العرابيد مدير إذاعة صوت الحرية بغزة لدنيا الوطن: أفضل إغلاق الإذاعة على الخضوع للجهات المانحة المشروطة

مجدي العرابيد مدير إذاعة صوت الحرية الخاصة بغزة لدنيا الوطن:

· نتجاهل المنافسات غير الشريفة نظرا لعدم علاقتها بأخلاقيات المهنة

· نطالب بجدولة الديون المسجلة على الإذاعة حتى تتمكن من تجاوز أزمتها

· أعلنت للجميع أن الحرية "تعاني من أزمة مالية قد تؤدي إلى إغلاقها لأؤكد للجميع أنها لن تكون منحازة إلا "للوطن"

· أفضل إغلاق الإذاعة على الخضوع للجهات المانحة أو المساعدة المشروطة

· باعت أم أمجد مصاغها لتأمين رواتب الموظفين في الإذاعة

غزة ـ دنيا الوطن ـ موفق مطر

"إذاعة الحرية في أزمة مالية قد تؤدي إلى إغلاقها" إعلان ما كان يتوقعه واحد من المستمعين والمتابعين لإذاعة صوت الحرية التي انطلقت في السابع والعشرين من شهر شباط من العام 2002 كأول إذاعة خاصة مرخص لها وفقا للشروط القانونية مخصصة 40% من نشرتها الإخبارية الرئيسة للشؤون الفلسطينية و 25% للشؤون الإسرائيلية و20% للشؤون العربية والـ 15% المتبقية للشؤون الدولية. هذا في غير الموجات المفتوحة والتي قد تصل إلى 24/24 ساعة أثناء الاجتياحات الكبيرة لقوات الاحتلال الصهيونية للمدن والمناطق الفلسطينية والتغطية المباشرة لأحداث وطنية هامة، كما كان للإذاعة دور هام في الإعلان عن التحركات البرية والبحرية والجوية للقوات العسكرية الإسرائيلية عبر مراسليها المنتشرين في كل مناطق التماس، فبدت كمحطة إنذار مبكر تبث على الموجة 104.5 FM مما دفع الكثير من الجمهور إلى حمل المذياع الصغير "راديو الجيب" ليكونوا على صلة مباشرة بالأحداث..وليطلعوا عبر صوت الحرية على مواقع تحليق طائرات الأباتشي الإسرائيلية..أو مسار تغلغل الدبابات والجرافات المعادية هذا إلى جانب التواصل والاطمئنان التي وفرتها الاتصالات المباشرة من الإذاعة نحو المواطنين وبالعكس، لكن عمل سنتين ونصف تقريبا بهذا الجهد لم يشفع لصاحب صوت الحرية مجدي العرابيد أن يعلن قبل فترة وجيزة عن أزمة مالية قد تؤدي إلى إغلاق هذه الصوت الذي بلغ مداه كامل أنحاء فلسطين ليصل إلى جنوب لبنان وسورية والأردن وشمال جمهورية مصر العربية.

ونظرا لما تشكله أزمة صوت الحرية بغزة من نموذج لأزمات وسائل الإعلام .

إمبراطورية في أزمة

التقت دنيا الوطن مدير إذاعة صوت الحرية وطلبنا منه تقديم الأزمة بصورتها فقال:"لأسباب متعلقة برؤيتنا الوطنية للإعلام عملنا فترة طويلة بدون الاعتماد على إيرادات الإعلانات..لكن إدراكنا للمشوار الطويل في العمل الإعلامي وباعتباره رسالة دائمة التواصل تستوجب تطوير الإذاعة وبرامجها، أداء العاملين فيها، والارتقاء بمستوى المواضيع المطروحة المتعلقة بمختلف نواحي حياتنا..مع التأكيد أن إذاعتنا هي أولا وأخيرا وسيلة إعلامية وليست إعلانية" فالأولوية عندنا للرسالة الإعلامية بمضامينها الموضوعية.

فهدفنا هو "أمبراطورية إعلامية" وليس مالية!!..لكننا فوجئنا بعدة إذاعات قد بدأت بثها بموجة من الإعلانات الوهمية لجذب انتباه المعلنين..وباعتقادي أن هدفها كان تجاريا منذ البداية.

وعن أسباب عدم خوض الحرية في تيار الإعلانات منذ البداية باعتبار أنها مورد مالي مهم وأساسي. أجاب العرابيد:" منذ أن تحصلنا على الترخيص بتاريخ 23-2-2002 كان منطلقنا هو الغيرة على الوطن..والعمل بروح الديمقراطية والمسؤولية التي لمسناها في مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، وقد عملنا ومازلنا بحرية كاملة..لا نتعرض لأية مسائلة أو مراجعة نلتزم بالقانون المصادق عليه من المجلس التشريعي.. لم نفكر يوما بتحويل إذاعتنا إلى أداة للربح المادي رغم قدرتنا على المنافسة في هذا المجال، إلا أن تحمل المسؤولية بروح وطنية، والعمل بحس وطني يجعلنا نتجاهل المنافسات غير الشريفة..والتي لا علاقة لها بأخلاقيات المهنة ولا نعيرها الاهتمام، على الرغم من ارتفاع قيمة فواتير الهواتف على الإذاعة التي بلغت حوالي 55 ألف شيكل خلال فترة الاحتياجات الكبيرة في حي الزيتون، ورفح، وفسر العرابيد ارتفاع قيمة الفاتورة نظرا لحرص الإذاعة على فتح خطوط الهواتف مع المواطنين تحت الحصار في هذه المناطق..وجعل الإذاعة كوسيلة اطمئنان للعائلات عن أفرادها الذين يشتتهم الاحتلال بتوغلاته واجتياحاته واحتلالاته التي تدوم لأيام. واستغرب في هذا المقام ان تفاجأ الإذاعة بقرار مؤسسة وطنية كمؤسسة الاتصالات بقطع خطوط الهواتف عن الإذاعة نظرا لتأخر الإذاعة في دفع قيمة الفواتير.

جدولة الديون

وطالب العرابيد بتخفيض قيمة الخدمة للإذاعة المقدمة من الاتصالات الفلسطينية، كما طالب بجدولة الديون المسجلة على الإذاعة، حتى تتمكن من تجاوز أزمتها المالية نظرا للأوضاع الاقتصادية بعد تعدد الاجتياحات..وتوقف نسبة كبيرة من المعلنين عن نشر إعلاناتهم الإذاعية.

وعن المورد المالي الذي تعمل على أساسه إذاعة الحرية شرح العرابيد الأمر بالقول:" عندي 170 ألف دولار نتيجة حصولي على تعويض مادي تنيجة إصابتي في إحدى مهمات العمل كمصور صحفي في شركة "رنين" التي مازالت أعمل فيها ولدي معدات يبلغ ثمنهغا 750 ألف دولار وكل هذه الآلات الخاصة بالتصوير والمونتاج..وغيرها مؤمن عليها.

ويضيف:" من أجل تطوير بث الإذاعة اشترينا جهاز بـ 75 ألف دولار فوصلت موجاتنا إلى جنوب لبنان، وعمان،ومصر، وأجزاء من سوريا. وكان هذا لقناعتنا بدور الإعلام".

تعيينات وإعلان رخيص

وتحدث العرابيد عن بدايات تشكل الأزمة في صوت الحرية فقال:" بدأت الإذاعات المنافسة بسحب الموظفين ووعدتهم بتأمين رواتب دائمة عبر "تعيينات"..كما تم إغراء العاملين في في مجال الإعلانات بإذاعتنا، للانتقال إلى تلك الإذاعات التي طرحت أجورا متدنية جدا لأسعار الدقيقة من الإعلان إذ فاجأتنا هذه الإذاعات بتقديم إعلانات بسبعة شيكل للدقيقة بينما كنا نبثها بـ 7دولار.

وقال العرابيد:" الإعلانات سبب نجاح الإذاعة كما أنه سبب فشلها أيضا" ويرد ذلك لنوعيتها بنوعيتها ومضمونها وأوقات بثها وجودة التقنيات المستخدمة من عدمها بالإضافة إلى جملة من العوامل التي أرى أن الإذاعات الأخرى لا تتقيد بها.

إذاعات أحزاب وتنظيمات

وسألناه: كيف يفسر أن الإذاعات المنافسة تعمل بدون أزمات مالية فأجاب:" جميع الإذاعات مدعومة برواتب بطالة، كما أنها تتلقى دعما ماديا من تنظيمات وأحزاب تغطي جزءا كبيرا من مصروفاتها.، أما إذاعتنا صوت "الحرية" فإنها خاصة "أي حرة" وهي تعتمد على الإعلان نظرا لعدم وجود أي دعم رسمي أو غيره وشرح العرابيد وجهة نظره بخصوص إيرادات الإعلان التي يجب ألا تؤثر على الأداء المهني والأخلاقي والعملي للإذاعة مما يعني الإبقاء على تسعيرة محددة حرصا على دوام اكتساب ثقة المستمع وبما لا يؤثر على صيغة الرسالة الإعلامية.

الإغلاق ولا الخضوع

وفي رده على سؤال فيما إذا كان تلقى عروضا من جهات أو مؤسسات غير حكومية قال: بعد أن أبرز لنا وثيقة مسودة اتفاق لم يوقع" نعم عرضت علينا ورفضناها..لأنه كان واضحا مدى الأضرار التي ستلحق بـ "اتحاد عمال فلسطين" وأضاف:" أفضل إغلاق الإذاعة على الخضوع لشروط الجهات المانحة أو أي مساعدة مشروطة" ورد العرابيد الاتهامات الموجهة إلى صوت الحرية بأنها تعمل لصالح "س" من الناس أو أنها تحصل على ميزانيات قائلا:" أعلنت على الملأ أن صوت الحرية تعاني من أزمة قد تؤدي إلى إغلاقها لأؤكد للجميع أنها لن تكون منحازة إلا إلى الوطن".

مكرمة الرئيس لم تصرف

وحول فيما إذا كانت الأزمة مستمرة وعن الجهات والشخصيات التي وقفت إلى جانب الحرية لإنقاذها من أزمتها تحدث بالقول:" لقد أمر الرئيس ياسر عرفات مشكورا بصرف 15 ألف دولار..لكننا لم نستلمها بعد. فالأزمة مازالت قائمة..إذ بلغت الديون على الإذاعة 35 ألف دولار".

وأكد بأنه الإذاعة ستعمل وستبقى تعمل مبديا أسفه لعدم تفهم بعض المؤسسات كبلدية غزة لأزمة الإذاعة حيث قامت بإجراءات في المحكمة البلدية لمطالبة الإذاعة بـ 39 ألف شيكل هي رسوم تأجير جدار المقبرة في الشجاعية لعمل لوحات إعلانية عليها..لكن ونظرا لظروف الأحداث فإن المشروع قد توقف بالإضافة إلى سيطرة التنظيمات عليه ولصق الصور والإعلانات والكتابات على مساحته.

وأضاف:" ثم الحجز على كل حساباتي في البنك مستدركا: "الحمد الله اني لا أملك أي رصيد في البنوك" وشكر العرابيد كل المواطنين الذين وقفوا بشكل أو بآخر إلى جانب صوتهم "الحرية" معبرا عن تقديره لأشخاص جاءوا متبرعين بقطعة أرض أو مصاغ ذهبي..أو تلك الطفلة التي عرضت خاتمها الذهبي الصغير من أجل أن يبقى صوت الحرية في الفضاء الفلسطيني.

تطنيش

واستغرب صاحب صوت الحرية عدم تطرق التنظيمات الفلسطينية لموضوع أزمة الإذاعة أو مجرد الاهتمام بها مع أنها تطالبنا دائما بالعمل الوطني وتكيل لنا التهم جزافا في بعض المواضيع التي تراها غير منسجمة مع أفكارها وأيديولوجيتها.

تأمين المراسلين

وقدم العرابيد بيانات عن مصاريف الإذاعة ومتطلباتها التقنية ومستلزماتها الشهرية موضحا سبب ارتفاع بند المصاريف على الأجهزة خاصة أن صوت الحرية تعمل على جهاز بقوة 7500 واط ما يعني مصروفا شهريا لتغذيته بـ سبعة آلاف شيكل وكل ذلك بسبب العمل المتواصل المواكب للأحداث، كما أشار إلى الأجور الشهرية التي تدفع لمراسلي الإذاعة في كل محافظات الوطن. مؤكدا بالوقت ذاته على التزام الإذاعة بالتأمين على العاملين والموظفين لديها.

وأجمل العرابيد مجموع مصروفات الإذاعة بـ 70 ألف شيكل شهريا بما فيها أجور العاملين منوها بالدور الإيجابي لشركة الكهرباء حيث كان لها موقفا وطنيا إيجابيا في موضوع المساهمة بحل أزمة الحرية.

وسألناه إن كان يرى في فوضى الإذاعات نتيجة الفوضى الترخيص فأجاب:" أغلب الإذاعات لا تتوفر فيها الأصول المهنية كما أن أغلب أصحابها العاملين فيها ليسوا أعضاء في نقابة الصحفيين.

قصور التشريع القانوني

وحول دور النقابة في تنظيم عمل الإذاعات لتحاشي الوقوع في مثل هذه الأزمات قال:" توفيق أبو خوصة نائب نقيب الصحفيين :"إن صلاحية الترخيص للمؤسسات الإعلامية محصورة بوزارة الإعلام..إذ ليس للنقابة دور في موضوع منح التراخيص..وهذا منصوص عليه في القانون"

وفي إجابة على سؤال إن كانت التراخيص تمنح تحديدا للصحفيين قال:" لا يوجد في القانون ما يمنع منح أي ترخيص لأي شخص ليعمل في مهنة الصحافة حتى ولو لم يكن صحفيا!!".

وأضاف:" بإمكان أي شخص قادر على فتح وسيلة إعلامية إذاعة، تلفزيون ويتقيد بشروط المهنة أن يحصل على الترخيص..هذا وفقا للقانون الحالي!!

ورأى أبو خوصة أن "جملة التشريعات المتعلقة بالإعلام والصحافة بحاجة إلى تطوير" وقال :"لابد من استحداث قوانين جديدة في ظل تنامي إنشاء المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة التي لا يوجد حتى الآن قانون ينظم عملها..هذا إلى جانب الإعلام الإلكتروني الذي يسبح في هذا المجال"

وسألناه عن دور النقابة في حث السلطة التشريعية على وضع القوانين فأجاب بأن :" هناك قصور على مستوى التشريع القانوني فيما يخص الإعلام.." وأضاف:" لا يوجد للعمل الإعلامي الأهمية اللازمة عند المشرعين كما هو الحال في الدول الأخرى"..ولفت النظر إلى أن أول قانون تم تشريعه في السلطة هو قانون المطبوعات" وتحدث أبو خوصة عن المطلوب في إجابة على سؤالنا عن كيفية الخروج من الحالة فقال:" المطلوب قانون عصري كفيل بتنظيم الحالة الإعلامية بفلسطين وينظم عمل المؤسسات العربية والأجنبية..وخاصة في ظل مساهمة بعضها في تشويه صورة الوضع الفلسطيني.

يخافون من "إسرائيل"

وفي معرض إجابته على سؤال حول إقدام بعض الشركات على تقديم الإعلانات للحرية كدعم لها في أزمتها كشف العرابيد بأن بعض التجار يخشون إنزال إعلاناتهم عندنا خوفا على علاقاتهم التجارية مع الإسرائيليين.

كاشفا عن استغلال بعض المؤسسات المعلنة عن استغلال الأزمة المالية للإذاعة للطلب منها بتخفيض قيمة بث الإعلان موضحا :"أن الإعلان الرخيص يفشل الوسيلة الإعلامية إذا تكرر كثيرا"!!

بطالة ما فيش

وسألناه عن الإجراءات التي عمل بها لتفادي الوصول إلى الإعلان عن الأزمة في الإذاعة فأجاب:" تقدمت بطلب لوزارة العمل بخصوص تأمين رواتب بطالة لمجموعة من الموظفين في الإذاعة قبل شهور من الأزمة لكننا لم نحصل على أي ردود إيجابية، بحجة أن الوزارة لديها كادر على بند البطالة وبإمكانها أن ترسل للإذاعة كوادر متى طلبت ذلك؟!

تشويش

وعن التقنيات المستخدمة في البث ومدى تجاوبها مع الشروط والمواصفات..ألمح أن إذاعة صوت الحرية هي الإذاعة الوحيدة التي تمتلك تريخيصا رسميا، وأن أجهزة البث فيها لا تعطل الاتصالات على الشرطة أو تؤثر موجة الاستغاثة البحرية، كما لا تؤثر على اتصالات الطائرات المدنية مشيرا إلى أن أجهزة البث الإذاعة المستخدمة في غزة تشوش اتصالات الشرطة والإغاثة البحرية..ووصفها بأنها غير صالحة للاستخدام!! وقد أكد مسؤول في الشرطة البحرية للحياة الجديدة حدوث مثل هذه التشويشات.

ضمانات

وعن رؤيته في كيفية الخروج من الأزمة رد على سؤالنا بالقول:" عبر تنظيم الحالة الإذاعية بقطاع غزة، والانضمام إلى اتحاد الإذاعات برام الله حيث تتوفر بإذاعتنا ضمانات عديدة وخاصة في الموضوع المالي. والمحافظة على وضعية الكادر في الإذاعة.

وانتقد العرابيد نصيب الإذاعة الضئيل من الحملة الإعلانية الخاصة بالدعوة للتسجيل للانتخابات إذ بلغت 27 شيكل فقط عن كل دقيقة بث إعلان كما نوه إلى المستوى غير الجيد من النواحي الفنية والموضوعية والمهنية لهذه الإعلانات.

وسألناه أخيرا: إلى متى سيظل صوت الحرية في البث أجاب:" بالأمل نستطيع الاستمرار ليوم الغد..وفي الغد نستطيع الاستمرار لليوم الذي يليه!!".

التعليقات