سباق الاسنان النووية بين مفاعل كاهوتا الباكستاني وديمونا الإسرائيلي
سباق الاسنان النووية بين مفاعل كاهوتا الباكستاني وديمونا الإسرائيلي
ممر خيبر تحول طريقا لتسريب اليورانيوم والبلوتونيوم والزئبق الأحمر وبعض متعهدي " البازار " جرت تصفيتهم في ظروف مثيرة !
تقرير مخابراتي امريكي :" خان لم يقل كل الحقيقة و25 عالما عملوا معه كانوا متواطئين وبين 1999 و 2003 وصل سرا 44 مرة الى الخليج !"
بنازير بوتو امرأة التسريب النووي وضباط كبار في الجيش كانوا على علم به والخيانة تشمل رؤوسا كبيرة في الحكم منذ 1992 .
معلومات في لندن افادت ان تفكيك البرنامج الليبي تحول مصدرا لخيوط وخطوط التعاون السري بين طهران واسلام اباد .
شركات وهمية وعناوين زائفة ومسرحيات تضليل رافقت عمليات نقل معدات البرنامج الايراني بطائرات " تشارتر " وعبر طرق بلوشستان .
حركة طالبان اغرت علماء باكستانيين ومختبرات كاهوتا تعج بتقنيين اصوليين يريدون تزويد دول اسلامية بالسلاح النووي .
مخاوف من هجوم كارثي يستهدف الولايات المتحدة بالقنبلة القذرة او لفائف الجراثيم القاتلة او تفجير مفاعلات ذرية .
يبدو ان " القاعدة " نجحت في اخفاء رؤوس نووية تحت الأرض في افغانستان كما نجح عبد القدير خان مهندس البرنامج الباكستاني للأسلحة النووية بعد سرقة تصاميم اجهزة طرد مركزي من كونسورتيوم اوروبي لتصنيع المعدات النووية في شحن مكونات اجهزة طرد مركزي الى ليبيا مستخدما ماليزيا ثم دبي وفي مساعدة كوريا الشمالية لامتلاك وقود نووي وتقديم اسلحة نووية ورسوم ومعدات الى ايران .
وبعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001 ازداد الكلام على الارهاب وعلى استيراد العراق لليورانيوم من النيجر وعلى تعاون باكستاني افغاني في مجالات الارهاب واسلحة الدمار الشامل ، وتطورت العلاقات النووية بين اسرائيل والهند وضبط الامريكيون اجهزة طرد في طريقها الى ليبيا ، واستخدم العراقيون من قبل الاسلحة الكيماوية في حلبجة الكردية وارتبطت الحرب على المتطرفين بمسألة اسلحة الدمار الشامل .
ودبت " الفوضى النووية " بعد سقوط الاتحاد السوفييتي فاختفت الرؤوس النووية وتوسعت رقعة السوق السوداء وتحولت اوروبا الى ممر للأسلحة الفتاكة تتجه خصوصا الى الشرق الاوسط والغريب هنا ان الاستخبارات الامريكية ظلت خلال 15 سنة تلاحق تحركات عبد القدير خان من دون ان توقف نشاطاته حتى بات الخطر النووي يهدد العالم وانتشرت الاسلحة المدمرة في اكثر من 40 دولة وراح خان ينام على حرير ملايين الدولارات .
وفجأة استقال ديفيد كيلي وهو ينتقد استراتيجية البحث عن اسلحة دمار شامل في العراق وفتحت ليبيا ابواب منشآتها النووية امام المفتشين وتعهدت ايران بوقف نشاطاتها لتخصيب اليورانيوم واستمر الحوار مع كوريا الشمالية وتكررت الرسائل من امريكا واوروبا الى سوريا وتطورت بشكل ايجابي في الجانب الليبي فأعادت واشنطن حضورها الدبلوماسي وبادرت الى مساعدات طبية واقتصادية وقد تلغى قريبا اسم ليبيا في قائمة " الدول المارقة " .
لكن الامور في الجانب الايراني اخذت تتعقد بعد اتهام جون بولتون وكيل وزارة الخارجية الامريكية طهران بمواصلة جهودها لامتلاك اسلحة نووية ، وبالتراجع عن تعهدات بينها وبين الاوروبيين وعثر مفتشون تابعون للوكالة الدولية للطاقة الذرية على تصاميم متطورة لأجهزة طرد مركزي لم تعلم عنها طهران من قبل ولعل ذلك كان نتيجة تعاون الرئيس الباكستاني والامريكيين بعد العفو عن عبد القدير خان الذي يحمل اسرار اسلحة الدمار الشامل في غير دولة وقدمت مصانعه لائحة بالصادرات الى هذه الدول الامر الذي كشف ما كان مستورا .
ووقف العالم مرتعبا بازاء هذه التجارة التي افتتحتها اسرائيل عندما سربت مواد قنبلتها من فرنسا وغيرها على الرغم من معارضة ديغول اوائل الخمسينات من القرن الماضي والآن تنبه العالم الى خطر ما يجري فقال محمد البرادعي المدير العام لوكالة الطاقة ان العام يتجه نحو الدمار لذلك يجب ان يوقف فورا انتشار تكنولوجيا الاسلحة النووية التي اصبح الحصول عليها على نطاق واسع وتحدث عن شبكة معقدة تنتشر في انحاء العالم يمكنها نقل نظم انتاج مواد تستخدم في صنع اسلحة .
وقد تزامنت هذه التصريحات مع تحرك امريكي لمواجهة خطر الانتشار النووي ومع ازدياد المخاوف من احتمال وصول التكنولوجيا والخبرات النووية الى مجموعات ارهابية ولذلك هددت واشنطن عصابات التهريب والدول التي تشكل مصادر ومعايير للمواد المحظورة بعقوبات صارمة .
قال بوش :" سنعثر على الوسطاء والمزودين والمشترين ، يجب ان تكون رسالتنا الى من يقومون بنشر الاسلحة واضحة ، سنعثر عليكم ولن نتهاون في جهودنا قبل اعتقالكم " ، على ان الموقف الامريكي هذا يبقى ضعيفا ويفتقر الى العدالة ما دام يحمي دولا نووية شأن اسرائيل وباكستان والهند ويطارد دولا اخرى ، وما يثير السخرية في هذا المجال قول وزير الدفاع رامسفيلد : " ان لاسرائيل الحق في امتلاك رادع نووي كونها دولة صغيرة محاطة بأعداء يريدون القاءها في البحر " ، فلم يحق لاسرائيل ما لا يحق لكوريا الشمالية او سوريا او لبنان او اي بلد صغير يحلم بالبقاء وبردع الاعداء ؟!
وتهدد واشنطن الآن سوريا بعقوبات مدعية انها تدعم الارهاب وتنصح فرنسا دمشق بإيجاد حل لمسألة اسلحة الدمار الشامل مع بريطانيا والمانيا قبل توقيع اتفاقية الشراكة السورية – الاوروبية ونبهت الى ان الامر سيزداد صعوبة مع ارتفاع عدد اعضاء الاتحاد الى 25 ، وكان الاتحاد الاوروبي قد اقر في تشرين الثاني الماضي بندا بشأن حظر انتشار الاسلحة ادرج في سياق المفاوضات وقيل انه لا يسري على اسرائيل .. وهكذا يجدن المرء في مواقف امريكا واوروبا تمييزا فاضحا في التعامل مع العرب بالنسبة الى تل ابيب وترسانتها ، فأي مستقبل ينتظر قوة تسير العالم وتفتقر الى العدالة ؟؟
بعد الحرب الاستباقية التي اطلقها الرئيس بوش والمحافظون الجدد في ادارته ضد افغانستان والعراق ومن قبل ضد يوغوسلافيا تحت عناوين مختلفة منها منع التطهير العرقي ودحر الارهاب ووقف تنمية اسلحة الدمار الشامل .... ثم الربط بإحكام بين الارهاب واسلحة الدمار في الدول التي صدرت متطرفين او آوتهم او تعاطفت معهم والغريب ان الولايات المتحدة واصلت دورات العنف حول بلدان " محور الشر " والبلدان التي تميز المقاومة الوطنية من الارهاب والتطرف الديني وهي مستمرة في تهديد غير دولة عربية من دون ان تتذكر ان اسرائيل تمتلك ترسانة نووية وفي ظلها تضطهد شعبا منذ 1948 وتستولي على اراض مقدسة هي ملك الإنسانية والديانات وليست ملكها !
ولدى امريكا واوروبا الى الآن شعور بالقلق ازاء دول كإيران والعراق وليبيا وكوريا الشمالية وحتى سوريا ومن جهة اخرى تجاه باكستان والهند ويزيد من الإحساس بغياب الامن استمرار الصراع الدامي الإسرائيلي الفلسطيني وتسرب أخبار عن امتلاك " القاعدة " وغيرها من " الدول المارقة " كما يسمونها اسلحة دمار شامل وآلاف العناصر الناشطة في افغانستان وباكستان والعراق وايطاليا ومعظم اوروبا وهو قادرون على الاستيقاظ متى يشاءون لضرب المصالح الغربية وبخاصة الامريكية وعدم الاستقرار في العراق هو محطة من المحطات الدموية التي وسعت احتمالات " صراع الحضارات " وعرضت المنطقة وانظمتها للتفكيك ، وما حدث في افغانستان والعراق قد يحدث ايضا في الدول المحيطة .
وفي هذا المجال صرحت وزيرة الدفاع الفرنسية ميشيل أليو- ماري بأن الاسلحة النووية هي الملاذ الاخير لفرنسا للدفاع عن نفسها في مواجهة الدول المارقة التي تمتلك ترسانة نووية واعتبرت اليو – ماري ان التكنولوجيا النووية هي الحماية النهائية بالنسبة الى فرنسا وجزء كبير من اوروبا وقالت : " عندما ننظر الى الدول التي تحكمها حكومات غير ديموقراطية على الاقل وبعضها لا يمكن السيطرة عليه افكر في كوريا الشمالية وايران وباكستان .... عندما نرى عددا من الدول تمتلك اسلحة نووية فهل يجب علينا في هذه الحال التقليل من احتراسنا ؟" ونظرا الى دق الموقف في هذا المقام تشترك روسيا وامريكا واوروبا في " محادثات نووية " وقد انضمت الصين واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها لايجاد حلول علمية وانسانية توفر الكثير من المآسي !
وعن الواقع الصعب الذي يعيشه الشرق الاوسط قال محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية : " اذا نظرنا الى المعاهدات الدولية التي تحظر الاسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية نجد ان عدد بلدان الشرق الاوسط التي ترفض الانضمام اليها اكثر من مثيلاتها في اي منطقة اخرى وازاء رفض اسرائيل في غياب تسوية سلمية شاملة مناقشة قدراتها النووية العسكرية وعدم استجابتها للنداءات المتكررة التي تدعوها الى الانضمام الى معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية عمد عدد من دول المنطقة الى محاولة تسليح نفسه بقدرات تدميرية مساوية او مشابهة من اسلحة الدمار الشامل " ، وثمة رغبة عربية جامحة في امتلاك سلاح نووي ردا على البرنامج النووي الإسرائيلي ، وجاءت السوق العالمية السوداء لتضاعف من احتمالات استثناء العديد من الأنظمة للآليات المنتجة اسلحة الدمار الشمل كما الجماعات المتطرفة ايضا الامر الذي فجر الاوضاع بعد 11 ايلول 2001 ودفع بالدول الكبرى على تنوعها الى خطوات جادة وملموسة لوقف الكارثة .
وحاولت الامم المتحدة دون جدوى انتشار منطقة شرق اوسطية خالية من اسلحة الدمار الشامل واعتبر مجلس الامن ان نزع هذه الاسلحة في العراق خطوة اولى نحو تحقيق هدف انشاء منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل وبعد صدور قرار بتمديد معاهدة عدم الانتشار النووي عام 1990 عادت المانيا وفرنسا والمملكة المتحدة الى بذل الجهود في ايران وغيرها موازية للجهود الامريكية في غير بلد مع التباين في اساليب الضغط بالحوار واخرى بالنار ، وفي اعتقاد جوزيف روتبلات وهو فيزيائي نووي حاصل على نوبل للسلام فان ما انجز من عمل نحو تحويل الشرق الاوسط منطقة خالية من السلاح المدمر انما هو ضئيل او شبه معدوم والموضوع لم يعالج لا في كامب ديفيد ولا في اتفاقي السلام بين اسرائيل ومصر والاردن .
والفرصة التي تلوح في الافق اليوم لا يمكن ان تعمم وتكون عادلة بالنسبة الى بلدان المنطقة اذا كانت الولايات المتحدة غير معنية بالضغط ايضا على اسرائيل ويحتاج تنظيف منطقة الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل الى مجموعة امور ابرزها :
تعريف واضح للمنطقة الجغرافية التي ستطبق فيها ....
وانضمام جميع دول الشرق الاوسط الى عضويتها
ونظام دولي للتحقق والمراقبة التابع للامم المتحدة بتقديم يد المساعدة والتعاون على نحو متبادل
وضمانات امنية من مجلس الامن التابع للامم المتحدة بتقديم يد المساعدة لأي بلد في المنطقة يتعرض امنه للتهديد .
وما يدبر الآن لمنطقة الشرق الاوسط يتطلب وفقا للمخططين الكبار اتخاذ تدابير لبناء الامن والثقة ولن تكون ثقة من دون توازن سياسي دولي والحد من التسلح وانجاز عملية السلام .
وقد اظهرت الحرب على العراق بداعي الصلة بالارهاب او امتلاك اسلحة دمار شامل ، ان الذين سارعوا الى اسقاط النظام العراقي واغراق العراقيين في الفوضى والجوع لم يكن هاجسهم الحق هو السلاح الفتاك بل النفط وليس التحقيق في اسباب اخطاء الأجهزة الاستخبارية سوى محطة استراحة تسبق الانتخابات في امريكا وتحاول التخفيف من عبء الخسارة على الرئيس بوش ، وفكرة التحقيق يمكن ان تحمي بوش وبلير من المساءلة والمحاكمة ، وبدا ان الخطر الوشيك الذي رآه الامريكيون في العراق لم يكن سوى حجة لشن الحرب فالأخطاء مدروسة والتحقيق مدروس والتفجيرات مدروسة والاستخبارات تدرك ابعاد كل ما يحصل كما تدرك وحدة التخطيط الخاص ذات الصلة بالموساد الإسرائيلي وطليعة عناصرها بول ولفويتز ودوغلاس فيت وريتشارد بيرل ورامسفيلد وغيرهم .
وعلى الرغم مما رافق الحرب على العراق من نفاق فان ما حصل بعد ذلك بالنسبة الى الحد من انتشار اسلحة الدمار امر مفيد للإنسانية فقد تبين من خلال كلام الرئيس الباكستاني برفيز مشرف في معرض العفو عن عبد القادر خان واحتجاز 7 آخرين من العلماء والاداريين : " ان دولا غربية كبيرة متورطة في نقل وتسريب التكنولوجيا النووية فهل طالبها احد بالكشف عن ذلك ؟!".
وكانت ليبيا وايران سلمتا الوكالة الدولية للطاقة الذرية اطنانا من الملفات تتضمن وثائق تدين العلماء النوويين الباكستانيين وقال :" هؤلاء ليسوا باخوة " وحصلت خلوة بين دانيال ماركي مستشار كولن باول وزعيم الجماعة الاسلامية القاضي حسين احمد في لاهور اتفق فيها الفريقان على تهدئة الأوضاع والعفو عن ابي القنبلة النووية الباكستانية وحمل المعارضون في باكستان الأجهزة الآنية والرئيس مشرف وحكومته مسؤولية تسريب التكنولوجيا النووية .
وحول هذه المسألة رأى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ان عبد القادر خان العالم النووي الباكستاني لم يكن يعمل بمفرده في شبكة غير مشروعة لبيع تكنولوجيا نووية الى ليبيا وايران وكوريا الشمالية بل كان يلقى مساعدة من دول كثيرة وتحدث عن سوق سوداء شاملة وواسعة اكثر مما كان متوقعا وعبرت الناطقة باسم الوكالة الذرية للطاقة الذرية عن ان قلقا كبيرا يعتري دول الغرب من الفلتان في تلك السوق التي تتحكم بها مافيات تعمل في الظلام شبيهة بعصابات المخدرات ومنها تنظيم " القاعدة " ولم تقتصر الاتهامات على اسلام اباد بل شملت ايضا كوالالمبور حيث تحدثت تقارير عن تورط ماليزيا في انتاج مكونات نووية ارسلت الى ليبيا ، وثمة رجال اعمال هناك مثلوا دور الوسطاء والتحقيق جار مع شركة " سكومي بريسيجن " الهندسية التي يملكها كمال الدين عبد الله نجل رئيس الوزراء الماليزي عبد الله بدوي .
وكانت الشرطة الماليزية تلقت معلومات من الاستخبارات الامريكية والبريطانية مفادها ان " طاهر " كان يمد ليبيا بمكونات وحدة الطرد المركزي التي صنعت في ماليزيا وانه جرى ضبطها في الرابع من اكتوبر على متن سفينة " بي بي سي تشينا " في مرفأ ايطالي اثناء توجهها الى ليبيا ، ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي لوحظت بعض انماط التهريب النووي التي اخذت تتحرك من الكتلة الشرقية غربا وعدت بولندا افضل نقطة عبور وفرت طرقاتها المملوءة بالثغرات سبيلا لوصول المواد المحظورة الى بلدان تسويقية اساسية شأن المانيا والمهربون عموما لم يتعلموا اجراءات الحماية التي يتطلبها نقل " بضاعتهم " التي تراوح بين رقائق البلوتونيوم والزئبق الأحمر والسيزيوم المشع – 137 وحققت السلطات الالمانية والاوكرانية مرات عديدة في مئات من عمليات التهريب واعتقلت عصابات حاولت تهريب رؤوس نووية كما القي القبض في روسيا على كثيرين تورطوا في نقل اليورانيوم وتبلغ قيمة الكيلو غرام الواحد منه 700 الف دولار امريكي .
ومعروف ان انهيار الاتحاد السوفييتي اسفر عن توزيع مخزون الاسلحة النووية بين اربع جمهوريات هي روسيا ، اوكرانيا ، كازاخستان ، بيلاروسيا ، وتفكك المجمع الصناعي العسكري السوفيتي وتوزعت اشلاؤه في جميع الجمهوريات الامر الذي سمح بتسرب وثائق ومخططات لأبحاث سرية وضياع تقنيات نووية ، دع ان مئات الخبراء والعلماء هاجروا الى بلدان اخرى وخصصت واشنطن ميزانيات ضخمة للسيطرة على المخزونات النووية ومساعدة الدول المعنية ، فقد انفقت امريكا على مدى 10 سنوات 4 بلايين دولار لتفكيك اكثر من 5 الاف رأس نووي والتخلص من 400 صاروخ عابر للقارات اضافة الى اعدام عدد من الغواصات النووية وغير ذلك من برامج تفكيك المخزون الكيماوي السوفييتي .
لكن مراكز ومؤسسات كثيرة ناشطة وهي تحوي مواد مختلفة يمكن استخدامها لصناعة اسلحة دمار شامل ويقدر الخبراء المخزون النووي في دول الرابطة المستقلة ب 350 طنا من مادتي البلوتونيوم واليورانيوم المخضب وهذا يكفي لصناعة 40 الف قنبلة ، ويبدو ان 99% من الطاقة النووية في روسيا فيما تتوزع نسبة الثروة القاتلة الاخرى على كازخستان واوزباكستان وأوكرانيا وبيلاروسيا وحتى 2001 كانت المراكز المتخصصة وضعت قائمة ب 14 عملية سرقة لتقنيات نووية نجح المهربون في اخراجها وقيل ان عشرات الرؤوس النووية ضاعت خلال نقلها من كازخستان الى روسيا ومن اوكرانيا ومن المرجح ان يكون جزء من الرؤوس هذه وصل الى منظمات ارهابية مثل " طالبان " و " القاعدة " والدافع الأقوى الى ممارسة هذه التجارة المحرمة هو البحث عن الربح السريع في ظل وضع اقتصادي مترد .
واشارت الإحصاءات الى ان المرحلة الممتدة بين 1990 و 1995 شهدت اوسع عمليات تهريب راوحت بين رقائق البلوتونيوم وكميات مختلفة من مادة اليورانيوم عالية التخصيب ودخل علماء ومحترفون من بعد على خط اللصوصية النووية وانتشرت سوق سوداء منظمة تعمل تحت اشراف شبكة واسعة مرتبطة بهياكل الجريمة المنظمة المعروفة باسم " المافيا " وقد كشف في هذا السياق عن قيام مجموعة من العاملين في مجمع نووي قرب تشيليا بينسك بوضع خطة دقيقة لتهريب 18.5 كلغ من اليورانيوم العالي التخصيب ، وبرهن الحادث عام 1998 عن وجود مجموعات منظمة تتمتع بخبرات رفيعة وعن انتشار اسواق كبيرة للبضاعة ، وتبين ان عمليتي سرقة في بلغاريا 1999 وجورجيا 2000 كانت متجهتين جنوبا نحو الشرق الاوسط والمناطق الاسيوية وقد صادرت باريس عام 2001خمسة كلغم من اليورانيوم عالي التخصيب .
والحملة على باكستان جاءت في سياق اكتشاف دور مغامر نوويا مارسه عبد القدير خان ابو القنبلة الباكستانية منذ 15 عاما وقد لاحقته ال سي اي ايه ورصدت التسريبات التي قام بها ولحظت ان بلاده تملك حوالي 50 قنبلة نووية اضافة الى منظومة صواريخ متطورة جدا وانها بؤرة مشتعلة للتطرف الاسلامي فهي تشكل خطرا على محيطها وعلى العالم ، من هنا تزامن " الحملة النووية " على التسريبات التقنية الى ايران وليبيا وكوريا الشمالية مع تجهيز 50 الف جندي امريكي للقيام بعملية الربيع المقبل ضد المناطق القبلية الباكستانية المتهمة بايواء عناصر " القاعدة " و " طالبان " الذين يشنون غارات شبه يومية على القوات الامريكية في الشرق الافغاني ، فالموضوع الآن له بعدان : نووي وسياسي .
وذكرت مصادر اعلامية موثوقة في اسلام اباد ان تقنية نووية اوكرانية بيعت الى تنظيم " القاعدة " وقالت ان عالما نوويا اسمه فيكتور زار قندهار عام 1998 ولعب دور الوسيط في تلك الصفقة وبدا ان الجانب الامريكي اطلع على اسرار المسألة وتتبع خيوط الصفقة حتى اوكرانيا على ان الحقائب التي تضمنت اسلحة نووية أصبحت بين يدي الارهابيين والمرجح في أفغانستان منذ 2001 وقد وصف محمد البرادعي الشبكة المتآمرة على الامن الدولي بأنها " سوبر ماركت " للطامحين في الحصول على اسلحة نووية ومعظم احتياجاتها تسرب عبر اوروبا واشار تحقيق دقيق الى تورط اشخاص وشركات من المانيا وهولندا وبلجيكا وسريلانكا وسويسرا وجنوب افريقيا واليابان ودبي وماليزيا وروسيا واسبانيا والصين وباكستان وامريكا .........
واكد الرئيس الباكستاني هنا ان العفو عن عبد القدير خان مشروط بكشفه المزيد من التفاصيل عن عالم السوق السوداء ، ونقل باول عن مشرف تهعده باقتلاع جذور السوق السوداء النووية وأسف مشرف لأن الامريكيين كانوا يعلمون منذ سنوات بتحركات خان المشبوهة لكنهم لم يحركوا ساكنا من قبل الامر الذي يشير الى الوجه السياسي للمسألة خصوصا وأن الأمر يتزامن مع تكرير الكلام على هجوم سابق يستهدف بن لادن وعلى موجات من " المتطرفين الاسلاميين " المدربين في مخيمات باكستان وكشمير غزت امريكا على حد تعبير " واشنطن تايمز " وانضمت الى خلايا نائمة تمهيدا لشن هجمات ارهابية ، وفي المعلومات ان المتشددين الاصوليين توجهوا الى امريكا عبر اوروبا وتغلغلوا في المجتمعات الاسلامية وقد تخطى عددهم ال 500 وافاد مكتب التحقيق الفيدرالي " اف بي اي " ان الخلايا النائمة تعمل في 40 ولاية امريكية وتنتظر الأوامر والتمويل لتنفيذ الهجمات ، هي تتلقى دعما ماليا من شبكة مؤسسات خيرية وهمية .
والخوف الكبير هو في تغطية " الجرائم النووية "واللصوصية الدولية بحلول سياسية كما جرى في باكستان فقد حملت الحكومة مسؤولية بيع التقنيات الى خان وفئة محددة من العلماء أقفلت التحقيق خشية ان يطاول رؤوسا كبيرة في المؤسسة العسكرية على ان مصادر موثوقة اكدت ان هناك ادلة كافية على وجود صلات بين مجموعة من الأفراد في باكستان والسوق السوداء العالمية للتكنولوجيا النووية وعلى ان خان شكل شخصية رئيسية في هذه التجارة غير الشرعية وتعرضت باكستان لضغوط كي تطهر منشآتها النووية من العناصر الأصولية وهي تضم اكثر من 6 الاف عالم وحول هذا الموضوع قال مدير ال سي اي ايه جورج تينيت :" اكتشفنا مدى اتساع شبكة خان وحددنا حجمها لاحقناها من باكستان الى اوروبا والشرق الاوسط وآسيا ورصدنا عرضها بضاعتها على دول مثل كوريا الشمالية وايران وليبيا " .
وقدم ريتشارد آرميتاج نائب باول تفاصيل دقيقة عن زيارات خان الى الامارات وماليزيا وليبيا وايران وكوريا الشمالية وعن اجتماعاته مع تجار في السوق السوداء النووية وادلة وثائقية عن بيع معدات وتصميمات نووية وتفاصيل عن حسابات مصرفية اضافة الى محاولات فاشلة لبيع صدام حسين اسرارا نووية عام 1992 ومعلومات عن زيارته لبيروت في منتصف التسعينات لحضور اجتماع سري مع مسؤول كبير في الحكومة السورية ، واعلن خورشيد محمود وزير الخارجية الباكستاني ان الحكومة انهت عام 2000 عمليات تهريب التكنولوجيا النووية التي تحمل خان مسؤوليتها وطالب الدول الاوروبية بفتح تحقيقات حول مشاركة جهات محتملة لديها في تلك العمليات مؤكدا ان الكثير من المؤسسات الاوروبية لعبت دور الوسيط مشيرا الى ان ثلاثة مهندسين المان تملك باكستان اسماءهم شاركوا في عمليات التهريب ويذكر ن العمل بالبرنامج النووي بدأ عام 1976 ثم نجحت التجارب عام 1998 وكان الهم خلق توازن مع الهند .
وكانت باكستان اوقفت منذ 2001 عالمين نوويين باكستانيين وهما سلطان بشير الدين وعبد الماجد والسبب انهما التقيا زعيم تنظيم " القاعدة " اسامة بن لا دن داخل أفغانستان وقد سربا تصاميم للسلاح النووي الى " القاعدة " التي باتت تملك التقنية النووية وليس وقوف الجماعات الاسلامية المتشددة الباكستانية الى جانب خان والعلماء سوى برهان على ارتباط المشروع النووي الباكستاني بالإرهاب وعلى هذا الصعيد نجحت ابنة عبد القدير خان في الفرار من البلاد وفي حوزتها شريط سجله والدها وضمنه اسماء شخصيات رفيعة المستوى متورطة في القضية النووية ، وقالت صحيفة " واشنطن بوست " ان مشرف نفسه كان على علم بما يجري ولا سيما لجهة مساعدة كوريا الشمالية وايران وغيرهما ، وشككت " النيويورك تايمز " في ضلوع القيادات في بيع التكنولوجيا النووية والحصول كما قال خان على ملايين الدولارات وطالب خان باستجواب مشرف ورجالات الجيش .
واعتبر محمد البرادعي تعاملات خان الذروة في السوق السوداء ، وتقدر المعلومات ثروة خان بما يتجاوز عشرة ملايين من الدولارات مودعة في مصارف شرق اوسطية ويملك الرجل اربع فيلات في ارقى احياء اسلام اباد تتجاوز قيمتها 3 ملايين دولار كما يملك في احدى الدول فيلا ضخمة مطلة على بحر قزوين وفندقا في مالي ولديه مجموعة سيارات نادرة ويدير مجمعا تعليميا ضخما تمتد فروعه في انحاء باكستان وتقدر تكاليفه بملايين الدولارات وهو كريم مع أصدقائه اذ أهدى منزلا في اسلام اباد الى الوزير السابق غي سالك وهو احد ابناء الاقلية في البلاد وتتحاشى الحكومة اي محاسبة بشأن ثروته نظرا الى تورط " حيتان كبيرة " ووجود ملفات خطرة قد تحرق الجميع .
ومن جهة اخرى كشفت صحيفة " البابيس " الإسبانية ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية طلبت من مدريد اجراء تحقيق حول الكثير من الشركات الإسبانية التي تمكنت من تصنيع وتصدير معدات للبرنامج النووي السري الذي كانت تعده ليبيا وذكرت الصحيفة شركات من خمس دول اخرى ضمنها المانيا وماليزيا وباكستان ، وتم اكتشاف تورط هذه الشركات بعد تخلي النظام الليبي عن الاسلحة والسماح بالتفتيش ، وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أبلغت اسلام اباد بأن ايران تملك تصميمات لمعدات طرد المركزي مشابهة لتلك التي استخدمتها باكستان في صنع القنبلة الذرية وقد حصل عبد القدير خان على هذه الرسوم في السبعينات اثناء عمله في هولندا على ان المرشد الإيراني خامنئي اكد حق بلاده في الحصول على التكنولوجيا الضرورة لتشغيل محطاتها النووية لانتاج الطاقة وشدد على تخصيب اليورانيوم رافضا ان تمارس الدول الاوروبية ضغوطا مبالغة في هذا الشأن وحذرت فرنسا وبريطانيا والمانيا ايران من النشاطات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم ومن الاستمرار في الحصول على كميات كبيرة من المعدات لوحدات الطرد المركزي .
وجاء التحذير المسنن من اسرائيل قالت :" بقي امام الولايات المتحدة والعالم شهور معدودة لمنع ايران من الحصول على قنبلة نووية عام 2004 والا فان تل ابيب ستحبط وجود مثل هذا السلاح هناك " تحاشيا لتطور استراتيجي دراماتيكي في المنطقة واتهمت الولايات المتحدة بدورها ايران بتطوير برنامج سري للأسلحة النووية وقد نجح حسن روحاني بعد اجتماعه بمحمد البرادعي في فيينا في تفعيل الحوار وتهدئة الهجمات على ايران التي كما رأى الغرب خالفت معاهدة الانتشار النووي وفي سبيل الحد من هذه المخالفات زار وفد الوكالة الدولية مفاعل تاجوراء الليبي ( 15 كلم جنوب شرق طرابلس ) وتفقد ارعة مواقع لها صلة ببرنامج الاسلحة النووية وقد تخلت عنه ليبيا طوعا سعيا الى تحسين علاقاتها بالغرب وتحقيقا لنهضة اقتصادية واجتماعية تجتاحها البلاد ومعروف ان ليبيا تعاونت مع باكستان منذ 1982 بإشراف عبد القدير خان لتحقيق طموحاتها النووية وفجأة تخلت عن كل شيء أجرت تبديلات في سياستها .
وكانت اسرائيل انطلقت نوويا قبل ذلك بكثير عام 1958في ظل دافيد بن غوريون وموفده الى فرنسا والنرويج شمعون بيريز والى الولايات المتحدة فالعلماء والخبراء من فرنسا والكوادر من امريكا والماء الثقيل من النرويج ، وتم لإسرائيل ما تريد على الرغم من رفض ديغول وظلت أمريكا تشجع هذا التوجه الإسرائيلي في وقت تحرم فيه العرب حتى من الصواريخ العادية وتعاونت اسرائيل مع الهند ومع تركيا كي تحاصر دول المنطقة وزرعت على الحدود مع سوريا الغاما نيوترانية تحمل مواد مشعة وقابلة للانفجار من شأنها ان تفتك بكل ما هو اماما من بشر وطبيعة من دون ان تمس الآليات وقيل إنها حولت الجولان الى " مقبرة نفايات نووية " وهي اعنت في أكتوبر 2003 قدرتها على استعمال اسلحة الدمار الشامل ضد اي دولة معادية وعلى إطلاق صواريخ تحمل رؤوسا نووية من غواصاتها .
وفي وقت يحاول الرئيس بوش تحديد الدول التي يسمح لها بإنتاج وقود نووي بعد اكتشاف حجم الفجوات في الاتفاقات لوقف انتشار الاسلحة النووية والتكنولوجيا المستخدمة لانتاجها قدمت باكستان الى وكالة الطاقة واليابان معلومات عن السوق السوداء النووية بعد سلسلة التحقيقات مع علمائها وخبرائها وتورط " ابو قنبلتها " في تهريب معلومات وتكنولوجيا الى الخارج وشارك العالم ثمر مبارك مند منافس عبد القدير خان في جمع المعلومات حول القضية وناشد بوش باكستان واربعين دولة نووية عدم بيع اجهزة ومعدات الى اي دولة ليست مجهزة لانتاج الوقود النووي سواء من طريق تخصيب اليورانيوم او من طريق اعادة معالجة الوقود المستنفد البلوتونيوم.
وعلى صعيد اسلحة الدمار الشامل العراقية اعتبر ديفيد كاي الرئيس السابق لمجموعة مفتشين كلفت البحث عن اسلحة دمار شامل في العراق ان لا جدوى من الاستمرار في البحث عن هذه الاسلحة ولو لخمسين سنة لانها غير موجودة وكان توني بلير رئيس وزراء بريطانيا قدم في ايلول 2002 ملفا لاقناع الرأي العام البريطاني بضرورة شن حرب على العراق اكد فيه ان النظام العراقي قادر على نشر اسلحة كيماوية وبيولوجية خلال 45 دقيقة لكن ديفيد كاي المستقيل اكد امام لجنة برلمانية امريكية ان اسلحة الدمار الشامل غير موجودة وان محاولة العثور عليها في العراق مقاربة سيئة واستراتيجية سيئة واستنتج ان الذين اتهموا العراق في هذا الصدد كانوا جميعهم على خطأ .
لن يكون سهلا على ايران بعد اليوم تخصيب اليورانيوم البلوتونيوم سرا ولن تكون العلاقة بموسكو كما كانت عام 2000 يوم حصلت على مروحة الضغط العالي لتشغيل مفاعل " بوشهر " بقيمة نصف مليار دولار وهكذا سيكون صعبا على باكستان بعد الفضائح المتراكمة ابتزاز الدول الإسلامية ماديا وتصدير السلاح الفتاك الى كوريا الشمالية والارهاب الدولي ، وقد قال الرئيس بوش : " ان الارهابيين والدول الارهابية يخوضون سباقا للتسلح وهو يحضرون لشن هجوم سري ومفاجئ باسلحة دمار شامل ولذلك يجب وقف مواردهم واجرامهم " .
ممر خيبر تحول طريقا لتسريب اليورانيوم والبلوتونيوم والزئبق الأحمر وبعض متعهدي " البازار " جرت تصفيتهم في ظروف مثيرة !
تقرير مخابراتي امريكي :" خان لم يقل كل الحقيقة و25 عالما عملوا معه كانوا متواطئين وبين 1999 و 2003 وصل سرا 44 مرة الى الخليج !"
بنازير بوتو امرأة التسريب النووي وضباط كبار في الجيش كانوا على علم به والخيانة تشمل رؤوسا كبيرة في الحكم منذ 1992 .
معلومات في لندن افادت ان تفكيك البرنامج الليبي تحول مصدرا لخيوط وخطوط التعاون السري بين طهران واسلام اباد .
شركات وهمية وعناوين زائفة ومسرحيات تضليل رافقت عمليات نقل معدات البرنامج الايراني بطائرات " تشارتر " وعبر طرق بلوشستان .
حركة طالبان اغرت علماء باكستانيين ومختبرات كاهوتا تعج بتقنيين اصوليين يريدون تزويد دول اسلامية بالسلاح النووي .
مخاوف من هجوم كارثي يستهدف الولايات المتحدة بالقنبلة القذرة او لفائف الجراثيم القاتلة او تفجير مفاعلات ذرية .
يبدو ان " القاعدة " نجحت في اخفاء رؤوس نووية تحت الأرض في افغانستان كما نجح عبد القدير خان مهندس البرنامج الباكستاني للأسلحة النووية بعد سرقة تصاميم اجهزة طرد مركزي من كونسورتيوم اوروبي لتصنيع المعدات النووية في شحن مكونات اجهزة طرد مركزي الى ليبيا مستخدما ماليزيا ثم دبي وفي مساعدة كوريا الشمالية لامتلاك وقود نووي وتقديم اسلحة نووية ورسوم ومعدات الى ايران .
وبعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001 ازداد الكلام على الارهاب وعلى استيراد العراق لليورانيوم من النيجر وعلى تعاون باكستاني افغاني في مجالات الارهاب واسلحة الدمار الشامل ، وتطورت العلاقات النووية بين اسرائيل والهند وضبط الامريكيون اجهزة طرد في طريقها الى ليبيا ، واستخدم العراقيون من قبل الاسلحة الكيماوية في حلبجة الكردية وارتبطت الحرب على المتطرفين بمسألة اسلحة الدمار الشامل .
ودبت " الفوضى النووية " بعد سقوط الاتحاد السوفييتي فاختفت الرؤوس النووية وتوسعت رقعة السوق السوداء وتحولت اوروبا الى ممر للأسلحة الفتاكة تتجه خصوصا الى الشرق الاوسط والغريب هنا ان الاستخبارات الامريكية ظلت خلال 15 سنة تلاحق تحركات عبد القدير خان من دون ان توقف نشاطاته حتى بات الخطر النووي يهدد العالم وانتشرت الاسلحة المدمرة في اكثر من 40 دولة وراح خان ينام على حرير ملايين الدولارات .
وفجأة استقال ديفيد كيلي وهو ينتقد استراتيجية البحث عن اسلحة دمار شامل في العراق وفتحت ليبيا ابواب منشآتها النووية امام المفتشين وتعهدت ايران بوقف نشاطاتها لتخصيب اليورانيوم واستمر الحوار مع كوريا الشمالية وتكررت الرسائل من امريكا واوروبا الى سوريا وتطورت بشكل ايجابي في الجانب الليبي فأعادت واشنطن حضورها الدبلوماسي وبادرت الى مساعدات طبية واقتصادية وقد تلغى قريبا اسم ليبيا في قائمة " الدول المارقة " .
لكن الامور في الجانب الايراني اخذت تتعقد بعد اتهام جون بولتون وكيل وزارة الخارجية الامريكية طهران بمواصلة جهودها لامتلاك اسلحة نووية ، وبالتراجع عن تعهدات بينها وبين الاوروبيين وعثر مفتشون تابعون للوكالة الدولية للطاقة الذرية على تصاميم متطورة لأجهزة طرد مركزي لم تعلم عنها طهران من قبل ولعل ذلك كان نتيجة تعاون الرئيس الباكستاني والامريكيين بعد العفو عن عبد القدير خان الذي يحمل اسرار اسلحة الدمار الشامل في غير دولة وقدمت مصانعه لائحة بالصادرات الى هذه الدول الامر الذي كشف ما كان مستورا .
ووقف العالم مرتعبا بازاء هذه التجارة التي افتتحتها اسرائيل عندما سربت مواد قنبلتها من فرنسا وغيرها على الرغم من معارضة ديغول اوائل الخمسينات من القرن الماضي والآن تنبه العالم الى خطر ما يجري فقال محمد البرادعي المدير العام لوكالة الطاقة ان العام يتجه نحو الدمار لذلك يجب ان يوقف فورا انتشار تكنولوجيا الاسلحة النووية التي اصبح الحصول عليها على نطاق واسع وتحدث عن شبكة معقدة تنتشر في انحاء العالم يمكنها نقل نظم انتاج مواد تستخدم في صنع اسلحة .
وقد تزامنت هذه التصريحات مع تحرك امريكي لمواجهة خطر الانتشار النووي ومع ازدياد المخاوف من احتمال وصول التكنولوجيا والخبرات النووية الى مجموعات ارهابية ولذلك هددت واشنطن عصابات التهريب والدول التي تشكل مصادر ومعايير للمواد المحظورة بعقوبات صارمة .
قال بوش :" سنعثر على الوسطاء والمزودين والمشترين ، يجب ان تكون رسالتنا الى من يقومون بنشر الاسلحة واضحة ، سنعثر عليكم ولن نتهاون في جهودنا قبل اعتقالكم " ، على ان الموقف الامريكي هذا يبقى ضعيفا ويفتقر الى العدالة ما دام يحمي دولا نووية شأن اسرائيل وباكستان والهند ويطارد دولا اخرى ، وما يثير السخرية في هذا المجال قول وزير الدفاع رامسفيلد : " ان لاسرائيل الحق في امتلاك رادع نووي كونها دولة صغيرة محاطة بأعداء يريدون القاءها في البحر " ، فلم يحق لاسرائيل ما لا يحق لكوريا الشمالية او سوريا او لبنان او اي بلد صغير يحلم بالبقاء وبردع الاعداء ؟!
وتهدد واشنطن الآن سوريا بعقوبات مدعية انها تدعم الارهاب وتنصح فرنسا دمشق بإيجاد حل لمسألة اسلحة الدمار الشامل مع بريطانيا والمانيا قبل توقيع اتفاقية الشراكة السورية – الاوروبية ونبهت الى ان الامر سيزداد صعوبة مع ارتفاع عدد اعضاء الاتحاد الى 25 ، وكان الاتحاد الاوروبي قد اقر في تشرين الثاني الماضي بندا بشأن حظر انتشار الاسلحة ادرج في سياق المفاوضات وقيل انه لا يسري على اسرائيل .. وهكذا يجدن المرء في مواقف امريكا واوروبا تمييزا فاضحا في التعامل مع العرب بالنسبة الى تل ابيب وترسانتها ، فأي مستقبل ينتظر قوة تسير العالم وتفتقر الى العدالة ؟؟
بعد الحرب الاستباقية التي اطلقها الرئيس بوش والمحافظون الجدد في ادارته ضد افغانستان والعراق ومن قبل ضد يوغوسلافيا تحت عناوين مختلفة منها منع التطهير العرقي ودحر الارهاب ووقف تنمية اسلحة الدمار الشامل .... ثم الربط بإحكام بين الارهاب واسلحة الدمار في الدول التي صدرت متطرفين او آوتهم او تعاطفت معهم والغريب ان الولايات المتحدة واصلت دورات العنف حول بلدان " محور الشر " والبلدان التي تميز المقاومة الوطنية من الارهاب والتطرف الديني وهي مستمرة في تهديد غير دولة عربية من دون ان تتذكر ان اسرائيل تمتلك ترسانة نووية وفي ظلها تضطهد شعبا منذ 1948 وتستولي على اراض مقدسة هي ملك الإنسانية والديانات وليست ملكها !
ولدى امريكا واوروبا الى الآن شعور بالقلق ازاء دول كإيران والعراق وليبيا وكوريا الشمالية وحتى سوريا ومن جهة اخرى تجاه باكستان والهند ويزيد من الإحساس بغياب الامن استمرار الصراع الدامي الإسرائيلي الفلسطيني وتسرب أخبار عن امتلاك " القاعدة " وغيرها من " الدول المارقة " كما يسمونها اسلحة دمار شامل وآلاف العناصر الناشطة في افغانستان وباكستان والعراق وايطاليا ومعظم اوروبا وهو قادرون على الاستيقاظ متى يشاءون لضرب المصالح الغربية وبخاصة الامريكية وعدم الاستقرار في العراق هو محطة من المحطات الدموية التي وسعت احتمالات " صراع الحضارات " وعرضت المنطقة وانظمتها للتفكيك ، وما حدث في افغانستان والعراق قد يحدث ايضا في الدول المحيطة .
وفي هذا المجال صرحت وزيرة الدفاع الفرنسية ميشيل أليو- ماري بأن الاسلحة النووية هي الملاذ الاخير لفرنسا للدفاع عن نفسها في مواجهة الدول المارقة التي تمتلك ترسانة نووية واعتبرت اليو – ماري ان التكنولوجيا النووية هي الحماية النهائية بالنسبة الى فرنسا وجزء كبير من اوروبا وقالت : " عندما ننظر الى الدول التي تحكمها حكومات غير ديموقراطية على الاقل وبعضها لا يمكن السيطرة عليه افكر في كوريا الشمالية وايران وباكستان .... عندما نرى عددا من الدول تمتلك اسلحة نووية فهل يجب علينا في هذه الحال التقليل من احتراسنا ؟" ونظرا الى دق الموقف في هذا المقام تشترك روسيا وامريكا واوروبا في " محادثات نووية " وقد انضمت الصين واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها لايجاد حلول علمية وانسانية توفر الكثير من المآسي !
وعن الواقع الصعب الذي يعيشه الشرق الاوسط قال محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية : " اذا نظرنا الى المعاهدات الدولية التي تحظر الاسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية نجد ان عدد بلدان الشرق الاوسط التي ترفض الانضمام اليها اكثر من مثيلاتها في اي منطقة اخرى وازاء رفض اسرائيل في غياب تسوية سلمية شاملة مناقشة قدراتها النووية العسكرية وعدم استجابتها للنداءات المتكررة التي تدعوها الى الانضمام الى معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية عمد عدد من دول المنطقة الى محاولة تسليح نفسه بقدرات تدميرية مساوية او مشابهة من اسلحة الدمار الشامل " ، وثمة رغبة عربية جامحة في امتلاك سلاح نووي ردا على البرنامج النووي الإسرائيلي ، وجاءت السوق العالمية السوداء لتضاعف من احتمالات استثناء العديد من الأنظمة للآليات المنتجة اسلحة الدمار الشمل كما الجماعات المتطرفة ايضا الامر الذي فجر الاوضاع بعد 11 ايلول 2001 ودفع بالدول الكبرى على تنوعها الى خطوات جادة وملموسة لوقف الكارثة .
وحاولت الامم المتحدة دون جدوى انتشار منطقة شرق اوسطية خالية من اسلحة الدمار الشامل واعتبر مجلس الامن ان نزع هذه الاسلحة في العراق خطوة اولى نحو تحقيق هدف انشاء منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل وبعد صدور قرار بتمديد معاهدة عدم الانتشار النووي عام 1990 عادت المانيا وفرنسا والمملكة المتحدة الى بذل الجهود في ايران وغيرها موازية للجهود الامريكية في غير بلد مع التباين في اساليب الضغط بالحوار واخرى بالنار ، وفي اعتقاد جوزيف روتبلات وهو فيزيائي نووي حاصل على نوبل للسلام فان ما انجز من عمل نحو تحويل الشرق الاوسط منطقة خالية من السلاح المدمر انما هو ضئيل او شبه معدوم والموضوع لم يعالج لا في كامب ديفيد ولا في اتفاقي السلام بين اسرائيل ومصر والاردن .
والفرصة التي تلوح في الافق اليوم لا يمكن ان تعمم وتكون عادلة بالنسبة الى بلدان المنطقة اذا كانت الولايات المتحدة غير معنية بالضغط ايضا على اسرائيل ويحتاج تنظيف منطقة الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل الى مجموعة امور ابرزها :
تعريف واضح للمنطقة الجغرافية التي ستطبق فيها ....
وانضمام جميع دول الشرق الاوسط الى عضويتها
ونظام دولي للتحقق والمراقبة التابع للامم المتحدة بتقديم يد المساعدة والتعاون على نحو متبادل
وضمانات امنية من مجلس الامن التابع للامم المتحدة بتقديم يد المساعدة لأي بلد في المنطقة يتعرض امنه للتهديد .
وما يدبر الآن لمنطقة الشرق الاوسط يتطلب وفقا للمخططين الكبار اتخاذ تدابير لبناء الامن والثقة ولن تكون ثقة من دون توازن سياسي دولي والحد من التسلح وانجاز عملية السلام .
وقد اظهرت الحرب على العراق بداعي الصلة بالارهاب او امتلاك اسلحة دمار شامل ، ان الذين سارعوا الى اسقاط النظام العراقي واغراق العراقيين في الفوضى والجوع لم يكن هاجسهم الحق هو السلاح الفتاك بل النفط وليس التحقيق في اسباب اخطاء الأجهزة الاستخبارية سوى محطة استراحة تسبق الانتخابات في امريكا وتحاول التخفيف من عبء الخسارة على الرئيس بوش ، وفكرة التحقيق يمكن ان تحمي بوش وبلير من المساءلة والمحاكمة ، وبدا ان الخطر الوشيك الذي رآه الامريكيون في العراق لم يكن سوى حجة لشن الحرب فالأخطاء مدروسة والتحقيق مدروس والتفجيرات مدروسة والاستخبارات تدرك ابعاد كل ما يحصل كما تدرك وحدة التخطيط الخاص ذات الصلة بالموساد الإسرائيلي وطليعة عناصرها بول ولفويتز ودوغلاس فيت وريتشارد بيرل ورامسفيلد وغيرهم .
وعلى الرغم مما رافق الحرب على العراق من نفاق فان ما حصل بعد ذلك بالنسبة الى الحد من انتشار اسلحة الدمار امر مفيد للإنسانية فقد تبين من خلال كلام الرئيس الباكستاني برفيز مشرف في معرض العفو عن عبد القادر خان واحتجاز 7 آخرين من العلماء والاداريين : " ان دولا غربية كبيرة متورطة في نقل وتسريب التكنولوجيا النووية فهل طالبها احد بالكشف عن ذلك ؟!".
وكانت ليبيا وايران سلمتا الوكالة الدولية للطاقة الذرية اطنانا من الملفات تتضمن وثائق تدين العلماء النوويين الباكستانيين وقال :" هؤلاء ليسوا باخوة " وحصلت خلوة بين دانيال ماركي مستشار كولن باول وزعيم الجماعة الاسلامية القاضي حسين احمد في لاهور اتفق فيها الفريقان على تهدئة الأوضاع والعفو عن ابي القنبلة النووية الباكستانية وحمل المعارضون في باكستان الأجهزة الآنية والرئيس مشرف وحكومته مسؤولية تسريب التكنولوجيا النووية .
وحول هذه المسألة رأى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ان عبد القادر خان العالم النووي الباكستاني لم يكن يعمل بمفرده في شبكة غير مشروعة لبيع تكنولوجيا نووية الى ليبيا وايران وكوريا الشمالية بل كان يلقى مساعدة من دول كثيرة وتحدث عن سوق سوداء شاملة وواسعة اكثر مما كان متوقعا وعبرت الناطقة باسم الوكالة الذرية للطاقة الذرية عن ان قلقا كبيرا يعتري دول الغرب من الفلتان في تلك السوق التي تتحكم بها مافيات تعمل في الظلام شبيهة بعصابات المخدرات ومنها تنظيم " القاعدة " ولم تقتصر الاتهامات على اسلام اباد بل شملت ايضا كوالالمبور حيث تحدثت تقارير عن تورط ماليزيا في انتاج مكونات نووية ارسلت الى ليبيا ، وثمة رجال اعمال هناك مثلوا دور الوسطاء والتحقيق جار مع شركة " سكومي بريسيجن " الهندسية التي يملكها كمال الدين عبد الله نجل رئيس الوزراء الماليزي عبد الله بدوي .
وكانت الشرطة الماليزية تلقت معلومات من الاستخبارات الامريكية والبريطانية مفادها ان " طاهر " كان يمد ليبيا بمكونات وحدة الطرد المركزي التي صنعت في ماليزيا وانه جرى ضبطها في الرابع من اكتوبر على متن سفينة " بي بي سي تشينا " في مرفأ ايطالي اثناء توجهها الى ليبيا ، ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي لوحظت بعض انماط التهريب النووي التي اخذت تتحرك من الكتلة الشرقية غربا وعدت بولندا افضل نقطة عبور وفرت طرقاتها المملوءة بالثغرات سبيلا لوصول المواد المحظورة الى بلدان تسويقية اساسية شأن المانيا والمهربون عموما لم يتعلموا اجراءات الحماية التي يتطلبها نقل " بضاعتهم " التي تراوح بين رقائق البلوتونيوم والزئبق الأحمر والسيزيوم المشع – 137 وحققت السلطات الالمانية والاوكرانية مرات عديدة في مئات من عمليات التهريب واعتقلت عصابات حاولت تهريب رؤوس نووية كما القي القبض في روسيا على كثيرين تورطوا في نقل اليورانيوم وتبلغ قيمة الكيلو غرام الواحد منه 700 الف دولار امريكي .
ومعروف ان انهيار الاتحاد السوفييتي اسفر عن توزيع مخزون الاسلحة النووية بين اربع جمهوريات هي روسيا ، اوكرانيا ، كازاخستان ، بيلاروسيا ، وتفكك المجمع الصناعي العسكري السوفيتي وتوزعت اشلاؤه في جميع الجمهوريات الامر الذي سمح بتسرب وثائق ومخططات لأبحاث سرية وضياع تقنيات نووية ، دع ان مئات الخبراء والعلماء هاجروا الى بلدان اخرى وخصصت واشنطن ميزانيات ضخمة للسيطرة على المخزونات النووية ومساعدة الدول المعنية ، فقد انفقت امريكا على مدى 10 سنوات 4 بلايين دولار لتفكيك اكثر من 5 الاف رأس نووي والتخلص من 400 صاروخ عابر للقارات اضافة الى اعدام عدد من الغواصات النووية وغير ذلك من برامج تفكيك المخزون الكيماوي السوفييتي .
لكن مراكز ومؤسسات كثيرة ناشطة وهي تحوي مواد مختلفة يمكن استخدامها لصناعة اسلحة دمار شامل ويقدر الخبراء المخزون النووي في دول الرابطة المستقلة ب 350 طنا من مادتي البلوتونيوم واليورانيوم المخضب وهذا يكفي لصناعة 40 الف قنبلة ، ويبدو ان 99% من الطاقة النووية في روسيا فيما تتوزع نسبة الثروة القاتلة الاخرى على كازخستان واوزباكستان وأوكرانيا وبيلاروسيا وحتى 2001 كانت المراكز المتخصصة وضعت قائمة ب 14 عملية سرقة لتقنيات نووية نجح المهربون في اخراجها وقيل ان عشرات الرؤوس النووية ضاعت خلال نقلها من كازخستان الى روسيا ومن اوكرانيا ومن المرجح ان يكون جزء من الرؤوس هذه وصل الى منظمات ارهابية مثل " طالبان " و " القاعدة " والدافع الأقوى الى ممارسة هذه التجارة المحرمة هو البحث عن الربح السريع في ظل وضع اقتصادي مترد .
واشارت الإحصاءات الى ان المرحلة الممتدة بين 1990 و 1995 شهدت اوسع عمليات تهريب راوحت بين رقائق البلوتونيوم وكميات مختلفة من مادة اليورانيوم عالية التخصيب ودخل علماء ومحترفون من بعد على خط اللصوصية النووية وانتشرت سوق سوداء منظمة تعمل تحت اشراف شبكة واسعة مرتبطة بهياكل الجريمة المنظمة المعروفة باسم " المافيا " وقد كشف في هذا السياق عن قيام مجموعة من العاملين في مجمع نووي قرب تشيليا بينسك بوضع خطة دقيقة لتهريب 18.5 كلغ من اليورانيوم العالي التخصيب ، وبرهن الحادث عام 1998 عن وجود مجموعات منظمة تتمتع بخبرات رفيعة وعن انتشار اسواق كبيرة للبضاعة ، وتبين ان عمليتي سرقة في بلغاريا 1999 وجورجيا 2000 كانت متجهتين جنوبا نحو الشرق الاوسط والمناطق الاسيوية وقد صادرت باريس عام 2001خمسة كلغم من اليورانيوم عالي التخصيب .
والحملة على باكستان جاءت في سياق اكتشاف دور مغامر نوويا مارسه عبد القدير خان ابو القنبلة الباكستانية منذ 15 عاما وقد لاحقته ال سي اي ايه ورصدت التسريبات التي قام بها ولحظت ان بلاده تملك حوالي 50 قنبلة نووية اضافة الى منظومة صواريخ متطورة جدا وانها بؤرة مشتعلة للتطرف الاسلامي فهي تشكل خطرا على محيطها وعلى العالم ، من هنا تزامن " الحملة النووية " على التسريبات التقنية الى ايران وليبيا وكوريا الشمالية مع تجهيز 50 الف جندي امريكي للقيام بعملية الربيع المقبل ضد المناطق القبلية الباكستانية المتهمة بايواء عناصر " القاعدة " و " طالبان " الذين يشنون غارات شبه يومية على القوات الامريكية في الشرق الافغاني ، فالموضوع الآن له بعدان : نووي وسياسي .
وذكرت مصادر اعلامية موثوقة في اسلام اباد ان تقنية نووية اوكرانية بيعت الى تنظيم " القاعدة " وقالت ان عالما نوويا اسمه فيكتور زار قندهار عام 1998 ولعب دور الوسيط في تلك الصفقة وبدا ان الجانب الامريكي اطلع على اسرار المسألة وتتبع خيوط الصفقة حتى اوكرانيا على ان الحقائب التي تضمنت اسلحة نووية أصبحت بين يدي الارهابيين والمرجح في أفغانستان منذ 2001 وقد وصف محمد البرادعي الشبكة المتآمرة على الامن الدولي بأنها " سوبر ماركت " للطامحين في الحصول على اسلحة نووية ومعظم احتياجاتها تسرب عبر اوروبا واشار تحقيق دقيق الى تورط اشخاص وشركات من المانيا وهولندا وبلجيكا وسريلانكا وسويسرا وجنوب افريقيا واليابان ودبي وماليزيا وروسيا واسبانيا والصين وباكستان وامريكا .........
واكد الرئيس الباكستاني هنا ان العفو عن عبد القدير خان مشروط بكشفه المزيد من التفاصيل عن عالم السوق السوداء ، ونقل باول عن مشرف تهعده باقتلاع جذور السوق السوداء النووية وأسف مشرف لأن الامريكيين كانوا يعلمون منذ سنوات بتحركات خان المشبوهة لكنهم لم يحركوا ساكنا من قبل الامر الذي يشير الى الوجه السياسي للمسألة خصوصا وأن الأمر يتزامن مع تكرير الكلام على هجوم سابق يستهدف بن لادن وعلى موجات من " المتطرفين الاسلاميين " المدربين في مخيمات باكستان وكشمير غزت امريكا على حد تعبير " واشنطن تايمز " وانضمت الى خلايا نائمة تمهيدا لشن هجمات ارهابية ، وفي المعلومات ان المتشددين الاصوليين توجهوا الى امريكا عبر اوروبا وتغلغلوا في المجتمعات الاسلامية وقد تخطى عددهم ال 500 وافاد مكتب التحقيق الفيدرالي " اف بي اي " ان الخلايا النائمة تعمل في 40 ولاية امريكية وتنتظر الأوامر والتمويل لتنفيذ الهجمات ، هي تتلقى دعما ماليا من شبكة مؤسسات خيرية وهمية .
والخوف الكبير هو في تغطية " الجرائم النووية "واللصوصية الدولية بحلول سياسية كما جرى في باكستان فقد حملت الحكومة مسؤولية بيع التقنيات الى خان وفئة محددة من العلماء أقفلت التحقيق خشية ان يطاول رؤوسا كبيرة في المؤسسة العسكرية على ان مصادر موثوقة اكدت ان هناك ادلة كافية على وجود صلات بين مجموعة من الأفراد في باكستان والسوق السوداء العالمية للتكنولوجيا النووية وعلى ان خان شكل شخصية رئيسية في هذه التجارة غير الشرعية وتعرضت باكستان لضغوط كي تطهر منشآتها النووية من العناصر الأصولية وهي تضم اكثر من 6 الاف عالم وحول هذا الموضوع قال مدير ال سي اي ايه جورج تينيت :" اكتشفنا مدى اتساع شبكة خان وحددنا حجمها لاحقناها من باكستان الى اوروبا والشرق الاوسط وآسيا ورصدنا عرضها بضاعتها على دول مثل كوريا الشمالية وايران وليبيا " .
وقدم ريتشارد آرميتاج نائب باول تفاصيل دقيقة عن زيارات خان الى الامارات وماليزيا وليبيا وايران وكوريا الشمالية وعن اجتماعاته مع تجار في السوق السوداء النووية وادلة وثائقية عن بيع معدات وتصميمات نووية وتفاصيل عن حسابات مصرفية اضافة الى محاولات فاشلة لبيع صدام حسين اسرارا نووية عام 1992 ومعلومات عن زيارته لبيروت في منتصف التسعينات لحضور اجتماع سري مع مسؤول كبير في الحكومة السورية ، واعلن خورشيد محمود وزير الخارجية الباكستاني ان الحكومة انهت عام 2000 عمليات تهريب التكنولوجيا النووية التي تحمل خان مسؤوليتها وطالب الدول الاوروبية بفتح تحقيقات حول مشاركة جهات محتملة لديها في تلك العمليات مؤكدا ان الكثير من المؤسسات الاوروبية لعبت دور الوسيط مشيرا الى ان ثلاثة مهندسين المان تملك باكستان اسماءهم شاركوا في عمليات التهريب ويذكر ن العمل بالبرنامج النووي بدأ عام 1976 ثم نجحت التجارب عام 1998 وكان الهم خلق توازن مع الهند .
وكانت باكستان اوقفت منذ 2001 عالمين نوويين باكستانيين وهما سلطان بشير الدين وعبد الماجد والسبب انهما التقيا زعيم تنظيم " القاعدة " اسامة بن لا دن داخل أفغانستان وقد سربا تصاميم للسلاح النووي الى " القاعدة " التي باتت تملك التقنية النووية وليس وقوف الجماعات الاسلامية المتشددة الباكستانية الى جانب خان والعلماء سوى برهان على ارتباط المشروع النووي الباكستاني بالإرهاب وعلى هذا الصعيد نجحت ابنة عبد القدير خان في الفرار من البلاد وفي حوزتها شريط سجله والدها وضمنه اسماء شخصيات رفيعة المستوى متورطة في القضية النووية ، وقالت صحيفة " واشنطن بوست " ان مشرف نفسه كان على علم بما يجري ولا سيما لجهة مساعدة كوريا الشمالية وايران وغيرهما ، وشككت " النيويورك تايمز " في ضلوع القيادات في بيع التكنولوجيا النووية والحصول كما قال خان على ملايين الدولارات وطالب خان باستجواب مشرف ورجالات الجيش .
واعتبر محمد البرادعي تعاملات خان الذروة في السوق السوداء ، وتقدر المعلومات ثروة خان بما يتجاوز عشرة ملايين من الدولارات مودعة في مصارف شرق اوسطية ويملك الرجل اربع فيلات في ارقى احياء اسلام اباد تتجاوز قيمتها 3 ملايين دولار كما يملك في احدى الدول فيلا ضخمة مطلة على بحر قزوين وفندقا في مالي ولديه مجموعة سيارات نادرة ويدير مجمعا تعليميا ضخما تمتد فروعه في انحاء باكستان وتقدر تكاليفه بملايين الدولارات وهو كريم مع أصدقائه اذ أهدى منزلا في اسلام اباد الى الوزير السابق غي سالك وهو احد ابناء الاقلية في البلاد وتتحاشى الحكومة اي محاسبة بشأن ثروته نظرا الى تورط " حيتان كبيرة " ووجود ملفات خطرة قد تحرق الجميع .
ومن جهة اخرى كشفت صحيفة " البابيس " الإسبانية ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية طلبت من مدريد اجراء تحقيق حول الكثير من الشركات الإسبانية التي تمكنت من تصنيع وتصدير معدات للبرنامج النووي السري الذي كانت تعده ليبيا وذكرت الصحيفة شركات من خمس دول اخرى ضمنها المانيا وماليزيا وباكستان ، وتم اكتشاف تورط هذه الشركات بعد تخلي النظام الليبي عن الاسلحة والسماح بالتفتيش ، وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أبلغت اسلام اباد بأن ايران تملك تصميمات لمعدات طرد المركزي مشابهة لتلك التي استخدمتها باكستان في صنع القنبلة الذرية وقد حصل عبد القدير خان على هذه الرسوم في السبعينات اثناء عمله في هولندا على ان المرشد الإيراني خامنئي اكد حق بلاده في الحصول على التكنولوجيا الضرورة لتشغيل محطاتها النووية لانتاج الطاقة وشدد على تخصيب اليورانيوم رافضا ان تمارس الدول الاوروبية ضغوطا مبالغة في هذا الشأن وحذرت فرنسا وبريطانيا والمانيا ايران من النشاطات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم ومن الاستمرار في الحصول على كميات كبيرة من المعدات لوحدات الطرد المركزي .
وجاء التحذير المسنن من اسرائيل قالت :" بقي امام الولايات المتحدة والعالم شهور معدودة لمنع ايران من الحصول على قنبلة نووية عام 2004 والا فان تل ابيب ستحبط وجود مثل هذا السلاح هناك " تحاشيا لتطور استراتيجي دراماتيكي في المنطقة واتهمت الولايات المتحدة بدورها ايران بتطوير برنامج سري للأسلحة النووية وقد نجح حسن روحاني بعد اجتماعه بمحمد البرادعي في فيينا في تفعيل الحوار وتهدئة الهجمات على ايران التي كما رأى الغرب خالفت معاهدة الانتشار النووي وفي سبيل الحد من هذه المخالفات زار وفد الوكالة الدولية مفاعل تاجوراء الليبي ( 15 كلم جنوب شرق طرابلس ) وتفقد ارعة مواقع لها صلة ببرنامج الاسلحة النووية وقد تخلت عنه ليبيا طوعا سعيا الى تحسين علاقاتها بالغرب وتحقيقا لنهضة اقتصادية واجتماعية تجتاحها البلاد ومعروف ان ليبيا تعاونت مع باكستان منذ 1982 بإشراف عبد القدير خان لتحقيق طموحاتها النووية وفجأة تخلت عن كل شيء أجرت تبديلات في سياستها .
وكانت اسرائيل انطلقت نوويا قبل ذلك بكثير عام 1958في ظل دافيد بن غوريون وموفده الى فرنسا والنرويج شمعون بيريز والى الولايات المتحدة فالعلماء والخبراء من فرنسا والكوادر من امريكا والماء الثقيل من النرويج ، وتم لإسرائيل ما تريد على الرغم من رفض ديغول وظلت أمريكا تشجع هذا التوجه الإسرائيلي في وقت تحرم فيه العرب حتى من الصواريخ العادية وتعاونت اسرائيل مع الهند ومع تركيا كي تحاصر دول المنطقة وزرعت على الحدود مع سوريا الغاما نيوترانية تحمل مواد مشعة وقابلة للانفجار من شأنها ان تفتك بكل ما هو اماما من بشر وطبيعة من دون ان تمس الآليات وقيل إنها حولت الجولان الى " مقبرة نفايات نووية " وهي اعنت في أكتوبر 2003 قدرتها على استعمال اسلحة الدمار الشامل ضد اي دولة معادية وعلى إطلاق صواريخ تحمل رؤوسا نووية من غواصاتها .
وفي وقت يحاول الرئيس بوش تحديد الدول التي يسمح لها بإنتاج وقود نووي بعد اكتشاف حجم الفجوات في الاتفاقات لوقف انتشار الاسلحة النووية والتكنولوجيا المستخدمة لانتاجها قدمت باكستان الى وكالة الطاقة واليابان معلومات عن السوق السوداء النووية بعد سلسلة التحقيقات مع علمائها وخبرائها وتورط " ابو قنبلتها " في تهريب معلومات وتكنولوجيا الى الخارج وشارك العالم ثمر مبارك مند منافس عبد القدير خان في جمع المعلومات حول القضية وناشد بوش باكستان واربعين دولة نووية عدم بيع اجهزة ومعدات الى اي دولة ليست مجهزة لانتاج الوقود النووي سواء من طريق تخصيب اليورانيوم او من طريق اعادة معالجة الوقود المستنفد البلوتونيوم.
وعلى صعيد اسلحة الدمار الشامل العراقية اعتبر ديفيد كاي الرئيس السابق لمجموعة مفتشين كلفت البحث عن اسلحة دمار شامل في العراق ان لا جدوى من الاستمرار في البحث عن هذه الاسلحة ولو لخمسين سنة لانها غير موجودة وكان توني بلير رئيس وزراء بريطانيا قدم في ايلول 2002 ملفا لاقناع الرأي العام البريطاني بضرورة شن حرب على العراق اكد فيه ان النظام العراقي قادر على نشر اسلحة كيماوية وبيولوجية خلال 45 دقيقة لكن ديفيد كاي المستقيل اكد امام لجنة برلمانية امريكية ان اسلحة الدمار الشامل غير موجودة وان محاولة العثور عليها في العراق مقاربة سيئة واستراتيجية سيئة واستنتج ان الذين اتهموا العراق في هذا الصدد كانوا جميعهم على خطأ .
لن يكون سهلا على ايران بعد اليوم تخصيب اليورانيوم البلوتونيوم سرا ولن تكون العلاقة بموسكو كما كانت عام 2000 يوم حصلت على مروحة الضغط العالي لتشغيل مفاعل " بوشهر " بقيمة نصف مليار دولار وهكذا سيكون صعبا على باكستان بعد الفضائح المتراكمة ابتزاز الدول الإسلامية ماديا وتصدير السلاح الفتاك الى كوريا الشمالية والارهاب الدولي ، وقد قال الرئيس بوش : " ان الارهابيين والدول الارهابية يخوضون سباقا للتسلح وهو يحضرون لشن هجوم سري ومفاجئ باسلحة دمار شامل ولذلك يجب وقف مواردهم واجرامهم " .
التعليقات