نانسي عجرم دمرت المغرب بقلم : شعبان عدلي صادق

نانسي عجرم دمرت المغرب بقلم : شعبان عدلي صادق
نانسي عجرم دمرت المغرب

بقلم : شعبان عدلي صادق

من جديد و بعد أن انتهينا من الغموض الذي دار حول حفل المغنية اللبنانية " نانسي عجرم " في المغرب في ساحة جامع الفنا تعود بعض الصحف المغربية للثرثرة في هذا الموضوع و تخلق له تداعيات جديدة هي من وحي أقاويل متفرقة و شائعات مغرضة و تبريرات مضحكة حقا هل سمع أحدكم عن مغنية تهدد أمن و استقرا دولة لمجرد حفلة تحييها في هذه الدولة حفلة عادية ككل الحفلات التي اعتادت على إحيائها المغنيات و هناك في المغرب لام أصحاب الأرض على سلطتهم لعدم التنبه مسبقا و قبل إقامة " نانسي عجرم " لحفلها إلى الكوارث التي تسببت فيها " نانسي عجرم " كوارث .... ما هي تلك الكوارث استر يا رب ، المضحك و الذي لا يصدق هي تلك الكوارث التي نقل المغاربة صورتها إلى الصحف انتهاك للأعراض ضرر كبير للسياحة و الاقتصاد المغربي مصابين و إسعافات و مرضى في حالات خطرة كل هذا أحدثته " نانسي عجرم " و أكثر بالمغرب هل هي الاستعمار الجديد لا أقسم أن هذه الكوارث أكبر من الاستعمار أيضا فما الذي حدث بالضبط هناك سنعرف المزيد في الخبر التالي الذي ورد اليوم 10/5/2005 في صحفية " القدس العربي " الدولية ..

لا شك أن هذا العنوان العريض سيتصدر صفحات كبريات الجرائد الوطنية والدولية، ويخلف وراءه نقاشات لا حد لها بين مؤيد ومعارض، لكنه سيريح ضمائر العديد من المغاربة. وهو عنوان سيكتب بمداد من فخر في صفحات مراكش التليدة لو أن سلطات مدينة مراكش تنبهت للخسائر التي ستحدثها سهرة عجرم بالمدينة وأبنائها وسياحها، ولم تنتظر زيارة فعاليات مدنية وسياسية يستنكرون ما راج في تلك الليلة من هتك الأعراض واختلاط الحابل بالنابل، وحدوث إغماءات وتمزيق ثياب سائحات. وهي أمنية تمناها كثير من المغاربة بدءا من حلايقية جامع الفنا الذين حرموا من أرزاقهم، ومرورا بفنانين أبدوا امتعاضهم من وجود نجمة لا تتقن غير فن الإثارة والإغراء، وانتهاء ربما برجال الإسعاف ورجال الأمن الذين وضعتهم المحروسة في وضعيات لا يحسدون عنها، واضطروا إلي نقل المغمي عنهم وتفريق المشاغبين مستخدمين العصي والهراوات. وهذا مطلب كثير من المناضلين الشرفاء من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار.

الهستريا التي عمت المدينة تلك الليلة ذكرتني بتحقيق أنجزته جريدة لوموند عن احتفالات الشعب الجزائري بالرغم من هزيمة منتخب بلادهم أمام المنتخب الوطني المغربي في كأس إفريقيا، وذكر التحقيق أن الجزائر كانت كلها تقريباً جامدة أمام شاشات التلفزيون لمتابعة المباراة ربع النهائية من كأس الأمم الأفريقية التي يتواجه فيها منتخبها الوطني مع منتخب المغرب في صفاقس في تونس. قبل ست دقائق من نهاية المباراة سجل منتخبهم الهدف الأول وبدا أن التأهل قد بات مؤكداً. وبدون انتظار صافرة النهاية اندفع آلاف الجزائريين إلي شوارع البلاد، من تلمسان إلي أنبا ومن العاصمة إلي تامنغاست، عمت الفرحة العارمة، حتي أن بعض الذين لا يتحمسون عادة لكرة القدم شاركوا في الفرحة. لكن وللأسف عادل المغاربة قبل 10 ثواني من انتهاء المباراة، ليعودوا ويفوزوا بعد تمديد الوقت. وهكذا خرجت الجزائر وبدا الشعب مصعوقاً. وبدأ البكاء، وقامت نوبات عصبية وشتائم وحتي مشاجرات بين الأشخاص الذين كانوا يتعانقون قبل خمس دقائق. لقد كانت هناك رغبة فعلية في الشعور بالسعادة، إنما مرة أخري كان موعد جديد مع الخيبة. ولم تنتهِ القصة هنا، ففي اليوم التالي سرت شائعة تقول بفوز الجزائر في تلك المباراة بعد إسقاط الفريق المغربي بسبب المنشطات. فأطلق العنان للراديوهات علي الأرصفة واجتاح النبأ الكاذب البلاد بسرعة البرق مثيراً موجة جديدة من مسيرات الفرح أشد من احتفالات الليلة السابقة، واستمرت ساعات بالرغم من التكذيب الذي راحت تكرره وسائل الإعلام المحلية. وخلص التحقيق أن الشعب الجزائري كان يحتاج إلي الفرحة بعدما عاني الأمرين ولم يضمد جراحه وهو بالتالي ينتظر بفارغ الصبر خبراً طيباً، فرصة لكي يتمكن من الضحك صراحة ناسياً سنوات البؤس والكوارث الطبيعية.

أما في ساحة جامع الفنا بمراكش فكان الأمر مشابها للحالة التي كان عليها الشعب الجزائري، هستيريا ورغبة بالشعور بالسعادة ولو كان الأمر يتعلق بزيارة نانسي عجرم الممنوعة في بلدان أخري، وهكذا ذهبت وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية تهلل لزيارة تاريخية، وتبشر بانتصار لا مثيل له، وهكذا بدا الشباب أيضا في ساحة جامع الفنا بعد استيقاظه من الكَلبة مذهولا، يفكر بعد تلك الليلة كيف يدبر أمره مع البطالة التي قتلته والعنوسة التي حطمته وقلة ذات اليد التي دمرته، وبدا مصدوما بعدما لم تحقق له عجرم غير خيبات الأمل ولم ير فيها غير تلك التي سرقت المال في ساعة ونص وحلقت راجعة إلي بلدها غير آبهة بالشباب المصدوم فيها.

السؤال المطروح هل تفي سلطات الولاية بوعدها بمنع نانسي وأمثالها إذا عادت إلي مراكش، غير آبهة بمن سيركب القضية ليقول مراكش أصبحت أصولية إرهابية لا تعترف لا بالفن ولا بالجمال؟

التعليقات