مدير إدارة العمليات بجهاز الأمن الوقائي:أولوياتنا مكافحة التجسس و لدينا ملفات دسمة تتعلق بالفساد

غزة-دنيا الوطن- تامر المصري
يعيش قطاع غزة منذ بداية الانتفاضة في أيلول 2000م تدهوراً ملحوظاً في الأمن الداخلي , و تشهد الساحة الفلسطينية الكثير من الحوادث المتكررة التي تعد إخلالا ً بالعقد الاجتماعي الذي يجمع سكان القطاع , و لاسيما بعد أن تم تسجيل العديد من حالات القتل المفزعة داخل محافظات غزة, مما دعا الفلسطينيين إلى رفع أصواتهم لمطالبة السلطة الفلسطينية و الأجهزة الأمنية بتوفير الأمن و فرض سيادة القانون.
يؤكد العميد عاطف عليان ,مدير إدارة العمليات في جهاز الأمن الوقائي بقطاع غزة, أن الوضع الأمني في قطاع غزة متردي و غير مستقر بفعل غياب القانون و النظام , و أشار عليان في لقاء معه أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية فقدت قوتها في انتفاضة الأقصى الأخيرة , مؤكداً أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قد ساهمت بشكل مباشر في ذلك ,من خلال استهدافها لمقرات الأجهزة الأمنية و قيامها باجتياحات متكررة ألحقت الكثير من الخراب بالبنية التحتية الفلسطينية بشكل عام و المؤسسات الأمنية بشكل خاص .
و يقول عليان "إن الساحة الفلسطينية تعيش أزمة حقيقية تمس بأمن و حياة المواطن الفلسطيني و لاسيما بعدما تعددت مظاهر الفلتان الأمني و فوضى السلاح في المجتمع" , و ذكر أن انتشار السلاح و كثرة التنظيمات في القطاع ساعد على تشجيع العديد من العائلات و الجماعات و الأشخاص على حيازة السلاح ,و استخدامه بشكل غير شرعي في تصفية الحسابات الشخصية و ترويع الآمنين من الناس و غير ذلك , و أضاف "إن ثقافة جديدة قد غزت المجتمع الفلسطيني خلال سنوات الانتفاضة تعني بالاستعراض بالسلاح و حمله بسبب و دون سبب, و الدخول به إلى المؤسسات الحكومية و المدنية و الخدماتية".
و نفى العميد عليان أن يكون جهاز الأمن الوقائي يتساهل مع أي عنصر من عناصره يستخدم سلاحه في غير مكانه كما يحدث في بعض الأجهزة الأخرى , مؤكداً أن دائرة الأمن الخاص و قسم الضبط الإداري في الجهاز ينشط في متابعة سلوك العناصر على مختلف رتبهم العسكرية, و محاسبة المسيء منهم من خلال عقوبات متنوعة تصل إلى الحجز مروراً بالعرض على النيابة و السجن وصولاً للطرد من الخدمة و ترقين القيد,لمن يثبت تورطهم في ارتكاب أعمال يحاسب عليها القانون .
و أوضح المسئول الأمني طبيعة مهام جهاز الوقائي مؤكدا أنه جهاز أمن داخلي يهتم بمكافحة التجسس, و متابعة تجاوزات النشاط المحلي القائم على الاحتكاك بالجمهور كأنشطة قطاعي التعليم و الصحة …الخ , و قال إن العمل في الأمن الوقائي يخضع لهيكلية واضحة و منظمة لا يعتريها لبس أو تضارب في أداء المهام, و أشار أن هناك تعاوناً مع جهاز الشرطة الفلسطينية قائلاً "على الرغم من التداخل الأمني الملحوظ في مهام الأجهزة الأمنية و تعدي الأجهزة على مهام بعضها البعض , فإن جهاز الأمن الوقائي يتعاون مع الشرطة في القضايا الجنائية مثل إدارة المخدرات و لطالما وفرنا لهم بعض المعلومات الثمينة التي تسهل قيامهم بمهامهم المناطة بهم" و أضاف في رده على سؤالٍ يتعلق بظهور الجريمة و الجريمة المنظمة في غزة " هناك حالات سجُلت في الآونة الأخيرة تنذر بتفشي الجريمة في قطاع غزة و لكنها ليست مخيفة إذا ما أدركنا أنها مظاهر مقرونة بحالة الترهل الأمني الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية , و هي مظاهر مرتبطة بعلاقات شخصية و عائلية على الأغلب , يمكن القضاء عليها في حال تم توفير الإمكانيات للأجهزة و أعادت بناء نفسها على القاعدة العلمية السليمة " و قال عليان أن الأمن الوقائي قد سجل نجاحات عديدة في ملاحقة بعض الجرائم التي تهم الرأي العام كجريمة اختطاف طفلة من عائلة "شويخ" التي تمكن الأمن الوقائي من إنقاذها و اعتقال الجناة الذين كانوا يطالبون بفدية لقاء إطلاق سراح الطفلة .
و قال عليان "إننا نتابع الجرائم السياسية مثل عمليات الاغتيال و التصفية و التهديد و غيرها , إلا أن تعدد مراكز القوى داخل مجتمعنا الفلسطيني و تعدد التنظيمات المسلحة قد فاقم من حالة الفلتان الأمني , كما أن بعض الأجهزة تعمل أحياناً لخدمة المصالح الشخصية لبعض المتنفذين,إلا أننا و ضمن الصلاحيات و الإمكانات المتاحة لا نتهاون في تطبيق القانون على أحد" .
و أدان العميد عليان الجريمة البشعة التي وقعت بحق المغدورة يسرى العزامي "الددا" التي قُتلت على يد عناصر من الجيش الشعبي التابع لحركة حماس, و قال "نشعر بالأسى و نحن نرى أرواحاً فلسطينية تُزهق بأيدي فلسطينية دون ارتكابها أي ذنب" , و ينفي عليان ما تردده بعض عناصر حماس من أن جهاز الأمن الوقائي له مصلحة في تضخيم الحادث للاستفادة منه لأغراض انتخابية قادمة, و قال "حجم الجريمة و بشاعتها و سرعة اكتشافها يعكس اهتمام الرأي العام بها , كما أن جهاز الأمن الوقائي لم يتدخل في هذه القضية لا من قريب و لا من بعيد و لم نحقق بها أصلاً ,لأن القضية في أيدي جهاز الشرطة و المباحث العامة الذين يتولون التحقيق فيها " و أوضح أن أهالي شمال قطاع غزة هم أول من أثاروا الموضوع و خرجوا بالتظاهرات المنددة بحالة الفلتان الأمني و إشهار السلاح الفلسطيني في وجه الفلسطيني و طالبوا بمحاكمة المجرمين الذين اعترفت حماس بهم , و حمل العميد عاطف عليان مسؤولية تردي الأمن في قطاع غزة إلى تباطؤ السلطة في تنفيذ الإصلاحات المنشودة ,و قال "لو عالجت السلطة عللها و رتبت صفوفها و بترت الأعضاء الفاسدة في جسمها و عملت على تقوية أجهزتها و توحيدها و فرضت القانون و النظام على الجميع دون استثناء ,لما تجرأت أي جهة على القيام بأي عمل يثير الفتنة و البلبلة في المجتمع و المساس بأمن المواطن, و لكن البعض يستغل الوضع الراهن من أجل إحراج السلطة و إظهارها على أنها عاجزة عن حماية المواطنين من خلال فقدها التأثير و القوة في المجتمع" .
و دعا عليان إلى اتفاق بين السلطة و فصائل المقاومة الفلسطينية يقضي بعدم حمل السلاح في الشوارع و الأماكن العامة ,و محاسبة كل من يستخدم سلاحه باتجاه غير الهدف الذي حمل من أجله السلاح , و طالب بحصر استخدام السلاح الخفيف في أيادي عناصر الأمن المكلفين بحماية المواطنين و ممتلكاتهم, و اعتقال كل من يستغل سلاحه من أجل تحقيق أهداف شخصية أو الاستعراض به أمام المواطنين ,و ناشد بتفعيل القوانين التي توفر أمن المجتمع المفقود .
و حول طبيعة العلاقة بين جهاز الأمن الوقائي و وزير الداخلية الجديد نصر يوسف في ضوء ما يتردد عن علاقة متوترة تربط الأخير بالأجهزة الأمنية ,قال العميد عليان "نحن مؤسسة منضبطة ضمن المؤسسة الأمنية الفلسطينية و علاقتنا بوزير الداخلية جيدة لأنها ضمن سياق الهيكلية الإدارية , كما أننا نحترم أي قرار سياسي, و نطمح من وزير الداخلية أن يوفر الإمكانيات اللازمة للأجهزة الأمنية كي تتحرك بقوة نحو توفير الأمن و إعادة النظام و القانون لكافة مؤسسات المجتمع" .
و في موضوع ذي صلة, أوضح العميد عليان أن قرار الرئيس بدمج الأجهزة في ثلاثة أجهزة أمن تتبع وزير الداخلية تتلخص في أن يكون : جهاز للمخابرات العامة , و آخر يعمل تحت سقف الأمن الداخلي يضم كلاً من : جهاز الأمن الوقائي و الشرطة و الدفاع المدني , فيما سيشمل الجهاز الثالث كافة أجهزة الأمن التي يرتدي أفرادها الزي العسكري الأخضر كالأمن الوطني و الاستخبارات و غيرها , و أوضح أن اسم وزارة الداخلية سيكون وزارة الداخلية و الأمن الوطني.
و يؤكد العميد عليان " أن جهاز الأمن الوقائي قد أعد خطة أمنية متكاملة لقطاع غزة في حال تنفيذ إسرائيل انسحابها منه في آب المقبل , و قال إن قيادة الجهاز قد عرضتها لنقاشها و إقرارها , و يتهم عليان حكومة الاحتلال بعدم الوضوح في تعاطيها مع تفاصيل الإخلاء كالتعامل مع الممتلكات التي سيخلفها المستوطنون , و أضاف أن الأراضي التي صودرت في الانتفاضة سيتم إرجاعها إلى أصحابها الذين يملكون أوراق ثبوتية تؤكد ملكيتهم لها.
و يعتبر العميد عليان أن أولى مهام جهاز الأمن الوقائي هي مكافحة التجسس و متابعة ملفات المتورطين مع جهاز "الشين بيت" الإسرائيلي, و قال "إن قيادة الجهاز تعمل منذ تم تشكيلة على الكشف عن شبكات التجسس التي توظفها إسرائيل لضرب المجتمع الفلسطيني , أمناً و اقتصاداً و حياة , و اشتغلنا على مدار سنوات الانتفاضة الأخيرة على كل من اكتشفنا تجنيدهم من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية , و كذلك أولئك المتورطين في عمليات اغتيال سياسي أو جمع معلومات أو تجنيد عملاء جدد " و أوضح عليان أن مكافحة الجوسسة أمراً ليس سهلاً ,لأن أحداً لا يعمل بشكل علني و خصوصاً بعد أن اتبع جهاز "الشين بيت" الإسرائيلي "طريقة التجنيد الفردي" على عكس ما كان يقوم به في الماضي "بتنظيم شبكات و خلايا" من العملاء يعرف بعضهم البعض , الأمر الذي كان يسهل عملية القبض على المتورطين في الارتباط مع دولة الاحتلال ممن باعوا أنفسهم .
و يقول عليان " إن عمليات الإسقاط فيما مضى كانت تتم عبر الجنس أو الحاجة إلى المال بينما رأينا عدداً من الحالات في هذه الانتفاضة , سقطوا في مستنقع العمالة على الرغم من أنهم من عائلات شريفة و محترمة و سلوكياتهم في المجتمع ليست منحرفة لتلفت الانتباه لهم, و لكنهم يتعرضون لحالات ترويع و ترهيب شديدين و مقايضة على قضايا مصيرية كالسفر لإكمال دراسة , و يستغل الإسرائيليون أيضاً ضعف شخصياتهم و حاجاتهم الملحة للمال" ,و يشير عليان إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تتعمد خلق حالة من الإحباط و نشر أجواء من عدم الثقة و الشك في الشارع الفلسطيني من خلال تضخيم أعداد المتعاونين مع إسرائيل, و يؤكد عليان أن أعداد العملاء ليس بالآلاف كما يدعي "الشين بيت" و لا تتجاوز المئات , و أشار أن الكثيرين ممن عُرض عليهم التعاون مع "الشين بيت" جاؤوا لمقرات الأمن الوقائي طلباً للحماية و تخليص أنفسهم من الشبهات , الشيء الذي يُعتز به في المجتمع الفلسطيني , و أكد عليان "أن أحكاماً بالإعدام قد نُفذت بحق العملاء المتورطين في اغتيالات و جرائم سياسية و لازالت بعض أحكام الإعدامات تنتظر التنفيذ , كما يقبع عشرات العملاء في سجون السلطة لقضاء فترات محكومياتهم المتفاوتة بينما ينتظر البعض محاكمات ".
و حول ملف الفساد و الإصلاح في السلطة , يعتبر عليان أن الأمن الوقائي يتحمل أكثر الأعباء في مكافحته الفساد , و قال " لدينا ملفات دسمة تتعلق بالفساد الإداري و المالي و الأخلاقي لمسئولين يعملون في أجهزة و وزارات و مؤسسات السلطة الفلسطينية , و لطالما نادينا و رفعنا هذه الملفات للرئيس الشهيد ياسر عرفات , و نرفعها الآن للرئيس أبو مازن للتصرف فيها وفق ما يرضي جماهير شعبنا التي تطمح لإصلاح فلسطيني شامل ".
*الطليعة
يعيش قطاع غزة منذ بداية الانتفاضة في أيلول 2000م تدهوراً ملحوظاً في الأمن الداخلي , و تشهد الساحة الفلسطينية الكثير من الحوادث المتكررة التي تعد إخلالا ً بالعقد الاجتماعي الذي يجمع سكان القطاع , و لاسيما بعد أن تم تسجيل العديد من حالات القتل المفزعة داخل محافظات غزة, مما دعا الفلسطينيين إلى رفع أصواتهم لمطالبة السلطة الفلسطينية و الأجهزة الأمنية بتوفير الأمن و فرض سيادة القانون.
يؤكد العميد عاطف عليان ,مدير إدارة العمليات في جهاز الأمن الوقائي بقطاع غزة, أن الوضع الأمني في قطاع غزة متردي و غير مستقر بفعل غياب القانون و النظام , و أشار عليان في لقاء معه أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية فقدت قوتها في انتفاضة الأقصى الأخيرة , مؤكداً أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قد ساهمت بشكل مباشر في ذلك ,من خلال استهدافها لمقرات الأجهزة الأمنية و قيامها باجتياحات متكررة ألحقت الكثير من الخراب بالبنية التحتية الفلسطينية بشكل عام و المؤسسات الأمنية بشكل خاص .
و يقول عليان "إن الساحة الفلسطينية تعيش أزمة حقيقية تمس بأمن و حياة المواطن الفلسطيني و لاسيما بعدما تعددت مظاهر الفلتان الأمني و فوضى السلاح في المجتمع" , و ذكر أن انتشار السلاح و كثرة التنظيمات في القطاع ساعد على تشجيع العديد من العائلات و الجماعات و الأشخاص على حيازة السلاح ,و استخدامه بشكل غير شرعي في تصفية الحسابات الشخصية و ترويع الآمنين من الناس و غير ذلك , و أضاف "إن ثقافة جديدة قد غزت المجتمع الفلسطيني خلال سنوات الانتفاضة تعني بالاستعراض بالسلاح و حمله بسبب و دون سبب, و الدخول به إلى المؤسسات الحكومية و المدنية و الخدماتية".
و نفى العميد عليان أن يكون جهاز الأمن الوقائي يتساهل مع أي عنصر من عناصره يستخدم سلاحه في غير مكانه كما يحدث في بعض الأجهزة الأخرى , مؤكداً أن دائرة الأمن الخاص و قسم الضبط الإداري في الجهاز ينشط في متابعة سلوك العناصر على مختلف رتبهم العسكرية, و محاسبة المسيء منهم من خلال عقوبات متنوعة تصل إلى الحجز مروراً بالعرض على النيابة و السجن وصولاً للطرد من الخدمة و ترقين القيد,لمن يثبت تورطهم في ارتكاب أعمال يحاسب عليها القانون .
و أوضح المسئول الأمني طبيعة مهام جهاز الوقائي مؤكدا أنه جهاز أمن داخلي يهتم بمكافحة التجسس, و متابعة تجاوزات النشاط المحلي القائم على الاحتكاك بالجمهور كأنشطة قطاعي التعليم و الصحة …الخ , و قال إن العمل في الأمن الوقائي يخضع لهيكلية واضحة و منظمة لا يعتريها لبس أو تضارب في أداء المهام, و أشار أن هناك تعاوناً مع جهاز الشرطة الفلسطينية قائلاً "على الرغم من التداخل الأمني الملحوظ في مهام الأجهزة الأمنية و تعدي الأجهزة على مهام بعضها البعض , فإن جهاز الأمن الوقائي يتعاون مع الشرطة في القضايا الجنائية مثل إدارة المخدرات و لطالما وفرنا لهم بعض المعلومات الثمينة التي تسهل قيامهم بمهامهم المناطة بهم" و أضاف في رده على سؤالٍ يتعلق بظهور الجريمة و الجريمة المنظمة في غزة " هناك حالات سجُلت في الآونة الأخيرة تنذر بتفشي الجريمة في قطاع غزة و لكنها ليست مخيفة إذا ما أدركنا أنها مظاهر مقرونة بحالة الترهل الأمني الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية , و هي مظاهر مرتبطة بعلاقات شخصية و عائلية على الأغلب , يمكن القضاء عليها في حال تم توفير الإمكانيات للأجهزة و أعادت بناء نفسها على القاعدة العلمية السليمة " و قال عليان أن الأمن الوقائي قد سجل نجاحات عديدة في ملاحقة بعض الجرائم التي تهم الرأي العام كجريمة اختطاف طفلة من عائلة "شويخ" التي تمكن الأمن الوقائي من إنقاذها و اعتقال الجناة الذين كانوا يطالبون بفدية لقاء إطلاق سراح الطفلة .
و قال عليان "إننا نتابع الجرائم السياسية مثل عمليات الاغتيال و التصفية و التهديد و غيرها , إلا أن تعدد مراكز القوى داخل مجتمعنا الفلسطيني و تعدد التنظيمات المسلحة قد فاقم من حالة الفلتان الأمني , كما أن بعض الأجهزة تعمل أحياناً لخدمة المصالح الشخصية لبعض المتنفذين,إلا أننا و ضمن الصلاحيات و الإمكانات المتاحة لا نتهاون في تطبيق القانون على أحد" .
و أدان العميد عليان الجريمة البشعة التي وقعت بحق المغدورة يسرى العزامي "الددا" التي قُتلت على يد عناصر من الجيش الشعبي التابع لحركة حماس, و قال "نشعر بالأسى و نحن نرى أرواحاً فلسطينية تُزهق بأيدي فلسطينية دون ارتكابها أي ذنب" , و ينفي عليان ما تردده بعض عناصر حماس من أن جهاز الأمن الوقائي له مصلحة في تضخيم الحادث للاستفادة منه لأغراض انتخابية قادمة, و قال "حجم الجريمة و بشاعتها و سرعة اكتشافها يعكس اهتمام الرأي العام بها , كما أن جهاز الأمن الوقائي لم يتدخل في هذه القضية لا من قريب و لا من بعيد و لم نحقق بها أصلاً ,لأن القضية في أيدي جهاز الشرطة و المباحث العامة الذين يتولون التحقيق فيها " و أوضح أن أهالي شمال قطاع غزة هم أول من أثاروا الموضوع و خرجوا بالتظاهرات المنددة بحالة الفلتان الأمني و إشهار السلاح الفلسطيني في وجه الفلسطيني و طالبوا بمحاكمة المجرمين الذين اعترفت حماس بهم , و حمل العميد عاطف عليان مسؤولية تردي الأمن في قطاع غزة إلى تباطؤ السلطة في تنفيذ الإصلاحات المنشودة ,و قال "لو عالجت السلطة عللها و رتبت صفوفها و بترت الأعضاء الفاسدة في جسمها و عملت على تقوية أجهزتها و توحيدها و فرضت القانون و النظام على الجميع دون استثناء ,لما تجرأت أي جهة على القيام بأي عمل يثير الفتنة و البلبلة في المجتمع و المساس بأمن المواطن, و لكن البعض يستغل الوضع الراهن من أجل إحراج السلطة و إظهارها على أنها عاجزة عن حماية المواطنين من خلال فقدها التأثير و القوة في المجتمع" .
و دعا عليان إلى اتفاق بين السلطة و فصائل المقاومة الفلسطينية يقضي بعدم حمل السلاح في الشوارع و الأماكن العامة ,و محاسبة كل من يستخدم سلاحه باتجاه غير الهدف الذي حمل من أجله السلاح , و طالب بحصر استخدام السلاح الخفيف في أيادي عناصر الأمن المكلفين بحماية المواطنين و ممتلكاتهم, و اعتقال كل من يستغل سلاحه من أجل تحقيق أهداف شخصية أو الاستعراض به أمام المواطنين ,و ناشد بتفعيل القوانين التي توفر أمن المجتمع المفقود .
و حول طبيعة العلاقة بين جهاز الأمن الوقائي و وزير الداخلية الجديد نصر يوسف في ضوء ما يتردد عن علاقة متوترة تربط الأخير بالأجهزة الأمنية ,قال العميد عليان "نحن مؤسسة منضبطة ضمن المؤسسة الأمنية الفلسطينية و علاقتنا بوزير الداخلية جيدة لأنها ضمن سياق الهيكلية الإدارية , كما أننا نحترم أي قرار سياسي, و نطمح من وزير الداخلية أن يوفر الإمكانيات اللازمة للأجهزة الأمنية كي تتحرك بقوة نحو توفير الأمن و إعادة النظام و القانون لكافة مؤسسات المجتمع" .
و في موضوع ذي صلة, أوضح العميد عليان أن قرار الرئيس بدمج الأجهزة في ثلاثة أجهزة أمن تتبع وزير الداخلية تتلخص في أن يكون : جهاز للمخابرات العامة , و آخر يعمل تحت سقف الأمن الداخلي يضم كلاً من : جهاز الأمن الوقائي و الشرطة و الدفاع المدني , فيما سيشمل الجهاز الثالث كافة أجهزة الأمن التي يرتدي أفرادها الزي العسكري الأخضر كالأمن الوطني و الاستخبارات و غيرها , و أوضح أن اسم وزارة الداخلية سيكون وزارة الداخلية و الأمن الوطني.
و يؤكد العميد عليان " أن جهاز الأمن الوقائي قد أعد خطة أمنية متكاملة لقطاع غزة في حال تنفيذ إسرائيل انسحابها منه في آب المقبل , و قال إن قيادة الجهاز قد عرضتها لنقاشها و إقرارها , و يتهم عليان حكومة الاحتلال بعدم الوضوح في تعاطيها مع تفاصيل الإخلاء كالتعامل مع الممتلكات التي سيخلفها المستوطنون , و أضاف أن الأراضي التي صودرت في الانتفاضة سيتم إرجاعها إلى أصحابها الذين يملكون أوراق ثبوتية تؤكد ملكيتهم لها.
و يعتبر العميد عليان أن أولى مهام جهاز الأمن الوقائي هي مكافحة التجسس و متابعة ملفات المتورطين مع جهاز "الشين بيت" الإسرائيلي, و قال "إن قيادة الجهاز تعمل منذ تم تشكيلة على الكشف عن شبكات التجسس التي توظفها إسرائيل لضرب المجتمع الفلسطيني , أمناً و اقتصاداً و حياة , و اشتغلنا على مدار سنوات الانتفاضة الأخيرة على كل من اكتشفنا تجنيدهم من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية , و كذلك أولئك المتورطين في عمليات اغتيال سياسي أو جمع معلومات أو تجنيد عملاء جدد " و أوضح عليان أن مكافحة الجوسسة أمراً ليس سهلاً ,لأن أحداً لا يعمل بشكل علني و خصوصاً بعد أن اتبع جهاز "الشين بيت" الإسرائيلي "طريقة التجنيد الفردي" على عكس ما كان يقوم به في الماضي "بتنظيم شبكات و خلايا" من العملاء يعرف بعضهم البعض , الأمر الذي كان يسهل عملية القبض على المتورطين في الارتباط مع دولة الاحتلال ممن باعوا أنفسهم .
و يقول عليان " إن عمليات الإسقاط فيما مضى كانت تتم عبر الجنس أو الحاجة إلى المال بينما رأينا عدداً من الحالات في هذه الانتفاضة , سقطوا في مستنقع العمالة على الرغم من أنهم من عائلات شريفة و محترمة و سلوكياتهم في المجتمع ليست منحرفة لتلفت الانتباه لهم, و لكنهم يتعرضون لحالات ترويع و ترهيب شديدين و مقايضة على قضايا مصيرية كالسفر لإكمال دراسة , و يستغل الإسرائيليون أيضاً ضعف شخصياتهم و حاجاتهم الملحة للمال" ,و يشير عليان إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تتعمد خلق حالة من الإحباط و نشر أجواء من عدم الثقة و الشك في الشارع الفلسطيني من خلال تضخيم أعداد المتعاونين مع إسرائيل, و يؤكد عليان أن أعداد العملاء ليس بالآلاف كما يدعي "الشين بيت" و لا تتجاوز المئات , و أشار أن الكثيرين ممن عُرض عليهم التعاون مع "الشين بيت" جاؤوا لمقرات الأمن الوقائي طلباً للحماية و تخليص أنفسهم من الشبهات , الشيء الذي يُعتز به في المجتمع الفلسطيني , و أكد عليان "أن أحكاماً بالإعدام قد نُفذت بحق العملاء المتورطين في اغتيالات و جرائم سياسية و لازالت بعض أحكام الإعدامات تنتظر التنفيذ , كما يقبع عشرات العملاء في سجون السلطة لقضاء فترات محكومياتهم المتفاوتة بينما ينتظر البعض محاكمات ".
و حول ملف الفساد و الإصلاح في السلطة , يعتبر عليان أن الأمن الوقائي يتحمل أكثر الأعباء في مكافحته الفساد , و قال " لدينا ملفات دسمة تتعلق بالفساد الإداري و المالي و الأخلاقي لمسئولين يعملون في أجهزة و وزارات و مؤسسات السلطة الفلسطينية , و لطالما نادينا و رفعنا هذه الملفات للرئيس الشهيد ياسر عرفات , و نرفعها الآن للرئيس أبو مازن للتصرف فيها وفق ما يرضي جماهير شعبنا التي تطمح لإصلاح فلسطيني شامل ".
*الطليعة
التعليقات