المذيعة المحجبة للبرامج الدينية فقط؟

المذيعة المحجبة للبرامج الدينية فقط؟
غزة-دنيا الوطن

قال إعلاميون مصريون إن تأكيد ممدوح البلتاجي وزير الإعلام، في بيان له أمام لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان من أنه لا يوجد قرار يقضي بمنع المحجبات من العمل في التلفزيون ربما يستهدف استباق حكم قضائي من القضاء المصري لصالح مذيعه في القناة الثانية رفعت أمر منعها من الظهور بالحجاب إليه، بعدما أيد تقرير قضائي في كانون الأول /ديسمبر الماضي حقها في الظهور على الشاشة بالحجاب، وأوصى بإعادة المذيعات المحجبات لعملهن، معتبرا إقصائهن عن عملهن كمذيعات، تنكيلا ويخالف الدستور المصري.

وكان البلتاجي، رد على تساؤلات نواب عن أسباب منع المذيعات اللاتي يتحجبن من الظهور أمام الشاشة، ونفى ذلك، مشيرا إلى أنه سبق للمذيعة كريمان حمزة، وكانت محجبة، أن قدمت برامج دينية في التلفزيون، وقال إنه بالنسبة للمذيعة صاحبة الشكوى القضائية وهي مها مدحت، فسوف تقدم برامج دينية في القناة الثانية في إشارة لرفع الحظر عنها في هذا الصدد.

وأضاف البلتاجي أن هذه المسألة لا يواجهها اتحاد الإذاعة والتلفزيون إلا في حال قيام بعض المذيعات "بتغيير المواصفات التي تم اختبارهن وفقا لها"، الأمر الذي أثار تخوفات بين مذيعات التلفزيون المصري من أن تكون هذه التصريحات تعني أن تستمر السياسة، غير الرسمية، الحالية في استمرار منع ظهور المحجبات في فقرات الربط وعلى الهواء والاكتفاء بظهورهن في برامج دينية فقط دون غيرها.

وكان تقرير "هيئة مفوضي الدولة" الذي صدر مطلع كانون الأول/ديسمبر 2004، والذي سوف تستند إليه محكمة القضاء الإداري في حكمها القادم في القضية التي رفعتها إحدى المذيعات ضد قرار إبعادها عي الشاشة، قد أكد أن من حق المذيعة "مها مدحت" بالقناة الثانية في التلفزيون المصري أن تعود لعملها كمذيعة ربط بلبس الحجاب، وألغى قرار نقلها إلى الإدارة العامة للبرامج الثقافية ومنع ظهورها على الشاشة والاكتفاء بصوتها.

وشدد التقرير، ضمن أسباب تأييده لحق المذيعة في الظهور على شاشة التلفزيون، على أن "الباعث من قرار التلفزيون هو إبعادها عن الظهور علي الشاشة بهدف التنكيل بها وإقصائها من وظيفتها كمذيعة وليس لتحقيق المصلحة العامة"، وأن قرار منعها من الظهور بالحجاب "خالف الدستور الذي كفل حرية المواطن في اختيار الملبس الذي يتفق مع الدين أينما كان موقعه الوظيفي سواء كان بوزارة الإعلام أم غيره".

وكانت الأزمة بين التلفزيون المصري والمذيعات المحجبات اللاتي بلغ عددهن 12 مذيعة حتى الآن تصاعدت في أعقاب لجوء المذيعة "مها مدحت" إلى القضاء للشكوى من صدور تعليمات في التلفزيون تمنعها من الظهور علي الشاشة بالحجاب، بعدما سبق أن اشتكت لرؤسائها ورفض طلبها، ثم تقدمت إلى الشرطة والنيابة العامة تتهم فيها زينب سويدان رئيسة التلفزيون بالاعتداء عليها بالضرب والسب بسبب إصرارها على الظهور على الهواء بالحجاب ورفض الأخيرة.

وكانت مها مدحت أحدث المذيعات المحجبات في القناة الثانية في التلفزيون المصري اتفقت، كما تروي هي، مع رئيسة التلفزيون على أن تغير شكل حجابها كي يكون مثل حجاب رئيسة وزراء باكستان السابقة بناظير بوتو (أي تظهر جانبا من شعرها) كشرط للسماح لها بتقديم برنامج ديني في شهر رمضان (معالم إسلامية) قدمت منه سبع حلقات، بيد أنها فوجئت عقب انتهاء شهر رمضان بمنعها من الظهور.

وقالت إنها ذهبت للاحتجاج لدى وزير الإعلام السابق وأمين عام الحزب الحاكم صفوت الشريف، ولم تتمكن من لقائه، وأن رئيسة التلفزيون زينب سويدان رفضت فكرتها بتقديم برنامج جديد بالحجاب باسم "أمومة وطفولة" واعتدت عليها بالسبّ والضرب، مما سبب لها كدمات في وجهها دفعتها لتحرير محضر ضدها في قسم الشرطة، وأنها قدمت شكاوى لرئاسة الجمهورية المصرية بشأن منعها من الظهور بالحجاب.

إلا أن رئيسة التلفزيون زينب سويدان نفت الواقعة فيما بعد، وقالت إنها غير صحيحة ولم تر المذيعة، وأن الأخيرة هي التي تطاولت عليها وعلى سكرتارية مكتبها، وقد رفض رئيس الاتحاد حسن حامد التدخل على اعتبار أن الواقعة أصبحت في يد النيابة العامة.

وجاء ذلك في الوقت، الذي استسلمت فيه غالبية المذيعات المحجبات للأمر الواقع وقبلن بالعمل خلف الكاميرا في الإعداد أو بالصوت فقط دون الصورة، فيما قدمت أخريات استقالتهن لإصرار اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري على رفض ظهور المذيعات محجبات بسبب ما قال رئيس الاتحاد السابق إنه عقد بين المذيعة (بغير حجاب) وبين الاتحاد يٌفسخ في حال لبس الحجاب!.

وأكد حسن حامد رئيس الاتحاد الأسبق أن الحجاب مسألة شخصية ولا تلزم الاتحاد بظهورهن على الشاشة، وقال إن "المذيعة عندما تقدمت للاختبارات لإجازتها كمذيعة تمت الإجازة وفق شكل معين، وهو الشكل الذي خضعت فيه المذيعة للاختبارات، أي بدون حجاب، وبناء عليه تم اختيارها والتعاقد معها على هذا الأساس، والعقد هنا شريعة المتعاقدين ما دامت قد ارتضت هذا الوضع بإرادتها، أما أن تغير شكلها بارتداء الحجاب فهو أمر يعتبر إخلالا بالاتفاق بينها وبين التلفزيون ومن حقنا هنا أن لا نسمح لها بالظهور علي الشاشة"، حسب قوله.

وترجع مشكلة المذيعات المحجبات إلى عام 1970 عندما بدأت بحجاب المذيعة كاريمان حمزة، التي سٌمح لها فيما بعد بإعداد برنامج غير دوري ذي طابع ديني، ثم هدأت الظاهرة إلي أن بدأت في الانتشار على نطاق واسع وبالجملة عام 2002 عندما أقدمت خمس مذيعات عاملات في قناة الإسكندرية الإقليمية المعروفة بالقناة الخامسة على لبس الحجاب دفعة واحدة، وتم منعهن من تقديم برامجهن بسبب ارتدائهن الحجاب.

وزاد "الارتباك" بين مسؤولي القنوات التلفزيونية من هذه الموجة المتواصلة من لبس الحجاب ومطالبة المحجبات بالظهور بالحجاب أسوة بما يجري في دول ومحطات فضائية عربية أخرى في أعقاب لبس ست مذيعات جدد للحجاب وحرمانهن من الظهور على الهواء بسبب قرار غير معلن بمنع ظهور المحجبات، أربع منهن في (قناة النيل للأخبار) الناطقة بالعربية، واثنتان (تحجبتا قبل فترة) في قناة (نايل. تي. في) الناطقة بالإنجليزية.

وزاد الأزمة تعمقا وجود نقص في الكوادر النسائية المدربة للظهور علي الشاشة، خاصة أن المحجبات هن من الكفاءات الشابة الحديثة علي الشاشة.

كما زادها أن نسبة 95 في المائة من دفعات كليات الإعلام (قسم إذاعة وتلفزيون) محجبات أيضا ما يعني أن هناك، كما تقول خريجة حديثة من الكلية تفضل عدم ذكر اسمها، أزمة مستقبلا في المذيعات المصريات اللاتي تأتي نسبة كبيرة منهن من كليات الإعلام!.

يذكر أن كافة المذيعات المحجبات الجدد لا يعانين من أي مشكلات مادية أو مهنية أو اجتماعية ومشهورات بالكفاءة، كما أنهن طالبن بالسماح لهن بالعمل في نفس الوظائف، وقالت بعضهن لوسائل إعلام محلية إنهن لم يتحجبن بسبب الداعية عمرو خالد ولا يسمعن خطب هذا الداعية، الذي تنسب له بعض الصحف "تهمة" الوقوف وراء حجاب الفنانات والمذيعات وغيرهن في المجتمع المصري.

وقد زادهن إحباطا سماح محطات فضائية عربية لمذيعات تحجبن بالاستمرار في الظهور علي الشاشة بالحجاب، على عكس التلفزيون المصري الذي يحظر الظهور بالحجاب، مثل مذيعة تلفزيون قناة "الجزيرة" الشهيرة خديجة بن قنة التي لبست الحجاب وبدأت في إذاعة الأخبار عقب موافقة إدارة القناة على ظهورها به. (قدس برس)

التعليقات