عاجل

  • في أحدث حصيلة: ارتفاع عدد الشهداء إلى أربعة وعدد من الجرحى جراء غارة للاحتلال على مخيم النصيرات

  • (القناة 13) الإسرائيلية: السبب في إقالة المتحدث باسم رئيس الوزراء عمر دوستري علاقته المتوترة مع سارة زوجة نتنياهو

  • وسائل إعلام إسرائيلية: تبادل إطلاق نار بين قوات الجيش الإسرائيلي ومسلحين فلسطينيين شرق خانيونس

  • قناة (كان): نتنياهو أقال المتحدث باسمه عومر دوستري

عميل فلسطيني وضابط مخابرات سابق يكشفان كيف بنت إسرائيل طابورها الخامس

عميل فلسطيني وضابط مخابرات سابق يكشفان كيف بنت إسرائيل طابورها الخامس

غزة-دنيا الوطن

يعلم هاني أنه كان مخطئا فيما قام به، لكن الشاب الفلسطيني يقول انه لم يستطع مقاومة المرأة التي أغرته للذهاب معها إلى حقل قريب من بيته. حدث ذلك قبل سنتين، ولم يحضر قط إلى ذهنه، آنذاك، ما سيترتب على لقاؤه بتلك المرأة.

وسط اللقاء فاجأتهما مجموعة من رجال الأمن الإسرائيلي، ثم قام بعضهما بتهديد هاني (ليس هذا اسمه الحقيقي) بإخبار زوجته عن خيانته لها إذا لم يتعاون معهم. تراود هاني الآن قناعة بان كل شيء قد رتب مسبقا للإيقاع به، لكنه يسلم أنه كان هدفا سهلا، فهو كان مطلوبا لبعض الجرائم الصغيرة، وفي حوزته كانت هناك عدة بطاقات هوية مزيفة. وخلال أيام وافق هاني على التخلي عن حريته ليصبح عميلا لإسرائيل مدى الحياة.

داخل الضفة الغربية وغزة، هناك آلاف الفلسطينيين في نفس الوقت وضعية هاني، ولا أحد يعرف عدد من أولئك الذين يقبضون رواتب من إسرائيل لقاء خدماتهم، كن العدد، حسب بعض منظمات حقوق الإنسان، يصل إلى 15 ألف عميل.

وكان استخدام إسرائيل للمخبرين الفلسطينيين قد مكنها من منع الكثير من العمليات الانتحارية، ودعم أمن إسرائيل. إضافة إلى ذلك، خلق التعاون مع الإسرائيليين روح الشك بين الفلسطينيين، من أن شخص يتمكن من تحقيق قدر من النجاح في تجارته أو عمله، حتى تثار الشكوك حوله.

في حالة هاني كان سبب التعاون مع إسرائيل، هو الخوف لا الجشع "أنا وافقت على العمل معهم من أجل الحصول على العفو. أنا وافقت على مساعدتهم في حل بعض المشاكل المتعلقة بالمخدرات والسرقة".

يقول هاني إن المسئول الإسرائيلي، اتصل به العام الماضي، وطلب منه مراقبة رجلين يسكنان في قريته بالضفة الغربية _ أحدهما عضو في "حماس" والآخر من "فتح" "أنا لم أرد أن أقوم بذلك لكنه قال أنه يود فقط معرفة حركاتهما. أنا أعطيتهم معلومات كثيرة عنهما، لكني بدأت أخاف من أن الإسرائيليين يخططون للقيام بشيء أكثر من مراقبتهما فقط. قد شاهدت في التلفزيون كيف تغتال إسرائيل الناس وكيف تلاحقهم بطريقة منهجية. ووصلت إلى استنتاج أنني أساعدهم في تحقيق ذلك فهربت".

لكن تصرفات هاني الغريبة، فقد أثارت الشكوك لدى الشرطة الفلسطينية، التي اعتقلته، فكان ذلك بمثابة مفتاح فرج، إذ أن اعتقاله ساعده على الخروج من "الحفرة العميقة التي أسقطت نفسي فيها. لذلك اعترفت بكل شيء. كنت أتكلم أسرع مما يستطيع المحقق كتابته".

· دور حاسم

· منذ اتفاقية أوسلو التي نقلت أجزاء من الأراضي المحتلة إلى السلطة الفلسطينية، أصبح تجنيد العملاء مهمة أساسية من مهام الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وفي البداية تطلب إعطاء رقم سيارة أحد الجيران أو تفاصيل عن مكان عمله. ومع انغماس العملاء أكثر فأكثر بعملهم، أصبح مطلوبا منهم التسرب إلى التنظيمات السياسية على أعلى المستويات، أو وضع أفخاخ تساعد الإسرائيليين على اعتقال أو اغتيال الناشطين الفلسطينيين. وكانت إسرائيل قد تبنت سياسة الاغتيالات منذ اندلاع انتفاضة القدس، ولتنفيذ هذه السياسة استخدم المتعاونون الفلسطينيون بشكل نموذجي، لترتيب الضربة، مثلما فعلوا مع هاني.

يتساءل موشي كوبربرغ، أحد الضباط السابقين في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بيت):"متى كانت إسرائيل بدون متعاونين فلسطينيين؟، انه عمل سهل جداً". وكان كوبربرغ يقوم بتجنيد المتعاونين وإدارة شبكة منهم في الضفة الغربية قبل تقاعده سنة1999 يرى صالح عبد الجواد، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة بير زيت، القريبة من رام لله أن أحد أهداف اجتياح الضفة الغربية الأخير هو الحصول على متعاونين جدد، إذ تم خلال الغزو اعتقال المئات من الفلسطينيين، وإذا كان الهدف المعلن من اعتقالهم هو اقتلاع الناشطين من بينهم، فان الكثر من المعتقلين حسب ما يقوله عبد الجواد قد عرضت عليهم فرص التعاون أثناء التحقيق معهم.

ويقول عبد الجواد"في الكثير من البلدان، يعتقل المرء أو يحتجز لأنه قام بعمل خاطئ، أو خطط له، بينما هنا مر جميع الرجال الراشدين بهذه التجربة. أنا أرى أن عملية الاعتقال كمصفاة لإنتاج المتعاونين".

من جانب آخر دعمت حكاية هاني بحوث قامت بها منظمات حقوق الإنسان بضمنها منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بيتسليم" ومنظمة "مراقبة حقوق الإنسان الفلسطينية".

فكلتا المنظمتين قد سجلتا شهادات لأولئك الذين ارتكبوا جرائم مدنية سابقا، ثم عرض عليهم الخروج من السجن مقابل التعاون مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وآخرون عرضت عليهم صور قريباتهم أثناء قياسهن ملابس جديدة في محلات لبيع الثياب، وهددوا بأن هذه الصور سيتم نشرها إذا لم يقبلوا بالتعاون. يقول عبد الجواد: "هناك الكثير من المحرمات في المجتمع الفلسطيني، وهذا يساعد على توفير فرص للضغط على الناس للتعاون مع الإسرائيليين".

· طرق بارعة

· يتميز كوبربرغ بحيوية وجاذبية محببة، ولعله استخدم هذه القدرات في مجال عمله. يقول كوبربرغ أن أساليبه شديدة البراعة وتتركز على خلق شعور باليأس والخيبة بين الناشطين الشباب من منظماتهم، وذلك بتسليط الضوء على التذبذب في خطاباتها، أو في فشلها في تحقيق الدولة الفلسطينية التي تزعم أنها تقاتل من اجلها.

استطاع كوبربرغ أن يقنع بعض الفلسطينيين بأنهم سيخدمون أهلهم، بشكل أفضل، إن هم تعاونوا مع إسرائيل بسبب ما سيحصلون عليه من ضمانات لتحرك بحرية داخل الضفة الغربية.

ويقول كوبربرغ: "التجنيد الناجح للمتعاونين يستند إلى بناء الثقة. على المتعاونين أن يفهموا جيدا أسباب العمل معنا نحن أصحاب حرفة وهم يتعاونون لأننا نخبرهم بالحقيقة فإذا أردت أن أجند شابا في سن الثامنة عشرة، فعليه إن يؤمن أن هناك قناعة مشتركة بيننا.

أنا أقول له أنني أيضا أريد منع سفك الدماء.مع مرور الوقت سيجد أنني صادق". وإذا فشلت في كل الأساليب فهناك المال، يقول كوبربرغ "علي أن أجعلهم يعرفون أننا كرماء". كوبربرغ يهودي علماني، ويتكلم العربية بطلاقة، وكان قد درب لتقمص شخصية فلسطينية اسمها "موسى" وغالبا ما يستهدف شبانا ينتمون إلى منظمات فلسطينية ناشطة. يقول كوبربرغ "بالنسبة لطالب الجيد والمعتدل نحن لا نقترب منه لكن إذا كان متطرفا نستطيع أن نقول له أنه يعيش في حلم أحيانا حتى إذا لم يصبح متعاونا، فالحديث معه يمكن أن يبعده عن القيام بهجوم مستقبلي".

يستغرق كسب المتعاون أحيانا ساعة واحدة أحيانا يستغرق أشهرا كثيرة يقول كوبربرغ أنه يعلمه كيف يتجنب أن يكشف وحسب هذه الدروس على المتعاون أن يحذر الجميع حتى أمه إضافة إلى تجنب البذخ لتجنب الشكوك كذلك كان كوبربرغ يعد بتوفير الحماية للمتعاون داخل إسرائيل في حالة انكشافه.

يقول كوبربرغ إن "شين بيت" تدير شبكة واسعة من المتعاونين السابقين، الذين منحوا بطاقات هوية بأسماء أخرى." نحن نرسل بعضا منهم إلى الخارج". لكن هذا النوع من الحماية محفوظ بشكل خاص للمتعاونين المنتمين إلى أعلى المراتب وظيفيا، وهذا ما جعل المتعاونين الصغار يطالبون إسرائيل ببذل جهد اكبر لحمايتهم، وبعضهم قام برفع دعاوي قضائية ضد الدولة اليهودية، من جانب آخر وجهت انتقادات قوية للسلطة الفلسطينية للطريقة التي تتبعها في التعامل مع هذه المشكلة. وعبرت منظمات حقوق الإنسان عن قلقها من أولئك المنعوتين بـ "المتعاونين" لا يمنحون محاكمات عادلة فالمحاكم العسكرية التي تنظر في قضاياهم تجري جلساتهم بسرعة، والأحكام تصدر بسرعة أيضا.

لكن المشكلة لا تقتصر على المحاكمات الصورية، فخلال الانتفاضة الأولى، التي بدأت سنة 1987، قتل ما يقرب من ألف فلسطيني أثناء المصادمات مع الجنود والمستوطنين الاسرائيلين. وحسب البحث الذي قام به المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان،هناك ما يقرب من ألف شخص آخر قد قتلوا على أيدي أبناء جلدتهم بسبب الاشتباه في تعاونهم مع الإسرائيليين، في الوقت نفسه لم تبلغ بين المقتولين نسبة الذين ثبت ضدهم تهمة العمالة 45 في المائة.

الكثير من المشكوك في تعاونهم مع الإسرائيليين تم إطلاق الرصاص عليهم في الشوارع من مجموعات أمن أهلية ولم تقم السلطة الفلسطينية بأي جهد لإيقاف عملية القتل وقد استخدمت هذه الطريقة أحيانا لتصفية الحسابات حول خلافات شخصية لا تمت بصلة بموضوع التعاون مع إسرائيل.

وهذا الموقف من السلطة الفلسطينية، يتعارض مع اتفاقيات اوسلو2، فعلى سبيل المثال، هنالك فقرات تقول "أن الفلسطينيين الذين كانوا لهم اتصالات مع السلطة الإسرائيلية، لن يعرضوا للأذى أو العنف أو الانتقام أو الاضطهاد".

* " كريستيان ساينس مونيتور"

التعليقات