جمعية اسلامية تدعمها المخابرات الاسرائيلية بقلم:معتصم عيسى

بقلم : معتصم عيسى

كنت قد كتبت مقالا حول الأداء السيء والمشبوه لجمعية تدعي انتسابها لمنظومة العمل الخيري ، ورغم أني حرصت على التأكيد بأن تلك الحالة المريضة لا تمثل العمل الانساني والخيري وأنها تمثل حالة شاذة نسعى لمحاصرتها كي لا تتحول الى ظاهرة تسيء الى الهدف النبيل والغاية الدينية السامية ، فقد تطوع البعض لاتهامي بمحاولة ابعاد الناس عن مجال التبرع ومؤازرة الفقراء وكأني أريد تشكيك المتبرعين والمحسنين بأهداف العمل الخيري ، وهي مغالطة كبرى .

فبالعودة الى أهداف الاعلام النبيلة لا بد من التذكير بأن احدى أهم غايات العمل الصحفي تتلخص بايصال الحقيقة والمساهمة في التوعية عبر الالتزام بفضح الممارسات الخاطئة وتعرية أصحابها وليس من واجبات الاعلام التستر على الأخطاء والنواقص تحت أي مبرر كان أو أن يتغنى الاعلاميون بالجوانب المشرقة في مجتمعاتهم ويتعاموا عن السلبيات وكأننا نعيش في المدينة الفاضلة أو ظنا منهم أن تناسي السلبيات يؤدي لازالتها ، والا لتحولت الصحافة الى مجرد بوق للحكام وأزلامهم والظالمين وأتباعهم ، وهو دور لا ولن نرتضيه لأنفسنا مهما تكن الظروف المحيطة بعملنا والتي تزيد من تعقيد مهنتنا .

ولتوضيح أسباب مناقشة تلك الفكرة لا بد من ذكر جزء كبير من الحقائق التي وعدت القراء بالتطرق اليها اذا استمرت تلك الجمعية بأعمالها المشبوهة وهو ما وعدت به سابقا .

لقد ادعت مجموعة من الأشخاص اهتمامها بالعمل الخيري وتظاهر أولئك الانتهازيون أنهم بصدد تأسيس جمعية خيرية تعنى بايصال المساعدات للمحتاجين من أبناء الشعب الفلسطيني وهي الغاية النبيلة التي دفعت الكثير من الخيرين للمساهمة في تأسيس واشهار الجمعية وتأمين مساعدات منتظمة تكفل القيام بالمهمات المطلوبة .

وبالفعل تم الاعلان عن تأسيس جمعية ..... التي تنقل المسؤولون عنها من بلد عربي لآخر وهم يجمعون التبرعات ويقومون بحملات توزيع للمساعدات تبين فيما بعد وباعتراف بعض ( المنشقين عن الجمعية ) أن ما يتم توزيعه لا يمثل ربع ما تتلقاه الجمعية من مساعدات .

ثم اختلف اللصوص على حصة كل واحد منهم وعرف أحد الذين ساهموا في أعمال الجمعية أن رئيس الجمعية يجري اتصالات مع جهات اسرائيلية بحجة ترتيب حملة تبرعات ومساعدات داخل فلسطين ، وتابع الرجل تلك المسألة ليتبين له أن رئيس الجمعية يرتبط بعلاقات مشبوهة بجهات أمنية اسرائيلية ،وتمت متابعة ذلك الملف عبر جهاز أمن عربي حيث بادر الأمن لمداهمة مقر الجمعية ومصادرة وثائق ومراسلات تؤكد تورط الجمعية بأعمال خيانية .

وبالتحقيق مع أحد المتورطين اعترف الرجل بأن ادارة الجمعية تعمل على بناء علاقات وطيدة مع الحركات الاسلامية بتوجيهات من الموساد .

وتوالت الفضائح المالية واكتشاف حجم الاختلاسات التي تجاوزت النصف مليون دولار .

أما ادارة الجمعية فقد انتقلت الى داخل فلسطين بذريعة القيام بحملة لتوزيع المساعدات على سكان المخيمات وهي الحملة التي أعلن عنها ولم تتم على أرض الواقع ، واكتفت الادارة بمحاولة اختراق حركات اسلامية والاقامة داخل مناطق الخط الأخضر برعاية اسرائيلية .

تلك بعض الاضاءات التي تطال جوانب محددة من نشاط الجمعية وما خفي كان أعظم ، وعلى الرغم من مرارة الحقيقة فلا بد من التذكير مجددا بأن حالة شاذة وانتهازية كهذه لا تعني أن الجمعيات الخيرية سيئة أو أن من واجبنا الابتعاد عن عمل الخير ، لكن الواجب الأخلاقي والانساني يفرضان علينا جميعا التفريق بين عمل الخير والخيانة واللصوصية .

سيبقى عمل الخير قائما الى يوم الدين ، ولن يتراجع أهل الخير عن رغبتهم في تقديم المساعدة للمحتاجين ، ولكن لاضير من التحقق من الجهة التي تتولى ايصال المساعدات لمحتاجيها ، وليس مسموحا أن يمارس البعض خيانتهم ولصوصيتهم تحت عباءة الدين والذي هو بريء من تلك الصورة التي يراد تسويقها عمدا عن الاسلام وأهله .

رئيس تحرير جريدة البيارق - دمشق

التعليقات