قصة قرية بقطاع غزة يسكنها العملاء

غزة-دنيا الوطن
مع اقتراب انسحاب إسرائيل من قطاع غزة المقرر في يوليو 2005 تتطلع عشرات الأسر الفلسطينية بقرية "الدهينية" شرق مدينة رفح لرد اعتبار بلدتهم مع سحب الاحتلال عملاءه الذين وطنهم بالقرية فلوثوا سمعتها حتى أصبحت تعرف في أوساط الفلسطينيين بقرية "الخونة والعملاء".
وقد دفع الأذى النفسي بعض أهالي "الدهينية" إلى الرحيل عنها مضحين بممتلكاتهم، خاصة بعد أن ضمتها إسرائيل عقب تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، ومنحت سكانها الجنسية الإسرائيلية، وطوقت القرية بسور أمني حصين؛ مما حول حياة هذه الأسر إلى جحيم لا يطاق.
ومع اعتزام الاحتلال سحب قواته من القطاع وجدت إسرائيل نفسها مضطرة لإخلاء "الدهينية"؛ مما قد يهدد حياة عملائها، ومن ثم قررت هدم القرية، ونقل العملاء المقيمين فيها إلى داخل أراضي الخط الأخضر (فلسطين المحتلة عام 1948)، وفق ما نقلته الإذاعة العبرية عن مصادر أمنية إسرائيلية مسئولة يوم 21-3-2005.
وأوضحت المصادر أن هذا القرار جاء بعد أن طلبت العائلات المتعاونة نقلها خارج القطاع؛ خوفا من معاقبتهم والتنكيل بهم من قبل أهالي القرية عقب الانسحاب الإسرائيلي منها.
"وكر للعملاء"
وحول تجربته الشخصية في العيش بالقرية قال "فرج أبو أشتيوي" -45 عاما- لـ"إسلام أون لاين.نت" السبت 26-3-2005: "لقد أفسد العملاء قريتنا وحولوها إلى وكر لهم؛ ومن ثم آثرت الرحيل وترك أرضي هناك، والسكن بالقرب من معبر رفح".
وتابع: "لقد حرمنا الاحتلال من العيش بسلام، وبعد أن قررت إسرائيل مع مطلع انتفاضة الأقصى (28 سبتمبر 2000) ضم القرية كليا إليها، ومنح سكانها الجنسية تركت البلدة أنا وزوجتي وأبنائي في حين آثر أخي وزوجته وأطفاله العيش هناك بسبب حاجته للعمل داخل الخط الأخضر ليس إلا".
وحول رفضه العيش هناك وحمل الجنسية الإسرائيلية أضاف أبو أشتيوي: "سكان القرية الأصليون جميعهم فلسطينيون شرفاء وموضوع جلب العملاء إلى القرية كان خطة إسرائيلية أمنية للسيطرة على هذه المنطقة ذات الموقع المتميز، ونحن نرفض الانضمام لإسرائيل والتضحية بجذورنا".
شرفاء.. وعملاء
وحول سكان "الدهينية" الأصليين قال أبو أشتيوي: أهلها الأصليون "هم عائلتا أبو أشتيوي وأبو أرميلان". ونفى أن يكون كل سكان القرية من المتعاونين مع الاحتلال قائلاً: "تعيش العشرات من الأسر الفلسطينية غير المتعاونة مع إسرائيل بالقرية، إلا أن الظروف الصعبة أجبرتها على العيش في عزلة عن محيطها الفلسطيني، ولا تزال هذه العائلات مجبرة على العيش بجوار ما تبقى من العملاء الذين لم ينتقلوا إلى إسرائيل بعد".
وتابع: "أنا على اتصال دائم بأهلي بالدهينية وجميعهم يعيشون مصيرا مجهولا، مترقبين كيف سيواجهون المرحلة المقبلة في حال الانسحاب".
قصة الدهينية
وتقع قرية الدهينية الحدودية في موقع مميز على مثلث تلتقي عنده أراضي السلطة الفلسطينية وفلسطين المحتلة عام 1948 والحدود المصرية جنوب شرق مدينة رفح، كما أنها منطقة نائية ومحصنة نوعاً ما، ويوجد بها معبر إلى الأراضي المحتلة عام 1948 كان يطلق عليه اسم "كرم أبو سالم"؛ ولذا اختارتها إسرائيل لتصبح منطقة أمنية تابعة لجيشها.
وتقول مصادر أمنية فلسطينية: "إن بداية تحول الدهينية إلى ملاذٍ للعملاء كانت خلال عقد السبعينيات من القرن الماضي عندما كانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحتل سيناء المصرية، وظهر في منطقة سيناء ضابط إسرائيلي يدعى عوفر كانت مهمته شراء الأراضي من أهالي منطقة سيناء. ولخوف هؤلاء الذين باعوا أراضيهم من الانتقام وفرت لهم إسرائيل مأوى بقرية الدهينية مع انسحابها من سيناء عام 1982".
وتقدر مساحة القرية بنحو 2000 دونم (الدونم 1000 متر مربع)، ويوجد بها أراض زراعية، ومنطقة سكنية تم تخطيطها وتأسيس البنية التحتية لها من قبل سلطات الاحتلال؛ مما ميز الدهينية عن بقية أجزاء القطاع التي دمرتها القوات الإسرائيلية بفعل اعتداءاتها المتكررة بحق الشعب الفلسطيني.
ومع انطلاق الانتفاضة الأولى عام 1987 وملاحقة المقاومة الفلسطينية للعملاء أضافت إسرائيل للقرية عملاء جددا، هم الذين هربوا للدهينية من كافة أنحاء القطاع؛ مما زاد من عزلة القرية؛ حيث تم إقامة سور حولها، وأصبح الدخول والخروج منها يتطلب تصاريح خاصة، كما تم فتحها على الأراضي المحتلة عام 48.
وتعتقد المصادر الفلسطينية أن عددا محدودا من العملاء لا يتجاوز 10% من عدد السكان يسكن القرية حالياً؛ فخلال السنوات الأخيرة غادر معظم العملاء إلى داخل إسرائيل، خاصة عقب انطلاق انتفاضة الأقصى، وتعقُّد الإجراءات الأمنية في الدهينية.
وقد أدت ملاحقة المقاومة الفلسطينية للعملاء الذين كانوا يخرجون من القرية إلى عزلهم بشكل تام، خاصة بعد أن تمكنت المقاومة خلال الانتفاضة الأولى من اصطياد بعض هؤلاء العملاء وقتلهم أثناء خروجهم منها لقضاء مصالحهم أو زيارة ذويهم.
وفي عام 1994 غادر نحو 40 عائلة فلسطينية القرية إلى رفح بعد إغلاق الدهينية بشكل كامل؛ حيث رفض هؤلاء أن ينعزلوا عن محيطهم الفلسطيني، وأن يبقوا تحت الاحتلال.
وتعد القرية ممرا للبضائع المهربة والمخدرات نظراً لارتباطها بإسرائيل، ووفق اعترافات بعض العملاء فقد كانت "الدهينية" مسرحا لإجراءات المقابلات معهم من قبل ضباط الاستخبارات الإسرائيلية، حيث يتم تكليفهم بالتخابر على المقاومة الفلسطينية.
وقد مكنت المعلومات التي ينقلها هؤلاء العملاء إسرائيل من اغتيال العشرات من قادة وأفراد المقاومة الفلسطينية، كان في صدارتهم الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في 22 مارس 2004، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي قائد الحركة بغزة في 17 إبريل 2004.
وتطالب فصائل المقاومة بشكل مستمر بتنفيذ حكم الإعدام بحق العملاء ذوي العلاقة باغتيال أفراد المقاومة وقادتها، إلا أن السلطة الفلسطينية لم تنفذ إلا جزءاً محدودًا من هذه الأحكام من أجل امتصاص غضب الشارع الفلسطيني، وأيضًا بسبب الأوضاع الأمنية المتردية التي كانت تعيشها المدن الفلسطينية في ظل الاجتياحات الإسرائيلية المتواصلة لها.
يذكر أنه مع انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في مايو 2000 منحت عملاءها الذين كانوا ضمن جيش لبنان الجنوبي والمعروفين باسم "عملاء لحد" بقيادة أنطوان لحد وعائلاتهم تأشيرات دخول تخوّل لهم العمل في إسرائيل، والاستفادة من تقديم الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.
مع اقتراب انسحاب إسرائيل من قطاع غزة المقرر في يوليو 2005 تتطلع عشرات الأسر الفلسطينية بقرية "الدهينية" شرق مدينة رفح لرد اعتبار بلدتهم مع سحب الاحتلال عملاءه الذين وطنهم بالقرية فلوثوا سمعتها حتى أصبحت تعرف في أوساط الفلسطينيين بقرية "الخونة والعملاء".
وقد دفع الأذى النفسي بعض أهالي "الدهينية" إلى الرحيل عنها مضحين بممتلكاتهم، خاصة بعد أن ضمتها إسرائيل عقب تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، ومنحت سكانها الجنسية الإسرائيلية، وطوقت القرية بسور أمني حصين؛ مما حول حياة هذه الأسر إلى جحيم لا يطاق.
ومع اعتزام الاحتلال سحب قواته من القطاع وجدت إسرائيل نفسها مضطرة لإخلاء "الدهينية"؛ مما قد يهدد حياة عملائها، ومن ثم قررت هدم القرية، ونقل العملاء المقيمين فيها إلى داخل أراضي الخط الأخضر (فلسطين المحتلة عام 1948)، وفق ما نقلته الإذاعة العبرية عن مصادر أمنية إسرائيلية مسئولة يوم 21-3-2005.
وأوضحت المصادر أن هذا القرار جاء بعد أن طلبت العائلات المتعاونة نقلها خارج القطاع؛ خوفا من معاقبتهم والتنكيل بهم من قبل أهالي القرية عقب الانسحاب الإسرائيلي منها.
"وكر للعملاء"
وحول تجربته الشخصية في العيش بالقرية قال "فرج أبو أشتيوي" -45 عاما- لـ"إسلام أون لاين.نت" السبت 26-3-2005: "لقد أفسد العملاء قريتنا وحولوها إلى وكر لهم؛ ومن ثم آثرت الرحيل وترك أرضي هناك، والسكن بالقرب من معبر رفح".
وتابع: "لقد حرمنا الاحتلال من العيش بسلام، وبعد أن قررت إسرائيل مع مطلع انتفاضة الأقصى (28 سبتمبر 2000) ضم القرية كليا إليها، ومنح سكانها الجنسية تركت البلدة أنا وزوجتي وأبنائي في حين آثر أخي وزوجته وأطفاله العيش هناك بسبب حاجته للعمل داخل الخط الأخضر ليس إلا".
وحول رفضه العيش هناك وحمل الجنسية الإسرائيلية أضاف أبو أشتيوي: "سكان القرية الأصليون جميعهم فلسطينيون شرفاء وموضوع جلب العملاء إلى القرية كان خطة إسرائيلية أمنية للسيطرة على هذه المنطقة ذات الموقع المتميز، ونحن نرفض الانضمام لإسرائيل والتضحية بجذورنا".
شرفاء.. وعملاء
وحول سكان "الدهينية" الأصليين قال أبو أشتيوي: أهلها الأصليون "هم عائلتا أبو أشتيوي وأبو أرميلان". ونفى أن يكون كل سكان القرية من المتعاونين مع الاحتلال قائلاً: "تعيش العشرات من الأسر الفلسطينية غير المتعاونة مع إسرائيل بالقرية، إلا أن الظروف الصعبة أجبرتها على العيش في عزلة عن محيطها الفلسطيني، ولا تزال هذه العائلات مجبرة على العيش بجوار ما تبقى من العملاء الذين لم ينتقلوا إلى إسرائيل بعد".
وتابع: "أنا على اتصال دائم بأهلي بالدهينية وجميعهم يعيشون مصيرا مجهولا، مترقبين كيف سيواجهون المرحلة المقبلة في حال الانسحاب".
قصة الدهينية
وتقع قرية الدهينية الحدودية في موقع مميز على مثلث تلتقي عنده أراضي السلطة الفلسطينية وفلسطين المحتلة عام 1948 والحدود المصرية جنوب شرق مدينة رفح، كما أنها منطقة نائية ومحصنة نوعاً ما، ويوجد بها معبر إلى الأراضي المحتلة عام 1948 كان يطلق عليه اسم "كرم أبو سالم"؛ ولذا اختارتها إسرائيل لتصبح منطقة أمنية تابعة لجيشها.
وتقول مصادر أمنية فلسطينية: "إن بداية تحول الدهينية إلى ملاذٍ للعملاء كانت خلال عقد السبعينيات من القرن الماضي عندما كانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحتل سيناء المصرية، وظهر في منطقة سيناء ضابط إسرائيلي يدعى عوفر كانت مهمته شراء الأراضي من أهالي منطقة سيناء. ولخوف هؤلاء الذين باعوا أراضيهم من الانتقام وفرت لهم إسرائيل مأوى بقرية الدهينية مع انسحابها من سيناء عام 1982".
وتقدر مساحة القرية بنحو 2000 دونم (الدونم 1000 متر مربع)، ويوجد بها أراض زراعية، ومنطقة سكنية تم تخطيطها وتأسيس البنية التحتية لها من قبل سلطات الاحتلال؛ مما ميز الدهينية عن بقية أجزاء القطاع التي دمرتها القوات الإسرائيلية بفعل اعتداءاتها المتكررة بحق الشعب الفلسطيني.
ومع انطلاق الانتفاضة الأولى عام 1987 وملاحقة المقاومة الفلسطينية للعملاء أضافت إسرائيل للقرية عملاء جددا، هم الذين هربوا للدهينية من كافة أنحاء القطاع؛ مما زاد من عزلة القرية؛ حيث تم إقامة سور حولها، وأصبح الدخول والخروج منها يتطلب تصاريح خاصة، كما تم فتحها على الأراضي المحتلة عام 48.
وتعتقد المصادر الفلسطينية أن عددا محدودا من العملاء لا يتجاوز 10% من عدد السكان يسكن القرية حالياً؛ فخلال السنوات الأخيرة غادر معظم العملاء إلى داخل إسرائيل، خاصة عقب انطلاق انتفاضة الأقصى، وتعقُّد الإجراءات الأمنية في الدهينية.
وقد أدت ملاحقة المقاومة الفلسطينية للعملاء الذين كانوا يخرجون من القرية إلى عزلهم بشكل تام، خاصة بعد أن تمكنت المقاومة خلال الانتفاضة الأولى من اصطياد بعض هؤلاء العملاء وقتلهم أثناء خروجهم منها لقضاء مصالحهم أو زيارة ذويهم.
وفي عام 1994 غادر نحو 40 عائلة فلسطينية القرية إلى رفح بعد إغلاق الدهينية بشكل كامل؛ حيث رفض هؤلاء أن ينعزلوا عن محيطهم الفلسطيني، وأن يبقوا تحت الاحتلال.
وتعد القرية ممرا للبضائع المهربة والمخدرات نظراً لارتباطها بإسرائيل، ووفق اعترافات بعض العملاء فقد كانت "الدهينية" مسرحا لإجراءات المقابلات معهم من قبل ضباط الاستخبارات الإسرائيلية، حيث يتم تكليفهم بالتخابر على المقاومة الفلسطينية.
وقد مكنت المعلومات التي ينقلها هؤلاء العملاء إسرائيل من اغتيال العشرات من قادة وأفراد المقاومة الفلسطينية، كان في صدارتهم الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في 22 مارس 2004، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي قائد الحركة بغزة في 17 إبريل 2004.
وتطالب فصائل المقاومة بشكل مستمر بتنفيذ حكم الإعدام بحق العملاء ذوي العلاقة باغتيال أفراد المقاومة وقادتها، إلا أن السلطة الفلسطينية لم تنفذ إلا جزءاً محدودًا من هذه الأحكام من أجل امتصاص غضب الشارع الفلسطيني، وأيضًا بسبب الأوضاع الأمنية المتردية التي كانت تعيشها المدن الفلسطينية في ظل الاجتياحات الإسرائيلية المتواصلة لها.
يذكر أنه مع انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في مايو 2000 منحت عملاءها الذين كانوا ضمن جيش لبنان الجنوبي والمعروفين باسم "عملاء لحد" بقيادة أنطوان لحد وعائلاتهم تأشيرات دخول تخوّل لهم العمل في إسرائيل، والاستفادة من تقديم الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.
التعليقات