الثالثة؟

الطيّب عبد الرحيم: هي ثلاث وصايا هو قال لي، بس هاي الوصية الأولى إنه يندفن في المقاطعة، وبعدين ننقله على القدس، الوصية الثانية والثالثة أنا في حلّ إني أقولها..

أحمد عبد الله: شخصية؟

الطيّب عبد الرحيم: داخلياً يعني، ودايماً تقرأ على قبري الفاتحة، وضحك قال لي: يعني عشان تبقى تفتكرني هنا، تبقى قدّامك ليل نهار،كان قبليها كان الأخ أبو مازن موجود والأخ أبو علاء فقال لهم: المقاطعة ديه أمانة في رقابكم، والطيب يبقى مسؤول عن المقاطعة، هيك قال لهم، هو أصرّ باب الطيارة كان بينه وبين الأخ أبو علاء أول ما نزل من السيارة، بينه وبين الأخ أبو علاء، فأصرّ على إنه يقبّلني فأنا مادد إيدي عشان بدي أسلّم عليه، فهو سحب يعني إيدي بدّو يبوسها، أنا شعرت بدّو يبوسها! أنا اللي بدي أبوس إيده، فأصرّ على ذلك، أبو علاء قال: يا أخي أعطيله إياها، وريّحه ومش عارف إيش.. فأنا يعني قبّلت إيده، وقبّل إيدي، وسامِحني.. طلع على باب الطيارة وشاور للناس أنا ساعتها شعرت إنه.. يعني.. سافر ومش راح.. الله يرحمه ويحسن إليه.

أحمد عبد الله: ربما شاءت الأقدار، أو شاء أحدٌ ما أن تشاء الأقدار ليأفل نجم عرفات إلى الأبد، فلا وقت يَضيع لرسم خريطةٍ جديدةٍ للشرق الأوسط بدون عرفات.

*العربية نت

التعليقات