نحن المذيعات مكياج فقط بقلم:ميسون عزام

نحن المذيعات مكياج فقط بقلم:ميسون عزام
نحن المذيعات مكياج فقط!

ميسون عزام

هكذا ترانا، او هكذا يحلو لك ان ترانا، ، والا، فلماذا تقتصر في نظرتك هذه على المذيعات، الم يقل لك احد من قبل ان المذيعين يضعون المكياج ايضا وبالكمية ذاتها ان لم يكن اكثر. لمذا تُبقي صورته الرزينة في عقلك رغم المساحيق التي يستخدمها، وتعتبر بالمقابل انها تخفي وراء جمالها "الاصطناعي" اذا صح التعبير غباء لا محالة. اتظن انها قارئة ليس الا، اما هو فيرتجل. ان كنت تظن ذلك فاسمح لي ان اصحح نظرتك العنصرية المحدودة، فالكل سواسية في هذا العمل والامتحان الحقيقي يكمن في الحورات واللقاءات والتغطيات المباشرة، وعندها يكرم المرء او يهان.

ما غاب عن بالك سيدي، ان كان عن قصد او دون قصد، هو ان المكياج ليس سوى احدى الضرائب التي تدفعها هي على حساب براءتها كي ترضيك. للأسف، اصبح الذكاء تهمة تُبرأ منها المذيعة لانها تضع المساحيق. وطبعا، ذلك ليس لأن العلم قد اثبت ان هنالك علاقة مباشرة مابين الذكاء والمكياج، ولكن لان مجتمعنا، وللأسف، لازال ذكوريا ولا يحلو له الا ان يراهن دائما، ناقصات عقل ودين. لنكن صريحين، القضية ليست قضية مذيعة او مكياج انها قضية تتعلق بنظرة المجتمع الى المرأة. فالتاريخ يقول لنا ان قيادة المرأة للطائرة تعود الى عام 1921، بينما يؤكد الحاضر ان المرأة مازالت في بعض مجتمعاتنا العربية، تناضل كي تقود السيارة. لماذا هذا التهميش المتعمد للمرأة. بينما حصلت المرأة السويدية على جائزة نوبل في الأدب عام 1909م، لم تستطع المرأة الخليجية ان تصدر ديوانا شعريا الا عام 1957 وباسم مستعار حينها وهو بعنوان "عبر الصحراء" للسعودية سلطانة بنت عبد العزيز السديري. المرأة هنا لا تطالب بحقها في المساواة مع الرجل، كما طالبت الانجليزية ماري ولستون كرافت، لكنها تنادي باقل ما يكون من حقوق نصت عليها الاديان السماوية والقوانين الارضية. تطالب بان ينظر اليها بناء على شخصيتها وثقافتها وعلمها وعملها. وتطالب قبل كل شىء ان توفر لها الوسائل كي تبني شخصيتها وتوسع ثقافتها وعلمها او توفر لها الفرص المتاحة للرجل حتى تثبت مهارتها. فهي الأم قبل كل شيء والام مدرسة اذا اعددتها اعددت شعباً طيب الأعراق.

ان كنت تظن ان هواية المذيعة ان تضع رطلا من المساحيق على وجهها وتغلق كل مساماتها وتعرض بشرتها لاضاءة مستمرة حتى التلف، فاعذرني سيدي، انت مخطىء. حقيقة الوضع هي ان الكامير يمكن ان تكون اما عدوا او صديقا لكل من يقف امامها. فهي، اي الكاميرا، عدو لانها، بحال لم يضع الشخص المعني المكياج، فانها تُظهر اضق التفاصيل التي لا تراها العين المجردة وبالتالي لا تظهر الصورة نقية. وبالمقابل هي صديق، لان الشخص عينه اذا ما وضع المكياج، واذا ما توفرت لديه المكونات، لن اقول الجميلة، حتى لا تظن ان المذيعات مغرورات، ولكن ساكتفي بالمقبولة، كي ارضي بالمقابل غرورك، فان الكاميرا تساعد على اضفاء صبغة جمالية لمن امامها وبالتالي تصبح الصورة انقى. عمل المذيعة لا يقتصر على الصوت، بل هو مزيج من صوت وصورة ومضمون، ولذلك فالجمال، "حتى وان كان اصطناعيا" لا يقل اهمية عن المضمون. عندما تم اختيارنا لهذه الوظيفة، كان للكاميرا الكلمة الفصل. الله انعم عليناا بان تكون الكاميرا صديقا لنا، لماذا تصر دائما ان تكون انت العدو.

*العربية نت

التعليقات