اتصالات سرية لعلاوي مع قادة البعث وسعي لاعادتهم في مراكز عليا في الامن والجيش و لانهاء ملف الدوري

اتصالات سرية لعلاوي مع قادة البعث وسعي لاعادتهم في مراكز عليا في الامن والجيش ولانهاء ملف الدوري

غزة-دنيا الوطن

تحيط عدة تعقيدات (لوجستية وسياسية) بشكل وجوهر الإتصالات التي يفترض ان تبدأ اليوم الإثنين في العاصمة الأردنية عمان بين رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي وممثلين (مستقلين) لحزب البعث العراقي الذي كان حاكما.

ويسود العراقيين المؤيدين في عمان لحكومة علاوي إنطباع مسبق بأن هدف الأخير من فتح هذه القناة الإتصالية غير المنتجة فعليا مع قياديين مفترضين من أقطاب حزب البعث هو محاولة التقليل من الخسائر الناتجة عن قرار ضمني إتخذته قوي حزب البعث المتبقية داخل الأراضي العراقية ويقضي ليس فقط بعدم المشاركة في الإنتخابات المقبلة سواء نظمت في وقتها أو اجلت بل و(تخريبها) قدر الإمكان بالتعاون مع القوي السنية النشطة من غير البعثيين.

وعلاوي وخلال أخر زيارتين له لعمان كان شغوفا جدا بوجود حلقات عربية تساعده في التوصل إلي تفاهمات مع قطاع محدد مسبقا علي المواصفات الأمريكية من البعثيين المؤثرين داخل العراق وخارجه ولذلك سبق له ان طلب صراحة من الحكومة الأردنية وكذلك السعودية مساعدته في مبادرات من هذا النوع وتمكينه من تشخيص مناطق حزبية بعثية يستطيع إختراقها أو بناء إتفاقات معها علي هامش التحضيرات للإنتخابات.

ومن الواضح الأن ان علاوي حصل فعلا علي (يد أردنية وأخري سعودية) وفرت له فرصة معقدة نسبيا في التحدث لبعض البعثيين الذين لا يشكلون خطرا علي ما يجري داخل العراق فالحوارات التي ستجري في عمان خلال اليومين المقبلين والحوارات الموازية الأكثر تنظيما في سورية ولدت بناء علي (خط توافقي) بين عمان والرياض تبرع بهذه الخدمات.

ومن الناحية العملية هدف علاوي واضح في السياق وهو الإستعداد لإحباط خطة بعثية داخلية لإفشال الإنتخابات تتحدث عنها الأوساط النشطة للبعثيين في العراق سرا وعلانية إن تمكن ذلك فهذه الأوساط بدأت تصدر بيانات ونشرات بالإتجاه المضاد للإنتخابات في (العهد الأمريكي) وموقف الإنتخابات اصلا تعقد بعد مخاوف الأكراد من حصول الشيعة علي حصة الأسد منها.

وأوساط البعث ايضا بتقديرات الحكومة الأردنية التي قيلت للعلاوي في مباحثات سابقة تشير لإن من لم يشارك في المقاومة من البعثيين العراقيين الذين لا يمكن وصفهم (بالصداميين) يخطط لإحباط الإنتخابات والدعوة لمقاطعتها عبر بيانات وتحريضات وضغوط متوالية تستثمر موقف علماء السنة وشعور السنة بوجود نوايا لإستبعادهم.

ومن الواضح هنا ان علاوي يسعي (لحلحة) هذا المشروع الذي يمكن ان يتبناه حسب التقديرات نشطاء يستطيعون التأثير بمليون بعثي عراقي علي الأقل أغلبهم يحملون الأن أمالا في المستقبل ولديهم ماض مزعج يؤثر في توجهاتهم.

وفيما مصلحة علاوي أكثر إنكشافا تتقاطع هذه المصلحة مع مصلحة المباردة السعودية ـ الأردنية حيث تحدثت عمان والرياض فعلا خلال الأسابيع القليلة الماضية مع بعثيين بارزين ومثقفين لصالح التحاور مع علاوي بدلا من تجاهله.

وعمان والرياض في الجانب التكتيكي أيضا يحيط بهما الوضوح فإستراتيجيا ولأسباب متعددة ومتباينة قرر (بيع) بضاعتهما السياسية علي شكل حرص علي مستقبل اهل السنة وحصتهم في خارطة الحكم المستقبلي فالسعودية لديها أسباب داخلية في هذا الإتجاه والأردن منذ أكثر من عام يتبني علنا خطا ينتقد محاولات علاوي والإدارة الأمريكية إستبعاد السنة والبعثيين التكنوقراط من المواقع الأساسية.

والأردن مهتم بصفة مركزية بإستقرار العراق ولديه قناعة بان هذا الإستقرار غير ممكن إذا لم يشعر السنة بالعدالة وإذا لم تعد طبقة التكنوقراط الإدارية البعثية للحكم وتحدث مع علاوي مرارا وتكرارا بهذا الأمر. أما السعودية فديها مصلحة أمنية وإستراتيجية في وجود (قوة مركزية) من السنة في مؤسسات الحكم العراقية مستقبلا تخلق نوعا من التوازن امام طموحات شيعة العراق في الحصول علي أغلبية الحصص الحاكمة.

وعلاوي بنفسه يريد ان يخرج من مأزق الإنتخابات بأي ثمن ولذلك تقاطعت مصالح الأطراف الثلاثة بإتجاه الإتصالات التي ستجري في عمان التي تحدثت وتتحدث كما تفعل الرياض تماما مع هيئة علماء المسلمين ومع بعثيين بارزين يقيمون خارج العراق ومجمل هذه الإتصالات نتجت عنها مبادرة ثنائية إقتطفها علاوي الذي تمكن عبر الدعم السعودي والإردني من إيجاد طبقة من البعثيين تتحدث معه.

وتعقيدات الموقف بدأت عندما فرض الأمريكيون حسب مصدر أردني مطلع قيودا علي إتصالات علاوي مع اي أقطاب بعثية فالقوات الأمريكية لا تريد قياديين من الصف الأول في حزب البعث ولاتريد ممثلين للتيار (الصدامي) وتتساهل في التحدث مع بعثيين مستقلين او ناقدين لصدام او لم يكونوا في مواقع قيادية مهمة في الماضي والأمريكيون هنا مارسوا تعقيداتهم عبر أصدقائهم من شركاء علاوي في حكومته..

وعلاوي حسب المصدر الأردني نفسه يحاول في الواقع الإفلات بهدوء من الشروط الأمريكية وتشجعه عمان علي ذلك لإن الإستثناءات الأمريكية ستعني التحاور مع مجموعة من البعثيين الذين يمكن إيجادهم علي المقياس الأمريكي وعليه تريد عمان إتصالا مع بعثيين أمنييين وتؤيد قرارات بعودة البعثيين للجيش وللمخابرات ولمواقع الإدارة العليا وتقترح ـ اي عمان ـ بعض الأسماء مثل سعدون حمادي رئيس المجلس الوطني العراقي الأسبق الذي وفرت له الحكومة الأردنية مؤخرا غطاء داعما ليتحدث معه علاوي عبر إستصدار قرار بمنحه حق الإقامة الدائمة في عمان.

وفيما يسعي علاوي لبعض التجاوزات التي لا تثير سخط الأمريكيين كثيرا بخصوص قيود الإتصالات يحاول الأردن التوصل لمبادرة إتصال مثيرة يمكن عرضها علي مؤتمر دول جوار العراق الأول الذي تستضيفه عمان مطلع الشهر المقبل فيما يلتزم علاوي قدر الإمكان بالمواصفة الأمريكية.

وعلي هذه الأسس يعتقد ان الأشخاص البعثيين الذين سيتصل بهم علاوي ويحاورهم في عمان سيكونون علي شاكلة حمادي ومن طراز السفير العراقي الأسبق في الأردن الدكتور صباح الياسين ولإضفاء جرعات معنوية علي التحاور ستحضر لعمان في إطار نفس الحوار شخصيات عراقية بعثية دبلوماسية ومثقفة حصريا مقيمية في سورية والقاهرة او في بعض دول الخليج العربي إضافة لشخصيات أخري تقيم في عمان وتعمل في قطاع البزنس وتربطها صلات قرابة بالرئيس غازي الياور لكنها حافظت بعد الحرب علي مسافة فاصلة مما يجري.

ويعتقد علي نطاق واسع ان هيئة علماء المسلمين التي زارت وفود تمثلها السعودية والأردن مؤخرا ستلعب علي خطوط التماس التابعة لحوارات وإتصالات علاوي مع البعثيين المختارين بعناية للتلاقي والتحاور والهيئة لن تحضر هذه الحوارات والإتصالات كما قال الناطق بإسمها الشيخ عبد السلام الكبيسي لكنها ستراقب وتطلع علي الحيثيات وستحضر عبر أصدقائها الأردنيين.

ووفقا للمعلومات الطازجة يحاول علاوي ايضا الإتصال بأي حلقات يمكن ان تكون قريبة من عزت الدوري لإنها ملفه العالق وسط تحفظات الأمريكيين كما نجح قبل حضوره لعمان في إقامة إتصال من شكل ما مع طارق عزيز وحتي مع شخصيات مثل محمد سعيد الصحاف وينوي الإتصال ايضا بمحمد الدوري وبالسفير السابق نوري اللويس وببعض الدبلوماسيين العراقيين المقيمين في البحرين والإمارات ولبنان.

وفي الإتجاه نفسه جري شكل من أشكال التنسيق مع كتلة بعثية متماسكة في سورية عقدت فعلا مؤتمرا قطريا خاصا لها في قرية حدودية بين الجانبين الأسبوع الماضي حسب معلومات خاصة حصلت عليها القدس العربي وعقدت هذه الكتلة التي تماسكت وتصلبت وجمعت نفسها برعاية عضو كان بارزا في القيادة القطرية للبعث هو محمد يونس ويمكن الإشارة لتعقيدات اخري لها صلة ببعض أفراد عائلة الرئيس العراقي فالمقربون من كريمته السيدة رغد صدام حسين يؤكدون أنها ليست جزءا علي الإطلاق من أي إتصالات تجري مع علاوي عبر الأردن وهي عموما إتصالات قد تقود في القريب العاجل لمؤتمر عام للبعثيين خارج العراق ستتعاون الدول المجاورة لإنجاحه وسيكون الهدف الأبعد من حوارات علاوي.

*القدس العربي

التعليقات