سجناء سابقون كانوا مع الزرقاوي: الأصولي الأردني يقود تنظيما مستقلا عن القاعدة

سجناء سابقون كانوا مع الزرقاوي: الأصولي الأردني يقود تنظيما مستقلا عن القاعدة
سجناء سابقون كانوا مع الزرقاوي: الأصولي الأردني يقود تنظيما مستقلا عن القاعدة

غزة-دنيا الوطن

توجه القوات الاميركية فوهات بنادقها الى واحدة من اكثر التحديات صعوبة بالنسبة لانتخابات يناير (كانون الثاني) المقبل في العراق: مدينة الفلوجة. وتعتبر المدينة السنية قاعدة عمليات ابو مصعب الزرقاوي، المتطرف الاردني الذي يتهمه المسؤولون الاميركيون بمؤامرات ارهابية في 4 دول على الاقل وعلاقات بالقاعدة. واعلنت جماعة التوحيد والجهاد التي يقودها الزرقاوي مسؤوليتها عن ذبح الرهائن والاختطاف، بما في ذلك اميركيون في اليومين الأخيرين، وهجمات على الكنائس وتفجير مراكز الشرطة العراقية مما ادى الى مقتل 400 شخص.

وتسقط القنابل الاميركية يوميا على الفلوجة، مستهدفة شركاء الزرقاوي وقتلت 70 شخصا هذا الشهر.

وذكر رهان غوناراتنا، وهو خبير في مكافحة الارهاب ومؤلف كتاب «داخل القاعدة» انه «مثل اسامة بن لادن، اذا ما قتلته اليوم، فلن يؤدي ذلك الى أي اختلاف على الاطلاق بالنسبة لهذه الشبكات التي ساهم في تشكيلها. فبالرغم من ان معظم العمليات الارهابية في العراق تتم بتنسيق من شبكته، فهي تنطلق من اسفل الى اعلى. فالقيادات المحلية والاقليمية تخطط وتنفذ الهجمات. وربما لا يعلم الرزقاوي الكثير عن تلك العمليات قبل وقوعها بوقت طويل ولا يحتاج لذلك».

ولا يعني هذا ان الزرقاوي ليس بمساهم مهم في عدم الاستقرار في العراق. ولكن المحللين مثل غوناراتنا يقول ان اهميته تكمن في اتصالاته التي شكلها خلال اقامته في افغانستان بين عامي 1999 و2002 لتكوين شبكة غير محكمة من المتطرفين الذين يتبنون نفس الافكار، تمتد من العراق شمالا الى تركيا واوروبا. والزرقاوي هو الشخصية العلنية في مجموعة محكمة من النشطاء، العديد منهم حصلوا على تدريبات في مجال الارهاب في افغانستان.

ولا تزال قصة صعود الزرقاوي ليصبح واحدا من ابرز رموز التطرف غير مكتملة ومليئة بالمتناقضات. بعض الذين قابلوه في السجن، حيث قضى عقوبة في مطلع التسعينات، يقولون انه محدود التعليم، فيما قال مسؤولون اميركيون في وقت سابق انه كتب خطابا من 14 صفحة مطلع العام الجاري تضمن مخططا تفصيليا للعمل داخل العراق. وكان الخطاب المذكور قد صيغ على نحو متقن وبليغ مما دفع الذين يعرفونه الى التشكيك في انه هو الذي كتب الخطاب المذكور. يقول عبد الله ابو رمان، وهو صحافي اردني ألف كتابا حول الزرقاوي، انه حسب معرفته السابقة بالزرقاوي، لا يمكن ان يكتب مثل الخطاب المشار اليه. وكان ابو رمان قد قضى حكما بالسجن عام 1996 اثر إدانته بالطعن في الذات الملكية خلال نفس الفترة التي قضاها الزرقاوي في السجن. وقال ابو رمان ان الزرقاوي كان شخصا حاد الطبع ولا يساوم حول أي شيء، فضلا عن كونه صاحب مقدرة على لعب دور قيادي في سجن صغير، ويقول ابو رمان انه يشعر بالدهشة لأن الزرقاوي اصبح شخصا مهما للغاية. وكان مسؤولون اميركيون، مثل دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع، وكولن باول، وزير الخارجية، قد اشاروا الى ان الزرقاوي عضو في تنظيم «القاعدة» وزعما انه اصيب خلال الغارات التي تعرضت لها افغانستان عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 وان رجله بترت في مستشفى ببغداد. وذهب المسؤولون الاميركيون الى ان العلاج الذي تلقاه الزرقاوي في بغداد يؤكد وجود علاقات وثيقة بين تنظيم «القاعدة» ونظام صدام حسين. وتشير بعض التحليلات ووثائق حكومية ألمانية وايطالية تتعلق بقضايا ضد شركاء للزرقاوي الى انه على الرغم من وجود علاقة مع اعضاء في «القاعدة» سابقا، فإن ثمة خلافات تكتيكية حادة بينه و«القاعدة» وانه الآن يدير شبكة منفصلة تماما. كما ان شادي عبد الله، الذي كان شريكا للزرقاوي واعتقل بسبب تهم تتعلق بإدارة خلية ارهابية في ألمانيا، ابلغ المحققين بأن الزرقاوي نفسه يعتبر منافسا لتنظيم «القاعدة» وليس حليفا. ويعتقد مسؤولون اميركيون ان رجله لم تبتر كما ذكر في السابق، كما يرى محللون مثل غوناراتنا انه لا يوجد دليل على وجود علاقة بين الزرقاوي ونظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وفيما يعمل الزرقاوي داخل العراق منذ فترة ما قبل الغزو الاميركي العام الماضي، يقول مسؤولون اميركيون ان غالبية نشاطه كانت في منطقة الاكراد التي كانت تتمتع بحكم ذاتي في الشمال حيث تنشط جماعة انصار الاسلام الكردية في هذه المنطقة التي كانت خارج سيطرة النظام العراقي السابق وتتمتع بحماية جوية اميركية. وعلى الرغم من ان عددا من البيانات المسجلة المنسوبة الى الزرقاوي توجد حاليا في مواقع على شبكة الانترنت تعلن مسؤولية جماعته عن عدد من الهجمات داخل العراق، فإن الاردنيين الذين يعرفونه يقولون ان الصوت الذي يظهر في هذه التسجيلات ليس هو الصوت الذي يتذكرونه للزرقاوي. ويؤكد محمد الدويك، محامي الزرقاوي في الاردن، انه التقى الزرقاوي وتحدث معه 15 مرة وأن الصوت الذي يظهر في البيانات المسجلة ليس صوته. ويضيف الدويك قائلا ان الزرقاوي صاحب صوت اجش ومميز، على حد وصفه. ولد الزرقاوي، واسمه الاصلي هو احمد فاضل الخلايلة، لأسرة اردنية فقيرة بمدينة الزرقاء الصناعية، التي تنتشر فيها الجريمة انتشار المشاعر الاسلامية المتشددة نتيجة النزاع العربي الاسرائيلي. وعلى الرغم من ان والدي الزرقاوي يتحدران من مجموعات البدو التي تقطن المنطقة، فإن مدينة الزرقاء كانت اول مخيم للاجئين الفلسطينيين في الاردن عام 1949. وكانت جموع شباب الزرقاء العاطلين عن العمل جعلوا من المنطقة ارضية خصبة للدعاة المتشددين. جدير بالذكر ان كولن باول قد قال أمام الامم المتحدة مطلع العام الماضي ان الزرقاوي فلسطيني، إلا ان مسؤولين اميركيين اقروا بخطأ ذلك. بات الزرقاوي خلال فترة الشباب المليئة بالمشاجرات والشراب اكثر اهتماما بالقتال ضد السوفيات في افغانستان التي شد اليها الرحال اواخر الثمانينات عندما اوشكت الحرب على نهايتها. عمل الزرقاوي على نحو متقطع في مجلة مخصصة لتسليط الضوء على ابطال الحرب، كما تلقى تدريبا عسكريا في المعسكرات التي اصبحت تابعة لتنظيم «القاعدة». توجه الزرقاوي عام 1992 الى الاردن بفكرة إنشاء مجموعة مسلحة لإطاحة النظام الملكي، الذي يعارضه الزرقاوي بسبب توقيعه معاهدة سلام مع اسرائيل.

في وقت لاحق من ذلك العام سجنته السلطات الأردنية هو ومجموعة من أتباعه لنشاطاته ولتهم تتعلق بحيازة الأسلحة. وأثناء فترة مكوثه في السجن مر الزرقاوي بمرحلة جديدة في تحولاته الفكرية. فعندما لا يكون مشغولا بحمل الأثقال، فإنه يربط الجزء السفلي من جسده ببطانية وينصرف إلى قراءة القرآن في محاولة فاشلة لحفظه. ويقول يوسف رضابا، الذي كان مسجونا معه، وهو ينتمي إلى مجموعة إسلامية أخرى: «دعنا نقول إنه أقل من المتوسط من حيث الذكاء، ولكنه على درجة كبيرة من العنف والإقدام مع أعدائه، بينما يعبر عن كثير من الحب لأصدقائه المقربين».

ويقول يوسف رضابا إن الزرقاوي برز كقائد عملي ومنفذ لمجموعة من الإسلاميين المتطرفين داخل السجن، وإن تلك المجموعة كانت على درجة من الاقصائية بحيث كانت تكفر كل من يختلف معهم على أية قضية يعتبرونها مبدئية، حتى إذا كان من المجموعة التي سجنت معهم لإيمانها بالجهاد المسلح. وكان قائدهم ومنظرهم الإيديولوجي أبو محمد المقدسي، الإمام الذي ما يزال معتقلا في الأردن لآرائه الراديكالية. وقال يوسف رضابا:

«بالنسبة إليه ومجموعته فإن العالم ينقسم إلى معسكرين: المسلمين والكفار. وكل من يختلف معه يكون كافرا».

* كريستيان ساينس مونيتور

التعليقات