المخرجة المصرية المشاغبة إيناس الدغيدي تفضح الرجال

المخرجة المصرية المشاغبة إيناس الدغيدي تفضح الرجال

غزة-دنيا الوطن

كلما بدأت المخرجة المصرية المشاغبة إيناس الدغيدي تصوير فيلم جديد، تبدأ الحملات الضارية ضد الفيلم والمشاهد الجنسية التي يتضمنّها حتى قبل البدء في تصوير الفيلم وعرضه! ولذلك تتعمد إيناس الدغيدي زيادة جرعة الإثارة في أفلامها لاستدراج حملات إعلامية ضدها تكون خير وسيلة دعائية لأفلامها المثيرة للجدل!

إلا أن فيلمها الأخير "الباحثات عن الحرية" الذي نال جائزة أحسن فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي مؤخراً، فمن المتوقع أن يثير جدلاً ليس في مصر وحدها، بل في لبنان والمغرب، لأن بطلات الفيلم الثلاث واحدة مصرية وأخرى لبنانية وثالثة مغربية!

فإذا كانت الأفلام العربية قد تناولت موضوع هجرة الشبان إلى أوروبا سعياً وراء فرص العمل والحرية، فإن فيلم إيناس يقدم للمرة الأولى موضوع هجرة الفتيات العربيات، وهو مأخوذ عن رواية الكاتبة السورية هدى الزين التي تعيش في باريس "بلد الجن والملائكة" كما وصفها عميد الأدب العربي الراحل الدكتور طه حسين. واختارت الكاتبة باريس مكاناً تجتمع فيه الفتيات العربيات الثلاث الباحثات عن الحرية هرباً من القهر والفقر والوصاية، فالصحافية اللبنانية "أمل" التي تؤدي دورها نيكول بردويل تهرب إلى باريس اثناء الحرب الأهلية في لبنان بعدما خطفت الميليشيات حبيبها أمام عينيها، فحولتها طبيعة الحرب إلى امرأة سادية في علاقتها بالرجال والتي تتسم بالقسوة والعنف وكأنها تريد أن تنتقم من نفسها كنوع من ردّ الفعل، وتتعرض "أمل" أيضاً للابتزاز الجنسي من رجل عربي يعيش في باريس ويتاجر بالمخدرات ويتعامل مع عصابات المافيا ويستفيد من حماية القانون له لأنه يحمل الجنسية الفرنسية!

أما "سناء" التي جاءت من عائلة فقيرة في المغرب فهي هاربة من القمع الأسري، لتجد نفسها في باريس تواجه عملية قمع أخرى مع تاجر مغربي كبير في السن وعاجز جنسياً، ويعاملها كعاهرة ويهددها دوماً بإعادتها إلى الشارع لأنها لم تنل أي حظ من التعليم ولا تستطيع الحصول على أي وظيفة محترمة فتعمل كمطربة في إحدى الحانات التي يتردّد عليها العرب في باريس!

وربما تكون "عايدة" المصرية الأقرب إلى الشخصية السويّة في الفيلم، فهي تعيش في باريس في شبه عزلة بعدما حصلت على الطلاق وتنازلت عن حقها في حضانة طفلها الوحيد في مقابل نيل حريتها من زوجها السابق الذي يتمتع بكل امتيازات الرجل في مجتمع ذكوري يعامل المرأة بإجحاف واضح. وتقع "عايدة" في غرام شاب مصري وسيم وتقيم معه علاقة جنسية عابرة، ولكنها حين تضطر إلى الاختيار بين حبيبها وبين ابنها الوحيد تختار العودة إلى ابنها في مصر.

ومن خلال تجارب النساء الثلاث في باريس يكشف الفيلم في النهاية أن الحرية التي تبحث عنها الفتيات في مدينة الإنس والجن ليست إلا مجرد وهم، وأن الحرية الحقيقية هي التي تكمن في داخل الانسان نفسه!

وقد ألقت الأجواء الساخنة بظلالها على الندوة التي أقيمت على هامش المهرجان حول فيلم "الباحثات عن الحرية" وأدارها الناقد وجيه خيري بحضور المخرجة إيناس الدغيدي، وكاتب السيناريو الدكتور رفيق الصبان، ومؤلفة الرواية الأصلية التي تم تحويلها إلى فيلم الكاتبة السورية هدى الزين، بالإضافة إلى بطلات الفيلم الثلاث: داليا البحيري ونيكول بردويل وسناء موزيان.

وتحدث في الندوة شريف الشوباشي رئيس المهرجان الذي قال ان المخرجة إيناس الدغيدي نجحت في طرح فكرة جريئة حققت من خلالها المعادلة الصعبة بطريقة متوازنة بين مفهوم حرية المرأة في الغرب، والحرية بالنسبة إلى المرأة الشرقية، على الرغم من التفاوت الكبير في النظرة إلى قضية الحرية.

وافتتحت إيناس الدغيدي المناقشة حول فيلمها قائلة: إن أجمل ما في الفيلم أنه عمل مصري يتحدث بثلاث لهجات عربية، مصرية ولبنانية ومغربية، وبذلك أقدم سينما جديدة تفتح عقلها لثقافات اجتماعية متنوعة، وكان من الطبيعي أن أستعين بممثلة من لبنان، وأخرى من المغرب، وكان الاختيار مرهقاً، وكدت أصل في بعض الأوقات إلى مرحلة اليأس ولكنني عثرت في النهاية على البطلات الثلاث للفيلم بعد عذاب طويل. ويحكي الفيلم قصة صداقة بين ثلاث نساء عربيات لكل واحدة منهن أزمتها الخاصة وأحلامها التي دفعتها إلى الهرب من بلدها إلى باريس في محاولة للبحث عن الذات والتواصل مع الحياة بصورة أفضل.

وحول مشاهد الجنس التي سيطرت على الفيلم تقريباً، قال كاتب السيناريو الدكتور رفيق الصبان ان الجنس لم يكن غاية بل وسيلة تعذيب وعقاب بالنسبة إلى البنت اللبنانية التي هربت من بلدها بسبب الحرب التي راح ضحيتها الشاب الذي كانت تحبه، ولذلك اختارت أن يكون الجنس عندها عقاباً للذات، فهي تبحث عنه لكي تتلقى الضرب والإهانة، بينما هربت البنت المغربية من القمع الذي تعرضت له في بلدها ومجتمعها وراحت تبحث عن الحرية التي تفتقدها، ولذلك فإن الجنس بالنسبة إليها يشكل نوعاً من الهرب، إلا أنها اصطدمت كذلك بقسوة المجتمع الباريسي حيث عاشت مع رجل كبير يضربها ويعجز عن معاشرتها جنسياً، وعندما اتجهت إلى الغناء وجدت أنه نوع آخر من الدعارة.. وأخيراً هناك البنت المصرية التي تمردت على المجتمع الذكوري في بلدها وظلت لأربع سنوات في عزلة كاملة. وبالتالي فإن الجنس يصبح شيئاً فرعياً بالنسبة إلى ظروف البنات الثلاث، فالفيلم يكشف عن اشياء أخرى في داخل كل من البطلات الثلاث، ولذلك لا يصح القول أن إيناس الدغيدي قدمت في فيلمها مشاهد جنسية مجانية، بل كان الجنس وسيلة للدخول في أعماق الشخصيات، ولم يكن غاية في حدّ ذاته!

أما مؤلفة الرواية، الأديبة السورية هدى الزين، فقد علقت على المشاهد الجنسية في الفيلم فقالت: لم أتعمّد في روايتي أن أحكي عن الجنس بل حكيت عن قصص عشتها في الواقع، وحالات صادفتها، وأنا اؤكد أن الشخصية التي لعبتها داليا البحيري في الفيلم تشبهني شخصياً فقد تعرضت لتجربة الطلاق وواجهت ضغوطاً في محيطي الاجتماعي لم أقدر على تحملها فسافرت إلى باريس للدراسة وتحقيق اهداف أخرى، وكان السفر وسيلة للتحرر من اشياء كانت تكبلني في بلدي سورية، وهناك شخصيات اخرى في الرواية صادفتها في باريس فعلاً مثل شخصية >عبد الله< السوداني الذي انتحر بسبب فصله من العمل، فهو كان صديقي في الاذاعة التي كنا نعمل فيها!

والغريب في الفيلم، والرواية الأصلية، أن كل الرجال الذين تسبّبوا في الأذى والمشاكل مع البنات الثلاث في باريس كانوا من العرب وليسوا من الفرنسيين، وهي إشارة ذات مغزى أثارت غضب عدد من النقاد أيضاً!

وحول النهاية المثيرة للجدل، قالت المخرجة إيناس الدغيدي: لقد رفضت أن يكون مشهد قراءة الفاتحة بين الشاب الفرنسي والفتاة المغربية سناء موزيان هو المشهد الختامي للفيلم لأنني أدعو إلى التعايش بين الأديان والتسامح الحضاري الذي يترك لكل إنسان حرية الاعتقاد الديني، وقد ظهر ذلك واضحاً في مشهد الكنيسة حيث تتلو نيكول بردويل صلاتها، لتجد هشام سليم يقول لها مبتسماً: "تقبّل الله"!

التعليقات