صفقة لإطلاق البرغوثي وعزام والجاسوس جوناثان بولارد

صفقة لإطلاق البرغوثي وعزام والجاسوس جوناثان بولارد

غزة-دنيا الوطن

علمت (إيلاف) من مصادر دبلوماسية غربية أن هناك اتصالات حثيثة تجري منذ مدة في تكتم تام لعقد صفقة بين إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية ومسؤولين أميركيين، تستهدف إطلاق سراح كل من: المحكوم بالسجن في مصر بتهمة التجسس عزام عزام، وأمين سر حركة (فتح) في الضفة الغربية، مروان البرغوثي المحكوم بالمؤبد من إحدى المحاكم الإسرائيلية، والمواطن الأميركي المدان بالتجسس لصالح إسرائيل جوناثان بولارد، وذلك وفق ترتيبات استخبارية معقدة تتشابك فيها اعتبارات سياسية وأمنية دقيقة، يجري التفاهم حتى الساعة بشأن تفاصيلها، وإن أبدت ذات المصادر تفاؤلها بإمكانية التوصل إلى اتفاق .

وسبق للقاهرة أن أعلنت في شهر حزيران (يونيو) الماضي رفضها القاطع لإطلاق سراح الدرزي ـ الإسرائيلي عزام عزام، مقابل الإفراج غير المشروط عن البرغوثي .

أما في ما يتعلق بالأميركي جوناثان بولارد، الذي كان يعمل كمحلل استخباري في سلاح البحرية الأميركي، فقد حكم عليه قضائياً في العام 1987 عليه بالسجن مدى الحياة، لقيامه ببيع كميات كبيرة من الوثائق الأميركية السريعة إلى إسرائيل، وفي اجتماع بين الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، ورئيس وزراء إسرائيل الأسبق بنيامين نتانياهو التي عقدت في منتجع "واي ريفر"، كانت قضية بولارد موضوع خلاف بين الجانبين عندما طالب نتانياهو بترحيله إلى إسرائيل، التي اتهم بأنه باع إليها وثائق سرية ومعلومات تتعلق بأمن الولايات المتحدة، غير أن واشنطن رفضت ذلك بشدة، ولم ترضخ حتى الآن لأية ضغوط .

وفي صباح يوم 18 تشرين الثاني (نوفمبر) تم توقيف بولارد وبدأ التحقيق معه، وكان بقدرته على التخيل واختلاق القصص يذهب بعيداً بالمحققين إلى انه يشك في وجود شبكة جاسوسية عالمية استطاع التوصل إليها، وهو ما جعلهم يثقون فيه قليلاً لدرجة انه قال لهم أرجو أن أتحدث مع زوجتي لأثبت لكم ذلك، وسمح له بالاتصال بزوجته وعندما اتصل بها طلب منها خلال الكلام الذي كان مراقباً من المخابرات أن تأخذ القطة إلى بيت الأصدقاء وكانت هذه شفرة سرية متفقاً عليها وترجمتها عنه الزوجة انه في مأزق، وعليها أن تخفي المستندات الموجود، غير أن الاستخبارات أدركت الأمر وضبطت تلك الوثائق قبل إخفائها .

وساطات وصفقات

أما في القاهرة حيث يجري التداول بشأن قضية عزام عزام، فإن محللين يرون أن اهتمام الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بهذه القضية إلى الحد الذي سعت فيه مرات إلى وساطة شخصيات سياسية دولية وأميركية رفيعة لدى السلطات المصرية، فإن ذلك يرجع بالأساس إلى التأكيد على حماية الجواسيس العاملين لصالح إسرائيل بشكل عام، فإذا تأكد أن الحكومة تتخلى عنهم، فان الكثير منهم سيرفض التعاون معها في المستقبل، خاصة أن اعتمادها عليهم في تحقيق أهدافها أخذ يتنامى خلال السنوات الأخيرة، ولعل نجاحها في الوصول إلى بعض القيادات الفلسطينية واستهدافها مثلا يعود في جانب منه إلى عملائها في الأراضي الفلسطينية والذين قاموا بدور رئيسي في الوشاية، لذلك ينطوي الاهتمام بقضية عزام دون انقطاع على رسالة تؤكد عدم تخليها عن عملائها مهما كانت الظروف والمصاعب.

وكان قد ألقي القبض على الدرزي الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية عزام عزام عام 1996 بتهمة التجسس لصالح الموساد، حين كان يعمل في شركة نسيج إسرائيلية في ضاحية "شبرا الخيمة" شمال القاهرة، وصدر ضده حكم نهائي بالسجن لمدة 15 عاماً.

وفي وقت سابق من العام المنصرم، تحدثت صحف إسرائيلية عن اتصالات بين المسؤولين في مصر وإسرائيل لإطلاق سراح عزام مقابل الإفراج عن جميع المسجونين المصريين في السجون الإسرائيلية، وقبل شهور وأثناء صفقة مبادلة الأسرى بين إسرائيل و"حزب الله"، سبق أن نفى مصدر دبلوماسي مصري وجود أي صلة بين عزام المسجون في مصر، وأية مفاوضات تجريها إسرائيل مع "حزب الله" أو غيره بشأن إطلاق أسرى عرب أو إسرائيليين.

ويقضي أشهر سجين إسرائيلي في مصر عقوبة بالسجن 15 عاماً، منذ تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1996 بعد أن أدانه القضاء المصري حينئذ بتهمة التجسس لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلي (موساد)، وهو ما أدى إلى زيادة التوتر في علاقات القاهرة وتل أبيب خاصة بعد أن رفض الرئيس المصري حسني مبارك مطالب إسرائيلية متكررة للإفراج عنه في عدد من المناسبات، ومن خلال وسطاء عديدين، بينهم رؤساء دول غربية كبرى منها ألمانيا التي لعبت دور الوساطة البارز بين "حزب الله" والحكومة الإسرائيلية مؤخراً .

وتسمح سلطات السجون المصرية لعائلة عزام بزيارته مرة واحدة كل شهر، ووافقت للعديد من الوزراء وكبار المسؤولين الإسرائيليين مقابلته في سجنه، لكنها تتمسك بمعاملته وفق لوائح السجون المصرية من دون منحه أي مزية خاصة .

خلفية التوتر

وكانت مصر قد سحبت محمد بسيوني، آخر سفير لها من إسرائيل بعد تصعيد عملياتها ضد الفلسطينيين، بينما تكهنت مصادر دبلوماسية غربية بعزم القاهرة تعيين سفير جديد لها، بدلا من بسيوني، إلا أن مصادر مصرية نفت هذه الأنباء، وأكدت أن المناخ لازال غير موات بعد للإقدام على مثل هذه الخطوة حتى الآن .

هذا ومن المعروف أن قضية الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام لم تكن الأخيرة بين سلسلة إدانات لأشخاص تتهمهم الحكومة المصرية بالتجسس لصالح إسرائيل، حيث كانت المحاكم المصرية قد أدانت مهندسا ومحامياً مصريين ـ في قضيتين منفصلتين ـ خلال الفترة الماضية بتهمة التجسس لصالح المخابرات الإسرائيلية .

وكان عزام الذي ثار حوله جدل حاد بين الحكومتين المصرية والإسرائيلية منذ عام 1997 قد نفى تهمة التجسس لصالح إسرائيل وقال في محاكمته أنه يعمل بأحد المصانع الإسرائيلية الموجودة بمصر ولا تربطه أي علاقات غير عادية بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" لكن محكمة أمن الدولة العليا في مصر أدانت عزام بتهمة التجسس وقضت بسجنه 15 عاماً

وشهدت قضية عزام التي تعد واحدة من أشهر قضايا التجسس الإسرائيلي على مصر جدلا حادا وقت إثارتها حتى أن الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون تدخل في مسعى لإيجاد حل لهذه القضية التي عكرت العلاقات بين مصر وإسرائيل اللتين ترتبطان باتفاقية سلام منذ عام 1979، غير أن الرئيس المصري حسني مبارك قال حينئذ إن القضاء المصري هو الذي سيقول كلمته في هذه القضية، ورفض الوساطة الأميركية بشكل قاطع، كما رفض أيضاً عدة مطالب إسرائيلية قادها عيزرا فايتسمان رئيس إسرائيل السابق، وإيهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، الذي كان موضع ثقة القاهرة بين رئيسين للوزراء من الليكود.

*نبيل شرف الدين-القاهرة

التعليقات