هيفاء وأخواتها بقلم: محمود زكارنة

هيفاء وأخواتها بقلم: محمود زكارنة
هيفاء وأخواتها

بقلم محمود زكارنة


بغير كشف الساقين.. وهز الخصر والردفين.. وإطلاق العنان لمقدمة الحضارة المندفعة.. وعجز الأدب الصارخ.. وألوان ديفنشي.. يكون الغناء العربي الحديث مغشوشا.. من هذه القاعدة تنطلق هيفاء وأخواتها والفتيات اللواتي يمتلكن القوام الرشيقة، والوجوه الحسنة، والمفاتن الواضحة، إلى عالم الشهرة باسم الفن والغناء، فيدخلن عالم الفن بنعمة الجسد لا بنعمة الصوت والموهبة، وكأن الساحة الفنية أصبحت سوقا للجزارة، لكثرة المعروض من اللحم الفني الملون، كل تقدم بضاعتها بالطريقة التي تراها مناسبة في الوصول السريع إلى الشهرة والنجومية، والفائزة من تكون أكثر جرأة في عرض بضاعتها على " الزبون" الجمهور، عبر الفضائيات التي تتحفنا بالعديد من هذه الوجوه والنوعية بوساطة الفيديو كليب، الذي لا ترى فيه سوى لحوم متحركة مع تغيير في اللون ببعض الأجزاء، فانتقل الفن من الموهبة والإبداع إلى الإثارة والأغراء.

وأصبح نجاح الفنانة في وقتنا الحالي يعتمد على قدرتها في تسويق مفاتن جسدها بأساليب الإثارة والأغراء.. ومزيدا من العري إلى الجمهور.. بكشف الصدر تارة.. وتعرية السيقان تارة أخرى.. وملابس فاضحة تكشف البطن.. وتعصر الفخذين.. فاستطاعت كثير من الفنانات، أمثال هيفاء ونجلاء وغيرهن من الفتيات اللاهثات وراء الأضواء والشهرة أن تغزي الساحة الفنية بأجسادهن لا بأصواتهن، فكشف التضاريس الجسدية شرط أساسي لقبول المغنية، فكانت هيفاء الأشطر والأكثر إدارة وغنجا في تسويق بضاعتها إلى الزبون، إلا أن حزب العرض والمعارضة التي تقوده أليسا، روبي لم يستسلم إلى معروض هيفاء ويواصل العرض بنفس الإمكانيات والقدرات مع جودة في منتج الغنج والدلال والجرأة في التعري، فحقق نجاحا في معركة التنافس مع حزب هيفاء القائم في فلسفة أفكاره على الخروج عن قواعد العفة والأخلاق.

وبدلا أن تكون الأغنية جميلة يرددها الجميع باختلاف الأجيال أضحت صورة جميلة تعجب المراهقين والبائسين وقبيحة عند العاقلين المحافظين، لما لها من مخاطر وأبعاد على سلوك الأبناء وتربية الأطفال وقيم المجتمع التي أصبحت تضرب من كل صوب واتجاه.

فتحول المزاج الفني العربي من مزاج عقل وفن إلى مزاج غريزة وتهيج عصبي، تغذيه الإيقاعات الراقصة التي تدفع الجسد للتمايل نحو اليمين والشمال دون أي اهتمام بمستوى الكلمة واللحن، ونجد أن نجاح أي أغنية أصبح مربوطا بحالة العري والكلمة المائعة( رجب حوش صاحبك عني)، فأغاني هيفاء وزميلاتها أمثال تلك التي تظهر عارية في بانيو الحليب تخاطب الأعصاب والغريزة، وتبتعد عن مخاطبة الأذن والعقل والذوق الفني الرفيع.

فهذه الفئة من المغريات والمثيرات يجرحن الأغنية العربية التي حافظ عليها كوكبة من عمالقة الفن في أواسط القرن الماضي في اللحن والكلمة والأداء، والتي تجسدت في ألحان عبد الوهاب والسنباطي وكلمات احمد رامي وأداء وإحساس أم كلثوم التي وحدت الأمة بأغانيها لا بمفاتن أنوثتها.

أصبحت الأغنية العربية اليوم يتيمة مع فنانات عولمة الجسد، التي ترتادها كثير من الفتيات كأسهل وسيلة مسموحة للشهرة والثراء باسم الفن والديمقراطية والحرية الشخصية المصانة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فعارضات الجسد بصبغة الفن يذبحن القيم، ويطعن الأخلاق، ويقتلن الحياء، ويشوهن تعاليم الأديان، ويسئن للمرأة نفسها، ولمفاهيم الحرية ومبادئ الديمقراطية التي يتغنين بها، ويدمرن بهذه الأجساد العارية أجيال هذه الأمة وتضعهم تحت ضغط نفسي كبير.

فعولمة عرض اللحم الرخيص تبث الفوضى وتحلل المجتمعات، بتسللها إلى نخاع المجتمع العربي وشبابه، فتطفئ فتيل حيويته ويغرق في بحر الغريزة الحيوانية تماما.

يا أخي لقد بالغنا في ظلم هيفاء ومنافساتها على هذا العطاء فهن من يواصلن العمل ليل نهار للارتقاء بالمستوى الحضاري للأمة، ببناء جيل متربي على قيم وأخلاق هيفاء نانسي أليسا نجلاء روبي، كيف لا وهن يناضلن من اجل الحفاظ على مدرسة القيم والأخلاق، ولا يمارسن موهبتهن إلا من وراء ستار أو من خلف حجاب، حتى لا يخرجن عن قواعد الذوق والأخلاق وللحفاظ على الموروث والعادات.كم نحن ظالمين يا شيخ؟؟وكم معلوماتنا مغلوطة عن المربية هيفاء والمحتشمة أليسا والماجدة نجلاء؟؟فنانات أخر زمن!!!

[email protected]

التعليقات