دنيا الوطن في صحيفة معاريف الاسرائيلية

التعليقات(ردود الفعل) ستجلب الديموقراطية

بقلم : ايتمار عنباري

صحيفة معاريف 10/1/2005

مواقع عربية قليلة تسمح لزائريها بالتعليق أسفل المقالات . الذي يسمح بذلك هو المقتنع بأن ذلك وجه من أوجه حرية التعبير .

كما يبدو فأن للمواقع الألكترونية العربية كل الأسباب بتبني نظام المواقع الأسرائيلي بالسماح بكتابة ردود الفعل والتعليقات . أن الزائر (للموقع) العربي يشبه ألى حد بعيد أبن عمه الأسرائيلي متعطش للمعرفة وللأخبار , ويتوق لأعطاء رأيه في كل المواضيع , مع ذلك فأن عدد المواقع الذي يسمح بذلك هو قليل جدا , ومن بين هذه المواقع الموقع التابع لقناة العربية التلفزيونية والتي تسمح بالتعليقات لا بل فأنها تنظم أحياناً استفتاءات للزوار .

موقع ال بي بي سي باللغة العربية يسمح هو أيضاً للزوار بالرد والتعليق .

ربما بسبب المعرفة العميقة للمواقع الأسرائيلية , فأن المواقع التي تشغل عرب أسرائيليين لديهم الأستعداد لفتح الموقع لردود الفعل والتعليق ," التعليقات هي دليل على عدد الزوار " يقول بسام جابر رئيس تحرير " بانوراما " وموقع "بانيت " . عندما أقمنا الموقع قبل سنتين ونصف , كان بدون التعليق , وأحسسنا أنه ليس لدينا علاقة مباشرة مع الزوار , غيرنا شكل الموقع , وأقمنا موقعا جديدا مع أمكانية التعليق , ودهشنا عندما اكتشفنا أن تقديرنا لرد فعل الزوار كان بعيدا عن الواقع . اليوم تستطيع أن تجد 500 أو حتى 600 رد أو تعليق على خبر . أنه لأمر مدهش فعلا أن تعطي المتلقي أمكانية الرد , فهذا يعطي الموقع سحراً صحفياً خاصاً , يقول بسام جابر ...

جزء من العقلية أذا كان ذلك بهذه الروعة فلماذا لا نجده في المواقع العربية الأخرى بحسب رأيي , كل صاحب موقع أو محرر في العالم العربي يتوق لكي يأخذ ردود أفعال . أعتقد أن لذلك سببين رئيسين , الأول هو أن الأعلام العربي هو ناقد جدا لذاته , والمواقع العربية في غالبيتها محافظة , وهذا كما يبدو جزء من العقلية . والسبب الثاني هو سياسي . كمحرر لصحيفة أو موقع في دولة عربية , أخاف أن يقول المعلقون كلاما ليس عليه أجماع , مثلا شتم النظام الحاكم . الحديث في الجنس أيضا غير مقبول في الدول العربية . عندما يكتب الزائر تعليق فأنه في الغالب عاطفي ويمكن أخفاء الأسم , وهذا غير مقبول في الدول العربية ..

على الرغم من أن موضوع التعليق لا زال في بداياته في المواقع العربية , بسام جابر يؤمن أن معظم المواقع العربية ستأخذ بهذا النظام يوما ما وهو ليس بعيد . أعتقد أن عالم ألأنترنت ينقل العالم العربي من مكان ألى مكان آخر نقلة نوعية . المواقع العربية سوف تجد نفسها في مواجهة هذه الحقيقة وهي أن القاريء يريد أن يقول رأيه فيما يجري ..

أعتقد يضيف جابر أن العالم العربي يتدمقرط بواسطة الأنترنت , والذي يقف النظام عاجزا عن رقابته كما هو الحال في الراديو مثلاً .

يخافون المخابرات

أيضاً مؤيد الطيبي صاحب المواقع " العربية " والطيبة نت " وسخنين نت " يعتقد أن الردود أو التعليقات هي المستقبل . في المواقع الطيب نت وسخنين نت هناك أمكانية للتعليق , ويقول أنه سيفعل الشيء ذاته في موقع العربية

لأن ذلك سيضيف قراءً لمواقعي ..

مؤيد الطيبي يعتقد تماما كبسام جابر أن السبب في نقص الردود في العالم العربي هو الخوف من نقد السلطة , فهناك أنظمة عربية غير ديموقراطية , ولا تستطيع أن تقول ما تشاء . وبخلاف الزوار الأسرائيليين فأن الزائر العربي يعتقد أن كل ما يكتبه ممكن أن يصل ألى أجهزة المخابرات ..

يؤاف يتسحاك الفلسطينيين

أحد المواقع الفلسطينية القليلة , وربما الوحيد الذي يسمح بالتعليق وردود الفعل هو " دنيا الوطن " , الموقع أقيم قبل أكثر من عام , يعرّف نفسه بأنه صحيفة يومية ألكترونية , مؤسس الموقع ومحرره هو عبدالله عيسى من غزة وهو ما يمكن تعريفه ب" يؤاف يتسحاك " * : صحفي مستقل وبدون توجهات , وهو مختص بكشف الخروقات والفضائح أحد أهم المواضيع بنظره هو موضوع الفساد في السلطة الفلسطينية , وهو لذلك يكثر من من التعامل مع الموضوع من خلال الموقع , ويفسح له المساحة الكافية لتغطيته .

عبدالله عيسى يقول دونما خوف , أن بعض المواضيع التي لم تعجب بعض التنظيمات السياسية انتهت بتوجيه التهديد المباشر له بالقتل , وسياسيين آخرين كانوا أقل عنفاً اكتفوا بتقديم شكاوى ضده ..

بهذه الروح يعمل الموقع , وكان من الطبيعي أن يجعل عبدالله عيسى من " دنيا الوطن " منبرا للنقاش والتحاور حسب قوله , البداية لم تكن سهلة . الزوار فلسطينيين وعرب لم يعرفوا كيف يستغلوا هذه النعمة " حرية التعبير " التي نزلت أليهم من السماء . بالأضافة ألى أن الردود والتعليقات في البداية لم تمر عبر الرقابة ومرت بشكل أوتوماتيكي ولم تمسها يد المحرر .

رد (تعليق ) على 3 : بالروح بالدم نفديك يا صدام

في البداية عندما كان الموقع يخطو خطواته الأولى , كان التجاوب محدودا بالنسبة للردود , يقول عبدالله عيسى

وبعد ذلك تقبل الموضوع تدريجيا . في البداية الزوار نشروا الشتائم , وعندها بدأنا بمراقبة الردود , وفرضنا شروط للزوار ونطلب أن لا تكون هناك أية شتيمة , أو تحريض وأنما ردود تلتزم الأخلاق والأحترام .ومع الوقت فهم الزوار أن بالأمكان أبداء الرأي ولا ضرورة للشتم .

عبدالله عيسى يعتقد أن المردود للتعليقات كبير : أشعر أن هناك حوارا حقيقيا . موضوع العراق مهم جدا بالنسبة لي ولنا الكثير من القراء العراقيين , وفي التعليقات تستطيع أن ترى النقاش الذي يدور بين اولئك الذين يؤيدون صدام حسين والقسم الآخر الذي يؤيد النظام الحالي .

يعتقد عبدالله عيسى أيضا أن النقاش الحر يدعم المسيرة الديموقراطية في المجتمع الفلسطيني والعربي , والحوار بين الزوار يربي الناس على الدمقرطة . ويؤمن ويأمل أن يزداد عدد المواقع التي تفسح المجال للحوار بين الزائرين وتعطي حق التعبير لهم في المستقبل القريب ..

*يؤاف يتسحاك هو صحفي كبير في أسرائيل اشتهر بكشف ملفات الفساد السلطوي يعمل في معاريف

وله موقع على الأنترنت

التعليقات