عاجل

  • قناة (كان): نتنياهو أقال المتحدث باسمه عومر دوستري

  • شهيدان على الأقل وعدد من الجرحى جراء قصف الاحتلال محيط مسجد الشقاقي في "مخيم 2"بمخيم النصيرات وسط القطاع

نحو وزارة خارجية فلسطينية عصرية ( 2) بقلم:د. علاء ابوعامر

نحو وزارة خارجية فلسطينية عصرية ( 2)

د. علاء ابوعامر

أستاذ العلاقات الدولية – غزة

تعقيبً على الحلقة الأولى من سلسلة المقالات التي بدأتها قبل أيام بعنوان " نحو وزارة خارجية فلسطينية عصرية " من خلال صحيفة دنيا الوطن الالكترونية التي تصدر في غزة ويرأس تحريرها الصديق عبد الله عيسى تلقيت العديد من الرسائل التي يشكو فيها البعض من إشارتي إلى المهن التي كان يعمل بها بعض من السفراء قبل تعيينهم في مناصبهم ويلوموني على ما استشفوا أنه استهانة بمهنتهم وأنه لا يعيب الرجل أن يعمل في أي مهنه طالما هي مهنة شريفة ... وأن يأكل الإنسان من عمل يديه أفضل من أن يمارس أي مهنة أخرى فيها امتهان لكرامته وإنسانيته... الخ وفي الحقيقة أنني في هذا المقال أريد توضيح هذه النقطة بالذات وهي أنني عندما أشرت إلى تلك الحقائق الموضوعية لم أكن أقصد تجريح شخص بعينه ولو بالإشارة فأغلب من يعملون في السلك الدبلوماسي الفلسطيني هم من أصدقائي الذين أكن لهم كل الاحترام والمودة ولكن الحقائق يجب أن تقال والأخطاء يجب إصلاحها وقد جاءت تلك العبارة المستخدمة في المقال المشار إليه للمصادقة على الكثير من المقالات التي نشرت عبر صحيفة دنيا الوطن وغيرها من المواقع الالكترونية الفلسطينية التي تنتقد أداء سفارات فلسطين في الخارج .
وهنا يجب أن أؤكد مرة أخرى أن معظم السفراء والدبلوماسيين الفلسطينيين لم يخضعوا لتأهيل دبلوماسي مناسب وأغلبهم أرسلوا إلى البلدان التي يعملون بها دون أن يكون لديهم أي إلمام ولو بسيط حول طبيعة مهامهم وبعضهم ثقف نفسه بنفسه ونجح في أن يكون سفيراً بمعنى الكلمة وهذه حالات خاصة تعد على أصابع اليد وهؤلاء بالتأكيد ليسوا من فئة أصحاب المهن بل أشخاص متعلمون قد حصلوا على شهادات عليا في الطب والهندسة وغيرها من التخصصات ومارسوا في السابق وأثناء الدراسة عمل سياسي ونقابي وحزبي ( حركي) وطوروا أنفسهم بأنفسهم في كثير من الأحيان وهم من الشخصيات المحترمة التي دخلت تاريخ العمل الدبلوماسي الفلسطيني وأصبحت من رموز النضال الدبلوماسي الفلسطيني إذا صح التعبير وعلى رأسهم سعادة السفير الدكتور ناصر القدوة ممثل فلسطين لدى هيئة الأمم المتحدة وهو طبيب على ما أعتقد وآخرين غيره ممن ما زالوا يمارسون عملهم بكل حرفية واقتدار .
وقد أشرت في المقال سابق الذكر إلى هذه الحقيقة وهي أن بين أولئك السفراء من رفع اسم فلسطين عالياً وهناك حقيقة أخرى لا بد من أخذها بعين الاعتبار وهي أن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة عام 1961 لا تنص على أن يكون المؤهل العلمي للدبلوماسي محدد في حقل من حقول العلم فهذا الموضوع خاص بالدولة الموفدة فبإمكانها إرسال ( ضراب الطبل ) وأنا استخدم هذا التعبير حتى ابتعد عن المهن وأتمنى أن لا يكون بين دبلوماسيينا من عمل بهذه المهنة من قبل حتى لا تكون ( وقعتي سوده ) هذه المرة أيضا .
هذا من ناحية من ناحية أخرى يتخرج من جامعات الوطن المحتل سنوياً ما بين 400 إلى 600 طالب وذلك من كليات العلوم السياسية والاقتصاد والحقوق واللغات الأجنبية هذا بالإضافة إلى الخريجين من الجامعات العربية والأجنبية وهؤلاء الخريجين هم الأنسب للعمل الدبلوماسي وقد حرصت في بدايات عملي في الوزارة ومن خلال موقعي أن أُثبت هذا الأمر وأقنعت بذلك كل من الوزير د. نبيل شعث و د. أنيس القاق وكيل الوزارة في ذاك الوقت واصدرا تعميما في هذا الشأن لكافة رؤساء الدوائر في التعاون الدولي بعدم توظيف أي شخص إلا من أصحاب التخصصات أعلاه . ولكن الانقلاب الذي حصل في الوزارة والذي أدى في النهاية إلى سيطرت جماعات ليس لها علاقة بالدبلوماسية ولا بأي أمر أخر .. وظيفتها الأساسية الكيد والتأمر والاسترزاق غير المشروع وهؤلاء أشخاص بلا أي مؤهلات حقيقية وبلا أي خبرات ولا أي كفاءة من أي نوع ولا يجيدون سوى البرم والنميمة وتركيب الخوازيق ، قام هؤلاء النفر وعلى قاعدة المثل الشعبي " الطيور على أشكالها تقع " بحشو الوزارة بعينات شبيهة بمن عينهم لا تمت للمهنة بصلة بل تُمت إلى عائلة فلان أو علان من أولئك الذين صعدوا إلى السطح بقدرة قادر وأصبحوا ولاة الأمر وأصحاب القرار ولا أدري ما ذا سيكون بوسع أي وزير قادم هذا إذا تحققت أمالنا وأحلامنا وطموحاتنا في التغيير الذي بُشرنا به من قيادتنا الجديدة أن يفعل في هذا الكم اللامعقول من أشخاص بعضهم لا يمتلك حتى شهادة علمية بل هو نسيب أو قريب لهذا المسئول أو ذاك وهي السياسة التي عارضناها منذ بداية تكوين الوزارة إذ لا يجوز أن يعمل الشخص وزوجته وأخيه وابن أخيه وابن خالته وابن عمته وأخو زوجته وابنه وزوج ابنته و زوجة ابنه ...الخ في نفس الوزارة وهذا ألف باء العمل الإداري السليم وتنص عليه معظم القوانين الفلسطينية ولكن من يطبق القانون ؟؟ !! هناك عائلات يمثلها خمسة عشر شخصاً أو أكثر من الموظفين وكلهم في نفس المكان وقد دخلت يوما على أحد المسئولين الذين عينهم معالي الوزير ليضبطوا الوزارة فكانوا أكثر الأشخاص سوءً وفساداً وما زال الوزير يرقيه ويرقيه...وسنرى إلى أين ستصل الأمور..؟؟!! فوجدت في صالون مكتبه ما يقارب العشرة أشخاص من أفراد عائلته وفي الداخل كان هناك مثلهم فقلت ممازحاً شو هذا ديوان العائلة أنتقل إلى الوزارة في غزة .... ابتسم الأخ المذكور ابتسامة عريضة صفراء اللون ، فقد فهم القصد وطنش ولكن هذا فساد ما بعده فساد ، هذا فساد إداري وأخلاقي واستهتار بكل الأعراف والقيم واستهتار بتضحيات شعب قدم وضحى وناضل ليكون لأبنائه أيضا مكان في هذه الوزارة أو تلك وليست الوزارات حكراً على هذه العائلة فقط ...
وهنا أعود إلى مقالي الأول واشدد على أن ازدواجية المركز هي سبب من أسباب الإرباك التي يعاني منها العمل الدبلوماسي الفلسطيني فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن يكون هناك وزارتان للخارجية و وزيران للخارجية بل وزارة واحدة يمكن أن يكون لها فروع هنا أو هناك من أماكن التواجد الفلسطيني وحسب الظروف في الضفة وغزة وتونس ور بما في عمان والقاهرة إلى أن يتم التحرير وتعود القدس الشريف وتصبح عاصمة لدولة فلسطين المستقلة عندها يصبح هناك مركز واحد فقط لا غير .
البعض ممن لا يدركون طبيعة الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي يحملون الأخ أبو اللطف فاروق ألقدومي رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية المسئولية عن هذه الازدواجية وذلك لعدم عودته إلى أرض الوطن فلو عاد لما كان هناك وزير خارجية أخر ولكن في هذا ظلم كبير للرجل إذا أن أتفاق أوسلو لا يسمح بممارسة أي نشاط دبلوماسي أو قنصلي و بقيت هذه المهمة محصورة في الدائرة السياسية ( وزارة خارجية دولة فلسطين التي مقرها في تونس ) وكان يجب الحفاظ على وحدانية جهاز العمل الدبلوماسي وان يكون أي جهاز ينشأ في الداخل تابعاً ومرتبطاً بوزارة الخارجية .
ولكن شاء بعض الأشاوس ممن يريدون أن يصبحوا دبلوماسيين بالقوة مستغلين مواقعهم التي حصلوا عليها بالصدفة أو في غفلة من غفلات الزمان المر الذي يعيشه شعبنا في الداخل وتمردوا على كافة الأعراف الفلسطينية ، فهؤلاء الذين لم يقاتلوا ولم يناضلوا يوما ولا يعرفون من هو أبو اللطف ولا يعرفون قيمة أن تبقى منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعيا وحيداً للشعب الفلسطيني ...استهانوا بكل شيء واعتقدوا أن الزمن سيبقى يسير إلى ما لا نهاية في مصلحتهم ، من هنا يستطيع المرء أن يستوعب لماذا كان معالي الأخ أبو اللطف حاداً ومستفزا خلال المقابلة في برنامج الاستحقاق عندما أشار محاوره اللبناني في قناة المستقبل الفضائية إلى وزير الشئون الخارجية في السلطة الوطنية الفلسطينية لأن في وجود مثل هذه الوزارة وبنفس التسمية خطأ كبير يجب إصلاحه إذ يجب أن ترتبط هذه الوزارة بالوزارة الأم في تونس لا أن تنافسها .
أما كيف يمكن أن يتم ذلك ؟؟
الجواب من خلال عدم تعيين وزير شؤون خارجية أصيل في الحكومة القادمة بمعنى وزير سيادي بل وزير دولة للشئون الخارجية ( يكون في حقيقة الأمر نائباً أول لوزير الخارجية فاروق القدومي أبو اللطف ) ويقود العمل الدبلوماسي الفلسطيني في الداخل ويعمل على بناء وزارة خارجية عصرية من خلال إنشاء مؤسسات محترمة وليس دوائر تخدم شركات ومؤسسات خاصة تابعة لأفراد ، وهذا كله يتطلب إعادة بناء وزارة الشئون الخارجية الحالية وتصفيتها من العناصر غير المؤهلة من الذين قد يصلحوا لأي شيء أوفي أي مكان أخر ولكن ليس للعمل الدبلوماسي وسيجد وزير الدولة للشئون الخارجية القادم إن شاء الله و وزير الخارجية الأصيل الأخ أبو اللطف الكثير من الكوادر العلمية والأكاديمية المستثناة والمحاربة علناً من قبل أولئك النفر من الناس ، من سيتجند ويعطي جل وقته للبناء والتطوير ودون مقابل ودون كسب أعتقد أن القيادة الجديدة ستفخر بهم وستفخر بهم فلسطين وسنغسل كل القذارة التي زرعوها في مؤسساتنا ونصلح كل العبث بالقيم النضالية لشعبنا وعندها يمكننا أن نتحدث عن بناء مؤسسة تقود العمل الدبلوماسي بشكل سليم وباْعتقادي أن مؤسسة كهذه ستكون جاهزة في مدة زمنية بسيطة وسيكون في استطاعتها إعداد كوادر دبلوماسية قادرة على ملئ الفراغ وإصلاح الخلل الناشئ في سفارات فلسطين في الخارج .

يتبع ...

*خاص بدنيا الوطن

التعليقات